شناني عدد المشاركات >> 172 التاريخ >> 18/6/2003
|
الأخ طويلب علم المحترم
تحية طيبة لك
وعذرا على التأخر في الرد
الحقيقة أن مصطلح الجريمة المدنية ، استعمله قلة من الفقهاء ، حيث ينظرون إلى الخطأ المدني الذي يستوجب المسؤولية المدنية ، على أنه مثل الجريمة في القانون الجزائي التي تستوجب المساءلة الجزائية ويخضعونه لذات التحليل في عناصره وأركانه .
فهو تشبيه واستعارة فقهية لا أكثر
فكما أن المسؤولية الجزائية تقوم على ركنين ( مادي ومعنوي ) وثلاثة ( عند من يقولون بالركن القانوني أو الشرعي )
فإن المسؤولية المدنية تقوم أيضا على ركنين مادي ومعنوي . ولهذا يطلق بعض الفقهاء ، مجازا ، على الفعل الذي يشكل المسؤولية المدنية مصطلح جريمة مدنية . وذلك لخضوعه لنفس النظرة التي للجريمة في القانون الجزائي وتحليله إلى أركان وعناصر .
والمعروف أن الركن المادي للجريمة يتألف من ثلاثة عناصر هي : الفعل والنتيجة الضارة والعلاقة السببية بينهما .
والمعروف أن الركن المعنوي يتمثل في الإرادة والوعي وحرية الاختيار .
وبذلك تنقسم الجرائم إلى مقصودة وغير مقصودة ، أي جرائم عمدية وجرائم خطأ (مع ضرورة الانتباه إلى الفرق بين العمد والقصد في جرائم القتل )
وهذا التقسيم ( القصد والخطأ ) سحبه بعض الفقهاء على الفعل المؤلف للمسؤولية المدنية أيضا ، فلاحظوا أن هناك مسؤولية مدنية ناجمة عن عمل غير مشروع مقصود ، ومسؤولية مدنية ناجمة عن مجرد خطأ ( فعل غير مقصود ) مثل حادث السيارة .
وبالتالي ، فإن المسؤولية المدنية في ( الجريمة المدنية ) تقوم أيضا على العناصر ذاتها في الجريمة الجزائية وهي : الخطأ والنتيجة الضارة والعلاقة السببية .
ولذلك ، راح بعض الفقهاء يناقشون الخطأ المدني ويحللونه إلى أركان وعناصر مثلما تناولوا الجريمة في القانون الجنائي ، ولذلك ، فإنهم يطلقون على الخطأ المدني تعبير أو مصطلح الجريمة المدنية ، للدلالة على الفعل أو الخطأ المستوجب للمسؤولية المدنية .
ولعلك لاحظت في مذكرتي أعلاه استعملت مصطلح الجريمة المدنية ، لأن المدعي اعتبر الشخص الذي أرشده إلى الدكتور وكأنه ( شريك ) في الجريمة والتي تتمثل في العمل الجراحي ( وهو خطأ مدني ، مهني ) وذلك حتى أثبت أن دور ذلك الرجل لا يجعله مسؤولا ولا متدخلا ولا شريكا في تلك ( الجريمة المدنية ) لأن دوره ليس له علاقة بالركن المادي للجريمة إطلاقا ، باعتبار أن أساس المسؤولية في الدعوى المذكور هو العمل الجراحي ، والمذكور لم يكن مشتركا فيه إطلاقا .
أما بالنسبة لسؤالك حول جواز الاستدلال بشروح الفقهاء وإيراد ذلك في مذكرة الدعوى أو مذكرة الدفاع ، فأقول :
إن كثيرا من المواد القانونية تحتاج إلى شرح حتى يتبين لنا شروط تطبيقها والغاية من تشريعها .
ولكن أي قانون ليس من شأنه الشرح ، فهو يورد نص المادة والحكم فقط ، وعندما يتعذر فهم المادة وغاية المشرع من نص القانون ذاته ، فإنه يتوجب العودة إلى الأسباب الموجبة ، وإلى محاضر مناقشة القانون في البرلمان واللجان التحضيرية التي ناقشت القانون قبل إصداره ، وكذلك : شروح الفقهاء . فهي لها قيمة أدبية كبيرة وغالبا ما تأخذ المحكمة بها ، لاسيما في حال الاتفاق أو الإجماع . وإن كثيرا من الأحكام صدرت ملتزمة بشروح الفقهاء في مواضيع كثيرة .
مثلا : قانون الأحوال الشخصية السوري نص على نفي النسب عن طريق اللعان . ولكنه لم يعرف اللعان ولا كيفية إجرائه ، وهنا يجب الرجوع إلى الفقهاء والشراح
وغير ذلك من أمثلة كثيرة في سائر القوانين ( حالة العجلة ، الضرورة ، شروط الدفاع الشرعي ، شروط المسكن الشرعي ، القوة القاهرة ، الشروع ، مفهوم العمد في القانون الجنائي ، شروط الفضالة ، شروط الإثراء بلا سبب ، وو) .
وبذلك ترى أن كثيرا من المفاهيم القانونية وردت بشكل مجمل في القوانين وتولى الشراح بيانها في كتبهم ، وبالتالي ، يجوز الاستناد لتلك الشروح عند إعداد المذكرات القانونية ولتوضيح المقصود من النص القانوني وشروط تطبيقه .
وتقبل تحياتي
موسى شناني
|