القرضاوى فى محاضرة بنقابة الصحفيين : صغار اللصوص في مصر داخل السجون وكبار اللصوص يلعبون خارجها كتب – بشير العدل (المصريون) : بتاريخ 1 - 9 - 2006 وصف رئيس اتحاد العلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوى واقع الامة العربية بان حاضره مؤلم وواقعه مر وانه زمن ظهر فيه الفساد وعمت الشكوى الاقتصادية والسياسية والاخلاقية والاجتماعية فى كل البلدان العربية. وقال ان الامة تواجه مشاكل عديدة اخطرها المشروع الصهيونى الذى لايشكل خطرا عسكريا فقط وانما خطرا ثقافيا ودينينا واجتماعيا فضلا عن المشاكل الاخرى التى يعانى منها المجتمع العربى مثل الاستبداد السياسى والتظالم الاجتماعى والفرقة وعدم الالتقاء على كلمة واحدة منتقدا موقف الانظمة العربية من الكيان الصهيونى الذى تحول بعد نكسة عام 1967 الى حديث عن ازالة اثار العدوان بدلا من الحديث عن ازالة الكيان ذاته من قلب المنطقة العربية. ولفت العلامة الدكتور القرضاوى خلال المحاضرة التى القاها ليلة امس بنقابة الصحفيين تحت عنوان" واقع الامة ومستقبلها فى ظل الاحداث الحالية" والتى تأتى فى افتتاح الموسم الثقافى لصالون احسان عبد القدوس ان الامة العربية تتعرض لمحاولات امريكية بمسخها والغاء عنوانها العربى والاسلامى واستبداله بشرق اوسط جديد. وقال ان الامة لديها الامكانيات التى تؤهلها لان تكون فى مقدمة الركب وليس فى ذيل القائمة فهى لديها الموارد البشرية والعقول العلمية ومصادر النفط وكل عوامل القوة الاقتصادية الا انها لم تحسن توظيفها مؤكدا انه لامستقبل لهذه الامة الا اذا غيرت من نفسها وافكارها وارادتها وتحلت بالايمان الذى لايمكن له ان يتحقق فى ظل كبت الحريات. ودعا الانظمة العربية الى اطلاق الحريات والتخلى عن سياسات الاستبداد معتبرا انها الطريق لتحقيق الايمان الذى يصنع الانسان القوى القادر على النهوض بحال الامة. وقال ان كبت حريات وكتم انفاس الشعوب عملت على وجود ظواهر خطيرة كالتخلف والجهل وتزوير الانتخابات والمحسوبية والفساد وهى من الكبائر ونهب المال العام وهو من اكبر الكبائر وذلك على حد قوله مؤكدا ان توفير الحرية مقدم على تطبيق الشريعة الاسلامية. كما دعاها لاستثمار عوامل القوة والاستفادة من الطاقات المعطلة مؤكدا ان الامة الاسلامية لن تنهض الا بالتكامل وليس بالتنافس. تحدث الدكتور القرضاوى عن واقع الامة الاسلامية والنظر الى مستقبلها وقال إننا نعيش فى وقت لايراد فيه ان تكون هناك امة عربية ولا وطن عربى ولا اسلامى وانما يراد ان يلغى هذه كله ليحل محله الشرق الاوسط الكبير او الجديد ونحن مصرون على ان نبقى وطنا عربيا وامة عربية وعالما وامة اسلامية لامجرد شرق اوسط كبير ولا جديد. وعن النظرة المستقبلية نحو هذا العالم العربى قال ربما يظن بعض الناس ان التفكير الاسلامى يرفض النظرة المسقبلية وانها من انجازات هذا العصر ومن مستوردات العالم الغربى وهذا ليس صحيحا فالنظرة المستقبلية فى الواقع نظرة اسلامية قرآنية محمدية والقران هو الذى يعلم الامة ان تنظر الى المستقبل والا تعيش فى الماضى فقط