للارتباط ،،، حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن استمرار سريان القانون بعد انفصال مصر عن سوريا.
باسم الشعب
المحكمة العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة 16 من أبريل سنة 1977م.
برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب خليل وعمر حافظ شريف ومحمد بهجت محمود عتيبة نواب رئيس المحكمة وعلى أحمد كامل، وأبو بكر محمد عطيه الوكيلين بالمحكمة والمستشار محمد فهمى حسن عشرى أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ المفوض
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة العليا برقم 1 لسنة 8 قضائية عليا " تفسير ".
" الوقائع "
طلب وزير العدل بكتابة المؤرخ فى 2 من فبراير سنة 1977 إلى رئيس المحكمة العليا إصدار قرار تفسيرى لنصوص المواد الآتية:
أولاً : نص المادة 25 من القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع لبيان ما إذا كان ما ورد فى هذا النص من استمرار العمل بالقوانين المشار إليها فيه بالنسبة إلى من كانوا يخضعون لها وتركوا الخدمة أو زالت صفتهم قبل العمل بالقانون رقم 62 لسنة 1975 – ينصرف إلى الأحكام الموضوعية والأحكام الإجرائية الواردة فى هذه القوانين على حد سواء أم أنه ينصرف – فحسب – إلى ما ورد فى القوانين المذكورة من أحكام موضوعية تتعلق ببيان الجريمة وعقوبتها، أما ما عدا ذلك فتسرى فى شأنه أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975.
وجاء فى هذا الطلب – وفى المذكرة المرافقة له – أن القوانين المشار إليها فى المادة 25 من القانون رقم 62 لسنة 1975 قد تضمنت أحكاما موضوعية وأحكاما إجرائية تختلف عن تلك التى وردت فى هذا القانون، ولذا فقد أثار نص المادة المذكورة خلافا فى الرأى حول استمرار العمل بالقوانين المشار إليها فيه بالنسبة إلى من كانوا يخضعون لهذه القوانين وتركوا الخدمة أو زالت صفتهم قبل العمل بالقانون رقم 62 لسنة 1975.
فذهب رأى إلى أن المقصود بما ورد فى هذا النص من استمرار العمل بالقوانين المشار إليها فيه بالنسبة إلى من سلف ذكرهم هو استمرار العمل – فحسب – بما ورد فى هذه القوانين من أحكام موضوعية تتعلق ببيان الجريمة وعقوبتها، اما الأحكام الإجرائية المتعلقة بالتحقيق واقامة الدعوى الجنائية والجهة المختصة بتحريكها والمحكمة المختصة بنظرها فتسرى فى شأنها أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975.
وذهب رأى آخر إلى أن المقصود من نص المادة 25 من القانون رقم 62 لسنة 1975 على استمرار العمل بالقوانين المشار إليها فيه – هو استمرار العمل بما ورد فى القوانين المذكورة من أحكام موضوعية وأحكام إجرائية على السواء.
ثانيا : المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء فى الإقليمين المصرى والسورى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958، لبيان ما إذا كان هذا النص ينصرف إلى الوزراء ولو انتهت مدة خدمتهم، أم أنه لا ينصرف إلا إلى الوزراء أثناء تولى مناصبهم، ولبيان ما إذا كان تشكيل المحكمة التى تتولى محاكمة الوزراء وفقا لهذا القانون قد أصبح متعذرا بعد انفصال الاقليمين المصرى والسورى أم أنه يمكن تشكيلها من ستة من مستشارى " محكمة النقض بدلا من مستشارى محكمة النقض ومحكمة التمييز" .
وجاء فى طلب التفسير فى المذكرة المرافقة له أن نص المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958 أثار خلافا فى الرأى حول تحديد الوزراء الذين تتولى محاكمتهم المحكمة المنصوص عليها فيه، وحول كيفية تشكيل هذه المحكمة بعد انفصال الاقليمين السورى والمصرى.
(أ) فبالنسبة إلى تحديد الوزراء الذين تتولى المحكمة المنصوص عليها فى هذه المادة محاكمتهم:
ذهب رأى إلى أن النص المذكور ينصرف – فحسب – إلى الوزراء أثناء تولى مناصبهم، أما بعد انتهاء هذه المدة فلا ينصرف إليهم.
وذهب رأى آخر إلى أن النص سالف الذكر ينصرف إلى الوزراء عموما سواء أكانت خدمتهم قد أنتهت أو لم تنته.
(ب) وبالنسبة إلى تشكيل المحكمة التى تتولى محاكمة الوزراء بعد انفصال الاقليمين السورى والمصرى.
ذهب رأى إلى تشكيل هذه المحكمة – بعد انفصال الاقليمين – من ستة من مستشارى محكمة النقض.
