شناني عدد المشاركات >> 172 التاريخ >> 28/2/2003
|
الأخ الشهاري المحترم
أولا : شكرا لك على التوضيح
ثانيا : أريد أن أردف أنا أيضا بتوضيح
نحن هنا في منتدى ، يجمع بين كل أطياف الفكر السياسي وكل ألوان الوعي الثقافي في الوطن العربي ، هناك محامون سلفيون ، أو إخوان مسلمون ، وهناك محامون اشتراكيون ، وهناك العلمانيون ، وهناك الشيوعيون ، وهناك الناصريون ، وهناك البعثيون ، وهناك الديمقراطيون وهناك المسيحيون ، وهناك وهناك وهناك
هناك من هو مع السلام ، وهناك من هو ضد السلام
هناك من هو مع ضرب العراق .. وهناك من هو ضد هذه الضربة
هناك من يفضل نار أميركا على جنة الأنظمة العربية
وهناك من يكره أميركا بحلوها ومرها
هناك من هو مع عمل المرأة في القضاء وغيره
وهناك من هو ضد المرأة في ذلك
هناك آراء وقناعات مختلفة في شتى المواضيع التي تطرح في المنتدى
ونحن نريد أن نسمع الجميع
من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار
من حق الجميع أن يكون له رأي ، وأن يكون الحق في أن يعارض وينتقد ، ولكن بعيدا عن التفتيش في الضمائر والاتهامات الجزافية والتكفير
نريد أن نخرج من المرض الذي يعاني منه مجتمعنا العربي في سباته وركوده وانغلاقه ... نريد تكوين حالة خاصة .. نواة جديدة .. خطوة رائدة
نريد أن ننجح في أن نكون مثالا لعقلية جديدة تتفتح في دنيا العرب ، تستطيع إقامة حوار موضوعي وبناء وهادف ، وتستطيع أن تسمع للرأي الآخر بدون أن تفتي بإقصائه أو قتله ، طالما جاء هذا الرأي ضمن الأصول والقواعد الموضوعية
من حقك أن تقول رأيك وتعارض الجميع ، ولكن دون أن تتهم أحدا بالكفر
ولعلك تعلم أن بعض البلاد العربية دفعت أثمانا باهظة من دماء أبنائها وأمن بلدها لقاء ظاهرة التكفير التي بررت عمليات الاغتيال والتخريب والحرب الأهلية ، التي لا يستفيد منه سوى العدو المتربص بنا
كل ذلك ، كان بسبب غياب الروح الديمقراطية التي تقبل بالتعددية ، حيث الكل يريد فرض رأيه وحقيقته هو ، والتي قد لا تكون كذلك في نظر الرأي الآخر
وسماع الرأي الأخر والسماح به والإصغاء إليه ، هو منهج قرآني ومبدأ إسلامي وليس بدعة من عندي
فالله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز يحاور إبليس ، ويسمح له بالدفاع عن نفسه والإدلاء بحججه ( .. خلقتني من نار وخلقته من طين ..) بل إن الله تعالى وتكريسا لهذا المبدأ ، ثبت تلك المحاورة في كتابه العزيز ، ولم يلغها
فإذا كان الله تعالى وفي القرآن الكريم اتسع صدره ( تعبير مجازي ) لتثبيت رأي إبليس اللعين ، فلم نحرم نحن من رأينا في مواجهة أناس قد لا يمتون إلى الله بأي صلة !!
ولماذا لا نحوز على مكانة الشيطان ... في حق الحوار !!
بقي أن أقول بأن مشكلة العقل العربي ، بأنه يحاور حتى ينتصر ويهزم محاوره متخيلا أنه في معركة حربية
فهو يدخل في الحوار من أجل أن يقنع خصمه برأيه بأي شكل من الأشكال ودون الالتفات إلى ما يبديه خصمه من حجج وبراهين
ودون أن يسمح لعقله بتنسم هواء جديد ورؤية جديدة
لذلك ، كان التكفير وسيلة لقطع الطريق على الحوار والتواصل ، فيكفي الاتهام بالكفر والمروق والردة ، حتى ينتصر أحد الطرفين ، ولكن يهزم الفكر أولا وآخرا
بالأمس قرأت دراسة عن الشاعر السوري أدونيس ( علي أحمد سعيد ) في صحيفة أخبار الأدب المصرية ، وتفاجأت أيما مفاجأة بعبقرية هذا الشاعر وفلسفته وثقافته وخطابه ،
وسبب مفاجأتي هو أن كل تصوري عن هذا الشاعر أنه رجل تغريبي يدعو إلى السلام مع إسرائيل ، وهذا ما سمعته من كثير من الأبواق الإعلامية الرسمية العربية ، ولذلك كان مضروبا على نتاجه الثقافي حصار شديد بعض الشيء
ولكن ها هي الفرصة أتاحت لي ، عن طريق الصدفة ، أن أقرأ هذا الرجل وأقرأ له وإذ الصورة تنقلب رأسا على عقب .. إنه رجل مثقف له نظرة خاصة لأسباب التخلف والانهزام العربي ... والتي يلقيها بالدرجة الأولى على السلاطين العرب ..
هذه كل الحكاية ... إنه ينتقد العقلية العربية وأسلوب الحكم العربي .. ورجال الدين المتحالفين مع السلطان في استبداده وبطشه .. هذه هي الحكاية
عندما تسمع الرأي الآخر وتطلع عليه .. قد تتغير الكثير من القناعات ..
هذا مجرد مثال ..
وعليك أن تخمن كم من الحجب مضروبة على عيوننا حتى لا نرى الحقيقة ، وكم نحن ممنوعون من ملامسة الحقيقة ، بحجج كثيرة وخدع كبيرة ، ومدى خطورة عملية غسل الدماغ والتدجين التي تعرض لها المواطن العربي خلال العصور
ولعلك تعلم أن مصطلح ' مواطن عربي ' هو مصطلح مجازي ليس له وجود في الواقع ، لأن المواطن ، في الدولة القانونية الوطنية ، له شروط وحقوق ، أما مواطننا العربي فهو أقرب إلى الماعز منه إلى الإنسان الكامل الناطق العاقل !!
ونحن هنا في هذا المنتدى يا أخ شهاري هربنا من الجلادين في الواقع ... فلا نرغب في أن يظهروا لنا على الشاشة أيضا ، يعني حرام يكون للمواطن العربي فسحة من الحرية ... ولو افتراضية ؟!!
وفي الختام : أشكر لك توضيحك واهتمامك ، وهذا يدل على ما تتمتعون به من خلاق رفيعة تسمو فوق المهاترات الكلامية
وكلي ثقة بأننا سنسمو في حوارنا وتواصلنا رغم الاختلاف والتناقض أيضا ، ولا عيب في ذلك إطلاقا ، فرأيي خطأ يحتمل الصواب ورأي غيري صواب يحتمل الخطأ
وأتمنى ألا نجد في المنتدى من يمثل السلطان في نزعة النفي والإقصاء واغتيال العقل والرأي الآخر
وتقبل تحياتي
|