السلام عيكم ورحمة الله وبركاته
زملائي وزميلاتي
ارفق لكم نسخة من إحدى بحوثي التي قدمتها إلى لجنة حقوق الإنسان وأرجو من الجميع أن يتسع صدره في الاطلاع عليه وإبداء الرأي وإنني أعلمكم مرة ثانية عندما أدافع عن بلدي أنا لا أدافع على نظام الحكم وإنما أنا أدافع عن العراق فأتمنى أن لا تربطوا بحثي هذا في دفاعي عن بلدي لأنني أدافع عن الإنسانية جميعا إلى أهلي وناسي واهلكم وناسكم بالرغم من علمي الأكيد ويقيني بكم إنكم جميعا أهلي وناسي .
هجرة الأكاديميين العراقيين والعرب وأسباب هجرة هذه العقول
مقدمة
-------
لعل من أهم القواعد الأساسية لتطور المجتمعات والدول وبناء مقومات دولة المؤسسات الدستورية هو احترام الحريات الأكاديمية وصيانتها وعدم تأسيس التعليم أو عسكرته وهذا الموضوع له صلة وطيدة مع احترام حقوق الإنسان وخضوع الدولة والأفراد للقانون . والمقصود بالحرية الأكاديمية هي حرية أعضاء الهيئة الأكاديمية للوصول إلى مختلف علوم المعرفة والتطورات العلمية وتبادل المعلومات والأفكار والدراسات والبحوث والإنتاج والتأليف والمحاضرات وفي استعمال مختلف وسائل التطور الحديثة ودون تقييد أو حواجز أو وصولا لخير المجتمع والإنسان أي نقصد بذلك رفع القيود عن الباحثين والمفكرين وأساتذة الجامعات والمعاهد في توفير المعلومات والاطلاع عليها وفي إبداء الآراء ومناقشتها ونقدها ورفع قيود التأليف والإبداع الفكري عنهم وصولا إلى التطور العلمي الذي يهدف إلى خدمة الإنسان وهذا الأمر جزء مهم من حقوق البشر في حقهم بالمعرفة الثابت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدساتير والقوانين . ولذلك اصبح مفهوم الحرية الأكاديمية من الالتزامات الدولية والقانونية على الدول ووجوب مراعاتها واحترامها . ولا نقصد بذلك إشاعة الفوضى وإنما تعزيز مقومات الإبداع الفكري والبحث العلمي ضمن أسس وقواعد النظام العام والآداب العامة وقيم المجتمع المتعارفة ووفقا للقانون . وهذه الحريات الأكاديمية يتمتع بها الجميع مهما كانت أعراقهم ومذاهبهم ومعتقداتهم السياسية ولا دخل للوم بشرتهم في ذلك ولا يجوز أن تكون دياناتهم أو جنسهم أو أي اعتبار آخر مانع من موانع الوصول إلى المعرفة لأنها حق للجميع فلكل شخص الحق في حرية التفكير وحرية التعبير والضمير والوصول إلى مصادر المعرفة المختلفة . وقد نصت المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير . ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل . واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وأذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافية ) غير انه قد ثبت أن الأنظمة الدكتاتورية – ومنها النظام العراقي على سبيل المثال – تضع القيود والموانع المختلفة على مصادر المعرفة أهدرت وتهدر الحريات الأكاديمية بهدف تطبيق سياساتها القمعية وتوطيد دعائم فلسفتها الاستبدادية في محاربة كل قنوات الفكر والحرية العلمية والتفكير الحر وأشكال الإبداع والتأليف والبحث العلمي إلا ما يتناسب ونمط الحكم الدكتاتوري مثل الثقافة الشمولية وفرض العقيدة أو المذهب السياسي وعسكرة الثقافة المقترنة بثقافة الخوف وعبادة الفرد لان حرية التفكير والإبداع ورفع القيود عن مصادر المعرفة هي العدو