اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

 

    مكتبة الأبحاث القانونية      قانون المرافعات      تسجيل تنبيه نزع الملكية وآثاره في القانون الأهلي

        
 
  المؤلف : عبد الحميد أبو هيف   المصدر : مجلة المحاماة - مصر سنة 1923
    تسجيل تنبيه نزع الملكية وآثاره في القانون الأهلي

مجلة المحاماة - العدد العاشر
السنة الثالثة - يوليه سنة 1923

تسجيل تنبيه نزع الملكية وآثاره في القانون الأهلي

1 - هل يترتب على تسجيل التنبيه في القانون الأهلي غل يد المدين عن التصرف في العقار المراد التنفيذ عليه ؟
اختلفت الآراء في هذا الموضوع اختلافًا كبيرًا, فقال البعض بأن تسجيل التنبيه يمنع المدين من التصرف في العقار المذكور في ورقة التنبيه, ورأى آخرون أنه لا يترتب عليه هذا الأثر نظرًا لعدم النص عليه.
وقد كتبنا في هذا الموضوع طويلاً في كتابنا (طرق التنفيذ والتحفظ) وأخذنا بالرأي الثاني للأسباب التي ذكرناها فيه.
ثم ظهر في عالم الوجود مؤلف الأستاذ الدكتور عبد السلام ذهني في (المداينات) أي (الالتزامات) فأخذ في الجزء الثاني منه بالرأي الأول القائل بمنع التصرف، وظهر من بعده مقال لحضرة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح بك السيد نشر في مجلة المحاماة في عددها السادس من السنة الثالثة ذكر فيه أنه ما زال متشبثًا برأيه الذي أبداه في حكم أصدره مذ كان قاضيًا في محكمة شبين الكوم الجزئية وأنه يعود إليه ولو مؤخرًا ليعززه بما يدفع عنه تأثير الردود التي جئنا بها في كتاب (طرق التنفيذ والتحفظ) وإننا نثني على همة الأستاذين ثناءً عظيمًا لما ألقيا على الموضوع من نور, ومع ذلك لا نرى محلاً للأخذ برأيهما فيه, ونؤمل أننا سنستطيع أن نأتي هنا بإيضاحات جديدة يتمكن بها غيرنا من مشاركتنا في البحث علنا نصل جميعًا إلى إدراك الرأي الصحيح بلا كبير عناء.
2 - يعلم الجميع أن مبدأ منع التصرف قد جاءنا من نص المادة (686)، وما بعدها من قانون المرافعات الفرنسي الذي عدل في سنة 1841, وجعل فيه منع التصرف أثرًا من آثار تسجيل محضر الحجز، وجاءت من بعد ذلك المادة (34) من قانون الحجز العقاري لصالح البنوك العقارية الصادر في 28 فبراير سنة 1852, فجعلت منع التصرف يترتب على تسجيل التنبيه الذي يجريه البنك العقاري، وأن هذا المبدأ قد أدخل في القانون المختلط في مادة (608) في سنة 1886, وأن الشارع الأهلي لم ينص مطلقًا على أن منع التصرف يترتب على أي إجراء من إجراءات نزع الملكية العقارية.
3 - ونحن نريد هنا أن نبين أولاً ما هي المسائل المتفق عليها في هذا الموضوع في أحكام فرنسا وعن شراحها وما يختلفون فيه حتى يتسنى لنا أن ندرك مقدار الخطأ والصواب في الرأي الذي يصح أن يتخذ في القانون الأهلي الذي لا ينص على منع التصرف، ونعتقد أنه إذا تبين مقدار الخلف الموجود في تفسير هذا الموضوع في القانون الفرنسي فإن حالة الرأي الذي يتخذ عندنا لا تلبث أن تظهر ويتضح الخطأ من الصواب.
4 - القانون الفرنسي ينص على منع التصرف.
ومن المسلم به فيه أنه إذا حصل التصرف بعد تسجيل محضر الحجز فهو باطل غير أن هذا البطلان ليس بطلانًا تامًا ولا جوهريًا ولا هو غير قابل للزوال, وأنه على العكس بإجماع الآراء بطلان نسبي لا ينتفع به غير الأشخاص المذكورين على سبيل الحصر في المادة المقابلة للمادة (608) مختلط وهم: الدائن الطالب والدائنون الآخرون الذين أعلنوا المدين بالتنبيه والدائنون المسجلون [(1)]، ولا يجوز التمسك بهذا البطلان لا للمدين ولا للمشتري من المدين.
كذلك من المسلم به فيه أنه لغاية تسجيل محضر الحجز يكون المدين حرًا في التصرف وإعطاء الرهون بلا قيد ولا شرط, ولذلك ليس للدائنين أن يعتبروا التصرفات الحاصلة منه حتى بعد الحجز باطلة ما دامت قد وقعت قبل تسجيل الحجز, ولا يستثنى من ذلك غير حالات التواطؤ والإفلاس والصورية
وفي غير هذه الأحوال تكون التصرفات صحيحة ويبطل الحجز [(2)].
ولكن الخلاف كبير جدًا في معرفة نقطتين أساسيتين فيما يتعلق بالتصرف في القانون الفرنسي:
النقطة الأولى: ما معنى التصرف ؟
النقطة الثانية: هل المنع واقع على التصرف نفسه أم المنع يكون من مقتضاه عدم الاعتداد بالتصرفات الحاصلة قبل تسجيل الحجز إذا لم تسجل مطلقًا أو إذا لم تسجل إلا بعد تسجيل الحجز حتى ولو كانت ثابتة التاريخ من قبل التسجيل المذكور؟
أو بمعنى آخر ما هي طبيعة حق الدائن بصفته حاجزًا وهل يعتبر من الغير في مادة التسجيل ؟ وسنتناول البحث في هاتين النقطتين ثم نبين النتائج العملية للخلاف قبل أن ننتقل إلى الموضوع في القانون الأهلي.

النقطة الأولى: معنى التصرف:

5 - التصرف هنا يشمل نقل الملكية بعوض وبغير عوض وإعطاء حق عيني ينتزع من الملكية على العقار كحق الانتفاع وحق السكنى (ويشمل البيع الاختياري في المحكمة والرهن الحيازي في مصر) [(3)].
ولكن الخلاف كبير في معرفة مصير الرهن التأميني Hypothéque, هل يجوز من بعد تسجيل الحجز أو التنبيه أو لا يجوز ؟
رأى البعض أنه لا يجوز ومنهم جلاسون [(4)] وبلانيول [(5)] ومحكمة الاستئناف المختلطة في بعض أحكامها [(6)]، ورأت أغلبية العلماء والأحكام أن الرهن التأميني يجوز من بعد تسجيل الحجز [(7)].
إذا كان الأمر كذلك فإن هذه نقطة تدعو إلى أن يفكر فيها مليًا كل من يتصدى للقول بأن تسجيل التنبيه عندنا يترتب عليه منع التصرف بلا نص ذلك لأنهم ظنوا أن الغرض من نظام منع التصرف هو مجرد حماية الدائن الطالب خصوصًا الدائن العادي وتأمينه على دفع دينه حتى لا يستطيع أحد أن يفتات عليه [(8)]، ولكن الغرض ليس كذلك كما سيتضح من مناقشة الموضوع.
6 - ويستند أصحاب الرأي الأول إلى أن الرهن لا يصح أن يصدر إلا عن شخص له حق التصرف في العقار، وبما أن المدين ممنوع عن التصرف فهو ممنوع أيضًا عن الرهن.
وإن هذا الرهن مضر بحقوق الدائنين العاديين، فيجب أن يكون باطلاً لأن القانون قد وضع الدائن العادي الذي أوقع حجزًا عقاريًا في مركز خاص يمتاز به فيجب أن لا يحرمه المدين من استبقاء الضمان الذي وضع تحت أمر القضاء بتوقيع الحجز عليه, وبما أن التصرف فيه لا يضر الدائن المذكور لعدم نفاذه عليه فيجب ألا يضره الرهن أيضًا، لأن الضمان ينقص إذا صح الرهن.
وبناءً على هذا الرأي إذا توقع الرهن قبل تسجيل الحجز فلا يصح تسجيله بعد ذلك لأن الدائن العادي الذي أوقع حجزًا عقاريًا يصبح من الغير في مادة التسجيل فيكون له أن يحتج بأسبقية تسجيل الحجز [(9)].
7 - يستند أصحاب الرأي الثاني - وهو في نظرنا الرأي الصحيح - إلى أسباب ثلاثة:
الأول: تاريخي.
والثاني: منطقي.
والثالث: قانوني.
8 - فأما السبب التاريخي: فهو أن عند مناقشة مشروع القانون الذي أدخل منع التصرف قد تقرر رسميًا أن الرهن لا يدخل ضمن المنع وقد أريد إدخال تعديل من مقتضاه جعل الرهن ضمن التصرفات الممنوعة فرفض التعديل وتقدم الطلب في هذا الموضوع مرة أخرى بشكل آخر فلم يقابل في المرتين بغير الرفض, وأصبح مقررًا في الأعمال التحضيرية لقانون منع التصرف أن التصرف لا يشمل الرهن التأميني وهذه نقطة يجمع الكل على صحتها [(10)].
9 - وأما السبب المنطقي فهو أن نصوص القانون في موضوع منع التصرف لا تسمح مطلقًا بأن يكون التصرف رهنًا.
المادة (608) مختلط التي شملت ما في المواد الفرنسية (686) و(689) تقول بالحرف الواحد:
(لا يجوز للمدين من يوم تسجيل التنبيه أن يتصرف في العقارات المذكورة في التنبيه وإلا كان التصرف باطلاً من تلقاء نفسه، وبلا حاجة لحكم بذلك, غير أن هذا التصرف ينفذ إذا قام خليفة المتصرف l’acquéreur قبل اليوم المعين للبيع بإيداع مبلغ يكفي لوفاء جميع ديون وأرباح ومصاريف الدائن مريد الحجز والدائنين الآخرين الذين أعلنوا المدين بالتنبيه العقاري وسائر الدائنين المسجلة رهونهم على العقار وبشرط أن يعلنهم جميعًا بذلك الإيداع, وإذا كانت النقود المودعة مقترضة من الغير فلا يكون لهؤلاء حق الرهن إلا بعد الدائنين المسجلين وقت التصرف وإذا لم يحصل الإيداع قبل رسو المزاد فلا يعطى ميعاد للإيداع لأي سبب من الأسباب) [(11)].
فهل يسمح هذا النص بأن يكون الشخص الذي حصل إليه التصرف الممنوع دائنًا مرتهنًا ؟ كلا.
أرجو القارئ أن يستبدل كلمة التصرف بكلمة الرهن وكلمة خليفة المتصرف acquéreur بكلمة الدائن المرتهن ويقرأ المادة على هذا المنوال, فهل يستقيم التركيب ؟ وهل يكون معقولاً أن نكلف الدائن المرتهن إذا أراد استبقاء رهنه أن يدفع ديون جميع من ذكروا في المادة حتى يستبقي مرتبته العقارية, أي حتى يستبقي امتيازه على الثمن عند بيع يحصل بعد إجراءات أخرى ؟
وماذا عساها أن تكون مصلحته في دفع ديون جميع من ذكروا ؟ هذا لا يتصور مطلقًا.
إن النصوص في هذا الموضوع إنما تسمح بأن يكون المتصرف إليه شخصيًا قد انتقلت إليه (ملكية) العقار أو جزء منه أو حق عيني آخر منتزع من الملكية كالانتفاع والسكنى فيدفع ديون الدائنين المذكورين ويستبقي هذه (الملكية) جزئية كانت أو كلية, أما الدائن المرتهن فلا يطلب منه دفع الديون لاستبقاء الملكية لأنه لم يحصل على ملكية مطلقًا، وإنما حصل على تأمين لا يضر لا بالمشتري بالمزاد (لأن البيع الجبري سيخلص له العقار من كل الرهون)، ولا يضر بالدائنين المرتهنين، لأن رهونهم مفضلة على رهنه بحكم أسبقية تسجيلها، وإنما يضر حق الدائن المرتهن الجديد بحقوق الدائنين العاديين فقط.
10 - السبب القانوني هو أن الدائن العادي الذي يسعى في بيع عقار مدينه جبرًا عليه ليس له أن يطالب بمنع المدين عن إعطاء رهون جديدة بعد تسجيل الحجز, لأن الحجز الذي أوقعه لا يمكن أن يكون سببًا لتفضيله على غيره من الدائنين وليس له أن يلوم إلا نفسه لكونه قد أخطأ في الاعتماد على ذمة مدينه ولم يتطلب رهنًا يضمن له مرتبة عقارية يمتاز بها دينه على ديون غيره، وهب جدلاً أن له حقًا بمقتضى الحجز الذي أوقعه في منع مدينه من أن يرهن العقار، فهل يمكن القول بأن له باعتباره حاجزًا أي حق من الحقوق يمتاز به على أي دائن آخر يحجز على ثمن العقار تحت يد المشتري بالمزاد أو تحت يد كاتب المحكمة الذي أودع عنده الثمن, كلا فإنه من المقرر في هذا الموضوع بدون أدنى شك ولا جدال أن لكل دائن أن يوقع حجزًا أو يقدم طلبًا لينال حصته في توزيع الثمن, ولا يمتاز الدائن الحاجز على العقار على أي دائن آخر لمجرد كونه هو الذي سعى في بيع العقار, فبأي حق يكون له أن يمنع المدين من أن يعطى رهونًا يميز بها دائنًا آخر عليه ؟
الرد على هذا السؤال يتناول البحث في طبيعة حق الحاجز بصفته حاجزًا وما هو التكييف القانوني لهذا الحق وهذا ما يتبين من البحث التالي.

