اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

 

    مكتبة الأبحاث القانونية      قضايا نقابية وقانونية      31 ديسمبر سنة 1883 العيد الخمسيني للمحاكم الأهلية

        
 
  المؤلف : عزيز خانكي   المصدر : مجلة المحاماة - مصر سنة 1931
    31 ديسمبر سنة 1883 العيد الخمسيني للمحاكم الأهلية

مجلة المحاماة - العدد الرابع
السنة الحادية عشرة - يناير سنة 1931

31 ديسمبر سنة 1883
العيد الخمسيني للمحاكم الأهلية

في يوم 28 يونيه سنة 1875 احتفل المغفور له إسماعيل باشا بافتتاح المحاكم المختلطة، وفي يوم الاثنين 31 ديسمبر سنة 1883 احتفل ابنه المغفور له توفيق باشا بافتتاح المحاكم الأهلية.
أقيمت حفلة افتتاح المحاكم المختلطة في سراي رأس التين بإسكندرية، وأقيمت حفلة افتتاح المحاكم الأهلية في سراي عابدين بالقاهرة.
خصصوا لمحكمة مصر المختلطة دار الحكومة بحارة العسيلي (مكان محكمة الموسكي الجزئية الآن)، وخصصوا لمحكمة مصر ولمحكمة الاستئناف الأهلية سراي ثابت باشا بشارع محمد علي (مكان دار الكتب الملكية الآن).
أول جلسة عقدتها المحاكم المختلطة كانت أول فبراير سنة 1876، وأول جلسة عقدتها المحاكم الأهلية كانت في يناير سنة 1884.
كان شريف باشا ناظرًا للحقانية عندما احتفل إسماعيل باشا بافتتاح المحاكم المختلطة، وكان فخري باشا ناظرًا للحقانية عندما احتفل توفيق باشا بافتتاح المحاكم الأهلية.
من حسن المصادفات أن المغفور له توفيق باشا شهد حفلة افتتاح المحاكم المختلطة بصفته ناظرًا للداخلية، وبعد ثماني سنوات رأس حفلة افتتاح المحاكم الأهلية بصفته خديوي مصر، وقد شهد حفلة افتتاح المحاكم المختلطة نوبار باشا والأمير منصور باشا وإسماعيل صديق باشا ناظر المالية وجمع غفير من الأمراء والعظماء والكبراء وقناصل الدول وكثير من رجال المال والعلم والسياسة وخطب الخديوي إسماعيل في الحاضرين الخطبة الآتية:
(أيها السادة
إن المعاونة العلية الشأن التي تفضل بها علينا صاحب الجلالة سلطاننا المفخم والمساعدة المملوءة عطفًا التي لاقيتها من الدول الأجنبية تسمح لي بأن احتفل اليوم بالنظام القضائي وأن افتتح المحاكم الجديدة، وإني لسعيد بأن أرى حولي هؤلاء القضاة الأفاضل الأجلاء الذين قد عهدت إليهم بكل طمأنينة ولاية القضاء في مصر وإني على يقين بأن مصالح الناس ستجد في معارفهم وأهليتهم الضمان التام وأحكامهم ستقابل من الكافة بالطاعة والاحترام.
إن حفلة اليوم ستكون من الحفلات الخالدة في تاريخ مصر وستكون مبدأ عصر جديد للحضارة، وإني واثق بأنه بعناية الله وحسن توفيقه سيكون مستقبل هذه المحاكم وطيد الأركان).
فأجابه شريف باشا بقوله:
(مولاي
ليسمح لي سموكم بأن أقدم لكم بصفتي ناظرًا للحقانية وممثلاً لهيئة القضاء تهانينا الخالصة، إذ بافتتاحكم اليوم هذه المحاكم قد أتممتم عملاً مجيدًا من أعمال الحضارة في مصر، وإني أعبر لسموكم عن خالص ولاء القضاة وأشكر لكم هذه الثقة الغالية التي وضعتموها في إخلاصهم لخير هذا البلد ومستقبله، وبإسناد ولاية القضاء إليهم وإصدار الأحكام باسم سموكم قد عهدتم إلى حكمة القاضي وولائه وشرفه حقًا من أهم حقوق السلطة الشرعية في هذه البلاد، أن القضاء المصري الجديد بهيئة هذه اعتمادًا على الثقة المملوءة نبلاً وكرمًا الصادرة من لدن سموكم واقتداءً بمبادئكم السامية التي غايتها تمدين وتحضير هذه البلاد قبلوا بكل شجاعة أداء المأمورية السامية التي أسندتموها إليهم، وقد عاهدوا أنفسهم على أن يؤيدوا مجهوداتكم العظيمة وأملهم وطيد في أن ينقشوا اسم سموكم في قلب الجيل المقبل بناءً على ما لكم من الفضل في وضع أساس هذا الصرح العظيم الذي ستقام عليه سعادة مصر، إن هذه المأثرة الجليلة كافية وحدها لأن تخلد اسمكم المجيد وعهدكم السعيد أبد الآبدين ودهر الداهرين).
