إنه في يوم الموافق / / 2010 الساعة بناء على طلب السيد /عامر على سعد أحمد المقيم شارع السادات مركز قفط محافظة قنا ومحله المختار مكتب الأستاذ/ ثروت عبد الباسط الخرباوى المحامي بالنقض 36 ش إسكندرية مصر الجديدة القاهرة .
أنا محضر محكمة ألجزيئه انتقلت وأعلنت 1- السيد / مخاطباً مع/ 2- السيد / مخاطباً مع / 3- مخاطباً مع /
وأعلنتهم بالاستئناف الآتي
بجلسة 31/12/2009 أصدرت محكمة الجيزة الابتدائية بدائرتها 17 مدني كلى حكمها في الدعوى رقم 6366 لسنة 2006 مدني كلى الجيزة حكمها القاضي منطوقه :
حكمت المحكمة : أولاً : بقبول الطلب العارض شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت رافعه بالمصاريف وخمسة وسبعون جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ثانياً : بفسخ عقد البيع المؤرخ 23/12/2004 والمتضمن بيع المدعى للمدعى عليه الشقة محل التداعي والمبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والعقد المذكور وألزمت المدعى عليه المصروفات وخمسة وسبعون جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
وحيث إن المستأنف لم يرتض هذا الحكم فإنه يطعن عليه بالاستئناف الآتي وذلك لما أصابه من خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وفهم خاطئ لوقائع الدعوى مما جره إلى الإخلال بحق الدفاع وهو الأمر الذي سنعرضه تفصيلاً في صحيفة الاستئناف.
الموضوع
بموجب عقد بيع ابتدائي اشترى المستأنف من المستأنف ضده الأول ما هو الشقة رقم 203 نموذج رقم 3 بالدور الثاني بتقسيم جمعية تعمير الصحراء الأهرام من حوض خارج أمام نزلة السمان وتبلغ مساحة الشقة المبيعة 125 م2 ، وكان قد تم الاتفاق في عقد البيع على أن يكون ثمن المبيع قدره 89250 (تسعة وثمانون ألف ومائتان وخمسون جنيهًا لا غير) ووفقًا لما ورد بالعقد قام المستأنف –المشتري- بسداد مبلغ وقدره 26000 جنيه (ستة وعشرون ألف جنيهًا لا غير) عند التوقيع على العقد، أما باقي الثمن وقدره 63250 جنيهًا (ثلاثة وستون ألف ومائتان وخمسون جنيه) فقط تم الاتفاق على سداده على عدد من الأقساط منها 60 قسط شهري قيمة القسط 300 جنيهًا، 20 قسط ربع سنوي قيمة القسط 185 جنيهًا بالإضافة إلى دفعة استلام قدرها 8250 جنيهًا مستحقة الدفع في 28/5/2005.
وورد بالبند الرابع من العقد شرط فاسخ صريح جاء به أنه ((إذا تخلف الطرف الثاني عن سداد أي قسط من الأقساط في مواعيد استحقاقه اعتبر العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار)) .
وإذا كان الشرط الفاسخ وفقًا للمستقر عليه فقهًا وقضاءً هو "سيد العقد وعمدة بنوده" فبه يعود المتعاقدان ـ عند الإخلال ـ إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، إلا أن هذا الشرط يجوز العدول عنه بعد الاتفاق عليه ، وكما يجوز العدول صراحة فإنه يجوز ضمنًا، وكما يجوز العدول بالإشارة فإنه يجوز بالدلالة أو بواقع الحال وبالماَل الذي صار عنده المتعاقد الدائن ، وللقاضي عند تفسير الشرط الفاسخ الصريح أن يستخدم كافة الممكنات العقلية والواقعية ـ بغير تعسف أو تحوير بطبيعة الحال ـ ليصل إلى حقيقة ما وصلت إليه إرادة المتعاقدين بخصوص الشرط الفاسخ ووجوب تطبيقه أو العدول عنه.
ونظرًا لتغير ظروف المتعاقدين "البائع والمشتري" كلاهما بعد العقد فقد جرى الاتفاق ضمنًا على طريقة سداد تختلف عن طريقة السداد "الحاكمة" الواردة بالعقد، فإذا كان قد تم الاتفاق صراحة على أن يتم سداد عدد من الأقساط ربع السنوية بحيث تكون قيمة كل قسط 1850 جنيهًا تبدأ من 1/5/2005 فإن البائع ـ المستأنف ضده الأول ـ لم يقم بإعمال الشرط الفاسخ عند تخلف المستأنف ـ المشتري ـ عن سداد كامل أحد الأقساط ربع السنوية ، وقام في 1/5/2006 باستلام مبلغ وقدره ستمائة وخمسون جنيهًا وكتب في إيصال الاستلام أن هذا المبلغ هو "جزء من قسط ربع سنوي" . لم يقم المستأنف ضده الأول آنذاك بالمبادرة إلى طلب تنفيذ الشرط الفاسخ الصريح بل تركه إلى غير رجعة وآثر أن يقبض المبلغ بطريقة مغايرة عما ورد بالاتفاق التعاقدي .
وإذ اتفق الطرفان بلا لبس أو غموض على أن يقوم المشتري –المستأنف- بسداد مبلغ دفعة الاستلام وقدره 8250 جنيهً مرة واحدة في 28/5/2005 إلا أن واقع الحال كان غير ذلك فلم يسدد المشتري تلك الدفعة في هذا التاريخ ولا في اليوم التالي له بل ظل عدة أشهر وذمته مشغولة بها دون أن يبادر البائع الدائن بالمطالبة بها أو المطالبة بتطبيق الشرط الفاسخ الذي كان قد اشترطه لنفسه وجعله عمادًا لعقده!! .
وبعد أشهر وأيام وفي يوم 1/12/2005 قام المشتري بسداد مبلغ خمسة آلاف جنيه كجزء من دفعة الاستلام وقبل البائع هذا السداد الجزئي وقام بتحرير إيصال باستلام هذا المبلغ، وبعد شهر آخر قام المشتري في 1/1/2006 بسداد مبلغ 3250 جنيهًا كجزء أخير من دفعة الاستلام ، وبهذا يكون البائع قد أعرض ونأى عن البند الرابع وقبل طريقة سداد تختلف عن الطريقة التي اشترطها ولم يتمسك ـ عند تخلف المدين ـ بتنفيذ الشرط الفاسخ الصريح وهو الأمر الذي يدل دلالة جازمة على تغير ظروف الحال .
كان ما سلف يعني أن هناك طريقة أخرى للسداد تم الاتفاق عليها ضمنًا وهو الأمر الذي يحمل بين طياته عدولا عن الشرط الفاسخ ، ولا يقدح في هذا ما قد يقال من أن ما حدث من البائع هو " محض تسامح وأن التسامح لا يسقط حق المتسامح في التمسك بالشرط الفاسخ الصريح " ذلك أن الشرط الفاسخ الصريح مضمونه هو "حل لعقدة العقد" واتجاه إرادي لفسخه عند الإخلال ..
