اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

 

    مكتبة الأبحاث القانونية      قانون المرافعات      الجدول المستمر

        
 
  المؤلف : عبد الوهاب محمد المحامي   المصدر : مجلة المحاماة - مصر سنة 1920
    الجدول المستمر

مجلة المحاماة - العدد الأول
السنة الأولى - أول يوليو سنة 1920

الباحث القانونية والتشريعية
الجدول المستمر

عثرنا على مقال كتبه المستر شلدن أيموس في سنة 1912 لما كان ناظرًا لمدرسة الحقوق السلطانية بعنوان (نظام الجدول المستمر)، وحبذ فيه إدخال هذا النظام إلى مصر لتخيله أن كثرة التأجيلات أمام محاكمنا نشأت عن الطريقة المتبعة الآن في قيد القضايا ونظرها، وقد عن لنا أن ننشر رأيه هذا راجين حضرات قرائنا أن يوافونا بما يظهر لهم من النقد أو الملاحظات، وهاك ما قاله جنابه مع بعض التصرف.
من المسائل التي علت منها شكوى المتقاضين في مصر وأجمع الكل على وجوب إصلاحها مسألة ذات أهمية عملية أكثر منها نظرية وهي كثرة التأجيلات أمام محاكمنا وما ينجم عنها من ضياع وقت القضاة والمتقاضين معًا، وقد حاول الكثيرون من الكتاب علاج هذا النقص فدارت مباحثهم حول النظام الواجب اتباعه في قيد القضايا ونظرها فرأيت أن أبحث في نظام جديد سميته نظام (الجدول المستمر)، وكل رجائي إلى حضرات رجال القانون أن يبدو ما يعن لهم من الملحوظات على اقتراحي هذا عسى أن نصل من وراء البحث والتنقيب إلى حل مرضٍ لمسألة أجمع الكل على وجوب حلها، غير أنه قبل الخوض في مساوئ النظام الحالي أو فوائد النظام الجديد يجدر بي أن أشير بالإيجاز إلى القواعد الأولية التي يجب مراعاتها في البحث الذي نحن بصدده.
المرافعات الشفهية والتحريرية
غير خافٍ أن القاعدة الأصلية المنصوص عليها في قانوننا وفي سائر القوانين المعروفة لدينا هي أن المرافعة يجب أن تكون علنية شفهية، أجل أنه من الجائز عقلاً وبداهة تقرير القاعدة العكسية ولكن الواقع هو أن القوانين كلها قد قررت المرافعة الشفهية كمبدأ أصلي، ولو أن المشاهد عملاً هو أن المرافعة الشفهية كثيرًا يُستعاض عنها بالمرافعة الكتابية فتكتفي المحكمة بتقديم المذكرات من الخصوم وتصدر أحكامها بعد الاطلاع عليها، فنحن والحالة هذه أمام مبدأين متناقضين في العمل وفي النظر، فالمرافعة شفهية نظرًا وكتابية عملاً، أو في كثير من الأحوال على الأقل.
على أنه لو كانت المرافعة كتابية في جميع الأحوال وتقررت نظرًا وعملاً لهان الأمر وتوفرت علينا مؤونة البحث عن نظام خاص لترتيب القضايا، إذ المفروض في المرافعات الكتابية أن القضايا يفصل فيها عند الانتهاء من تبادل المذكرات والمستندات، أي أن الخصوم يقدمون مذكرات بأقوالهم ومستنداتهم ومتى أودعت في قلم الكتاب فلكل منهم أن يطلع على مذكرة الآخر وأن يضيف إلى مذكرته ما شاء من الأقوال والمستندات، وهكذا إلى أن يبدي الخصوم جميع أوجه دفاعهم أو إلى أن ينقضي الميعاد المعين قانونًا أو من المحكمة، وعندئذٍ تفصل المحكمة في الدعوى بعد اطلاعها على المذكرات الكتابية دون أن تكون هناك مرافعات شفهية بالمرة.
أما والمرافعة في مصر شفهية طبقًا لنص القانون فيترتب على ذلك حتمًا النتيجتان الآتي بيانهما:
أولاً: حضور الخصمين معًا أمام المحكمة في ميعاد معين.
ثانيًا: إعطاؤها ميعادًا كافيًا للاستعداد في الدعوى قبل الجلسة حتى لا يضيع وقت القاضي سدى.
ثم أن للنظام الشفهي نتيجة ثالثة لا تقل عنهما أهمية وهي ضرورة ترتيب القضايا بحسب أولويتها مع مراعاة المدة المحددة لانعقاد الجلسات، لأن تلك المدة مهما طالت فلا بد أن يتزاحم عليها المتقاضون، وأني لواثق أنه إذا انعقدت الجلسات ست مرات في الأسبوع واستغرقت كل جلسة ست ساعات يوميًا (كما هو الحال في لندن)، فهذا لا يمنع المتقاضين من أن يسعى كل منهم في الاستئثار بالجزء الأكبر من وقت الجلسة، وبما أن عدد الجلسات في مصر أقل والوقت أقصر فنحن أحوج إلى نظام دقيق تسير عليه المرافعات الشفهية.
وقصارى القول إن المرافعة الشفهية تستدعي نظامًا خاصًا دقيقًا لقيد القضايا والنظر فيها بحسب أولويتها، وكلما شددنا في ضرورة المرافعة الشفهية كانت الحاجة أكثر إلى ضبط هذا النظام.

