اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
التاريخ
11/22/2022 3:15:35 PM
  قانون التغير المناخي      

قانون التغير المناخي مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر - جريدة الوطن يعانى المجتمع الدولى منذ عدة عقود من ظاهرة التغير المناخى، وما أفرزته من ظاهرة الاحتباس الحرارى (Global Warming)، حيث شهد العالم ارتفاعاً مضطرداً فى متوسط درجات الحرارة السطحية فى أنحاء العالم كافة، مع زيادة كمية ثانى أكسيد الكربون وغاز الميثان وبعض الغازات الأخرى فى الجو. وقد أدى ارتفاع درجات الحرارة فى الكرة الأرضية إلى ارتفاع منسوب سطح البحر، وتغير كمية ونمط هطولات الأمطار، مع احتمال توسع الصحارى المدارية. كذلك، أدت ظاهرة الاحتباس الحرارى إلى انحسار الأنهار الجليدية والأراضى دائمة التجمد، والبحار المتجمدة، مع تأثر منطقة القطب الشمالى بصورة خاصة. ومن الآثار الأخرى لظاهرة التغير المناخى، يمكن أن نذكر انكماش غابات الأمازون المطيرة، والغابات الشمالية، وزيادة حدة الأحداث المناخية المتطرفة، وانقراض بعض الأنواع، والتغييرات فى المحاصيل الزراعية. وإزاء هذه الظواهر الخطيرة غير المسبوقة على مستوى العالم كله، ورغبة فى الحد منها، بدأنا نسمع عن بعض الاختراعات والابتكارات والتقنيات والإجراءات والتدابير التى لم تكن معروفة من قبل، كما هو الشأن فى «الزراعة الذكية مناخياً» (Climate-smart agriculture) أو «الزراعة المراعية للمناخ» و«الزراعة المائية» والهيدروجين الأخضر (Green hydrogen)، وضريبة الكربون (Carbon tax)، وإنهاء دعم الوقود الأحفورى، وبناء المدن المرنة منخفضة الانبعاثات الكربونية، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، فضلاً عن استخدام الطاقة المتجددة، والتقليل من استخدام البلاستيك، والتشجيع على استخدام الأكياس المتحللة ذاتياً. ولما كان الأمر يتعلق بمشكلة عالمية وجودية، لذا كان من الطبيعى أن يكون التحرك عالمياً. ولذلك، ارتفعت الأصوات مطالبة بضرورة اتخاذ المجتمع الدولى خطوات جادة وحقيقية للحد من ظاهرة التغير المناخى. وهكذا، انعقدت المؤتمرات الدولية وظهرت إلى حيز الوجود الاتفاقيات الدولية الرامية إلى مكافحة التغير المناخى وظاهرة الاحتباس الحرارى. وقد كانت نقطة البداية فى التاسع من مايو سنة 1992م، ومن خلال «قمة الأرض»، التى أثمرت عن «اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، والتى تم التوقيع عليها فى مدينة نيويورك، كخطوة أولى فى التصدى لهذه المشكلة، وتهدف إلى منع التدخل البشرى الخطير فى النظام المناخى. واليوم تتمتع هذه الاتفاقية بعضوية شبه عالمية، حيث صدقت عليها 197 دولة. وبحلول العام 1995، بدأت البلدان مفاوضات من أجل تعزيز الاستجابة العالمية لتغير المناخ، وبعد ذلك بعامين، اُعتمد «بروتوكول كيوتو». ووفقاً لهذا البروتوكول، فإن الأطراف من الدول المتقدمة ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات. وبدأت فترة الالتزام الأولى للبروتوكول فى عام 2008م وانتهت فى عام 2012م. وبدأت فترة الالتزام الثانية فى الأول من شهر يناير 2013م، وانتهت فى العام 2020م. وإذا كانت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ قد حظيت بتصديق 197 دولة، فإن 192 دولة فقط هى التى صدقت على بروتوكول كيوتو. وفى المؤتمر الحادى والعشرين للدول الأطراف، المنعقد فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، المنعقد