وذهب رأى آخر إلى أن تشكيل هذه المحكمة – بعد الانفصال – أصبح متعذراً قانونا، ومن ثم – وحتى يصدر قانون جديد بشأن محاكمة الوزراء – تكون المحاكم الجنائية العادية هى المختصة بمحاكمة الوزراء باعتبارها صاحبة الولاية العامة.
ثالثاً : المادة الخامسة من قانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958، لبيان ما إذا كان نص هذه المادة يفيد قصر تطبيق قانون محاكمة الوزراء على الجرائم الواردة فيه أم أن نطاق تطبيق القانون المذكور، يمتد إلى الجرائم الأخرى التى قد تقع من الوزراء أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها.
وجاء فى طلب التفسير وفى المذكرة المرافقة له، أن نص المادة الخامسة من قانون محاكمة الوزراء أثار خلافا فى الرأى حول الجرائم التى يحاكم عنها الوزراء طبقا للقانون المذكور.
فذهب رأى إلى أن المقصود بهذا النص هو تعيين الجرائم التى يحاكم عنها الوزراء طبقا لقانون محاكمة الوزراء، أما ما يقع من الوزراء فى أثناء تأدية أعمال وظائفهم من جرائم أخرى غير الجرائم الواردة فيه فلا يسرى فى شأنها القانون المذكور، بل يحاكمون عنها طبقا للقانون العام.
وذهب رأى آخر إلى أن الوزراء يحاكمون طبقا لقانون محاكمة الوزراء عن كل ما يقع منهم من جرائم أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها سواء أكانت من الجرائم الواردة فى نص المادة الخامسة من قانون محاكمة الوزراء أم كانت من الجرائم الواردة فى غيره من القوانين ما دامت قد وقعت منهم أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها.
وإزاء تباين الآراء فى تفسير نصوص قانونية لها أهميتها، وضمانا لوحدة التطبيق القضائى وعملا بأحكام الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969، تقدم وزير العدل بطلب تفسير النصوص المذكورة، وأرفق بالطلب – تطبيقا لنص المادة 14 من القانون رقم 66 لسنة 1970 بشأن الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا- مذكرة شارحة للأسانيد والمبررات تستدعى التفسير وحافظة مستندات.
وقيد الطلب برقم 1 لسنة 8 ق عليا "تفسير" وأودعت هيئة المفوضين تقريراً مسبباً بالرأى القانونى، وحدد لنظر الطلب جلسة 5 من مارس سنة 1977 حيث نظر على الوجه المبين بمحضر الجلسة وأرجئ النطق بالقرار إلى جلسة 2 من أبريل سنة 1977 وفيها مد أجل النطق بالقرار لجلسة اليوم حيث صدر القرار الآتى.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطلب استوفى الأوضاع المقررة قانوناً.
أولا : عن تفسير المادة 25 من القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع .
من حيث أن هذه المادة تنص على ما يأتى:
" يلغى القانون رقم 11 لسنة 1968 فى شأن الكسب غير المشروع، ومع ذلك يستمر العمل به وبالمرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 بشأن الكسب غير المشروع والقانون رقم 148 لسنة 1961 بتقرير بعض الأحكام الخاصة بالكسب غير المشروع وذلك بالنسبة إلى من كانوا يخضعون لها وتركوا الخدمة أو زالت صفتهم قبل العمل بهذا القانون على أن تتولى فحص الإقرارات الواجب فحصها طبقا لها الهيئات المنصوص عليها فى المادة 5 من هذا القانون".
ومن حيث إن مثار الخلاف فى تفسير هذا النص هو مدلول عبارة استمرار العمل بالقوانين المشار إليها فى هذا النص بالنسبة إلى من كانوا يخضعون لتلك القوانين وتركوا الخدمة أو زالت صفتهم قبل العمل بالقانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع، هل تعنى هذه العبارة استمرار العمل بكل ما ورد فى القوانين المذكورة من أحكام سواء أكانت أحكاما موضوعية أم أحكاما إجرائية، أم أن المقصود هو استمرار العمل – فحسب – بما ورد فيها من أحكام موضوعية تتعلق ببيان الجريمة وعقوبتها، أما ما عدا ذلك فتسرى فى شأنه أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975.