شرح النظام الحالي

إن الفكرة الأساسية للنظام الحالي المتبع أمام المحاكم الأهلية والمختلطة هي أن يحدد لكل جلسة مقدمًا عدد معين من القضايا يجب المرافعة فيها، والعادة أن هذا التحديد يكون – قبل ميعاد الجلسة بوقت طويل - والأصل فيه أنه حق من حقوق المدعين أو المستأنفين غير أن الواقع عملاً أن حرية الخصوم في تحديد الجلسات مقيدة بقيود عديدة، ففي أغلب الأحوال يقوم المحضرون بتحديد الجلسات مراعين في ذلك التعليمات الصادرة إليهم من رؤساء الجلسات أو الباشمحضرين.
نعم إن نظام توزيع القضايا قد تحسن تحسنًا بينًا في المحاكم الأهلية منذ عهد أمره إلى قاضي التوزيع في محكمة الاستئناف وقاضي التحضير في المحاكم الكلية، غير أنه بالرغم من مجهودات هؤلاء القضاة وسعيهم في تحديد جلسة نهائية للمرافعة فالواقع أن رؤساء الجلسات كثيرًا ما يضطرون إلى تخصيص جزء كبير من الجلسة لعملية (الجرد) وتأجيل المرافعة في بعض القضايا إلى جلسات أخرى، أما المحاكم المختلطة فالحالة فيها أكثر ارتباكًا واضطرابًا، فجداول الجلسات مكتظة بالقضايا إلى حد يضطر الرئيس معه إلى صرف زمن طويل في جرد القضايا وبالتالي في عمل إداري محض يضيع فيه وقت القاضي والمتقاضي سدى.
فالنظرية التي يبنى عليها النظام الحالي هي أن الخصوم يعينون جلساتهم بأنفسهم فيتم تشكيل الجدول دون أن يكون للقاضي يد فيه بينما أن الواقع لا يتمشى مع هذه النظرية، فالجلسات يعينها قلم المحضرين في بعض الأحيان وفي الغالب تكون الرقابة الفعلية للقضاة إما أثناء انعقاد الجلسات أو خارجها، ومع ذلك فإننا لم نشاهد جلسة ما استطاع القاضي فيها أن يسمع المرافعات في كل قضاياها، بل أنه لو كانت شفهية المرافعات هي المتبعة عملاً لما بقي النظام الحالي إلى اليوم إذ أن هذا النظام لا يتفق مع تلك النظرية بما له من المساوئ التي سنبينها.

