اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

 

    مكتبة الأبحاث القانونية      قانون المرافعات      بحث حجز ما للمدين لدى أحد فروع البنكوهل يمتد أثره إلى باقي الفروع الأخرى

        
 
  المؤلف : السيد محمود القبطان   المصدر : مجلة المحاماة - مصر سنة 1952
    بحث حجز ما للمدين لدى أحد فروع البنكوهل يمتد أثره إلى باقي الفروع الأخرى

مجلة المحاماة - العدد الثاني
السنة الثالثة والثلاثون

بحث حجز ما للمدين لدى أحد فروع البنك
وهل يمتد أثره إلى باقي الفروع الأخرى
لحضرة الأستاذ السيد محمود القبطان وكيل إدارة القضايا ببنك باركليز بالإسكندرية

نصت المادة (543) من قانون المرافعات على أنه (يجوز لكل دائن بدين محقق الوجود حال الأداء، أن يحجز ما يكون لمدينه لدى الغير من المبالغ أو الديون ولو كانت مؤجلة أو معلقة على شرط أو ما يكون له من الأعيان المنقولة في يد الغير).
ونصت المادة (547) على حصول الحجز بدون حاجة إلى إعلان سابق إلى المدين بموجب ورقة من أوراق المحضرين تعلن إلى المحجوز لديه وتشتمل على:
1 - صورة الحكم أو السند الرسمي الذي يوقع الحجز بمقتضاه أو إذن القاضي بالحجز أو أمره بتقدير الدين.
2 - بيان أصل المبلغ المحجوز من أجله وفوائده والمصاريف.
3 - نهي المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلى المحجوز عليه.
وقد نظمت المادة (14) مرافعات كيفية حصول إعلان أوراق المحضرين فنصت - فيما يتعلق بالشركات التجارية - على تسليم صورة الإعلان في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو للمدير، فإن لم يكن للشركة مركز تسلم الصورة إلى واحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه.
وقد ثار الجدل حول الحجز الذي يوقعه الدائن على أموال مدينه لدى مركز البنك أو لدى فرع من الفروع التابعة له، وهل يمتد أثر هذا الحجز إلى ما قد يوجد من أموال للمدين لدى باقي الفروع الأخرى التابعة للبنك.
فذهب البعض إلى أن الحجز الذي تعلن ورقته إلى مركز البنك أو إلى فرع من فروعه يسري أثره بالنسبة إلى سائر الفروع الأخرى فيتناول ما قد يكون لدى هذه الفروع من أموال مودعة باسم المدين المحجوز عليه.
ويستند أنصار هذا الرأي إلى أن المادة (40) من القانون المدني قد أجازت أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن، ولذا يعتبرون تسليم الصورة صحيحًا لحصوله في أحد الأماكن التي يتخذها الشخص المطلوب إعلانه موطنًا له.
وظاهر ما في هذا القول من مغالطة واضحة يبدو منها أن أنصار هذا الرأي قد أغفلوا الاعتبارين الآتيين:
الأول: مدى ما تتمتع به الفروع من استقلال ذاتي في نطاق الشخصية المعنوية العامة للمؤسسة.
الثاني: ضرورة التفرقة بين مختلف أوراق المحضرين التي يحصل إعلانها إلى المؤسسة نظرًا لما لهذه التفرقة من أهمية بالغة.
وسوف نوضح أهمية هذين الاعتبارين بشيء من التفصيل على الوجه الآتي:
أولاً: الاستقلال الذاتي لفروع المؤسسة:
لا شك في أن كل فرع من الفروع التابعة للبنك يتمتع بقسط غير قليل من الاستقلال الذاتي في نطاق الشخصية المعنوية للمؤسسة إلى حد أنه يمكن اعتبار الفرع كأنه وحدة قائمة بذاتها مستقلة عن سائر الفروع الأخرى، بالرغم من أنها تخضع لتوجيه وإشراف مركز الإدارة الرئيسي.