ومن حيث إنه يبين من استعراض التشريعات المتعاقبة الخاصة بجريمة الكسب غير المشروع – وهى المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 والقرار بقانون رقم 148 لسنة 1961 والقانون رقم 11 لسنة 1968 والقانون القائم رقم 62 لسنة 1975 يبين أنها تؤثم الكسب غير المشروع وتعاقب عليه وعلى الأفعال المتصلة به بعقوبات جنائية وهى تتضمن نوعين من القواعد القانونية النوع الأول قواعد موضوعية تتعلق ببيان الجريمة والعقوبة المقررة لها، والنوع الثانى قواعد إجرائية تبين اللجان المختصة بفحص إقرارات الذمة والجهات المختصة بالتحقيق وإقامة الدعوى والمحاكمة، وكلا هذين النوعين تسرى فى شأنه القواعد القانونية المنظمة للتنازع الزمنى للقوانين الجنائية وهذه القواعد تفرق – فيما تقضى به من حلول لهذا التنازع – بين القوانين الموضوعية والقوانين الإجرائية إذ يسرى فى شأن القوانين الموضوعية المبدأ المقرر فى المادة 66 من الدستور المقابلة للمواد 6 من دستور 1923 و 6 من دستور 1930 و 32 من دستور 1956 و 8 من دستور 1958 و 25 من دستور 1964 وهو يقضى " بألا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون... ولا عقاب إلا على الأفعال التالية لتاريخ نفاذ القانون" كما يسرى فى شأنها حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات التى تنص على أن " يعاقب على الجرائم بمقتضى القانون المعمول به وقت ارتكابها ومع هذا إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيا قانون أصلح للمتهم فهو الذى يتبع دون غيره"، ومقتضى ذلك أن القانون الموضوعى لا يسرى على الماضى إلا إذا كان أصلح للمتهم أو كان قانونا تفسيريا أو كانت الجريمة مستمرة وظلت حالة الاستمرار أو التجدد باقية بعده، أما القوانين الإجرائية فإن الأصل فيها أن تسرى بأثر فورى مباشر على مالم يكن قد فصل فيه من الدعاوى وما لم يكن قد تم من إجراءات قبل تاريخ العمل بها ولو كانت عن جرائم وقعت فى ظل قانون سابق، ولا يستثنى من هذا الأصل سوى القوانين المعدلة للاختصاص وقواعد مضى المدة وطرق الطعن فى الأحكام، كل ذلك ما لم ينص القانون الإجرائى الجديد على خلافه، وعلة هذه التفرقة أن القوانين المتعلقة بالجرائم والعقوبات يسودها مبدأ الشرعية لما تتضمنه من أذى خطير يلحق الفرد فى حياته أو فى ماله أو حريته أو فى شرفه مما يصبح معه الأثر الرجعى لهذه القوانين عيبا يشوبها بالانحراف عن جادة الشرعية، أما القوانين الإجرائية فإن الغاية منها ضمان الوصول إلى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة وحماية صالح المجتمع وصالح المتهم معا مما يعتبر معه كل تعديل فى هذه القوانين أصلح من سابقة وأقرب إلى هذه الغاية وليس للمتهم أن يعترض عليه أو يطلب اعمال القانون الذى كان نافذا وقت اقتراف جريمته وعلى مقتضى ذلك يكون قصد الشارع من النص فى المادة 25 من القانون رقم 62 لسنة 1975 بشأن الكسب غير المشروع على استمرار العمل بالقوانين المشار إليها فى هذه المادة بالنسبة إلى من كانوا يخضعون لهذه القوانين وتركوا الخدمة أو زالت صفتهم قبل العمل بالقانون الجديد- يكون قصده هو استمرار العمل – فحسب – بما تتضمنه هذه التشريعات من أحكام موضوعية، دون ما ورد فيها من أحكام إجرائية ولا ينال من ذلك ما قد يقال من أن المادة المذكورة لم تستثن من استنمرار سريان هذه القوانين سوى فحص الإقرارات الواجب فحصها طبقا لها إذ عهدت به إلى هيئات الفحص المنصوص عليها فى المادة الخامسة من القانون الجديد رقم 62 لسنة 1975 وما قد يقال من أن مفاد ذلك بمفهوم المخالفة هو استمرار العمل بكافة ما ورد فى هذه القوانين من أحكام موضوعية أو إجرائية غير ما استثنى صراحة بنص المادة 25 من القانون رقم 62 لسنة 1975 ذلك أن النص فى هذه المادة على أن يعهد إلى اللجان المنصوص عليها فى هذه المادة 5 من