النقطة الثانية: طبيعة حق الحاجز

11 - الحاجز على العقار إما أن يكون دائنًا مرتهنًا وإما أن يكون دائنًا عاديًا, فإذا كان دائنًا مرتهنًا فإنه يمكن أن يعتمد مبدئيًا في القانونين الفرنسي والمختلط على سببين مختلفين لحماية حقه ضد تصرفات المدين, الأول حق الرهن والثاني حق الحجز, فالرهن ينشئ له حقًا عينيًا على العقار يسمح له بتتبعه وحجزه تحت يد أي شخص يكون ليحصل على دينه من ثمنه ولا يمتد هذا الحق إلى أكثر من ذلك, فلا يكون الرهن مانعًا المدين من التصرف في العقار بل يجوز للمدين أن يتصرف حتى بعد الحجز الحاصل من الدائن المرتهن ما دام التصرف حائزًا لتاريخ ثابت قبل تسجيل محضر الحجز بند (4)، وإذا كان للدائن المرتهن حق عيني على العقار فإن حجزه لا يحصل بمقتضى هذا الحق العيني وإنما يحصل بمقتضى كونه دائنًا، ولا يغير حصول الحجز من طبيعة حقه هذا، ذلك هو النظر الصحيح [(12)]، وبمقتضاه يكون المدين ممنوعًا من التصرف من يوم تسجيل الحجز ولكن لا يؤثر الحجز على التصرفات الحاصلة من قبله فلا يلغيها لأن الغرض هو منع التصرفات الجديدة لا التأثير على التصرفات السابقة متى كانت أسبقيتها ثابتة, ولا عبرة بكونها لم تسجل وهناك رأي آخر يقول بأن الدائن الحاجز يحصل على حق عيني بمجرد تسجيل الحجز حتى ولو كان دائنًا عاديًا وما دام أن الحق العيني ناشئ عن تسجيل الحجز فهو من حق الدائن المرتهن من حق الدائن العادي على السواء [(13)]، وهناك رأي ثالث يفرق بين الحاجزين بحسب كونهم مرتهنين أو عاديين فإذا كانوا مرتهنين جعل لهم حقًا عينيًا جديدًا ناشئًا عن تسجيل محضر الحجز بعكس ما إذا كانوا عاديين فلا يكون لهم أدنى حق عيني على العقار رغم كونهم قد حجزوا وسجلوا حجزهم [(14)]، ويقولون إن هذا الرأي هو الذي تحكم به المحاكم غالبًا في فرنسا [(15)] وهذا صحيح نظرًا للملاحظة التي أبديناها على الرأي الثاني ويعتمد هذا الرأي على المادة (3) من قانون (1855) التي تقول إن التصرفات غير المسجلة لا يعتد بها ضد الغير الذين اكتسبوا حقوقًا على العقار وأن هذه الألفاظ اختيرت خاصةً بحسب أقوال مقرر القانون المذكور، لمنع الدائنين العاديين من أن يتمسكوا بعدم التسجيل ولا شك حينئذٍ في أن تصرفات المدين غير المسجلة تكون حجة على دائنيه العاديين [(16)] أما إذا كان الحاجز دائنًا عاديًا فلا يعتمد إلا على حق الحجز، ولكن ما طبيعة هذا الحجز ؟ اختلفت الآراء فيه، فقال البعض إنه حق عيني اكتسب على العقار المراد التنفيذ عليه وحفظ بالتسجيل [(17)]، وقال آخرون إنه حق يصبح بمقتضاه الدائن العادي الذي أوقع حجزًا من طبقة (الغير) في مادة التسجيل فله أن لا يعبأ بكل تصرف لم يكن مسجلاً من قبل تسجيل الحجز أو التنبيه [(18)] وبديهي أن كلاً من الرأيين لا يعتمد إلا على النص الصريح الوارد في مادة (686)، والذي يقضي بمنع التصرف، وهذه النقطة في منتهى الأهمية، بل هي أساس كل القواعد الثابتة وهي مثار الخلاف لأن الخلاف واقع على تفسير ما يدخل تحت المنع المقرر بالنص لا ما لا يدخل تحته.
ورأى آخرون ورأيهم في نظرنا هو الرأي الصحيح أن القانون إنما أراد بالنص المذكور أن يسهل على الدائن حصول الإجراءات بحيث لا يستطيع المدين عرقلتها بالتواطؤ مع الغير فأمر بأن يعلن ذلك الغير بتسجيل محضر الحجز أو التنبيه ومتى تم هذا الإعلان فيكون ثمة قرينة قانونية قاطعة بأن التواطؤ موجود, وعلى قوة هذه القرينة يرتكن الشارع في إبطال كل ما يحصل من التصرفات بعد تسجيل الإجراءات باعتبار أنها حصلت لمصلحة شخص سيئ النية وبذلك يعفى الدائن الحاجز من إثبات سوء النية أو التواطؤ أو الضرر أو غير ذلك من شروط دعوى إبطال التصرف L’action paulienne فكأن كل ما أريد بالنص على منع التصرف هو إيجاد قرينة قانونية لصالح الحاجز تعفيه من إثبات شروط تلك الدعوى لنقض التصرفات الحاصلة بعد الإجراءات.
ينبني على ذلك أن التصرف الحاصل قبل تسجيل الحجز أو التنبيه لا تلحقه تلك القرينة لأن شرط التمسك بها هو علم المشتري أو نحوه، ذلك العلم الذي يعتبر حاصلاً بمجرد تسجيل الحجز, ويكفي ثبوت حصول التصرف قبل التسجيل حتى يعتبر التصرف صحيحًا، فإذا كان التصرف ثابت التاريخ قبل التسجيل المذكور فإنه يكون صحيحًا [(19)].
ورأى بعض المؤلفين [(20)] أن تسجيل الحجز يجعل المدين غير أهل للتصرف incapable ولكن هذا الرأي غير صحيح بدليل أنه من المسلم به كما قلنا في بند (4) هنا إن التصرف يكون صحيحًا بين المدين والمشتري أو نحوه وأن البطلان كما يذكره جلاسون نفسه نسبي محض [(21)]، ورأى البعض الآخر وهو رأي غير صائب أيضًا أن منع التصرف مبني على طبيعة الحجز وأن كل حجز يستتبع عدم جواز التصرف indisponibilité من جانب المدين [(22)]، والدليل الظاهر في القانون الفرنسي على بطلان هذا الرأي هو أن الحجز نفسه لا يمنع التصرف ولا يبطله وإنما الذي يمنعه أو يبطله هو النص الصريح الموجود في القانون والذي لا يترتب المنع إلا على تسجيل الحجز لا على الحجز نفسه [(23)] ومن المقرر أيضًا أن هذا النص استثنائي:
يقول بذلك جلاسون نفسه ويبني على كونه استثناءً أنه يجب أن يقتصر على منع البيع فإذا حصل عقد آخر بعد تسجيل الحجز كعقد الإجارة مثلاً فلا يمكن اعتباره لاغيًا من نفسه بل لا بد من رفع دعوى ببطلانه من جانب الدائنين [(24)].
12 - ولم يكن ليوجد أدنى شك في الحل المتقدم من يوم صدور قانون سنة 1841, الفرنسي الذي نص على منع التصرف إلى أن صدر قانون (23) مارس سنة 1855 الذي أوجب تسجيل حق الملكية والحقوق العينية العقارية الأخرى وكان يجب ألا يحصل أي خلاف فيما بعد نظرًا لأن الملكية كانت تنتقل قبل قانون (1855), بلا حاجة للتسجيل وكان التمييز بين المالكين لأي عقار يحصل بحسب أسبقية تاريخ التمليك, إذ كان الرهن التأميني يسجل في ذلك الوقت فكانت الملكية تعتبر ثابتة بين مدعي الملكية والدائن المرتهن بحسب تاريخ انتقال الملكية فإذا انتقلت قبل تسجيل محضر الحجز فقد أصبح واجبًا على الدائن العادي أن يرفع دعوى بطلان التصرف وواجبًا على الدائن المرتهن أن يعتبر المتصرف إليه حائزًا tiers - détentenr ويوجه إليه ما يلزم من الإجراءات مع العلم بأن الدائن المرتهن كان يحفظ حقه بالتسجيل في ذلك الوقت وكان محضر الحجز يسجل في ذلك الوقت وكان انتقال الملكية لا يسجل, فكان يجب أن تبقى الحال كما هي بينهم جميعًا بعد صدور قانون التسجيل في سنة 1855, إلا فيما يتعلق بالرهن وانتقال الملكية فإن العلاقة بين الراهن والمالك هي وحدها التي يلتفت فيها إلى أسبقية التسجيل لأن القانون المذكور وجد لتنظيم هذه العلاقة.