نقد النظام الحالي

قلت إن النظام الحالي لا يتفق مع شفهية المرافعات، والواقع أنه من المستحيل تحديد جلسة معينة للمرافعة في عدد معين من القضايا قبل ميعاد تلك الجلسة بزمن، فإن مثل هذا التحديد لا يخرج في نظري عن التكهن بالمستقبل وما التكهن في مقدورنا، فإن التحديد المذكور يفترض فيه الجزم بثلاثة أمور وهي:
أولاً: أن القضايا المرفوعة اليوم (أول يوليو سنة 1920) من زيد ضد عمرو وبكر ضد خالد وعلي ضد حسن ستكون صالحة للمرافعة في يوم الجلسة المحدد لها (أول سبتمبر سنة 1920).
ثانيًا: أن المرافعة في كل من هذه القضايا ستستغرق وقتًا معلومًا من الزمن (مع أن العلم بعد محال ولو بعد الاطلاع على الدوسيه).
ثالثًا: أن الجدول سيبقى قاصرًا على هذه القضايا الثلاث فلا تقيد فيه قضايا جديدة أو تحال عليه قضايا مؤجلة (والواقع غير ذلك).
إن كل هذه الأسباب جعلت القضاة يدركون حق الإدراك أنه من المستحيل عليهم أن يتداخلوا تداخلاً فعليًا في تحديد الجلسات وتشكيل جداولها فتركوا الأمر للخصوم حتى صرنا نرى في جدول كل جلسة عددًا من القضايا يوازي أربعة أو خمسة أضعاف القضايا التي يمكن المرافعة فيها.
لست أنكر أن بعض المحاكم وعلى الأخص التي لها نظام خاص للتوزيع والتحضير قد تسنى لها في كثير من الأحيان أن تتلافى جل هذا النقص أو بعضه فأمكنها أن تدفع غارات العدو الخارجي (القضايا الجديدة) والعدو الداخلي (القضايا المؤجلة) فلم يزد عدد القضايا في كل جلسة عن عشرة أو اثنتي عشرة، ولكن هذا نادر والنادر لا حكم له أضف إلى ذلك أن أقصى ما وصل إليه النظام الحالي من الإتقان ليس في حد ذاته موجبًا للرضاء.
فلو فرضنا أن إحدى هذه المحاكم نجحت في أن لا يزيد عدد القضايا التي ستنظر في جلسة يوم الاثنين أول يوليو مثلاً على عشر قضايا، وهب مع هذا أيضًا أن الخصوم لا يرغبون في التأجيل وكلهم مستعدون للمرافعة فإن الرئيس لا يلبث، وهو معذور في ذلك طبعًا، أن يتولاه الممل حينما يرى أن القضيتين الأوليين قد استغرقتا ساعتين من وقته وأمامه ثمانٍ باقية، فيضطر أن يتفادى ذلك بإلفات نظر المحامين إلى ضيق الوقت وكثرة العمل وتنبيههم إلى الاختصار وعدم التكرار وأن لا يتعرضوا لما هو ظاهر في المذكرات والأوراق مما لا يفوت المحكمة درسه بالعناية والتدقيق...، وغير ذلك مما تكون نتيجته عدم استيفاء المرافعات، ومع هذا فإن الوقت يمضي دون أن تنتهي المحكمة من نظر جميع القضايا، فتضطر أن تؤجل الباقي لأجل بعيد طبعًا لا يقل عن الشهرين محافظة على مبدئها من عدم شحن الجلسات بعدد كبير من القضايا وبذلك يخرج أصحاب هذه القضايا الذين جاءوا في أول يوليو مستعدين للمرافعة في قضاياهم بتلك النتيجة السيئة وهي أن القضايا التي كانت مؤجلة لشهر أغسطس ستنظر قبل قضاياهم ولا ذنب لهم في ذلك غير النظام المعيب.
ولا ننسى ما بمصر من نظام الأعياد التي تقفل فيها المحاكم ويحول دون تنفيذ نظام تحديد الجلسات مقدمًا، تلك هي الأعياد التي لا يعرف متى وفي أي يوم ستكون، ذلك لأننا إما أن لا نؤجل مطلقًا لكل الأيام التي يظن أن يوم العيد سيكون فيها وهو ما لا يمكن حصوله طبعًا وإما أن نسير كالمعتاد حتى إذا ما حدد العيد رسميًا تؤجل القضايا في آخر لحظة بالطريقة الإدارية، وهذا هو المتبع ففي هذه الحالة لا يكون أمامنا لتأجيلها سوى طريقين فإما أن يطوح بها إلى آجال بعيدة وإما أن تتراكم مع غيرها في الجلسات القريبة وكلا الأمرين غير مقبول.
ومجمل القول إن للنظام الحالي القاضي بتحديد الجلسات مقدمًا مساوئ عديدة نذكر منها:
أولاً: أن رئيس الجلسة مهما كان أمينًا ومجتهدًا في عمله كثيرًا ما يضطر إلى الإسراع في نظر القضايا فلا يمكن أن يوفي المتقاضون مرافعاتهم أمامه كما لو كانت المرافعة أمام هيئة تحكيم أي أمام هيئة انعقدت خصيصًا لنظر قضيتهم ولا تعمل حسابًا لغيرها من القضايا.
ثانيًا: إن هذا النظام يولد في نفوس المحامين والقضاة الميل إلى كثرة التأجيلات وهي عادةً مرذولة، لأنه وإن كانت الضرورة تدعو في مبدأ الأمر إلى تأجيل بعض القضايا فإن هذه القضايا ستحال حتمًا إلى جلسات مزدحمة حتى إذا ما جاء موعد نظرها استحال النظر فيها جميعًا واضطر القاضي لتأجيلها إلى جلسة أخرى وهكذا تتضاعف دواعي التأجيل مع الزمن حتى يصل الأمر بالمحكمة في النهاية إلى اليأس من مراقبة تشكيل الجدول مراقبة فعلية فيصبح الأمر فوضى.
ثالثًا: أنه من الصعب إن لم يكن من المحال على المتقاضين أن يعلموا بالضبط اليوم الذي تتسنى لهم فيه المرافعة، وإذا ما أخطأوا في تقديرهم ترتب على ذلك أضرار عديدة لم تكن في الحسبان.

