قضية احتجاز الدكتور ممدوح حمزة في بريطانيا والذي يعد من الشخصيات المرموقة في المجتمع المصري هي قضية مازال يكتنفها الكثير من الغموض.. إلا أنها في نفس الوقت أصبحت قضية رأي عام يتم متابعتها علي كافة المستويات من منطلق حرص القيادة السياسية المصرية علي توفير الرعاية لكافة المواطنين المصريين بالخارج وخاصة هؤلاء الذين يتعرضون للأزمات خارج حدود وطننا العزيز مصر.
وقال المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية بأن هناك ادعاءات مقدمة من الجانب البريطاني وأنه تم القبض علي الدكتور ممدوح حمزة في قضية جنائية مشيرا إلي أن مصر تبذل جميع جهودها من خلال سفارتها في لندن التي وكلت محامين لحضور التحقيقات حيث يجري النظر في القضية وفقا للقانون البريطاني.
وكانت وزارة الخارجية قد طلبت من السلطات البريطانية سرعة موافاة مصر بتقرير شامل وملف قضية الدكتور ممدوح حمزة وذلك خلال لقاء أحمد أبو الغيط وزير الخارجية مع ديريك بلاملي السفير البريطاني بالقاهرة وصرح وزير الخارجية بأن السفير البريطاني قد وعد بموافاة وزارة الخارجية المصرية بالتقرير الشامل عن ملابسات هذه القضية.
وأعلن أحمد أبو الغيط وزير الخارجية بأن الجانب البريطاني أكد للسفارة المصرية بلندن أن القبض علي الدكتور ممدوح حمزة لا يقع تحت طائلة قانون الإرهاب البريطاني وأن الاتهام الموجه له يتعلق بأمر جنائي وهو الذي حددته فيما بعد سلطات القضاء البريطاني بأنه تهمة التدبير لقتل أربع شخصيات عامة في مصر وذلك بناء علي تقرير للمراقبة التليفونية لاتصالات الدكتور ممدوح حمزة بلندن.
وفي إطار متابعة السفارة المصرية بلندن للموقف أشار السفير اسماعيل خيرت القائم بأعمال السفير المصري في لندن بأنه طلب من مسئولي وزارة الخارجية البريطانية كافة المستندات الرسمية الخاصة بالاتهامات الموجهة للدكتور ممدوح حمزة وأدلة الإدانة وتقرير المراقبة التليفونية وأن السفارة تلقت خطابا رسميا يؤكد أن القضية ليست لها علاقة بالإرهاب.
وفي إطار هذه الجهود المبذولة نجحت السفارة المصرية بلندن في اجراء ترتيبات للسيدة أميمة حاتم زوجة الدكتور ممدوح حمزة الاستشاري المصري لزيارته داخل السجن "بلمارش" المحتجز فيه حاليا وقد رافقها نجلها محمد في هذه الزيارة.. وفي حقيقة الأمر فإن هذه القضية وهذه الاتهامات الغامضة لشخصية مصرية مرموقة علي أرض المملكة المتحدة تثير العديد من التساؤلات حول مدي قانونية القبض علي الدكتور ممدوح حمزة من قبل البوليس البريطاني "سكوتلانديارد" وذلك من وجهة نظر القانون الدولي وما مدي قانونية تسجيل الاتصالات الهاتفية علي أرض دولة أجنبية لأي شخصية تزورها؟ وماذا بشأن دور المجتمع المدني تجاه مثل هذه القضايا ولا سيما وأن الدكتور ممدوح حمزة هو شخصية مصرية مرموقة وهو عضو مجلس إدارة في المجلس المصري للشئون الخارجية الذي يعد واحدا من أهم تنظيمات المجتمع المدني في مصر؟
وصرح السفير مخلص قطب أمين عام المجلس عقب اجتماع أحمد أبو الغيط وزير الخارجية مع الدكتور بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بأن قضية الدكتور حمزة تحظي باهتمام المجلس مثل غيرها لأنها تتعلق بمواطني مصر بالخارج وأن هذه القضية ليست لها أسباب واضحة وقد قام الدكتور أحمد كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بالاتصال بزوجة الدكتور حمزة بلندن والتأكيد باهتمام المجلس بقضية زوجها ومتابعتها.