13 - ولكن بعض الكتاب نسى هذه الظروف وأغفل الحكمة التي من أجلها وضع نظام منع التصرف ورأى أن المقام مقام تسجيل وتنازع بين أشخاص متعددين يحفظون حقوقهم بالتسجيل مع اختلاف طبيعة تلك الحقوق فأصبحوا لا يميزون بين حق وحق إلا بأسبقية التسجيل وأغفلوا النظر إلى طبيعة الحقوق وإلى ما تستتبعه تلك الطبيعة من القواعد فنشأ عن ذلك خلط كبير واختلاف حاد.
14 - ورأي العلماء الذين يعتمد على رأيهم أن الحجز لا ينشئ حقًا عينيًا على العقار لمصلحة الحاجز [(25)] وأنه إذا كان الشارع قد أراد أن يقول بعكس ذلك فإنه كان يضع له من القواعد ما يتناسب مع القواعد المقررة قبل سنة 1855, فيقول مثلاً: لا يصح للمدين من بعد الحجز أن يتصرف في العقار (أضرارًا بالحاجز)، ولكن المادة (686) مرافعات فرنسي تقرر عكس هذه القاعدة تقول لا يصح للمدين أن يتصرف من بعد (تسجيل الحجز) لا من بعد (الحجز) فهي تجيز التصرفات الحاصلة من بعد الحجز وتجعلها نافذة على الحاجز بشرط أن تكون ذا تاريخ ثابت سابق على الحجز, ولذلك فإن النص المتقدم يقرر عدم وجود أي حق عيني لمصلحة الحاجز، وإذ كان الأمر كذلك فقد قررت محكمة النقض والإبرام الفرنسية أن الحاجز ليس له أن يتمسك بعدم تسجيل التصرف الحاصل قبل تسجيل محضر الحجز متى كان ثابت التاريخ من قبله لأن الحاجز لا يكون من (الغير) في مادة التسجيل [(26)] والاعتراض الوحيد على ذلك أن الإجارة الطويلة يجب أن تسجل وهي ليست حقًا عينيًا ولذلك فلا يكون صحيحًا أن يقال إن التمسك بالتسجيل إنما يكون لصاحب الحق العيني، ولكن هذا الاعتراض مدفوع بأمرين الأول أن القانون نص عليها بالذات والثاني أن الإجارة الطويلة تؤثر بطبيعتها في الانتفاع بالعقار فتحرم منه أصحاب الحقوق حرمانًا يكاد يشبه الحرمان الناشئ من الحقوق العينية المنتزعة من الملكية, فإذا ما سجلت أمكن كل شخص يريد اكتساب حق على العقار أن يتأكد من وجودها ويتخذ عدته بعد العلم بها, وفوق ذلك فإن جل تطبيق المادة 613/ 740 مدني المتعلقة بالإجارات ووصولات الأجرة المعجلة الواجب تسجيلها هو بالنسبة لحقوق الدائنين المرتهنين الذين يريدون التنفيذ على العقار فأراد القانون أن يشهر المستأجر عقد إجارته ووصولات ما دفع من الأجرة مقدمًا حتى يعلم بها الدائنون المرتهنون وقت حصول الرهن فإذا لم تكن الإجارة مسجلة مثل الرهن فلا عبرة بتسجيلها قبل تسجيل التنبيه أو محضر الحجز ولا تسري من بعدهما إلا لمدة تسع سنين عندنا إذا كانت ثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه بعكس ما إذا كانت مسجلة قبل الرهن فإنها تسري بكامل مدتها [(27)].
15 - كذلك رأى العلماء الذين يعتد برأيهم أن حالة القوانين الحاضرة لا تسمح مطلقًا باعتبار الحاجز من الغير (في مادة التسجيل)، وهنا يجب التمييز الدقيق بين حالة من يسمون (الغير) بلا وصف آخر، وبين من (يسمون الغير في مادة التسجيل).
16 - فالحاجز هو من الغير ولو كان دائنًا عاديًا، بمعنى أن حجزه يكسبه صفة جديدة تسمح له بالتمسك بنص المادة (1328) مدني فرنسي المقابلة للمادة المصرية 228/ 293 أي أن له أن لا يعتد بالإيصالات التي لم يكن تاريخها ثابتًا قانونًا قبل تسجيل محضر الحجز ولا بالتصرفات الحاصلة على العقار نفسه إذا لم تكن ثابتة التاريخ كذلك, وذلك لأنه بعد تسجيل الحجز يكون له حق مستقل عن حق المدين يسمح له بعدم التمسك بالعقود العرفية التي يحررها مدينه ما لم يثبت تاريخها قبل تسجيل الحجز.
17 - ولكن الحاجز ليس من الغير (في مادة التسجيل) أي ليس من الغير بالنسبة لتطبيق المادة الثالثة من قانون 1855 (611 و737 مصري) لأن هذه المادة تذكر أشخاصًا ذوي أوصاف خاصة لا يدخل من ضمنهم الدائن العادي ولو كان قد سجل الحجز على أحد عقارات مدينه [(28)].
18 - وإذا كان بعض القوانين الأجنبية قد جاء بنصوص يمكن أن يفهم منها صراحةً أو ضمنًا أنه يجعل الدائنين العاديين من الغير في مادة التسجيل [(29)] فإنه من المؤكد أن هذه ليست القاعدة في القانون الفرنسي ولا في القانون المصري رغم كونه محكمة الاستئناف الأهلية أرادت أن تلقي شيئًا من الشك على هذه النقطة بحكمها الآتي ذكره في بند (41) من هذا المقال.
19 - ينبني على ذلك كله أن الدائن العادي الذي أوقع حجزًا على عقار مدينه ليس له أن يحتج على مشتري العقار الذي اشترى قبل تسجيل محضر الحجز حتى ولو لم يكن قد سجل قبل تسجيل محضر الحجز وليس له أن يطلب إبطال هذا الشراء لأن هذا الشراء قد حصل قبل تسجيله محضر الحجز فهو ليس ممنوعًا على الرأي الصحيح نظرًا لكون الحاجز لا يحصل على حق عيني بمقتضى حجزه ونظرًا لكونه لا يعتبر (من الغير) الذين لهم حق الاعتراض على عدم التسجيل.

خلاصة الأبحاث الفرنسية

20 - يتبين من الأبحاث المتقدمة أنه بالرغم من وجود نصوص خاصة تمنع التصرف في فرنسا من بعد تسجيل محضر الحجز أو التنبيه فإن الخلاف قائم هناك على ما إذا كان يجوز للمدين أن يمنح لدائنيه رهونًا تأمينية بعد التسجيل المذكور والرأي الصحيح الذي تؤيده آراء العلماء والمحاكم هو أن الرهن جائز بعد تسجيل الحجز.
إن الخلاف قائم أيضًا على حق الدائن في اعتبار التصرف الحاصل قبل التسجيل المذكور باطلاً إذا لم يكن مسجلاً قبل التسجيل المذكور وأن الرأي الذي عليه أكثر العلماء وكل الأحكام الصادرة من أعلى المحاكم أن التصرف يكون صحيحًا ولو لم يكن مسجلاً قبل تسجيل الحجز.