نظام الجدول المستمر

يقضي هذا النظام بأن يكون لكل محكمة جدول واحد وهذا هو الجدول المستمر وسمي كذلك لأنه لا يدرج به إلا القضايا التي تم تحضيرها أمام قاضي التحضير.
وكلما فصل القاضي في عدد من القضايا المندرجة فيه بالترتيب استطاع أن يضيف مثله في ذيل الجدول، ونرى من ذلك أن الجدول المستمر ما جعل لبيان تاريخ القضية وإنما لبيان الدور الذي تنظر فيه فقط دون التفات للوقت أو الميعاد، فالمدعى عليهم لا يعلنون لجلسة معينة بل يجب عليهم الحضور في الميعاد القانوني فقط ويكفي في حضورهم أن يقرروا ذلك أمام قلم الكتاب فهم لا يحضرون في جلسة علنية ولكن لو تأخر المدعى عليه عن الحضور فقد يمنح المدعي حكمًا غيابيًا لا يكلفه شيئًا إلا القيام ببعض إجراءات معينة ونلاحظ أن كل ذلك يحصل في قلم الكتاب دون طرح الدعوى أمام القاضي، أي أن كل هذه الخطوات التحضيرية تتم دون قيد الدعوى في جدول ما.
فإن حضر المدعى عليه طرحت الدعوى للتحضير أمام قاضٍ معين لهذا الغرض وهو يشبه قاضي التحير عندنا وسواء أكانت المرافعة أمامه قصيرة أم طويلة وهو الأقل فإنها متى انتهت كان لذي الشأن أي لطالب التعجيل أن يطلب من قلم الكتاب قيدها بالجدول وما على قلم الكتاب إلا أن يقيدها بناءً على ذلك الطلب في ذيل جدول المحكمة المختصة بحسب ترتيب الطلبات التي تصله، ثم يوزع الرئيس القضايا الجديدة بين وقت وآخر على الدوائر المختلفة، وعلى ذلك فإن الدوائر تكون مختصة بنظر كل ما يحال عليها من القضايا بالطريقة التي بيناها بحسب أولويتها أي تاريخ تقديمها ولا يقتصر فيما يحال عليها على عدد محدد بل يكون عملها بصفة دائمة مستمرة.
ولكن ليس هناك ما يمنع القاضي من أن يؤخر أو يقدم في ترتيب القضايا إذا دعت الضرورة لذلك ولكن هذا التعجيل أو التأجيل لا يكون في الزمن وإنما في دور القضية وترتيبها الأمر الذي يدور عليه كل هذا النظام.
وكل يوم من أيام انعقاد الجلسات يبدأ القاضي بنظر القضية الأولى أي يبدأ من حيث انتهى في اليوم السابق فيستمر في نظرها بالأناة والرواية ما دام يشعر بأنه بعيد عن قيود الزمن والمواعيد فله أن يعمل ما يشاء في سبيل استجلاء الحقيقة من مناقشة الخصوم ووكلائهم في المستندات والمذكرات واستيفاء المرافعات واستطلاع رأي المحامين فيما غمض أو استعصى من النقط القانونية العارضة في الدعوى وهكذا حتى يصل إلى تكوين رأيه والنطق بالحكم والغالب فيه أن يكون في نفس الجلسة.
ولا شك أن هذا أقرب للعدالة وأليق بها إذ يشهد المتقاضون تفرغ القاضي لعمله متوخيًا في الوقت نفسه الصبر والروية مما يدخل عليهم الطمأنينة على حقوقهم والشعور بضمان سير العدالة، تلك النتائج الحسنة لا يمكن للوصول إليها إلا بالعمل تحت نظام كنظام الجدول المستمر حيث يعمل القاضي حرًا بعيدًا بالمرة عن قيود المواعيد أو مسؤولية تراكم العمل فلا يطالب مطلقًا إلا بأن يعمل وقت العمل لا يحسب حساب ما قطعه من القضايا ولا حساب ما بقي منها في الجدول فما لم ينته منه اليوم سيعود إليه في الغد وهكذا ومن مزايا هذا النظام أنه يمكننا من تكييف العمل طبقًا لاستعداد القضاة أو ما يعرض عليهم من الظروف فمن كان ممن لا يميلون إلى الإسراع ف العمل قلل الرئيس من عدد القضايا التي يحيلها عليه ومن عرض له مرض أو صادفه عمل يستلزم مشقة استثنائية فيمكن تخفيف عمله بإحالة شيء منه على جداول زملائه القضاة.

التأجيل تحت نظام الجدول المستمر

كثيرًا ما تلجأ المحكمة إلى تأجيل القضايا بسبب ضيق الوقت، ولكن مثل هذا التأجيل لا محل له تحت هذا النظام اللهم إلا التأجيلات التي تكون لليوم التالي، وهذا لا يكون إلا لإتمام المرافعة ونرى من ذلك أن المحكمة بمقتضى هذا النظام لا يعرض لها ما يدعوها لتأجيل القضايا بسبب ضيق الوقت ومن تم يكون للقضاة سلطة أدبية واسعة في رفض طلبات التأجيل بخلاف ما نراه في النظام الجاري عليه العمل في المحاكم المصرية حيث يرى القاضي نفسه مقيدًا من الوجهة الأدبية في أن لا يرفض طلب المحامي للتأجيل لأنه سيؤجل هو نفسه بلا طلب عددًا عظيمًا من القضايا لضيق الوقت أي لسبب خارج عن موضوع الدعوى،. وقد نشأ عن هذا أن المحكمة كثيرًا ما تجيب طلب أحد الأخصام للتأجيل ولو كانت الأسباب التي يبديها غير وجيهة بل ومع معارضة خصمه وما هذا كله إلا حرصًا على الوقت ورغبةً في تقليل عدد القضايا التي ستسمع المرافعة فيها، فقارن إذن بين مركز القاضي من هذه الوجهة وبين مركزه الذي يكون تحت نظام الجدول المستمر حيث لا مصلحة له في التأجيل مطلقًا فإنه لا شك يكون له سلطان أدبي واسع في رفض طلبات التأجيل.
المحاماة تحت نظام الجدول المستمر
كلنا يعلم المجهود الواسع الذي يجب أن يصرفه محامٍ يرغب في تأدية الواجب في قضيته وفي إجادة المرافعة فيها ناهيك بالقضايا المعقدة التي يعوزها حسن الاطلاع ودقة البحث فاحكم ماذا يكون مركز المحامي الذي لا ينتظر إلا تأجيل قضيته، ذلك حال المحامي في مصر فإنه رغمًا من علمه بأن قضيته سبق أن تأجلت مرتين ورغمًا من علمه بأن قضيته ستكون القضية العاشرة في الجدول فإن مجرد ترجيحه بأن خصمه سيطلب التأجيل سيترتب عليه تطويح قضيته إلى أجل بعيد أنه بلا شك يتردد في تضحية وقته وإجهاد فكرة بلا جدوى.
هذا إذا أجابت المحكمة طلب التأجيل وهو الأرجح ولكن حتى بفرض رفض التأجيل فإن ميعاد نظر قضيته سيكون في الوقت الأخير أي بين الظهر والساعة الأولى بعد الظهر حيث يكون القاضي عند ملله ومطالبته بالإيجاز والاختصار.
وبعد هذا نسمع كثيرًا من القضاة ينسبون للمحامين أنهم إنما يهتمون بزخرفة القول ويهملون بحث الأدلة والبراهين، ولكن من لا يعذر المحامي بعد ما بيناه من الظروف السيئة التي تحول بينه وبين تأدية الواجب.
ذلك يحصل بينما نرى المحامي في إنجلترا حيث يعمل بنظام الجدول المستمر لا يتأخر مطلقًا عن بذل المجهود وإجادة التحضير غير آسف ولا متردد ما دام يثق أن قضيته ستنظر حتمًا إن لم يكن في اليوم المحدد لها ففي الغد أو بعد الغد وإن كلامه مهما أطنب وأطال فيه سيجد آذانًا تسمعه في محكمة لا تعرف قيود الوقت والمواعيد.