وفي تصريحات لآخر ساعة أشار السفير عبد الرؤوف الريدي رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية بأن المجلس بمجرد معرفته بأمر اعتقال الدكتور ممدوح حمزة في لندن قام بعقد اجتماع عاجل جدا بصفته عضو مجلس إدارة في المجلس ورجلا له مكانته في المجتمع وهو شخصية عامة مرموقة.
وأضاف السفير الريدي أنه بناء علي هذا الاجتماع تم طلب مقابلة عاجلة مع السفير البريطاني بالقاهرة وهي المقابلة التي تمت بالفعل حيث أعربنا خلالها عن أمرين:
أولا: الإعراب عن القلق الشديد لما أذيع عن القبض علي الدكتور ممدوح حمزة في لندن
ثانيا: إبلاغ السفير البريطاني بأن الدكتور ممدوح حمزة عضو مجلس إدارة بالمجلس المصري للشئون الخارجية وهو شخصية لها مكانتها العملية والعلمية في المجتمع بحيث يكون الجانب البريطاني مدركا لذلك ويبلغ حكومته بقلق المجتمع المدني في مصر وعلي سبيل المثال المجلس المصري للشئون الخارجية.
وتعبيرا عن هذا الاهتمام أشار السفير الريدي بأنه قد تم إبلاغ السفير البريطاني بالقاهرة برغبة المجلس بذهاب أحد من أعضائه إلي لندن لمتابعة هذا الموقف ونحن في انتظار الرد علي هذا المطلب..
وأشار السفير الريدي بأن المجلس المصري للشئون الخارجية يتابع هذا الأمر من خلال الاتصال مع أسرته ومع السفارة المصرية في لندن.
ومن ناحية أخري صرح السفير محمد شاكر نائب رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية وسفير مصر السابق في لندن بأنه يستبعد تماما أن يقوم الدكتور ممدوح حمزة بمثل هذه الأمور فبالإضافة إلي كونه عضو مجلس إدارة بالمجلس المصري للشئون الخارجية فهو صديق ورجل متعلم ومثقف ولا يمكن أن يقدم علي حل أي مشاكل بهذا الأسلوب الذي تمت الاشارة إليه فهذا أمر مستبعد تماما..
وفي سؤاله عن توقعاته بشأن استجابة السلطات البريطانية للمطالب المصرية في هذا الموقف أشار الدكتور محمد شاكر إلي أنه من خبرته خلال العمل كسفير لمصر في بريطانيا من قبل فإن السلطات البريطانية متعاونة وقد تعاونت مع مصر من قبل في قضية تهريب للآثار وتم تسليمها لمصر في النهاية إلا أن الأمر في بعض الأحيان يستغرق وقتا طويلا لأن البريطانيين يتسمون بالدقة الشديدة في العمل.. وفيما يتعلق بقضية الدكتور حمزة فإن كل ذلك يتوقف علي سير التحقيق ولاسيما ونحن الآن في فترة الصيف ويعتقد الدكتور محمد شاكر بأنه لو تبين خلال التحقيقات مع الدكتور حمزة بأنه ليس هناك أي شيء جدي وهذا ما نرجوه فإنه لابد وأن يتم الإفراج عن الدكتور حمزة..
وأوضح الدكتور شاكر أن هناك احتمالا بأن يقوم عضوان من المجلس المصري للشئون الخارجية بزيارة لندن من أجل الالتقاء مع الدكتور حمزة حينما يتم تحديد موعد معه ومقابلة المحامين وبعض الشخصيات التي قد تساعدنا علي استجلاء الموقف وتعجيل الخطوات التي تؤدي إلي الإفراج عن الدكتور حمزة..