القانون المختلط قبل دكريتو 1886

21 - كان يشتمل القانون المذكور على نوعين من الإجراءات: النوع الأول يسلكه الدائن الذي ليس له رهن على العقار حتى ولو كان العقار مرهونًا لغيره, وهذا النوع طويل جدًا ويشتمل على تنبيه وتسجيل التنبيه وحجز وتسجيل الحجز وتحرير قائمة شروط وإعلان إيداعها لأرباب الديون المسجلة ومعارضات في قائمة شروط البيع ثم إجراءات البيع (مادة 605 إلى 666 مختلط قديم).
النوع الثاني سريع جدًا يسلكه الدائن الذي له رهن على العقار إذا كان البيع مقصورًا على العقار المرهون له وإجراءاته تنحصر في تنبيه يسجل ولا حجز فيه ولا تسجيل ويمكن أن يحصل البيع بعد مضي ستة أسابيع فقط من مضي خمسة عشر يومًا على التنبيه إذا لم يدفع المدين الدين وتحرر قائمة شروط يعلن إيداعها لأرباب الديون المسجلة وتحصل المعارضات قبل يوم البيع بثمانية أيام بالأقل وينظر فيها في ظرف الثمانية الأيام المذكورة بلا استئناف للحكم (مادة 667 إلى 675 مختلط قديم).
22 - ومعلوم أن الرهن القضائي كان موجودًا قبل سنة 1886, وكان كل دائن عادي يسارع إلى أخذ حكم ولو بصحة الإمضاء ويحصل على رهن ويسارع إلى اتخاذ الإجراءات السريعة, وما كان الشارع المختلط بمضطر مطلقًا لأن يوجد نصًا يقابل المادة (608) الحالية التي تنص على منع التصرف وذلك نظرًا لسرعة الإجراءات التي تستند إلى حق الرهن وهو بطبيعته يحفظ حق الدائن من أن يضره أي تصرف يحصل بعد الرهن، فإذا لم يكن ثمة تصرفات حاصلة قبل بدء الإجراءات فلا يعبأ بها بعده, وإذا حصل تصرف أنذر حائز العقار وسار في الإجراءات ضد المدين ثم الحائز وشأنه في اختيار الطريق التي يفضلها على غيرها مما ورد ذكره في القانون المدني.
23 - وقد روى لنا الأستاذ عبد الفتاح بك السيد في مقالته المنشورة في المحاماة (صـ 195) أن المحاكم المختلطة في ذلك العهد كانت تحكم بمنع المدين من التصرف على أثر تسجيل التنبيه وبعضها يحكم به على أثر تسجيل الحجز والحقيقة أن الحكمين قد جاءا في معرض البحث عن حقوق الدائنين المرتهنين وأن الدائنين الذين حكمت لمصلحتهم المحاكم المختلطة في هذين الحكمين كانا من الدائنين المرتهنين فليس في الحكمين شيء يفيد الدائن العادي الذي يريد الأستاذ حمايته.
24 - على أن الحكم الأول [(30)] في نظرنا سديد ولكن لغير الأسباب التي بنته عليها المحكمة وتتلخص وقائع الدعوى فيه أن دائنًا مرتهنًا اتخذ الإجراءات السريعة المقررة له كما جاء في بند (21) هنا ثم أوقف البيع برفع دعوى استحقاق وكان هناك دائنون مرتهنون آخرون فاشترى الدائن الأول والعقار وأراد أن يحتسب نفسه حائزًا Tiers détenteur وطلب من دائن آخر أن يقبل منه الثمن الذي يعرضه عليه طبقًا للقانون المدني, فالمحكمة قالت بعدم صحة البيع لأنه حاصل بعد تسجيل التنبيه بناءً على أن (الحجز العقاري من طبيعته أن يضع العقار المحجوز تحت يد القضاء ولا يجوز للمدين أن يتصرف فيه بدون موافقة الدائنين الآخرين فهو بالنسبة إليهم باطل بطلانًا جوهريًا مطلقًا ولا يمكن التمسك به ضده) هكذا قالت وهذا غير صحيح طبقًا لما أوردناه من أقوال علماء القانون الفرنسي ومحاكمه (بند (4) و(11) و(14) هنا)، ولكن السبب في عدم جواز شراء الدائن للعقار الذي أراد التنفيذ عليه إضرارًا بالدائنين الآخرين هو نص المادة (627) مختلط قديم الصريح الذي يجعل الدائنين المرتهنين جميعًا مشتركين في إجراءات التنفيذ بعد التأشير على هامش محضر الحجز بحصول إعلان هؤلاء الدائنين بإيداع قائمة شروط البيع إذ قبل حصول هذا التأشير يكون له الحق وحده في التنازل عن الإجراءات وشطب ما حصل تسجيله من الأوراق المتعلقة بالحجز بدون أن يتفق مع أحد من الدائنين المرتهنين الآخرين أما بعد التأشير فلا يكون ذلك صحيحًا إلا برضاء كلي منهم أو بعد أخذ حكم نهائي ضدهم جميعًا (626/ 627) هذه هي الحقيقة التي يبنى عليها الحكم الأول لا الحجز نفسه ولا تسجيل التنبيه ولا غير ذلك مما لم يرتب له أي أثر في موضوع التصرفات.
25 - الحكم الثاني [(31)] أيضًا يخص دائنًا مرتهنًا سار في الإجراءات السريعة وسجل التنبيه طبقًا للمادة (668) القديمة وكان العقار قد بيع ولم يسجل البيع إلا بعد تسجيل التنبيه بخمسة أيام والمشتري وضع يده على العقار وادعى ملكيته بخمس سنين فقالت المحكمة إن التنبيه في حكم الحجز (لأن الإجراءات السريعة لم يكن فيها حجز كما مر في بند (21) هنا)، والحجز من شأنه أن يضع العقار المرهون تحت يد القضاء ولذلك ما كان للمدين أن يتصرف وإلا كان ذلك باطلاً فلا يمكن للمشتري أن يتمسك بخمس سنين لأنه ليس لديه سبب صحيح لأن البيع ممنوع قانونًا وهذا الحكم كله خلط، لأن التمسك بالسبب الصحيح ووضع اليد لا يكون إلا لمن اشترى من غير المالك، ومقرر أن البيع حصل من المدين المالك, أما قوله إن الحجز يمنع من التصرف فهذا القول قد ظهر الخطأ فيه من إجماع علماء فرنسا وأحكامها، على أنه لا يمنع بند (4) و(14).
26 - فلا محل بعد ذلك للرجوع إلى أحكام كلها خطأ في خطأ للاستنارة بالمبادئ الخاطئة التي تقررها لنا ولدينا الينابيع الفياضة من علم الفرنسيين، مؤلفيهم ومحاكمهم.
القانون المختلط بعد دركريتو 1886
27 - لما علت الشكوى من سوء تصرف الدائنين مع المصريين وأساء الأولون استعمال النصوص القديمة أصبح التنفيذ العقاري لا يحصل إلا بالطريق السريعة ولصالح الدائن المرتهن دائمًا لأن كل دائن كان في مقدوره أن يصبح ذا رهن قضائي إذا لم يكن عنده رهن تأميني من أول الأمر (بند 22) اضطرت الحكومة إلى تعديل القانون فوحدت الإجراءات وجعلتها واحدة للدائنين العاديين والمرتهنين على السواء وفي مقابل البطء الذي أدخل عليها والتنظيم الذي أحاط بها للمحافظة على حقوق كل من يهمهم شأن العقار على العموم أخذ الشارع نصوص القانون الفرنسي المتعلقة بمنع التصرف وأدخلها بدكريتو 1886, ووضعها كلها في مادة (608) الجديدة وجعل منع التصرف أثرًا من آثار تسجيل التنبيه على نسق قانون البنوك العقارية الفرنسية الصادر في سنة 1852.
28 - أما الأحكام المختلطة الصادرة بعد دكريتو 1886, فهي متمشية تمامًا مع المبادئ الفرنسية الصحيحة في موضوع منع التصرف (بند 20 هنا) إلا فيما يتعلق بالرهن فقد صدرت بعض أحكام لا تجيز الرهن من بعد تسجيل التنبيه [(32)]، وهذان الحكمان لم يبحثا مطلقًا في موضوع جواز الرهن وعدم جوازه بعد تسجيل التنبيه (محضر الحجز في فرنسا) بل أخذًا به كقضية مسلمة وجعلاً لحق الاختصاص حكم الرهن مع أن المسألة مقطوع فيها بعكس هذا الرأي في فرنسا (بند 7 - 10 هنا)، ولذلك فلا يكون لهما قيمة علمية في هذا البحث, على أن المحكمة قررت فيهما أن منع التصرف لا ينتج بطلانًا بالمعنى الحقيقي بل مجرد وجه لعدم التمسك بالرهن Simple inopposabilité وأن هذا الوجه خاص بالدائنين الحاجزين والمرتهنين والذين أعلنوا المدين بالتنبيه فمن لم يكن منهم يسري عليه الرهن أو الاختصاص وأنه إذا سقطت الإجراءات المتخذة للتنفيذ على العقار فكل الرهون والاختصاصات تبقى صحيحة وتنتج نتائجها التامة.
29 - قلنا إنه فيما عدا الحكمين المذكورين المتعلقين بالرهن والاختصاص فليس في الأحكام المختلطة ما ينافي المبادئ الفرنسية الصحيحة.
فقد قررت محكمة الاستئناف المختلطة في حكمها الصادر في 30 نوفمبر سنة 1916 الآتي ذكره في البند الثاني أن مجرد تسجيل تنبيه الحجز العقاري لا يترتب عليه حق عيني للحاجز على العقار يكون له بمقتضاه أن يتمسك بالمادة (337) مدني مختلط ويعتمد على عدم تسجيل عقد البيع الواقع على العقار المراد التنفيذ عليه متى كان البيع حائزًا لتاريخ ثابت سابق على تسجيل التنبيه وهذا المبدأ صحيح كما قدمنا في بند (20).
30 - أما من حيث إن الأحكام المختلطة كافة تتطلب أن يكون الحائز للعقار ذا عقد مسجل (كتاب التنفيذ بند 643)، فهذا شرط ضروري وصحيح بحسب الآراء الفرنسية المعتد بها ولا علاقة له مطلقًا بموضوعنا وذلك لأن الحائز Tiers détenteur هو من انتقل إليه العقار المرهون بعوض أو بغير عوض فإذا أراد الدائن المرتهن أن ينفذ على العقار فله ذلك بشرط إنذار الحائز ولا تظهر ملكية الحائز ولا تثبت قبل الدائن المرتهن إلا إذا سجل الحائز عقد تملكه فما لم يسجله فإن الدائن المرتهن باعتباره من الغير بالنسبة لكل من تلقى أو يتلقى حقًا عينيًا على العقار، له أن يعتبر حق الحائز غير ذي أثر بالنسبة إليه حتى ولو كان يعلم أنه قد انتقل إلى يد حائز لأن العبرة بين أصحاب الحقوق العينية الذين تلقوا حقوقهم من شخص واحد هي بالتسجيل، فهذا الموضوع لا علاقة له بالكلية بموضوع منع التصرف.
31 - ولا بد لنا من الإشارة هنا إلى أن ما ذهب إليه الأستاذ الدكتور عبد السلام ذهني في (المداينات) الجزء الثاني صـ (397) و(398) غير صحيح فإنه روي أن هناك دورين للقضاء المختلط: الدور الأول، أنه قرر في سنة 1916 أن مجرد تسجيل تنبيه الحجز العقاري لا يترتب عليه حق عيني للحاجز على العقار طبقًا لحكم الاستئناف المختلط الصادر في 30 نوفمبر سنة 1916 السالف ذكره (مج ت م 29 صـ 84 وجازيت 7 صـ 36 نمرة 104).
والدور الثاني أن القضاء المختلط قرر الأخذ برأي (لابيه) و(جلاسون) وقال بأن الدائن العادي نازع الملكية يكتسب حقًا عينيًا على العقار الذي ينزع ملكيته، وقال إن هذا المبدأ تقرر في حكم الاستئناف المختلط الصادر في 18 مارس سنة 1920, (مج ت م 32 صـ 209)، وذكر أن ما قرره بالنص هو (من اشترى عقارًا بعقد عرفي غير مسجل لا يجوز له الاحتجاج به ضد الدائن نازع ملكية العقار الذي اكتسب حقًا عينيًا عليه ويعتبر هذا المشتري من طبقة الغير الواردين بالمادة (737)، وأنه لم يرد بأسباب الحكم ما يشير بأن هناك خلافًا في هذا الرأي بل ورد المبدأ كأنه بديهية من البديهيات القانونية، وقال أيضًا عن إنه ذكر ذلك من غير جدل ولا تمحيص، وكان ذلك مر عليه مرور البداهة التي توحي بها روح القانون والعدل.
32 - والحقيقة أن الدور الثاني الذي يتكلم عنه الأستاذ لم يوجد بالكلية لأن الحكم يتكلم عن حالة خاصة غير الحالة التي ظنها الأستاذ ولم يقرر ما ذكره حضرته إلا مضافًا إليه (ظرف آخر) يخرج به الحكم حكمًا صحيحًا مقررًا لمبدأ آخر متفق على صحته من الجميع.
إن الحكم لم يأخذ برأي لابيه ولا جلاسون وهذا الأخير لم يذكر كما قال الأستاذ في صـ 398 إن الحاجز يكتسب حقًا عينيًا, وقد شرح الأستاذ هذه النقطة شرحًا جليًا في كتابه نفسه في صـ 389 حيث كتب ستة عشر سطرًا عن رأي جلاسون وكونه لم يقل بأن الحق عيني بل اعتمد على نظرية الغيرية.
إن الحكم لم يقل (من اشترى عقارًا بعقد عرفي غير مسجل لا يجوز له الاحتجاج به ضد الدائن نازع ملكية العقار الذي اكتسب حقًا عينيًا عليه)، ويعتبر هذا المشتري من طبقة الغير الواردين بالمادة (737) ولكن قال:
(أن الست زينب لا يمكنها أن تتمسك بعقدها ضد الدائن نازع الملكية ومشتري العقار الذي اكتسب حقًا عينيًا عليه ويجب اعتباره من الغير طبقًا للمادة (737) Créancier poursuivant adjudicataire فالأستاذ لم يلتفت للفظ Adjudicatire وظن أن القاعدة تحمي الدائن الطالب فحسب مع كونه تكلم عن المشتري بعد ذلك ومع أن المحكمة تقرر القاعدة بالنسبة للمشتري بالمزاد الذي سجل عقده بالضرورة ولم تكن السيدة زينب قد سجلت عقدها مطلقًا, فهو مفضل عليها بلا شك ولا جدال لأن كلاً منهما تلقي الحق عن المدين وأحدهما سجل والآخر لم يسجل.
33 - بذلك لا يكون في القضاء المختلط ما ينفي المبادئ الصحيحة ولا ما يؤيد فكرة الحق العيني الناشئ عن تسجيل التنبيه أو نحوه.

