أن التحقيق وخاصة في الجرائم التعزيرية المنظمة لا يهدف إلى العقاب بقدر ما يهدف إلى ضمان حسن سير المجتمع وبحث الأسباب والمسببات التي ساعدت وساهمت في ارتكابها واقتراح الحلول الوقائية للقضاء عليها أو الحد منها وبالتالي يستوجب أن تحاط التحقيقات بسياج من الضوابط والضمانات التي يشعر فيها الشخص أو الموظف المحال إلى التحقيق أن الهدف من التحقيق هو حماية المجتمع وليس وسيلة للقصاص منه أو الانتقام يمارسه أصحاب النفوس المريضة
ولعل من أهم هذه الضمانات هي الحيادية والاختصاص في الشخص الموكل بالتحقيق ومعاملة الشخص وفق مبدأ البراءة أثناء التحقيق بمفهومه الموضوعي والشخصي
والحقيقة أن ماسا قني إلى كتابة هذه السطور هو ما لاحظته خلال الأسبوعين الماضيين - ولا أعتقد أنه محض صدفة - في قضيتين تتعلقان بالجرائم التعزيرية المنظمة أولهما عندما حضر لي أقارب أحد المتهمين في قضية رشوة حيث ذكر أن قريبه المتهم سجل اعترافه في الجهة المختصة بالتحقيق – المباحث الإدارية - بارتكابه الجريمة كراهة تحت تهديد الاعتداء الجنسي على الرغم من مكانته الوظيفية ومتوسط سنه وخوفا على نفسه اعترف بها
وبالصدفة في نفس الأسبوع في قضية أخرى أيضا ذكر أحد أقارب المتهم أن قريبه اعترف باقتراف الجريمة احتيالا بعد أن أوحى له المحقق بالإدارة المذكورة أن من مصلحته الاعتراف بها منفردا حتى يعفى من العقوبة وحتى لا يثير وقائع جديدة تدخل آخرين في مجرى القضية
سبحان الله الهذا الحد وصل الأمر إلى الاستهانة بعباد الله وممارسة تلك الأساليب الدنيئة في انتزاع الاعترافات الكاذبة
أين أصول التحقيق؟
أين ضمانته؟
أين حقوق المتهم ؟
أين ؟
أين ؟
أين؟
كلنا يعرف أن التحقيق له أصوله وقبل ذلك فهو فن من الفنون يتطلب صفات شخصية معينة في المحـقق ودورات تخصصية لصقــل المواهب , أمـــا أن يوكــل لمجموعـــة باعت ضمائرها ومبادئها من اجل نزع اعترافات ظالمة من أناس دارت بهم الدنيا فهذا والله أمر خطير وشر مستطير