اعتراض ظاهر

ربما يتساءل القارئ عن الطريقة التي يعلم بها أرباب القضايا التاريخ الذي ستنظر فيه قضيتهم وهو سؤال وجيه مع ما بيناه من أن القضية تعين في الجدول بنمرتها فقط بغير تاريخ ولا ميعاد.
والجواب على ذلك أن القضية كما سبق بيانه لا تعرض على المحكمة إلا للفصل فيها بحكم حضوري حتمًا وذلك لأنه إذا غاب المدعى عليه مثلاً عند إعلانه استطاع المدعي أن يأخذ عليه حكمًا غيابيًا بغير أن تعرض القضية على محكمة ما، ولذا فليس هناك أمام المحكمة أحكام غيابية بل يجب أن لا تطرح أمامها القضية إلا بعد أن تكون مرت على قاضي التحضير وحضر الخصوم وأصبحت صالحة للفصل فيها بحكم حضوري أي أن المفروض إذن أن الخصوم سبق أن حضروا فلا يمكن أن يقال إنهم يجهلون أن لهم قضية بل لا بد وأن يكونوا مهتمين بها متتبعين سيرها كما أنه لا بد وأن يكون محل الإقامة والعنوان معلومين لدى كتاب المحكمة فبمجرد قيد القضية بالجدول يبادر قلم الكتاب بإعلان الخصوم بأن قضيتهم قد قيدت وبالطبع سيهتم الخصوم بسؤاله عن نمرتها وعن التاريخ الذي يحتمل أن تنظر فيه بوجه التقريب، فلو فرض أن نمرة القضية هي الخمسمائة تيسر لقلم الكتاب بعد أن يحسب الوقت الذي ربما استغرقته المحكمة لتفصل في القضايا المتقدمة عليها أن يقدر من باب الترجيح التاريخ الذي ستنظر فيه القضية ويجيبهم به.
هذا ويقضي نظام الجدول المستمر على المحكمة أن تنشر كشفًا أسبوعيًا ببيان نمر القضايا الذي يغلب أن تطرح أمام كل دائرة في مدة ثلاثة أسابيع وتأخذ المحكمة على نفسها أن لا تنظر أثناء هذه المدة من تلك القضايا إلا عددًا مخصوصًا تعينه رغبةً منها في تجنب المباغتة وزيادة في الضمان وما على أرباب القضايا إذن بعد أن يستقوا المعلومات السابقة من قلم الكتاب لكي يقفوا تمامًا على اليوم الذي ستنظر فيه قضيتهم إلا أن يتتبعوا قراءة هذا الكشف الأسبوعي، وقد دل الاختيار على أن طريقة النشر أتت بالغرض المقصود منها في إنجلترا وهذا بفضل يقظة كتبة المحامين.
ولكن ليس هناك ما يمنع قلم الكتاب نفسه من إعلان الخصوم ولو بخطاب مسجل كلما جاء ميعاد نظر قضية ما وأنه باتفاقه مع رئيس المحكمة يستطيع أن يقدر الوقت اللازم لنظر القضايا المتقدمة وبذا يمكنه أن يعين يومًا لنظر القضية تعيينًا كافيًا صحيحًا وإذ أضفنا إلى هذا من جهة أخرى تعهد رئيس المحكمة بأنه لا ينظر قضايا بعد نمرة معينة في مدة معينة كما رأينا فلا شك أن هذا يساعد كثيرًا في تعيين ميعاد الجلسة بدقة وإحكام.
قد يقال إن كل هذا لا يمكن أن يعرف منه بطريقة جازمة يوم نظر الدعوى وأنه وإن كان هذا صحيحًا ولكن في الغالب لا يكون الفرق بين التقدير الذي يبنى على الاعتبارات المتقدمة وبين الحقيقة إلا مدة وجيزة ربما لا تتجاوز الأربع والعشرين ساعة.
ولا ريب أن الأفضل حتى مع هذا أن يتردد صاحب القضية يومين على المحكمة وهو ضامن أن دعواه سيفصل فيها من أن يطرق أبوابها مرات عدة بين أسبوع وآخر بغير فائدة فكم رأينا أن صاحب قضية محدد لنظرها مثلاً أول يناير يظل يتردد على المحكمة من هذا التاريخ إلى 15 فبراير ثم إلى منتصف مارس ثم إلى أول مايو وربما لا يفصل فيها إلا في أواخر نوفمبر وهو في كل مرة يعلل نفسه بانتهاء قضيته ولكنه يؤوب بلا جدوى سوى سماع قرارات التأجيل.
ويرى الأستاذ بيكو أنه يمكن إدخال نظام الجدول المستمر في القانون المصري دون تغيير جوهري في قانون المرافعات بل وربما تيسر إدخاله دون تغيير مطلقًا باعتبار أنه من نظامات المحكمة الداخلية، هذا وقد وافق الأستاذ المستر أيموس في بيان فائدة هذا النظام من توفير الوقت وضبط العمل.
ومن رأيه غير ما أبداه المستر أيموس أن يكون هناك جدول آخر دعاه بالجدول العام تقيد فيه كل القضايا الجديدة ثم تنقل منه إلى الجدول المستمر بالتدريج بعد أن تمر على قلم التحضير.
إن فكرة إنشاء الجدول المستمر حسنة من حيث إن الباعث لها هو الرغبة في سرعة الفصل في القضايا المحضرة ولكنها بنظامها الذي لخصته (المحاماة) في عددها الأول ليست صالحة ولا مؤدية للغرض المقصود منها بل ربما كانت مخلة بالعمل ومضرة بالمتقاضين ومتعبة للقاضي ومعطلة للمحامي، والأولى بما نبذها، وإذا أريد منع التأجيلات أو تقليلها فليعدل نظام التقاضي على وجه يضمن السرعة مع الدقة في جميع القضايا محضرة وغير محضرة ويسد النقص الفاحش المشاهد في النظام الحالي وإلى القارئ ملاحظاتي على هذه الفكرة وما يجب إدخاله على قانوني المرافعات والتحضير من التعديلات.

