في ما يلي القرار الذي صدر عن محكمة العدل الدولية في شأن جدار الفصل العنصري الذي تقيمه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويحدد فيه التبعات القانونية لبناء الجدار، والتبعات القانونية لإخلال “إسرائيل” بالتزاماتها.
وهنا النص الكامل للقرار/ الوثيقة
محكمة العدل الدولية
9 يوليو/ تموز 2004
القائمة العامة رقم 131
التبعات القانونية لبناء جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة
الاختصاص القضائي للمحكمة لإعطاء الرأي الاستشاري المطلوب
المادة 65 الفقرة 1 من القانون المادة، 96 الفقرة 1 من الميثاق سلطة الجمعية العامة لطلب آراء استشارية نشاطات الجمعية.
الأحداث التي أدت الى تبني الجمعية العامة القرار ئي اس 10/14 الخاص بطلب رأي استشاري.
الرأي القائل إن الجمعية العامة تصرفت على نحو تجاوز سلطاتها بموجب الميثاق المادة، 12 الفقرة 1 والمادة 24 من الميثاق إجراء الأمم المتحدة المتبع في ما يتعلق بتفسير المادة، 12 الفقرة 1 من الميثاق لم تتجاوز الجمعية العامة صلاحيتها.
طلب الرأي الذي تبنته الجلسة الخاصة الطارئة للجمعية العامة تمت الدعوة لعقد الجلسة بموجب القرار 377أ (5) (التوحد من أجل السلام) الشروط التي حددها ذلك القرار نظامية الإجراءات المتبعة.
الزعم بعدم وضوح شروط القضية الزعم بأن طبيعة القضية نظرية الجوانب السياسية للقضية الدوافع التي يقال إنها أدت الى الطلب وردود الأفعال المحتملة للرأي الطبيعة “القانونية” للقضية لم تتأثر.
تتمتع المحكمة بالاختصاص القضائي لإعطاء الرأي الاستشاري المطلوب.
**
السلطة التقديرية للمحكمة لتقرير ما إذا كان ينبغي عليها تقديم رأي
المادة 65 الفقرة 1 من القانون مدى الارتباط بعدم وجود موافقة دولة معنية لا يمكن النظر الى القضية فقط على إنها أمر بين “إسرائيل” وفلسطين وإنما أمر يهم الأمم المتحدة الآثار المحتملة للرأي على حل سياسي متفاوض عليه للنزاع “الإسرائيلي” الفلسطيني القضية تمثل جانباً واحداً فقط من النزاع “الإسرائيلي” الفلسطيني كفاية المعلومات والأدلة المتوفرة للمحكمة الهدف المنفعي من تقديم الرأي ليس لأحد إن يستفيد من باطل صدر عنه يجب تقديم الرأي للجمعية العامة وليس لدولة بعينها او كيان بعينه.
ليس هناك “سبب قاهر” لكي تستخدم المحكمة سلطتها التقديرية لعدم إعطاء رأي استشاري.
**
“التبعات القانونية” لبناء جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية نطاق المسألة المطروحة طلب الرأي مقتصر على العواقب القانونية لبناء تلك الأجزاء من الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة استخدام اصطلاح “جدار”.
خلفية تاريخية.
وصف الجدار.
**
القانون المعمول به
ميثاق الأمم المتحدة قرار الجمعية العامة 2625 (25) عدم شرعية أي امتلاك للأراضي نتيجة تهديد باستخدام القوة حق الشعوب في تقرير المصير.
القانون الإنساني الدولي اللوائح الملحقة بمعاهدة لاهاي الرابعة للعام 1907 معاهدة جنيف الرابعة للعام 1949 قابلية تطبيق معاهدة جنيف الرابعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة قانون حقوق الإنسان المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية معاهدة حقوق الطفل العلاقة بين القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان قابلية تطبيق اتفاقيات حقوق الإنسان خارج الأراضي القومية قابلية تطبيق تلك الاتفاقيات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
**
المستوطنات التي أقامتها “إسرائيل” على الأراضي الفلسطينية المحتلة في انتهاك صريح للقانون الدولي بناء الجدار والقواعد المرتبطة به تنشئ “أمراً واقعاً” على الأرض، يمكن إن يصبح دائماً خطر نشوء وضع يتساوى مع الضم الفعلي بناء الجدار يعوق بشدة ممارسة الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير، ويمثل بالتالي إخلالا بالتزام “إسرائيل” باحترام ذلك الحق.
الأحكام المعمول بها في القانون الإنساني الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان ذات الصلة بالقضية الحالية تدمير ومصادرة الممتلكات تقييدات على حرية حركة سكان الأرض الفلسطينية المحتلة عوائق أمام ممارسة المعنيين حق الحصول على العمل والرعاية الصحية والتعليم والمستوى المعيشي الملائم التغييرات الديموغرافية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أحكام القانون الإنساني الدولي التي تجعل أخذ الضرورات العسكرية في الاعتبار أمراً ممكناً مواد في اتفاقيات حقوق الإنسان توضح الحقوق المضمونة او التي تنص على تقييد نصوص قانون ما بناء الجدار والقواعد المتعلقة به لا يمكن تبريره بالضرورات العسكرية او بمتطلبات الأمن القومي او النظام العام إخلال “إسرائيل” بكثير من التزاماتها المقررة بموجب الأحكام المعمول بها لقانون واتفاقيات الحقوق الإنسانية.
الدفاع عن النفس المادة 51 من الميثاق الهجمات ضد “إسرائيل” لا يمكن عزوها لدولة أجنبية التهديد المستشهد به لتبرير بناء الجدار القائم داخل أرض تمارس “إسرائيل” السيطرة عليها المادة 51 غير ذات صلة بالقضية الحالية.
حالة الضرورة القانون الدولي العرفي الشروط بناء الجدار ليس الوسيلة الوحيدة لحماية مصالح “إسرائيل” ضد الخط المستشهد به.
بناء الجدار والقواعد المتعلقة به تتعارض مع القانون الدولي.
**
التبعات القانونية لإخلال “إسرائيل” بالتزاماتها
مسؤولية “إسرائيل” الدولية “إسرائيل” ملزمة بالتقيد بالالتزامات الدولية التي انتهكتها ببناء الجدار “إسرائيل” ملزمة بوضع حد لانتهاكها التزاماتها الدولية الالتزام بالتوقف فوراً عن أعمال بناء الجدار، والقيام بتفكيكه على الفور، وإلغاء الإجراءات التشريعية والتنظيمية المتعلقة ببنائه، او جعلها غير ذات تأثير، إلا حيثما تعلق الأمر بتقيد “إسرائيل” بالتزامها بتقديم تعويضات عن الأضرار الناجمة “إسرائيل” ملزمة بتقديم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بجميع الأشخاص العاديين او الاعتباريين المتأثرين ببناء الجدار.
التبعات القانونية بالنسبة للدول الأخرى خلاف “إسرائيل” بالنسبة لجميع الناس، طبيعة التزامات بعينها أخلت بها “إسرائيل” التزام جميع الدول بعدم الاعتراف بالوضع غير الشرعي الناشئ عن بناء الجدار وبعدم تقديم عون او مساعدة للمحافظة على الوضع الناتج عن ذلك البناء التزام جميع الدول من خلال احترام الميثاق والقانون الدولي بالعمل على إزالة أي عائق ناتج عن بناء الجدار يحول دون ممارسة الشعب الفلسطيني بحقه في تقرير المصير التزام جميع الدول الموقعة على معاهدة جنيف الرابعة من خلال احترام الميثاق والقانون الدولي بضمان تقيد “إسرائيل” بالقانون الإنساني الدولي حسبما هو متضمن في تلك المعاهدة الحاجة الى إن تبحث الأمم المتحدة، ولا سيما الجمعية العامة ومجلس الأمن، مدى ضرورة اتخاذ إجراء آخر لوضع حد للوضع غير القانوني الناشئ عن بناء الجدار والقواعد المرتبطة به على ان يوضع الاعتبار اللازم للرأي الاستشاري.
**
يجب وضع بناء الجدار في سياق أكثر عمومية التزام “إسرائيل” وفلسطين بالتقيد بالقانون الإنساني الدولي تنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن بحسن نية، ولا سيما القرار 242 (1967) والقرار 338 (1973) “خريطة الطريق” الحاجة لتشجيع الجهود من أجل ان يتحقق في أقرب فرصة ممكنة، وعلى أساس القانون الدولي، حل عن طريق التفاوض للمشكلات العالقة، وإقامة دولة فلسطينية، مع ضمان الأمن والسلام لجميع الدول في المنطقة.
الرأي الاستشاري
الحضور: الرئيس شي نائب الرئيس رانجيفا القضاة: جيوم كوروما، فيريشيتن، هيجنز، بارا ارانجورين، كويجمانز، رزق، الخصاونة، بويرجنثال، العربي، اوادا، سيما، تومكا. أمين السجل: كوفرير.
في ما يتعلق بالتبعات القانونية لبناء جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة.
تقدم المحكمة المؤلفة من المذكورين أعلاه الرأي الاستشاري التالي:
1 - إن القضية التي تم طلب رأي المحكمة الاستشاري بشأنها موضحة في القرار ES-10/14 الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة (يشار إليها في ما يلي ب “الجمعية العامة”) في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2003 في جلستها الخاصة الطارئة. وبموجب خطاب مؤرخ في 8 ديسمبر ،2003 وتم استلامه في السجل بالفاكس في 10 ديسمبر ،2003 والذي وصل أصله الى السجل لاحقاً، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة المحكمة رسمياً بالقرار الذي اتخذته الجمعية العامة لرفع القضية بهدف الحصول على رأي استشاري. وتم ارفاق صور طبق الأصل للنسختين الإنجليزية والفرنسية من القرار ES-10/14 مع الخطاب. وفي ما يلي نص القرار:
“ان الجمعية العامة.
تأكيداً منها لقرارها رقم ES-10/13 المؤرخ 21/10/2003.
واسترشاداً بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وإدراكاً منها للمبدأ الراسخ للقانون الدولي بشأن عدم قبول الاستيلاء على الأراضي بالقوة.
وإداركاً منها أيضاً بأن إقامة علاقات ودية بين الدول استناداً الى احترام مبادئ الحقوق المتساوية، وتقرير مصير الشعوب يعد من بين أغراض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وتذكيراً منها بقرارات الجمعية العامة ذات الصلة، بما في ذلك القرار 181 (2) المؤرخ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني، 1947 والتي قسمت على أساسه فلسطين الواقعة تحت الانتداب الى دولتين احداهما عربية والأخرى يهودية.
