اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

 

    مكتبة الأبحاث القانونية      قانون المرافعات      الاختصاص المركزي عند تعدد المدعى عليهم

        
 
  المؤلف : حامد فهمي   المصدر : مجلة المحاماة - مصر سنة 1925
    الاختصاص المركزي عند تعدد المدعى عليهم

مجلة المحاماة - العدد الثالث
السنة السادسة - عدد ديسمبر

الاختصاص المركزي عند تعدد المدعى عليهم
محاولة تحديده - الدفع بعدم الاختصاص المركزي من غير صاحبه

جاء في المادة (34) من قانون المرافعات الأهلي (34 مختلط) أنه في مواد الحقوق الشخصية والمواد المتعلقة بالمنقولات إذا كانت الدعوى على جملة أشخاص فيكلف الجميع بالحضور أمام المحكمة التي يكون في دائرتها محل أحدهم.
وجاء في الفقرة الثانية من المادة السادسة من لائحة الإجراءات أمام محاكم الإخطاط أنه إذا تعدد المدعى عليهم جاز رفع الدعوى أمام أية محكمة بدائرة اختصاصها محل توطن أحد المدعى عليهم.
وقد يظهر لغير المتمعن في هذين النصين أنه ينبغي تطبيقهما على إطلاقهما عند تعدد المدعى عليهم سواء أكان الموضوع المطالبين هم به واحدًا أم لا، وسواء أكانوا ملزمين به جميعًا لسبب واحد أم لا وسواء أكان كل منهم ملزمًا بالمدعى به بصفة أصلية أم لا.
ولكن الفقهاء لم يأخذوا بهذا الظاهر بل رأوا:
أولاً: أن هذا النص يدل بعبارته على وجوب تعدد المدعى عليهم حقيقة ولذلك أجمعوا على عدم تطبيقه فيما يأتي:
( أ ) إذا كان المدعى عليهم لا يمثلون في الواقع إلا شخصًا قانونيًا واحدًا وفي هذه الصورة يجب رفع الدعوى أمام المحكمة التي في دائرة اختصاصها محل ذلك الشخص القانوني فإذا وجهت الدعوى على شركة تجارية وعلى أحد وكلاء فروعها وجب رفعها أمام المحكمة التي يكون في دائرتها مركز الشركة (دالوز الدورية سنة 76 - جزء أول - صـ 395).
(ب) إذا لم تتوجه الخصومة إلا على مدعى عليه واحد وكان الغرض من اختصام غيره معه مجرد إبعاده عن المحكمة التي هو تابع لها حسب قواعد الاختصاص (دالوز الدورية سنة 81 - 1 - 421) لأن قواعد العدالة وروح القانون يحرمان الاحتيال بالقانون على العبث به.
(ج) إذا لم تتوجه الخصومة إلا على مدعى عليه واحد واختصم غيره معه بغير حاجة أو مصلحة فلا يصح رفع الدعوى من وكيل الديانة على مديني التفليسة أمام المحكمة التابع لها محل إقامة المدين المفلس عند اختصامه في الدعوى (دالوز سنة 37 - 1 - 361) أما دعوى إبطال التصرف الضار بروكية الدائنين فيجوز رفعها على المفلس ومن حصل له التصرف أمام المحكمة التي يقيم المفلس في دائرتها (دالوز سنة 79 - 1 - 354)، ولا يصح رفع دعوى طلب تثبيت الحجز على المحجوز عليه والمحجوز لديه إلا أمام المحكمة التي يقيم في دائرتها المحجوز عليه راجع المادة (417) مرافعات (قرار محكمة الاستئناف في 21 ديسمبر سنة 1905 البلتان سنة 18 صـ 51).
(د) إذا رفعت الدعوى على المدين وكفيله أو على المحيل والمحال عليه فإنه يجب رفعها أمام المحكمة التابع لها محل المدين أو محل المحال عليه لأن التعدد يقتضي تساوي المدعى عليهم في قوة الالتزام وليس الكفيل ملزمًا بالدين إلا بعد تجريد المدين ولا وجه لإلزام المحيل إلا عند إنكار المحال عليه الدين وقد أوجب القانون عند توجيه دعوى الضمان الفرعية على الضامن أن يرفعها طالب الضمان أمام المحكمة التي رفعت أو ترفع إليها دعوى المطالبة بالدين الأصلية (دالوز الدورية سنة 58 - 2 - 166 ودالوز سنة 85 - 5 - 100)، ومحكمة إسكندرية الاستئنافية الأهلية 16 إبريل سنة 1903, المجموعة الرسمية س 4 صـ 238، ولجنة المراقبة القضائية نمرة (107) مجموعة المنشورات ومحكمة الاستئناف المختلطة في 8 مارس سنة 1900 (البلتان سنة 12 صـ 155).