أما التسامح عند الإخلال فهو "إنفاذ للعقد رغم الإخلال" وهذا غير ذاك بحيث لا يجتمعان فإما الفسخ وإما الإنفاذ، فإذا ما اتجه الدائن إلى الإنفاذ دون الفسخ فإنه يكون قد تنازل عن "حل العقد" واستبدل خيار "الفسخ القضائي" بخيار "الفسخ الاتفاقي".
وبمعنى آخر يكون قد ارتكن في علاقته مع المشتري "بالفسخ القضائي" الذي يحل حينئذ محل "الفسخ الاتفاقي". كان هذا عن طريقة السداد والشرط الفاسخ الصريح الذي تم التنازل عنه إلا أن الموضوع لم يتوقف عند هذا الحد إذ فوجئ المستأنف ـ المشتري ـ وهو خالي البال بالبائع وقد امتنع وأعرض عن تسليمه العين المبيعة في الموعد المتفق عليه في العقد ، وقد يكون لهذا الامتناع منطقه ومبرره في أول الأمر ، فليس من شك أن البائع ـ المستأنف ضده الأول ـ قد يكون قد امتنع في بادئ الأمر عن تسليم العين المبيعة للمشتري مرتكنًا إلى عدم قيام المشتري بسداد "دفعة الاستلام" ، إلا أنه طالما قام المشتري بسداد هذه الدفعة على قسطين وقبل البائع هذا السداد وقام بتحرير إيصالين بالاستلام فإنه يكون ملتزمًا وقتئذ بتسليم العين للمشتري في اليوم الذي تم فيه سداد باقي دفعة الاستلام أي في 1/1/2006 دون أن يكون للمستأنف ـ المشتري ـ الحق في المطالبة بتنفيذ ما ورد بالبند الثاني عشر الذي حدد موعد الاستلام في يوم 1/8/2005 ونص على غرامة اتفاقية قدرها 400 جنيهًا عن كل شهر كغرامة تأخير على عاتق البائع اعتبارًا من الشهر التالي لشهر أغسطس 2005 إذ وفقا لواقع الحال ووقت السداد سيتم ترحيل غرامة التأخير لتبدأ من الشهر التالي ليناير 2006 وهو الشهر الذي تم فيه سداد دفعة الاستلام المتبقية، وفي هذا الشهر ـ دون أغسطس 2005 ـ ينهض حق المشتري في استلام العين المبيعة. بيد أنه عند تقدم المشتري ـ المستأنف ـ لاستلام العين المبيعة فوجئ بممانعة من البائع !! تارة بحجة أن التشطيب المتفق عليه لم يتم بعد، وتارة أخرى لأن الخدمات لم يتم توصيلها للعقار بعد !!
وفي ذات الوقت امتنع البائع عن تسليم المشتري سندات ملكيته وأوراقها حتى يتخذ إجراءات نقل الملكية حين يحين حينها ، ورغم ذلك ظل المشتري محافظًا على السداد الشهري متمسكًا بحقوقه في الاستلام لم يحد عنها قيد أنملة إلى أن وصلت الأمور كما يقولون "إلى منتهاها" وبلغ "السيل الزبى" عندما فوجيء المشتري بآخر يستخدم الشقة المبيعة له ويحوزها لنفسه !!
كان هذا الآخر هو المستأنف ضده الثاني ومن بعده المستأنف ضده الثالث ـ أو كلاهما سويًا ـ وهنا واعتبارًا من أول يونيو2006 توقف المشتري عن سداد الأقساط المتفق عليها ، فليس يُقبل أن يظل المشتري على سداده في الوقت الذي امتنع فيه بائعة عن تسليمه العين المبيعة بالحالة التي تم الاتفاق عليها وفي الوقت الذي صدر فيه من البائع تعرضًا للمشتري بأن قام ببيع الشقة لآخر فالقاعدة الأصولية تقرر أن "من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض". بل إن القانون يعطى للمشتري الحق في حبس الثمن بمجرد أن تتهدد ملكيته أو إذا خيف على المبيع أن يُنزع من يد المشتري!! .
وبتعسف في تفسير العقد وتعسف في استخدام الحق ـ أو بتحوير له ـ حمل المستأنف ضده أوراقه ـ المعيبة ـ وأقام دعواه المستأنف حكمها حيث أخفى أشياء وأظهر أشياء بغية إظهار المشتري بمظهر "المتقاعس عمدًا" و "المتخلف عن تنفيذ الالتزام" ليحصل على حكم بفسخ العقد يتيح له الهروب من التزامه بالضمان وتبعاته وليثرى بلا سبب وقد يكرر فعلته مع المشتري الجديد وهلم جرا. وإذ تداولت الدعوى أمام المحكمة الابتدائية قامت المحكمة بإصدار حكم تمهيدي بندب خبير في الدعوى ليضع تقريرًا "عما إذا كان إخلال المدعى عليه بالأقساط يرجع إلى سبب منه أم إلى عدم التزام المدعي بتنفيذ بنود العقد".
وكان من لزوميات هذا الحكم بل ولازمه الأكبر أن تنتقل الخبيرة المنتدبة لمعاينة الشقة محل النزاع لترى حالتها من حيث "شخص المستلم لها" ومن هو الحائز الفعلي وما هو سند حيازته وهل تلقى هذا الحق من البائع وما هي "حالة الشقة" من حيث مستوى التشطيب وهل يتوافق هذا المستوى مع ما تم الاتفاق عليه في العقد وما التزم به البائع؟ إلا أن الخبيرة امتنعت عن الانتقال والمعاينة رغم أن هذا الطلب قد تم التمسك به أمامها من وكيل المستأنف ـ المدعى عليه آنذاك ـ رغم أنها لو كانت قد انتقلت وعاينت لاتضح لها وللمحكمة من بعدها ـ لا محالة ـ وجه الحق في الدعوى ومدى الإخلال الذي وقع من البائع ، ذلك الإخلال الذي لم يتم بحثه حقيقة وواقعا وبيانا لا أمام الخبيرة ولا من المحكمة الابتدائية . وبالرغم مما سلف قام المستأنف بعرض المبلغ المتبقي على البائع بموجب إنذار رسمي على يد محضر مؤرخ 24/9/2007 وذلك وفقا لتصريح صرّحته المحكمة وأتاحته للمشتري ، وقد أورد البائع أمام الخبيرة ما يفيد ضمنًا قبوله هذا العرض إلا أنه تحجج بأن هذا العرض حدث ـ رغم قبوله له ـ بعد فسخ العقد!!.. وبالمخالفة لصحيح القانون صدر الحكم موضوع الاستئناف والذي أخطأ في الحق وحاد عنه والذي نستأنفه للأسباب الآتية.