القضاء الأهلي

34 - في القضاء الأهلي حكمان غريبان أحدهما [(33)] لم يتناول البحث العلمي من كل الوجوه الضرورية بل أخذ بما يوحيه الاستنتاج المنطقي من الظاهر بدون التفات إلى الحكمة القانونية التي بنيت عليها النصوص وبدون التفات إلى تاريخ النصوص ومآخذها بل ولا إلى معناها, وثانيهما [(34)] ذهب مذهبًا بعيدًا جدًا عن متناول النصوص المصرية وأراد أن يدخل في القانون المصري ما ليس فيه لمجرد النزعة إلى الأخذ بمذاهب أجنبية ليس لها أصل ولا فرع في القانون المصري [(35)].
35 - أما الحكم الأول فصادر من محكمة جزئية أصدره زميلنا الأستاذ عبد الفتاح بك السيد وكان حكمه أساسًا للرأي الذي عارضناه في كتاب التنفيذ بند (704)، وما بعده مما لا محل لإعادته هنا وغاية الأمر تصح الإشارة هنا إلى أن الحكم قد بني على خطأ تاريخي إذا اعتمد على أن القانون الأهلي مأخوذ عن القانون المختلط فيجب الرجوع إليه لتفسير ما غمض منه والحقيقة أن القانون الأهلي لم يؤخذ عن القانون المختلط في هذا الموضوع بل أخذ عن القانون الإيطالي [(36)] وفوق ذلك فإن النص المانع للتصرف لم يدخل في القانون المختلط إلا سنة 1886, أي بعد ظهور القانون الأهلي بنحو ثلاث سنين فلم يكن ثمة محل للاعتماد على القانون المختلط وحتى ولو كانت الظروف كما قال الحكم.
فإن قواعد التفسير الصحيحة تأبى الاستنتاج الذي ذهب إليه حكم شبين الكوم من حيث منع التصرف.
36 - الغلطة الثانية التي يرتكز عليها حكم شبين الكوم والتي وقع فيها الأستاذ عبد السلام ذهني في المداينات بعد أن شرحناها وما حولها شرحًا طويلاً في كتاب التنفيذ والتي يظهر أن الأستاذ عبد الفتاح بك السيد قد اقتنع بحقيقة ما ذكرنا عنها ردًا عليها فيها بدليل أنه لم يناقش حجتنا ضدها، هي أنه لا يمكن أن يكون الشارع قد أراد حرمان المدين من التأجير ومن الثمار بدون أن يكون قد أراد حرمانه من التصرف في العين نفسها وقد تفنن الأستاذ ذهني في إيراد هذا الاستنتاج على أشكال مختلفة فرواه مثلاً في صحيفة (376) مرتين حيث قال عن الشارع (فإنه لم يفته طبعًا أن الحجز في الثمرة لا بد وأن يكون من باب أولى في العين)، (وإذا كان قد اهتم بحماية الدائن بشأن الغلة فكيف يفوته هذا الاهتمام بما هو أهم وأعظم وهو العين نفسها ولذلك يصح الأخذ بمنهج القياس من باب أولى)، وقال في صفحة (377) (وما دام أن الخطر أصاب الثمرة فالأمر من باب أولى في الرقبة) قال كذلك في صـ 379 (وقد بينا أن الشارع الأهلي وضع نصوصًا أخرى في حماية الدائن بالنسبة للغلة ويستحيل أن يعنى بأمر الغلة دون الملكية وهي لها تتبع كل الإجراءات والتعقيدات وهي المقصودة بالذات)، (ولذا لما اعتقد الشارع الأهلي أنه وضع جميع القواعد الحامية للدائن بالنسبة للملكية جاء وصرف همه في حمايته بالنسبة للغلة فألحق الثمرة بالعين إلخ).
37 - إن الاستنتاج المتقدم مبني على خطأ جسيم هو عدم الالتفات إلى معنى (إلحاق الثمرات بالعقار) ولمصلحة من يحصل ذلك الالتحاق هو استنتاج لا يجوز أن يصدر في معرض الأبحاث العلمية لأنها مبنية على تدقيق يفترض معه كل قارئ أنه قد حصل والواقع أنه لم يحصل مع أننا قد ألفتنا النظر إليه في كتاب التنفيذ في بند (708) فكان يجب أن يجعله كل من الأستاذين محلاً لالتفاته قبل أن يعيد الاستنتاج نفسه ويتفنن في وضعه بصيغ مختلفة.
طبعًا أنه إذا كان المراد هو حجز الثمرات تبعًا لحجز العقار لمصلحة الدائن الحاجز أيًا كان فإن استنتاجهم يكون صحيحًا ونكون نحن الخاطئين, أما وإلحاق الثمرات بالعقار لم يشرع إلا لمصلحة الدائنين المرتهنين وحدهم دون الدائنين الحاجزين ودون الدائنين العاديين الآخرين وكان مفروضًا فيه وجود حق عيني على العقار سبب الرهن وهو ثابت لكل دائن يلحق الثمر بالنسبة إليه ولا يكون ثمة أي معنى لإلحاق الثمرات بالعقار إذا لم يوجد دائنون مرتهنون فإن الحجة تهوى ولا يكون لها أدنى قيمة.
ولقد وجدنا لحسن الحظ سندًا متينًا لفكرتنا هذه في مؤلف بودرى لاكانتنرى ودي لوان جزء 27 (الثالث في الرهون) صـ 290 بند (2024) حيث قال في معرض الكلام على حقوق الدائنين المرتهنين على غلة العقار المبيعة قبل تسجيل محضر الحجز العقاري والتي لم تفصل عن الأرض إلا بعده قال إن فصل الثمرات عن العقار قبل التسجيل هو وحده المانع من الالتحاق فإذا لم تفصل الثمرات فإنها تلحق بالعقار وينتج تسجيل الحجز كل نتائجه ثم قال شارحًا (ربما يظن أن هذا الحل غريب ومجحف فإذا تذكر الإنسان أنه يجوز للمدين أن يتصرف في العقار إلى أن يسجل محضر الحجز فإنه يكون غريبًا أن يكون له حق التصرف في العقار ولا يكون له حق التصرف في الثمرات ولكن إذا تأملنا مليًا وجدنا أن المشرع كان بصيرًا لأن التصرف في العقار لا يضر الدائنين المرتهنين ضررًا جديًا إذ لهم حق تتبع العقار بين يدي أي شخص ينتقل إليه بعكس الحالة في بيع المحصول القائم على ساقه فإنه إذا كان صحيحًا يترتب عليه ضرر بليغ بالنسبة إليهم حيث يضيع عليهم حق التتبع ولا يكون لهم على المحصول أي امتياز, لذلك نص القانون على حماية حقهم بشكل مطلق لأنه يريد حمايتهم).
38 - إن النص على تقييد حق المدين في التأجير لا يقصد منه غير تنفيذ مبدأ إلحاق الثمرات بالعقار وهذا المبدأ يتلخص في أنه حكم قانوني به تعتبر الأجرة والثمرات مثل ثمن العقار المرهون فلا محل لهذا الحكم إذا كان العقار غير مرهون وتكون الأجرة خالصة للمدين إلى أن يحجز عليها الدائنون حجزًا خاصًا وفي هذه الحالة لا يفضل في توزيعها دائن حاجز على دائن حاجز آخر بل يستوي جميع الحاجزين في حقهم عليها فتقسم بينهم كلها بنسبة ديونهم, ما خص منها المدة التي أعقبت تسجيل التنبيه أو محضر الحجز وما خص المدة السابقة على ذلك التسجيل.
أما إذا كان العقار مرهونًا فإن تسجيل التنبيه أو محضر الحجز يجعل الثمرات والإيرادات في حكم العقار فيخرجها عن الضمان العام الذي للدائنين العاديين ولا يستولي عليها من الدائنين المرتهنين غير من يكون لهم حق الاستيلاء على الثمن وذلك بحسب درجة امتيازهم - وهذا الالتحاق يحصل بنص القانون بمجرد تسجيل التنبيه أو محضر الحجز - وأمر هذا الالتحاق إنما يهم الدائنين فيما بينهم ولا شأن للمدين فيه بمعنى أن الثمر إذا التحق بالعقار يكون من حق المرتهنين وحدهم فإذا لم يلتحق فإنه يكون من حق جميع الدائنين الحاجزين عليه وإذا كان من الجائز لكل دائن أن يقوم بأعمال التحفظ اللازمة فقد خول القانون لكل دائن مهما كانت صفة دينه أن ينذر المستأجر للعقار بعدم الدفع فتصبح الأجرة محجوزة تحت يده وملحقة بالعقار لفائدة المرتهنين وحدهم وبحسب ترتيبهم.
39 - ذلك معنى التحاق الثمرات بالعقار من بعد تسجيل التنبيه أو محضر الحجز وليس معناه كما ظن الأستاذان أن القانون يحرم المدين من التصرف في الثمر فيكون حرمانه من التصرف في العقار من باب أولى.