وفي حفلة افتتاح المحاكم الأهلية بدأ فخري باشا ناظر الحقانية الكلام فقال:
(مولاي
من يوم جلوسكم على عرش جدودكم توجهت عنايتكم لإصلاح شؤون المحاكم المصرية واعتنت حكومتكم بوضع قوانين مطابقة حسب الإمكان لأحوال البلاد وعاداتها، وقد صدرت عليها أوامركم العلية وتم نشرها، وهاهم يا خديوينا الأجل الرجال الذين دعتهم ثقتكم العلية لإحقاق الحق في محاكمكم المحلية).
ولما فرغ من إلقاء خطابه التفت الجناب الخديوي إليه وإلى حضرات الأعضاء وألقى عليهم خطبة سمعوها وهم وقوف، قال:
(لقد سرني اجتماعكم لدي في هذا اليوم المبارك الذي أعد لافتتاح المجالس التي انتظمت وأشكر لكم همتكم والذين اشتركوا معكم للوصول إلى هذا المقصد الأجل.
ومن المعلوم أن أساس العمران وازدياد ثروة الأهالي والسكان هي اتباع جادة العدل والحق والسير وفق ما تقتضيه القوانين وتوقيع الأحكام حسب نصوصها ليبلغ العدل بذلك مبلغه ويصل الحق إلى مستحقة ويكف المعتدي عن عدوانه ويزدجر غيره،
وتعلمون زيادة ميلي ورغبتي في حب العدالة والإنصاف والتساوي في الحقوق والمعاملة بين الغني والفقير، ومن عهد ما استويت على مسند الخديوية المصرية لم تزل أفكاري متجهة لما يعود على وطننا بالتقدم والنجاح، ومن جملة ذلك إيجاد المجالس الكافلة لإجراء الأحكام وتنفيذها تطبيقًا للقوانين، وإناطة هذه الأعمال برجال قادرين على القيام بها أتم قيام جديرين بالاعتماد عليهم والوثوق بهم، خبيرين بما تكلفهم وظائفهم من النظر بكل دقة في شؤون المصالح لا تأخذهم في الحقوق لومة لائم ولا يميلون إلى غير الطرق المستقيمة ولا يراعون الخواطر ولا يتطلعون إلى حب المنفعة الذاتية فيؤثرونها على المنفعة العامة، وقد تم بعناية الله ترتيب المجالس على الوجه المرغوب وعيناكم بها لما هو مشهود لكم به من الأهلية واللياقة والصدق والاستقامة والعفة وشرف النفس وتوفر الشروط التي يعتد بها ويستند إليها في تحميلكم هذه الوظائف الجليلة، وأملي وقد صرتم أمناء على أحكام القانون وتنفيذها أن تسلكوا المسلك الحميد الأثر ومن الله التوفيق وبه الاستعانة).
بعد ذلك تقدم رئيس وقضاة محكمة الاستئناف والنائب العمومي وحلفوا اليمين بين يدي جنابه العالي على أن (يؤدوا وظائفهم بالذمة والصداقة)، ثم توجهوا بعد ذلك إلى السراي التي أُعدت للمحاكم الجديدة يتقدمهم فخري باشا ناظر الحقانية وهناك ألقى فخري باشا عليهم الخطاب الآتي الذي أعلن به افتتاح محكمة استئناف مصر ومحكمة مصر الابتدائية قائلاً:
(يا حضرات القضاة:
لما كان العدل أول أمر يُعتنَى به لعمران الممالك قد وجه الجناب العالي حفظه الله أنظاره منذ تبوءه أريكة الخديوية المصرية لإصلاح حالة المحاكم الأهلية ووضع قوانين لتأمين المتعاملين والفصل بين المتخاصمين مع ملاءمتها لعوائد واصطلاحات بلادنا على قدر الإمكان، ولهذا تشكلت لجنات من ثلاث سنوات مضت للبحث في اتخاذ أحسن الوسائل للوصول إلى هذا الغرض، والحمد لله قد انتهى العمل ونُشرت القوانين في الجرائد الرسمية، وبناءً على ما تعهده فيكم الحضرة الخديوية من الصداقة والاستعداد والاستقامة قد أحالت على ذمتكم القيام