يؤيد ذلك ما نصت عليه المادة (58) (فقرة أخيرة) من قانون المرافعات من أنه (في الدعاوى المتعلقة بالشركات أو الجمعيات أو المؤسسات يجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة أو الجمعية أو المؤسسة، وذلك في المسائل المتعلقة بهذا الفرع).
فلكل فرع موطنه الخاص بالمعنى الوارد في المادة (41) من القانون المدني التي نصت على أن (الأماكن التي يمارس الشخص فيها تجارته أو حرفته تعتبر موطنًا خاصًا فيما يتعلق بالعمليات التي تخص هذه التجارة أو الحرفة).
ولكل فرع نشاطه المستقل عن نشاط الفروع الأخرى والمتصل بعدد معين من العملاء في نطاق دائرة معينة من المعاملات، ومثال ذلك أن من كان يودع أمواله لدى فرع من الفروع لا يستطيع أن يسترد شيئًا منها من فرع خلاف الفرع الذي أودعها لديه.
ولكل فرع مديره الخاص به وهيئة موظفيه الذين يعملون به بصفة مستقلة عن سائر مديري وموظفي باقي الفروع الأخرى.
ولكل فرع من الاعتمادات المالية الخاصة به ما تجعله مستقلاً عن غيره من الفروع وغالبًا ما تكون لديه دفاتر حسابات مستقلة وميزانية فرعية منفصلة عن حسابات وميزانيات الفروع الأخرى.
وفضلاً عن ذلك فإن الفرع يقيد بمكتب السجل التجاري بالمديرية أو المحافظة الكائن بها مقره، وذلك برقم قيد مستقل يختلف عن أرقام قيد المركز الرئيسي وسائر الفروع الأخرى، كما يحصل انضمام الفرع إلى عضوية الغرفة التجارية التابع لها مقره بصفة مستقلة عن سائر الفروع الأخرى.
وقد اتجه الفقه وسايره القضاء من قدم على تقرير نظرية الاستقلال الذاتي للفروع فمقرر الفقهاء - بصدد نظرية الاختصاص - أنه فيما يتعلق بشركات التأمين والنقل وغيرها من الشركات التي لها فروع في الجهات المختلفة يكون للمدعي الخيار بين أن يرفع الدعوى أمام محكمة مركز الشركة، وبين أن يرفعها أمام المحكمة التابع لها أحد فروع الشركة المذكورة الذي حصل التعامل معه، وذلك تسهيلاً على المدعي وخوفًا من تجشمه المصاعب في حالة رفع الدعوى أمام محكمة مركز الشركة الذي يكون بعيدًا جدًا عن الفرع الذي تعامل معه أو الذي وقع الحادث قريبًا منه, وشرط التعامل مع الفرع شرط لازم و إلا وجبت مقاضاة الشركة في مقرها الأصلي.
(المرافعات للمرحوم الدكتور عبد الحميد أبو هيف بند (599) صفحة 440).
وأحكام القانون في هذه النقطة مستمدة من أحكام المحاكم الفرنسية التي تقول باختصاص الفرع دون أن ينص عليه القانون الفرنسي، وأهم القضايا التي من هذا القبيل هي القضايا المرفوعة على شركات السكك الحديدية المختلفة بفرنسا والتي لها فروع ومحطات كبرى في كل الجهات المهمة ولذا سميت عندهم (La question des gares principales)
(جارسونيه وجيز بند 237).
وكذلك الحال في إنجلترا حيث يتجه الفقه الإنجليزي إلى تقرير نظرية الاستقلال الذاتي للفروع، فيقول الأستاذ هـ. ب. شيلدون أن (الفرع يعتبر وحدة مستقلة قائمة بذاتها فيما يتعلق ببعض الأغراض الخاصة ومنها أحقية البنك في أن يرفض صرف الشيك من غير الفرع الموجود به حساب الساحب، ولذا لا يلزم الفرع بأن يصرف شيكًا مسحوبًا على فرع آخر، وقد صدر حكم في قضية وودلاند ضد فير سنة 1854 مفاده أنه إذا قام الفرع بصرف شيك مسحوب على فرع آخر فهو إنما يفعل ذلك بصفته وكيلاً عن حامل الشيك وليس بصفته صيرفيًا للساحب، ولذا فإنه في حالة رفض صرف الشيك عند تقديمه إلى الفرع المسحوب عليه يحق للفرع الأول الرجوع على حامل الشيك ومطالبته بالقيمة التي صرفها إليه.
(التطبيقات العملية في قانون المصارف، صفحة 186).