(هـ) وكذلك إذا رفعت الدعوى على اثنين وطلب فيها الحكم أصليًا على أحدهما واحتياطيًا الحكم على ثانيهما فإنه يجب رفعها أمام المحكمة التي يقيم الأول في دائرة اختصاصها (دالوز الدورية سنة 58 - 2 - 166).
ثانيًا: رأوا أن النص يدل بإشارته على أن يكون جميع المدعى عليهم تابعين لسلطة نوع واحد من المحاكم فإذا كان أحدهم خاضعًا لسلطة المحكمة المدنية والآخر للمحكمة التجارية أو كان أحدهما تابعًا لسلطة محكمة الخط والآخر لسلطة القاضي الجزئي مثلاً وجب رفع الدعوى إلى المحكمة المدنية في الصورة الأولى وللمحكمة الجزئية في الصورة الثانية لأن المحكمة المدنية هي المحكمة العادية في نظام يوجد فيه محاكم مدنية ومحاكم تجارية (راجع دالوز س 52 - 2 - 29), ولأن محكمة الخط عندنا لا تكون مختصة إلا إذا كان المدعي والمدعى عليه تابعين لمحكمة خط واحدة (المادة الرابعة عشرة من لائحة إجراءات محاكم الإخطاط).
ثالثًا: لاحظوا بعد ذلك أنه إذا عمل بالنص على إطلاقه استطاع المدعي أن يجمع بين دعاويه المتنافرة التي له على خصومه في دعوى واحدة يرفعها أمام المحكمة التي يكون في دائرتها محل أحدهم فيتمكن بذلك من إبعاد بعضهم عن محكمته التي هو تابع لها فأرادوا أن يقيدوه بما لا يخرج عن مقصود الشارع ولكنهم اختلفوا في تحديد هذا المقصود فكان منهم المضيقون والموسعون على مراتب لهم في التخفيف والتشديد.
فكان منهم من لم يشترط ألا أن يكون للمدعي مصلحة ظاهرة في الجمع بين من اختصمهم تتحقق بها أدنى ما قصده الشارع من تسهيل إجراءات المرافعات وتوفير زمن المقاضاة وتنقيص المصاريف القضائية ويليهم من اشترط أي ارتباط ما ويليهم من اكتفى بوحدة السند وبعدهم من أوجب وحدة الدين ووراءهم من اشترط وحدة الدين والسبب والسند وقد تبعهم القضاة في ذلك ولكن الراجح فقهًا وقضاءً هو مذهب الموسعين، فهذا كاريه وشيفو يجيزان لمن أقرض مبلغًا من النقود لعدة أشخاص بغير تضامن بينهم أن يرفع دعواه عليهم جميعًا بطلب إلزام كل منهم بنصيبه في الدين أمام المحكمة التي يقيم أحدهم في دائرة اختصاصها وحجتهما أنه إذا أجبر على مخاصمة كل منهم أمام محكمته التي هو تابع لها لم يستطع السير في إجراءات هذه الدعاوى لاضطراره إلى تقديم سنده في ملف كل واحدة منها (راجع المسألة نمرة (256) على المادة (59) في مؤلفهما في المرافعات)، وهو رأي ربرتوار دالوز نوتة (38) تحت كلمة اختصاص المحاكم المدنية.
أما جارسونيه والأستاذ أبو هيف بك فهما من المتوسطين في التوسعة لأنهما يكتفيان بأن يكون المدعى عليهم مدينين معًا بدين واحد أو مدينين بالتضامن أو أن يكون بينهم رابطة تجعل المسألة المطلوب الحكم فيها واحدة راجع جارسونيه صـ 140 من الجزء الثاني طبعة ثانية ومن تسييه (نوتة (164) على المادة (59) من تعليقات على قانون المرافعات وكاربنتيه نوتة (226) وما بعدها تحت كلمة اختصاص مدني)، وليون كان (مقاله الذي ذيل به حكم محكمة النقض والإبرام الفرنسية في 3 فبراير سنة 1914 (البنديكت الدورية سنة 14 - 1 - 177).