فى العاصمة الفرنسية باريس، عام 2015م، تم التوصل إلى اتفاقية تاريخية لمكافحة تغير المناخ، وتسريع وتكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام منخفض الكربون. ويستند اتفاق باريس على الاتفاقية، والهدف الرئيسى له هو تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ، عن طريق خفض درجات الحرارة العالمية فى هذا القرن إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أبعد من ذلك إلى 1.5 درجة مئوية. وبمناسبة يوم الأرض الذى يحتفل به فى 22 أبريل 2016، وقع 175 زعيماً من قادة العالم اتفاقية باريس فى مقر الأمم المتحدة فى نيويورك. حيث كان هذا أكبر عدد من البلدان توقع على اتفاق دولى فى يوم واحد من أى وقت مضى حتى الآن. وفى الوقت الحالى، فإن عدد الدول التى انضمت إلى اتفاقية باريس يبلغ 191 دولة.والواقع أن إنفاذ الاتفاقيات الدولية سالفة الذكر ووضعها موضع التطبيق إنما يكون من خلال تدخل المشرع الوطنى فى جميع دول العالم المعاصر لكفالة تنفيذ أحكامها. وإذا كان تغير المناخ مشكلة عالمية، فإن بعض الدول تصنف بأنها أكثر عرضة للتأثيرات المحتملة لتغير المناخ، كما هو الشأن بالنسبة لجمهورية مصر العربية والإمارات العربية المتحدة والدول التى تشكل جزراً أو شبه جزيرة فى وسط البحار والمحيطات، مثل المملكة المتحدة وأستراليا والفلبين والمالديف وموريشيوس. ومن ثم، فإن لهذه الدول مصلحة أكبر من غيرها فى الحد من تغير المناخ، والمبادرة إلى ضرب المثل والقدوة فى الحد من ظاهرة التغيرات المناخية. وباستقراء خطة التشريعات المقارنة فى هذا الشأن، نجد أن العديد من الدول الأجنبية قد لجأت إلى إصدار قانون للتغير المناخى؛ فعلى سبيل المثال، وفى المملكة المتحدة، صدر قانون التغير المناخى لعام 2008 (فصل 27)، ويحمِّل وزير الطاقة والتغير المناخى مسئولية ضمان أن نسبة صافى الكربون لغازات «كيوتو» الدفيئة الستة مجتمعة فى المملكة المتحدة لعام 2050م أقل بنسبة 80% على الأقل من خط 1990 المرجعى، اجتناباً للتغير المناخى الخطير. ويستهدف القانون جعل المملكة المتحدة اقتصاداً منخفض الكربونية، ويمنح الوزراء سلطة اتخاذ الإجراءات اللازمة لبلوغ الهدف المنشود فى مسألة تقليل الغازات الدفيئة. وبموجب القانون، تألفت لجنة مستقلة لتغير المناخ، لإرشاد حكومة المملكة المتحدة بخصوص ذلك الهدف والسياسات المتعلقة به. ويشير مصطلح (Secretary of State) الوارد فى نصوص القانون إلى «وزير الطاقة والتغير المناخى». وفى السابع من أغسطس 2022م، وافق مجلس الشيوخ الأمريكى على مشروع قانون يهدف إلى تخصيص مبلغ 369 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ، وهو أكبر استثمار فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. ويعرف باسم «قانون الحد من التضخم»، ويهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون فى البلاد بنسبة 40 فى المائة بحلول العام 2030م. وبموجب القانون، يمكن أن تحصل بعض الأسر على ما يصل إلى 7500 دولار كائتمان ضريبى لشراء سيارة كهربائية و4000 دولار لشراء سيارة مستعملة. وكانت ولاية كاليفورنيا قد أصدرت قانون حلول الاحتباس الحرارى لعام 2006م، أو مشروع قانون الجمعية 32، ويهدف إلى مكافحة ظاهرة الاحتباس الحرارى، من خلال إنشاء برنامج شامل للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى من جميع المصادر فى جميع أنحاء الولاية. وقد تم التوقيع على هذا القانون بواسطة حاكم