وتذكيراً منها بقرارات الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة للجمعية العامة.
وتذكيراً منها كذلك بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما ذلك القرارات 242 (1967) المؤرخ 22 نوفمبر/ تشرين الثاني، 1967 و338 (1973) المؤرخ 22 أكتوبر/ تشرين الأول، 1973 و267 (1969) المؤرخ 3 يوليو/ تموز، 1969 و298 (1971) المؤرخ 25 سبتمبر/ أيلول، 1971 و446 (1979) المؤرخ 22 مارس/ آذار، 1979 و452 (1979) المؤرخ 20 يوليو/ تموز، 1979 و465 (1980) المؤرخ أول مارس/ آذار، 1980 و476 (1980) المؤرخ 30 يونيو/ حزيران، 1980 و478 (1980) المؤرخ 20 أغسطس/ آب، 1980 و904 (1994) المؤرخ 18 مارس/ آذار، 1994 و1073 (1996) المؤرخ 28 سبتمبر/ أيلول، 1996 و1397 (2002) المؤرخ 12 مارس/ آذار، 2002 و1515 (2003) المؤرخ 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003.
وتأكيداً منها لقابلية تطبيق معاهدة جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي (1) لمعاهدات جنيف على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
وتذكيراً منها باللوائح الملحقة بمعاهدة لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب على الأرض للعام 1970.
وترحيباً منها بالدعوة لعقد مؤتمر الأطراف المتعاقدة الأصلية على معاهدة جنيف الرابعة بشأن تنفيذ المعاهدة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس، في جنيف بتاريخ 15 يوليو/ تموز 1999.
وتعبيراً عن تأييدها للإعلان الذي تم تبنيه للدعوة مجدداً لعقد مؤتمر الأطراف المتعاقدة الأصلية في جنيف بتاريخ 5 ديسمبر/ كانون الأول 2001.
وتذكيراً منها على وجه الخصوص بقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد ان المستوطنات “الإسرائيلية” في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية غير شرعية وتمثل عقبة أمام السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وبالقرارات التي تطالب بوقف كامل للنشاطات الاستيطانية.
وتذكيراً منها بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة التي تؤكد ان الإجراءات التي تقوم بها “إسرائيل”، بصفتها سلطة الاحتلال، لتغيير وضع القدس الشرقية المحتلة وتركيبتها الديموجرافية ليس لها شرعية قانونية وتعد باطلة ولاغية.
وإشارة منها الى الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين حكومة “إسرائيل” ومنظمة التحرير الفلسطينية في اطار عملية السلام في الشرق الأوسط.
وإحساسا منها بالقلق العميق إزاء بدء “إسرائيل”، بصفتها سلطة الاحتلال، واستمرارها في بناء جدار على الأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك في القدس الشرقية وحولها وهو ما يعد انحرافاً عن خط الهدنة للعام 1949 (الخط الأخضر)، وقد تضمن مصادرة وإتلاف الأراضي والممتلكات الفلسطينية وارباك حياة آلاف المدنيين الخاضعين للحماية والضم الفعلي لمساحات واسعة من الأراضي، وتأكيداً للمعارضة الاجماعية من المجتمع الدولي لبناء ذلك الجدار.
وإحساسا منها بالقلق العميق أيضاً إزاء التأثير الأشد خطورة للأجزاء المتوقعة للجدار في السكان المدنيين الفلسطينيين وفي احتمالات حل النزاع الفلسطيني “الإسرائيلي” وتحقيق السلام في المنطقة.
وترحيباً منها بالتقرير الصادر في 8 سبتمبر/ أيلول 2003 عن المقرر الخاص لمفوضية حقوق الإنسان بشأن وضع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها “إسرائيل” منذ، 1967 ولا سيما القسم المتعلق بالجدار.
وتأكيداً على ضرورة إنهاء النزاع على أساس حل يقوم على وجود دولتين “إسرائيل” وفلسطين تعيشان جنباً الى جنب في سلام وأمن استناداً الى خط الهدنة للعام، 1949 وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة ذات الصلة.
وبعد تلقيها بكل تقدير تقرير الأمين العام المقدم لها طبقاً للقرار ES10/13.
ويقيناً منها بأن مرور الوقت يضاعف بدرجة أكبر الصعوبات على الأرض مع استمرار “إسرائيل” بصفتها سلطة الاحتلال في رفض التقيد بالقانون الدولي في ما يتعلق ببناء الجدار المذكور أعلاه بكل ما ينطوي عليه من آثار وتبعات ضارة.
تقرر وفقاً للمادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة ان تطلب من محكمة العدل الدولية، بمقتضى المادة 65 من قانون المحكمة، ان تقدم على نحو عاجل رأياً استشارياً بشأن السؤال التالي:
ما هي التبعات القانونية الناشئة عن بناء “إسرائيل” كسلطة احتلال للجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية وحولها، حسبما هو موضح في تقرير الأمين العام، مع الأخذ في الحسبان قواعد ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك معاهدة جنيف الرابعة للعام، 1949 وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة ذات الصلة؟
**
وكان مرفقاً مع الخطاب أيضاً النصان الإنجليزي والفرنسي لتقرير الأمين العام المؤرخ 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 والذي تم إعداده وفقاً لقرار الجمعية العامة ES10/13 (A/ES-10/248) الذي يشير إليه القرار ES10/14.
2 - وبموجب خطابات مؤرخة 10 ديسمبر/ كانون الأول، 2003 أبلغ أمين السجل الطلب، بتقديم رأي استشاري، الى جميع الدول التي يحق لها المثول أمام المحكمة طبقاً للمادة، 66 الفقرة “1” من القانون.
3 - وبموجب خطاب مؤرخ 11 ديسمبر/ كانون الأول، 2003 أبلغت حكومة “إسرائيل” المحكمة بموقفها من طلب رأي استشاري ومن الطريقة التي سيتم إتباعها.
4 - بناء على القانون الصادر في 19 ديسمبر/ كانون الأول، 2003 قررت المحكمة ان الأمم المتحدة والدول الأعضاء بمكانها حسب المادة، 66 الفقرة، 2 تقديم المعلومات المتعلقة بكافة جوانب القضية التي تم رفعها الى المحكمة للنظر فيها وقد حددت الثلاثين من يناير/ كانون الثاني 2004 كآخر موعد لتقديم بيان بالوقائع الخاصة بالقضية حسب المادة 66 الفقرة 4 من النظام الأساسي. وبناء على القانون ذاته، قررت المحكمة انه في ضوء القرار ES10/14 وتقرير الأمين العام الذي أرفق بالطلب، ومع الأخذ بعين الاعتبار حقيقة ان الجمعية العمومية منحت فلسطين صفة المراقب، فإن باستطاعة فلسطين أيضاً تقديم بيان بالوقائع الخاصة بالقضية ضمن المهلة المحددة أعلاه.
5 - بموجب القانون المذكور أعلاه، قررت المحكمة أيضاً، وفقاً للمادة 105 الفقرة 4 من دستور المحكمة، ان تعقد جلسة استماع علنية يتم خلالها استعراض البيانات الشفهية والتعليقات المقدمة لها من قبل الأمم المتحدة والدول الأعضاء، بغض النظر عما إذا كانت قدمت بيانات خطية أم لا، وقد حددت الثالث والعشرين من فبراير/ شباط 2004 كبداية لجلسة الاستماع المذكورة. وبناء على القانون ذاته، ولذات الأسباب المذكورة أعلاه (انظر الفقرة الرابعة) قررت المحكمة ان باستطاعة فلسطين المشاركة في جلسة الاستماع وأخيراً، طلبت المحكمة من الأمم المتحدة وأعضائها، وأيضاً فلسطين، إعلام مكتب التسجيل بالرغبة او عدم الرغبة في المشاركة، وذلك في موعد أقصاه 13 فبراير/ شباط 2004. وقام مسئول التسجيل بإطلاع تلك الأطراف، من خلال رسائل صدرت بتاريخ 19 ديسمبر/ كانون الأول، على قرارات المحكمة وأرسل لها نسخة من نص القانون المذكور.
6 - وبناء على المطالب المقدمة من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، قررت المحكمة، وفقاً للمادة 66 من الدستور، ان بامكان هاتين المنظمتين الدوليتين تقديم معلومات حول القضية المرفوعة الى المحكمة، وبالتالي فإنهما قد تقدمان بيانات خطية للغرض ذاته ضمن المدة التي حددتها المحكمة، في الأمر الصادر في 19 ديسمبر/ كانون الأول ،2003 ومن ثم المشاركة في جلسة الاجتماع.
7 - وبناء على المادة، 65 الفقرة 2 من الدستور، قدم الأمين العام للأمم المتحدة ملفاً للمحكمة يتضمن وثائق من شأنها ان تلقي ضوءاً على القضية.
8 - وبناء على الأمر الصادر في 30 يناير/ كانون الثاني، 2004 قررت المحكمة ان القضايا التي قدمتها لها حكومة “إسرائيل” في رسالة بتاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول، 2003 وفي رسالة سرية بتاريخ 15 يناير/ كانون الثاني 2004 موجهة الى الرئيس طبقاً للفقرة الثانية من المادة 34 من قوانين المحكمة، لم تكن لتحول دون مشاركة القاضي ايلاربي في القضية.
9 - تم تقديم البيانات الخطية ضمن المهلة المحددة التي أقرتها المحكمة، ووردت بالترتيب التالي: غينيا، السعودية، جامعة الدول العربية، مصر، الكاميرون، الاتحاد الروسي، استراليا، فلسطين، كندا، سوريا، سويسرا “إسرائيل”، اليمن، الولايات المتحدة الأمريكية، المغرب، اندونيسيا ومنظمة المؤتمر الإسلامي، فرنسا، ايطاليا، السودان، جنوب إفريقيا، ألمانيا، اليابان، النرويج، المملكة المتحدة، باكستان، جمهورية التشيك، اليونان، ايرلندا عن نفسها ونيابة عن الاتحاد الأوروبي، قبرص، البرازيل، ناميبيا، مالطا، ماليزيا، هولندا، كوبا، السويد، أسبانيا، بلجيكا، بالاو، ماكرونيسيا، السنغال، جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.