منهج أسباب الاستئناف
يرتكز استئنافنا على عدة أسباب نوردها وفقًا للترتيب المنطقي لها .
أما عن السبب الأول فيتعلق بتنازل المستأنف ضده البائع عن الشرط الفاسخ الصريح مما لا يجوز معه ـ بعد التنازل ـ تطبيق هذا الشرط إذ أنه أسقط خياره في طلب الفسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة فسخ العقد .
أما عن السبب الثاني فيتعلق بحق المستأنف في حبس ثمن المبيع لإخلال البائع ـ المستأنف ضده الأول ـ بالتزام الضمان وبالتزامه بالتسليم وقعوده عن تسليم المشتري أوراق الملكية .
أما عن السبب الثالث فيقوم على السداد المبرئ للذمة والذي تم وفقًا لقرار المحكمة الابتدائية حيث قامت بتأجيل الدعوى لجلسة 3/10/2007 لعرض المبلغ محل المطالبة فقام المستأنف بالسداد في 24/9/2007.
أما عن السبب الرابع فيتعلق بعدم تحديد مكان السداد بما يوجب على البائع إعذار المشتري المدين ودون أن تتحقق المحكمة الابتدائية مما إذا كان المستأنف ضده الأول قد انتقل إلى المستأنف في موطنه لمطالبته بدفع باقي الثمن من عدمه .
ونختم بتنويعات عن الأثر المترتب على الفسخ وعجز البائع عن القيام بالتزاماته في هذا الصدد بما يسقط دعوى الفسخ برمتها ويحبط أثرها .
تفصيلات الأسباب السبب الأول : تنازل المستأنف ضده الأول –البائع- عن الشرط الفاسخ الصريح إذ أنه أسقط خياره في طلب الفسخ عندما أغفل المطالبة بتنفيذ الشرط الفاسخ وقبل الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة الفسخ.
لا ريب أن الشرط الفاسخ التعاقدي يلزم الطرف المدين ويرتب آثاره في حقه ، إلا أن القانون لم يوجب على الدائن المستفيد من هذا الشرط حتمية التمسك به أبد الآبدين ، بل له أن يطالب به إن تحققت شروطه وله أن يتنازل عنه حتى ولو تحققت شروطه . ولا شك أن هذا الشرط هو مجرد خيار للدائن له أن يتمسك به إن أراد ولا تثريب عليه إذا أسقطه إن شاء ، إلا أنه طالما أسقطه فلا يجوز له أن يعود كرة أخرى ويطالب بتطبيقه، فالنص عليه في العقد هو "إتاحة" والتمسك به "إباحة" ومن أباح له القانون وأتاح له العقد كان له أن يأخذ وجاز له أن يترك، فإن ترك ما اشترطه مختارًا "سقط الخيار" وسقط الحق في التمسك به. وإذا كان المستقر عليه أنه يجوز العدول عن الشرط الفاسخ صراحة إلا أن الفقه والقضاء استقرا أيضا على قول واحد هو أنه يجوز العدول عن هذا الشرط ضمنًا أو بالإشارة أو وفقًا لقواعد "السكوت الموصوف" أو "السكوت الملابس" .
وفي ذلك تقول المادة 90 من القانون المدني (( 1- التعبير عن الإرادة يكون باللفظ وبالإشارة المتداولة عرفًا، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكًا في دلالته على حقيقة المقصود 2- ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنيًا إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحًا)) .
فحيث يتخذ الدائن موقفًا لا تدع ظروف الحال شكًا في دلالته على حقيقة المقصود يكون موقفه هذا هو إرادته ، فكل ما يعني به القانون هو أن تبرز الإرادة أو الوسيلة التي يقع التعبير بها وتظهر على حيز الوجود وعلى ذلك يستوي أن يكون التعبير صريحًا أو ضمنيًا. أم عن ظروف الحال في الدعوى المستأنف حكمها فإنها أفصحت عن عقد به شرط فاسخ صريح إلا أن الدائن تنازل عنه وأسقطه بإرادة حرة واعية وخرجت إرادته حينها إلى العالم الخارجي دون لبس أو غموض، فبعد أن اشترط البائع لنفسه شرطًا فاسخًا صريحًا في حالة عدم سداد أي قسط من الأقساط المحددة سلفًا قيمة وتاريخًا عاد وقبل طريقة سداد مختلفة بقيم مالية مختلفة في تواريخ مختلفة ولم يتجه وقتها صوب ذلك الشرط الفاسخ بل ولم يطالب بتطبيقه حين تخلف المشتري ـ لسبب أو لآخر ـ عن سداد المبلغ المتفق عليه. وتفصيل ذلك على أرض واقع الدعوى أن إرادة الطرفين ذهبت إلى إلزام المشتري الدائن بسداد عدد من الأقساط ربع السنوية بحيث تكون قيمة كل قسط 1850 جنيهًا تبدأ من 1/5/2005، كما اتفق الطرفان صراحة على أن يقوم المشتري – المستأنف - بسداد مبلغ دفعة الاستلام وقدره 8250 جنيهًا مرة وحدة في 28/5/2005، فضلا عن عدد من الأقساط الشهرية قيمة كل قسط 300 جنيهًا.
ولكن كيف كان واقع الحال؟ وما هي إرادة الطرفين التي خرجت ظاهرة جلية إلى العالم الخارجي عند تنفيذ العقد؟ كانت ظروف الحال ذات الدلالة تسير على نهج آخر، فلسبب أو لآخر – سيأتي ذكرهما في موضع آخر من الصحيفة - تخلف المشتري المستأنف عن سداد قسط دفعة الاستلام في التاريخ المتفق عليه والذي ورد عنه بالعقد ـ وعن باقي الأقساط ـ ما يفيد أنه "إذا تخلف يعتبر العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه" فلم يعتبر أحد أن العقد صار مفسوخًا نتيجة لهذا التخلف ، ولم يرد في بال البائع أنه سيعمد إلى فسخ العقد لتحقق الشرط ، ولكنه وبعد أن مرت عدة أشهر على تاريخ استحقاق هذا القسط قبل طريقة وفاء مختلفة واستلم في 1/12/2005 جزءً من هذا القسط قدره خمسة آلاف جنيهًا ثم قبل في 1/1/2006 باقي هذا القسط وحرر إيصالا بالطريقة الجديدة والتاريخ الجديد!! . وعلى ذات النسق جاء سداد القسط ربع السنوي لشهر مايو 2005 ليؤكد "طريقة الوفاء الجديدة" والعدول عن التمسك بالشرط الفاسخ حين قبل المستأنف ضده الأول أن يسدد المشتري له مبلغ وقدره ستمائة وخمسين جنيهًا بدلا من 1850 جنيهًا وكتب في إيصال الاستلام ما يدل على تغير ظروف الحال إذ أشار في إيصال الاستلام أن هذا المبلغ هو "جزء من قسط ربع سنوي"... وبهذا تكون إرادة البائع قد اتجهت إلى العدول عن الشرط الفاسخ الصريح مما لا يجوز معه إعادة المطالبة بتطبيقه فمن عدلت إرادته عن شرط ما انتقل بعدوله إلى إرادة أخرى.
