الحماية القضائية لحقوق الإنسان دراسة موجزة
حول دور القضاء المصري في حماية حقوق الإنسان 1
مقدمة "
يتمتع الأفراد في الدولة القانونية بالحقوق و الحريات بناء على إرادة المشرع الدستوري لا بناء على أفكار القانون الطبيعي وحدها 0
و لقد كان مذهب القانون الطبيعي يرى أن هناك نوعا من الحقوق لا يحتاج إقراراها إلى إرادة المشرع لأنها طبيعية تنشأ للإنسان بحكم طبيعته الإنسانية و تعتبر حقوقا أساسية لأنه لا يمكن للفرد أن ينعم بحياته داخل المجتمع بدون احترام هذه الحقوق و قد قيل بأنه يمكن التعرف على هذه الحقوق بالعقل فلا يجوز لأي سلطة وضعية أنم تخالفها و إلا كان القانون المخالف لها غير شرعي كما قيل بأنه نظر إلى أن هذه الحقوق الطبيعية يتبينها العقل فإنها تتصف بالعالمية و لذلك فإن القانون الوضعي في تحديده للحقوق و الحريات يخضع للقانون الطبيعي و من ثم نهض القانون الوضعي بدور فعال في حماية هذه الحقوق الطبيعية بما يوفره لها من حماية قضائية تكفل احترامها إذا ما تعرض للانتهاك 0
و لقد حرص الدستور المصري الصادر سنة 1971 على النص في المادة 41 منه على أن " الحرية الشخصية حق طبيعي " مشيرا بذلك إلى التأكيد على أن الحرية و إن أعلنتها إرادة السلطة السياسية إلا أنها مستوحاة و مستمدة من الطبيعة الإنسانية للفرد , و من ثم فهي ليست منحة قابلة العطاء أو المنع , و إنما هي قيمة إنسانية يحميها الدستور كما عني الدستور المصري بالنص صراحة على قائمة م الحقوق و الحريات في الباب الثاني الخاص بالمقومات الأساسية للمجتمع و في الباب الثالث الخاص بالحريات و الحقوق و الواجبات العامة و في الباب الرابع بسيادة القانون 0
و إذا كان الدستور هو المرجع في تحديد القانون و الحريات و أن التشريع يأتي منظما لممارسة هذه الحقوق و الحريات ثم تأتـي قرارات السلطة التنفيذية في مجال الضبط الإداري ليبين من ذلك كله إلى أي مدة كان احترام القرارات الإدارية لهذه الحقوق و الحريات 0
إن الرقابة القضائية على مكل ما تقدم تأتي تعبيرا عن الحماية القضائية لحقوق الإنسان حيث أدى القضاء المصري على مدى التاريخ دورا حاسما في تأكيد هذه الحماية و لسوف نعرض في هذه الدراسة الموجزة لأبرز ملامح الحماية القضائية لحقوق الإنسان من خلال ثلاثة أقسام تعرض فيها لاتجاهات الحماية في القضاء في كل من :
المحكمة الدستورية العليا , محكمة القضاء الإداري و المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة المصري و محكمة النقض 0
القسم الأول :
حماية المحكمة الدستورية العليا
لحقوق الإنسان
أولا: حماية حقي الانتخاب و الترشيح
نصت المادة ( 62) من الدستور المصري على أن " للمواطن حق الانتخاب و الترشيح و إبداء الرأي في الاستفتاء وفقا لأحكام القانون , و مساهمته في الحياة العالمة واجب وطني "
و من أبرز ملامح اتجاهات قضاء المحكمة الدستورية العليا في مجال حماية هذين الحقين المبادئ التالية :
التطبيق الأول للحماية :
الرقابة على التشكيل البرلمان المصري :
1- حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان تكوين مجلس الشعب :
أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها في الدعوى رقم 37 لسنة 9 ق بجلسة 19 من مايو سنة 1990 تأكيدا لدورها الرائد في حماية حقي الانتخاب و الترشيح و قد كان ذلك بمناسبة رقابتها على مدى حق المشرع في اختيار النظام الانتخابي في ضوء المبادئ الدستورية المقررة 0
و سوف نعرض بإيجاز لمنطوق الحكم و المبادئ القانونية الهامة التي أرساها 0
منطوق الحكم :
" حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الخامسة مكررا من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986 فيما تضمنه من أن النص على أن يكون لكل دائرة عضو واحد يتم انتخاب باقي الأعضاء الممثلين للدائرة عن طريق الانتخاب بالقوائم الحزبية "
المبادئ القانونية :
1- الحقوق السياسية المنصوص علها في المادة 62 من الدستور و من بينها حقي الانتخاب و الترشيح من الحقوق العامة التي حرص الدستور على كفالتها و تمكين المواطنين من ممارستها و اعتبارها واجبا وطنيا لاتصالها بالسيادة الشعبية 0 حقا الانتخاب و الترشيح من الحقوق العامة التي حرص الدستور على كفالتها ة تمكين المواطنين من ممارستها و اعتبارها واجبا وطنيا لاتصالها بالسيادة الشعبية 0 حق الانتخاب و الترشيح حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدونهما و لا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها إذا هما أفرغا من المضمون الذي كفل جدية و فاعلية ممارستهما 0
2- عدم التمييز في أس مباشرة الحقوق السياسية بين المنتمين للأحزاب السياسية و غير المنتمين إليها , و النص في المادة 62 من الدستور على كفالة الحقوق السياسية جاء رهينا بصفة المواطنة فحسب طليقا من قيد الحزبية , و مبدأ تكافؤ الفرص و المساواة أمام القانون يوجبان معاملة المرشحين كافة معاملة قانونية واحدة 0
3- سلطة المشرع التقديرية في اختيار النظام الانتخابي , حدها عدم الخروج على القيود و الضوابط و المبادئ التي نص عليها الدستور و عدم المساس بالحريات و الحقوق العامة التي كفلتها نصوصه 0
4- نص المادة الخامسة مكررا المطعون عليها بعدم الدستورية على تحديد مقعد واحد في كل دائرة مخصصا لنظام الانتخاب الفردي يجري الانتخاب عليه بين المرشحين غير المنتمين إليها , و تخصيصها عدة مقاعد في الدائرة خالصة لمرشحي القوائم الحزبية يتضمن إخلالا صريحا بحق المواطنين غير المنتمين لأحزاب سياسية في الترشيح على قدم المساواة و على أساس من تكافؤ الفرص مع باقي المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية و تمييزا قائما على أساس من تكافؤ الفرص مع باقي المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية و تمييزا قائما على أساسا الاختلاف الآراء السياسية بالمخالفة للمواد ( 8 ) و ( 40) و ( 62) من الدستور 0
5- القضاء بعدم دستورية النص التشريعي الذي أجريت انتخابات مجلس الشعب بناء عليه , مؤداه و لازمه بطلان تكوين المجلس منذ انتخابه و دون أن يستتبع ذلك إسقاط ما أقره المجلس من قوانين و قرارات و ما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة و حتى تاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية بل تظل على أصلها من الصحة نافذة ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها أو يقضي بعدم دستورية نصوصها التشريعية إن كلن ذلك ثمة وجه أخر غير كما بني عليه هذا الحكم 0
2- حكمي المحكمة الدستورية ببطلان تكوين مجلس الشورى
و المجالس الشعبية المحلية :
1- حكمها في الدعوى رقم 23 لسنة 8 ق جلسة 15/4/1989 ( مجلس الشورى )
2- حكمها في الدعوى رقم 14 لسنة 1989 ( المجالس الشعبية المحلية )
منقول للفائدة