وأكد الدكتور نبيل حلمي أستاذ القانون الدولي لآخر ساعة : بأنه لا شك أن ما حدث للدكتور المهندس ممدوح حمزة في المملكة المتحدة يمثل انتهاكا خطيرا للقواعد المستقرة لحماية حقوق الإنسان والتي تعتبر أحد المقاييس الأساسية لحضارة الدول فالقبض عليه بدون معرفة اتهام معين ومنعه من الاتصال بعائلته في أول الأمر وعدم تمكينه من الاستعانة بمحام خاص به يعتبر انتهاكا للحقوق الآتية :
أولا : الحق في الحرية وذلك بتقييد حريته واعتقاله..
ثانيا : الحق في قضاء عادل من حيث عدم تمكينه من الاستعانة بمحام خاص..
وأضاف الدكتور نبيل حلمي قائلا:
أن منع الدكتور حمزة في بداية الأمر من مقابلة أسرته بما يمكنه من شرح ما يحدث له وسبب ذلك، هو أمر يتنافي مع حقوق الإنسان..
ولا شك أيضا إذا كانت الاتهامات الموجهة إليه غير واضحة عند القبض عليه ففي هذه الحالة كان لابد ألا يتم تقييد حريته والتحقيق معه فقط إلي أن يثبت صحة هذا الاتهام وكان بإمكان السلطات البريطانية وضع التدابير اللازمة لمنع سفره خارج المملكة المتحدة حتي يتم انتهاء التحقيق معه وفي نفس الوقت إذا كانت هناك اتهامات ولكن لم تثبت بعد فلا يجوز أيضا تقييد حريته..
وقال : وإذا كانت المملكة المتحدة وبعض الدول الغربية تتحدث عن القوانين الاستثنائية وتنتقدها فإن هذا مثل واضح للآثار التي تقوم علي الاعتقال وتقييد الحرية بدون اتهام ثابت علي أرض بريطانيا..
ق ولكن ماذا بشأن قانونية اجراء التسجيلات للاتصالات الهاتفية لزائر علي أرض أجنبية كما حدث للدكتور ممدوح حمزة؟
قال: اجراء التسجيل للاتصالات الهاتفية هو انتهاك للحرية الشخصية للدكتور ممدوح حمزة ولابد من أمر قضائي يعتمد علي اتهام فعلي واضح حتي يتم التسجيل فلا يجوز التسجيل لشخص أو بناء الاتهام علي تسجيل قائم ويؤدي هذا الاتهام لتقييد الحرية إلا إذا كانت هناك دلائل قوية وواضحة تثبت صحة هذا الاتهام أو تؤيد ما جاء فيه أما التسجيل فقط واعتقال وتقييد حرية الشخص علي أساسه فإن هذا أمر لا يجوز قانونيا..
وقد استقر الرأي بين الدكتور حمزة وعائلته علي تكليف مؤسسة "بايندمان" القضائية البريطانية بتولي القضية فيما يقوم محام رفيع المستوي برتبة مستشار ملكة بقيادة فريق المحامين الذين ستكلفهم الأسرة بالدفاع عنه أمام المحاكم البريطانية..
وقد كان اللقاء بين الدكتور حمزة وعائلته عاطفيا ومؤثرا للغاية امتد لقرابة ساعتين بكافيتريا السجن وكانت السفارة المصرية في لندن قد أصرت علي إرسال سيارة بسائق لنقل العائلة من مقر إقامتهم إلي سجن بلمارش شرق لندن والعودة مرة أخري..
وأكد السفير إسماعيل خيرت القائم بأعمال السفير المصري ببريطانيا بأن وزارة الخارجية البريطانية أبلغت السفارة منذ إلقاء القبض علي المهندس الاستشاري الدكتور ممدوح حمزة بأن التهمة الموجهة إليه هي التواطؤ لقتل أربع شخصيات مرموقة وليست أربع تهم كما أشيع من قبل البعض..