وعلى ما سلف استقرت المبادئ القانونية لمحكمة النقض إذ ذهبت في أحد أحكامها إلى أنه : ((لئن كان للبائع أن يطلب فسخ العقد إذا لم ينفذ المشتري التزامه بوفاء باقي الثمن عملا بنص المادة 157/1 من القانون المدني إلا أنه وفقًا للقواعد العامة يسقط حقه في طلب الفسخ إذ تنازل عنه صراحة أو ضمنًا)).
كما ذهبت محكمة النقض أيضًا إلى أنه : ((لئن كان الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار عند الإخلال بالتزامات ناشئة عنه من شأنه أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ إلا أن ذلك منوط بتحقق المحكمة من توافر شروط الفسخ الاتفاقي ووجوب إعماله ذلك أن للقاضي الرقابة التامة للتثبت من انطباق الشرط على عبارة العقد كما أن له عند التحقق من قيامه مراقبة الظروف الخارجية التي تحول دون إعماله فإن تبين له أن الدائن قد أسقط خياره في طلب الفسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة الفسخ أو كان الدائن هو الذي تسبب بخطئه في عدم التنفيذ أو كان امتناع المدين مشروعًا بناء على الدفع بعدم التنفيذ في حالة توافر شروطه تجاوز القاضي عن شرط الفسخ الاتفاقي)).
وفي حكم آخر واضح الدلالة ذهبت محكمة النقض إلى أنه : (( إذا كان الطاعن قد تمسك بنزول المطعون ضدهن عن الشرط الصريح الفاسخ مستندًا إلى تنبيههن عليه بالإنذار المعلن إليه في 18/7/1967 بالوفاء بباقي الثمن رغم فوات مواعيد استحقاقه وإلا اعتبر العقد لاغيًا ودون التمسك في الإنذار بالشرط الصريح بالإضافة إلى تراخيهن في رفع دعوى الفسخ مدة طويلة وكان الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي لأسبابه قد أعمل أثر الشرط الفاسخ الصريح الوارد في العقد دون أن يعرض للظروف والاعتبارات التي ساقها الطاعن على النحو المتقدم للتدليل على نزول المطعون ضدهن عن التمسك بالشرط الفاسخ الصريح وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوبًا بالقصور)).
ولأن ظروف الحال وفقًا لما أسلفنا دلّت على أن البائع عدل عن الشرط الفاسخ الصريح فإنه ما كان له أن يعود إلى ما عدل عنه وما كان للمحكمة الابتدائية أن تسايره في منطقه، وإذا كان قبول البائع طريقة جديدة للسداد دون التمسك بالشرط الفاسخ هو الدال بعينه على إسقاط خيار الفسخ التعاقدي ، فإن قعود الحكم المستأنف عن تحصيل هذا الإسقاط هو عين الافتئات على إرادة المتعاقدين الجديدة .
السبب الثاني: حق المستأنف في حبس ثمن البيع لإخلال البائع ــ المستأنف ضده الأول ــ بالتزام الضمان من ناحية وبالتزامه بالتسليم من ناحية أخرى فضلا عن قعوده عن تسليم المشتري المستأنف أوراق الملكية.
قد يحاججنا المستأنف ضده الأول حين نقول أنه امتنع عن تسليمنا العين المبيعة وفقًا لاشتراطات التشطيب وبالحالة والكيفية التي تم الاتفاق عليها في العقد فيقول بلسان الحال : "ما كان لي أن أقوم بتسليمه العين بالحالة المتفق عليها بتاريخ 1/8/2005 ذلك أنه ـ أي المستأنف ـ لم يسدد دفعة التسليم إلا على دفعتين إحداهما في ديسمبر 2005 والأخرى في يناير 2006 رغم أنه كان من المتعين عليه أن يسددها في 28/5/2005 " .
فإذا سايرنا المستأنف ضده الأول في منطقه فإن الحال سيقودنا إلى أنه كان من المتعين عليه أن يسلم المشتري العين وفقًا لما ورد بالبند الثاني عشر بعد تسعين يومًا من تاريخ سداد باقي دفعة التسليم الحاصلة في 1/1/2006 دون أن يكون من حق المشتري تطبيق غرامة التأخير على البائع لأن سبب التأخير ـ جدلا ـ راجعا إلى فعله هو لا فعل البائع ، وبذلك كان من المتعين أن يستلم المشتري العين في موعد أقصاه أول إبريل 2006 وهو الأمر الذي لم يحدث على الإطلاق بل قام البائع بالإخلال بالتزام الضمان الواقع على عاتقه قانونًا وأبرم تعرضًا للمشتري في ملكيته حيث أعطى لآخر ـ أو لآخرين ـ حقوقًا على العين كان من نتيجتها أن قام البائع بتسليم العين المبيعة للمستأنف ضدهما الثاني والثالث ، وقام أحدهما ـ المستأنف ضده الثالث ـ بإدخال الخدمات والكهرباء إلى شقة النزاع باسمه الشخصي، ولذلك نهض حق المشتري المستأنف في حبس الثمن المستحق حتى يزول هذا الخطر ويتم درء هذا التعرض المستمد من فعل البائع .
وبالإخلال بالضمان والنكوص عن التسليم بطل التمسك بالشرط الفسخ الصريح ـ إذا كان لم يسقط جدلا وفقًا للسبب الأول ـ وقام حق المستأنف في الحبس بسبب الخطأ الثابت يقينًا في حق البائع والذي نورده تفصيلا في الآتي :
1-إخلال البائع المستأنف ضده الأول بالضمان:
عندما قام المشتري المستأنف بالوفاء بالتزامه بسداد دفعة الاستلام والبالغ قدرها 8250 جنيهًا بدأ في مطالبة البائع بالتزامه بتسليم العين وفقًا للمتفق عليه إلا أن البائع المستأنف ضده الأول أخذ يمانع في التسليم بحجج مختلفة تارة لأنه لم يستكمل ما تم الاتفاق عليه من تشطيب وتارة أخرى لأن الخدمات لم يتم إيصالها للعقار بعد!! .