بالنيابة عنها بمهام هذه الوظيفة الجليلة وهي القسط بين الناس وإيصال الحقوق لذويها والأخذ بيد المظلوم من الظالم مع المساواة بين الرفيع والوضيع والقوي والضعيف، وقد اجتمعنا في هذا اليوم لافتتاح محكمة استئناف مصر ومحكمتها الابتدائية أيضًا ولهذا فإني أعلنكم بناءً على الإرادة السنية بأن المحكمتين المذكورتين تعتبران مفتتحتين من يومنا هذا ولم يبقَ الآن سوى مباشرتكم الأشغال بمقتضى الأوامر العالية الصادرة بنشر القوانين، نسأل الله القدير أن يحقق آمال الحكومة الخديوية والأمة المصرية عمومًا في حسن اجتهادكم وإخلاصكم وأن يقرن بالنجاح أعمالكم..)
وبعد أن أتم خطابة جاوبه إسماعيل باشا يسري رئيس محكمة الاستئناف بما يأتي:
(بالنيابة عن جميع القضاة أقدم لسعادتكم التهنئة على ما بذلتموه من الهمة في إصلاح أحوال المحاكم الأهلية ونشكركم أيضًا على ثقتكم بنا وأرجو سعادتكم تقديم شكرنا للجناب الخديوي المعظم وإبلاغه إخلاص نيتنا وصدق طويتنا في أداء أعمالنا القضائية..)
بعد ذلك حلف رؤساء وأعضاء المحاكم الابتدائية بمصر وإسكندرية وطنطا وبنها والمنصورة اليمين أمام محكمة الاستئناف ثم حلف رؤساء أقلام النائب العمومي ووكلائه اليمين بين يدي ناظر الحقانية على (تأدية وظائفهم بالذمة والصداقة).
تأليف محكمة استئناف مصر:
كان أول تأليف محكمة استئناف مصر من إسماعيل باشا يسري رئيسًا وسليمان نجاتي بك وكيلاً ومن إبراهيم باشا رشدي، مسيو فليمكس، مسيو ايموس، مسيو مينار، مسيو همسكرك، عبد الحميد بك، مصطفى شوقي بك، إدريس بك، إبراهيم حليم بك، محمود فهمي بك، شفيق منصور بك، أحمد بليغ بك، قضاة.
تأليف المحاكم الابتدائية:
أما محكمة مصر الابتدائية فتألفت من إبراهيم فؤاد بك رئيسًا ومراد بك وكيلاً، ومن سليمان رؤوف بك، محمد كامل بك، مسيو اندريس، مسير لوجريل، محمد سعيد بك، صالح ثابت بك، سليم كحيل بك، حنا نصر الله أفندي، قضاة.
ومحكمة إسكندرية تألفت من حسين بك واصف رئيسًا ومراد بك وكيلاً، ومن عمر رشدي بك، مسير دوهلتس، إبراهيم شوقي بك، عبد الغني أفندي فكري، أمين عزمي أفندي، برسوم حنين أفندي، قضاة.
ومحكمة طنطا تألفت من إسماعيل صفوت بك رئيسًا وإسماعيل أفندي صبري وكيلاً، ومن سليمان يسري بك، مسيو فابري، محمد أفندي جوهر، سليم فؤاد أفندي، مصطفى أفندي رحمي، قضاة.
ومحكمة بنها تألفت من أحمد نابي بك رئيسًا وعامر حمودة بك وكيلاً ومن مسيو فان درجرخت، خليل حلمي أفندي، مصطفى شوقي أفندي، محمود أفندي العباني، تادرس أفندي إبراهيم، قضاة.
ومحكمة المنصورة تألفت من مصطفى رضوان بك رئيسًا ويوسف صدقي أفندي وكيلاً، ومن عبد الهادي أفندي، محمد منيب أفندي، محمد على أفندي، إبراهيم محمد أفندي، المسيو جورج برنار، ميخائيل أفندي شاروبيم، محمد أفندي وصفي، حبيب أفندي نعمة الله، قضاة.
وقد أنشئت المحاكم الأهلية الجديدة في الوجه البحري فقط، أما الوجه القبلي فقد ظل محرومًا منها حتى سنة 1889.
رجال النيابة:
أما رؤساء النيابة فكانوا جبرائيل كحيل بك وأحمد حشمت أفندي وحامد محمود أفندي وأمين فكري أفندي وعبد العزيز كحيل أفندي.
وأما وكلاء النيابة فكانوا حمد الله أفندي أمين ومحمد أفندي مجدي ومسيحة لبيب أفندي وإسماعيل ماهر أفندي.
أول حكم صدر من محكمة الاستئناف:
أول حكم صدر من محكمة الاستئناف الأهلية كان بتاريخ 26 مارس سنة 1884 نذكره هنا بالحرف الواحد لبيان كيفية تحرير الأحكام ولغة القضاة والكتبة والمحامين في ذلك العهد.