وقام المسئول عن التسجيل، لدى تلقي هذه البيانات، بإرسال نسخ منها الى الأمم المتحدة والدول الأعضاء وفلسطين وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
10 - أجرى مسؤول مكتب التسجيل العديد من الاتصالات مع تلك الأطراف حول الإجراءات التي تم اتخاذها بشأن عقد جلسة الاستماع الشفهية وأرسل المسؤول، في 20 فبراير/ شباط، 2004 نسخة من السجل الى الأطراف الذين أعربوا عن نيتهم المشاركة في جلسة الاستماع.
11 - تبعاً للمادة 106 من دستور المحكمة، قررت المحكمة ان تجعل البيانات الخطية في متناول الناس بدءاً من أولى جلسات الاستماع.
12 - استمعت المحكمة خلال جلسات الاستماع التي انعقدت في الفترة بين 23 25 فبراير/ شباط 2004 الى:
عن فلسطين:
السيد ناصر القدوة، مراقب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة.
الآنسة ستيفاني كوري عضو وحدة دعم المفاوضات مستشارة.
السيد جيمس كراو فورد استاذ القانون الدولي في جامعة كامبردج مستشار ومحام.
السيد جورج ابي صعب استاذ القانون الدولي، معهد الدراسات الدولية، عضو معهد القانون الدولي مستشار ومحام.
السيد فون لوي جامعة أكسفورد مستشار ومحام.
السيد جين سالمون استاذ متقاعد في القانون الدولي، جامعة ليبردو بروكسيل، عضو معهد القانون الدولي مستشار ومحام.
عن جمهورية جنوب افريقيا:
السيد عزيز باهاد نائب وزير الخارجية رئيس الوفد.
القاضي ام. ار. دبليو مادلانجا اس سي.
عن الجزائر:
السيد أحمد لارابا استاذ القانون الدولي.
عن المملكة العربية السعودية:
السيد فوزي شبكشي السفير والممثل الدائم للمملكة في الأمم المتحدة في نيويورك رئيس الوفد.
عن بنجلاديش:
السيد لياكوات علي تشود هوري سفير بنجلاديش في هولندا.
عن جمهورية بيليز:
السيد جان مارك سوريل استاذ في جامعة باريس I (بانسيون سوربون).
عن كوبا:
السيد ابيلاردو مورنيو فيرنانديز نائب رئيس الوزراء للشؤون الخارجية.
عن اندونيسيا:
السيد محمد يوسف سفير اندونيسيا في هولندا رئيس الوفد.
عن المملكة الأردنية الهاشمية:
سمو الأمير زيد رعد زيد الحسين الممثل الدائم للمملكة في الأمم المتحدة رئيس الوفد.
السيد آرثر واتس المستشار القانوني الأول لحكومة المملكة الأردنية الهاشمية.
عن جمهورية مدغشقر:
السيد الفرد رامبلسون الممثل الدائم لمدغشقر في مكتب الأمم المتحدة في جنيف والوكالات المتخصصة رئيس الوفد.
عن ماليزيا:
السيد داتوك سيري سيد حامد البار وزير خارجية ماليزيا رئيس الوفد.
عن السنغال:
السيد ساليو سيسي سفير السنغال في هولندا رئيس الوفد.
عن السودان:
السيد أبوالقاسم ادريس سفير السودان في هولندا.
عن الجامعة العربية:
ميشيلي بوثي استاذ القانون رئيس وفد الجامعة.
عن منظمة المؤتمر الإسلامي:
السيد عبدا لأحد بلقزيز أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي.
الآنسة مونيك تشيميلير جندرو استاذة القانون العام جامعة باريس دينيس ديديروت السابع مستشارة.
13 - عندما تتلقى المحكمة طلباً لإبداء رأي استشاري فإن عليها ان تدرس أولاً مسألة ما إذا كانت تتمتع بالصلاحية والسلطة القضائية لإعطاء الرأي المطلوب، وما إذا كان هناك أي سبب يحملها على الإحجام عن ممارسة مثل هذه الصلاحية، وإذا كان الرد بالإيجاب (انظر قانونية التهديد، واستخدام الأسلحة النووية، الرأي الاستشاري، تقارير أي. سي. جي لعام 1996 ص 2320 الفقرة “10”).
14 - وهكذا، فإن المحكمة سوف تتصدى أولاً للإجابة على السؤال عما إذا كانت تملك سلطاناً قضائياً لإعطاء الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة يوم 8 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2003. وأهلية المحكمة وصلاحيتها في هذا المقام تستند الى البند 65 الفقرة “1” من قانونها الأساسي، الذي يمكن للمحكمة بموجبه “ان تعطي رأياً استشارياً بشأن أي سؤال او قضية قانونية تطلب رأيها فيها أي هيئة مخولة من قبل او بموجب ميثاق الأمم المتحدة للتقدم بمثل هذا الطلب”. وقد اتيحت للمحكمة الفرصة لتبيان ذلك:
“انه.. من الشروط المسبقة لأهلية المحكمة وتمتعتها بالصلاحية ان تتقدم بطلب الرأي الاستشاري هيئة او جهاز مخول حسب الأصول بأن يلتمس هذا الرأي بموجب الميثاق، وان يطلب هذا الرأي حول مسألة قانوية، وانه باستثناء الحالات التي تتعلق اما بالجمعية العامة او مجلس الأمن، ينبغي ان تنبثق تلك المسألة من ضمن مجال نشاطات الهيئة المتقدمة بالطلب”. (تطبيقات مراجعة الأحكام رقم 273 من وثائق المحكمة الإدارية للأمم المتحدة، الرأي الاستشاري، تقارير اي. سي. جي 1982 ص 333 334 الفقرة 21).
15 - يعهد إلى المحكمة إن تستوثق لنفسها من ان طلب الرأي الاستشاري يأتي من هيئة او وكالة لها صلاحية التقدم به. وفي الحالة الراهنة بين أيدينا تلاحظ المحكمة ان الجمعية العامة التي تبتغي الرأي الاستشاري مخولة بالقيام بذلك بموجب البند 96 الفقرة “1” من الميثاق الذي ينص على ان: “الجمعية العامة او مجلس الأمن يمكن ان يطلب الى محكمة العدل الدولية ان تدلي برأيها الاستشاري حول أي قضية قانونية”.
16 - مع أن الفقرة أنفة الذكر تنص على ان الجمعية العامة يمكن ان تلتمس الرأي الاستشاري “بشأن أي قضية قانونية” فقد أظهرت المحكمة في الماضي أحياناً دلائل معينة ذات صلة بالعلاقة بين القضية موضوع طلب الرأي الاستشاري وبين نشاطات الجمعية العامة (تفسير معاهدات السلام مع بلغاريا والمجر ورومانيا، تقارير اي. سي. جي لعام 1950 ص، 70 قانونية التهديد واستخدام الأسلحة النووية، تقارير اي. سي. جي لعام 1996 ص 232 وص 233 الفقرتان 11 و12).
17 - سوف تمضي المحكمة على هذا النهج في القضية الراهنة، ولا بد للمحكمة ان تلاحظ ان البند 10 من الميثاق قد أسبغ على الجمعية العامة أهلية تتعلق “بأي قضايا او مسائل” ضمن نطاق الميثاق، وان البند 11 في الفقرة “2” قد خولها بوجه خاص الصلاحية فيما يتعلق “بقضايا لها صلة بالحفاظ على السلام والأمن الدوليين يرفعها لها أي عضو من أعضاء الأمم المتحدة”. وان تتقدم بتوصيات بشروط معينة نصت عليها تلك البنود. وكما سيجري تفسيره لاحقاً فإن قضية إقامة الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة كان قد طرحها أمام الجمعية العامة عدد من الدول الأعضاء في خضم الجلسة الطارئة العاشرة الخاصة للجمعية العامة التي انعقدت لبحث ما اعتبرته الجمعية في قرارها ES-10/2 يوم 25 ابريل/ نيسان من عام 1997 انه يمثل السلام والأمن الدوليين.
18 - قبل الإيغال في مزيد من تفحص المشكلات المتعلقة بالسلطان القضائي، وهي المشكلات التي أثيرت في الإجراءات الراهنة، ترى المحكمة ان من الضروري ان تأتي على وصف الأحداث التي قادت الى تبني القرار ES-10/14، الذي طلبت الجمعية العامة بموجبه رأياً استشارياً بشأن ما يترتب على إقامة الجدار من نتائج وتبعات قانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
19 - عقدت الجلسة الطارئة العاشرة الخاصة للجمعية العامة التي جرى فيها تبني القرار في أعقاب رفض مجلس الأمن الدولي يوم 7 ويوم 21 مارس/ آذار من عام، 1997 نتيجة للتصويت السلبي من قبل عضو دائم في المجلس، لمسودتي قرارين حول مستوطنات “إسرائيلية” معينة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (انظر على التوالي، S/1997/199 وS/PV.3747 وS/1997/241 وS/PV.3756). وفي رسالة بعث بها رئيس المجموعة العربية بتاريخ 31 مارس/ آذار من عام 1997 طلب “ان تعقد جلسة طارئة خاصة للجمعية العامة متابعة للقرار 377 (V) A بعنوان “التوحد من أجل السلام” بغرض مناقشة “الأعمال “الإسرائيلية” غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وفي باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة”. (الخطاب مؤرخ في 31 مارس/ آذار 1997 من مندوب قطر الدائم في الأمم المتحدة والموجه الى الأمين العام، A/ES-10/1، يوم 22 ابريل/ نيسان ،1997 الملحقات). وبما ان أغلبية أعضاء الأمم المتحدة توافقت بشأن هذا الطلب فقد عقد الاجتماع الأول للجلسة الطارئة العاشرة الخاصة للجمعية العامة يوم 24 ابريل/ نيسان من عام 1997 (انظر A/ES-10/1 بتاريخ 22 ابريل/ نيسان من عام 1997). وجرى تبني القرار ES-10/2 في اليوم التالي. وأعربت الجمعية العامة فيه عن قناعتها: “بأن انتهاك “إسرائيل”، وهي القوة المحتلة، المتكرر للقانون الدولي وإعراضها عن تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة ذات الصلة وإخفاقها في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها من قبل الأطراف المعنية ينسف عملية السلام في الشرق الأوسط ويشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين”.