ورغم ذلك ظل المستأنف محافظًا على السداد الشهري غاية ما تكون المحافظة إلى أن فوجئ بشخص بآخر يستخدم الشقة المبيعة له ويحوزها بمعرفته ويحتجزها لنفسه ، وبهذا التعدي حيل بين المشتري وبين شقته ولم يجد إليها سبيلا فكان أن توقف عن السداد حتى يتبين كنه هذا التعدي وطبيعته وسببه وشخص المتسبب فيه إلى أن علم أن الذي استلم الشقة وحازها استمد حقه في هذه الحيازة "المتعدية" من البائع ذاته الذي قام ببيع الشقة مرتكبا جريمة بيع شقة واحدة لأكثر من شخص مهدرًا بذلك التزام ضمان عدم التعرض. لم يكن هذا التعدي أو التعرض محض خيال عند المشتري أو ادعاء ليست له أسانيد ، فقد أثبتته الأوراق وأفصحت عنه الأدلة بل وقبلت المحكمة الابتدائية إدخال المدعو/ عمرو عادل أحمد محمد لأن مستندات الدعوى وشهادة إدارة الكهرباء دلت على أنه هو الحائز الفعلي لشقة النزاع .
ورغم أن الخبيرة المنتدبة من قبل المحكمة الابتدائية وفقًا لما أسلفنا في صدر هذا الاستئناف لم تقم بالانتقال للعين محل النزاع للتحقق من شخص الحائز للشقة وطبيعة حيازته وسنده إلا أن المستأنف ضده الأول لم ينكر هذه الحيازة ولم يدع خلافها ، والسكوت عن الرد على هذا الدفاع الجوهري هو إقرار به وبصحته خاصة وأن مستندات الدعوى قد أكدته وأثبتت صحته . ولما كانت المادة 457 من القانون المدني فقرة 2 تنص على أنه : ((إذا تعرض أحد للمشتري مستندًا إلى حق سابق على البيع أو آيل من البائع أو إذا خيف على المبيع أن ينزع من يد المشتري جاز له ما لم يمنعه شرط في العقد أن يحبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول الخطر)) .
وبذلك تكون أحكام القانون قد توسعت في الحق في الحبس ذلك أنها تجيز للمشتري حبس الثمن ليس فقط إذا وقع التعرض وحصل الإخلال بالفعل بل وحتى ولو خيف أن يقع هذا التعرض!!. والذي وقع على المبيع ليس من باب الـ "خيف" ولكنه محض تعرض حقيقي صدر من متعرض آل إليه حقه من البائع الذي لم ينكره ولم يجحده بل أقر به وعلى مفهومه استقر حتى أصبح حقيقة ماثلة أمام القاضي وهو يدوِّن تقريراته دون أن يستلفت نظره هذا التعدي ودون أن يأبه للمعنى المستفاد من حيازة آخر غريب عن المشتري لشقة النزاع بعقد تسلمه من البائع ذهب به إلى إدارات الخدمات المختلفة من كهرباء وغيرها ليُدخل بعقده هذا تلك الخدمات!!. وإذا كان المستفاد من مفهوم المادة 457 مدني هو إعطاء الحق للمشتري في حبس الثمن حين يتعرض أحد له في ملكيته بحق آيل إليه من البائع فإن الفقه قد استقر وهو بصدد تحديد نطاق التعرض إلى أنه : ((إذا استحق الثمن جاز للمشتري حبسه إذا وقع له تعرض من أجنبي يكون مبنيًا على سبب قانوني ويبقى حق المشتري في حبس الثمن حتى ينقطع التعرض أو يزول الخطر)) .
إذ لا يكفي أبدًا أن ينقل البائع إلى المشتري الحيازة للعقار المبيع بل يجب عليه فوق هذا أن يضمن للمشتري هذه الحيازة في الملكية بأن يحميه من كل تعد على حيازته وملكيته وبالأحرى ينبغي عليه أن يمتنع هو عن تهديد هذه الحيازة والافتئات على هذه الملكية بل يجب أن يكون ضامنًا لعدم التعرض ((وهذا الضمان من طبيعة البيع فلا يلزم لوجوده اشتراط خاص في العقد فللمشتري هذا لضمان بمقتضى نصوص القانون التي جاءت تفسيرًا لإرادة المتعاقدين والتي تبين مدى الالتزامات التي يضعها العقد على عاتق البائع)).
وقد نصت المادة 439 مدني على أنه ((يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله هو أو من فعل أجنب يكون له وقت البيع حق على المبيع يحتج به على المشتري ويكون البائع ملزمًا بالضمان ولو كان الأجنبي قد ثبت حقه بعد البيع إذا كان هذا الحق قد آل إليه من البائع نفسه)).
أما الفقه فقد ذهب بصدد المادة السالفة إلى أنه ((الضمان واجب حتى في بيع غير مسجل كما إذا باع البائع العقار مرة أخرى قبل أن يسجل المشتري الأول)).
وذهب أيضًا إلى أنه ((مما يخالف حسن النية ويدخل في معنى التدليس وسوء القصد أن يسمح البائع لنفسه بالتعرض للمشتري لوجود التناقض الشديد بين التزامه بنقل الملكية والانتفاع بالمبيع إلى المشتري وبين السماح له بالتعرض لهذا المشتري ولهذا قيل من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض)). فإذا كانت دعوى الفسخ المستأنف حكمها قد سارت وصارت بين شقين، شق ثبت فيه عدول البائع عن شرط الفسخ وشق ثبت فيه يقينًا تعرضًا وقع للمبيع من شخص تلقى الحق من البائع فإنها تكون خليقة بالرفض ، إلا أنه فوق هذا وذاك ثبت امتناع البائع عن تسليم العين وفقًا لما سيرد تباعًا.
2- عدم قيام البائع بتسليم العين المبيعة للمشتري مما يعطيه الحق في حبس الثمن:
كان الشق الأول من هذا السبب قائمًا على التعرض أما الشق الثاني فهو قائم على امتناع البائع عن تسليم المبيع للمشتري ، وهذا الشق من باب "تحصيل الحاصل" فالشق الأول يغنينا عن الولوج في " حق الحبس المستند إلى عدم تسليم العين المبيعة للمشتري " فمن سلم العين المبيعة لآخر افتئاتا وتعديا فأنى له أن يسلمها للمشتري صاحب الحق ؟. إلا أننا لحق القانون علينا نخوض في هذا الشق الذي ثبت بإقرار البائع والذي لم يعارض فيه طوال نظر الدعوى أمام المحكمة الابتدائية أو في محاضر أعمال الخبيرة المنتدبة من قبل المحكمة آنذاك، ورغم أن هذا السبب ثابت يقينًا إلا أن الحكم المستأنف حين تعرض له لم يورد إلا عبارة مبهمة لا يستفاد منها شيئًا إذا قال بالصحيفة السادسة من الحكم ((المدعي عليه لم يقدم بالدعوى أنه تقدم للمدعي لاستلام الشقة موضوع الدعوى بتاريخ 1/8/2005 تنفيذًا للبند الثاني عشر من العقد)) . مع أن البند الثالث عشر من ذات العقد يعطي الحق للبائع في إخطار المشتري بالحضور لاستلام الشقة المبيعة إذا لم يتقدم لاستلامها بعد إمهاله مدة أقصاها شهر وإلا اعتبر العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه !!.