محكمة استئناف مصر الأهلية
الأودة التجارية
باسم الحضرة الخديوية

إن محكمة استئناف مصر المشكلة من حضرة سليمان بك نجاتي وكيل المحكمة وبحضور حضرات عبد الحميد بك صادق وأمين بك سيد أحمد وإدريس بك ثروت المسيو مينار قضاة وجرجس أفندي يوسف كاتب المحكمة.
أصدرت الحكم الآتي بيان نصه:
في قضية مصطفى بك الهجين تاجر بمصر المقيدة بالجدول العمومي نمرة (2)
ضد:
السيد أحمد الحسيني تاجر بخان الخليلي بمصر
(بمقتضى تقرير تقدم من محمد الصدر بالتوكيل عن مصطفى بك الهجين لمجلس ابتدائي مصر الملغى بتاريخ 4 محرم سنة 96.
صار تكليف السيد أحمد الحسيني بالحضور لسماع الحكم عليه بملزوميته بدفع مبلغ أربعة وثلاثين ألف ومائة خمسة وعشرين غرش قيمة كمبيالة مع الفايظ والمصاريف الرسمية وغير الرسمية،
(وبنظر القضية بالمجلس صدر منه حكم بتاريخ 3 يناير سنة 79 برفض تداعي مصطفى بك الهجين على السيد أحمد الحسيني بخصوص مبلغ الثلاثمائة وخمسين جنيه إنجليزي بما أنه مثبوت سداد المبلغ إليه بموجب المكاتبة المحررة عليه بتاريخ 11 ربيع آخر سنة 95 بإمضاء من السيد أحمد الحسيني ورفض باقي طلبات الطرفين وعوائد المجلس وتؤخذ منهما مناصفةً،
وبإعلان الحكم إلى مصطفى بك الهجين في 26 صفر سنة 96 تقدم من وكيله محمد أفندي الصدر تقارير رفض الحكم لمجلس مصر الملغى في 28 صفر سنة 96 ثم تقدم أوجه التظلم لمجلس الاستئناف في 17 ربيع آخر سنة 96 بطلب لغو الحكم الصادر من الجلسة التجارية بمجلس ابتدائي مصر وملزومية أحمد الحسيني بدفع مبلغ الثلاثمائة وخمسين جنيه إنجليزي مع الفايظ والمصاريف الرسمية والغير رسمية.
وبنظر القضية بمجلس الاستئناف الملغى صدر منه حكم بتاريخ 13 صفر سنة 97 برفض الأبلو المرفوع من مصطفى بك الهجين وصرف النظر عن دعواه على السيد أحمد الحسيني بشأن كمبيالة الثلاثمائة وخمسين جنيه وملزومية مصطفى بك الهجين بعوائد المجلس.
وبإعلان ذلك الحكم إلى مصطفى بك الهجين في 16 ربيع آخر سنة 97 لم يقبله وتقدم تقرير الأبلو من وكيله محمد أفندي الصدر في 13 جماد أول سنة 97 بطلب إعادة نظر القضية في ذات المجلس الصادر منه الحكم والطعن فيه بطريق الريكيت سيفيل وأرفق بتقريره فتوى من ثلاثة أفوكاتية وإيصال الصراف عن الرسم المقرر لأعمال الريكيت سيفيل المرفوع تطبيقًا للقانون وبناءً على ذلك صدر حكم المجلس بتاريخ 6 رجب سنة 97 بقبول الريكيت سيفيل المرفوع من مصطفى بك الهجين، ثم صدر أيضًا من مجلس الاستئناف المذكور قرار بتاريخ 29 ربيع أول سنة 98 بإحالة المحو المتظاهر في كمبيالة الثلاثمائة وخمسين جنيه الرقيمة أحد عشر ربيع آخر سنة 94 مع الكتابة الرقيمة أحد عشر ربيع آخر سنة 95 المحررة على كمبيالة الثمانين جنيهًا المؤرخة في أحد عشر ربيع آخر سنة 94 ومقال من حضرة مصطفى بك الهجين بأن السيد أحمد الحسيني هو الذي أحدثها على ضبطية مصر لتحقيق هذا وهذا بمعرفتها بالجلسة الجنائية وبعد استيفاء تقدم الأوراق للمجلس الابتدائي كما هو جاري في القضايا الجنائية وتوقيف موضوع القضية بالمجلس لحينما يحكم في النوعين المذكورين الجنائيين وعوائد المجلس على الطرفين مناصفةً.
ولمناسبة لغو مجلس الاستئناف أحيلت القضية على هذه المحكمة وبعد طلب الأخصام بمقتضى علم خبر تقيدت القضية بالجدول العمومي نمرة (2) وتقدمت لجلسة الأربع الواقع في 19 مارس سنة 84 الموافق 21 جماد أول سنة 301،
فحضر المدعي والمدعى عليه شخصيًا وبعد سماع أقوالهما وضعت القضية في المداولة والمذاكرة في ذلك بالمحكمة رُئي
من حيث إن مجلس استئناف مصر الملغى سبق أن أصدر قرارًا بتاريخ 29 ربيع أول سنة 98 بإحالة تحقيق المحو المتظاهر في كمبيالة الثلاثمائة وخمسين جنيهًا مع الكتابة المحررة على كمبيالة الثمانين جنيهًا على ضبطية مصر،
وحيث بطلب الأوراق وحضورها وجدت غير مستوفية حسبما نص بالقرار المذكور، وحيث من الاقتضاء الأجري حسبما نص بالقرار المثنى عنه لإتمام التحقيق،
فلهذه الأسباب
تقرر إرسال أوراق التحقيقات التي جرت بمعرفة ضبطية مصر بناءً على قرار مجلس استئناف مصر الملغى الصادر بتاريخ 29 ربيع أول سنة 98 إلى قلم النائب العمومي بمحكمة مصر الابتدائية لإجراء ما يلزم نحوها حسبما هو منصوص بالقرار المذكور.
هذا ما حكمت به المحكمة بجلستها العلنية المنعقدة في يوم الأربع الواقع في 26 مارس سنة 84 الموافق 28 جماد أول سنة 301 ثلاثمائة وواحد.

وكيل محكمة استئناف مصر كاتب المحكمة

أول حكم ابتدائي:
أما أول حكم ابتدائي صدر من محكمة مصر الابتدائية فكان بتاريخ 11 مارس سنة 1884 وإليك نصه:

محكمة مصر الابتدائية الأهلية
قضية السيدة حميدة
ضد
عباس القمصجي أخيها

(حيث إن المدعية تطلب ما خصها بالميراث في متروكات مورثها الواضع يده عليها المدعى عليه، وحيث إن المدعى عليه ينكر للمدعية حق ميراثي متطلباه منه وحينئذٍ صارت المنازعة في المواريث ويلزم تطبيق بند (17) من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية في هذه المسألة،
فبناءً على ذلك:
قد حكمنا بعدم اختصاص المحكمة بالنظر والحكم في هذه القضية وألزمنا المدعية بالمصاريف الرسمية والغير رسمية تحريرًا في 11 مارس سنة 1884.