أو لم يردا أن المؤلفين الفرنسيين والمحاكم الفرنسية يجمعون بلا شذوذ على أن للمدين أن يتصرف في العقار تصرفًا صحيحًا لغاية يوم تسجيل الحجز مع كونه قد حرم في القانون الفرنسي من حرية التأجير ابتداءً من إعلانه بالتنبيه [(37)] الحقيقة إن التحاق الثمرات بالعقار وتقييد حق المدين في التأجير أمران لا دخل لهما بالكلية في مسألة منع التصرف فلا محل لاستنتاج الأخير من النصوص المتعلقة بالأمرين الأولين كما قدمنا.
40 - الغلطة الثالثة التي بني عليها الحكم الأول [(38)] والتي وقع فيها الأستاذ ذهني في (المداينات) (صـ 381 - 415) هي أنهم جاروا المؤلفين الفرنسيين في البحث في الحق الذي ينشأ عن منع التصرف على أثر تسجيل محضر الحجز في فرنسا فافترضوا منع التصرف مقطوعًا به من استنتاجاتهم لا من النص وقرروا على الرأي الضعيف الذي يقول بعكسه جميع كبار المؤلفين وبينهم جلاسون ذاته (بند 14)، والذي من مقتضاه أنه ما دام التصرف ممنوعًا فهذا المنع ينشئ حقًا عينيًا ولذلك فتسجيل التنبيه عندنا ينشئ حقًا عينيًا يعتبر به الدائن العادي الطالب في مقام أصحاب الحقوق العينية على العقار فيكون من الغير في مادة التسجيل.
أو لم يروا أن الخلاف حاصل في فرنسا مع وجود النص على منع التصرف وبسبب وجود ذلك النص ؟
أم يقولون إنه ناشئ عن الحجز وعن تسجيل التنبيه بصرف النظر عن النص على منع التصرف وكيف يقولون ذلك وقد قرأوا ويقرأون هنا أن التصرف جائز في فرنسا بعد الحجز وإذا تسجل قبل تسجيل الحجز فلا يختلف في فرنسا اثنان على صحته.
أنى لهما القول بأن الحجز يمنع التصرف لذاته وبلا نص ؟ يرتكنون على حكمين مختلطين [(39)] قد عرفت قيمتهما من الوجهة العلمية من بحثنا هذا (بند 23 - 25) ولكن الخطأ لا يصح الارتكان إليه, أنترك ينابيع العلم الفياضة ونرتكن إلى حكمين لا بحث فيهما ولا تمحيص وما جاء فيهما منقوض بكل أقوال المؤلفين والمحاكم وبإجماع مطلق ؟
41 - الحكم الثاني الصادر من محكمة الاستئناف الأهلية [(40)] والذي استند إليه الأستاذ ذهني ليثبت لنا أن الدائن العادي يصبح (من الغير) في مادة التسجيل حكم غريب كما ذكرنا في بند (34) هنا لأنه نزع نزعةً أجنبية محضة لا أصل ولا مسوغ لها في القانون المصري ولم يكن ثمة ضرورة لتلك النزعة الأجنبية ومن القواعد المصرية المسلم بها ما يؤدي إلى نفس النتيجة التي قصدها الحكم, الوقائع بسيطة شخص ادعى أنه اشترى عقارًا من الورثة وكان مورثهم مدينًا بمبلغ وأراد الدائن أن ينزع ملكية العقار فرفع المشتري دعوى باستحقاقه العقار ولم يكن لعقد تملكه تاريخ ثابت سابق على إجراءات نزع الملكية، أصابت المحكمة في الحكم برفض دعوى الاستحقاق لأن البيع غير ثابت التاريخ قبل إجراءات نزع الملكية ومن المسلم به أن الدائن الذي يباشر التنفيذ يصبح من الغير فله أن يتطلب أن التصرف يكون ثابت التاريخ (بند 16) فبدلاً من أن ترتكن المحكمة على هذه الحجة البسيطة الظاهرة ذهبت أولاً إلى البحث في هل يعتبر الدائن العادي من الغير في مادة التسجيل فقررت ذلك ثم ذكرت فضلاً عما ذكر أن البيع غير ذي تاريخ ثابت وحكمت بالرفض, الحكم في محله ولكن الأسباب الأولى في غير محلها والبحث لم يكن له ضرورة.
41 - قررت المحكمة (أن دائني الشخص معتبرون من الغير بالمعنى المراد في المادة (270) مدني وبناءً على ذلك فإن البيع الحاصل من مدينهم لا يتمسك به ضدهم إلا بعد تسجيله متى كانوا سليمي النية وكانت حقوقهم مبنية على سبب صحيح) هذه الجملة الأخيرة لا معنى لها بالكلية ويحتمل أن تكون من خطأ المترجم لأن الحكم يظهر أنه وضع بالفرنسية وترجم إلى العربية, إذ ما معنى افتراض حسن النية في الدائن الذي يتمسك بحقه وما معنى كون حقوقهم مبنية على سبب صحيح, هذا خلط لا يمكن تصوره في حق الدائن العادي [(41)] ثم انتقلت المحكمة إلى تأييد رأيها بتسفيه الرأي المخالف له فقالت (وحيث إنه إذا تقرر عكس ذلك تكون النتيجة أن التسجيل يفقد جزءًا مهمًا من فوائده إذ أن من بين ذوي المصالح الأصليين الذين يهمهم عدم إخفاء البيع الحاصل من مدينهم ليوجد الدائنون العرفيون وحيث إن القاعدة التي يتمسك بها المستأنف وهي المذكورة في القانون الفرنسي الصادر في سنة 1855, والتي انتقد عليها بلانيول انتقادًا شديدًا تفسر في الواقع بنفس نصوص القانون الوارد بها عند الكلام على الغير ما يأتي: (الغير الذين لهم حقوق على العقارات)، وحيث إن قانون الرهن البلجيكي الصادر في سنة 1851, والقانون الإسباني، والقانون الهولاندي (راجع بلانيول جزء أول فقرة 2623) أغفلوا ذكر القاعدة المنصوص عليها بالقانون الفرنسي وبناءً على ذلك لا يمكن مع وجود قاعدتين في التشريع الحالي الإغضاء عن نص المشرع المصري عند وضعه المادة (270) مدني فإنه لم ينص مطلقًا على الحقوق العينية أو الحقوق المترتبة على العقارات بل نص على الحقوق على وجه العموم وعليه فإن هذه العبارة تشمل بلا نزاع كل الحقوق الشخصية).
ثم انتقل الحكم إلى مسألة التاريخ الثابت وكان فيها سديدًا.
42 - روى الأستاذ ذهني هذا الحكم وناقشه مناقشةً طويلة ولكنه لم يكلف نفسه عناء الرجوع إلى المادة (270) وما يقابلها من القانون المختلط وما تحيل عليه هذه المادة ولو فعل لأغنانا عن هذا البحث الآن.
إن المادة (270) مدني أهلي قد أخذت من المادة (341) مختلط مع حذف الجزء الأخير من المادة المختلطة الذي ينصب علية حتمًا كل ما قبلة وفي نظرنا أن هذا الجزء الأخير من المادة المختلطة هو الذي جعل المشرع يختصر في وصف لفظ (الغير) الذي بدأ به المادة حتى يكون لفظ الغير متمشيًا على الحالتين حالة (ملكية العقار) التي جاءت في صدر المادة وحالة (الديون) التي تقع عليها الحوالة فلم يكن ليستطيع المشرع المختلط الذي أراد النص على الحالتين، وعلى الغير في الحالتين، أن يصف الغير بكونهم كما يقول الحكم (الذين لهم حقوق عينية أو مترتبة على العقار) فكان مضطرًا بحكم جمعه قاعدتين مختلفتين في مادة واحدة أن يجعل لفظ (الغير) مطلقًا تقيده القيود القانونية المعروفة بالنسبة لكل حالة, وجاء المشرع الأهلي فأخذ نصف المادة كما هو وترك النصف الآخر ولكن لا عيب في ذلك كله على المشرع الأهلي ولا على المشرع المختلط لأن كلاً منهما قد ذكر صراحة (الإحالة) على ما سيأتي بعد ذلك من القواعد في كل من المسألتين فقال المشرع الأهلي في مادة (270) (كما سنذكر بعد ainsi que cela sera expliqué plus loin
وذكر المشرع المختلط هذه الإحالة نفسها ثم ذكر (إحالة أخرى بخصوص الديون)، فهلا رجعت محكمة الاستئناف إلى هذه الإحالة لترى منها ما هي القواعد التي فصلت فيما بعد تفصيلاً في فصل (إثبات الحقوق العينية) مادة (606) وما بعدها مدني أهلي).
وما كان المشرع المصري يستطيع أن ينعت لفظ (الغير) في مادة 270/ 341 وهو الذي ألحق الإجارات الطويلة ونحوها بالحقوق العينية من حيث وجوب تسجيلها.
43 - لو كانت المادة 270/ 341 مدني منقطعة لا تحيل على نصوص أخرى ومستقلة بذاتها لكان هناك محل للنظر فيما ذهبت إليه محكمة الاستئناف ولكنها تقر قاعدة عامة لا يأتي تطبيقها إلا بنصوص محكمة جاءت في 606/ 732 وما بعدها فهل هذا الحكم جدير بأن يؤخذ عنه قاعدة قانونية ثابتة يستند إليها العلماء ؟ كلا.