ومع ذلك فإن واقعة امتناع البائع عن تسليم العين للمشتري بالحالة التي تم الاتفاق عليها هي واقعة غير منكورة من البائع المستأنف ضده الأول بل إنه قام ببيع الشقة لآخر وقام بتسليمه العين المبيعة .. وفوق هذا وذاك ثبت هذا التصرف أمام المحكمة الابتدائية حيث جعلته من التقريرات الواقعية للحكم حينما قبلت إدخال المدعو/ عمرو عادل أحمد محمد بحسب أنه الحائز الحقيقي للشقة!! فكيف ينكر الحكم الطعين الواقعة حينًا ويثبتها حينًا آخرًا إلا أن يكون قد وقع في تناقض يبطله ويفسد منطقه!!.
وإذا كان عدم تسليم البائع للمشتري العين المبيعة هو من "واقع الدعوى غير المنكور" والقانون لا يلزم المشتري بإنذار البائع بتسليم الشقة إلا إذا أراد تطبيق الشرط الجزائي الوارد بالعقد ، كما أن القانون أعطى المشتري الخيار بحبس الثمن عند امتناع البائع عن التسليم .. فإن البائع المستأنف ضده الأول يكون قد أخل وفقا لذلك بمقتضيات عقد البيع إذ أن التزام التسليم هو أعلى هذه المقتضيات بل هو أهم التزامات البائع التي تترتب بمجرد العقد ولو لم ينص عليه فيه : ((فالالتزام بالتسليم واجب لا في البيع فحسب بل في كل العقود الناقلة لحقوق العينية)).
وقد أورد ابن قدامه في كتابه الأشهر "المغني" وهو بصدد شرح طبيعة التسليم العقدي في الشريعة الإسلامية بأن ((تسليم المبيع يحصل بالتخلية بين المبيع والمشتري على وجه يتمكن به المشتري من قبضه واستلامه دون حائل)).
من كل ما سبق يتضح أن الدعوى المستأنف حكمها أقيمت بطلب فسخ العقد بعد أن تنازل الدائن البائع عن هذا الشرط وأسقط خياره فيه ثم أنه بعد ذلك قام بالتعرض للمشتري وأخل بالتزام الضمان وامتنع عن تسليم العين المبيعة للمشتري .. هذه دعوى فاقدة لسندها مفتقدة لمشروعيتها حابطة الأثر بلا ريب.
3ـ عدم قيام البائع بتسليم المشتري مستندات الملكية :
ورد بالبند الثامن عشر من عقد البيع موضوع الدعوى أنه : ( يلتزم الطرف الثاني بأتعاب ومصروفات ورسوم تسجيل هذا العقد واستخراج نسخة من العقد للطرف الأول الذي يلتزم بتسليم الطرف الثاني كافة الأوراق والمستندات اللازمة لإتمام التسجيل ) لا أخالني مغاليا إذا قلت أن هذا البند من ركائز العقد وأعمدته الرئيسية ذلك أن مقتضيات العقد توجب أن يقوم البائع بتسليم المشتري مستندات الملكية حتى يتسنى له التحقق أولا من صحة ملكية البائع ومشروعيتها وليتمكن ثانيا من تسجيل هذه الملكية وتوثيقها لتكون بمنأى عن العبث بها من أي متعد أو متعرض . ولغير سبب امتنع البائع عن تسليم المستأنف المشتري مستندات ملكيته مخالفا بذلك مقتضيات البيع متخلفا عن تنفيذ ما ورد بالبند الثامن عشر مما يحق معه للمشتري أن يمتنع عن السداد وأن يستعمل حق الحبس دون أن يسري في حقه شرط الفسخ الصريح إذا كان لا يزال قائما جدلا .
وقد ذهب الفقه لتأكيد هذا المفهوم إلى أنه ( يجوز للمشتري أن يمتنع عن دفع الثمن إذا لم يقم البائع بتنفيذ أحد التزاماته الناشئة من عقد البيع كأن يمتنع عن تسليم العين أو إذا تأخر في تسليم سندات التمليك إلى المشتري حتى يتمكن من التسجيل ) السبب الثالث: تنفيذ المستأنف لالتزامه عندما قام بسداد كامل الثمن سدادًا مبرءًا لذمته وقد تم هذا السداد وفقًا لقرار المحكمة الابتدائية التي أجلت الدعوى لجلسة 3/10/2007 لعرض المبلغ محل المطالبة فقام المستأنف بالسداد في 24/9/2007: إذا كان المستأنف ضده الأول – البائع - قد قبل طريقة سداد مختلفة عما تم الاتفاق عليه فإنه يكون قد قبل الانتقال من الفسخ الاتفاقي إلى الفسخ القضائي الذي يجيز السداد في أي حالة ، وقد كان هذا الانتقال ظاهرًا في عقيدة المحكمة أثناء تداول الدعوى لذلك قبلت أن يقوم المشتري –المدعى عليه آنذاك - بعرض المبلغ عرضًا قانونيًا على البائع وصرّحت له بذلك وقام بالفعل بالسداد وقبل المشتري هذا السداد إلا أنه أخذه بيده اليمنى ثم أبدى دفاعًا متهافتًا بيده اليسرى قال فيه أن هذا العرض تم بعد أن وقع الفسخ !! . وكأنه بـ "الفسخ" المزعوم أوقعه في "فخ" السداد ليربح ويثرى بلا سبب !!
ومن أسف فإن الحكم المستأنف ساير البائع في منطقه ولم يقبل بهذا السداد ولم يعتبر أنه مبرئ لذمة المشتري، وعند نظر الدعوى أمم الخبيرة المنتدبة أوردت أن المشتري سدد بإنذار العرض الأخير أزيد من المبلغ ثمن المبيع موضوع العقد بيد أن المحكمة وقد اتجهت إلى الفسخ أهدرت هذا السداد وغفلت عن الأثر المترتب عليه.