القانون المذكور بفحص اقرارات من سبق ذكرهم ليس فى حقيقة استثناء من القاعدة المقررة فى شأن سريان القوانين الإجرائية بأثر فورى مباشر على ما لم يكن قد تم من أجراءات قبل تاريخ العمل بها، بل هو تطبيق لهذه القاعدة رأى الشارع أن ينص عليه صراحة حتى تتولى اللجان المنصوص عليها فى المادة الخامسة منه فحص هذه الإقرارات بسلطاتها التى استحدثها القانون لهذه اللجان، إذ ناط بها لأول مرة – فضلا عن فحص الإقرارات – مباشرة إجراءات التحقيق واقامة الدعوى الجنائية أمام الجهة المختصة وخولها فى مباشرة هذا الاختصاص كافة السلطات المخولة لقاضى التحقيق بعد أن كان اختصاص اللجان المنصوص عليها فى القوانين الملغاة مقصورا على مجرد فحص الإقرارات وطلب الإيضاحات والمعلومات دون مباشرة التحقيق والتصرف فيه مما كان منوطا بالنيابة العامة، وقد استهدف الشارع بهذا التعديل فى اختصاص اللجان المذكورة سرعة البت فى قضايا الكسب غير المشروع رعاية لصالح المجتمع ولصالح المتهم معا، ولذا فإن هذا التعديل يعتبر – وفقا للمبدأ العام الذى يسود قواعد العقاب الإجرائية – أصلح من سابقه وأدنى إلى تحقيق العدالة إذ لو كانت هذه الأحكام أشد مما نص عليه فى القانون الجديد رقم 62 لسنة 1975 فإن النص فى المادة 25 من هذا القانون على سريان هذه الأحكام الأشد فى حق من سبق ذكرهم يكون حينئذ مخالفا للدستور لتقريره أثرا رجعيا لقانون جنائى موضوعى، أما أن كانت هذه الأحكام أخف فإن المشرع لا يكون حينئذ فى حاجة إلى النص فى القانون رقم 62 لسنة 1975 على استمرار العمل بهذه الأحكام إذ تكون هى الواجبة التطبيق دون غيرها إعمالا لحكم الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات بوصفها أصلح للمتهم.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن استمرار العمل بالقوانين السابقة المشار إليها فى المادة 25 من القانون رقم 62 لسنة 1975 – بالنسبة إلى من كانوا يخضعون لتلك القوانين وتركوا الخدمة أو زالت صفتهم قبل العمل بالقانون المذكور- ينصرف فقط إلى ما ورد فى هذه القوانين من أحكام موضوعية تتعلق ببيان الجريمة وتحديد عقوبتها، أما ما عدا ذلك فتسرى فى شأنه أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975.
ثانياً : عن تفسير المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء فى الاقليمين المصرى والسورى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958.
من حيث إن هذه المادة تنص على ما يأتى :
" تتولى محاكمة الوزراء محكمة عليا تشكل من أثنى عشر عضوا ستة منهم من أعضاء مجلس الأمة يختارون بطريق القرعة، وستة من مستشارى محكمة النقض ومحكمة التمييز يختار ثلاثة منهم بطريق القرعة مجلس القضاء الأعلى فى كل أقليم. ويختار بذات الطريقة عدد مساو من أعضاء مجلس الأمة والمستشارين بصفة احتياطية. وفى حالة غياب أحد الأعضاء الأصليين أو قيام مانع لديه يحل محله أقدم الأعضاء الاحتياطيين إذا كان من المستشارين وأكبر الأعضاء سنا إذا كان من أعضاء مجلس الأمة. ويرأس المحكمة أعلى المستشارين فى الدرجة والأقدمية.
ومن حيث إن الخلاف فى تفسير هذا النص يثور حول مسألتين الأولى هى بيان المقصود بالوزراء الذين تتولى المحكمة المنصوص عليها فيه محاكمتهم – هل يسرى على الوزراء عامة ولو بعد انتهاء خدمتهم أم أن حكمها مقصور فحسب على الوزراء الذين يتولون مناصبهم فعلا دون من أنتهت خدمتهم. والمسألة الثانية هى كيفية تشكيل المحكمة المنصوص عليها فى هذه المادة بالنسبة إلى المستشارين بعد انفصال الاقليمين المصرى والسورى – هل يجوز تشكليها من ستة من مستشارى محكمة النقض أم أن تشكيلها قد غدا متعذرا بعد الانفصال.
عن المسألة الأولى الخاصة بالوزراء الذين تتولى محاكمتهم المحكمة المنصوص عليها فى المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء.