أما جلاسون فهو من المتشددين باشتراطه وحدة الدين والسبب والسند (راجع الجزء الأول صـ 285 طبعة ثانية وكذلك ترى الخلاف في أحكام المحاكم الفرنسية فبينما ترى دائرة الطلبات بمحكمة النقض والإبرام تأخذ بمذهب المتشددين ترى الدائرة المدنية تجري مجرى الموسعين.
ولقد ظهر خلافهما في دعوى رفعها حامل كمبيالة لم يقبلها المسحوب عليه مع وجود مقابل الوفاء عنده على كل من الساحب والمسحوب عليه أمام المحكمة التابع لاختصاصها محل الساحب فرأت دائرة الطلبات عدم جواز رفع هذه الدعوى إلا أمام محكمة المسحوب عليه معتمدة في ذلك على أن المسحوب عليه لما لم يصبح بسبب عدم قبوله رفع الكمبيالة طرفًا في عقد الحوالة الذي تم بإنشاء الكمبيالة بين حاملها وساحبها لا يمكن اعتباره ملزمًا بقيمتها مع الساحب على اعتبارهما مدينين معًا بدين واحد وبسبب واحد وعلى أن وجود مقابل الوفاء تحت يده لا يجيز لحامل الكمبيالة أن يدخله في الدعوى إلا باعتباره ضامنًا له الحوالة ومتى صار الساحب ضامنًا الحوالة وجب رفع الدعوى عليه وعلى المسحوب عليه أمام المحكمة التابع لها محل إقامة المدين دون المحكمة التابع لها محل إقامة الضامن (راجع حكم دائرة الطلبات في 18 مايو سنة 1909, دالوز الدورية 1912 - 1 - 15) والبنديكت سنة 1909 - 1 - 233.
أما الدائرة المدنية فرأت جواز اختصامهما أمام المحكمة التابع لها محل أحدهما بغير تمييز بينهما على اعتبارهما مدينين بقيمة الكمبيالة وحجتها أن القانون لم يشترط لتطبيق الفقرة الثانية من المادة (59) أن يكون الدين المطلوب الحكم به ناشئًا عن سند واحد في حق جميع المدعى عليهم وأنه يكفي أن يكون ثمة ارتباط بين عدم دفع المسحوب عليه قيمة الكمبيالة ووجود مقابل الوفاء عنده (راجع البنديكت سنة 1914 - 1 - 177).
وقد انتصر ليون كان لهذا الحكم بمقال ذيله قال فيه إن القانون لم يشترط وحدة السبب وأن مقصود الشارع من إباحة رفع الدعوى على المدعى عليهم المتعددين أمام المحكمة التابع لها محل أحدهم هو سهولة مقاضاتهم معًا في القضايا المرتبطة مع توفير الزمن وتنقيص المصاريف القضائية وأن الارتباط بين المسحوب عليه والساحب جلي لأن حامل الكمبيالة لم يوجه دعواه على الساحب إلا لامتناع المسحوب عليه عن الدفع ولكي يكون حاضرًا منازعة المسحوب عليه فيما تحت يده من مقابل الوفاء ولو أجبر على مقاضاة كل منهما أمام محكمة لجاز أن يتناقض الحكمان اللذان يصدران فيهما في شأن وجود مقابل الوفاء وعدم وجوده, ثم لاحظ في آخر مقاله أنه كان ينبغي أن لا يكون ثمة خلاف في الرأي بين دائرة الطلبات والدائرة المدنية لأن وظيفة محكمة النقض تنحصر في توحيد تفسير القانون ورفع ما يقع من الخلاف فيه بين المحاكم وأن دائرة الطلبات يجب عليها بمقتضى اختصاصها أن تبقي إلى الدائرة المدنية عند نظر جميع قضايا النقض والإبرام ما ترى الأمر متنازعًا فيه لتفصل فيه الدائرة المدنية المختصة ويظن ليون كان أن السبب في صدور هذا القرار من دائرة الطلبات هو غفلتها عن حكم محكمة الدائرة المدنية الصادر قبل ذلك في أول أغسطس سنة 92 (البنديكت 92 - 1 - 496) الذي أجاز رفع الدعوى على متعددين أمام المحكمة التابع لها محل أحدهم بغير اشتراط وحدة السبب ووحدة السند حيث أجازت فيه لشركة التأمين أن ترفع دعواها على المؤمن الذي تعاقد معها وعلى من آل إليه العقار المؤمن عليه بحكم مرسي المزاد بشرط الاستمرار في تنفيذ عقد التأمين أمام المحكمة التابع لها محل أحدهما ولقد ثبتت محكمة النقض والإبرام على هذا المبدأ فقضت به في 16 يناير سنة 24 بجواز رفع الدعوى من المرسل إليه على أمين النقل وشركة التأمين أمام المحكمة التابع لها محل أحدهما ولو أن دعواه على الأول مترتبة على عقد النقل والثانية على عقد التأمين (راجع بنديكت سنة 24 صـ 156 جزء أول).