حجج المؤلفين والكتاب

44 - يرى الأستاذ ذهني في المداينات (2) صـ 369 وما بعدها عدا ما ذكرناه له في مواضيع مختلفة من هذا المقال أن (المدين الأهلي) يعتبر (محجوزًا عليه) من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية, ونحن نقول إنه إذا جاز القول جدلاً بمنع التصرف فإن ذلك لا يكون لحجر قد لحق المدين، أو عدم أهلية نزلت به كما تقدم تفنيده في بند (11).
وقد كتب الأستاذ عن الموضوع وما ارتبط به 46 صفحة تناول فيها الكلام عن إيضاح القواعد البسيطة والأحكام المدونة التي صدرت من المحاكم الأهلية وناقش بعض الاعتراضات على رأي منع التصرف فلم يأتِ بجديد سوى استبعاده أن تكون نية المشرع هي جواز التصرف مع نصه على تقييد حق المدين في التأجير والثمرات (بند 36 هنا)، وأن الذي يتعامل مع المدين يعلم حتمًا من تسجيل التنبيه أن هناك تنفيذًا على العقار فيمتنع عن الشراء, ثم انتقل الأستاذ إلى بحث طبيعة حق الحاجز هل هو عيني أم لا ونقل لنا شيئًا مما قيل في فرنسا ولم يلتفت إلى أن البحث هناك مفروض فيه وجود النص على منع التصرف, ثم بين أن علماء العصر الحاضر ينتصرون للرأي الذي يعارضه هو، ولم يشأ أن يكون في صفهم، وانتقل بعد ذلك لفحص الأحكام المختلطة فتوفق في الحكم الذي قضى بعدم وجود حق عيني لمن سجل التنبيه ولم يوفق في الحكم الثاني كما بيناه في بند (31) هنا ثم طاف بالقضاء الأهلي فأخذ فيه بحكمين تجد نقدهما هنا في بند (34) وما بعده.
ثم عرج على الفقه المصري فأثبت في صـ 405 بعض ما كتبناه في الموضوع في كتاب التنفيذ ملاحظًا علينا شدة لهجتنا ووضع خطًا تحت بعض الألفاظ التي صورت له معنى قويًا, وأخيرًا ادعى بأننا قصرنا بحثنا على نظرية الحق العيني دون أن نتعداها إلى الغيرية بالنسبة للدائنين العاديين الذين ترتبت لهم حقوق على العقار [(42)] ثم عقد مبحثًا (للتراجح بين الرأيين) ابتدأ في إبداء رأيه فيه بعد مقدمة استغرقت ست صفحات فقال (أن تنبيه نزع الملكية وتسجيله يعطي للدائن حقًا عينيًا صـ 412 يصبح العقار به موقوفًا على وفاء دينه لا يستطيع أحد أن يفتات عليه إلى آخره (راجع الحاشية الأخيرة على بند 5 هنا) وقال إن الذي جعل حق الدائن يتقرر على العين ليس هو التسجيل بل هو التنبيه وإجراءات نزع الملكية اللاحقة عليه وجاء التسجيل مؤيدًا له حتى يكون حجة على الغير !!
ثم قرر أنه بعد الحكم الأهلي الوارد نقده في بند (41) هنا (لا يرى محلاً للتفرقة بين حق عيني وحق غير عيني ما دام أنه قرر اعتبار الدائن العادي صاحب المصلحة على العقار من طبقة الغير الذين يستفيدون من عدم التسجيل).
ثم قال في صـ 414 (يبقى علينا رأي الفقهاء الحاضرين الذين أخذوا جميعًا تقريبًا بالمذهب القاضي باعتبار حق الدائن حقًا مترتبًا على العقار ولكنه ليس بحق عيني)، وقال ردًا على ذلك (أن الحق الشخصي في كل حالة يتحول دائمًا وأبدًا إلى حق متسلط على العقار لأنه ينتهي دائمًا بالتنفيذ على المال إلى آخر ما جاء على هذا النحو من النظرات الاجتماعية والفلسفية من أن (كل التزام يتحول في النهاية إلى حق متسلط كل التسلط على العقار وفي الدور النهائي من سلسلة الإجراءات هذه، يستوي الحق العيني مع الحق المترتب على العقار لأن النتيجة واحدة بلا مراء).
45 - إننا لا نريد أن نتعرض لنقد أبحاث الأستاذ واستنتاجاته فهي أمام القارئ يكفي عرضها لبيان قوتها أو ضعفها وصحتها أو خطئها, ولكننا نأسف أنه لم يأتِ لنا في الموضوع بحجة جديدة أو يهدم حجة قديمة حتى كنا نهتدي بآرائه الخاصة وأدلته الشخصية.
46 - أما حضرة الأستاذ عبد الفتاح بك السيد فأنه جاء في مقالته (صـ 193 - 201 من المحاماة) بأمرين جديدين, الأول استناده على الأحكام المختلطة الصادرة في الفترة التي لم يكن فيها نص في المختلط على منع التصرف وهذا ما سبق الكلام عنه هنا في بند (23 - 25)، والثاني أنه أخذ عن أحد الحكمين المذكورين قوله (إن التنبيه يوازي الحجز)، وأيدها بأن المشرع الأهلي ذكر صراحةً أن الدائن حاجز في مادة (546) وأن المدين محجوز عليه كما في مادة (547)، وأن قاعدة لا يرد الحجز على الحجز مطبقةً فيه على وجه الكمال بمعنى أن التسجيل الأول هو الذي يسجل تسجيلاً تامًا أما ما يليه فيكتفي بالتأشير به.
لنسلم جدلاً بأن التنبيه يوازي الحجز وأن الدائن حاجز وأن المدين محجوز عليه فماذا تكون النتيجة كذلك ؟ لا شيء مطلقًا فإنه من المسلم به أن الحجز الواقع على العقار في فرنسا لا يمنع المدين من التصرف بند (4) و(14) فليس ثمة معنى, إذًا للقول بأن التنبيه كالحجز, وفوق ذلك فإن المادة (546) لم تقل بأن الدائن حاجز وإنما الذي قال بذلك هو مترجم المادة لأن الأصل الفرنسي يذكر (الدائن المباشر للإجراءات) le poursuivant بعكس الترجمة العربية فإنها تذكر الحاجز من باب الخطأ في الترجمة وهنا كان واضع القانون الأهلي حريصًا في التحرير فلم يستعمل لفظ الحاجز كما استعملتها المادة (624) المختلطة المأخوذة عنها مادة (546) الأهلية, أما في المادة (547) الأهلية فإن المشرع لم يكن منتبهًا لاستبدال لفظ المحجوز عليه بالمدين فوقع في الخطأ المادي الذي تفاداه في مادة (546)، وهذه المقارنة كفيلة بإظهار أن الخطأ مادي محض, على أنه لا نتيجة مطلقًا لتشبيه التنبيه بالحجز كما قدمنا.

النتيجة

47 - إذا كان من المسلم به أن الحجز في فرنسا لا يمنع التصرف ولا ينشئ حقًا عينيًا وأن الرأي الصحيح الذي يؤيده أكبر العلماء وأكثر الأحكام أن تسجيل الحجز في فرنسا لا يترتب عليه حق عيني مع النص الصريح على كونه يمنع التصرف، وإذا كان التصرف ثابت التاريخ قبل تسجيل الحجز في فرنسا يكون صحيحًا ويتمسك بصحته ضد الدائن الذي أجرى تسجيل محضر الحجز بحسب رأي أعظم الشراح وأكبر المحاكم رغم النص على عدم جواز التصرف بعد التسجيل المذكور.
وإذا كان المدين يستطيع أن يرهن عقاره رهنًا تأمينيًا ويتقدم الدائن الذي حصل على هذا الرهن على سائر الدائنين العاديين حتى ولو كانوا هم الذين قد شرعوا في التنفيذ على العقار، وسجلوا محضر الحجز وامتنع به التصرف بالنص الصريح.
وإذا كانت القواعد الصحيحة في الحجوز تملى بأنه لا يترتب عليها من القيود بالنسبة للمدين إلا ما مُنع عنه بالنص الصريح [(43)]، وإذا كانت القيود المقررة قانونًا على حرية التأجير وفيما يتعلق بالإيرادات والثمرات لم تشرع إلا لمصلحة الدائنين المرتهنين دون غيرهم.
فلا يكون ثمة محل للقول بأن تسجيل التنبيه في القانون الأهلي يترتب عليه منع التصرف أو يترتب عليه حق عيني أو يجعل الدائن العادي من (الغير) في مادة التسجيل.