(1)

إنه ليس من النظام في شيء أن لا يكون في المحكمة جدول عام لحصر القضايا المحضرة والتي تحت التحضير على السواء وإلا فكيف يعرف باشكاتب المحكمة ورئيسها ما عندهما من القضايا أو وزير الحقانية ما في محاكمة من المخاصمات ؟ وكيف يراقب مفتشو الحسابات محصلي الرسوم ومقدريها ؟ أليس من الجائز مع عدم حصر جميع القضايا في جدول عام أن الكاتب المختلس أو المهمل يقدم للمفتش القضية التي لا اختلاس ولا إهمال فيها ويخفي عنه التي فيها شيء من ذلك ؟ وهب أن القضية بجملتها فقدت أو سرقت فبماذا يثبت الخصمان تقديمها للمحكمة وتسبب قلم الكتاب في ضياعها ؟ وعلى أي شيء يرتكنان في المطالبة بتعويض الضرر الناتج عن فقدها إن لم يكن هناك جدول عام لحصر جميع القضايا وليكون كوثيقة لهما على أنهما عهدا بخصومتهما إلى المحكمة لتحكم فيها.
على أن للجدول العام غرضًا آخر غير الأغراض المشار إليها وهو الكشف والاستدلال منه على نمر وتواريخ الأحكام في القضايا التي يريد الناس سحب مستنداتهم أو صور رسمية منها فإذا لم يكن لهذا الجدول وجود فمم يكشفون وبم يستدلون ؟
وهب أيضًا أن قاضي التحضير حكم في القضية غيابيًا فهل يصح أن تبقى بلا قيد في جدول ما ؟ وماذا تكون الحال لو كان المحكوم له جاهلاً بتاريخ الحكم وجاء طالبًا حكمه أو مستنداته وبحث عنها الكاتب فلم يعثر عليها أو كان متواطئًا مع الخصم الآخر وسوف في طلب الرجل بحجة البحث ؟ ألم يكن في ذلك ضياع أو تعطيل على الأقل لحقوق الناس ؟
على أنه إذا كان من الضروري إنشاء الجدول المستمر فإنه لا يتعارض مع الجدول العام حتى يصح القول بعدم إمكان الجمع بينهما ولذلك أرى إبقاء الجدول العام.