كما دانت الجمعية العامة “الأعمال “الإسرائيلية” غير القانونية” في القدس الشرقية المحتلة وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبخاصة إنشاء المستوطنات في تلك الأراضي. ثم أرجئت الجلسة الطارئة العاشرة الخاصة للجمعية العامة مؤقتاً، ثم أعيد انعقادها منذ ذلك الحين 11 مرة (بتاريخ 15 يوليو/ تموز، 1997 و13 نوفمبر/ تشرين الثاني، 1997 و17 مارس/ آذار، 1998 ويوم 5 فبراير/ شباط، 1999 ويوم 18 أكتوبر/ تشرين الأول، 2000 ويوم 20 ديسمبر/ كانون الأول، 2001 ويوم 7 مايو/ أيار، 2002 ويوم 5 أغسطس/ آب، 2002 ويوم 19 سبتمبر/ أيلول، 2003 ويوم 20 أكتوبر/ تشرين الأول، 2003 ويوم 8 ديسمبر/ كانون الأول 2003).
20 - طلب رئيس المجموعة العربية في رسالة مؤرخة يوم 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2003 باسم الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية عقد اجتماع فوري لمجلس الأمن لبحث “الانتهاكات “الإسرائيلية” الخطيرة والمستمرة للقانون الدولي، بما فيه القانون الإنساني الدولي، واتخاذ الإجراءات الضرورية بهذا الصدد”. (الرسالة بتاريخ 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2003 من مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة الى رئيس مجلس الأمن، S/2003/973 بتاريخ 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2003). وأرفقت مع هذه الرسالة مسودة قرار لكي يجري تدارسه في المجلس وقد شجب هذا القرار إقامة “إسرائيل” غير القانونية لجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة ينأى عن خط هدنة عام، 1949 وعقد مجلس الأمن اجتماعه رقم 4841 و4842 بتاريخ 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2003 لبحث الموضوع المعنون: “الأوضاع في الشرق الأوسط بما فيها الفلسطينية”. ثم طرحت أمامه مسودة قرار آخر اقترح في اليوم ذاته من قبل غينيا وماليزيا وباكستان وسوريا، شجب أيضاً إقامة الجدار. وجرى التصويت على مسودة هذا القرار بعد نقاش مفتوح ولم يتم تبنيه بسبب التصويت السلبي لعضو دائم في المجلس (S/PV.4841 وS/PV.4824).
في الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2003 طلب رئيس المجموعة العربية باسم الدول الأعضاء في جامعة الدولة العربية استئناف جلسة الجمعية العامة الخاصة الطارئة العاشرة لبحث موضوع “الأعمال “الإسرائيلية” غير القانونية في القدس الشرقية المحتلة وفي سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة”. (A/ES-10/242) ودعمت هذا الطلب حركة عدم الانحياز (A/ES-10/243) ومجموعة منظمة المؤتمر الإسلامي في الأمم المتحدة (A/ES-10/244) واستأنفت الجلسة الطارئة الخاصة العاشرة للجمعية العامة عملها بتاريخ 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2003.
21 - تبنت الجمعية العامة في 27 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2003 القرار ES-10/13 الذي طالبت فيه بأن “توقف “إسرائيل” إقامة الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتتراجع عن هذه الخطوة بما فيها إنشاء الجدار في القدس الشرقية وحولها، الأمر الذي يشكل انحرافاً عن خط الهدنة لعام، 1949 ويناقض ما نصت عليه بنود القانون الدولي ذات الصلة (الفقرة “1”). وفي الفقرة، 3 طلبت الجمعية العامة الى الأمين العام ان يرفع تقارير دورية منتظمة حول الالتزام بالقرار، على ان يسلم التقرير الأول بشأن الامتثال لمتطلبات الفقرة “1” (من القرار) في غضون شهر من تاريخه”. وجرى إرجاء انعقاد الجلسة الطارئة الخاصة العاشرة مؤقتاً وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2003 صدر تقرير الأمين العام الذي أعد بمقتضى قرار الجمعية العامة ES-10/13 (الذي سيشار إليه من الآن فصاعداً باسم “تقرير الأمين العام” (A/ES-10/248).
22 - في غضون ذلك تبنى مجلس الأمن في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 القرار 1515 (2003) الذي “تبنى الحل الذي ارتأته اللجنة الرباعية المتمثل بخارطة الطريق المستندة الى آلية للوصول الى حل دائم للنزاع الفلسطيني “الإسرائيلي” قائم على مبدأ الدولتين”. وتتألف اللجنة الرباعية من ممثلين عن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي والأمم المتحدة. ويدعو هذا القرار “الأطراف المعنية الى الوفاء بالتزاماتها المقررة في خريطة الطريق بالتعاون مع الرباعية كما يدعوها لبلورة رؤية دولتين تعيشان جنباً الى جنب بأمن وسلام”.
ولم تشتمل “خريطة الطريق” ولا القرار 1515 (2003) على بنود محددة تتعلق بإنشاء الجدار الذي لم تجر مناقشة موضوعه من قبل مجلس الأمن في هذا السياق.
23 - بعد تسعة عشر يوماً استأنفت الجلسة الطارئة العاشرة الخاصة للجمعية العامة أعمالها بناء على طلب تقدم به رئيس المجموعة العربية باسم الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية وبمقتضى القرار ES-10/13 (الرسالة المؤرخة في الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2003 الى رئيس الجمعية العامة من القائم بأعمال بعثة الكويت الدائمة الى الأمم المتحدة، A/ES-10/249 في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2003). وفي هذا الاجتماع الذي انعقد في ذلك اليوم تم تبني القرار ES-10/14 الذي يطلب الرأي الاستشاري الذي نحن يصدده الآن.
24 - بعد ان استحضرنا تتابع الأحداث التي قادت الى تبني القرار ES-10/14 سوف تلتفت المحكمة الى مسائل الصلاحية القضائية التي أثيرت بالنظر الى الانهماك النشط لمجلس الأمن بمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية فقد تجاوزت الجمعية العامة صلاحيتها المخولة لها بموجب الميثاق عندما طلبت الرأي الاستشاري بخصوص التبعات القانونية لإقامة الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
25 - بينت المحكمة أن موضوع الطلب الحالي لإبداء رأي استشاري يقع ضمن صلاحيات الجمعية العامة بمقتضى الميثاق (انظر الفقرات 15 17 عالية) إلا ان البند 12 من الفقرة (1) للميثاق ينص على:
“في حين يمارس مجلس الأمن فيما يتعلق بأي نزاع او حالة، الوظائف المناطة به بمقتضى الميثاق الحالي، فإن الجمعية العامة لن ترفع أي توصيان فيما يتعلق بهذا النزاع او تلك الحالة، ما لم يطلب مجلس الأمن ذلك”.
وطلب الرأي الاستشاري لا يعتبر بحد ذاته “توصيات” من قبل الجمعية العامة “فيما يتعلق بنزاع او حالة”. إلا انه جرى النقاش في هذه القضية حول ان تبني الجمعية العامة للقرار ES-10/14 كان خروجاً عن صلاحياتها باعتباره لا يتمشى مع البند 12. وعليه فإن المحكمة تعتبر انه من الملائم بالنسبة لها ان تتحرى وتتفحص أهمية هذا البند مع الأخذ بعين الاعتبار النصوص ذات الصلة وأعراف الأمم المتحدة.
26 - بموجب البند 24 من الميثاق فإن لمجلس الأمن “مسؤولية أساسية في الحفاظ على السلام والأمن الدولي”. وانطلاقاً من هذا الاعتبار فإن من صلاحياته ان يفرض على الدول “التزاماً صريحاً بالرضوخ، إذا أصدر مثلاً قراراً او أمراً.. بموجب الفصل السابع، وبمكانه أيضاً لتحقيق هذه الغاية “ان يتطلب التنفيذ بالقوة” (توسعات معينة للبند “17” الفقرة “2” من ميثاق الأمم المتحدة)، الرأي الاستشاري في 20 يوليو/ تموز من عام، 1962 تقارير “اي سي جي” 1962 ص، 163 إلا ان المحكمة تؤكد ان البند 24 يشير الى صلاحية قضائية أولية، وليس بالضرورة صلاحية قضائية حصرية. وللجمعية العامة سلطة، من بين سلطات أخرى، وبموجب البند 14 من الميثاق، بأن “توصي بإجراءات من أجل حل سلمي” لمختلف الأوضاع (والقيد الوحيد الذي يفرضه البند 14 على الجمعية العامة هو التقييد الذي يشتمل عليه البند،12 وهو ان على الجمعية العامة ألا توصي باتخاذ إجراءات في الوقت الذي يتصدى فيه مجلس الأمن لنفس القضية ما لم يطلب إليها المجلس ذلك”.
27 - في ما يتعلق بالطريقة التي تتبعها الأمم المتحدة، فسرت الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي المادة 12 وطبقاها مبدئياً على نحو لم تستطع معه الجمعية التقدم بتوصية بشأن سؤال يتعلق بالمحافظة على السلام والأمن الدوليين في وقت لا يزال فيه الموضوع على جدول عمل المجلس، وهكذا رفضت الجمعية في جلستها الرابعة ان توصي بإجراءات بعينها حول قضية اندونيسيا، على أساس ان المجلس من بين أشياء أخرى ظل محتفظاً بالأمر (السجلات الرسمية للجمعية العامة، الجلسة الرابعة، اللجنة السياسية الخاصة، موجز سجلات الاجتماعات، 27 سبتمبر/ أيلول 7 ديسمبر/ كانون الأول، 1949 الاجتماع السادس والخمسون، 13 ديسمبر/ كانون الأول 1949 صفحة، 339 الفقرة 118). وبالنسبة للمجلس، فقد حذف في مناسبات عدة بنوداً من جدول عمله لتمكين الجمعية العامة من المداولة بشأنها (وعلى سبيل المثال، القضية الاسبانية (السجلات الرسمية لمجلس الأمن، السنة الأولى: السلسلة الثانية، رقم، 21 الاجتماع التاسع والسبعون، 4 نوفمبر/ تشرين الثاني ،1946 صفحة 498) في ما يتعلق بالأحداث على الحدود اليونانية (السجلات الرسمية لمجلس الأمن، السنة الثانية، رقم ،89 الاجتماع ،202 15 سبتمبر/ أيلول ،1947 الصفحتان 2404 و2405) وفي ما يتعلق بجزيرة تايوان (فورموزا) (السجلات الرسمية لمجلس الأمن، السنة الخامسة، رقم ،48 الاجتماع ،506 29 سبتمبر/ أيلول ،1950 ص 5). وفي قضية جمهورية كوريا قرر المجلس في 31 يناير/ كانون الثاني 1951 حذف البند ذي الصلة من قائمة المواضيع التي يحتفظ بها، لتمكين الجمعية من التداول حول الموضوع (السجلات الرسمية لمجلس الأمن، السنة السادسة، S/PV.531، الاجتماع ،531 31 يناير/ كانون الثاني ،1951 الصفحتان 11 و،12 الفقرة 57).