إبراهيم بشاي إبراهيم فؤاد
كاتب المحكمة رئيس المحكمة

أرأيت كيف أن هذا الحكم صدر بدون أن يكون مصدرًا باسم الجناب العالي الخديوي، وبدون ذكر أسماء القضاة الذين أصدروه، وبدون بيان وقائع القضية حتى ولا نمرتها.
وهل رأيت كيف أنهم كانوا يعبرون عن الاستئناف بكلمة (أبللو)، وعن التماس إعادة النظر بكلمة (ريكيت سيفيل)، وأن الالتماس كان يرفق به تقرير يوقع عليه ثلاثة محامين (كما هو الحاصل في بعض بلاد أوروبا)، وأن تحقيق التزوير المدني كان يحال على (ضبطية مصر)، وأن رسوم القضايا كان يعبر عنها (بعوائد المجلس)، والفوائد بالكلمة الدارجة (الفايظ) ويستعيضون عن كلمة رفض الدعوى (بصرف النظر عن الدعوى) و(رفض التداعي)، وكانوا يعبرون عن (الدائرة المدنية أو التجارية) بكلمة (الأودة التجارية)، وعرائض الدعاوى كانت عبارة عن (تقارير تقدم من المحامين)، وغير ذلك من الاصطلاحات التي ينبو عنها سمعنا الآن.
وكانوا يذكرون المؤنث، ويؤنسون المذكر، ولا يميزون بين المنصوب والمرفوع، ولا بين الأسماء والصفات حتى إنهم كانوا يخطئون في كتابة أسماء الشهور العربية.
تعليم الكتبة والمحضرين:
قبل أن تبدأ المحاكم الأهلية عملها فكرت الحكومة في تعليم طائفة ممن لهم إلمام بالقراءة والكتابة على أعمال الكتبة والمحضرين، فنشرت نظارة المعارف العمومية بتاريخ 29 ديسمبر سنة 1882 في الوقائع الرسمية الإعلان الآتي:

إعلان
وارد من نظارة المعارف العمومية

(إن مجلس النظار قرر لزوم إعطاء دروس لستين شخصًا منهم عشرون للتمرن على أعمال الكتبة بالمحاكم الأهلية المستجدة وأربعون للتمرن على أعمال المحضرين بالمحاكم المذكورة وقد سبق انتخاب الأشخاص الموضحة أسماؤهم بهذا واستقر الحال على إجراء التدريس لهم في محل أُعد لذلك بالسراي التي كانت ملكًا لأنجال سعادة ثابت باشا الكائنة بالخليج المرخم، وأن يكون التدريس من الساعة 8 صباحًا إلى الساعة 9 من ابتداء يوم السبت 29 ديسمبر سنة 1883 فلزم الإعلان بذلك ليعلمه المنتخبون ويتوجهوا للمحل المذكور لتلقي الدروس ابتداءً من يوم السبت 29 ديسمبر سنة 1883.
لغة المذكرات ونشرات البيع:
وباستقراء نشرات البيع التي كان المحامون يرسلونها إلى الجرائد تنفيذًا للأحكام وجدنا لغة هذه النشرات أقرب للغة الإفرنجية منها إلي اللغة العربية، كان المحامون يعلنون عن بيع (كراويتات خشب) و(هنتور عربية) و(صحاحير) و(بروهات) و(فنيار) و(طولات) و(بوسطات إفرنجي) - يريد أبسطة - و (باشتخته).
وكانوا يعبرون عن المحامي المقبول أمام محكمة الاستئناف المختلطة بقولهم (أفوكاتو بمحكمة أبللو إسكندرية).
وقرأنا في مذكرة أحدهم يخاطب رئيس المحكمة بقوله (ونحن دوعجية - أي داعين - لسيادتكم ما داموا في قيد الحياة) وآخر يقول للقضاة (أعرض لأسيادي أرباب هيئة المجلس وحضرة ريسه الشهم).
وطعن أحدهم في دعوى خصمه فقال (إن دعواه المتفنعلة).
وكثيرون يكتبون (تلك الرجل) و(هذا المرأة) و(وهؤلاء الشخص) و(من حيث ليس) و(قلاقة التركيب) وغير ذلك من الألفاظ والتراكيب التي هي أقرب إلى الأعجمية منها إلي العربية.
المحامون وإنشاء نقابة لهم:
في 4 فبراير سنة 1886 اجتمع بعض المحامين وقر رأيهم على طلب وضع لائحة لتنظيم أحوالهم.
وإليك ما ورد حكاية عن هذه الحفلة في العدد الأول من السنة الأولى من مجلة الحقوق:
(في 4 فبراير الماضي بناءً على استحسان حضرة نائب عموم المحاكم الأهلية المستر وست صار التئام جمعية حافلة من حضرات المحامين تحت رئاسة حضرة الوجيه العالم عزتلو جبرائيل بك كحيل وبعد أن استهل حضرته الجلسة بخطاب أنيق عن الغاية من ذلك الاجتماع وهو عمل لائحة تدرج فيها حقوق وواجبات هذه الصناعة المهمة كما هو جارٍ في الممالك المتمدنة حفظًا لاعتبار المحاماة والمحامين عن الحقوق الشعبية، وكان لخطابه وقع جميل وبعد أن تبادلت الأفكار بالنظر إلى ذلك قر صوت الأكثرية على انتخاب ستة أعضاء من شهراء المحامين تحت نظارة البك المومى إليه ليؤلفوا استمارة تقدم إلى حضرة النائب العمومي المشار إليه حتى إذا حازت القبول بعد الفحص والتنقيب يلتمس لها التصديق القانوني وتصبح قاعدة يستنار بها، والأعضاء المذكورون هم حضرات ديمتري بك عبده، وسعد أفندي زغلول، ومحمد أفندي الصدر، وخليل أفندي إبراهيم، وأحمد أفندي الحسيني، وحسين أفندي صقر، وعلى ما بلغنا أنهم قد نظموا لائحة من مائة بند في هذا الشأن والمأمول أنها تكون موافقة لأحوال البلاد الحاضرة وأساسًا للائحة ثانية يقتضيها تقدم البلاد في ما بعد الإصلاح القضائي..)
ولاية تأديب المحامين:
كان للنيابة وللمحاكم سلطة مطلقة في شطب أسماء المحامين من الجدول ومنعهم من المرافعة، ننشر هنا صورة قرار صدر من المرحوم إبراهيم بك فؤاد رئيس محكمة مصر تحت عنوان (إقصاء تسعة محامين):
(أرسل إلينا قلم نيابة المحكمة الابتدائية الأهلية بمصر الحكم الآتي بإقصاء تسعة أشخاص من تعاطي مهنة المحاماة لأجل إدراجه ونشره للعموم وهو كما يأتي:
عن بيان وكلاء الأشغال الذين قررت محكمة مصر الابتدائية الأهلية طردهم وعدم قبول توكيلاتهم في القضايا بتاريخ 5 أغسطس سنة 1886:
محمد أفندي بغدادي، إبراهيم أفندي عزت، محمد أفندي كامل، أحمد أفندي أمين المصري، محمد أفندي المنصوري، محمد أفندي مرتجى، محمد أفندي أمين الصيرفي، محمد أفندي توفيق، إسماعيل أفندي إسماعيل، فقط تسعة أنفار).
صورة أمر صادر من سعادة رئيس محكمة مصر الابتدائية الأهلية بتاريخ 4 أغسطس سنة 1886:
(نحن رئيس المحكمة:
بما أن حضرة وكيل النائب العمومي بالمحكمة أورى على أن الأشخاص الموضح أسماؤهم أعلاه لا يجوز ائتمانهم بما تحقق له من سوء سلوكهم وبما أننا أقررناه على ذلك فنأمر بدرج أسماء الأشخاص المذكورة ضمن جدول المطرودين من الوكلاء وإعلان رؤساء الجلسات وقضاة التحقيق المدني والجنائي حتى لا يقبلوا توكيلاتهم في القضايا!