عبد الحميد أبو هيف


[(1)] راجع حكم النقض الفرنسي في 23 إبريل سنة 1903 سيري 1906 و(1) و(137) حيث يقرر أن البطلان نسبي لا يتمسك به إلا أشخاص معينون ولكن لا بطلان بين الحاجز والمشتري ولا يصح التمسك به من الدائنين العاديين، وتعليق الأستاذ تسييه عليه بهذا المعنى.
[(2)] راجع تعليقات دللوز الجديدة على قانون المرافعات مادة (686) جزء (4) بند (1 - 14)، والمراجع التي بها خصوصًا تعليق الأستاذ دي لوان على حكم النقض المنشور في دللوز 1905، 1 صـ 121.
[(3)] المراجع في كتاب التنفيذ بند (693).
[(4)] جلاسون (2) بند (1253).
[(5)] روي رأيه عرضًا في بند (2621) من الجزء الأول حيث ذكر التصرف ثم الرهن ولكنه لم يبدِ شيئًا ولا رد اعتراضًا.
[(6)] حكم 19 نوفمبر سنة 1918, جازيت (9) صـ 42 نمرة (53) وغيره حكم (2) يونيه 1919, جازيت (9) صـ 179 نمرة (303)، ولكن المحاكم لم تأخذ بعد ذلك برأي محكمة الاستئناف فإن محكمة المنصورة قد فندت هذا الرأي تفنيدًا تامًا, حكم 25 مارس سنة 1920, جازيت (10) صـ 135 نمرة (171).
[(7)] الباندكت الفرنسية جزء (46) لفظ Prive et hyp نمرة 7137، 7138 والتعليقات الجديدة على قانون المرافعات الفرنسي جزء (4) مادة (1686) بند (18) وبند (39) ومن جميع المراجع التي أهمها تعليق المسيو دي لوان على حكم النقض المنشور في دللوز 1905 و(1) و(122) نوته (1) وكتابه مع بودري جزء (3) نمرة (1340) في الامتيازات والرهون وتعليق الأستاذ تسييه على المنشور في حكم النقض, دللوز 1906 و1 و137 وتعليق الأستاذ ليفيلان على حكم النقض المنشور في دللوز 1895 و1 و273.
[(8)] روى الأستاذ عبد السلام ذهني في صـ 413 من المداينات جزء (2) ما يأتي بهذا الخصوص:
إن الدائن العادي بعد تسجيل التنبيه قد أصبح العقار موقوفًا على وفاء دينه فأعطى بذلك حقًا على العقار محفوظًا لا يستطيع أحد أن يفتات عليه, وقال بعدها عن حق الدائن العادي أيضًا (فقد اعتبر حقه متسلطًا على العقار نفسه وموقوفًا على وفاء دين الدائن)، وهذا كله غير صحيح لأن التنفيذ بالحجز والبيع شيء والاستيلاء على الثمن شيء آخر وهذا بديهي لا يحتاج إلى إيضاح وأما كلامه عن طبيعة حق الدائن فهذا سيأتي نقده فيما بعد.
[(9)] جلاسون (2) بند (1253) مع (1256) ولكن راجع الرد على ذلك في بند (11) هنا وما بعده.
[(10)] وقد رواها جلاسون نفسه في بند (1353) ولكن تخلص منها بقوله إن التوضيحات التي تقدم أثناء مناقشة مشروع قانون لا يمكن اعتبارها قانونًا متى كانت ترمي إلى نقض مبدأ مقرر ولكن هذا غير صحيح لأن أول عنصر في التفسير هو الأعمال التحضيرية, ويعتبر أصحاب الرأي الثاني هذا السبب التاريخي مسوغًا للقول بأن الرهن جائز في هذه الحالة بالرغم من نص المادة (2124) مدني فرنسي التي تجيز الرهن لمن كان له حق التصرف, ولقد قال أصحاب البندكت الفرنسية إنه يمكن اعتبار هذه النقطة مقطوعًا فيها من الجهة التشريعية الآن من حيث وجوب التمييز بين الرهن وبين التصرف، وفوق ذلك فإن هناك أسبابًا وجهة أخرى توجب التمييز المذكور - الباندكت جزء (46) لفظ امتيازات ورهون نمرة (7137) وفيه المراجع المهمة وراجع لفظ saisie imm نمرة 800 وفيه الجزم بجواز الرهن بعد تسجيل الحجز.
[(11)] النص العربي هذا من ترجمتنا.
[(12)] موسوعات دللوز لفظ Transcrip. hyp نمرة (472)، والملحق نمرة (162) وتعليقات دللوز على القانون المدني جزء (4) صـ 1742، نمرة (60) إلى (64) والمراجع والأحكام التي بها والبندكت لفظ Adjudicationsimm جزء (2) بند (1841) و(1842) والمراجع والأحكام التي بهما وكذلك تحت لفظ saisie Imm بند (771) وما بعده, وراجع أيضًا حكم النقض الفرنسي الذي ألغى حكمًا استئنافيًا في 31 أغسطس 1881, دللوز (1882) ر(1) ر(17)، وتعليق قلم التحرير عليه بمذكرة بديعة ذكرت فيها المعاني المتقدمة بكل إيضاح وإتقان.
[(13)] تعليقات دللوز المتقدمة نمرة (65) ولكن يلاحظ هنا أن تطبيق هذا المبدأ في الأحكام التي رواها دللوز لا ينصرف إلا إلى الدائنين المرتهنين ولم يأتِ بتطبيق له على الدائنين العاديين وبذلك يكون هذا الرأي هو بعينه الرأي الثالث.
[(14)] التعليقات المتقدمة نمرة (69) إلى (78).
[(15)] محكمة نانس 8 ديسمبر 1856 دللوز (58) و(3) و(61) والنقض في 31 أغسطس 1881, دللوز (82) و(1) و(17) وكلاهما قضى بعدم أحقية الدائن العادي في التمسك بعدم تسجيل البيع ثابت التاريخ قبل تسجيل الحجز وحكمت محكمة بورج Bourges في 12 ديسمبر 1887, دللوز (88)، (2)، (298) بأن الدائن المرتهن يصبح من الغير ابتداءً من تسجيل الحجز فلا يتمسك ضده ببيع لم يكن مسجلاً قبل تسجيل الحجز حتى ولو كان ذا تاريخ ثابت قبله ونحوه باريس 9 فبراير 1877, دللوز (77)، (2) صـ 74، والمراجع العديدة الأخرى المذكورة في الباندكت لفظ imm .Adj جزء (2) بند (1483)، (1384)، (1486).
[(16)] الباندكت المحل المذكور بند (1483).
[(17)] هذا رأي قديم هجره جميع الشراح الحديثين ولم يقل به في الماضي إلا نفر قليل تصدى لهم من فند مزاعمهم وفي الأحكام لم يرد ذكر الحق العيني إلا بمناسبة الدائن المرتهن, مثلاً الحكم الذي رواه الدكتور ذهني في (المداينات), (2) صـ 382 كان متعلقًا بحق دائن مرتهن فأراد الدكتور أن يجعل قاعدته عامة رغمًا من أن الحكم يقرر بصريح العبارة أن ما فيه لا يتعلق إلا بالدائن المرتهن (صـ 386) أما جلاسون فإنه قال بوجود (حقوق مهمة ولم يجسر على ركوب متن الشطط كما فعل من أخذوا بالرأي نفسه (جلاسون (2) بند 1356)، وقد رجع بعض العلماء الأقدمين عن فكرة الحق العيني بعد أن كانوا من أشد أنصارها ولم يقل بها عالم حديث مطلقًا رغم وجود النص عندهم على منع التصرف.
[(18)] جلاسون (2) بند (1356).
[(19)] بودري ودي لوان جزء (3) بند (2014) وقارن جلاسون (2) بند (1349).
[(20)] جلاسون (2) بند (1349)
[(21)] تسييه في تعليقه على حكم النقض في 23 إبريل 1903 دللوز 1906، (1)، (137).
[(22)] تسييه المحل المتقدم.
[(23)] راجع بند (4) هنا وهذه من النقط التي لا جدال فيها ولا خلاف نظرًا للنص الذي يقول:
من يوم تسجيل محضر الحجز لا يجوز للمدين إلى آخره (بند 9 هنا) وجلاسون (2) بند (1349).
[(24)] جلاسون (2) بند (1349) وهذا غريب جدًا من المؤلف العظيم فإنه في بند واحد يجمع بين جميع الحقائق والمتناقضات.. راجع أيضًا بودري ودي لوان (4) بند (2012) .
[(25)] جارسونيه (4) بند (372) وبلانيول (1) بند (2621) وكولان وكابيتان (1) ص (964) وبودري لاكانتيري ودي لوان (4) ص (794) بند (2014) وتعليق دللوز على حكم النقض الذي ألغى حكمًا من محاكم الاستئناف وفي 31 أغسطس سنة 1881, دللوز 1882 و (1) و (17) حيث نفى كل حق عيني وكل امتياز ينشأ عن الحجز أو تسجيله لصالح أي دائن ومهما كانت طبيعة دينه, وغيرهم كثير
[(26)] النقض الفرنسي في 30 أغسطس سنة 1881, والأحكام والمراجع المذكورة في بودري ودي لوان 4 صـ 278 حاشية (2) بند (2015).
[(27)] راجع في ذلك كتابنا في طرق التنفيذ والتحفظ بند (677) وما بعده.
[(28)] جارسون (4) بند (372) وما بعده.
[(29)] بلانيول (1) بند (2622) وما بعده.
[(30)] استئناف مختلط (31) يناير 1884, المجموعة الرسمية (9) صـ 53.
[(31)] استئناف مختلط 15 يونيه 1893, مجموعة التشريع والقضاة (5) صـ 318.
[(32)] هذان الحكمان قد ذكرناهما تحت بنده هنا.
[(33)] صادر من محكمة شبين الكوم في 4 نوفمبر 1915 مج (17) صـ200.
[(34)] صادر من الاستئناف الأهلي في 8 مايو 1912 مج (13) صـ 266.
[(35)] ويوجد حكم ثالث جزئي أيضًا صادر من محكمة ميت غمر أشرنا إليه في كتاب التنفيذ بند (704) وليس فيه ما يخرج عن الحكم الأول.
[(36)] الخطأ نفسه موجود في كتاب المداينات (2) صـ 375 الذي قال (والمفهوم طبعًا أن القانون المختلط مأخوذ عن القانون الفرنسي والقانون الأهلي مأخوذ عن القانون المختلط)، وهذا تعميم لا يفيد شيئًا لأن الواقع يخالفه في هذا الموضوع.
[(37)] جارسون (4) بند (365) وجلاسون (2) بند (1341).
[(38)] راجع مكانه في الحاشية على بند (34) هنا.
[(39)] راجع بند (23) إلى (25) هنا.
[(40)] المجموعة الرسمية (13) صـ (266) نمرة (128).
[(41)] ومع ذلك يظهر أن المحكمة أخذت في هذا التعبير من مادة (280) فتكون قد ارتكبت خطًا جسيمًا لأن سلامة النية والسند الصحيح لهما معانٍ محدودة في القانون ولا ينصرفان مطلقًا إلى الدائن العادي.
[(42)] هذا غير صحيح, ولحسن الحظ أن ما رواه عنا بالحرف الواحد في صـ 405 من المداينات قد تضمن الكلام على هذه النقطة ولكن يظهر أن عدم ذكرنا باللفظ لنظرية (الغيرية) قد جعل الأستاذ يعتقد أننا لم نتكلم عنها مع أنه روى لنا فيها خمسة أسطر.
[(43)] كتاب التنفيذ بند (333 - 335) وجارسونيه (4) بند (121) و(122).


          

رقم الصفحة : (1) من إجمالي  1

            


 
 
الانتقال السريع          
  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3231 / عدد الاعضاء 63