ولكن هذا التفسير للمادة 12 تطور لاحقاً. وهكذا ارتأت الجمعية العامة ان من حقها في عام 1961 ان تتبنى توصيات في موضوع الكونجو (القراران 1955 (15) و 1600 (16) وفي عام 1963 في ما يتعلق بالمستعمرات البرتغالية (القرار 1913 (18)) في حين لا تزال تلك القضايا تظهر على جدول أعمال المجلس دون ان يكون المجلس قد تبنى أي قرار مؤخراً يتعلق بها. ورداً على سؤال طرحته بيرو خلال الجلسة الثالثة والعشرين للجمعية العامة، أكد المستشار القانوني للأمم المتحدة ان الجمعية فسرت عبارة “تؤدي وظائف” الواردة في المادة 12 من الميثاق على انها تعني “تؤدي الوظائف في هذه اللحظة” (الجمعية العامة الثالثة والعشرون، اللجنة الثالثة، الاجتماع ،1637 A/C.3/SR.1637، الفقرة 9). وفي الواقع، تلاحظ المحكمة انه كان هناك ميل مطرد مع مرور الوقت لأن تتعامل الجمعية العامة ومجلس الأمن على نحو متواز مع الموضوع ذاته، في ما يتعلق بالمحافظة على السلام والأمن الدوليين (انظر على سبيل المثال الأمور المتعلقة بقبرص وجنوب افريقيا وانجولا وروديسيا الجنوبية، ومؤخراً، البوسنة والهرسك والصومال). وفي حين مال مجلس الأمن في كثير من الأحيان الى التركيز على جوانب تلك الأمور ذات الصلة بالسلام والأمن الدوليين، أخذت الجمعية العامة منحى أوسع بإبلائها الاهتمام للجوانب الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
28 - ترى المحكمة ان الاجراء المقبول للجمعية العامة حسب تطوره يتسق مع المادة ،12 الفقرة “1”، من الميثاق.
وبالتالي فإن المحكمة تتفق مع الرأي القائل ان الجمعية العامة بتبنيها القرار ES-10/14 وسعيها لرأي استشاري من المحكمة، لم يتعارض مع أحكام المادة، 12 الفقرة “1”، من الميثاق. وتتوصل المحكمة الى ان الجمعية العامة بتقديمها الطلب لم تتجاوز صلاحيتها.
29 - وقد تم أمام المحكمة تأكيد ان الطلب الحالي الخاص بتقديم رأي استشاري لم يف بالشروط الأساسية التي حددها القرار 377(V) والذي تمت بموجبه الدعوة لعقد الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة واستمرت في التصرف. وفي هذا الصدد، قيل أولاً ان “مجلس الأمن لم يحتفظ أبداً بمسودة قرار يقترح قيام المجلس ذاته بتقديم طلب الحصول على رأي استشاري من المحكمة حول الأمور التي يجري بحثها حالياً” وان ذلك الموضوع بعينه لم يتم طرحه أبداً أمام المجلس، وان الجمعية العامة لا تستطيع ان تعتمد على أي تراخ من جانب المجلس في تقدم طلب كهذا. وثانياً، قيل ان المجلس عندما تبنى القرار 1515 (2003) الذي صادق على “خريطة الطريق”، قبل تبني الجمعية العامة للقرار ES-10/14، استمر في ممارسة مسؤوليته للمحافظة على السلام والأمن الدوليين، ونتيجة لذلك لم يكن من حق الجمعية العامة التصرف بدلاً عنه. وقد تم أيضاً التحقق من صحة الاجراء الذي اتبعته الجلسة الخاصة الطارئة ولا سيما طابع الجلسة وحقيقة ان اجتماعها تمت الدعوة له للمداولة حول طلب تقديم الرأي الاستشاري في الوقت ذاته الذي تعقد فيه الجمعية العامة جلستها الدورية.
30 - وتذكر المحكمة بأن القرار 377(V) ينص على ان: “في حال أخفق مجلس الأمن بسبب عدم تحقق إجماع الأعضاء الدائمين في ممارسة مسؤوليته الأساسية المتمثلة في المحافظة على السلام والأمن الدوليين في أي قضية يبدو فيها تهديد للسلام وإخلال بالأمن او عمل عدواني، ويجب على الجمعية العامة ان تدرس الأمر على الفور بهدف تقديم توصيات ملائمة للأعضاء لاتخاذ اجراء جماعي...”.
ويقوم الاجراء الذي ينص عليه ذلك القرار على شرطين هما ان المجلس عجز عن ممارسة مسؤوليته الأساسية في المحافظة على السلام والأمن الدوليين نتيجة تصويت سالب من قبل عضو دائم واحد او أكثر، وان يكون الوضع منطوياً على تهديد للسلام وإخلال بالأمن العام او عمل عدواني. ويجب على المحكمة طبقاً لذلك ان تؤكد ما إذا كان هذان الشرطان قد تحققا في ما يتعلق بالدعوة لعقد الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة، وتحديداً في الوقت الذي قررت فيه الجمعية العامة طلب رأي استشاري من المحكمة.
31 - وفي ضوء تسلسل الأحداث الموضحة في القرات 18 الى 23 أعلاه، تلاحظ المحكمة انه في الوقت الذي تمت فيه الدعوة لعقد الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة في ،1997 كان المجلس غير قادر على اتخاذ قرار حول قضية مستوطنات “إسرائيلية” بعينها في الأرض الفلسطينية المحتلة بسبب تصويت سالب من قبل عضو دائم، وكان هناك حسبما هو موضح في القرار ES-10/2 (انظر الفقرة 19 أعلاه) تهديد للسلام والأمن الدوليين.
وتشير المحكمة أيضاً الى انه تمت في 20 اكتو بر/ تشرين الأول 2003 الدعوة مجدداً لعقد الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة للجمعية العامة على الأساس ذاته الذي تمت الدعوة لانعقادها عام 1997 (انظر بياني مندوبي فلسطين و”إسرائيل” A/ES-10/PV.21، الصفحتان 2 و5) بعد رفض مجلس الأمن مرة ثانية في 14 أكتوبر/تشرين النزول 2003 نتيجة تصويت سالب من قبل عضو دائم لمشروع قرار يتعلق ببناء “إسرائيل” الجدار ف يالارض الفلسطينية المحتلة، وترى المحكمة ان مجلس الأمن اخفق مرة أخرى في التصرف طبقاً لما هو متوقع في القرار 377(V). ولا يبدو للمحكمة ان الوضع في هذا الصدد تغير بين 20 أكتوبر/تشرين الأول 2003 و8 ديسمبر/كانون الأول 2003 بما ان المجلس لم يبحث بناء الجدار، ولم يتبن أي قرار في ذلك الخصوص. وبالتالي، فإن المحكمة ترى أن المجلس، ولغاية 8 ديسمبر/كانون الأول، 2003 لم يدرس مجدداً التصويت السالب الذي تم في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2003. وعقب ذلك، وخلال تلك الفترة تمت الدعوة مجدداً وأصولاً لعقد الجلسة الخاصة اطارئة العاشرة، وكان بالإمكان ان تكون مسئولة بموجب القرار 377(V)، عن القضية المطروحة حالياً أمام المحكمة.
32 - وتؤكد المحكمة أيضا انه، وفي سياق هذه الجلسة الخاصة الطارئة، تستطيع الجمعية العامة تبني أي قرار يقع ضمن اطار الموضوع الذي صدرت من أجله الدعوة لعقد الجلسة، أو ضمن صلاحياتها بما في ذلك قرار السعي لاستصدار رأي من المحكمة، ومما لا صلة له بالموضوع في ذلك الصدد انه لم يتم تقديم اقتراح لمجلس الأمن لطلب مثل ذلك الرأي.
33 - وبالتحول الآن إلى المخالفات الإجرائية الأخرى في الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة، لا ترى المحكمة ان طابع تلك الجلسة، ولا سيما حقيقة ان الدعوة لعقدها تمت في ابريل/نيسان 1997 وأعيدت الدعوة لعقدها 11 مرة منذ ذلك الوقت، لها أي صلة في ما يتعلق بصحة الطلب الذي تقدمت به الجمعية العامة. وتلاحظ المحكمة في ذلك الصدد ان الجلسة الخاصة الطارئة السابعة للجمعية العامة التي تمت الدعوة لعقدها في 22 يوليو/تموز 1980 أعيدت الدعوة لعقدها لاحقاً أربع مرات (في 20 ابريل 1980 و25 يونيو/حزيران 1982 و16 أغسطس/آب 1982 و24 سبتمبر/أيلول 1982) وان صحة مشاريع قرارات الجمعية أو قراراتها المتبناة في ظل تلك الظروف لم يكن مشكوكاً فيها أبداً. ولم يكن هناك شك أيضا في صحة أي مشاريع قرارات مسابقة تم تبنيها خلال الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة.
34 - وتلاحظ المحكمة أيضا رأي “إسرائيل” القائل ان إعادة الدعوة لعقد الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة غير صحيح حين تكون الجلسة العادية للجمعية العامة في حالة انعقاد، وترى المحكمة انه على الرغم من ان عقد الجمعية العامة جلسة طارئة وأخرى عادية في آن واحد ربما لا يكون صحيحاً، إلا أنه لم يتم تحديد قاعدة من قواعد المنظمة يمكن ان يؤدي عقد الجلستين المذكورتين في آن واحد إلى انتهاكها وبالتالي إلى إبطال القرار الذي يتبنى الطلب الحالي الخاص بالرأي الاستشاري.
35 - وأخيراً، يبدو أن الدعوة لعقد الجلسة الخاصة الطارئة العاشرة تمت وفقاً للقاعدة 9 (ب) من قواعد إجراءات الجمعية العامة، وان الاجتماعات ذات الصلة تمت الدعوة لها بمقتضى القواعد المعمول بها. وكما أوضحت المحكمة في رأيها الاستشاري المؤرخ 21 يونيو/حزيران 1971 الخاص بالتبعات القانونية على الدول جراء استمرار وجود جنوب افريقيا في ناميبيا (جنوب غرب افريقيا) على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 276 (1970) ان “قرار هيئة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة تم تشكيلها على نحو صحيح وأجيز طبقاً لقواعد إجراءات تلك الهيئة، وأعلنه رئيسها باعتبارها قراراً مجازاً يجب ان يفترض على أنه قد تم تبنيه على نحو صحيح”.