وإذا كان دفاع المستأنف قد استقام على نحو يؤكد تخلي البائع عن خيار الفسخ بقبوله طريقة سداد مختلفة عما تم الاتفاق عليه فإن هذا العرض لباقي الثمن يبرئ ذمة المستأنف رغم أن التعرض في ملكيته لا يزال قائمًا لم ينته بعد ورغم أن من تعرض للمستأنف تلقى حقه من البائع الذي كان من الواجب عليه باعتباره ضامنً أن يمتنع عن التعرض، ورغم أن المستأنف حيل بينه وبين الشقة المبيعة له فلم يستلمها بل وأضحت ملكيته مهددة، إلا أن سداده كان إثباتًا لحسن النية ومع ذلك فإن الحكم الطعين أهدر كل ما سلف ولم يأخذ بأثر هذا السداد المبرئ للذمة مما يصيبه بالقصور والإخلال بحق الدفاع، والمستأنف يعيد طرح هذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف ويعتبر أن ما أورده بخصوصه أمام المحكمة الابتدائية هو جزء لا يتجزأ من ماديات الدعوى ووقائعها ينبغي أن يكون تحت بصر وبصيرة المحكمة بمرحلتها الاستئنافية ، والمستأنف يصمم على أن هذا السداد يعطيه الحق في استلام العين والاستجابة لطلبات الدعوى الفرعية التي أبداها أمام المحكمة الابتدائية ورفضها الحكم المستأنف.
السبب الرابع: تخلف شروط المطالبة بالفسخ لعدم تحديد مكان السداد بما يوجب على البائع إعذار المشتري المدين وهو الأمر الذي لم يحدث..
وقد صدر الحكم دون أن تتحقق المحكمة الابتدائية مما إذا كان المستأنف ضده الأول قد انتقل إلى المستأنف في موطنه لمطالبته بباقي الثمن وبذلك تكون الدعوى قد فقدت شرطها الجوهري: لم يحدد العقد مكان الوفاء بالثمن ولم يرد في أوراق الدعوى ما يدل على أن البائع والمشتري اتفقا على مكان ما يتم السداد فيه، ولا يُغني عن هذا وجود شرط فاسخ صريح لأننا مع تسليمنا بهذا الشرط – جدلا - فإن القواعد العامة في القانون المدني تُلزم البائع حين "تجهيل مكان السداد" بالانتقال إلى موطن المشتري لمطالبته بباقي الثمن. وقد نصت المادة 456 فقرة 2 من القانون المدني على أنه: ((إذ لم يكن الثمن مستحقًا وقت تسليم المبيع وجب الوفاء به في المكان الذي يوجد فيه موطن المشتري وقت استحقاق الثمن)) . فإذا كان موطن المستأنف المشتري كائنًا في محافظة قنا مركز قفط شارع السادات فإن البائع كان عليه عند استحقاق السداد أن ينتقل إليه في موطنه ويطالبه بالسداد لأن القانون اشترط على صاحب الحق أن يسعى بنفسه للحصول على حقه ، ولا عبرة أو قيمة لحق " قعد صاحبه عن الحصول عليه" وانتظره على ظن أنه سيحصل عليه في الحال أو في المآل.
لا ريب أن نكوص البائع عن الانتقال لموطن المشتري ليستأدي حقه يخالف فلسفة القانون المدني ونظرته للعلاقات التعاقدية ، تلك النظرة ـ أو النظرية ـ التي قام عليها القانون المدني في كل "نواحيه ومناحيه" والمستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية والتي تُحرِّض المواطنين على استيفاء حقوقهم بالسعي إليها فـ "صاحب الحق أحق بحمله". لذلك أوجب القانون المدني كما أسلفنا على الدائن الانتقال إلى المدين لاستلام حقه أو للمطالبة به قبل أن يقيم دعواه فإن تقاعس وقصّر فليس له أن يطالب ، إذ كان من الممكن إذا أعمل حقه وذهب لمدينه أن يتقاضى حقه . وقد ذهبت أحكم محكمة النقض في تطبيق هذا المفهوم إلى أنه : ((المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون تنبيه أو إنذار عند تخلف المشتري عن سداد باقي الثمن في ميعاده من شأنه أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ، إلا أن ذلك منوط بتحقق المحكمة من توافق شروط الفسخ الاتفاقي ووجوب إعماله، وإن مؤدى النص في المادة 456 من القانون المدني على أن يكون الثمن مستحق الوفاء في المكان الذي سلم فيه المبيع..
فإذا لم يكن الثمن مستحقًا وقت التسليم وجب الوفاء به في المكان الذي وجد فيه موطن المشتري وقت استحقاق الثمن لما كن ذلك، وكان الثابت من بنود عقد البيع - سند الدعوى - عدم تحديد مكان معين لدفع باقي الثمن، وإذا قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بتسليم المطعون ضدهم الأرض موضوع النزاع لتحقق الشرط الصريح الفاسخ دون أن يتحقق مما إذا كان المطعون ضدهم قد انتقلوا إلى الطاعن في موطنه لمطالبته بدفع باقي الثمن أو إنذاره بدفعه أو امتناعه عن الوفاء به، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه)) "
وذهبت أيضًا إلى أنه: ((إن النص في المادة 456 من القانون المدني على أن "يكون الثمن مستحق الوفاء في المكان الذي سلم فيه المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك، فإذا لم يكن الثمن مستحقًا وقت تسليم المبيع وجب الوفاء به في المكان الذي يوجد به موطن المشتري وقت استحقاق الثمن يدل على أنه إذا كان الثمن مؤجلا ولم يوجد اتفاق صريح أو ضمني على مكان الوفاء وجب على البائع متى حل موعد استحقاق الثمن أن يسعى إلى موطن المشتري لمطالبته بالوفاء، فإذا لم يتحقق هذا السعي من جانب البائع وتمسك المشتري بحقه في أن يكون مكان الوفاء هو موطنه كان امتناع المشتري عن الوفاء في موطن البائع مشروعا ولا يكون ذلك إخلالا منه بالتزامه وإذا كان الاتفاق على أن يكون عقد البيع مفسوخا دون تنبيه أو إنذار أو حكم عند تخلف المشتري عن سدد أي قسط من أقساط باقي الثمن في ميعاده من شأنه أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ -وكان ذلك- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة منوطا بتحقق المحكمة من توافر الفسخ الاتفاقي ووجوب إعماله ومراقبة الظروف الخارجية التي تحول دون هذا الإعمال، فإن تبين لها أن البائع أسقط حقه في طلب الفسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة فسخ العقد، أو كان امتناع المشتري عن الوفاء مشروعًا لتقاعس البائع عن السعي إليه في موطنه لهذا الغرض، وجب على المحكمة أن تتجاوز عن أثر الشرط لسقوط الحق فيه في الحالة الأولى ولعدم تحققه في الحالة الثانية، لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن البائع تقاعس عن السعي إليه في موطنه لاقتضاء أي قسط من أقساط باقي الثمن في موعد استحقاقه، وكان الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي قد أعمل أثر الشرط الصريح الفاسخ الوارد في العقد بالرغم من ذلك ودون أن يعرض لهذا الدفاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه)).