ولاية كاليفورنيا الأسبق، الممثل الأمريكى الشهير «أرنولد شوارزنيجر»، حيث دخل حيز التنفيذ فى السابع والعشرين من شهر سبتمبر 2006م. كان أرنولد شوارزنيجر قد وقع فى الأول من شهر يونيو عام 2005 أمراً تنفيذياً، وهو الأمر التنفيذى رقم (S-3-05)، والذى حدد أهدافاً لانبعاثات غازات الاحتباس الحرارى للولاية. وطالب الأمر التنفيذى الدولة بخفض مستويات انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى إلى مستويات عام 2000م، وذلك بحلول العام 2010م، وإلى مستويات عام 1990م بحلول العام 2020م، وإلى مستوى أقل بنحو 80% عن مستويات عام 1990م بحلول العام 2050م. ونطراً لأن هيئة مصادر طاقة الهواء فى كاليفورنيا قد احتاجت إلى سلطة من الهيئة التشريعية لتنفيذ هذا الإجراء، لذا فقد أقر المجلس التشريعى لولاية كاليفورنيا قانون حلول الاحتباس الحرارى لمعالجة هذه المشكلة ومنح هيئة مصادر طاقة الهواء السلطة لتنفيذ البرنامج. ويتطلب إنفاذ قانون حلول الاحتباس الحرارى لعام 2006م من هيئة موارد طاقة الهواء فى كاليفورنيا، تطوير اللوائح وآليات السوق لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى كاليفورنيا إلى مستويات عام 1990 بحلول عام 2020، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 30% تقريباً على مستوى الولاية، مع سقوف إلزامية تبدأ فى 2012م لمصادر الانبعاثات المهمة. ويسمح القانون لحاكم الولاية بتعليق سقوف الانبعاثات لمدة تصل إلى عام فى حالة الطوارئ أو الضرر الاقتصادى الكبير. وجدير بالذكر فى هذا الصدد أن ولاية كاليفورنيا تتصدر الولايات الأمريكية فى معايير كفاءة الطاقة، وتلعب دوراً رائداً فى حماية البيئة، ولكنها تحتل أيضاً المرتبة الثانية عشرة فى انبعاثات الكربون فى جميع أنحاء العالم. وحُددت انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى القانون، لتشمل كل ما يلى: ثانى أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز وسداسى فلوريد الكبريت ومركبات الكربون الهيدروفلورية ومركبات الكربون البيرفلورية، وهى نفس الغازات الدفيئة المدرجة فى الملحق أ من اتفاقية كيوتو. كذلك، أصدرت كل من الفلبين وموريشيوس قانوناً وطنياً لمكافحة التغير المناخى. وفى الثامن من سبتمبر الماضى، أصدرت دولة أستراليا قانوناً لخفض غازات الاحتباس الحرارى. وفيما يتعلق بالحالة المصرية، فقد وافقت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لسنة 1992م، وذلك بموجب القرار رقم 386 لسنة 1994م، والمعمول به اعتباراً من 12 أبريل 2005م، والمنشور فى الجريدة الرسمية فى 22 فبراير 2007م. كذلك، قامت مصر بالموافقة على التعديلات المدخلة على بروتوكول كيوتو المعتمدة فى ديسمبر سنة 2012م، وذلك بمقتضى القرار الجمهورى رقم 395 لسنة 2019م، والمعمول به اعتباراً من 3 فبراير 2020م، والمنشور فى الجريدة الرسمية فى 9 أبريل 2020م. والمأمول هو أن تبادر الحكومة المصرية إلى إعداد قانون متكامل لمكافحة التغير المناخى، يتضمن استراتيجية وخطة العمل المعتمدة على المستوى الوطنى لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة. كذلك، نرى من المناسب تغيير مسمى وزارة البيئة، بحيث يصبح الاسم الرسمى لها هو «وزارة البيئة والتغير المناخى» أو «وزارة مكافحة التغير المناخى وحماية البيئة»، على غرار ما فعلت العديد من الدول الأجنبية.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 2709 / عدد الاعضاء 63