الأول للأنظمة الدكتاتورية وهي مصدر الخطر على وجودها . ولكون الإنسان ميال بطبعه إلى الحرية والبحث عن الحقيقة والمعرفة والتخلص من القيود الفكرية التي تحجر التفكير الإنساني أو تقمعه , ولان البشر يحبون السلام والأمن والاستقرار ويرفضون القمع والعبودية والاستبداد . وخاصة أصحاب العقول أو شغيلة الفكر والشباب والأكاديميين فقد غادروا عشرات الآلاف من الدول العربية وخصوصا دول الحروب مثل العراق منهم بحثا عن الأمن والأمان والحرية وتطلعا إلى بناء مستقبل افضل وتطلعا إلى ممارسة حقهم الإنساني في العيش بسلام واستقرار وأنا من بينهم وهو من المؤشرات الخطيرة على إهدار الحقوق والحريات الأكاديمية في العراق والبلدان العربية الأخرى ولان هذا الموضوع له صلة وطيدة بالعقول التي هاجرت من بلدانها فلا بد من التركيز في الكلام عليها لأنها ثروة مهمة لتلك الدولة ليس من السهل تعويضها . فقد اضطر الآلاف من دول الحروب والعراق بشكل خاص من ركوب البحر والبر والجو وتحمل المخاطر وصولا إلى شاطئ الأمان والحرية ووصولا لمجتمع يسود فيه القانون بعد أن ذاقوا صنوف العذاب والاضطهاد والاستبداد . فمات من مات وهلك من هلك ووصل من وصل إلى بلدان العالم المختلفة حتى بلغ عدد اللاجئين العراقيين على سبيل المثال في دول أو روبا واسكندنافيا رقما لا يستهان به وانه قد عبر المئات الآلاف بل وعبر المليون وكان من بينهم خيرة أهل للعراق في الثقافة والعلوم والقضاء ومن بينهم القضاة والأطباء وأساتذة الجامعات والوزراء السابقين والضباط من مختلف الرتب ومن مختلف الصنوف ومن كل الأعمار والمهن والكفاءات . ولذلك فقد حصلت بفعل النظام وسياسته القمعية والدكتاتورية اكبر هجرة في تاريخ العراق الحديث والدول العربية والشرق الأوسط .
ونظرا لوجود ظاهرة إهدار الحقوق الحرية والحريات الأكاديمية في العراق بصورة كبيرة وتزايد إشكال القمع بصورة خطيرة في الوسط العلمي والجامعي وضد المفكرين والأدباء والفنانين والشباب وغيرهم . لابد من إلقاء الضوء على أهم نتيجة من نتائج إهدار الحقوق والحريات الأكاديمية في العراق وهي هجرة العقول من العراق بشكل لم يثبت له مثيل ومحاولة التعرف على بعض أسبابها وسبل معالجتها لوصول طرق الاحترام الحريات الأكاديمية في عراق المستقبل القائم على احترام حقوق الإنسان والتعددية الدينية والمذهبية والعرقية والسياسية والفكرية وأهمها الأمنية في ضل دولة القانون والمؤسسات.
وقبل أن ندخل في الموضوع لا بد من القول إن للاستقرار السياسي واجب جميع العراقيين ويجب أن تكون حكومة مركزية بدون تقسيم ويكون مقرها الرئيسي في بغداد العاصمة وتكون تحت برلمان منتخب مثلهم مثل الحكومات والبرلمانات الأوربية وهذا ما سيكون النظام الجديد على الحكومات في الشرق الأوسط وتوفير الحرية الكاملة في التعبير وإبداء الرأي والتأليف والإبداع والوصول إلى مصادر المعرفة وتوفير وسائل الاتصال واحترام الحرية الأكاديمية وكان المفترض على دول العرب أن تفتح أبوابها واستقطاب العقول العراقية والكفاءات المهاجرة من الأطباء والمهندسين والقضاة والأساتذة الجامعيين والأدباء والفنانين وكل العقول وتشجيعها لتوظيف خبراتها وكفاءتها لخدمة العرب وحكوماتهم والقيام بنهضة علمية وفكرية وثقافية .