من حيث إن المادة 159 من الدستور تنص على أن " لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب حق احالة الوزير إلى المحاكمة عما يقع منه من جرائم أثناء تأدية أعمال وظيفته أو بسببها"، كما تنص المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958 على أن " تتولى محاكمة الوزراء محكمة عليا تشكل من أثنى عشر عضوا ... "
ويستفاد من هاتين المادتين أن الشارع يخول الوزراء حصانة خاصة تتمثل فى السلطة التى تملك احالتهم إلى المحاكمة عن الجرائم التى يرتكبونها أثناء أعمال وظائفهم أو بسببها كما تتمثل فى الهيئة التى تتولى محاكمتهم عن هذه الجرائم، وهذه الحصانة مقررة لمنصب الوزير لا لشخصه، وقد ورد نص المادة 160 من الدستور- قاطعا فى الدلالة على هذا المعنى إذ تنص على أن " يقف من يتهم من الوزراء عن عمله إلى أن يفصل فى أمر ...." وجلى أن الوقف عن العمل لا يكون إلا بالنسبة إلى من يكون قائما – وقت بدء اتخاذ الإجراءات قبله – بعمله فعلا كوزير – وحكمة هذا الوقف ظاهرة وهى دفع مظنة استغلال الوزير سلطات منصبه ونفوذه فى التأثير فى إجراءات المحاكمة، والقول بغير ذلك يعنى أن يظل من شغل منصب الوزير فترة ما متمتعاً بهذه الحصانة ما بقى حيا وهو أمر يأباه المنطق القانونى السليم يؤيد هذا النظر:
أولاً : أن هذا المعنى هو المعنى المستفاد من نصوص المواد 66 من دستور 1923 و 67/1 من دستور 1930 و 152 من دستور 1956 و 49 من دستور 1958 و 140 من دستور 1964 المقابلة للمادة 159 من الدستور القائم ومن نصوص المواد 71 من دستور 1923 و 72 من دستور 1930 و 153 من دستور 1956 و 141/1 من دستور 1964 المقابلة للمادة 160 من الدستور القائم، وهو المعنى الذى أفصحت عنه مناقشات لجنة وضع المبادئ العامة لدستور 1923، أثناء مناقشة المادة 66 من ذلك الدستور- وهى الأصل التاريخى للمادة 160 من الدستور الدائم من أن " الوزير الذى يتهمه مجلس النواب يبقى وزيرا ولكن يوقف عن العمل فقط وذلك وذلك لأن مصلحة العدالة تقتضى بقاءه حتى يبرئه المجلس".
وقد ورد هذا القول ردا على تساؤل ثار أثناء المناقشة بشأن " ما إذا كان الوزير الذى يتهمة مجلس النواب يجب خروجه من الوزارة أم لا " ( صفحة 27 وما بعدها من المحاضر).
أن المادة 160 من الدستور المقابلة للمادة 71 من دستور 1923 والمادة 72 من دستور سنة 1930 والمادة 153 من دستور 1956 إذ تنص على أن "إنتهاء خدمة الوزير لا يحول دون إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فيها"، فإنها تفترض البدء فى إتخاذ الإجراءات ضد الوزير وهو قائم بعمله، وبديهى أنه لو كان نص المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء ينصرف إلى الوزراء ولو كانو قد تركوا مناصبهم لما كان بالمشرع الدستورى حاجة للنص على أن انتهاء خدمة الوزير لا يحول دون إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فيها.
ثانيا : أن المادة 72 من دستور 1930 نصت على أن " استعفاء" الوزير لايمنع من إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فى محاكمته، كما أتجهت إلى ذلك أيضا المادة 98 من مشروع اللجنة الأولى لدستور 1953 التى أصبحت المادة 126 من مشروع اللجنة الثانية إذ نصت على أن " استقالة" الوزير لا تمنع من إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فى محاكمته، وغنى عن البيان أن " الاستعفاء" و "الاستقالة" لا تقدم أيهما إلا ممن يكون قائما فعلاً بأعباء الوظيفة.
ثالثاً : ما جاء بمحضر الجلسة السادسة عشرة للجنة نظام الحكم والسلطتين التنفيذية والتشريعية التى ناقشت مشروع دستور 1953 تعليقا على المادة 98 من ذلك المشروع المقابلة للمادة 159 من الدستور من أن " تقرير هذه الحصانة ليس مقصودا به شخص الوزير بل المصلحة العامة" مما يدل على اتجاه واضعى هذا المشروع إلى ذات المعنى سالف الذكر.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن ما كان ماثلا فى ذهن واضعى الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور 1923 حتى الدستور القائم عن الوزير الذى تتولى الجهة التى أختصها الدستور بمحاكمته عن الجرائم التى يرتكبها أثناء تأدية وظيفته أو بسببها هو الوزير العامل الذى يكون قائما فعلا بأعمال وظيفته عند بدء إتخاذ إجراءات الإتهام والمحاكمة ضده.
