اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
مشرف المنتدى
التاريخ
10/11/2020 3:07:08 PM
  صناعة التشريع.. إحالة 52 مليوناً إلى النيابة العامة      

صناعة التشريع.. إحالة 52 مليوناً إلى النيابة العامة الدكتور أحمد عبد الظاهر فى 26 أغسطس 2020م، وبعد أيام قليلة من إجراء أول انتخابات لمجلس الشيوخ بعد استحداثه بموجب التعديلات الدستورية لعام 2019م، قررت الهيئة الوطنية للانتخابات إحالة جميع الناخبين المتخلفين عن التصويت فى انتخابات مجلس الشيوخ، ويبلغ عددهم نحو 52 مليوناً، للنيابة العامة. والسند القانونى لهذا الإجراء يكمن فى المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، التى تعاقب بغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه من كان اسمه مقيداً بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته فى الانتخاب أو الاستفتاء. وفى مقال الأسبوع الماضى من هذه السلسلة من المقالات عن «صناعة التشريع بين الواقع والمأمول»، قلنا إن إحالة 52 مليوناً إلى النيابة العامة هو إجراء غير ممكن عملاً. وتعليقاً على ذلك، وفى رسالة عبر الواتس آب، يقول الزميل العزيز الأستاذ الدكتور على تركى، أستاذ المرافعات المدنية والتجارية بجامعة حلوان: «فى الجزء الأخير من المقال أعلاه، ورد أن إحالة 52 مليون للنيابة العامة، بسبب تخلفهم عن الإدلاء بأصواتهم فى انتخابات مجلس الشيوخ، ليس ممكناً عملياً. وتساؤلى من منطلق قانونى بحت، ما وجه عدم الإمكانية عملياً. ألا يمكن للنيابة العامة؛ كل نيابة فى دائرة اختصاصها، إصدار أوامر جنائية بالغرامة للمخالفين القاطنين فى نطاق اختصاصها. فالأمر لا يعدو أن يكون مثل مخالفات المرور التى تحصل بالملايين سنوياً. خاصة أن مخالفات الانتخابات ستدر دخلاً هائلاً يقدر بـ27 مليار جنيه؛ باعتبار الغرامة 500 جنيه للشخص. وهذا يدفع الناس للمشاركة الإيجابية والنهوض باستعمال حقهم فى الانتخاب وبأداء هذا الواجب الملقى على عاتقهم فى ذات الوقت. وفى تقديرى أن عزوف الناس عن المشاركة فى الانتخابات الخاصة بمجلس الشيوخ لا يرجع لخشية الناس من كورونا، فلو أن الأمر فيه خطورة جسيمة لأدركته الدولة أولاً، فضلاً عن أن الناس تمارس مظاهر حياتها اليومية بشكل طبيعى؛ على نحو ما نرى فى مصر، وإنما على ما أظن أن ثقافة المشاركة الإيجابية فى الانتخابات قد تنشطها الغرامة على من يتقاعس عن تلك المشاركة». ولا ينازع أحد فى شرعية فرض عقوبة الغرامة على مرتكب جريمة الامتناع عن التصويت، وذلك على الرغم مما أثاره البعض على وسائل التواصل الاجتماعى من انتقادات لهذه العقوبة، زاعمين أن قرار الإحالة الصادر عن الهيئة العليا للانتخابات باطل بطلاناً مطلقاً لمخالفته نص المادة (87) من الدستور، مؤكدين أن الانتخاب حق مقرر لكل مواطن مصرى له أن يأتيه وله أن يتركه. والواقع أن الانتخاب حق وواجب معاً. فوفقاً للمادة (87) من الدستور، «مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب فى حالات محددة يبينها القانون». ومع الإقرار بدستورية فرض عقوبة الغرامة على الممتنع عن التصويت، نرى أن سلوك السبيل الجنائى فى فرض هذه العقوبة غير ملائم وغير ممكن عملاً. صحيح أن الأمر الجنائى وسيلة ميسرة لإنهاء الدعوى الجنائية، حيث يصدر فى غيبة الخصوم، وبغير إجراء تحقيق أو سماع مرافعة، وبدون تسبيب. وفيما يتعلق بالجريمة المنصوص عليها فى المادة (57) من قانون مباشرة الحقوق السياسية، فإن الأمر الجنائى فى شأنها يصدر من النيابة العامة، ويكون اللجوء إليه وجوبياً، متى ارتأى وكيل النيابة العامة عدم حفظها. ومع ذلك، فإن هذا الإجراء يفترض وجود محضر جمع استدلالات أو أى مستند آخر يتضمن أدلة الإثبات الأخرى. ومن ناحية أخرى، يلاحظ أن قرار الهيئة العليا للانتخابات لا يتعلق بجريمة واحدة اشترك فى ارتكابها 52 مليوناً، وإنما ينصب على جرائم مستقلة بقدر عدد الناخبين الممتنعين عن التصويت. ومن ثم، ينبغى أن يكون ثمة محضر استدلالات خاص بكل ناخب تخلف عن الإدلاء بصوته. ولا يتصور أن يصدر أمر جنائى واحد فى مواجهة كل الناخبين الذين تخلفوا عن الإدلاء بأصواتهم، وإنما تصدر أوامر جنائية متعددة بقدر عددهم، وهو ما يعنى صدور 52 مليون أمر جنائى. وطبقاً للقانون، يجوز لكل متهم أن يعترض على الأمر الجنائى، بما يستوجب محاكمته طبقاً للقواعد العامة فى إجراءات المحاكمة. ولعل ذلك يقودنا إلى ضرورة تطوير التشريعات الجنائية فى مصرنا الحبيبة، بحيث يتم التعامل مع المخالفات البسيطة بنهج الجزاء الجنائى الإدارى بدلاً من العقوبة الجنائية، وذلك على نحو ما فعلت العديد من الدول الأخرى.. وللحديث بقية إن كان فى العمر بقية.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 5218 / عدد الاعضاء 62