وفي حزيران من عام 1999 اصدر الرئيس العراقي قرارا بالعفو العام عن كافة الكفاءات الذين غادروا العراق بطريقة غير مشروعة وإسقاط كافة الإجراءات القانونية المترتبة عليهم بعد عودتهم إلى العراق واعتبر هذا القرار مكرمة من مكارم الرئيس العراقي وكأنه يوزع المكارم من أهله ولا يتصور من خرج من العراق قد قطع تذكرة ألا عودة إلى العراق ما دام نظام الحكم باق في مكانه وهذا ما اضعف النظام العراقي وان هذا القرار يمس الألوف أو عشرات الألوف من العقول العراقية التي كانت تدير المؤسسة العراقية وبكافة مراحلها وقد غادرتها لعدة أسباب وظروف منها سياسية ومنها اقتصادية أو اجتماعية أو الأمنية ولانعدام ضمانات الحياة وانتهاكات حقوق الإنسان وإهدار الحقوق والحريات الأكاديمية بكل صورها أو لظروف عديدة لا يتسع المجال هنا لذكرها مفصلا حيث أن الكثير معروفة للجميع لا بد للقول إن هناك اكثر من 5 مليون عراقي أو اكثر قد غادروا العراق منذ عام 1980 ولحد الآن وهي فترة حكم الرئيس العراقي الموجود في سدة الحكم الآن وكانت المغادرة قهرا أو طوعا أو تهجيرا خلافا لقواعد القانون الدولي وانتشروا في كل بقاع الأرض بأوصاف متعددة . كما إن البعض منهم غادر ضمن وفود رسمية وفضل البقاء في المنفى وأنا من ضمنهم وعدم العودة للعراق إطلاقا بالرغم من إن حكومات عربية وخليجية كانت ترغب الاستفادة من خبرتي ولكن كنت اعلم علم اليقين إن يد النظام في الدول العربية والخليجية تطول من تريد وكائن من كان ففضلت أوروبا واعدت بناء مستقبلي من جديد وبالرغم من فقداني لزوجتي وابني ولكن لا أستطيع البقاء ببلد النائم فيه مفقود والصاحي موجود بحذر وترقب دون أن يفعل شيء أو ذنب يذكر وأنني اعتبر حالتي من ضمن الظواهر المعروفة من المثقفين العرب تخص هجرة العقول من البلدان العربية لأسباب كثيرة . لعل أهمها تباين احترام حقوق الإنسان في هذه البلدان . عدا الظروف الاقتصادية والسياسية وإهدار الحقوق والحريات الأكاديمية والعوامل الأخرى . فان الذي يلفت الانتباه هو هجرة العقول العراقية من هذا البلد ومحاولة ( مسك الحقيقة من ذيلها ) كما يقال دون الوقوف على الأسباب الجوهرية للمشكلة القائمة ودون تدارك حقيقة الخطر على مستقبل العراق وأجياله في هدر هذه الثروة على الإنسان والدولة والمجتمع وعلى رؤوس الأموال أيضا لعدم توفر الاستقرار آنذاك وبسبب ظروف الحروب .وعانت بلدان المنطقة أيضا من هذه المشكلة بفعل عوامل عديدة منها الاستقرار الأمني والاستقرار السياسي والاقتصادي وعوامل أخرى لا تعد . ولغرض إلقاء الضوء بحرية على هذه المشكلة الوطنية والقومية . لأنها ثروة ثمينة لا بد من الحفاظ عليها. يلزم منا التعرف أولا على المقصود بالعقول العراقية وثانيا بيان أسباب هجرتها وثالثا إعطاء بعض الحلول والتصورات عسى أن تنفع في حل المشكلة وتسهم في الهجرة المعاكسة إلى بلدها والطيور المهاجرة تعود إلى أعشاشها بالرغم من أنني استبعد ذلك ولكنني أتمناه .
سيكون الجزء الأكبر بعد إكمال ترجمته إلى العربية
القسم الأول . تحديد المقصود بالعقول العراقية المهاجرة
القسم الثاني أسباب هجرة هذه العقول
وللجميع الرأي وإنني موافق على الانتقاد ايضا
أخوكم
المحامي
مهيمن النعيمي