اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
مشرف المنتدى
التاريخ
5/17/2022 11:48:30 AM
  دور النيابة العامة فى حماية الاقتصاد الوطنى      

دور النيابة العامة فى حماية الاقتصاد الوطنى أحمد عبد الظاهر انشغل المجتمع المصرى مؤخراً بما أثير حول احتواء أحد أنواع الشوكولاتة ألمانية الصنع على بذور الخشخاش، حيث اشتهر الموضوع فى وسائل الإعلام باسم «شوكولاتة الخشخاش». وتسببت إثارة الموضوع فى جدل واسع فى الأوساط الإعلامية والشعبية، وأكد جهاز حماية المستهلك التحفظ على سبعة آلاف وخمسمائة قطعة من هذه الشوكولاتة لتحليلها. وغنىّ عن البيان أن إثارة الموضوع عبر وسائل التواصل الاجتماعى وفى وسائل الإعلام قد أدت إلى التأثير سلباً على الشركة المستوردة لهذا النوع من أنواع الشوكولاتة، وربما امتد التأثير إلى الشوكولاتة بجميع أنواعها. وبعد التحقيق فى الموضوع، أكدت النيابة العامة عدم احتواء الشوكولاتة على أى مواد مخدرة. وعلى الصعيد العربى، وتحديداً فى دولة الإمارات العربية المتحدة، وفى شهر نوفمبر 2021م، أمرت نيابة الأموال العامة الاتحادية بحبس رئيس مجلس إدارة شركة الاتحاد العقارية احتياطياً على ذمة التحقيق، وذلك بناء على شكوى مقدمة من هيئة الأوراق المالية والسلع. وفى رسالة موجهة إلى الرئيس التنفيذى لهيئة الأوراق المالية والسلع، قالت النيابة إنها باشرت التحقيق مع المتهم، وإن القضية قيد التحقيق. وبناء على تعليمات هيئة الأوراق المالية والسلع باتخاذ اللازم نحو الإفصاح عن كتاب النيابة العامة على موقع سوق دبى المالى، أرفقت الشركة الكتاب الصادر من نيابة الأموال العامة الاتحادية. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما قامت جميع وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية بنشر الخبر. وبمجرد صدور الأمر بحبسه احتياطياً، وافقت الجمعية العمومية للشركة على عزل رئيس مجلس الإدارة وثلاثة أعضاء فى مجلس الإدارة، فيما رفضت عزل ثلاثة أعضاء آخرين. ومن ثَم، كان من الطبيعى أن تهوى أسهم الشركة المدرجة فى بورصة دبى نحو عشرة فى المائة، بمجرد الإعلان عن حبس رئيس مجلس الإدارة احتياطياً. وعلى المستوى العالمى، وفى جمهورية الصين الشعبية، وفى يوم الثلاثاء الموافق الثالث من شهر مايو الحالى، تراجعت أسهم شركة «على بابا» الصينية، بشكل حاد، إثر تداول خبر عن اعتقال شخص يحمل اسماً شبيهاً باسم مؤسس الشركة «جاك ما»، وسط حالة من الهلع وسط المستثمرين. وبحسب شبكة «CNN»، فإن خبر الاعتقال أدى إلى هبوط أسهم الشركة بنسبة 9.4 فى المائة، مما أدى لتراجع القيمة السوقية للشركة بنحو 26 مليار دولار فى غضون دقائق قليلة فقط. وحصل التراجع بعدما أوردت وسيلة إعلام حكومية أن شخصاً يحمل اسم «ما» اعتُقل فى مدينة هانجزهو، على خلفية قضية متعلقة بالأمن القومى، فى إشارة إلى اشتباه فى «تآمره مع قوى أجنبية والنيل من سلطة الدولة». وبما أن مالك شركة «على بابا» يسكن أيضاً فى هذه المدينة الصينية، سرى الاعتقاد أنه هو المعنىّ بالتوقيف. ولعلاج الموضوع، بادر رئيس التحرير السابق لصحيفة «جلوبال تايمز» المملوكة للحكومة الصينية، إلى تقديم التوضيح اللازم فى هذا الشأن، مؤكداً عبر منصة «ويبو» الصينية الشبيهة بموقع «تويتر»، أن خلطاً ولبساً قد وقع. بالإضافة إلى ذلك، بادرت الصحيفة إلى التوضيح بشكل أدق، فكتبت أن المتهم الفعلى من مواليد 1985م، ويعمل موظفاً فى إحدى شركات التقنية، فى حين أن مالك شركة «على بابا» مولود فى العام 1964م. وبفضل هذا التوضيح، عادت أسهم الشركة المملوكة للملياردير الشهير إلى التعافى، مستعيدة أغلب الخسائر التى مُنيت بها بعد نشر الخبر الملتبس. وإذا كانت شبكة «CNN» قد رأت أن مسارعة مستثمرين إلى بيع أسهمهم فى شركة التجارة الإلكترونية يكشف حجم «ضعف الثقة» السائد إزاء تعامل الحكومة الصينية مع القطاع الرقمى، بحسب قولها، فإننا نرى فى ذلك أمراً طبيعياً ومثالاً حياً للمقولة الشهيرة القائلة إن «رأس المال جبان»، وإن أى خبر سلبى يتعلق بأى شركة أو بأى من رؤساء مجالس إدارتها من شأنه أن يؤثر سلباً على أسهم الشركة وتعاملاتها المالية. ولأجل ذلك، يبدو من الضرورى وضع استراتيجية أو سياسة عامة حاكمة للتعامل مع قضايا الشركات، يستوى فى ذلك الإجراءات القضائية المتخذة بواسطة جهات إنفاذ القانون أو آلية نشر الأخبار المتعلقة بها فى وسائل الإعلام. وفى ظل الثورة المعلوماتية والفوضى التى تعم وسائل التواصل الاجتماعى، فإن الحاجة ماسة إلى حوكمة النشر فى هذه الوسائل، بحيث يحظر على الأفراد اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعى لنشر أى شكوى أو واقعة منسوبة إلى أى شخص آخر، سواء كان شخصاً طبيعياً أو شركة. ولذلك، وبمناسبة واقعة «شوكولاتة الخشخاش»، أصدرت النيابة العامة المصرية بياناً، تهيب فيه بالجميع «الإبلاغ عن شكاواهم، أو ما يعتريهم من شك أو ريبة فى أى أمر إلى الجهات الرسمية المختصة، وفى مقدمتها النيابة العامة، بدلاً من التسرع بنشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعى، مما قد يكدر الأمن والسلم العامين، ولو بحسن نية، أو يدخل فى دائرة التجريم ويستوجب المعاقبة». وفيما يتعلق بالتحقيق فى القضايا الجنائية، نعتقد من المناسب أن يتم التعامل مع المتهمين وفق نظرية الضرورة بمبادئها الثلاثة، وهى: «الضرورات تبيح المحظورات»، و«يرتكب أخف الضررين»، و«الضرر يزال». فلا يتم اللجوء إلى الحبس الاحتياطى إلا متى كان هذا الإجراء ضرورياً، ولا تغنى عنه الإجراءات الاحتياطية الأخرى، ومنها المنع من السفر. والله من وراء القصد.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3382 / عدد الاعضاء 62