والا تعيش الحاضر وحدة ولكن تستلهم الماضى وتعايش الحاضر وتستشرق المستقبل واكد الدكتور القرضاوى ان النظرة المستقبلية هى اسلامية منتقدا موقف بعض اصحاب الفكر الدينى الذين يعيشون فى الماضى وحدة متقطعين لايرون الحاضر ويعيشون فيما اسماه الدكتور القرضاوى "الكتب الصفراء" ولا يعرفون مايدور حولهم من تيارت ولاينظرون الى المستقبل مؤكدا ان هؤلاء لايمثلون الاسلام الحقيقى ويعيشون فى الماضى ويتغنون به ويعيشون على اطلاله. واعتبر ان الحديث عن مستقبل العالم العربى لابد ان يسبقه حديث عن واقعه وقال "الحقيقة ان الحاضر مؤلم والواقع مر وكلنا نشكو فى كل الدول العربية من امور شتى الامور الاقتصادية والسياسية والاخلاقية والاجتماعية وكل النواحى ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت ايدى الناس ولذلك كثرت الشكوى وان الواقع سئ فاذا نظرنا الى مشكلات العالم العربى نجدها عديدة منها مشكلة التخلف الامية الفقر المرض والاستبداد الذى تحكمه انظمة تكبت حرياته وتكتم انفاسه. وانتقد موقف الانظمة العربية تجاه الغضب الشعبى من الحرب على العراق وقال " تصورا انه عندما حدثت الحرب على العراق فان البلاد التى دخلت الحرب مع امريكا شهدت مسيرات مليونية كما حدث فى ايطاليا وفرنسا واسبانيا وغيرها فالشعوب قادرة ان تعبر عن نفسها الا الشعوب العربية ما استطاع بلد ان يخرج فى مسيرة مليونية ولا نصف مليونية ولا ربع ولا عشر مليونية فنحن اناس طيبون ومسالمون ومطيعون ونؤمر فنطيع وذلك على حد تعبير الدكتور القرضاوى الذى اشار الى ان من مشكلات العالم العربى ايضا الاستبداد السياسى والتظالم الاجتماعى وقال "ان العالم العربى به مظالم اجتماعية كبيرة جدا فهناك من يلعب بالملايين ومن لايجد الملاليم وهناك من يعانى الم الجوع واخر يعانى الم التخمة كما ان هناك اللصوص الكبار الذين يسرقون البنوك واموال الدولة ويهربون ولاتنالهم يد القانون فهذا امر فى كل الدول العربية وهى مظالم اجتماعية لايرضاها الله" واشار الى مشكلة تبعية العالم العربى للعالم الغربى والاستعمار القديم والجديد وهى مشكلة يعانى منها العالم العربى بصورة او باخرى فلازال الاخرون يسيطرون عليه وفق اهدافهم مؤكدا ان امريكا تريد ان تنفذ وتأمر فتطاع وكأن العرب لا وجود لهم وهى تريد ان تغير حياتنا كلها وكل شئ يجب ان يتغير التعليم والدين وكل مناحى الحياه مشيرا الى ان العالم العربى فعلا فى حاجة الى تغيير لكن بطريقته كى يحقق اهدافه وليس اهداف امريكا. وقال "مازلنا تابعين ولانستطيع ان نقول لا بملئ الفم ونريد من الامة ان تقول لا بلمئ فيها لا للتبعية الاقتصادية والحضارية ونحن فى زمن تحكمنا فيه امريكا والاستعمار الجديد الذى ياتى باسم العولمة والتى تعنى الامركة وهى مشاكل يجب ان يتخلص منها الامة ونريد ان نعيش احرارا" وتطرق الى مشكلة الفساد والتسيب وقال مانشكو منه فى مصر من الوان شتى من الفساد وكثرة اللصوص الكبار لان الصغار فى السجون والكبار هم الذين يمرحون ويلعبون وحين يتغلغل ويتفاقم ويتكاثر ونقول لعل الغد افضل من اليوم نجد ان