والظاهر في أحكام المحاكم المختلطة أنها تأخذ بمذهب الموسعين فلا تشترط إلا أن يكون هناك ارتباط إما لسبب موضوع الدعوى أو لسبب سندها أو بسبب العمل المولد للإلزام (راجع حكم (13) يناير سنة 1911 سنة 22 بلتان صـ 95).
والتحقيق أن القانون لم يشترط شرطًا ما فإذا قال الموسعون إن القانون لم يشترط وحدة السبب أجابهم المتشددون أن القانون كذلك لم يشترط وحدة الدين وهو ما وقع الاتفاق على اشتراطه وإذا رجعنا إلى مناط الحكم وعلته بالاجتهاد وقع الاختلاف ففريق يكتفي بما يسهل إجراءات المرافعات ويوفر الزمن والمصاريف وفريق يجعل علة الحكم خوف التناقص في الأحكام ولذلك يستحيل القطع بالحق في هذه الآراء, على أنه مهما كانت أسباب الشك فإننا نميل إلى ترجيح مذهب الموسعين الذين لا يشترطون إلا أدنى ما يتحقق به غرض الشارع فنكتفي بأن يكون هناك ارتباط أوثق مما يدعو إليه مجرد تسهيل الإجراءات ووفرة الزمن وتنقيص المصاريف وأخف مما تدعو عدم مراعاته إلى التناقض في الأحكام على أن يوازن القاضي في كل قضية بين مراعاة حق كل من المدعى عليهم في دفع الخصومة الموجهة عليه أمام محكمته التي يقيم في دائرتها وحق المدعي في الجمع بينهم في دعوى واحدة لمصلحة مشروعة وجيهة فيقضي بعدم الاختصاص إذا ظهر له من أحوال الدعوى ما يدل على أن المدعي قد قصد من إدخال بعض المدعى عليهم حرمان البعض الآخر من محكمته التابع هو لها.
وليست الصعوبة التي حاولنا تذليلها هي الصعوبة الوحيدة التي تصادفك في العمل فقد تعرض صعوبات أخرى, أفرض أن المحكمة التي يقيم في دائرتها أحد المدعى عليهم ورفعت أمامها الدعوى لم تكن مختصة بالنسبة له بنظر الدعوى من حيث نوع القضية أو لم تكن مختصة بها من ناحية محل الإقامة فهل للمدعى عليه الثاني أن يدفع بعدم الاختصاص أم لا.
فأما إذا كانت المحكمة التي رفعت إليها الدعوى هي المحكمة التي يقيم فيها أول المدعى عليهم ولكنها غير مختصة بها من ناحية نوع القضية وكان عدم الاختصاص متعلقًا بالنظام العام جاز للمدعى عليه الثاني أن يدفع بعدم الاختصاص فتحكم المحكمة به أولاً بالنسبة للمدعى عليه الأول ثم تحكم به بالتبع بالنسبة للمدعى عليه الثاني وقد عرضت هذه المسألة على محكمة بواتيه في قضية أقامها أحد الأهالي أمامها على بلدية بواتيه وعلى آخر أعطى مقاولة أشغال الأسهم النارية في أحد الأعياد وطلب بها الحكم بإلزامهما متضامنين بما أصيبت به عينة من الضرر فرأى المقاول أن الدعوى لا يصح رفعها على البلدية إلا أمام المحكمة الإدارية فدفع بعدم اختصاص محكمة بواتيه بنظرها بالنسبة للبلدية وبعدم اختصاصها بالنسبة له بطريق التبع فحكمت بعد اختصاصها بنظر الدعوى في حق البلدية وبعدم اختصاصها بطريق التبع بالنسبة للمقاول (راجع حكم محكمة بواتيه في 7 إبريل سنة 14 البنديكت 14 - 2 - 155).