بل لقد ذهب الفقه الإنجليزي إلى أبعد من ذلك بأنه إذا كان للعميل حساب لدى أحد فروع البنك واعتاد أن يودع مبالغ لدى فرع آخر برسم تحويلها إلى الفرع الذي يتعامل معه لإضافتها إلى حسابه، فإن الفرع الأخير - قبل رفضه صرف أحد الشيكات بسبب عدم كفاية الرصيد - لا يلتزم بالاستفسار من الفرع الآخر عن المبالغ التي يحتمل أن يكون الساحب قد أودعها لديه ولم تكن قد تحولت بعد إلى الفرع الذي يتعامل معه، كما أنه ليس من المفروض أن يكون الفرع عالمًا بالمبالغ التي يودعها العميل لدى الفروع الأخرى، ولذا لا يعتبر البنك مسؤولاً عن رفض صرف الشيك في حالة عدم كفاية الرصيد لدى الفرع المسحوب عليه.
(المرجع السابق صفحة 52).
أما بالنسبة للقضاء فقد حكمت محكمة الاستئناف المختلطة في 6 إبريل سنة 1892, بأنه (يعتبر مركزًا للشركة) المركز الرئيسي le siège central والفروع التي يجوز مقاضاتها فيها، ولا يصح الإعلان في الفرع إلا بخصوص الأعمال التي تتعلق بهذا الفرع أو بالأفعال الحاصلة في دائرته وليست الأمور البعيدة عنه والتي لا ترتبط به وإنما تتعلق بالمركز الرئيسي ذاته كما هو الحال في قضايا التصادم الذي يقع بين البواخر.
(مجموعة التشريع والقضاء المختلط عدد 4 صفحة 158).
وحكمت محكمة مصر الجزئية المختلطة في 25 نوفمبر سنة 1918, بعدم اختصاص المحاكم المختلطة بنظر دعوى موجهة إلى فرع شركة مقرها في الخارج إذا كان المطلوب هو دفع قيمة الكوبونات المتعلقة بديون ناشئة عن عقود حصلت مع مركز الشركة في الخارج.
(مجموعة التشريع والقضاء المختلط عدد 8 بند (355) صفحة 272).
وحكمت محكمة الاستئناف المختلطة في 23 إبريل سنة 1919 بأن (المحكمة التي يقع في دائرتها فرع لإحدى شركات النقل لا تكون مختصة بالفصل في غير المنازعات المتعلقة بمعاملات هذا الفرع بالذات، فلا يتناول اختصاصها المسائل الخاصة ببضائع جرى نقلها في ميناء من الموانئ الخارجة عن دائرة اختصاص ذلك الفرع.
(مجموعة التشريع والقضاء المختلط، السنة 31 القضائية رقم 267).
كما حكمت في 16 ديسمبر سنة 1925 بأن (المحكمة الواقع في دائرتها فرع لإحدى الشركات والتي يجوز مقاضاة الشركة أمامها هي المحكمة الواقع في دائرتها الفرع الذي تعامل معه المدعي).
(مجموعة التشريع والقضاء المختلط، السنة القضائية (38) رقم 94).
وحكمت أيضًا في 6 يناير سنة 1926, بأن (شركات التأمين والنقل وما يماثلها يجوز مقاضاتها سواء أمام المحكمة الكائن في دائرتها مركز الشركة الرئيسي، أو المحاكم التي للشركة فروع في دائرتها، فإذا تراءى للمدعي أن يقاضي الشركة أمام المحكمة الواقع في دائرتها أحد فروع الشركة فإنه يتعين أن تكون هذه المحكمة هي التي يقع في دائرة اختصاصها الفرع الذي عقدت معه العملية المتنازع عليها.
(مجموعة التشريع والقضاء المختلط السنة القضائية 38 رقم 164).
ثانيًا: التفرقة بين مختلف أوراق المحضرين:
يعلق الفقهاء أهمية كبرى على التفرقة بين مختلف أوراق المحضرين التي يحصل إعلانها إلى المؤسسة نظرًا لما لهذه التفرقة من أهمية بالغة ولما هناك من فارق كبير بين ما كان من تلك الأوراق متعلقًا برفع دعوى من الدعاوى وبين ما كان منها متعلقًا بتوقيع الحجز لدى المؤسسة على أموال مدين الحاجز, إذ لا شك في أن إعلان حجز ما للمدين لدى الغير يعد أشد خطورة من مجرد إعلان أية دعوى عادية، نظرًا لما يترتب على تسليم ورقة الحجز إلى المحجوز لديه من نتائج بعيدة الأثر خطيرة الشأن.