وقد حدث نفس ما ورد بحكم محكمتنا العليا المشار إليه سلفًا ، فقد أسقط البائع حقه في طلب الفسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة فسخ العقد كما أن المستأنف المشتري تمسك في دفاعه أمام المحكمة الابتدائية – وما زال يتمسك - بأن امتناعه عن السداد كان مشروعًا لعدة أسباب منها أن البائع لم ينتقل إليه في موطنه بمحافظة قنا مركز قفط شارع السادات لاستلام الثمن فإذا كان قد انتقل – جدلا - كان عليه أن ينذر المشتري المستأنف بأنه انتقل إليه في موطنه ولم يسدد وهو الأمر الذي لم يحدث مما يجعل الدعوى فاقدة لسندها باطلة في حجتها مفتقدة لشروطها. السبب الخامس الأثر المترتب على الفسخ وعجز البائع عن القيام بالتزاماته في هذا الصدد بما يسقط دعوى الفسخ برمتها ويحبط أثرها . خلا الحكم المستأنف كما خلت صحيفة دعوى المدعى التي أقامها على المدعى عليه ـ المستأنف هنا ـ من أنه قادر على رد ما دفعه المدعى عليه من أقساط للشقة محل النزاع ، وهذا الأمر ثابت من خلال تقرير الخبراء المودع في الدعوى بل وبإقرار المستأنف ضده الأول في صحيفة دعواه وفي مذكراته المودعة في ملف الدعوى ، ومن هنا يتبين وبجلاء أن الحكم المطعون عليه انحرف في تطبيقه للقانون عن جادة الصواب حينما قضى بالفسخ لعقد البيع المؤرخ 23/12/2004 دون أن يتبين عما إذا كان المستأنف ضده الأول قد عرض "أنه قادر على إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد" وقدم دليلا على هذه القدرة ، فنص المادة 157 من القانون المدني أوضح شروط تطبيق هذه المادة ومنها ما تقتضيه طبيعة الفسخ وهو إعادة الحال إلى ما كان عليه ، وهذا الأمر لا يدخل حتما في سلطة محكمة الموضوع التقديرية عند تطبيق الشرط الفاسخ الصريح بل إنه أمر وجوبي على المحكمة لا اختيار لها فيه ولا سلطة تقديرية ...
بل إن هذا الأمر إذا لم تستوثق منه المحكمة وتقضى به عد خطأً في تطبيق القانون لأن الفسخ هو حكم كاشف لإرادة المتعاقدين لا تملك محكمة الموضوع بصدده سلطة مهيمنة على هذه الإرادة إذ تقف عند حدود التفسير والتطبيق وينحصر دورها وهي بصدد التطبيق في بحث ما إذا كان أحد طرفي هذا العقد قد أخل بالتزامه من عدمه ، وعلى أثر هذا البحث تقضى بالفسخ شريطة أن تعيد الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد وهذا أمر جوهري في الحكم بالفسخ إن خالفه قضاء محكمة أول درجة فلمحكمة الاستئناف أن تعيد بحث الموضوع إن رأت إخلال من أي من المتعاقدين تقضى بالفسخ ومن توابعه التي يجب عليها أن تقضى به لتصحيح حكم أول درجة إعادة الحال إلى ما كان عليه والذي يقتضى حتماً إعلاناً صريحاً من المستأنف ضده الأول يثبت من خلاله أنه قادر على إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل التعاقد ، ولما كان المستأنف ضده الأول لم يعرض أو يثبت بأي طريق كان نص عليه القانون أو العرف أنه قادر على رد المبالغ التي دفعها المستأنف له فإن قضاء محكمة أول درجة بحكمها السالف يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب إلغاء الحكم المستأنف. عن الدعوى الفرعية تقدم المستأنف أمام المحكمة الابتدائية بطلب عارض طلب فيه " إلزام المعلن إليه الأول ـ المستأنف ضده الأول ـ في مواجهة المعلن إليهما الثاني والثالث ـ المستأنف ضدهما الثاني والثالث ـ بتسليم العين محل التداعي ( وأورد بيانها وتفصيلها ) إلى الطالب ـ المستأنف ـ وبعدم نفاذ التصرف الوارد على العين من المعلن إليه الأول ـ المستأنف ضده الأول ـ إلى المعلن إليهما الثاني والثالث في حق الطالب ـ المستأنف ـ وقد تساند المستأنف في دعواه الفرعية بأسانيد قانونية وواقعية كان منها ما أوردناه في صحيفة الاستئناف سواء ما يتعلق بحقه في حبس الثمن وسقوط حق البائع في التمسك بالشرط الفاسخ ونكول البائع عن تسليم العين للمشتري وقيامه بالإخلال بضمان عدم التعرض ، إلا أن المحكمة الابتدائية في حكمها أغفلت كل هذا الدفاع ولم تتنبه لوجوده ولذلك لم تقم بالرد عليه واتجهت صوب الفسخ رغم عدم توافر شروطه فصدر الحكم الطعين متضمنا قبول الطلب العارض شكلا وفي الموضوع برفضه بعد أن أورد في أسباب الحكم قبولا لإدخال المستأنف ضده الثالث لثبوت إقامته في عين التداعي !! .
ولما كانت أسباب الاستئناف الماثل تفصح عن صحة ما استندت إليه الدعوى الفرعية وكان الاستئناف ينقل الدعوى الأصلية وفرعياتها إلى محكمة الاستئناف فإن المستأنف يعيد التمسك بدعواه الفرعية وطلبه العارض .
فلهذه الأسباب وللأسباب الأخرى التي سيبديها المستأنف بجلسات المرافعة والمذكرات
لـــــذلـك
أنا المحضر سالف الذكر انتقلت في التاريخ أعلاه إلى حيث محل إقامة المعلن إليهم وأعلنتهم بصورة من هذا الاستئناف وكلفتهم الحضور أمام محكمة استئناف عالي الجيزة الكائن بمقر محكمة دار القضاء العالي شارع 26 يوليو وذلك صباح يوم الموافق / / 2010 من الساعة الثامنة صباحاً وما بعدها أمام الدائرة ليسمعوا الحكم :-
أولا : بقبول الاستئناف شكلاً
ثانياً : وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة أول درجة و القضاء مجددا برفض الدعوى . وفي موضوع الدعوى الفرعية القضاء بإلزام المستأنف ضده الأول في مواجهة المستأنف ضدهما الثاني والثالث بتسليم العين محل التداعي والوارد بيانها بصحيفة الدعوى الأصلية وصحيفة الدعوى الفرعية والعقد خالية من الأشخاص والأشياء والشواغل كأثر من آثار الحكم بالتسليم وعدم نفاذ التصرف الوارد على العين من المستأنف ضده الأول للمستأنف ضدهما الثاني والثالث في حق المستأنف .
وفي كلتا الحالتين إلزام المستأنف ضدهم بالمصاريف و إتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي ولأجل العلم/