المسألة تزداد سوءا وننتقل من السئ للاسوا وهذا هو الواقع مؤكدا ان الامة لايمكن لها ان تبنى مجدا او تؤسس نهضة اذا ظل هذا الفساد مستشريا فيها ويسكت الناس عنه. من المشكلات ايضا التى ذكرها الدكتور القرضاوى مشكلة التمزق والتفرق والامة وقال لابد ان تجتمع على كلمة واحدة واشار فى ذلك الى اجتماع وزراء الخارجية العرب ولم يحدث ان اجمعوا على راى باستثناء ماحدث فى الحرب الاخيرة على لبنان مشيرا الى ان ذلك يخدم الاهداف الامريكية لان هناك رغبة لان يكون التفرق فى الامة ولكن باسباب شتى ففى مصر يلعبون على الطائفية الدينية وفى العراق القضية المذهبية والعرقية واحيانا قضايا اخرى وهذا امر قديم يسعى اليه الاستعمار. وركز الدكتور القرضاوى بشكل واضح على اخطر مشكلة وهى المشروع الصهيونى وما يعانى منه العالم العربى بسببه وقال " ان تاخيرى فى التعرض لهذه المشكلة ليس لانها ضعيفة ولكن لاهمتيها فالمشروع الصهيونى الذى يسعى لتمزيق الامة وزرع جسم غريب فيها بالقوة والنار رفضته الامة فى بادئ الامر ولكن استطاعت الصهيونية الماكرة المؤيدة بالغرب بدءا بالانتداب البريطانى التى اخذت وعد بلفور عام 1917 اراد الاستعمار البريطانى الذى كان منتدبا على فلسطين لمدة 30عاما ان يهئ الاسباب لاقامة دولة صهيون وفتح الابواب وعمل كل مايستطيع لتمكين اليهود من الهجرات الجماعة من امريكا واروبا وامدهم بالسلاح وكل اسباب القوة وحرم ذلك على الفلسطينين وثاروا وفعلوا مافعلوا من اضرابات كادت ان تفشل المشروع الصهيونى لولا ان تدخل الزعماء العرب وقالوا للفلسطينيين فضوا اضرابكم وعصيانكم واننا وعدنا وعدا صادقا من صديقتنا بريطانيا العظمى انها ستحل مشكلتكم وصدق هؤلاء وكان ماكان. وقال الدكتور القرضاوى ان المشروع الصهيونى ليس خطرا عسكريا فقط وانما خطر سياسى واقتصادى وثقافى واجتماعى ودينى وخطر على كل المستويات ورغم كل الدراسات التى حذرت من الخطر الاسرائيلى جاء بعد ذلك من جاء وتغيرت السياسة العربية تغيرا جذريا جوهريا وبعد ان كنا نقول اسرائيل باطل على باطل وانها مغتصبة شردت اهل فلسطين بالحديد والنار فلا بقاء لها فى ديارنا وان اسرائيل يجب ان تزول ولى ذلك عام 1967 وتغير الهدف العربى من ازالة الوجود المغتصب الظالم الى ازالة اثار العدوان بعد 5 يونيو وكأن عدوان عام 1967 اضفى الشرعية والقانونية علىعدوان 1948 و1956 والعدوانات السابقة واكتسبت اسرائيل الشرعية ولم يعد الحديث عن الارض التى اغتصبها العدو بغير وجه حق اصبحنا نتحدث فقط فى ازالة اثار عدوان يونيو ولم يتوقف الامر عند هذا الحد فكلما تنازلنا كلما زادوا فى الاغتصاب والظلم مشيرا الى ان عشر الارض الفلسطينية الحقيقية ليست ملكهم وهم لايملكون مقومات الحياه معتبرا المشروع الصهيونى اخطر مايواجه هذه الامة. ولعلاج تلك المشاكل الكبيرة والخروج من هذا الواقع المر الى مستقبل مشرق بعض الاشراق قال الدكتور القرضاوى ان لدينا الامكانيات التى تؤهلنا لتغيير هذا الواقع ولكننا لانوظف ماعندنا من نقاط قوة منها القوة البشرية فلدينا ثلث مليار من البشر فى