رئيس المحكمة
إبراهيم فؤاد

الإعلانات عن مكاتب المحامين:
نرى من المفيد أن ننشر هنا بعض إعلانات كان المحامون ينشرونها في الجرائد.

إعلان أول
من مكتب بولص أفندي سوقي وكيل أشغال قضائية بطنطا

(ما زلنا بحول الله وفضله مستمرين على معاطاة أشغال التوكيلات القضائية عن أرباب الدعاوى الحقوقية والجنائية أمام المحاكم الأهلية، وقد اتخذنا مكتبًا بقنصولاتو الأورام القديم الكائن في أول درب الأبشهي من جهة شارع سراي المحكمة والمديرية في أملاك الدائرة السنية بطنطا، فنرجو من الجمهور أن يشرفونا بقضاياهم فيرون ما يسرهم، وقد عزمنا ألا ننزع غير منزع الحق والصدق ولا نسلك إلا مسلك الاستقامة ومراعاة صالح أصحاب الدعاوى إذا آنسنا منها الحق، فلا نقبل قضية إلا بعد فحصها ومعرفة أحقيتها ملاحظين في ذلك كله الدقة والأمانة والسرعة، وقد فتحنا للفقراء بابًا مجانيًا وبادرنا بنشر هذا الإعلان للمعلومية وفقنا الله تعالى إلى الخير والسلام.
طنطا في 11 شوال سنة 1303 - 13 يوليه سنة 1886).