فالإعلان المتعلق برفع دعوى من الدعاوى يتضمن تكليف المعلن إليه بالحضور أمام المحكمة المختلطة في ميعاد يحدد، غالبًا ما يكون بعد انقضاء فترة طويلة من تاريخ الإعلان فيكون لدى من تسلم صورة الإعلان متسع من الوقت لتسليمها إلى الشخص المطلوب إعلانه فيأخذ أهبته للاستعداد وتحضير دفاعه واستكمال أدلته وأسانيده، وحتى مع افتراض عدم استلام الصورة في الوقت المناسب فإن أقصى ما يمكن أن يترتب على هذا التأخير هو صدور الحكم في غيبته، وفي هذه الحالة يكون له حق الطعن فيه بأية وسيلة من وسائل الطعن التي رسمها القانون.
وهذا يختلف بطبيعة الحال عن ورقة إعلان الحجز التي تفرض على المحجوز لديه أعباء والتزامات خطيرة يتعين عليه القيام بها في مواعيد معينة بحيث إذا تخلف عن تنفيذها وقعت عليه المسؤولية والتزم بالوفاء من ماله الخاص إلى الدائن الحاجز.
فورقة إعلان الحجز تتضمن:
1 - نهي المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلى المحجوز عليه (547 مرافعات).
2 - تكليفه بأن يقرر بما في ذمته في خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ الحجز (548).
3 - تكليفه بأن يدفع إلى الحاجز - بعد خمسة عشر يومًا من تاريخ التقرير بما في الذمة - لمبلغ الذي أقر به أو ما يفي منه بحق الحاجز (مادة 567).
فإذا لم يحصل الوفاء إلى الحاجز أو الإيداع في خزينة المحكمة كان للحاجز أن ينفذ على أموال المحجوز لديه بموجب سنده التنفيذي مرفقًا به صورة رسمية من تقرير المحجوز لديه (مادة 570).
ولذا يشترط الفقهاء ضرورة علم المحجوز لديه بإعلان الحجز الذي يمنعه من الإفراج عن المال المحجوز عليه.
(جارسونيه جزء (4) بند (201) صفحة 436).
وقد كان قانون المرافعات المختلط يمتاز عن القانون الأهلي - فيما مضى - بما نص عليه في المادة (476) من أن (الحجز الحاصل تحت يد شخص مقيم خارج القطر المصري لا يصح إعلانه للنيابة بل لا بد من إعلانه للشخص نفسه أو في موطنه)، غير أن الشارع قد تدارك هذا النقص وعمل على استكماله في قانون المرافعات الجديد حيث نص في المادة (550) على أنه (إذا كان المحجوز لديه مقيمًا خارج مصر وجب إعلان الحجز لشخصه أو في موطنه بالخارج بالأوضاع المقررة في البلد الذي يقوم فيه)، (وذلك عملاً بقاعدة Locus regis actum) أي (لأوضاع المكان تنقاد الوثائق).
ولا شك في أن الشارع قد هدف بذلك إلى ضرورة علم المحجوز لديه بالحجز فعلاً حتى يمتنع عن الوفاء للمحجوز عليه، إذ أنه ليس من العدل أن يقيد بالإعلان الحاصل للنيابة في مثل هذه الحالة لأنه قد يؤدي إلى مسؤولية المحجوز لديه الذي يكون قد دفع على غير علم بالحجز.
(التنفيذ علمًا وعملاً: أحمد قمحة وعبد الفتاح السيد بند (304) صفحة 227).
يؤيد ذلك أيضًا ما نصت عليه المادة (549) من قانون المرافعات الجديد (تقابلها المادة (416) من القانون القديم) من أنه (إذا كان الحجز تحت يد محصلي الأموال العامة أو المديرين لها أو الأمناء عليها وجب أن يكون إعلانه لأشخاصهم).
ويستفاد من هذه النصوص الصريحة أن الشارع قد استثنى إعلان ورقة الحجز إلى المحجوز لديه من القاعدة العامة التي رسمها في قانون المرافعات لتسليم أوراق المحضرين، تلك القواعد التي تقضي بأنه فيما يتعلق بالدولة تسلم الصورة للوزراء ومديري المصالح المختصة والمحافظين والمديرين, وفيما يتعلق بالأشخاص الذين لهم موطن معلوم في الخارج تسلم الصورة للنيابة (مادة 14 مرافعات).