ولا ينال من ذلك ما تنص عليه المادة 20 من قانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958 من أنه " إذا قدم اقتراح واتهام وزير وكانت خدمته قد انتهت وجب سماع أقواله أمام مجلس الأمة ولجنة التحقيق إذا طلب ذلك بعد تقديم الاقتراح وقبل صدور قرار الإتهام" لأن هذا النص إذ يعالج وضع الوزير الذى أنتهت خدمته قبل البدء فى إتخاذ إجراءات الإتهام ضده- وهو الاقتراح بالاتهام- فيوجب سماع أقوال هذا الوزير أن طلب سماع أقواله فى الفترة بين تقديم الاقتراح بالاتهام وصدور قرار الإتهام إنما يتعارض مع حكم المادتين 159 و 160 من الدستور اللتين تفترضان البدء فى إتخاذ إجراءات الإتهام ضد الوزير وهو قائم فعلا بأعباء الوظيفة يؤيد هذا النظر أن المادة 160 من الدستور إذ نصت على أن " انتهاء خدمة الوزير لا يحول دون إقامة الدعوى عليه والاستمرار فيها" إنما تفيد البدء فى إتخاذ الإجراءات المذكورة قبل انتهاء خدمة الوزير، ومن ثم يتعين الالتفات عن المادة 20 من القانون رقم 79 لسنة 1958 المشار إليها والاعتداد بنصوص الدستور المتقدم ذكرها.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن نص المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958 يسرى – فقط – على الوزراء العاملين أثناء تولى مناصبهم كما يسرى على الوزراء السابقين متى بدأت إجراءات إتهماهم ومحاكمتهم قبل ترك هذه المناصب بحيث تستمر هذه الإجراءات بعد ذلك تطبيقا لنص المادة 160 من الدستور.
عن المسألة الثانية الخاصة بكيفية تشكيل المحكمة التى تتولى محاكمة الوزراء بعد انفصال الاقليمين المصرى والسورى.
من حيث إن اتحاد مصر وسوريا فى سنة 1958 فى دولة واحدة ترتب عليه نشوء دولة جديدة بأسم " الجمهورية العربية المتحدة"، وقد أفرد دستور سنة 1958 بابا قائما بذاته – هو الباب الخامس منه – عالج فيه أثر قيام الدولة الجديدة على التشريعات المعمول بها فى كل من الاقليمين فنص على أن " تبقى هذه التشريعات سارية المفعول فى النطاق الاقليمى المقرر لها عند إصدارها "، وقد أصدرت الدولة الجديدة العديد من التشريعات منها القانون رقم 79 لسنة 1958 الخاص بمحاكمة الوزراء، وفى سنة 1961 انفصل الاقليم السورى عن الدولة الجديدة التى بقيت بعد الانفصال تحمل " أسم الجمهورية العربية المتحدة" وفقا للمادة الأولى من دستور 1964، ولما كان انفصال جزء من اقليم الدولة عنها لايؤثر فى نفاذ القوانين السارية فيها – فإن انفصال الاقليم السورى فى عام 1961 عن الجهورية العربية المتحدة لا يؤثر فى أستمرار سريان القانون المشار إليه فى مصر بعد انفصال سوريا لأنه كان وما زال قانونا من قوانين " الجمهورية العربية المتحدة ". وإذ نصت المادة الأولى من القانون المشار إليه على تشكيل المحكمة المنوط بها محاكمة الوزراء من عنصر سياسى وعنصر قضائى يمثل كل عنصر منهما ستة أعضاء وكان العنصر القضائى أثناء الوحدة موزعا بالتساوى بين اقليمى الدولة فإن هذا العنصر يصبح بعد الانفصال مكونا من ستة من مستشارى محكمة النقض المصرية عملا بأحكام الميراث الدولى سالفة الذكر.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن المحكمة التى تتولى محاكمة الوزراء تشكل فى مصر بالنسبة إلى العنصر القضائى بعد انفصال الاقليمين السورى والمصرى – من ستة من مستشارى محكمة النقض لا من ستة من مستشارى محكمة النقض والتمييز.
ثالثا : عن تفسير المادة 5 من قانون محاكمة الوزراء فى الاقليمين المصرى والسورى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958.
من حيث إن هذه المادة تنص على ما يأتى :
" مع عدم الاخلال بالعقوبات المقررة فى القوانين الأخرى يعاقب الوزراء بالعقوبات المنصوص عليها فى القانون إذا ارتكبوا فى تأدية وظائفهم جريمة من الجرائم الآتية :
1 – الجناية العظمى :
وتعتبر جناية عظمى كل جريمة تمس سلامة الدولة أو أمنها الخارجى أو الداخلى أو نظام الحكم الجمهورى ويكون منصوصاً عليها فى القوانين المصرية أو السورية ومحدداً لها فى أى من هذه القوانين عقوبات الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو الاعتقال المؤبد أو المؤقت.
2 – مخالفة الأحكام الأساسية التى يقوم عليها الدستور.
3 – التصرف أو الفعل الذى من شأنه التأثير بالزيادة أو النقصان فى أثمان البضائع أو العقارات أو اسعار أوراق الحكومة أو الأوراق المالية المقيدة بالبورصة أو القابلة للتداول فى الأسواق بقصد الحصول على فائدة شخصية له أو للغير.
