اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
مشرف المنتدى
التاريخ
2/8/2022 5:28:32 PM
  محكمة زنانيري.. الواقع والمأمول      

بقلم : د أحمد عبد الظاهر محكمة الأسرة، المعروفة إعلامياً باسم «محكمة زنانيرى»، هى المحكمة المختصة بنظر دعاوى الأحوال الشخصية، وهى القضايا والمنازعات المتعلقة بالزواج والطلاق والنفقات وغيرها من مسائل الأحوال الشخصية. ويبدو أن السبب وراء إطلاق اسم «محكمة زنانيرى» على محكمة الأسرة هو أن أول محكمة للأحوال الشخصية فى مصر توجد فى منطقة زنانيرى، التى يعود اسمها إلى المعمارى والمصمم الإيطالى الشهير «ألبيرت زنانيرى»، الذى قام بتصميم أوبرج الأهرام وأوبرج الفيوم ومستشفى دار الشفا بالعباسية ودار الهلال للطباعة والنشر، وغيرها من العمارات الشهيرة فى القاهرة والجيزة والإسكندرية. والواقع أن محاكم الأسرة تعيش أزمة حقيقية، ويبدو أن هذه الأزمة تعود إلى عقود عدة من الزمان. وللتدليل على ذلك، ثمة رواية طريفة ذكرها الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل فى برنامجه التليفزيونى الشهير «مع هيكل». ففى حلقة بعنوان «معارك الآراء فى الصحافة»، يقول الكاتب الكبير إن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تلقى فى يوم من الأيام خطاباً من الملك السعودى الراحل، سعود بن عبدالعزيز آل سعود. ويتعلق موضوع هذا الخطاب بالأميرة ناريمان صادق، الزوجة السابقة للملك فاروق، حيث لجأت إلى الملك السعودى آنذاك، راجية مساعدته لها فى الحصول على الطلاق من شخص تزوجته بعد الملك فاروق. وكتب الملك سعود بإمضائه وتوقيعه خطاباً إلى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، طالباً مساعدتها فى الحصول على الطلاق، مؤكداً أن هناك قضية منظورة أمام المحاكم فى هذا الشأن. وإزاء ذلك، ذكر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان فى حيرة فى أمره، وهذه الحيرة تجد سببها -على حد قوله- فى أن الرئيس لم يكن يتصور أن يتدخل فى قضية منظورة أمام القضاء. وفى الوقت الحالى، وبعد مرور عشرات السنوات على الواقعة سالفة الذكر، وفى الثالث عشر من يونيو 2020م، وبعد ثلاثة أشهر تقريباً على تفشى وباء كورونا، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعى فيديو يصور التكدس بمحكمة زنانيرى شبرا، دون أى مراعاة لتدابير الوقاية من كورونا. وبعد ذلك بشهرين تقريباً، وفى الثانى والعشرين من أغسطس 2020م، تقدم أحد أعضاء مجلس النواب آنذاك بطلب إحاطة موجه لرئيس مجلس الوزراء، ووزير العدل، بشأن انتظام سير العمل بالمحاكم المصرية، وشكاوى العديد من المتقاضين والمحامين من صعوبة تنفيذ أى إجراء من إجراءات التقاضى. وقال العضو إنه على الرغم من جهود وزارة العدل وتطوير المكاتب الأمامية بالعديد من المحاكم وميكنة الإجراءات، إلا أن هناك بطئاً شديداً فى تقديم الخدمات وتكدساً وتزاحماً بين المواطنين بسبب قلة عدد الموظفين وضيق القاعات والغرف المخصصة. واستطرد العضو، مبيناً أنه تقدم بسؤال فى الأول من يوليو 2019م بشأن تردى أوضاع مبانى المحاكم المصرية، وحمل الرد فى الخطاب الذى حمل رقم صادر 953 بتاريخ 11/7/2019 بيان خطة وزارة العدل وجهودها لتطوير المحاكم، التى تعتمد على بدء تنفيذ منظومة التقاضى الإلكترونى وميكنة إجراءات التقاضى. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من الشكاوى جراء صعوبة تنفيذ أى إجراء من إجراءات التقاضى. ولبيان وتوضيح وجهة نظره، ضرب العضو مثالاً بمجمع محاكم الأسرة بمنطقة «زنانيرى» ومجمع محاكم الأسرة بمنطقة «الكيت كات» يعانى فيهما المتقاضون والمحامون أشد العناء بسبب الزحام الشديد والتكدس وعدم تنظيم تقديم الخدمات، الأمر الذى يصعب معه قيد الدعاوى فى يوم واحد، بل لا بد من التوجه إلى مقر المحكمة قبل مواعيد العمل بثلاث ساعات على الأقل، لكى يستطيع المواطن أن يقوم بقيد دعواه وسداد الرسوم المقررة. واستكمل العضو، قائلاً: «ورغم ذلك قد لا يتمكن أيضاً من إتمام إجراءات القيد خلال يوم عمل واحد، وهو ما لا يتفق مع خطة التطوير التى تتبناها الوزارة، مطالباً ببحث الأمر واتخاذ ما يلزم حياله». والواقع أن أزمة محاكم الأسرة تتجاوز بكثير مسألة قيد الدعاوى ونظرها، وتمتد إلى أزمة الأسرة نفسها، حيث بدأت تظهر العديد من الظواهر الغريبة على مجتمعاتنا، وينبغى بالتالى بحث أسباب هذه الظواهر وأن يضطلع المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بالدور المنوط به فى هذا الشأن. كذلك، نعتقد من الملائم تطوير منظومة التشريعات الحاكمة لمسائل الأحوال الشخصية، بحيث تراعى المستجدات الاقتصادية والاجتماعية، مع النظر فى تطوير الخطاب الدينى بشأنها. وفى الختام، وإذا كان محظوراً تدخل السلطة التنفيذية فى دعوى أو قضية بعينها، للتوجيه بإصدار الحكم على نحو معين، فإن رئيس الدولة يملك الاستفسار عن أسباب تأخر الفصل فى المنازعات والقضايا، لاسيما إذا كان هذا التأخير يتجاوز بكثير المدة المعقولة لنظر الدعاوى. ومن هنا، كان التوجيه الرئاسى الصادر مؤخراً إلى وزير العدل بضرورة إنجاز القضايا المتأخرة بالمحاكم المدنية، ومحاكم الأسرة، حيث وجّه بإنهاء قضايا الخلع والنفقة والطلاق خلال العام القضائى الجارى.. والله من وراء القصد.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 4932 / عدد الاعضاء 62