العالم العربى باستثناء العالم الاسلامى وهو نصير للعالم العربى وهذه القوة البشرية من الخليج الى المحيط ومعظمها من الشباب عكس الاوربيين الذين يعانون مشكلة المسنين و76 % من ابناء الجزائر هم من الشباب بعد الحرب فهم القوة الاولى فى المجتمع ولكن الشباب العربى معطل بجانب ان هناك عوامل قوة اخرى لايتم استغلالها ذكر منها القوة الاقتصادية المتمثلة فى موارد طبيعية ونفط وبحار وانهار وثروة حيوانية فى السودان والصومال وغيرهما فهى ثروة حيوانية ومائية وزراعية وهو موجود فى عالمنا العربى مؤكدا انها قوة هائلة يمكن استخدامها بالتكامل وليس بالتنافس. واكد الدكتور القرضاوى ان العالم العربى لديه من مؤهلات القوة مايجعله يكون فى المقدمة على راس القافلة وليس ذيلها الا ان نقاط القوة لم توظفها الانظمة كما ينبغنى. وركز على مشكلة التخلف وتعطيل القوة البشرية فالشباب يتخرجون ولا يجدون عمل حتى النوابغ هاجروا الى بلاد الغرب وهم قوة جاهزة استغلتها الدول الاجنبية بعد ان فشلت بلادهم فى استغلالهم ولذلك اخذتهم امريكا واوربا كقوة جاهزة فى كل المجالات ووصف تلك المشكلة بانها طامة كبرى لان البلدان العربية طاردة وليست جاذبة للعقول والمفكرين وعلينا ان نغير من تفكيرنا ووعينا فنقول مثلا ان الزنا والخمر من الكبائر لكن هناك اشياء يجب ان نضيفها الى تلك الكبائر ونقول ان التخلف من الكبائر والامية من الكبائر وتزوير الانتخابات من الكبائر المحسوبية ونهب المال العام من اكبر الكبائر وعلينا ان نستفيد من الموارد البشرية لدينا وتوعيتها حتى تعمل فى خدمة الوطن ولن نستطع بتفككنا ان ننجز انجازا كبيرا لان مقياس تقدم الامة هو مقدار ماتنتجه من المزورعات والصناعات الثقيلة فهى تستورد ولا تصدر تقلد ولا تبتكر وقوة الامة عطلت واميتت. وقال ان امة سورة الحديد لم تتعلم صناعة الحديد وفيها يقول المولى عز وجل "وانزلنا الحديد فيه باس شديد و منافع للناس" الباس الشديد ا شارة للصناعات الحربية والمنافع تشير الى الصناعات المدنية ومع ذلك لم تستطع الامة ان تنتج لا هذا ولا ذاك واصبحت تستورد من الابرة الى الصاروخ. وانتهى الدكتور القرضاوى الى ان اهم ماتحتاجه الامة خلال المرحلة القادمة هو ان تغير من نفسها ومن الافكار والارادات وان يتم صنع امة جديدة بالايمان مؤكدا ان الحرية هى اساس الاصلاح ففى مناخها يكون الايمان ومن خلاله يكون الانسان وعن طريقه تكون الحياة مؤكدا ان توفير الحرية مقدم على تطبيق الشريعة وعلى الحكام ان يعلموا ان الحرية هى الاساس لنمو الايمان لدى الافراد وان الاستبداد هو الذى يصنع العبيد اما الاحرار فهم الذين يقولون لا للهيمة ولا للعدوان وعلى الشعوب ان تقاتل من اجل الحرية. ولفت الى ان نصر حزب الله فى مواجتهه مع اسرائيل كان نتيجة الحرية التى وفرتها الدولة اللبنانية فى حين ضحى الفلسطينيون باكثر مما ضحى به حزب الله لكن الفارق هو الحرية مشيرا الى ان القرآن الكريم اقر قاعدة اجتماعية ثابتة وهى ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابانفسهم.
الانتقال السريع اختــــار