أما إذا كانت المحكمة التي رُفعت إليها الدعوى غير مختصة بها بالنسبة لمحل الإقامة كأن لم يكن لأحد المدعى عليهما في دائرتها غير مسكن مؤقت ودفع هو بعدم الاختصاص فلا شك أن لزميله أن يستفيد من هذا الدفع وأن يطلب الحكم بعدم الاختصاص بالنسبة له بطريق التبع, لأنه إذا قيل أن الدفع بعدم الاختصاص المبني على المصلحة الشخصية هو من حق صاحبه فقط قلنا إن هذا لا يمنع زميله من أن يستفيد من آثاره كما يستفيد من تعاقد مع عديم الأهلية من آثار إبطال هذا العقد عند الدفع به من عديم الأهلية.
ولكن ألا يجب في الحق أن نعترف بأحقية المدعى عليه الثاني في الدفع بعدم الاختصاص حتى في صورة عدم حصول الدفع به من صاحبه المدعى عليه الأول وأن نقول في تأييده إن القانون قد أوجب عند تعدد المدعى عليهم رفع الدعوى أمام المحكمة التي يكون في دائرة اختصاصها محل أحدهم وأنك إذا خالفت القانون فرفعتها أمام محكمة لا يكون لأحدهم فيها إلا مسكن مؤقت كانت المخالفة واقعة على صاحب السكن وعلى زملائه ويجب أن يكون لكل منهم حق في الدفع بعدم الاختصاص.
وإذا اعترض بأنه قد يترتب على ذلك أن يضار المدعى عليه الثاني المدعى عليه الأول إذا رضي هذا باختصاص المحكمة وسكت عن الدفع بعدم الاختصاص أجبنا بأنه يمكن رفع الضرر عنه بإبقائه على حقه في ترك التمسك بعدم الاختصاص وإجازة الحكم بعدم الاختصاص بالنسبة للمدعى عليه الثاني إذا كان الموضوع قابلاً للقسمة ولا وجه لشكوى المدعي من ذلك لأن ما يجري من تجزئة الدعوى إنما نشأ عن خطئه, ولنا جواب آخر نقول فيه إن هناك مصلحتين متعارضتين مصلحة المدعى عليه الأول في الرضاء باختصاص المحكمة وإن كانت غير مختصة وهي تقضي بالاعتراف له بأحقيته في التنازل عن حق خول له لمصلحته الشخصية والمصلحة الأخرى هي مصلحة المدعى عليه الثاني في إعادة القضية إلى محكمته الأصلية التي يقيم في دائرتها وظاهر أن مصلحة المدعى عليه الثاني في نظر القضية أمام المحكمة المختصة أولى بالاعتبار من مصلحة المدعى عليه الأول في نظرها أمام محكمة غير مختصة لأن رعاية مصلحة المدعى عليه الثاني تجري وفق أحكام توزيع الاختصاص فهي أسمى درجة من مصلحة المدعى عليه الأول القائمة على مجرد مصلحته الشخصية.
وعلى هذا يجوز لنا أن نقول إن الدفع بعدم الاختصاص المركزي عند تعدد المدعى عليهم لا يكون خاصًا بصاحبه وإنما لزملائه الذين يتأذون من الحضور أمام محكمة غير مختصة أن يدفعوا به ولا نستثني من ذلك إلا المدينين المتضامنين فإن رضاء صاحب الدفع باختصاص المحكمة التي رُفعت إليها القضية مانع لغيره من الدفع به (راجع ربرتواركار بنتيه نوتة نمرة (115) تحت كلمة دفوع).
هذا ولم نرَ فيما بين أيدينا من كتب المرافعات من ذكر هذه المسألة وعرض لحلها ولكننا رأيناهم يدرسون مسألة أخرى قريبة منها ويذكرون خلاف الفقهاء فيها وهي إذا لم يتمسك طالب الضمان بالدفع بعدم اختصاص المحكمة بالنسبة لمحل إقامته ووجه مع ذلك دعوى الضمان إلى ضامنه وحضر الضامن فهل له أن يدفع بعدم الاختصاص ولو لم يكن الدفع خاصًا به، ولقد رأينا كاريه شيفو يصرح في المسألة نمرة (753) مكررة بأن الدفوع ليست من الحقوق الذاتية التي لا يجوز الدفع بها إلا من صاحبها وأنه يجوز لمن يلحقه ضرر من سكوت صاحب الدفع عن إبدائه أن يستمسك به استقلالاً لدفع الضرر عنه وعلى ذلك يرى جواز الدفع من الضامن بعدم الاختصاص عند سكوت طالب الضمان.

حامد فهمي
المحامي

          

رقم الصفحة : (1) من إجمالي  1

            


 
 
الانتقال السريع          
  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3595 / عدد الاعضاء 62