إعلان ثانٍ
من مكتب علي أفندي داود وكيل أشغال بمصر

قد تيسر لنا بفضل الله تعالى معاطاة أشغال التوكيلات القضائية عن أرباب الدعاوى أمام المحاكم الأهلية والمحاكم الشرعية والمختلطة فمن أراد أن يشرفنا بأشغاله فمكتبنا في شارع محمد علي بجوار سراي المحكمة الأهلية بملك المرحوم محرم بك وقد وهبنا أنفسنا كذلك للمحاماة عن الفقراء مجانًا ابتغاء مرضاة الله تعالى وطاعة الحضرة الفخيمة التوفيقية حفظها الله آمين).
رئيسي غرفة المحامين والنقيب:
في بدء إنشاء المحاكم المختلطة كانوا يطلقون على نقابة المحامين اسم (غرفة المحامين) Chambre des Avocats ونقيب المحامين كان اسمه (رئيس غرفة المحامين) Président de la Chambre des Avocats وهي اصطلاحات أخذوها عن العرف الذي كان جاريًا في إيطاليا والنمسا، إلا أنهم وجدوا فيما بعد أن هذه التسمية غير مستحسنة فاستبدلوها بتاريخ 20 مارس سنة 1876 بكلمة (مجلس نقابة المحامين (Conseil de l'ordre و(نقيب المحامين Bâtonnier).
يقابل هذا أنه عندما وضعت نظارة الحقانية في سنة 1912 مشروع قانون المحاماة أمام المحاكم الأهلية عبرت عن مجلس نقابة المحامين باسم (مجلس المحامين) وسمت النقيب (رئيس مجلس المحامين) وكان حضرة محمد بك حلمي عيسى في ذلك الوقت مديرًا لإدارة المحاكم الأهلية في نظارة الحقانية فلفت نظر المغفور له سعد زغلول باشا ناظر الحقانية وقتئذٍ إلى عدم ملائمة هذا الاسم، فأصر سعد باشا على إبقاء التسمية الواردة في المشروع. تصادف أني وصلت إلى سراي الحقانية في هذه اللحظة فقابلني حضرة حلمي بك عيسى في بهو السراي وقص عليَّ الحديث الذي دار بينه وبين المغفور له سعد باشا فدخلت عند سعد باشا وطلبت منه تغير اسم مجلس المحامين (بمجلس نقابة المحامين) واسم رئيس مجلس المحامين بكلمة (نقيب المحامين) فرد عليَّ قائلاً (هل تريد أن يكون لقب نقيب المحامين مثل نقيب الشيالين ونقيب الفحامين) فأجبته على الفور (ولم لا تشبهوه بنقيب الأشراف مثل الشيخ علي يوسف) فضحك رحمه الله وقال (وهو كذلك) وفي الحال استدعى حلمي بك وأمره بأن يغير اسم (مجلس المحامين) و(رئيس مجلس المحامين) بمجلس نقابة المحامين وبنقيب المحامين.
وقد اجتمعت أول جمعية عمومية لمحامي المحاكم المختلطة في يوم الاثنين 20 مارس سنة 1876 الساعة الخامسة بعد الظهر بإحدى قاعات دوائر محكمة الاستئناف.
وكان أول نقيب للمحامين أمام المحاكم المختلطة هو الأستاذ ماتيو Mathieu ووكيل النقيب الأستاذ فينيFinney والأعضاء هم الأساتذة جاتسكي Gatteschi ولابنا Lapenna وجليGilly وباليولوج Paléologue وكاريتاتو Caritato ودي ريجوس Régusse de وليس فيهم واحد مصري، أما اليوم فنقيبهم مصري، والمصريون ضمن أعضاء مجلس النقابة كثيرون.
واجتمعت أول جمعية عمومية لمحامي المحاكم الأهلية في يوم الجمعة أول نوفمبر سنة 1912 الساعة الثالثة بعد الظهر بسراي محكمة الاستئناف بقاعة جلسة النقض والإبرام القديمة (المخصصة الآن لانعقاد محكمة الجنايات) ورأس عملية الانتخاب يحيى باشا إبراهيم رئيس محكمة الاستئناف بمعاونة عزيز باشا كحيل المستشار، وقد اشترك في الانتخابات 333 محاميًا وأسفرت الانتخابات عن انتخاب:
- إبراهيم بك الهلباوي ونال من الأصوات 307.
- ثم عبد العزيز فهمي بك ونال من الأصوات 269.
- ثم أحمد بك لطفي ونال من الأصوات 212.
- ثم محمد بك يوسف ونال من الأصوات 208.
- ثم محمود بك أبو النصر ونال من الأصوات 184.
- ثم عزيز بك خانكي ونال من الأصوات 176.
- ثم أحمد بك رأفت ونال من الأصوات 152.
- ثم محمد بك أبو شادي ونال من الأصوات 149.
- ثم نصر الدين زغلول ونال من الأصوات 149.
- ثم حسن بك صبري ونال من الأصوات 148.
- ثم مرقص بك حنا ونال من الأصوات 133.
- ثم أحمد بك رمزي ونال من الأصوات 132.
- ثم نجيب بك براده ونال من الأصوات 121.
- ثم إسماعيل بك زهدي ونال من الأصوات 115.
- ثم إسكندر عمون ونال من الأصوات 113.
فتألف منهم أول مجلس نقابة للمحامين ثم انتخب إبراهيم بك الهلباوي نقيبًا بإجماع الآراء تقريبًا ومحمد بك يوسف وكيلاً.
أما النقباء فهم إبراهيم بك الهلباوي وقد انتخب في أول نوفمبر سنة 1912، ثم عبد العزيز بك فهمي وقد انتخب في 5 ديسمبر سنة 1913 وكان الوكيل أحمد بك لطفي، وثالث نقيب محمود بك أبو النصر انتخب في 15 ديسمبر سنة 1914 وكان الوكيل مرقص بك حنا، ورابع نقيب أحمد بك لطفي وقد انتخب في 24 نوفمبر سنة 1915 وكان الوكيل محمد بك علي، ثم تجدد انتخاب أحمد بك لطفي نقيبًا في 22 ديسمبر سنة 1916 وكان الوكيل محمد كامل حسين، وسادس نقيب عبد العزيز بك فهمي وقد انتخب في 20 ديسمبر سنة 1917 وكان الوكيل أحمد بك نجيب براده، ثم تجدد انتخابه نقيبًا في 20 ديسمبر سنة 1918 وكان الوكيل أحمد بك عبد اللطيف، وثامن نقيب مرقص بك حنا وقد انتخب في 12 ديسمبر سنة 1919 وكان الوكيل