(تقارير محكمة العدل الدولية، 1971 الصفحة، 22 الفقرة 20). وفي ضوء ما سبق، لا تستطيع المحكمة ان ترى أي سبب لاستبعاد ذلك الافتراض في القضية الحالية.
36 - تتحول المحكمة الآن إلى موضوع آخر ذي صلة بالاختصاص القضائي في الإجراءات الحالية وتحديداً الرأي القائل إن طلب الجمعية العامة رأياً استشارياً ليس “قضية قانونية” ضمن مدلول المادة، 96 الفقرة “1” من الميثاق والمادة، 65 الفقرة “1” من قانون المحكمة، وقد رؤي في هذا الصدد انه لكي يشكل سؤال ما “قضية قانونية” لأغراض هذين الشرطين يجب ان يكون محدداً على نحو معقول، بما أنه لن يكون مؤهلاً خلافاً لذلك لإصدار رد من المحكمة بشأنه. وبالنسبة للطلب المقدم في الإجراءات الاستشارية الحالية، قيل إن من غير الممكن تحديد المدلول القانوني بتأكيد معقول للسؤال المطروح على المحكمة لسببين:
الأول هو ان السؤال المتعلق “بالتبعات القانونية” لبناء الجدار يسمح فقط بتفسيرين محتملين يؤدي كل واحد منهما لطريقة تصرف مستبعدة بالنسبة للمحكمة. ويمكن أولاً تفسير السؤال المطروح كطلب للمحكمة لتجد ان بناء الجدار غير قانوني وتعطي رأيها بعد ذلك حول التبعات القانونية لعدم القانونية المشار إليها. وفي هذه القضية رؤي ان على المحكمة ان ترفض الرد على السوال المطروح لعدة أسباب يتعلق بعضها بالاختصاص القضائي، والبعض الآخر بموضوع الملاءمة وفي ما يتعلق بالاختصاص القضائي، قيل انه اذا كانت الجمعية العامة ترغب في الحصول على رأي المحكمة حول القضية المعقدة والبالغة الحساسية الخاصة بقانونية بناء الجدار، فينبغي السعي صراحة للحصول على رأي بشأن ذلك الموضوع “قارن: تبادل السكان اليونانيين والأتراك، الرأي الاستشاري، ،1925 بيه.سي.آي.جيه، السلسلة “ب” الرقم 10 الصفحة 17”. وقد قيل ان التفسير الثاني المحتمل للطلب هو انه يتعين على المحكمة ان تفترض ان بناء الجدار غير قانوني ثم تعطي رأيها بعد ذلك حول التبعات القانونية لعدم القانونية المفترض، وقد رؤي انه ينبغي على المحكمة ان ترفض أيضا الرد على السؤال استناداً إلى هذه الفرضية بما ان الطلب عندئذ سيستند إلى افتراض قابل للشك فيه وسيكون من المستحيل في تلك الحال استبعاد التبعات القانونية لعدم القانونية من دون تحديد طبيعة عدم القانونية المشار إليها.
وثانياً، رؤي ان السؤال المطروح على المحكمة ليس له طابع “قانوني” بسبب غموضه وطبيعته النظرية، وقد قيل تحديداً في هذا الصدد ان السؤال لا يحدد ما اذا كانت المحكمة مطلوب منها توجيه التبعات القانونية إلى “الجمعية العامة أم إلى جهاز آخر تابع للأمم المتحدة” أم “الدول الأعضاء في الأمم المتحدة” أم “إسرائيل” أم “فلسطين” أم “كيان يضم بعض الجهات المذكورة أعلاه أم لكيان آخر”.
37 - وفي ما يتعلق بزعم عدم وضوح شروط طلب الجمعية العامة، وتأثيره على “الطبيعة القانونية” للسؤال المحال إلى المحكمة، تلاحظ المحكمة ان هذا السؤال متعلق بالتبعات القانونية الناتجة عن وضع واقعي محدد في ضوء أحكام ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك معاهدة جنيف الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين في زمن الحرب الموقعة بتاريخ 12 أغسطس/آب 1949 (يشار إليها في ما يلي ب “معاهدة جنيف الرابعة”).
والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة. وبالتالي، فإن السؤال المقدم من الجمعية العامة إذا شئنا استخدام عبارة المحكمة في رأيها الاستشاري حول الصحراء الغربية “صيغ بلغة القانون ويتناول مشكلات القانون الدولي”. وان هذا السؤال وبحكم طبيعته يتطلب إجابة تستند إلى القانون، وبرأي المحكمة ان للسؤال طابعاً قانونياً (انظر الصحراء الغربية، الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية، 1975 الصفحة، 18 الفقرة 15).
38 - توضح المحكمة أن عدم الوضوح في صياغة سؤال لا يحرم المحكمة من الاختصاص القانوني، وبالأحرى، ان عدم الوضوح هذا سيتطلب توضيحاً في التفسير وقد قدمت المحكمة على نحو متكرر تلك التوضيحات الضرورية للتفسير.
وفي الماضي، لاحظت المحكمة الدائمة والمحكمة الحالية في بعض القضايا ان صياغة طلب رأي استشاري لم توضح بدقة السؤال الذي تم السعي للحصول على رأي المحكمة بشأنه (تفسير الاتفاقية اليونانية التركية المؤرخة أول ديسمبر 1926 “البروتوكول النهائي، المادة (4)”، الرأي الاستشاري، ،1928 محكمة العدل الدولية الدائمة، السلسلة “ب”، رقم 16 (1)، الصفحات 14 إلى 16)، أو لم يتوافق مع “السؤال القانوني الحقيقي”. الذي يجري بحثه “تفسير اتفاقية 25 مارس/آذار 1951 بين منظمة الصحة العالمية ومصر، الرأي الاستشاري تقارير محكمة العدل الدولية، 1980 الصفحات 87 إلى، 89 الفقرات 34 إلى 36”، ولاحظت المحكمة في قضية واحدة ان “السؤال المطروح أمام المحكمة صيغ على نحو غير مناسب واتسم بالغموض” (طلب مراجعة الحكم رقم 273 الصادر عن المحكمة الإدارية التابعة للأمم المتحدة، الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية، 1982 الصفحة، 348 الفقرة 46).
ونتيجة لذلك، طلب من المحكمة في كثير من الأحيان توسيع وتفسير وإعادة صياغة الأسئلة المقدمة لها (انظر الآراء الثلاثة المذكورة أعلاه، وأنظر أيضا جاور زينة، الرأي الاستشاري، ،1923 محكمة العدل الدولية الدائمة، السلسلة ب، الرقم 8 “إمكانية قبول جلسات مقدمي العرائض من قبل اللجنة الخاصة بجنوب غرب افريقيا، الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية ،1956 الصفحة 25” نفقات بعينها من الأمم المتحدة (المادة ،17 الفقرة 2 من الميثاق)، الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية ،1962 الصفحات 157 162).
وفي الحالة الحاضرة، يتعين على المحكمة ان تقوم بما قامت به كثيراً في الماضي وتحديداً “توضيح المبادئ والأحكام القائمة وتفسيرها وتطبيقها، وبالتالي تقديم إجابة على السؤال المطروح لتستند إلى القانون” (قانونية التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها، تقارير محكمة العدل الدولية 1996 (1)، الصفحة، 234 الفقرة 13).
39 - وفي الحالة الحاضرة، وإذا طلبت الجمعية العامة من المحكمة بيان “التبعات القانونية” الناشئة عن بناء الجدار، فإن استخدام هذه الاصطلاحات يتضمن بالضرورة تقييماً لما إذا كان ذلك البناء ام لم يكن إخلالا بأحكام ومبادئ بعينها في القانون الدولي. وهكذا، فالمطلوب أولاً من المحكمة ان تحدد ما اذا كانت تلك الأحكام والمبادئ لا تزال عرضة للانتهاك جراء بناء الجدار بطول المسار المحدد له
40 - لا ترى المحكمة ان ما يشار إليها كطبيعة نظرية للسؤال المطروح عليها يثير قضية الاختصاص القضائي. وحتى عندما أثير الأمر كموضوع ملاءمة بدلاً من موضوع اختصاص قضائي، في القضية المتعلقة بقانونية التهديد بالأسلحة النووية او استخدامها، رأت المحكمة ان القول بأنه يتعين عليها عدم التعامل مع سؤال صيغ بعبارات نظرية هو “تأكيد محض يخلو من أي تبرير” وانه “يجوز للمحكمة ان تعطي رأياً استشارياً حول أي سؤال قانوني سواء كان نظرياً او خلافه” (تقارير محكمة العدل الدولية 1996 (1) صفحة، 236 الفقرة 15 التي تشير الى شروط قبول دولة في عضوية الأمم المتحدة (المادة 4 من الميثاق)، الرأي الاستشاري، ،1948 تقارير محكمة العدل الدولية 1947 ،1948 الصفحة ،61 تأثير قرارات التعويض التي اتخذتها المحكمة الإدارية التابعة للأمم المتحدة، الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية ،1954 الصفحة ،51 والتبعات القانونية على الدول جراء استمرار وجود جنوب افريقيا في ناميبيا (جنوب غرب افريقيا) على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 276 (1970)، الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية ،1971 الصفحة ،27 الفقرة 40). وعلى أي حال، ترى المحكمة ان السؤال المقدم إليها في ما يتعلق بالتبعات القانونية لبناء الجدار ليس سؤالاً نظرياً، ويتعين على المحكمة تحديد الجهات المتأثرة بتلك التبعات.
41 - وعلاوة على ذلك، لا تستطيع المحكمة قبول الرأي الذي تم تقديمه خلال الإجراءات الحالية والذي يقول انها لا تتمتع بالاختصاص القضائي بسبب الطابع “السياسي” للسؤال المطروح، وكما يتضح من اختصاص المحكمة القائم منذ زمن بعيد حول هذه النقطة، ترى المحكمة ان السؤال القانوني له أيضاً جوانب سياسية.