وفي الواقع أن الشارع لم يستصوب أن يكون تسليم ورقة الحجز إلى الوزير أو مدير عام المصلحة المختصة أو إلى المحافظ أو مدير الإقليم، ولذا فقد وضع قاعدة خاصة جاءت على سبيل الاستثناء فيما يتعلق بتسليم ورقة إعلان الحجز، وترمي هذه القاعدة الاستثنائية إلى تلافي الخطأ اتقاءً للتبعة التي قد تقع على المحجوز لديه.
ومن مقتضى هذه القاعدة أن الحجوز المتوقعة تحت يد مصلحة من المصالح الأميرية لا يصح تسليم أوراقها لمدير المصلحة طبقًا للقاعدة العامة السابق ذكرها وإنما يجب تسليمها لنفس الصراف أو أمين الأموال.
الحكمة في هذا الاستثناء ظاهرة بأنها الحذر من أنه لو سلمت ورقة الحجز إلى مدير المصلحة فيحتمل أن لا تصل إلى الصراف إلا بعد أن يكون قد دفع المال المحجوز عليه لعدم علمه بالحجز فتقع المصلحة في المسؤولية من جراء ذلك وتضطر إلى دفع الدين مرة أخرى إلى الحاجز, وهو ما لا يقع عند حصول الإعلان إلى المكلف بالصرف مباشرةً، ومن القواعد المأثورة عند علماء القانون قولهم (من أخطأ في الوفاء أوفى مرتين) أي (Qui paye mal, paye deux fois)
ويجب أن لا يغيب عن البال أن التسليم بصحة نظرية أصحاب هذا الرأي - القائل بسريان الحجز على الأموال المودعة لدى كافة الفروع - لا بد أن يؤدي حتمًا إلى تكليف الفرع المحجوز لديه بتبليغ الحجز إلى سائر الفروع الأخرى حتى تمتنع بدورها عن الوفاء إلى المحجوز عليه فيتكبد الفرع بسبب ذلك نفقات لا مصلحة له في أن يتحملها كأجور المكالمات التليفونية الخارجية، أو الإشارات التلغرافية، أو المراسلات البريدية، وهو ما يتعارض مع حكمة الشارع من تجنيب المحجوز لديه مثل هذه النفقات، بدليل أن الشارع قد حرص على أن ينص في المادة (548) (فقرة ثانية) من قانون المرافعات على أنه (لا يجوز لقلم المحضرين إعلان ورقة الحجز إلا إذا أودع الحاجز خزانة محكمة المواد الجزائية التابع لها موطن المحجوز لديه مبلغًا كافيًا لأداء رسم محضر التقرير بما في الذمة, ويؤشر بالإيداع على أصل الإعلان وصورته.
وقد تقع هذه الفروع في جهات نائية بعيدة عن الفرع المحجوز لديه بحيث لا يتيسر وصول التبليغ إليها إلا بعد مضي فترة من الزمن يحتمل أن تكون في خلالها قد أوفت بما لديها إلى المحجوز عليه على غير علم منها بالحجز فتقع عليها المسؤولية وتضطر إلى الوفاء مرة أخرى إلى الدائن الحاجز, وهو ما يتنافى مع الحكمة التي شرعها قانون المرافعات فيما يتعلق بمواعيد المسافة حيث نصت المادة (21) على زيادة يوم في مواعيد الإجراءات لكل مسافة مقدارها خمسون كيلو مترًا ولكل ما يزيد من الكسور على ثلاثين كيلو مترًا.
وفضلاً عن ذلك فقد نصت المادة (7) من قانون المرافعات على أن (يقوم الخصوم أو وكلاؤهم بتوجيه الإجراءات وتقديم أوراقها للمحضرين لإعلانها أو تنفيذها)، ولذا فليس ثمة محل لتكليف المحجوز لديه بتوجيه إجراءات لا مصلحة له فيها سيما وأنه لا تتوافر فيه صفة الخصومة أو الوكالة عن الخصوم.
والخلاصة أنه يتضح من كل ما تقدم أن الحجز الذي يوقعه الدائن على أموال مدينه لدى أحد الفروع التابعة لمؤسسة لا ينتج أثره إلا بالنسبة إلى الفرع الذي أعلنت إليه ورقة الحجز دون سائر الفروع الأخرى التي يلزم لتوقيع الحجز لديها ضرورة إعلان كل فرع منها على حده بورقة مستقلة تعلن إليه في مقره.


          

رقم الصفحة : (1) من إجمالي  1

            


 
 
الانتقال السريع          
  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 4127 / عدد الاعضاء 62