محمد بك أبو شادي، ثم تجدد انتخابه في 31 ديسمبر سنة 1920 وكان الوكيل محمد كامل حسين، ثم أعيد تجديده نقيبًا في 16 ديسمبر سنة 1921 وكان الوكيل محمد بك أبو شادي، ثم تكرر انتخابه نقيبًا للمرة الرابعة في 29 ديسمبر سنة 1922 وكان الوكيل محمد بك أبو شادي، وللمرة الخامسة أعيد تجديد انتخابه نقيبًا في 28 ديسمبر سنة 1923 وكان الوكيل محمد بك أبو شادي، وثالث عشر نقيب محمد بك أبو شادي وقد انتخب في 29 فبراير سنة 1924 وكان الوكيل محمد بك يوسف، ورابع عشر نقيب أحمد بك لطفي وقد انتخب في 12 ديسمبر سنة 1924 وكان الوكيل صليب بك سامي، وخامس عشر نقيب مرقص باشا حنا وقد انتخب في 18 ديسمبر سنة 1925 وكان الوكيل محمد بك حافظ رمضان، وسادس عشر نقيب محمد بك حافظ رمضان وقد انتخب في 17 ديسمبر سنة 1926 وكان الوكيل صليب بك سامي، وسابع عشر نقيب محمود بك بسيوني وقد انتخب في 30 ديسمبر سنة 1927 وكان الوكيل كامل صدقي بك، ثم تجدد انتخابه نقيبًا في 14 ديسمبر سنة 1928 وكان الوكيل كامل بك صدقي، ثم أعيد تجديد انتخابه في 27 ديسمبر سنة 1929 وكان الوكيل محمد بك يوسف.
النقيب ومن أي بلد يجب اختياره:
بعد أن انتهت مدة نقابة الأستاذ ماتيو اجتمعت الجمعية العمومية للمحامين أمام المحاكم المختلطة واختارت الأفوكاتو فيجاري المشهور نقيبًا للمحامين، ولكن لما عرض اختياره على محكمة الاستئناف المختلطة للمصادقة عليه أبطلته بقرار صدر منها في 17 نوفمبر سنة 1877 بناءً على أن الأفوكاتو فيجاري مقيم في القاهرة والنقيب يجب أن يكون مقيمًا في الإسكندرية (المدينة الكائنة فيها محكمة الاستئناف) فاضطرت الجمعية العمومية للمحامين إلى الانعقاد مرة أخرى واختارت الأستاذ سكولس نقيبًا.
وقد حدث أن اختارت الجمعية العمومية للمحامين الأهليين التي انعقدت في شهر ديسمبر سنة 1927 حضرة الأستاذ محمود بك بسيوني نقيبًا مع أنه مقيم في أسيوط ومكتبه في أسيوط ومحكمة الاستئناف الأهلية مركزها في مصر.
المحامون والوكلاء:
بدأت المحاكم المختلطة حياتها العملية في أول فبراير سنة 1876 فلم تجد أمامها محامين متوفرة فيهم شروط العلم والكفاءة والخبرة فاضطرت إلى قبول الوكلاء الذين كانوا يترافعون عن أرباب القضايا أمام المجالس التجارية والمجالس القنصلية، وفي ذاك العهد ما كانت المجالس التجارية والمجالس القنصلية تدقق كثيرًا في قبول وكلاء الدعاوى وما كانت تشترط حصولهم على شهادة علمية عالية ولا على أي شهادة علمية أخرى، فأجازت المحاكم الجديدة لهؤلاء الوكلاء المرافعة أمام المحاكم الابتدائية فقط وخصت المرافعة أمام محكمة الاستئناف بالمحامين وحدهم، واستمر الحال على هذا المنوال حتى سنة 1887 حيث ضيقوا حق المرافعة على الوكلاء وقصره على المحاكم الجزئية وعلى المأموريات القضائية وشرطوا فوق ذلك قبول المحاكم الابتدائية (التابعة لها المحاكم الجزئية والمأموريات القضائية) وكان كلما تقدم طالب من الأجانب لقيد اسمه في الجدول كانت اللجنة ترجع إلى القنصلاتو التابع لها الطالب لتسأل عن سوابقه وعن ماضيه وعن حسن أخلاقه، فتهافت على الجدول من هب ومن دب من الأجانب حتى أن أحد التجار المحكوم بإفلاسه طلب قيد اسمه في الجدول مع أن القضاء رفض أن يصادق له على صلح مع الديانة (كونكورداتو)، وكذلك طلب مدير قلم قضايا شركة قنال السويس قيد اسمه في جدول المحامين مع أنه كان يجمع في ذلك الوقت مع هذه الصفة صفة وكيل قنصلاتو الدانيمارك وقنصلاتو روسيا في الإسماعيلية فأفهمه رئيس محكمة الاستئناف أن الوظائف والمهن التي يشغلها تمنع من قبوله محاميًا.
على أن محكمة الاستئناف المختلطة أظهرت فيما بعد تسامحًا كبيرًا في تأويل نصوص المادة التي تمنع المحامين من الجمع بين صناعة المحاماة والتوظيف في وظيفةٍ ما أو الاشتغال في بعض الأعمال الحرة إذ أنها تجيز الآن للمحامي أن يكون قنصلاً أو وكيل قنصل بشرط أن تكون وظيفته وظيفة فخرية لا وظيفة فعلية، ثم خطت أخيرًا خطوة أخرى فقضت - على خلاف رأي مجلس النقابة - بأنه يجوز للمحامي أن يكون في الوقت نفسه مديرًا لشركة مدنية أو تجارية بشرط أن لا يكون هو المدير المنتدب للعمل في الشركة، كما أنها أجازت أيضًا للمحامي أن يكون صاحب جريدة أو محررًا في جريدة بشرط أن لا يكون هو المدير المسؤول.
ولتدرك مبلغ الفوضى التي كانت سائدة وقتئذٍ في أعمال المحامين وإجراءاتهم في ذلك الوقت يكفيك أن تعرف أن التعديلات التي أُدخلت على لائحة قبول المحامين أمام المحاكم المختلطة في سنة واحدة فقط - وهي السنة الأولى من حياتها العملية - زادت على عدد التعديلات التي أدخلت عليها في الـ 49 سنة التي تلتها.
وللكلام بقية.

عزيز خانكي


          

رقم الصفحة : (1) من إجمالي  1

            


 
 
الانتقال السريع          
  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3276 / عدد الاعضاء 63