“كما هو الحال، وفي طبيعة الأشياء، في كثير من الأسئلة التي تثار في الحياة الدولية، لا يكفي لحرمان السؤال من كونه “سؤالاً قانونياً” وحرمان “المحكمة من صلاحية مخولة إياها بموجب قانونها الأساسي (طلب مراجعة الحكم رقم 158 الصادر عن المحكمة الإدارية للأمم المتحدة، الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية، 1973 الصفحة، 172 الفقرة 14). وأياً كانت جوانبه السياسية، لا تستطيع المحكمة ان ترفض قبول الطابع القانوني لسؤال يدعوها لتولي مهمة قضائية أساساً وتحديداً تقييم قانونية سلوك محتمل للدول في ما يتعلق بالالتزامات المفروضة عليها بموجب القانون الدولي (قارن: شروط قبول دولة في عضوية الأمم المتحدة (المادة 4 من الميثاق)، الرأي الاستشاري، 1948 تقارير محكمة العدل الدولية 1947 ، 1948 الصفحتين 61 و62 “صلاحية الجمعية العامة لقبول دولة في الأمم المتحدة، الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية، 1950 الصفحتين 6 و7. نفقات بعينها على الأمم المتحدة (المادة، 17 الفقرة 2 من الميثاق)، الرأي الاستشاري، تقارير محكمة العدل الدولية، 1962 الصفحة 155)” (قانونية التهديد بالأسلحة النووية او باستخدامها، تقارير محكمة العدل الدولية 1996 (1)، الصفحة، 234 الفقرة 13).
وفي رأيها الخاص بتفسير الاتفاقية المؤرخة 25 مارس/ آذار 1951 بين منظمة الصحة العالمية ومصر أكدت المحكمة انه “في الأوضاع التي تكون فيها الاعتبارات السياسية سائدة ربما يكون ضرورياً على نحو خاص لمنظمة دولية ان تحصل على رأي استشاري من المحكمة في ما يتعلق بالمبادئ القانونية المعمول بها بالنسبة للموضوع قيد النقاش” (تقارير محكمة العدل الدولية، 1980 الصفحة، 87 الفقرة 33). وعلاوة على ذلك، أكدت المحكمة في رأيها بشأن قانونية التهديد بالأسلحة النووية او باستخدامها ان “الطابع السياسي للدوافع التي ربما يقال انها أدت لتقديم الطلب، وردود الأفعال السياسية التي ربما ينطوي عليها الرأي المقدم، لا صلة لها عند تحديد مدى تمتعها بالاختصاص القضائي لتقديم رأي كهذا” (تقارير محكمة العدل الدولية 1996 (1) الصفحة، 234 الفقرة 13). وترى المحكمة انه لا يوجد عنصر في الإجراءات الحالية يمكن ان يدفعها الى التوصل لنتيجة أخرى.
42 - تتمتع المحكمة بالتالي بالاختصاص القضائي لإعطاء الرأي الاستشاري المطلوب بموجب القرار ES-10/14 الصادر عن الجمعية العامة.
43 - اعترض البعض خلال الوقائع الحالية بالقول انه ينبغي على المحكمة ان تمتنع عن ممارسة صلاحيتها القضائية بسبب وجود جوانب معينة في طلب الجمعية العمومية من شأنها ان تفسر ممارسة الصلاحية القضائية للمحكمة بأنها غير ملائمة ولا تنسجم مع الوظيفة القضائية للمحكمة.
44 - ذكرت المحكمة مرات عديدة في الماضي ان المادة 65 فقرة ،1 من نظامها الأساسي التي تنص على ان “المحكمة يمكن ان تعطي رأياً استشارياً...” (مع التشديد على كلمة “يمكن”)، ينبغي تفسيرها بأنها تعني ان للمحكمة سلطة اجتهادية تخولها الامتناع عن اعطاء رأي استشاري حتى مع تلبية شروط سلطتها القضائية (شرعية التهديد باستخدام الأسلحة النووية او استخدامها، رأي استشاري، تقارير محكمة العدل الدولية 1996 (I)، صفحة 234 فقرة 14). ولكن المحكمة واعية لحقيقة ان ردها على طلب للحصول على رأيها الاستشاري “يمثل مشاركتها في نشاطات المنظمة، ولا ينبغي رفضه من حيث المبدأ” (تفسير معاهدات السلام مع بلغاريا، هنغاريا، ورومانيا، المرحلة الأولى، رأي استشاري، تقارير منظمة العدل الدولية ،1950 صفحة ،71 انظر كذلك، على سبيل المثال، الاختلاف المتعلق بالحصانة عن العملية القانونية لمبعوث خاص للجنة حقوق الانسان، رأي استشاري، تقارير محكمة العدل الدولية 1999 (I)، ص 78 ،79 فقرة 29). والمحكمة، مع الأخذ في الاعتبار مسؤوليتها باعتبارها “الأداة القضائية الأساسية للأمم المتحدة (مادة 92 من الميثاق)، ينبغي عليها من حيث المبدأ ألا تتقاعس عن اعطاء رأي استشاري. وانسجاماً مع فلسفتها التشريعية الثابتة، فإن “الأسباب القاهرة” فقط تؤدي بالمحكمة الى ان تحجب رأيها.
(تكاليف معينة للأمم المتحدة (مادة 17 فقرة ،2 من الميثاق، رأي استشاري تقارير محكمة العدل الدولية، ،1962 ص ،155 انظر كذلك، على سبيل المثال، الاختلاف المتعلق بالحصانة عن العملية القانونية لمبعوث خاص للجنة حقوق الانسان، رأي استشاري، تقارير محكمة العدل الدولية 1999 (I)، ص 78 ،79 فقرة 29).
لم يسبق للمحكمة الحالية أبداً، في ممارسة هذه السلطة الاجتهادية، ان امتنعت عن الاستجابة لطلب رأي استشاري. وكان قرارها بعدم اعطاء رأي استشاري حول (استخدام إحدى الدول أسلحة نووية في صراع مسلح)، الذي طلبته منظمة الصحة العالمية، مبنياً على افتقار المحكمة الى السلطة القضائية، لا على اعتبارات الأهلية القضائية (انظر تقارير محكمة العدل الدولية 1999 (I)، ص 235 فقرة 14). وفي مناسبة واحدة فقط ارتأت سلف محكمة العدل الدولية، وهي (المحكمة الدائمة للعدل الدولي)، انه ينبغي عليها ألا ترد على طلب تقدم إليها (وضع كاريليا الشرقية، رأي استشاري، ،1923 المحكمة الدائمة للعدل الدولي، سلسلة ب، عدد 5)، ولكن ذلك كان يعود الى:
45 - هذه الاعتبارات لا تعفي المحكمة من واجب الوفاء بشروطها، في كل مرة تطالب بإعطاء رأي، من ناحية صلاحيتها لممارسة وظيفتها القضائية، بالإشارة الى معيار “الأسباب القاهرة”. ويجب على المحكمة بناء على ذلك ان تتفحص بدقة وعلى ضوء فلسفتها التشريعية كل واحدة من الحجج المقدمة إليها بهذا الخصوص.
46 - أولى الحجج المماثلة لهذه تتعلق بأن المحكمة لا ينبغي ان تمارس صلاحيتها في القضية الحالية لأن الطلب يتعلق بمسألة شائكة بين “إسرائيل” وفلسطين، لم تقبل “إسرائيل” فيها بممارسة المحكمة صلاحيتها وحسب وجهة النظر هذه، فإن موضوع بحث المسألة التي تعرضها الجمعية العمومية “جزء مكمل للصراع “الإسرائيلي” الفلسطيني الأشمل، الذي يتعلق بمسائل الإرهاب، والأمن، والحدود، والمستوطنات، والقدس، وغيرها من القضايا ذات العلاقة”. وقد أكدت “إسرائيل” أنها لم تقبل أبداً بتسوية هذا الصراع الأشمل من قبل المحكمة او من قبل أي وسيلة أخرى من وسائل فرض الأحكام القضائية، وعلى العكس تحتج بأن الأطراف اتفقت بصورة متكررة على ان هذه القضايا ينبغي تسويتها بالتفاوض، مع إمكانية ان يؤول الأمر الى التحكيم. وبناء على ذلك يجادل بالقول ان المحكمة ينبغي ان تتجنب اعطاء الرأي الحالي، على أساس أمور من بينها سابقة قرار (المحكمة الدائمة للعدل الدولي) بشأن وضع كاريليا الشرقية (التي كانت محل نزاع بين روسيا وفنلندا المترجم).
47 - تراعي المحكمة ان غياب الاتفاق على اختصاصات المحكمة المثيرة للخلاف بين الدول المعنية، ليس له تأثير على اختصاص المحكمة في اعطاء رأي استشاري. ففي رأي استشاري سنة 1950 أوضحت المحكمة ان:
“رضا الدول، التي هي أطراف في نزاع ما، هو أساس اختصاص المحكمة في القضايا الشائكة. والأمر يختلف فيما يتعلق بالإجراءات الاستشارية حتى حين يكون طلب الرأي متعلقاً بمسألة قانونية معلقة بين الدول في واقع الأمر. وليس لرد المحكمة سوى صفة استشارية: وعليه فليس لديه قوة الالزام. ويتبع ذلك، انه ما من دولة، سواء كانت عضواً في الأمم المتحدة أم لم تكن، تستطيع ان تمنع اعطاء رأي استشاري، تعتبره الأمم المتحدة مرغوباً فيه من أجل الحصول على تبصرة فيما يتعلق بمسار الاجراء الذي ينبغي عليها اتخاذه. ورأي المحكمة لا يعطى للدول، بل للأداة المخولة طلبه، ورد المحكمة، التي هي نفسها “أداة من أدوات الأمم المتحدة”، يمثل مشاركتها في نشاطات المنظمة، وينبغي عدم رفضه من حيث المبدأ”. (تفسير معاهدات السلام مع بلغاريا، وهنغاريا، ورومانيا، المرحلة الأولى، رأي استشاري، تقارير محكمة العدل الدولية، 1950 ص 71؛ انظر كذلك الصحراء الغربية، تقارير محكمة العدل الدولية، 1975 صفحة،24 فقرة 31).
يتبع ذلك، أن المحكمة، في تلك الوقائع، لم ترفض الاستجابة لطلب إصدار رأي استشاري على أساس انها، في تلك الظروف الخاصة، تفتقر إلى السلطة القضائية. ولكن المحكمة تفحّصت معارضة دول معينة للطلب من قبل الجمعية العمومية في سياق قضايا اللياقة القضائية.