(2)

أنه ليس من المصلحة في شيء أن يترك أرباب القضايا جاهلين باليوم الذي تسمح المقادير بنظر قضاياهم فيه ولا يكفي لمعرفة ذلك اليوم أن رئيس المحكمة يحرر كشفًا بما يغلب على الظن نظره من القضايا في كل ثلاثة أسابيع، نعم قد يجعله معروفًا بالتقريب ولكن ما الذي يضطرنا لتقرير هذا النظام الأبتر ؟ أو ما هو وجه الضرر من تحديد جلسة معينة من إعلان الخصوم بها حتى لا يبقوا مع وكلائهم ملازمين للمحكمة منتظرين قضيتهم ؟ تالله أن صاحب القضية خير له أن تتأخر عشرين مرة من أن يبقى ملازمًا لها معللاً أعماله الأخرى ثلاثة أسابيع متوالية، على أن كثرة التأجيلات المشكو منهما ليست ناشئة عن تحديد جلسات معينة للقضايا بل عن فساد النظام الحالي الذي لا يجوز العدول عنه إلى نظام آخر أعظم فسادًا منه ولذلك أرى البقاء على ما نحن عليه.

(3)

وإذا كان الغرض من إنشاء الجدول المستمر أن رئيس المحكمة يوزع من واقعة القضايا على الدوائر فالأولى عدم إنشائه بالمرة لأن الأفضل لمصلحة العمل أن قاضي التحضير الذي درس القضية وعرف أهميتها هو الذي يوزعها على الدوائر ويحدد لها جلسة المرافعة أولى من أنها تبقى بعد التحضير في حكم الموقوف دون أن تتقدم للمرافعة إلا بطلب تعجيل تقيد بمقتضاه في الجدول المستمر، ولذلك أرى عدم الحاجة إلى إنشاء هذا الجدول وأن يبقى العمل جاريًا على ما نحن عليه الآن من توزيع القضايا وتحديد جلسات المرافعة فيها بمعرفة قضاة التحضير.

(4)