4 – استغلال النفوذ ولو بطريق الإيهام للحصول على فائدة أو ميزة ذاتية لنفسه أو لغيره من أية سلطة عامة أو هيئة أو شركة أو مؤسسة.
5 – المخالفة العمدية للقوانين أو اللوائح التى يترتب عليها ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى.
6 – العمل أو التصرف الذى يقصد منه التأثير فى القضاء أو أية هيئة خولها القانون اختصاصا فى القضاء أو الافتاء فى الشئون القانونية.
7 – التدخل فى عملية الانتخاب أو الاستفتاء أو إجراءاتهما بقصد التأثير فى نتيجة أى منهما سواء كان ذلك بإصدار أوامر أو تعليمات مخالفة للقانون إلى الموظفين أو بإتخاذ تدابير غير مشروعة" .
ومن حيث إن الخلاف فى تفسير هذا النص يقوم فى شأن الجرائم التى يحاكم عنها الوزراء طبقا لقانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958 هل يقتصر على محاكمة الوزراء طبقا لهذا القانون على ما ورد فيه من جرائم، أم أن نطاق تطبيق هذا القانون يمتد إلى غير هذه الجرائم مما يقع من الوزراء أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها.
ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة 159 من الدستور تنص على أن "لرئيس الجمهورية ولمجلس الشعب حق احالة الوزير إلى المحاكمة عما يقع منه من جرائم أثناء تأدية أعمال وظيفته أو بسببها". ويستفاد من هذا النص فى ضوء تتبع مصدره التاريخى وهو المادتان 66 و 68 من دستور 1923 أنه يقوم على التفرقة بين الجرائم التى يرتكبها الوزير بوصفه فردا عاديا دون أن يكون لها أى علاقة بوظيفته، وهذه ينعقد الاختصاص بالاتهام والمحاكمة فيها للسلطات ذات الولاية العامة إعمالا لمبدأ المساواة بين المواطنين لدى القانون بالتطبيق لحكم المادة 40 من الدستور، وبين الجرائم التى يرتكبها الوزير أثناء قيامه بأعمال وظيفته أو بسببها سواء كانت من الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات أو كانت من الجرائم المنصوص عليها فى قانون محاكمة الوزراء، أو فى أى قانون آخر. لأن هذه الجرائم الأخيرة هى التى تقتضى – دون سواها- وضع إجراءات خاصة للإتهام والمحاكمة تطبيقا للمادتين 159 و 160 من الدستور فيعهد باتهام الوزير ومحاكمته إلى سلطات خاصة وعلى مقتضى ذلك تكون محاكمة الوزراء – وفقا لقانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958 – غير مقصورة على ما ورد فى المادة الخامسة من هذا القانون من جرائم، وإنما تمتد – كذلك – إلى كل الجرائم المنصوص عليها فى قانون العقوبات وفى القوانين المكملة له ما دامت تقع من الوزير من أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، يؤيد هذا النظر:
أولا : يبين من نص المادتين 66 و 68 من دستور 1923 وهما المصدر التاريخى للمادة 159 من الدستور ومن استقصاء مناقشات لجنة وضع دستور 1923 ولجنة وضع المبادئ العامة لهذا الدستور، ومن متابعة المراحل التى مرت بها صياغة المادة 68 منه، أن نية المشرع قد انصرفت إلى محاكمة الوزراء جنائيا عن كل ما يقع منهم من جرائم أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها سواء نص عليها فى قانون خاص أو فى قانون العقوبات إذ تنص المادة 69 من ذلك الدستور على أن "لمجلس النواب وحده حق اتهام الوزراء فيما يقع منهم من الجرائم فى تأدية وظائفهم... ولمجلس الأحكام المخصوص حق محاكمة الوزراء عما يقع منهم من تلك الجرائم" كما تنص المادة 68 منه على أن " يطبق مجلس الأحكام المخصوص قانون العقوبات فى الجرائم المنصوص عليها فيه، وتبين فى قانون خاص أحوال مسئولية الوزراء التى لم يتناولها قانون العقوبات". وقد دارت المناقشة بين أعضاء لجنة وضع المبادئ العامة لدستور سنة 1923 فى شأن المادتين 66 و 68 من هذا الدستور حول مسئولية الوزراء جنائيا عن كل ما يرتكبونه من جرائم أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها، سواء منها ما هو منصوص عليه فى قانون العقوبات أو ما ينص عليه فى قانون محاكمة الوزراء، ولذا فقد اتجه الرأى فى هذه اللجنة إلى عدم توقيع عقوبة أشد من عقوبة الحبس فى حالة ارتكاب الوزير فعلا لم ينص عليه قانون العقوبات ثم اتجهت اللجنة العامة لوضع هذا الدستور إلى تحديد مدة عقوبة الحبس المذكورة بما لا يزيد على ثلاث سنوات واضافة عقوبة النفى لمدة لاتزيد على عشر سنوات على أن يكون للمجلس المخصوص الخيار بين توقيع إحدى هاتين العقوبتين، وأنتهى الأمر بالاحالة – فى شأن الجرائم التى لم ينص عليها قانون العقوبات وفى شأن العقوبة التى تقع على مرتكبها – إلى قانون خاص يصدر بذلك ومن ثم وضعت المادة 68 من ذلك الدستور بالصيغة النهائية التى صدرت بها فنصت على أن " يطبق مجلس الأحكام المخصوص قانون العقوبات فى الجرائم المنصوص عليها فيه وتبين فى قانون خاص أحوال مسئولية الوزراء التى لم يتناولها قانون العقوبات" مما مفاده أن صدور قانون محاكمة الوزراء ليس من شأنه قصر مسئولية الوزراء على ما ينص عليه من جرائم لأن الأصل فيه أنه خاص فقط ببيان الأفعال الأخرى التى لم ينص عليها قانون العقوبات.