وفي معرض التعليق على قرارها لسنة، 1950 شرحت المحكمة في رأيها الاستشاري المتعلق بالصحراء الغربية انها كانت “ولذلك.. قد اعترفت بأن غياب الرضا قد يشكل أساساً للامتناع عن اعطاء الرأي المطلوب، إذا كانت اعتبارات اللياقة القضائية ستجبر المحكمة على رفض الرأي ضمن ظروف حالة معينة وتابعت المحكمة القول: “في ظروف معينة.. قد يجعل غياب رضا دولة معينة اعطاء رأي استشاري غير متلائم مع الشخصية القضائية للمحكمة. وتنشأ مثل هذه الحالة عندما تكشف الظروف ان اعطاء جواب سيكون له أثر الالتفاف على المبدأ الذي يقول ان أي دولة ليست مضطرة إلى السماح بعرض نزاعات للتسوية القضائية من دون رضاها”. (الصحراء الغربية، تقارير محكمة العدل الدولية ،1975 ص ،25 الفقرتان 32 33).
في تطبيق ذلك المبدأ على الطلب المتعلق بالصحراء الغربية، وجدت المحكمة ان تناقضاً قانونياً موجود فعلاً، ولكنه تناقض نشأ أثناء مداولات الجمعية العمومية، وفيما يتعلق بالمسائل التي كانت الجمعية تتعامل معها. ولم ينشأ بشكل مستقل في علاقات ثنائية (المرجع السابق، ص 25 فقرة 34).
48 - فيما يتعلق بطلب الرأي الاستشاري المعروض على المحكمة الآن، تعترف المحكمة بأن “إسرائيل” وفلسطين عبّرتا عن آرائها المختلفة اختلافاً جذرياً في العواقب القانونية المترتبة على بناء “إسرائيل” للجدار، الذي طُلب من المحكمة ان تصدر حكمها فيه. ولكن المحكمة ذاتها لاحظت أن “الخلافات في وجهات النظر.. في القضايا القانونية، كانت موجودة في واقع الأمر في كل اجراء استشاري” (العواقب القانونية لحالات استمرار وجود جنوب افريقيا في ناميبيا (جنوب غرب افريقيا) على الرغم من قرار مجلس الأمن رقم 276 (1970) رأي استشاري، تقارير محكمة العدل الدولية، 1971 ص، 24 فقرة 34).
49 - علاوة على ذلك، لا تعتبر المحكمة ان موضوع بحث طلب الجمعية العمومية يمكن اعتباره مجرّد مسألة ثنائية بين “إسرائيل” وفلسطين. ومع أخذ سلطات ومسؤوليات الأمم المتحدة في الاعتبار، في المسائل التي تتعلق بالسلام والأمن العالميين، فإن رأي المحكمة هو أن بناء الجدار يجب اعتباره محط اهتمام مباشر للأمم المتحدة. وتنبع مسؤولية الأمم المتحدة في هذه المسألة من الانتداب وقرار التقسيم المتعلق بفلسطين (انظر الفقرتين ،70 71 فيما يلي).
وقد وُصفت هذه المسؤولية من قبل الجمعية العمومية بأنها “مسؤولية دائمة نحو المسألة الفلسطينية حتى حين حلّ هذه المسألة في جميع جوانبها بطريقة مرْضية بالانسجام مع الشرعية الدولية” (قرار الجمعية العمومية 57/107 في 3 ديسمبر/كانون الأول 2002). وضمن الإطار المؤسسي للمنظمة، تجلّت هذه المسؤولية في تبني العديد من قرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية، وفي إيجاد الكثير من هيئات الإعانة التي انشئت خصيصاً للمساعدة في تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني التي لا يمكن تحويلها لغيره.
50 - الهدف من الطلب المقدم إلى المحكمة، هو الحصول منها على رأي تعتبره الجمعية العمومية مساعداً لها في ممارسة وظائفها على نحو ملائم. والرأي مطلوب في مسألة تحوز على الاهتمام الشديد بوجه خاص من قبل الأمم المتحدة، وتقع ضمن إطار مرجعي أوسع بكثير من نزاع ثنائي. وفي هذه الظروف، لا تعتبر المحكمة ان إعطاء رأي سيكون له أثر الالتفاف على مبدأ الرضا بتسوية قضائية، وان المحكمة لا تستطيع بناء على ذلك، في ممارسة سلطتها القضائية، ان ترفض إعطاء رأي على ذلك الأساس.
51 - تتحوّل المحكمة الآن إلى حجة أخرى تُرفع في المداولات الحالية دعماً لوجهة النظر التي تقول انه ينبغي عليها الامتناع عن ممارسة اختصاصها. وقد حاجج بعض المشاركين بأن الرأي الاستشاري من المحكمة بشأن شرعية الجدار والعواقب القانونية لبنائه قد يُعيق التوصل إلى حل سياسي متفاوض عليه للصراع “الإسرائيلي” الفلسطيني. وعلى نحو أكثر تحديداً اعتُرض على ان مثل ذلك الرأي يمكن ان يقوّض خطة “خريطة الطريق” (انظر الفقرة 22 أعلاه)، التي تطالب “إسرائيل” وفلسطين بتلبية التزامات معيّنة في مراحل مختلفة مشار إليها في الخطة. وقد زُعم ان الرأي المطلوب قد يعقّد المفاوضات المتصورة في “خريطة الطريق”، ولذلك ينبغي على المحكمة ان تمارس صلاحياتها وترفض الردّ على السؤال المطروح.
وهذا طرح من النوع الذي اضطر المحكمة حتى الآن إلى التفكير فيه مرات عديدة في الماضي. على سبيل المثال، في رأيها الاستشاري حول (شرعية التهديد باستعمال الأسلحة النووية، أو استعمالها) ذكرت المحكمة:
“طُرح أنّ.. صدور ردّ من المحكمة في هذه القضية قد يؤثر عكسياً على مفاوضات نزع السلاح، وانه من ثمّ، سيكون مناقضاً لمصلحة الأمم المتحدة. والمحكمة على علم بأنّ استنتاجاتها التي تتوصل إليها في أي رأي نعطيه، ستكون ذات علاقة بالجدل المتواصل حول المسألة في الجمعية العمومية، وسوف تقدّم عاملاً إضافياً في المفاوضات بشأن هذه المسألة. وابعد من ذلك، فإن اثر الرأي مسألة تفهّم وتقدير. فقد استمعت المحكمة للمواقف المتناقضة التي تم تقديمها، ولا توجد معايير واضحة يمكن لها بواسطتها أن تفضّل تخميناً على غيره”. (تقارير محكمة العدل الدولية 1996 (I)، ص 237 فقرة 18؛ انظر كذلك الصحراء الغربية، تقارير محكمة العدل الدولية، 1975 ص ،37 فقرة 73).
52 - أشار أحد المشاركين في المداولات الحالية إلى ان المحكمة، إذا كانت ستعطي رداً على الطلب، ينبغي عليها في كل الأحوال ان تفعل ذلك وهي تضع في ذهنها “جانبين رئيسيين من جوانب عملية السلام: الأول هو المبدأ الأساسي الذي يقول ان قضايا الوضع الدائم يجب حلّها من خلال المفاوضات؛ وحاجة جميع الأطراف خلال الفترة الانتقالية، إلى القيام بمسؤولياتها الأمنية بحيث يمكن لعملية السلام ان تنجح”.
53 - تعي المحكمة إن “خارطة الطريق” التي صادق عليها مجلس الأمن في القرار 1515 (2003) (انظر الفقرة 22 أعلاه)، تشكل إطارا تفاوضياً لحل النزاع “الإسرائيلي” الفلسطيني. ولكنّه ليس واضحاً ما هو التأثير الذي سيكون لرأي المحكمة على هذه المفاوضات: فقد عبّر المشاركون في المداولات الحالية عن وجهات نظر متعارضة بهذا الخصوص. ولا تستطيع المحكمة اعتبار هذا العامل سبباً قاهراً للتخلي عن ممارسة سلطتها.
54 - طرح مشاركون معينون كذلك على المحكمة أن مسألة بناء الجدار كانت جانباً واحداً فقط من جوانب النزاع “الإسرائيلي” الفلسطيني، الذي لا يمكن تناوله على نحو ملائم في المداولات الحالية، ولكن المحكمة لا تعتبر ذلك سبباً يحفزها إلى الامتناع عن الرد على السؤال المطروح. والمحكمة تعلم حقاً بأن مسألة الجدار، جزء من كلّ أكبر، وسوف تأخذ هذا الظرف بعين الاعتبار وبعناية في أي رأي قد تعطيه. وفي الوقت ذاته، فإن السؤال الذي اختارت الجمعية العمومية لبناء الجدار، وستكتفي المحكمة بتفحّص القضايا الأخرى بقدر ما هي ضرورية لدراستها للسؤال المطروح عليها.
55 - طرح كثيرون من المشاركين في المداولات الحجة الأخرى وهي انه ينبغي على المحكمة ان تمتنع عن ممارسة اختصاصها لأنها لا تملك تحت تصرفها الحقائق والأدلة اللازمة لكي تتوصل إلى استنتاجها وبوجه خاص، اعترضت “إسرائيل”، مشيرة إلى الرأي الاستشاري الخاص بتفسير معاهدات السلام مع بلغاريا وهنغاريا ورومانيا، وقالت إن المحكمة لا تستطيع اعطاء رأي في القضايا التي تثير أسئلة عن الحقائق التي لا يمكن توضيحها من دون الاستماع إلى جميع أطراف النزاع. وطبقاً لما تقوله “إسرائيل”، إذا قررت المحكمة ان تعطي الرأي المطلوب، فسوف تكون مضطرة إلى التأمل في حقائق أساسية، واجراء افتراضات بشأن حجج قانونية. وبتحديد أكثر، جاءت “إسرائيل” بالقول ان المحكمة لا تستطيع الحكم في النتائج القانونية لبناء الجدار من دون البحث والتقصّي، أولاً، في طبيعة ومدى الخطر الأمني الذي يستهدف الجدار الاستجابة له، وفاعلية تلك الاستجابة، وثانياً، في اثر بناء الجدار على الفلسطينيين. وهذه المهمة التي ستكون حتى الآن صعبة في قضية مشاكسة، ستكون معقدة على نحو إضافي في اجراء استشاري، بخاصة وان “إسرائيل” وحدها تملك معظم المعلومات الضرورية، وأنها ذكرت أنها اختارت ان لا تتناول الاستحقاقات. واستنتجت “إسرائيل” كذلك ان المحكمة، التي تواجه قضايا تتعلق بالحقائق يستحيل، استجلاؤها في المداولات الحالية، ينبغي عليها ان تستخدم تعقّلها وتمتنع عن الامتثال لطلب مثل هذا الرأي الاستشاري. |