وإذا كان الملحوظ في فكرة إنشاء الجدول المستمر هو حمل القضاة على الاستمرار في نظر القضية حتى ينتهوا منها بالحكم القطعي فإن ذلك ممكن بدون احتياج إلى إنشاء جدول ثانٍ بجانب الجدول العام ولكن بثلاثة شروط:
أحدها: أن يتخصص لسماع المرافعة والحكم قضاة لا يشتغلون في غير المدني حتى لا تعترضهم جلسة جنح ومخالفات مستأنفة تعوقهم عن الاستمرار في نظر القضايا المدنية،
والثاني: تعديل نظام التقاضي وتوسيع سلطة قاضي التحضير إلى درجة تمكنه من تجهيز القضية بسرعة ودقة وجعلها صالحة للحكم،
والثالث: أن يتخصص قضاة لا يشتغلون بغير التحضير لأن مأموريتهم مع التعديل المشار إليه تكون شاقة يعجزون عن القيام بها إذا كلفوا بغيرها، أما إذا ظل نظام التقاضي وقانون التحضير على حالهما وظل القاضي يشتغل في الجلسة وفي التحضير وفي الجنح والمخالفات المستأنفة وانتدابًا للجزئيات بدل المتغيب من قضاتها فإن الحال تبقى على ما هي عليه ولا تمتنع الشكوى من التأجيلات ولو أنشأت الوزارة آلافًا من الجداول وسمتها بما شاءت من الأسماء، وذلك لأن المحكمة قد تتبين من المرافعة ضرورة تكليف الخصمين أو أحدهما بتقديم ورقة لم يفطنا للزومها أو يعتمدا عدم تقديمها تضليلاً أو أنها ترى إحالة الدعوى على التحقيق أو تعيين خبير أو غير ذلك مما يحصل كثيرًا فتضطر لتأجيل القضية إلى أجل آخر حتى يتم ما أرادته إذ بدونه لا تستطيع الحكم في الدعوى قطعيًا ولهذا لا يكون من المفيد أبدًا وضع أي نظام داخلي أو قانون آخر يحتم على القضاة الحكم قطعيًا في جميع الدعاوى المقيدة في الجدول المستمر مع بقاء نظام التقاضي وقانون التحضير على حالهما.
وخلاصة القول إن نظام الجدول المستمر غير صالح مطلقًا لا لمنع التأجيلات ولا لتقليلها ولا لسرعة الفصل في القضية قطعيًا والأولى عدم التفكير فيها قطعيًا.
أما إذا أريد تقريب أجل النزاع حتى لا تشكو الحكومة والناس من كثرة التأجيلات فإنه يجب تعديل قانوني المرافعات والتحضير على الوجه الآتي:
( أ ) يُسمح لقاضي التحضير بالحكم في قضايا نزع الملكية لأنها لا تحتاج لبساطتها بثلاثة قضاة.
(ب) يُسمح له بالحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة أو بها في الأحوال المصرح بها في القانون لأن المدعي إذا أراد الآن معافاته من الكفالة اضطر لإحالة القضية على المحكمة لتعافيه منها مع أن أحوال المعافاة محصورة في القانون وفي إمكان قاضي التحضير وحده أن يتبينها بدون احتياج إلى اثنين آخرين معه.
(ج) يسمح له بالحكم في طلب التحقيق وإجرائه وتعيين الخبراء واستبدالهم وبالانتقال لمعاينة الأعيان الثابتة وبغير ذلك من الإجراءات المجهزة للدعوى حقيقة فيكون قد قام بما تدل عليه كلمة (تحضير) أما إحالة القضية على الجلسة كالكتلة الصماء فليس من التحضير في شيء على أنه إذا أخطأ في الحكم بالتحقيق أو بتعيين الخبير فللمحكمة أن لا تتقيد بحكمه إذا كان في غير الأحوال التي يجوز فيها ذلك.
(د) منحه السلطة المطلقة في الاطلاع على المستند الموجود في جهة إدارية أو جهة قضائية أخرى لم تسمح بتسليمه أو تسليم صورته إلى المتمسك به.
(هـ) أن المعارضات في الأحكام الغيابية سبب كبير من الأسباب التي تمد أجل النزاع بين الخصمين لأن كثيرًا من المبطلين يتعمد التأخير عن الحضور فيحكم عليه غيابيًا فيعارض بقصد التسويف أو بقصد التمكن من تهريب ملكه أو ليكره خصمه على الصلح معه على أقل من مطلوبه، ومثل هؤلاء يجب أن يقام في وجههم سد منيع يحول بينهم وبين ما يشتهون وذلك بتعديل قانوني المرافعات والتحضير بنظام جديد يقضي:
أولاً: بعدم جواز المعارضة إلا لمن يثبت أنه كان خارج القطر في وقت إعلانه بصحيفة الدعوى ولم يكن له دليل رسمي أو دائرة تمثله.
وثانيًا: بأن يعطي للمدعي حق طلب إثبات غيبة المدعى عليه ولو كان واحدًا حتى إذا لم يحضر بعد إعلانه بحكم ثبوت الغيبة يكون الحكم الغيابي الذي يصدر عليه في الموضوع غير قابل للمعارضة، وإنما اشترطنا ثبوت غيبة المدعى عليه ليكون هذا كضمانة للمتخلفين عن الحضور لعذر لم يسعهم تبليغه للقاضي بواسطة وكيل عنهم فإذا تخلفوا بعد ذلك لا يكون لهم ثمة عذر ويكونون قد استحقوا الحكم عليهم حكمًا غيابيًا لا يقبل المعارضة.
وتعديل المادة (35) مرافعات بأن يكلف المدعي يشرح دعواه في الإعلان الافتتاحي شرحًا وافيًا كمذكرة إضافية مع بيان مستنداته بيانًا كافيًا والغرض من تمسكه بكل واحد منها والموجود منها عنده والغير موجود وجهة وجوده إن كانت إدارة أو محكمة مختلطة أو شخصًا من الناس ثم تعديل المادة () مرافعات بأن يجعل ميعاد الجلسة أربعة أسابيع يكلف المدعي بقيد القضية وتقديم الحاصل عليه من مستنداته في النصف الأول منها، أما النصف الثاني من الأربعة أسابيع فإن المدعى عليه يكون مكلفًا فيها بتقديم مذكرة إضافية بأقواله مع بيان مستنداته واحدًا واحدًا والموجود منها والغير موجود وجهة وجوده، وفي الجلسة المحددة وهي أول جلسة يتحتم على القاضي أن يسمع المرافعة في القضية كما لو كانت في الجلسة ثم يقرر التأجيل ليقدم الخصوم باقي مستنداتهم التي يرى أنها ضرورية للدعوى وإلا قرر بما يراه، وفي الجلسة الثانية يتعين عليه أن يسمع المرافعة ويصدر قراره إما بإحالة القضية على المرافعة أو على التحقيق أو تعيين خبير في الأحوال التي يجوز له فيها ذلك.
بهذا يمكن تنجيز القضايا بسرعة ودقة وتمتنع الشكوى من التأخير.
هذا ما عَن لي من أوجه النقد على فكرة الجدول المستمر وبعض ما رأيته من طرق الإصلاح في نظام التقاضي في مصر وعندي إن كل نظام جديد لمسألة خاصة هو كالترقيع في الثوب البالي لا يتجانس مع نظام آخر لمسألة أخرى والأفضل أن الحكومة تشكل لجنة من ثمانية مستشارين ومن رؤساء المحاكم الابتدائية الثمانية ومن جميع مديري الأقاليم ومن ستة عشر محاميًا ممن اشتغلوا بالمحاماة عشرين سنة على الأقل ثم من وزير الحقانية أو من ينوب عنه بصفته رئيسًا وتكلف هذه اللجنة بسن نظامات جديدة ملائمة للبلد من قضائية وإدارية وأوقاف وترع وجسور وغير ذلك بدلاً من تلك النظامات الرثة المسببة لتسعة أعشار المشاكل الموجودة الآن أمام القضاء وعلى ظني أن ذلك لا يكلف اللجنة أكثر من ثلاثة أشهر لأن جميع أعضائها احتكوا بالأمة وعرفوا أخلاقها وما يجب عليها وعرفوا الضار والنافع من النظامات الحالية وما يجب إصلاح أو إلغاؤه منها.
هذا ما أظنه واجبًا على الحكومة للبلاد والله أسأل أن يوفقها ويوفق الأمة لما فيه الخير.

طنطا
عبد الوهاب محمد المحامي

          

رقم الصفحة : (1) من إجمالي  1

            


 
 
الانتقال السريع          
  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3298 / عدد الاعضاء 63