ثانيا : أن نص المادة 69 من دستور سنة 1930 المقابل للمادة 68 من دستتور 1923 صريح فى أن " يطبق مجلس الأحكام المخصوص قانون العقوبات أو القوانين الخاصة بجرائم الوزراء..."
ثالثاً : أن مشروع دستور سنة 1953 قد أتجه ذات الاتجاه إذ نصت المادة 97 من المشروع الأول لهذا الدستور التى أصبحت المادة 126 من مشروع اللجنة الثانى على أن " الوزراء مسئولون جنائيا عن الجرائم التى يرتكبونها بسبب تأدية وظائفهم. ويطبق قانون العقوبات فى الجرائم المنصوص عليها فيه. ويطبق القانون الخاص بأحوال مسئولية الوزراء فى الجرائم الواردة فيه ولم يتناولها قانون العقوبات" وقد وافقت لجنة هذا الدستور على هذه الصياغة.
رابعاً : أن المشرع – فى المادة 5 من قانون محاكمة الوزراء الصادر أثناء الوحدة مع سوريا بالقانون رقم 79 لسنة 1958، وفى المادة السابعة من قانون محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء الصادر– قبل الوحدة – بالقانون رقم 247 لسنة 1956 قد حرص على النص صراحة على أن العقوبات المنصوص عليها فى كل من هذين القانونين لا تخل بالعقوبات المقررة فى قانون العقوبات أو فى القوانين الأخرى، وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 247 لسنة 1956 أن تعيين الجرائم الواردة فى هذا القانون " لا تخل بمسئولية الوزراء عما يرتكبونه فى تأدية وظائفهم من جرائم يعاقب عليها قانون العقوبات".
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن نص المادة الخامسة من قانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958 يتناول فضلا عن الجرائم الواردة به الجرائم الأخرى التى تقع من الوزراء أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها.
" فلهذه الأسباب "
بعد الإطلاع على المادتين 159/ 160 من الدستور.
وعلى المادة 25 من القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع .
وعلى المادتين 1 و 5 من قانون محاكمة الوزراء فى الاقليمين المصرى والسورى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958.
قررت المحكمة
أولاً : " أن استمرار العمل بالقوانين المشار إليها فى المادة 25 من القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع – بالنسبة إلى من كانوا يخضعون لتلك القوانين وتركوا الخدمة أو زالت صفتهم قبل العمل بالقانون رقم 62 لسنة 1975- ينصرف إلى الأحكام الموضوعية الواردة فى هذه القوانين أما ما عدا ذلك فتسرى فى شأنه أحكام القانون رقم 62 لسنة 1975".
ثانياً : (أ) أن نص المادة الأولى من قانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958 يسرى على الوزراء العاملين أثناء تولى مناصبهم كما يسرى عليهم بعد تركها بشرط أن تكون إجراءات إتهماهم ومحاكمتهم قد بدأت قبل ترك مناصبهم" .
(ب) " أن المحكمة التى تتولى محاكمة الوزراء تشكل فى مصر بعد انفصال الاقليمين المصرى والسورى من ستة من مستشارى محكمة النقض بدلا من مستشارى محكمة النقض ومحكمة التمييز" .
ثالثاً : أن نص المادة الخامسة من قانون محاكمة الوزراء الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1958 يتناول فضلا عن الجرائم الواردة به الجرائم الأخرى التى قد تقع من الوزراء أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها".