مرافعة الأستاذ نبيل الهلالي المحامى في قضية حريق قطار الصعيد
مرافعة الأستاذ نبيل الهلالي في قضية حريق قطار الصعيد 2002
قضية السكة الحديد
(قطار الصعيد المحترق)
الجناية رقم 2816 لسنة 2002
محكمة جنايات الجيزة
(دائرة 20 جنايات)
مرافعة
الأستاذ/ أحمد نبيل الهلالي
المحامى
مدخل
الآن وقد أصبحنا على مشارف نهايات القضية
يكاد لا يبقى فى الحديث بقية
فكل أبواب الدفاع قد طرقت
وأوجه الدفاع قـد طرحت
• وقتل زملائي الاتهامات بحثا وتفنيدا
حتى تحولت إلى جثث متفحمة.
ومن غير الجائز فى اعتقادي أن أواصل التفنيد
لان مواصلة الضرب فى الميت حرام.
• ولذلك استأذن حضراتكم فى أن أطرح بضعة ملاحظات ختامية.
تتضمن
قدرا من الاسترسال دون إطالة وبعض الاستكمال دون تكرار وبعض الاجتهاد فى تقديم إجابات على تساؤلات طرحتها الهيئة الموقرة على الشهود واستيضاحات طلبتها من الدفاع ، ملتزما ومتعهدا بعدم إساءة استغلال سعة صدر الهيئة الموقرة.
سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين
• يوم وقعت الكارثة المشئومة أمطرتنا الحكومة بوابل معتاد ومعاد من الوعود والعهود لتؤكد أن المسئولية عن الحادثة / الكارثة ستتحدد بكل الوضوح ، ولن يسمح أبدا بأية محاولة لإخفاء الحقائق ، ولن يفلت أبدا مقصر أو مهمل من الحساب والعقاب.
ثم مضت الأيام وصدر قرار الاتهام فإذا بالتحقيقات تتمخض لتلد فأرا بل جنين فأر غير مكتمل التكوين . (مع الاعتذار للزميل العزيز سعيد الفار).
• ورغم أن النيابة العامة فى مذكرتها الممتازة بشأن نتائج التحقيق التى تستحق كل التحية والتقدير قد أشارت بأصابع الاتهام العشر إلى كبار كبار المسئولين فان نظرة واحدة إلى القفص والى أهل القفص تكفى للتدليل على أن الميه فى مصر يستحيل أن تجرى فى العالي. وعلى أن المآسي فى مصر يعملوها الكبار ويحاكم بسببها الصغار.
الأمر الذي يكشف بكل الجلاء. كيف يفهم ويطبق حكم الدستور القائل (المواطنون أمام القانون سواء)
• صحيح أن هناك وزير قد استقال أو أستقيل ،
• صحيح أن هناك مسئول أو أكثر قد أقيـل
* لكن هذه الإجراءات الشكلية الهادفة لاحتواء النقمة الشعبية لا تشفى الغليل .
لان السوابق وما أكثر السوابق تشهد بان كل مسئول سابق ضحى به لتهدئة الخواطر لم يكسر له خاطر وسرعان ما شق طريقه إلى منصب مرموق فى هيئة دولية أو شركة استثمارية.
ولا أخفى على حضراتكم أيها السادة المستشارين.
أنه قد هالني أن تدير مرافعة النيابة ظهرها كاملا لمذكرتها الممتازة الرائعة. فتحصر المسئولية الجنائية حصرا فى هذا النفر من المواطنين الأبرياء التعساء الذين صورتهم النيابة على أنهم محور الشر فى القضية والفساد والإهمال.
ووجه الخطورة فى توجه النيابة العامة أن حصر المسئولية الجنائية فى هؤلاء المتهمين الأبرياء سوف يستغل كستار دخان يخفى وراءه القتلة الحقيقيين والجناة الحقيقيين.
الدولة هي المتهم الأول
أرجو ألا يفهم من كلامي عن الرؤوس الكبيرة الغائبة عن قفص الاتهام، إنني ألقى بعبء المسئولية عن الكارثة على مديري الإدارات أو على رؤساء الهيئات الحاليين والسابقين أو حتى على الوزراء المتقاعدين. إطلاقا فالمتهم الأول فى قضيتنا الغائب عن القفص هو الدولة بالتحديد. الدولة بسياستها الاقتصادية. الدولة بفلسفتها الاجتماعية.
السياسة الاقتصادية للدولة تحددها خطابات النوايا التى تقدمها الحكومة لصندوق النقد الدولي بين الحين والحين لتعلن التزامها بتنفيذ وصفة الصندوق المدمرة.
والسياسة الاقتصادية التى نسميها بأسماء الأضداد (الإصلاح الاقتصادي) تقوم على معالجة العجز فى ميزانية الدولة عن طريق تقليص الأنفاق الحكومي على الخدمات، وانسحاب الدولة من ميدان الخدمات لذلك يلغى التعليم المجاني، يتبخر العلاج المجاني فى المستشفيات الحكومية تتخلى الحكومة عن تمويل ودعم المرافق العامة توطئة لترك ميدان الخدمات ساحة مستباحة للقطاع الخاص.
لذلك أشفقت كل الإشفاق على الوزير السابق الدكتور/ الدميرى وهو يروى لحضراتكم مخططاته وطموحاته لإصلاح ما أفسده الدهر فى وزارة النقل والهيئة. وكيف طالب بتدبير 146 مليار جنيه وكيف خرج من المولد بمليار يتيم. وغاب على الوزير السابق أن أحلامه تصطدم بجوهر سياسة الإصلاح الاقتصادي. وبان طلباته تتعارض مع تعهدات الحكومة فى خطابات النوايا.
لقد قال الزميل الفاضل الأستاذ أحمد يسرى فى مرافعته أن المتهم الأول فى دعوانا هو (الإمكانات)، وأنا اتفق معه فى ذلك بقدر ما اختلف. الإمكانات غير متاحة هذه حقيقة لا تحتمل الجدال. لكن يظل السؤال:
ـ هل هناك قصور فى الإمكانات.
ـ أم هناك تقصير فى توفير الإمكانات.
وتلك هي القضية.
سيدي الرئيس
خير بلدنا طول عمره كتير.
لكن المشكلة إن بلدنا خيرها لغيرها أو بتعبير أدق خيرها لناهبي خيرها. ومن قبيل العلم العام انه منذ فترة ليست بالبعيدة اعتمدت دولتنا الرشيدة 40 مليون دولار لتغطية تكاليف إذاعة مباريات كاس العالم. يا ترى الـ40 مليون دولار دول كانوا جابو كام طفاية حريق من أحدث طراز؟
لكن صرف 40 مليون دولار على الكورة إنفاق يسمح به الصندوق. لان الكورة تسمح بالهاء الشعوب فيصبح من السهل انه يتلعب بها الكورة.
أما الإنفاق على الخدمات فهو فى نظر صندوق النقد الدولي من المحرمات ولذلك يمارس الصندوق ضده حق الفيتو.
ولهذا السبب أدت اتفاقيات الحكومة المصرية مع الصندوق إلى التردى المتواصل فى أوضاع المرافق.
ويعترف تقرير لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب صـ2:
بان الاستثمارات المتاحة للهيئة قلت (فأخذت تعانى من التخلف فى مجالات الصيانة والتجديد والإصلاح). وبان مرفق السكك الحديد (يحتاج إلى الاستمرار فى توفير الإمكانيات المالية لتنفيذ كافة المشروعات فى مختلف مكوناته حيث أن إي تقصير فيها يؤدى إلى تراكم ومضاعفة التخلف).
ولان السيد مستشار وزير النقل الدكتور/ محمد عرفه , عليم ببواطن الأمور كشف لنا فى شهادته أمام حضراتكم (أن الوزير عرض عليه تولى رئاسة هيئة السكك الحديد فاعتذر فى البداية).
وسألته هيئتكم الموقرة:
س:- لماذا كان سبب اعتذارك؟
ج:- لهموم السكك الحديد ومشاكلها،
والشاهد يعلم علم اليقين إنها هموم غير مسموح للحكومة المصرية بمعالجتها.
وفى لقاء عقده د / عرفه مع محافظ الفيوم والقيادات الشعبية فى المحافظة كان الدكتور/ عرفه أكثر صراحة. فقال: والكلام منشور فى جريدة الحقيقة:
(اعترف المهندس / محمد عرفه رئيس هيئة السكك الحديد انه لا أمل فى إصلاح الحالة المتردية لمرفق السكك الحديد بسبب عدم وجود إعتمادات مالية كافية مشيرا إلى إن الحكومة تستولي على الإيرادات الخاصة بها ولا يتبقى فى الميزانية إلا مبالغ بسيطة لا تفي باحتياجاتها وقال ... إن المرفق فى حاله يرثى لها ويحتاج إلى مبالغ طائلة لإصلاحه والنهوض به).
ولان حكومتنا الرشيدة متمسكة بثوابت سياساتها الرشيدة فان هول الكارثة لم يبدل موقفها من الهيئة وخرجت علينا جريدة حكومية (الجمهورية) بتحقيق صحفي عنوانه بالغ الدلالة :
(بعد شهر كامل من تولى قيادات النقل الجديدة المسئولية...السكك الحديد...محلك سر)
والفلسفة الاجتماعية للحكومة أيضا تتحمل المسئولية الكبرى فى قضيتنا.
فحتى الإعتمادات المحدودة المعدودة التى تخصص للتطوير يتحكم فيها هاجس تحقيق مصالح رجال المال والأعمال الأكابر وتغلبها على مصالح سكان الأرصفة والمقابر.
فالإعتمادات توجه لتحقيق المزيد من الرفاهية والأمان لأهل التوربينى والأسباني ...
رغم أن المادة 8 من الدستور تلزم الدولة بكفالة تكافؤ الفرص لجمهور المواطنين.
حتى إن صحيفة الأخبار الحكومية فى عدد 26/2/2002 هاجمت هيئة السكك الحديد. قائله : " لم يكن حادثا عارضا نتج عن تجمع صدف غير سعيدة وإنما كانت نتاجا طبيعيا لمنظومة وضعت البشر فى مرتبة آدني من مرتبه الإنسانية هذه المنظومة التى تفرد 350 مليون جنيه فى تجهيز قطارات للنوم 7 نجوم لا يركبها أحد بينما لا تخصص لقطع الغيار المطلوبة بصورة عاجلة سوى نصف مليون جنيه ".
(منظومة يتحول فيها حاميها إلى حرميها).
وهذا النقد اللاذع الذي وجهته الجريدة الحكومية لم يأتي من فراغ ... فجريدة العربي أشارت إلى إن بيان السيد رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب أقر بان الحكومة وجهت معظم الإعتمادات الخاصة بالتجديد إلى الدرجتين الأولى والثانية وقال :
(لم يتم التجديد إلا لعدد محدود من العربات بدأ بعدد 200 عربة بالدرجة الأولى والثانية من اصل 600 عربه. و200 عربه درجة ثالثة من اصل 2422 عربه).
يعنى الفلسفة الاجتماعية للحكومة جعلتها تجدد 5ر33% من عربات أهل الصفوة . بينما انحصر التجديد فى 5ر8% من عربات المواطنتين الذين يعيشون تحت خط الفقر.
كل ذلك فى حين قول لنا المهندس/ محمد عرفه صـ24 من محاضر الجلسات.
(معلوماتي الأكيدة إن 11% هم ركاب الدرجة الأولى).
سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين
معذرة ... لو إن مدخل مرافعتي قد طال بعض الشئ ... لكن هذه المقدمة من قبيل الشيء لزوم الشيء.
إذ لا يمكن إن يتناول الدفاع القضية الماثلة وكأنها مجرد حادثة قتل خطأ عادية دون إن يتطرق إلى الملابسات والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحيطة بها والتى لها تأثيرها المباشر على أركان الجرائم المنسوبة إلى المتهمين.
أنتقل بعد ذلك على الفور لمناقشة التهم المنسوبة للمتهمين بادئا بالحديث عن التهم العامة.
وهى القتل والإصابة الخطأ.
والإضرار غير العمدي بأموال الهيئة.
منتهيا بالتهم الخاصة التى تخص النيابة بها بعض المتهمين مثل التزوير والإهمال.
فى شأن جريمتي القتل والإصابة الخطأ
أود إضافة النقاط الآتية :-
1- انتفاء الدليل على إن الوفيات والإصابات وليدة الأخطاء المنسوبة للمتهمين.
قضاء النقض فى جرائم القتل والإصابة الخطأ مستقر على أن خطأ الجاني يجب أن يكون سبب الحادث. ويجب أن تكون النتيجة الإجرامية (أي القتل أو الإصابة) وليدة هذا الخطأ 0
النيابة مطالبة بإقامة الدليل على إن الوفيات والإصابات لم تحدث فى توقيت سابق على النشاط المؤثم المنسوب للمتهمين لأنه لو أن الوفاة أو الإصابة سابقة على صدور أفعال الإهمال من المتهمين لا يمكن اعتبار النتيجة الإجرامية وليدة خطأ المتهمين. وأوراق الدعوى بين أيدي حضراتكم خاليه من أي دليل فني ... أو غير فني على إن وفاة أو إصابة الضحايا وقعت بعد فترة زمنية من اندلاع الحريق تكفى للقول بارتكاب المتهمين أفعال الإهمال والقعود.
وعلى العكس ففي الأوراق شواهد عديدة ترجح أن الوفيات والإصابات وقعت للضحايا ... فور اندلاع الحريق ومن قبل انطلاق صيحات الاستغاثة ومن قبل أن تطرق هذه الصيحات مسامع طاقم القطار.
ومن قبل أن يفيق الطاقم من هول المفاجأة.
ومن قبل إن يتمكن الطاقم من التوجه نحو فرامل الطوارئ لاستعمالها.
الأوراق تشير إلى أن الوفيات حدثت فور اندلاع الحريق ... بسبب الرعب والهلع ... والاختناق بالدخان... واستنشاق الغازات السامة ونقص الأكسجين.
وشواهدي على ذلك الآتي :-
1- شهادة الدكتور/ ثروت وزير أبو عرب أمام حضراتكم صـ57
" هو فى الحوادث النسبة العليا تموت من الرعب ونسبة تموت من الأدخنة ، أما الذي يموت من النار حوالي 10% فقط أي إن هذه الجثث معظمها مات قبل الحريق وبعد ذلك احترقت".
2- شهادة مدير إدارة الدفاع المدني محمد حسن حسين صـ100
وهو أول من صعد إلى عربات القطار وتفقدها من الداخل. يقول لنا الشاهد واصفا وضع الجثث
س:- أين وجدت الجثث تحديدا ؟
ج:- كان هناك جثث على كراسي العربة.
يعنى الناس دى ماتت فى التو واللحظة من قبل ما تلحق تحرك ساكنا أو تحاول حتى الوقوف وشق طريقها نحو الأبواب أو الشبابيك.
3- محضر المعاينة التى أجرتها المحكمة الموقرة صـ15 ثابت به:
(أوردت اللجنة الفنية للمحكمة إن بعض الكراسي الخشبية لم تحترق نتيجة تكدس الركاب فوقها).
4- شهادة العميد محمد أحمد عامر عضو اللجنة صـ825 تحقيقات النيابة:
(زيادة الركاب بالعربات المحترقة بالإضافة إلى الحريق يؤدى إلى استهلاك الأوكسجين وخنقهم نتيجة لتكدس الركاب والأمتعة معظمها من المواد الصناعية قابلة للاشتعال وينتج عنها غازات سامه).
وكل ما تقدم مؤداه انه من الوارد بل من الوارد جدا أن وفاة الضحايا حدثت بعد ثوانى معدودات من اشتعال الحريق.
وهذا احتمال لم ينفيه نائب كبير الأطباء الشرعيين فى شهادته أمام حضراتكم صـ54: وقد سألته الهيئة الموقرة :
س:- أليس من الجائز أن تكون وفاة الضحايا أو بعضهم من استنشاق غازات سامه ناتجة عن الحريق قبل أن تصل إليهم النيران؟
وفى إجابته على السؤال لم ينفى الشاهد هذا الاحتمال.
وإنما تهرب من الإجابة المباشرة متعلل بأن التفحم غط كل شئ والاحتراق الكامل غط على أي احتمالات أخرى غير الحريق يمكن كشفها بالفحص.
على ضوء ما تقدم ادفع بان النيابة العامة قد عجزت عن إثبات إن الوفيات والإصابات وليدة الخطأ الذي تنسبه للمتهمين .
وحتى لو إستعمل المتهمون فرامل الطوارئ وأجهزت الإطفاء فان ذلك لم يكن من شأنه تغير النتيجة لأنه ليس فى مقدور المتهمين أحياء الموتى.
ولذلك فإن الإهمال المنسوب للمتهمين لا يبرر أدانتهم بجريمة القتل الخطأ.
لان قضاء النقض مستقر على أن :
(القانون يستلزم لتوقيع العقاب فى جرائم الإصابات غير العمدية أن تكون هناك صلة مباشرة بين الخطأ الذي وقع من المتهم والإصابة التى حدثت بالمجني علية). ـ1/11/1943.
وطالما إن الأفعال التى قعد المتهمون عن القيام بها على حدي قول النيابة غير منتجة ولا مجدية فى حماية أرواح شهداء الحادث. تنتفي رابطة السببية بين أخطأ المتهمين والنتيجة الإجرامية، ذلك لان لرابطة السببية معيار محدد لدى القضاء المصري عرفه الدكتور/ محمود نجيب حسنى فى شرح قانون العقوبات صـ301 بقوله:
(تتوافر علاقة السببية بين فعل الجاني والنتيجة الإجرامية إذا ثبت انه لولا الفعل ما حدثت النتيجة على النحو التى حدثت به).
وتقول محكمة النقض فى حكمها الصادر فى 17/5/1981:
(من المقرر إن رابطة السببية كركن فى جريمة القتل الخطأ يقضي بان يكون الخطأ متصلا بالقتل اتصال السبب بالمسبب بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير قيام هذا الخطأ).
كما قضت فى حكم أخر:
(إذا أمكن تصور حدوث النتيجة ولو لم يرتكب الفعل فعلاقة السببية مقطوعة).
26/12/1979 س30 صـ980
كلامي هذا لا ينصرف فقط إلى طاقم القطار بل ينصرف حتى إلى المتهم الأول والثاني ... والى المتهمين من الثامن إلى الحادي عشر.
فحتى لو أن المتهم الأول والثاني رفضا التوقيع فى دفتر استعداد القطارات إلا بعد تزويد القطار بمائة طفاية.
وحتى لو إن المتهمين من الثامن إلى الأخير زودوا القطار فعلا بمائة طافية صالحة للاستعمال من الصنف الذي تتعاطاه هيئة السكك الحديد.
لما تغيرت النتيجة... طالما أن الوفاة حصلت من الرعب والاختناق والتسمم فور اشتعال الحريق.
لان الى مات ذعرا مات.
ولى مات اختناقا مات.
وسبق السيف العزل .
دفع بانتفاء عناصر الجريمة السلبية فى حق المتهمين:
النيابة العامة تتهم المتهمين بارتكاب العديد من أفعال التقاعس والقعود.
وبالتالي فالجرائم المنسوبة للمتهمين من قبيل الجرائم السلبية.
ويعرف الدكتور/ محمود نجيب حسنى ـ شرح قانون العقوبات صـ269 الامتناع المؤثم بأنه:
(إحجام شخص عن إتيان فعل إيجابي معين كان الشارع ينتظره منه فى ظروف معينة بشرط أن يوجد واجب قانوني يلزم بهذا الفعل وأن يكون فى استطاعة الممتنع عنه أدائه).
ويستخلص الدكتور/ محمود نجيب حسنى من هذا التعريف أن الامتناع المؤثم ليس عدما وفراغا وإنما هو كيان قانوني له وجوده وعناصره التى يقوم عليها.
ثم يخلص إلى القول بان الامتناع المؤثم يقوم على عناصر ثلاثة :-
1- الأحجام عن إتيان فعل إيجابي معين.
2- وجود واجب قانوني يلزم بهذا الفعل.
3- إستطاعة أداء هذا الفعل.
وأنا أدفع بانتفاء هذه العناصر فى حق المتهمين وبالتالي فأن أفعال الامتناع المنسوبة إليهم ارتكابها لا تصلح سببا لمحاكمتهم ولا سند لإدانتهم.
فلكي يدان المتهمين يجب أن تقيم النيابة الدليل على أنهم اختاروا بإرادتهم الحرة الامتناع عن أداء واجباتهم القانونية الأمر الذي لم تفعله النيابة لأنه كما يقول الدكتور/ حسنى صـ 271 :
(الامتناع كالفعل الإيجابي سلوك إرادي، ويقتضي ذلك أن تكون الإرادة مصدره أى أن تتوافر علاقة السببية بين الإرادة والمسلك السلبي الذي اتخذه الممتنع، فأن ثبت أن الإحجام قد تجرد من الصفة الإرادية فلا يوصف بأنه امتناع فى المعنى القانوني).
وفى هامش 3 من صـ271 يقول:
(غنى عن البيان أنه إذا اعتبر الواجب القانوني عنصرا فى الامتناع يتعين أن يستخلص من ذلك اشتراط أن يكون فى وسع الممتنع القيام بالفعل الإيجابي الذي ينسب إليه الأحجام عنه وذلك تطبيقا لقاعدة "الالتزام المستحيل"). وفى تحديده للمعيار الذي يجب الاحتكام إليه ليتبين مدى توافر الخطأ الغير العمدي فى حق المتهم.
يقول لنا دكتور/ محمود نجيب صـ617:
(أن جوهر الخطأ غير العمدي هو الإخلال بالتزام عام يفرضه الشارع ... ويفترض هذا الالتزام ... استطاعة الوفاء به فلا التزام إلا بمستطاع ... فالقانون لا يفرض من أساليب الاحتياط والحذر إلا ما كان مستطاعا ولا يفرض التبصر بآثار الفعل والحيلولة دونها إلا إذا كان ذلك فى وسع الفاعل).
ويضرب دكتور/ حسنى مثلا فيقول :
( إذا أصيب عامل الإشارات بالسكك الحديد بإغماء فى الوقت الذي كان يتعين عليه فيه إعطاء إشارة تحذير إلى قطار على وشك الدخول إلى المحطة أو تعرض لإكراه ... شخص حبسه فى حجرة خلال هذا الوقت فلم يقم بالفعل الإيجابي المفروض عليه فلا يقال عنه أنه ممتنع فى لغة القانون).
فما بال حضراتكم وطاقم القطار ... لحظة اشتعال الحريق كان حبيسا ... كان رهين محابس متعددة وكانت قدرته على التحرك فى اتجاه فرامل الطوارئ أو أجهزة الإطفاء معطلة بفعل:ـ
• التكدس الرهيب
• التدفق الرهيب للركاب المذعورين
• الظلام الدامس
• الدخان الخانق الذي يعطل حتى القدرة على الغلب .
يؤكد ذلك ما شهد به عضو اللجنة دكتور/ بدران محمد بدران صـ844 ما الذي قاله؟
س- ما الذي حال دون استخدام فرامل الطوارئ؟
ج -هناك عدة عوامل حالت دون استخدام فرامل الطوارئ منها: انقطاع التيار الكهربائي والوقت كان ليلا، الدخان الكثيف الذي نتج من الطريق وأدي إلى صعوبة الرؤيا، الزحام الشديد الذي أعاق الحركة وحالة الذعر التى سادت بين الركاب.
ثم هناك ما شهد به الدكتور/ محمد عبد الرحيم بدر ردا على نفس السؤال:
س - ما الذي حال دون استخدام فرامل الطوارئ؟
ج - تزاحم الركاب الشديد والهلع من منظر النيران.
س- ما قولك فى ما جاء بأقوال شعبان متولي وهو من خدم القطار بأنه لم يتمكن من استخدام فرامل الطوارئ بسبب صعوبة الوصول إليها نتيجة تكدس العربات بالركاب؟
ج - ده يؤكد صحة ما انتهت إليه اللجنة .
والمهندسة / الهام الزناتى عضو اللجنة صـ 794 تضع شرطا مهما لإمكانية استخدام فرامل الطوارئ
( ممكن استخدام فرامل الطوارئ بالنسبة للراكب الواعي استخدمها وفى ظل إضاءة جيدة بالقطار).
إقرار شاهد الإثبات اللواء محمد حسن حسين مدير الدفاع المدني فى تحقيقات النيابة 1360 بأن (الزحام الشديد بالعربات اثر فى صعوبة استخدام الفرامل)هو أبلغ دليل على أنه من غير الجائز محاسبة طاقم القطار على عدم استعمال فرامل الطوارئ وأجهزة الإطفاء التى سادت عربات القطار لم تكن تسمح بممارسة الطرف واحد من أفراد نقطة شرطة النقل المعينة بالخدمة فى القطار استطاع أن يشد فرامل أو يطلق جهاز إطفاء عندما سؤال الرقيب عبد العال عبد الرحمن 1213 أحنا معملناش حاجة علشان كان صعب جدا نوصل لمكان الحريق من الزحمة والناس كانت عماله تيجه نحيتنا والنيابة ذاتها مشكورة سلمت باستحالة استخدام الطاقم للفرامل أو الطفايات فى أمر إحالة وقالت بالحرف الواحد :
حال تكدس الركاب دون استخدام أي من المتهمين لفرامل الطوارئ
والنيابة تضيف فى مذكرتها بشأن نتائج التحقيقات صـ1623:
(ثبت من معاينة النيابة العامة أن نزع الاسطوانة من موضعها يستغرق وقتا طويلا فى مثل تلك الحالات التى تلعب السرعة فيها دورا حاسما...).
وسجلت النيابة فى مذكرتها على الهيئة تعمدها تصعيب استعمال أجهزة الإطفاء قائلة " وقد قرر المهندس/ عبد القادر متولي:
(انه قد تم تعديل مواضع تثبيت الطفايات ... بجعلها فى مواضع يصعب الوصول إليها بسهولة للحيلولة دون سرقتها متجاهلا الغاية الحقيقة من وجودها) .
طيب هذا عن طاقم القطار.
فماذا عن مجموعة الورشة المتهم الأول والثاني.
تسلم النيابة العامة فى مذكرتها بنتائج التحقيقات صـ1617 أيضا بأن المتهم الأول والثاني لم يختار بإرادتهما الحرة ارتكاب الجريمة السلبية المنسوبة إليهم بقولها:
(البداهة ذاتها تفرض أن تجرى عمليات الصيانة قبل أن يسمح لركاب القطار باستغلاله وإلا فكيف تجرى على سبيل المثال:
عمليات صيانة صندوق العربات وهى جميعها عمليات تنصب على المكونات الداخلية للعربات بما يستحيل معه أن تجرى بينما القطار محمل بالركاب).
ولا يجوز سيدي الرئيس.
لا يجوز للنيابة أن تفصل الخطأ غير العمدي الذي تنسبه للمتهمين عن الظروف الواقعية والملابسات التى وقع فى ظلها سلوك المتهمين.
فكما يقول الدكتور/ محمود نجيب حسنى عقوبات صـ621:
(الضابط الموضعي لا يطبق فى صورة مطلقة وإنما يتعين أن يراعى فى تطبيقه الظروف التى صدر فيها التصرف، ونعنى بذلك افتراض أن الشخص المعتاد قد أحاطت به نفس الظروف التى أحاطت بالمتهم حينما آتى تصرفه).
لذلك حرصت المحكمة الموقرة على أعمال هذا الضابط الموضعي عندما وجهت للشهود سؤال فاصلا عندما سألت المحكمة السيد عيد عبد القادر صـ41:
س:- لو أنت راكب هذا القطار وأيا كان موقعك فما هي المدة التى تستغرقها للوصول من أول عربة حتى مكان فرامل اليد والطفاية فى نهاية العربة فى ظل هذا الزحام الشديد؟
ج مش ممكن أوصل.
حدود مسئولية المتهمين فى حالة تعدد أسباب القتل والإصابة:
النيابة العامة فى مذكرتها الممتازة استعرضت الأخطاء التى سببت الحادث فى 9 بنود من بينها:
البند سابعا المعنون: غيبة الفهم الصحيح لدور إدارة الشرطة.
البند ثامنا المعنون: سواء إدارة مرفق السكك الحديدية.
البند تاسعا المعنون: سلوكيات الأفراد.
ثم خلصت من هذا العرض إلى القول 1631:
( بأن الحادث حدث نتيجة تضافر الأخطاء السابق استعراضها تفصيلا، وساهمت جميعها فى وقوعه ابتداء وتفاقم الخسائر الناجمة عنه).
وفهمي لمذكرة النيابة إن الأخطاء المشتركة التى تقصدها المذكرة لا تعنى فقط أخطاء المتهمين الأحد عشر ( مجموعة الورش + طاقم القطار + مجموعة المسئولين عن الطفايات ).
لا دى النيابة هنا تتحدث عن الأخطاء المشتركة ( للمتهمين + الهيئة + الشرطة + الركاب اللي كلهم (الأفراد).
وبالتالي النيابة تسلم بأننا بصدد حالة من حالات تعدد الأخطاء المؤدية إلى النتيجة الإجرامية.
ثم تورد النيابة فى البند السابع عشر من ملاحظاتها الواردة فى قائمة أدلة الثبوت ملاحظة نصها:
(تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث ... توجب مسائله كل من أسهم فيها أيا كان قدر الخطأ المنسوب إليه ويستوى فى ذلك أن يكون سببا مباشرا أو غير مباشر فى حصوله). وهذا القول ... ابعد ما يكون ... عن صحيح حكم القانون كما قضت به أحكام القضاء ... وكما شرحه الفقهاء فصحيح حكم القانون يخلص فى انه إذا ما كان الخطأ المنسوب للمتهم هو السبب الوحيد لوقوع الحادث والنتيجة الإجرامية. فمسئولية المتهم الجنائية ليست محل جدل ولا صعوبة على الإطلاق فى تحديد المسئولية الجناية إذا كان نشاط الجاني هو العامل الوحيد فى وقوع النتيجة أما إذا تعددت الأسباب فالأمر يختلف.
وحالات التعدد هي:
أ ـ حالة تداخل عوامل أجنبية فى تحقيق النتيجة الإجرامية.
ب ـ حالات الخطأ المشترك سواء بين الجاني والمجني عليه أو الجاني والغير.
أولا :- حالة تدخل العامل الأجنبى
وقضاء النقض يرتب على هذا التدخل انقطاع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة .
وفى ذلك تقول محكمة النقض بكل الوضوح والحسم:
(الأصل إن المتهم يسأل عن جميع النتائج المحتمل حصولها نتيجة سلوكه الإجرامي ما لم تتدخل عوامل أجنبية غير مألوفة تقطع رابطة السببية بين فعل الجاني والنتيجة).
وأوراق الدعوى بين أيدي حضراتكم تكشف بجلاء عن وجود عامل أجنبي خطير قد تدخل فى مجرى الأحداث وأدى تدخله إلى انقطاع رابطة السببية بين خطأ المتهمين والنتيجة الإجرامية هذا العامل الأجنبى هو فعل إجرامي تخريبي.
فالحريق الذي نشب فى القطار المنكوب ... كان وليد ونتاج جريمة عمدية هي جريمة الحريق العمدي المعاقب عليها بموجب المادة 252 عقوبات التى تنص على معاقبة.
(كل من وضع عمدا نارا فى عربات السكك الحديدية...).
والجاني أو الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة العمدية يتحمل أو يتحملون كامل المسئولية عن جميع نتائج هذه الجريمة بما فى ذلك النتائج الاحتمالية.
وسأدلل لحضراتكم ... من واقع الأوراق. بالأدلة ... والقرائن والشواهد ... على إن
الحريق بفعل فاعل عامد متعمد.
فإذا أفلحت فى إقناع المحكمة الموقرة بصحة هذا الاحتمال ... لم يعد هناك مجال ... للبحث والتنقيب عن مسئولية المتهمين عن إهمال هنا أو إغفال هناك.
ولا تملك النيابة العامة لكي تسد على الطريق أن تشهر فى وجهي تقرير اللجنة الفنية.
ذلك أن هذا التقرير للأسف الشديد مشوب بالقصور الشديد إذا كان يتعين على هذه اللجنة أن تبحث كل احتمالات ومسببات الحريق. لكن اللجنة حصرت نفسها فى احتمال يتيم هو موقد البوتاجاز ولم يورد التقرير إن اللجنة بحثت من بين الاحتمالات إن يكون الحريق بفعل فاعل.
ولم يورد التقرير الحجج العلمية لاستبعاد هذا الاحتمال واكتفى بعض أعضاء اللجنة فى شهاداتهم بالقول بأنهم استبعدوا حدوث الحريق نتيجة تفجير قنبلة لأنهم لم يجدوا داخل العربات أثار للانفجار ولا شظايا.
وأغفلت اللجنة أن القنبلة ليست الصورة الوحيدة من صور العمل التخريبي الذي يمكن أن يكون وراء حريق القطار.
فمن بين هذه القصور أيضا ... البودرة الحارقة النابالم أو المواد الكيماوية سريعة الاشتعال وقد سبق للجيش الأحمر الياباني أن استخدام مثل هذه المواد فى ارتكاب جريمة إحراق مترو الأنفاق فى طوكيو منذ سنوات.
وللآسف أن تقرير اللجنة يبدو وكأنه استهدف تحديدا تقديم الحيثيات الفنية المؤيدة لنبؤة رئيس الوزراء الذي كان بعد سويعات من وقوع الحادث قد أطلق تصريحه الشاذ النشاذ الذي اتهم فيها ركاب القطار بأنهم المسئولين عن الكارثة.
وقال للأهرام المسائي فى 21/2/2002:
(أن السبب وراء الحادث هو انفجار إحدى المواد القابلة للاشتعال التى كانت بحوزة بعض المسافرين وأن أحد الركاب قام بإشعال أنبوبة بوتاجاز).
وهكذا استبق رئيس الوزراء جهات التحقيق واللجان الفنية ليفرض مسارا محددا للتحقيق ... يستهدف تعليق المسئولية على شماعة موقد بوتاجاز.وأكد رئيس الوزراء فى تصريحاته أنه لا علاقة للحادث بأى عمل إرهابي أو تخريبي.
على أية حال فاللجنة الفنية رغم انحيازها الشديد لحدوتة البوتاجاز.
لم تقطع باستبعاد احتمال حدوث الحريق بفعل فاعل.
ودليلي على ذلك ما قرره الدكتور/ بولس رئيس اللجنة أمام حضراتكم عندما سئل:
س:- هل توصلت اللجنة إلى سبب الحادث على سبيل الجزم واليقين؟
ج:- لا .
ثم أضاف
(آنا لا أستطيع أن اجزم إذا كان الكيروسين أو البوتاجاز هو مصدر الحريق لأنه لابد أن يكون أمامي شاهد عاصر الحريق).
لكن يا دكتور بولس نجيبلك شاهد عاصر الحريق منين إذا كان المثل يقول " الموتى لا يتكلمون "
سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين
هنا فى ساحة العدالة ... لا يجوز إلقاء الكلام على عواهنه ... ولا تجدي مجرد التخمينات لذلك فأنا مطالب بان أقيم الدليل ... على ما أقول ... بشأن وجود جريمة الحريق العمد. فاسمحوا لي أن أتقدم لحضراتكم من واقع الأوراق بعشرة شواهد أدلل بها على أن الحادث وليد جريمة حريق عمد.
1ـ القوة الشاذة غير العادية للنيران.
كل الأوراق تقطع بان الحريق لم يكن عاديا.
وأن قوة النيران كانت شاذة وغير طبيعية والواقعة محل المحاكمة ... لم تكن لا أول ولا آخر حريق يحدث لقطارات السكك الحديد.... لكن عمر ما الحريق بلغ هذا المستوى من الخطورة برغم أنه فى كل حريق فان عربات القطارات هي ذات العربات ومواصفاتها هي ذات المواصفات والتكدس والزحام هو ذات التكدس والزحام ... وملابس وأمتعة الركاب ... المصنوعة من مواد فاتحة الشهية للنيران ... هي ذات الملابس والأمتعة فى كل حادث حريق.
لذلك نجد المهندس/ احمد شريف الشيخ رئيس هيئة السكك الحديدية السابق الذي حدث فى عهده أكثر من حريق وانتقل فى كل مرة بالطبع إلى موقع الأحداث يقول فى شهادته أمام حضراتكم صـ46: (اللي أدهشني حجم الحريق الكبير).
ورئيس اللجنة الفنية د/ بواس سلامة عندما استفسرت منه المحكمة عن انطباعه الأول عن الحادث قال صـ60
ج:- فى الحقيقة أنا شعرت أنها حادثة غير عادية نظرا لحالة الاحتراق التى وصلت إليها العربات وأجسام العربات السبعة وواضح أن النيران كانت غير عادية.
مع ذلك يريدون منا أن نصدق أن موقد بوتاجاز قد الكف ممكن يحرق مائة وألف.
والله جايز ... سبحانه قادر أنه يوضع سره فى أضعف خلقه.
والدكتورة/ الهام الزناتى تقدر درجة حرارة النيران بأنها بلغت من 1000 إلى 1200 درجة، يعنى حاجة مهولة ... وأحد المصابين فرج زكى فرج صـ853 يصف لنا النيران فيقول:
" با بص ورايا أشوف فيه أيه لقيت نار جايه تجرى زي موج البحر" .
ثم وتشير لنا الأوراق أن شدة النيران أدت إلى إن محاولة إطفاءها استغرقت ساعات وساعات من حوالي 1صباحا حتى 9 صباحا فى إحدى الروايات وان المطافئ اضطرت لاستخدام ما نسميه قاذفات المياه.
هذا الحريق الهائل الهائج مؤشر ممكن يكون أشعله مجرد مصدر حراري ذو لهب كأحد مواقد الكيروسين أو الغاز.
2ـ حجج اللجنة الفنية لا تبرر قوة الحريق:
لا يمكن أن تكون ألسنة النيران قد قفزت من عربه إلى أخرى بفعل قوة الريح وشدتها كما قالت اللجنة ولا يمكن تفسير الأمر بان أمتعة وملابس الركاب المصنوعة من ملابس سريعة الاشتعال هي التى أدت إلى سرعة اشتعال السبع عربات ودليلي على ذلك.
(أن 5 عربات من سبعة ... احترقت بعد توقف القطار ... وبالتالي بعد توقف الرياح ... وبعد نزول الركاب من هذه العربات ... أي بعد إخلاء العربات من أمتعة الركاب وملابسهم المصنوعة من مادة سريعة الاشتعال ).
3ـ أقوال الركاب ذات دلالة:
تشير مذكرة النيابة 1609 إلى أقوال للركاب كان يجب أن تحظى باهتمام النيابة.
قرر سعودي سيد حسن مجند بالقوات المسلحة انه سمع من بعض الركاب أن الحريق بفعل فاعل ولا يعلم من هو الفاعل، ومع ذلك لم تكترث النيابة بهذه الأقوال رغم أن هذه الأقوال قد تمثل خيطا يوصلنا إلى الجناة الحقيقيين، ولم تتحر الأمر.
فلم تبحث عن هؤلاء الركاب ولم تحرص على سؤال المصابين عن احتمال وقوع الحادث بفعل فاعل ... وإنما اكتفت بتوجيه أسئلة روتينية لا تودي ولا تجيب.
4ـ سهولة تسلل أي مخرب إلى الورشة:
الصعود للقطار منذ الفجر ورش المادة الكيماوية فى العربات ثم الهبوط والهرب ... أمر متاح.
لان الورش ساحة مستباحة والورش سداح مداح.
يقول لنا المهندس/ محمد عبد المجيد رمضان مدير عام ورش أبى غاطس فى تصريحه للأهالي فى 6/3/2002:
(عربات الدرجة الثالثة يتم تخزينها فى أحواش غالبا ما تكون الحراسة فيها ضعيفة).
الأوراق تكشف عن........؟
5ـ وجود مصاب ... فص ملح وداب.
تشير الأوراق إلى شخصية خفية بين المصابين اختفت بقدرة قادر.
وهو من يدعى معوض محمود إسماعيل الذي استدعته النيابة واستعجلت فى طلبه دون جدوى.
صـ862 يستعجل طلب معوض محمود إسماعيل ثم نجد محضر تحريات 26/2/2002 بمعرفة الرائد على صبري بخصوص طلب المذكور والمصاب فى حادث احتراق قطار الصعيد والمحرر بشأنه المحضر 586 لسنة 2002 إداري العياط.
(بالبحث عن المذكور بدائرة المركز لم يستدل عليه حتى الآن، وبالبحث عنه فى ملفات سجل مدني المركز لم يستدل عليه).
أقوال الضابط الرائد على صبري صـ864
(بسؤال مشايخ الناحية والمركز وكذا بالبحث بدفاتر السجل المدني لم يستدل على المدعو معوض وفى حالة الاستدلال عليه سوف نخطركم بذلك).
أذن هذا المصاب أدلى باسم وهمي للتستر على حقيقة هويته.
6ـ إنقطاع التيار الكهربائي :
وأنا أتسأل أليس هذا الانقطاع بفعل فاعل لأحداث اكبر قدر من الخسائر البشرية، و أليس هذا الانقطاع حلقه من حلقات العمل التخريبي
وإذا كانت اللجنة الفنية استبعدت بشكل حاسم الماس الكهربائي. " أمال أيه اللي قطع التيار الكهربائي ".؟
وقد استوقفتني فقرة فى التقرير الفني لإدارة الدفاع المدني تثير علامات استفهام وتقول صـ4:
(تبين شدة تدمير مفاتيح أناره تلك العربة بحالة يتعذر معها فحصها فحصا فنيا لتحديد ما إذا كانت قد تم فصلها يدويا أو كهربائيا)
7ـ لغز الألغاز...اسطوانة البوتاجاز :
وقضية اسطوانة البوتاجاز فى الأوراق تثير ألف علامة استفهام وتعجب وتشكك.
يقول لنا تقرير المعمل الجنائي بوزارة الداخلية فى تقريره صـ2
(قرر رجال الإطفاء أنهم عثروا على اسطوانة بوتاجاز من النوعية المعتاد استخدامها فى المنازل حيث قاموا بالتخلص منها أثناء الإطفاء ولم نتمكن من العثور عليها).
ورجال الإطفاء الأفاضل لم يحددوا فى أي عربه، ولم يفسروا لنا لماذا تركوا أنابيب أخرى ولم يتخلصوا منها، واهتموا بالتخلص من هذه الأنبوبة بالذات.
ولتعزيز الاتجاه إلى تحميل المسئولية لهذه الأنبوبة العجوبة التى ليست طاقية الإخفاء.
يأتي لنا السيد عيد عبد القادر صـ40 محضر الجلسة ليردد ويؤكد وجود الأنبوبة التى ليس لها وجود فيقول :
(تقابلت مع إحدى الركاب الناجين فقال أن هناك أنبوبة كانت مشتعلة وتم إلقائها فى الترعة).
ثم يقول لنا العميد محمد أحمد عامر عضو اللجنة صـ82:
(عرفنا من رجال الإطفاء أن هناك اسطوانة بوتاجاز عادية من النوع المعتاد استعماله كانت موجودة وحاولوا تبريدها ولم تعثر عليها اللجنة).
أذن هناك يد عابثة طليقة ... عبثت بمسرح الأحداث وبماديات الدعوى، منذ اللحظة الأول توجه التحقيق فى إتجاه محدد لتحميل مسئولية إشعال الحريق على موقد جاز أو أنبوبة بوتاجاز.
ثم يأتي اللواء محمد حسن حسين ليؤكد ذات السيناريو ولكن من حيث لا يريد هدم السيناريو وقلبه رأسا على عقب عندما قال صـ101:
(أثناء المكافحة وعند اقتحام العربة 10 من ناحية الأمام تم العثور على اسطوانة 12 لتر منزلية وقمت بمعاينة هذه الاسطوانة فوجدتها سليمة البدن وقام الأفراد بتبريدها واعتقد أنها فقدت فى منطقة العمل).
س:- لماذا لم تتحفظ على هذه الأنبوبة؟
ج:- لأنها وجدت سليمة ولم تسبب الحادث وعثر عليها سليمة وساخنة بمعرفة إحدى الجنود ... جايز تكون سقطت فى الترعة ...
يا أخي ده لو سقطت فى الترعة لاستقرت فى القاع دى 18 كجم، ومحاولة تحميل مسئولية الحريق لراكب متهور أمر غير متصور لأنه فى قطار بهذه الدرجة من التكدس غير وارد أن الركاب سيسمحوا لأي راكب متهور أو مستبيع أن يشعل فى وسطهم موقد جاز أو بوتاجاز أو أنبوبة بوتاجاز لأنه حتى يتمكن شخص من إشعال مثل هذا الموقد أو الأنبوبة الأمر يحتاج لمساحة فراغ يقف فيها أو يقعد فيها على الأرض ويولع الكانون.
ده اعتقد أن توليع سيجارة ممكن تسبب خناقة مش موقد جاز، حالة الالتصاق الجسدي هذه يستحيل عقلا تصور إشعال موقد جاز.
8 ـ رائحة الكيروسين :
اسطوانة البوتاجاز ليست كل ما تنطوي عليه الأوراق من الغاز بل هناك لغز أدهى وأمر، يقطع بوجود الأيدي العابثة التى أشرت إليها.
لقد لفت نظرنا جميعا التناقض الصارخ بين شهادة نائب كبير الأطباء الشرعيين وأعضاء اللجنة الفنية حول وجود أو عدم وجود أثار أو رائحة كيروسين فى العربات المحروقة أو فى ملابس وجثث الضحايا.
الدكتور/ بولس سلامة رئيس اللجنة الفنية قال صـ65 مؤكد:
(كان هناك آثار كيروسين).
إن الدكتورة/ الهام الزناتى صـ76 تؤكد:
(رائحة الكيروسين كانت واضحة جدا).
ومن الغريب العجيب أن اللجنة الفنية من أكابر الأكاديميين تعتمد فى التدليل على صحة وجهة نظرها على حاسة الشم ... آمال سبنا للكلاب البوليسية إيه،
أما نائب كبير الأطباء الشرعيين فيقول:
(أنه كان على رأس 40 طبيب شرعي عاينوا العربات المحترقة والجثث ولم يشم واحد منهم رائحة كيروسين أو يشاهد أثار كيروسين).
الطبيب الشرعي صـ50
س:- ألم تبين من فحص الجثث الظاهرة منه أثار كيروسين أو مواد أخرى أدت إلى الحادث؟
ج:- لا.
س:- معنى ذلك أنك والفريق الطبي لم تشموا إي روائح بترولية؟
ج:- لو كان فيه مواد بترولية على الفرض بحدوث التفحم فأنها تكون احترقت تماما.
سؤال مفحم محرج ...
س:- جاء فى تقرير المعمل الجنائي اللجنة الفنية أنه تم رفع عينات من مؤخرة العربات المحترقة وأسفرت الفحوصات عن احتواء العينات على أثار غاز البوتاجاز، وإذا كانت أثار غاز البوتاجاز ظلت عالقة حتى أخذ العينات بأرض القطار أليس من الأولى أن تظل الآثار عالقة بالجثث أيضا؟
الراجل احتار وأجاب ....
ج:- دي مش شغلتى والنار أو المواد البترولية لم استدل عليها فى أي من الجثث.
س:- ألم تبقى رائحة الغاز فى الجثث بعد حرقها؟
ج:- أنا لم استدل فى الجثث على أي مواد بترولية.
أستأذن المحكمة هنا فى فتح قوس أسجل فيه ملحوظة , وهى أنه لم يلفت نظري فى محضر معاينة النيابة للعربات المحروقة أنها سجلت ملاحظتها لوجود رائحة كيروسين رغم ما قررته اللجنة الفنية من أن رائحة الكيروسين كانت فائحة.
وتواجه المحكمة الدكتور/ ثروت وزير بهذا التناقض صـ75:
س:- ما السبب الذي يدعو الطبيب الشرعي أن يقول أنه لم يشم أي رائحة بترولية أثناء المعاينة؟
فيحتار الطبيب الشرعي قائلا:
ج:- لا يمكن أن يكون هناك أثار لمواد بترولية أو غازات لان درجة الحرارة وصلت إلى 800 درجة مئوية والتفحم ... وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك شئ عالق بالجثث.
وهكذا ينفرد الدكتور/ ثروت دون سائر أعضاء اللجنة بالانحياز إلى رأى الأطباء الشرعيين وينفى علميا إمكانية تخلف أثار كيروسين بعد الحريق الذي أدى إلى تفحم الجثث.
والسؤال الذي يطرح نفسه على الفور ...
عندما يتضارب أقوال 42 طبيب شرعي مع أقوال 5 من أعضاء اللجنة الفنية والجميع أساتذة أفاضل لهم مكانتهم العلمية.
من الذي صدق فيهم ومن الذي كذب ؟
واقع الأمر المستخلص من واقع الأوراق أنهم جميعا شهدوا شهادة حق ... بما رأوه فعلا ...
كل ما فى الأمر أن الأطباء الشرعيين كما يقول نائب كبير الأطباء صـ48:
(أبلغوا 20/2/2002 الساعة 1 صباحا وانتقلوا فور ورود الإشارة وعاينوا القطار ولم يلحظوا أثار كيروسين).
أما اللجنة الفنية فيقول دكتور/ بولس أنه انتقل للمعاينة يوم الخميس 21 /2/2002 الساعة 1 ظهر.
وما بين معاينة الطب الشرعي ومعاينة اللجنة الفنية امتدت اليد الخفية وعبثت بمسرح الأحداث ودست الكيروسين على أرض العربات وبقايا المحروقات.
لذلك لم يشهد الأطباء الشرعيين يوم 20/2/2002 وجود اثر للكيروسين ولم يشموا أية رائحة للكيروسين.
بينما شاهدت اللجنة الفنية وشمت أثار ورائحة الكيروسين فى اليوم الحادي والعشرين.
9ـ ترددت شائعة فى بعض الصحف تقول أن جهازا أمنيا هاما رفع تقريرا عن الحادث خلص فيه إلى أنه وقع بفعل فاعل :
وأنا لا أعول كثيرا أو قليلا على الشائعات، وأربأ أن تكون ساحة القضاء حلبة لترديدها ومع ذلك يظل هناك عوار ظاهر فى التحقيقات يلفت النظر وهو أن النيابة لم تطلب من جهاز المباحث تقريرا عن الحادث.
وفى حادث خطير مثل الحدث المطروح على حضراتكم من غير المعقول ولا المقبول أن تقعد أجهزة الأمن فى بلدنا وعددها ما شاء الله يزيد عن عدد أذرع الأخطبوط.
أقول من غير المقبول ألا يقدم لنا جهازا واحد منها تقريرا عن الحادث وملابساته.
والأعجب والأغرب
أنه حتى مباحث السكك الحديد لم تتفضل بالتحري عن الحادث ورفع تقرير عنه رغم أن المادة 74 من الملحق العام للقرارات والتعليمات واللوائح عام 1980 صـ89 وتحت عنوان:
(اختصاصات الإدارة العامة لشرطة النقل)
تنص صراحتنا على أن: " تختص الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات فى هيئة السكك الحديدية بما يلي:
1ـ ....................................
2ـ التحري فى كافة الحوادث والبلاغات والشكاوي ذات الصفة الجنائية ".
10ـ الشاهد الأخير على ترجيح إن احتراق القطار كان بفعل فاعل:
هو ما أشر إليه الزميل الأستاذ/ نبيل الحجازي من تكرار حادث الحريق فى ورش أبى غاطس فى الشهر الماضي ولقد نشرت جريدة (الجيل) فى عددها الصادر فى 3/7/2002 خبرا خطيرا ومثيرا. وبالغ الدلالة تحت عنوان:
(احتراق قطار بأكمله قبل قيامه من ورش أبو غاطس).
ويشير الخبر إلى احتراق قطار بأكمله ظهر يوم 26/6 الماضي أثناء خروجه من ورش أبو غاطس. وأن النار شبت ـ مرة واحدة ـ فى جميع أجزاء القطار الأمامية، وهو ما جعل النار تلتهم ست عربات بالكامل.
وتشير الجريدة إلى أن الواقعة قيدت فى محضر سرى تحت رقم3 – 278 فرز القاهرة بقسم شرطة الشرابية،
أن هذا الحادث الجديد ... قاطع الدلالة على وجود يد أثمه وراء حوادث احتراق القطارات.
ما يقوليش رئيس الوزراء أو غيره من المسئولين أن مسئولية الحريق الجديد تقع على راكب متهور أشعل موقد جاز، فالقطار كان خاليا من الركاب.
وبالتالي كان خاليا من الملابس والأمتعة سريعة الاشتعال.
ولم يكن القطار متعرضا لهبوب الرياح الشديد لأنه لم يكن قد انطلق بعد ومع ذلك احترقت كامل عرباته فى لمح البصر... ودفعه واحدة ...
أليس ذلك دليلا على وجود يد مجرمة عابثة بتتسلي على قطارات السكك الحديد.
سيد الرئيس......
لو أن كل هذه الشواهد التى أوردتها ... من شأنها أن ترجح احتمال وأقول مجرد احتمال أن يكون حريق القطار المنكوب بفعل فاعل فهذا معناه تدخل عامل أجني من شأنه أن يفصم رابطة السببية وينفيها فضلا عن أنه ينقل القضية من دائرة جنحة القتل الخطأ إلى دائرة جناية الحريق العمد.
الأمر الذي يقتضي الحكم ببراءة جميع المتهمين.
ذلك لأن النتيجة الجنائية أى القتل والإصابة الخطأ لا يمكن أن تكون وليدة جريمتين فى ذات الوقت. جريمة الحريق العمد من جهة وجريمة القتل والإصابة الخطأ
من جهة أخرى ولو أن الحادث وقع نتيجة ارتكاب جريمة حريق عمد فلا مجال لانطباق المادة 238 عقوبات. لان مادة العقاب تخاطب تحديدا القتل الخطأ.
هذا عن العامل الأجنبى.
فماذا عن
تعدد أسباب القتل والإصابة الخطأ.
كم سبق أن ذكرت النيابة تقول فى ملاحظتها أنه فى حالة تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث فالمتهم مسئول جنائيا أيا كان قدر الخطأ المنسوب إليه، وهذا الرأي الذي تقول به النيابة هو ترديد لنظرية منتقدة.
وأنا لا أريد هنا أن أغوص فى حديث أو جدل فقهي حول النظريات المختلفة المتعلقة برابطة السببية. لكن كلام النيابة هو ترديد لحجج أنصار نظرية تعادل الأسباب وهى نظرية انتقدها الفقه المصري. ولم يلتزم بها القضاء المصري.
على العكس فالفقه والقضاء فى مصر يتطلب دائما البحث عن السبب الأول أي السبب الأقوى أو الأحسم أو الأفعل من بين الأسباب المتعددة وتغليبه.
يقول دكتور/ محمود نجيب حسنى ـ شرح قانون العقوبات قسم عام صـ280:
(إذا كان فعل الجاني واحد من العوامل التى ساهمت فى أحداث النتيجة فالمشكلة قانونية تدور حول معرفة ما إذا كان السائغ القول بتوافر علاقة السببية فى المعنى القانوني بين الفعل والنتيجة لمجرد كونه عاملا أيا كانت أهميته من بين عوامل النتيجة ... أو يتعين التحقق من انه بالقياس إلى سائرها يمثل أهميه خاصة).
وعادلة المحكمة أمس تساءلت عن ما هو السبب المباشر الذي تسبب فى احتراق القطار.
وإجابتي علي هذا السؤال أن السبب المباشر هو إحدى فعلين :
إما الفعل الذي ارتكبه الجاني المخرب مرتكب جريمة جناية الحريق العمد.
أو الفعل الذي ارتكبه الراكب المجهول الذي أشعل موقد البوتاجاز أو الجاز حسب سيناريو النيابة واللجنة الفنية والذي يعتبر الفاعل الأصلى فى جنحة القتل والإصابة الخطأ.
ورئيس اللجنة الفنية عندما سألته النيابة فى التحقيقات صـ744:
س:- ما السبب المباشر لوقوع الحادث؟
ج:- السبب المباشر وجود لهب مكشوف تلامس مع مواد سريعة الاشتعال ووجود مواد بترولية.
وطبقا لهذا التحديد الفني للسبب المباشر يبقى فعل اشتعال البودرة بفعل فاعل والمواد الكيماوية أو وابور الجاز هو السبب المباشر.
فالمتهمون جميعا من الأول إلى الحادي عشر لا صلة لآي منهم بهذه الأسباب المباشرة فهم غير مسئولين عن فعل إشعال اللهب المكشوف.
كما أنهم وهم غير مسئولين عن فعل إشعال مواد سريعة الاشتعال فى العربات لان هذه مسئولية الهيئة التى صنعت عرباتها بمواد سريعة الاشتعال، وهم غير مسئولين عن وجود المواد البترولية داخل العربات ... وقد أفاض زملائي فى التدليل على مسئولية الشرطة فى السماح للركاب بدخول الرصيف ثم الحوش حاملين هذه المواد البترولية، وبصفة خاصة أنبوبة البوتاجاز زنة 18 كجرام التى لا يمكن أن يخفيها الراكب فى جيبه، ولا فى صرة هدومه.
بل حتى لو أن من بين ركاب القطار المنكوب إحدى الحواة فان جراب الحاوي لا يتسع لأنبوبة بوتاجاز وزنها 18 كيلو.
ومع ذلك فأحكام النقض فى الواقع سهلت مأمورية الترجيح بين الأسباب المتعددة فى حالة وجودها عندما قالت فى أسبابها أن العبرة بالعامل الأول الذي تسبب فى الحادث.
باعتبار أن هذا العامل الأول زي عصى موسى قادر على أن يجب سائر العوامل ومن بينها خطأ المتهم.
أقول أن مثل هذه المقارنة تقطع بان أخطاء الهيئة والركاب بلغت حدا من الجسامة والشذوذ من شأنهما أن تستغرق خطأ المتهمين.
ولقد قضت محكمة النقض:
(من المقرر أن خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لأحداث النتيجة).
25/4/1966
وانتهت محكمة النقض فى هذا الحكم إلى براءة المتهم حتى ولو لم يكن قد راعى القوانين والقرارات واللوائح والأنظمة. طالما أن هذه المخالفة لم تكن هي بذاتها سبب الحادث بحيث لا يتصور وقوعه لولاها،
ويشير الديناصورى والشواربى فى كتابة المسئولية الجنائية صـ148 إلى أن:
(من المقرر أن رابطة السببية كركن من أركان جريمة القتل الخطأ يتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق مع السير العادي للأمور وان خطأ الغير ومنهم المجني عليه يقطع رابطة السببية حتى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة).
(طعن911 لسنة 39 ق جلسة 17/11/69 س 20 صـ1270).
بل أن محكمة النقض قضت باستغراق خطأ المجاني عليه لخطأ المتهم إذا كان كافيا بذاته لإحداث النتيجة قالت محكمة النقض 8/11/1970:
(رابطة السببية كركن من جريمة القتل الخطأ تطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور وكان من المقرر أن خطأ المجني عليه يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافيا بذاته لإحداث النتيجة).
وفى حكم أخر أرست محكمة النقض معيار هاما حيث قالت:
(يصح فى القانون وقوع خطأ من شخصين أو خطأ مشترك كما أن خطأ المضرور بفرض ثبوته لا يرفع مسئولية غيره الذي يقع الخطأ من جانبه وإنما قد يخففها ".
جريمة الإضرار غير العمدي
المادة 116 مكرر2
فى شأن هذه الجريمة أدفع:
أولا ـ بانتفاء الركن المادي لانتفاء علاقة السببية.
ثانيا ـ بانتفاء الركن المعنوي.
ثالثا ـ بانتفاء الضرر الجسيم الذي تشترطه مادة العقاب.
أولا ـ انتفاء الركن المادي لإنتفاء علاقة السببية
وأحيل فى هذا الشأن إلى ما قلته بالنسبة لجريمة القتل الخطأ.
وأضيف: إن المجني عليه فى هذه الجريمة هو هيئة السكة الحديد والخطأ المرفقى الذي ارتكبته الهيئة يستغرق أى خطأ منسوب للمتهمين وسبق أن عدد الدفاع تفصيلا أوجه ومظاهر هذا الخطأ المرفقى.
واسمحوا لي أن أضيف الأتي:
1ـ يقول الدكتور/ أبو اليزيد المتيت فى كتابه جرائم الإهمال.
(تنتفي رابطة السببية بين فعل الفاعل والنتيجة الضارة إذا كان فعل المجني عليه أو فعل الغير هو السبب الحقيقي للنتيجة …….. والعبرة بدرجة نشاط كلا منهم فى أحداث النتيجة).
وأود فقط أن أسلط الضوء على مدى الخطأ الفاحش الذي ارتكبته الهيئة فى شأن عدم توفير أجهزة الإطفاء الملائمة كما وكيفا.
وفى الأوراق مكاتبات عديدة صادرة من الإدارة العامة لشرطة النقل وشرطة السكة الحديد تحذر وتنذر بوجود نقص حاد فى طفايات الحريق.
ولكن لا حياة لمن تنادى.
بل إسمحوا لي أن أقول لا حياء لمن تنادى.
مش بس الشرطة هي التى حذرت ده مسئول الأمن الصناعي بورش أبو غاطس حسين السيد جندي يصرح فى حديث صحفي منشور فى 6/3/2002 قائلا: (أنا معايا طلب بشراء 200 طفاية دايخ به على مسئولي الهيئة من شهر يوليو إلى فات محدش راضى يمضيه).
وعندما يبعث مدير عام ورش أبو غاطس فى 6/6/2001خطابا الى جهاز الأمن الوقائي برئاسة الهيئة يطلب فيها تزويده بأجهزة إطفاء. يتلقى مدير عام الورش ردا بيروقراطيا مخزيا من مدير جهاز الآمن الوقائي نصه كالأتي:
" الإحالة إلى خطاب سيادتكم بتاريخ 6/6/2001 بخصوص طلب 10% من أجهزة الإطفاء احتياطي لاستعدادها عند الضرورة، يرجى مخاطبة مدير الهيئة للوحدات المتحركة لتدبير هذه الكمية حيث أنها الجهة التى لديها بند التأمين وأن عمل الجهاز الأشراف والتوجيه وليست تدبير مهمات الإطفاء "
وقمة المأساة أن المسألة مش مسألة ضعف إمكانيات إذا بلغ الاستهتار بإدارة الهيئة أنها لم تستخدم الإمكانيات المتاحة لتوفير الطفايات اللازمة لان مجلة العمل الذي تصدرها وزارة العمل نشرت تحقيقا صحفيا به تصريحا للدكتور/ عثمان محمد عثمان وزير التخطيط جاء فيه "أن هيئة السكك الحديد رصد لها فى ميزانية الدولة 500 مليون جنيه فى العام المالى الحالي، لم يسحب منه إلا حوالي 280 مليون جنيه حتى شهر فبراير 2002، ولم يسحب باقي المبلغ وقدره 211 مليون جنيه من خطة العام الحالي إلا بعد حادث القطار"
ووجه الوزير اللواء للهيئة قائلا:
(كان الأجدى بالهيئة أن تستفيد بالمبلغ كله فى العام المالى الحالي فى عمليات التطوير والتحديث وقال أن الهيئة لم تأخذ من مستحقاتها قبل الحادث إلا 280 مليون جنيه ولو كانت فى حاجة إلى باقي المبلغ لأخذته على الفور لكنها لم تطلبه؟).
ولما وقعت الفأس فى الرأس ... وحدثت الكارثة.
تم اعتماد مبلغ 3 مليون جنية لشراء طفايات.
يقول اللواء رضا شحاتة مساعد وزير الداخلية أمام حضراتكم صـ9 من محاضر الجلسات:
(أنه تم اعتماد 3 مليون جنيه لاعتماد شراء طفايات).
واللواء محمد حسن حسين قرر صـ103 من محاضر الجلسات:
(الطفاية ثمنها 60 جنيه )
أذن الاعتماد استهدف شراء 3000000 = 60 50000
50 آلف طفاية هذا يكشف مدى جسامة العجز فى الطفايات لدى الهيئة.
والنيابة العامة تحمل المتهمين مسئولية احتراق العربات التى ظلت سليمة حتى توقف القطار ولم تحترق إلا بعد توقف القطار رغم إن الأوراق تكشف أن المسئول عن احتراقها فضلا عن إهمال المطافى هو تراخى الهيئة فى إرسال جرار بعد الحادث لجر العربات 16،15،14 مما تسبب فى إنها احترقت.
فمساعد قائد القطار صـ1060 يقول:
(بعد كده فصلت العربات إلى ماتحرقتش من وراء وهى16،15،14).
س:- ما تعليلك لاشتعال النيران فى العربات من الرابعة عشر حتى الأخيرة، واحتراقها تماما رغم تقريرك لنا بقيامك بفصلها؟
ج:- أنا فعلا فصلتها لكن مستحيل أقدر أحملها ولازم جرار يسحبها من ورا فأنا فصلتها على أمل أن يجئ جرار ويلحقها .... وده السبب أنها أتحرقت.
فإذا كانت الهيئة هي المسئولة عن احتراق هذه العربات فبأي حق تحملنا النيابة مسئولية احتراقها.
ورابطة السببية قد انقطعت أيضا بسبب إهمال جهاز المطافئ فى إطفاء الحريق.
ورغم أن تصريحات رئيس الوزراء أكدت أن 60 عربة إطفاء وصلت إلى مسرح الأحداث بعد نصف ساعة، فان الحقيقة المرة التى كتشفتها الضحايا الذين نجوا من الهلاك تقول أن عربة مطافى واحدة هي التى وصلت، (وفضلت عطلانا حوالي ساعتان).
وعندما سئل مدير الإدارة العامة لشرطة النقل اللواء محمد صادق أبو النور عن رأيه فى هذه الأقوال أجاب: (س:- المتواتر فى الأوراق أن المطافئ لم تعمل على إطفاء الحريق إلا بعد حوالي ساعتان من اندلاعها؟
ج:- حوالي كده).
وحتى مذكرة المعلومات الواردة فى ملف الدعوى صـ1576 أكدت صدق الرواية إذا قالت:
(ثم وصلت سيارة مطافئ فى محاولة لإطفاء النيران إلا أن ذلك استغرق ساعتان لتعذر استعمال خراطيم المياه وقتذاك).
لكل ما تقدم فإن الخطأ المرفقى لهيئة السكة الحديد وللمطافئ استغرق الخطأ المنسوب للمتهمين.
ثانيا:- دفع بانتفاء الركن المعنوي لجريمة الإضرار غير العمدي
تنص المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون 63 لسنة 1975 الذي عدلت بموجبه المادة 116 مكرر على أنه:
" نظرا لآن القانون الحالي يعاقب على الإضرار العمدي كما يعاقب على حدوث الضرر، فقد استحدث المشروع فى صياغة الفقرة الأولى من المادة 116 مكرر حكما جديدا جرم به سلوك الموظف الذي لا يتعمد الإضرار..... وإنما يأتى عمدا فعلا من شأنه الأضرار بأموال و مصالح الجهة التى يعمل بها " .
ولذلك يقول المستشار أنور العمروسى فى كتابه المسئولية الجنائية للعاملين بالدولة طباعة 68 صـ17: (ليس صحيحا أن القانون يعاقب فى هذه الجرائم على أعمال غير أرادية حسبما قد يتبادر إلى الذهن لأول مرة إذ الإرادة هي أساس المسئولية وإذا لم يكن الفعل إراديا فلا عقاب).
والمتهمون جميعا … على ضوء الظروف والملابسات التى إحاطات بالحادث أبرياء من التهمة المنسوبة إليهم.
لأن النيابة العامة لم تقدم لنا دليل واحد على أن المتهمين تعمدوا آتيان فعل الإهمال أو الإغفال أو القعود المنسوبة إليهم لعدم استعمال الطفايات أو عدم استعمال فرامل الطوارئ … أو عدم تزويد القطار بالطفايات اللازمة … الخ هذه الأفعال.
بل أن الأوراق تشهد بأن عدم استعمال الطفايات وفرامل الطوارئ يرجع لأسباب خارجه عن إرادة المتهمين.
الأمر الذي ينفى الركن المعنوي لجريمة الإهمال.
ثالثا:- انتفاء الضرر الجسيم:
سيدي الرئيس ... لا أدرى من أين أتت لنا النيابة بقصة الضرر الجسيم ...
فالأوراق خاوية ... خالية ... من أي دليل على صحة هذا الاتهام.
ومن المسلم به فقها وقضاء أن الضرر فى مفهوم مادة العقاب يجب أن يكون
جسيما ... محققا ... وحالا.
أي كما يقول الفقه يجب أن يكون للضرر وجود فعلى.
إذن يستبعد من تقدير جسامة الضرر.... التعويضات التى سوف تستحق لضحايا القطار لأنها مازالت ديون غير محققه وغير حاله. بما فى ذلك مبلغ الـ2 مليون جنيه إياه.
إذن كل ما ترتب على عدم استعمال فرامل الطوارئ أو طفايات الحريق هو احتراق العربتين 11،10 من القطار، أما باقي العربات فقد احترقت بعد توقف القطار وبسبب إهمال المطافئ وليس إهمال المتهمين.
ويقول تقرير اللجنة صـ8:
(العربات أرقام 16،15،14،13،10 بها كميات قليلة من المخلفات المحترقة من أمتعة المسافرين مما يدل على أنه كانت هناك فرصة لركاب هذه العربات للهبوط من القطار بأمتعتهم قبل احتراق تلك العربات بزمن كاف).
عربات القطار ثبت إنه انتهى عمرها الافتراضي من 30 سنه, يعنى عربات مهكعة أى عربات واجبة التكهين
... فألا يعتبر احتراق هذه العربات صورة من صورة التكهين ...
الواقع أن الحادث عاد بالنفع على الصالح العام لأنه صحي النيابة ودق ناقوس الخطر وسلط الأضواء على إخلال الدولة بالتزاماتها تجاه الهيئة.
وبالتالي إخلال الهيئة بالتزاماتها تجاه المواطنين.
حتى العربيات الكهنة لا يجوز اعتبار قيمتها كاملة من عناصر الضرر الجسيم.
لان اللواء محمد صادق قرر فى التحقيقات صـ1347 أن:
(جسم العربات صالح للاستخدام وسوف يتم إعادة صيانتها وإعادتها للاستخدام).
يبدو أن النيابة اعتبرت العربات المحترقة من شدة تفحمها أصبحت تحف أثريه لذلك قيمتها بمليون جنيه.
بعد كل هذا ورغم كل هذا تصر النيابة العامة على اتهام المتهمين بان خطأهم قد الحق بالهيئة ضرراَ جسيم.
بالنسبة لمجموعة الورش المتهم الأول والثاني
حول تهمة التزوير
أستأذنكم فى أن أضيف إلى دفاع الزميل الأستاذ فاروق المحلاوى النقاط الآتية :
1ـ حول حدود مسئولية المتهمين عما وقعا عليه فى دفتر استعداد القطارات :
المتهمان وقعا فى الدفتر على ما يفيد استعداد القطار للتحرك من زاوية عناصر محدده هي:
استعداد الحرف ـ صيانة ـ فاكم ـ كهربة ـ نظافة ـ مياه ـ ومما جميعه.
وليس فى هذه العبارات ما ينصرف أصلا إلى أجهزة إطفاء الحريق, ولا يجوز للنيابة أن تفسر عبارة مما جميعه بأنها تشمل تحقق المتهمين من استيفاء القطار لأجهزة الإطفاء بالقدر المناسب كما وكيفا وذلك للأسباب الآتية:-
أ:- لأن التفسير اللغوي للعبارة مؤداه أن عبارة مما جميعه معطوفة بواو العطف على عبارة استعداد الحرف وبالتالي مما جميعه تعنى لغويا إن عناصر الصيانة والفاكم والكهربة والنظافة والمياه استوفيت من جميع نواحيها.
ب:- لا يعنيني هنا فى كثير أو قليل تفسير السيد محرر عبارة مما جميعه فى شأن تحديد ما قصده من هذه العبارة ولا يحتج على بما ادعاه من أن كلمة مما جميعه تعنى استيفاء القطار لأجهزة الإطفاء لأن العبرة بالمعنى اللغوي الظاهر للنص وليس بالمعنى الباطن الذي قصده محرر العبارة، فمحرر العبارة هو ناظر محطة أبو غاطس وليس شاعرا من الشعراء حتى تحاسبني النيابة على المعنى الذي فى بطن هذا الشاعر.
ج:- عبارة مما جميعه عبارة فضفاضة ... مبهمة ... حمالة أوجه تعتبرها النيابة مشتملة على التحقق من أجهزة الإطفاء ويعتبرها الدفاع غير مشتملة على ذلك، وطالما نحن هنا فى ساحة القضاء الجنائي فمن المتعين أن نلتزم فى تفسير عبارة مما جميعه بمبدأ التفسير الضيق وإذا تعدت دلالات العبارة فعلينا ترجيح الدلالة الأصلح للمتهم تأسيسا على قاعدة أن الشك يؤول لمصلحة المتهم.
د:- النيابة العامة لم تقدم لنا أصلا أى بطاقة توصيف أو أى نص فى اللائحة أو فى تعليمات الهيئة يستدل منها على أن من واجبات المتهمين الأول والثاني التحقق من وجود أجهزة الإطفاء المناسبة كما وكيفا، واللائحة لا تضمن أصلا أى تحديد لعناصر استعداد القطار.
ه:- عندما حاولت المحكمة تبين الحقيقة من محرر العبارة السيد/ سعيد محمود سألته سؤالا محدد نصه كالأتي:ـ (ما هي البنود التى يتعين على المتهم الأول والثاني أن يقوم بعملها...؟).
الإجابة:ـ كان يجب أن يكون أن التحقق من أجهزة الإطفاء تدخل أو لا تدخل فى اختصاص المتهمين ... لكن السيد/ ناظر المحطة زاغ من الإجابة حتى لا يحنث فى يمينه وأكتفي بالقول:
( أنا لي أنهم يوقعوا فى الدفتر بأن القطار جاهز للسفر.)
و:- أما المهندس إدوارد إيليا عبده رئيس الإدارة المركزية ... فقد حدد لنا عناصر استعداد القطار صـ83 على النحو الآتي:
(يوجد ما يسمى الاستعداد النهائي لصلاحية العربات من حيث: " ما دام من حيث يبقى المهندس إيليا هيحدد لنا عناصر استعداد القطار" أعمال الكهرباء والميكانكيا والبواكم ويمضى عليه القائمين بالتنفيذ ... ).
المهندس ادوارد إيليا رئيس الإدارة المركزية بجلالة قدره ... ولم يشر المهندس إدوارد من قريب أو بعيد أن استعداد القطار الذي يجب أن يتحقق منه المتهمان الأول والثاني يشتمل على توافر أجهزة إطفاء الحريق.
النيابة ذاتها فى مذكرتها صـ1617 حددت لنا عمليات صيانة صندوق العربات على نحو لا يتسع للطفايات بأى حال من الأحوال بأن قالت:
(عمليات صيانة صندوق العربات هي جميعها عمليات تنصب على المكونات الداخلية للعربات).
ومن غير الجائز اعتبار أجهزة الإطفاء من المكونات الداخلية للعربات.
هناك فارق ذي فرق السما من الأرض بين محتويات العربات وبين المكونات الداخلية للعربات.
2ـ القطار انطلق من ورشة أبو غاطس جاهز حتى بالنسبة للأجهزة إطفاء الحريق:
" الأمر الذي ينفى حدوث تغير فى الحقيقة من جانب المتهمين "
وحتى لو أخذنا بالتفسير الفضفاضة لعبارة مما جميعه وفسرنا العبارة على إنها تعنى التحقق من توافر أجهزة الإطفاء فى القطار فان المتهمين لم يغيرا الحقيقة بالتوقيع فى دفتر استعداد القطار لأنه ليس صحيحا ما ذهبت إليه النيابة واللجنة الفنية من أن القطار المنكوب خاليا من أية أجهزة لإطفاء الحريق ولم تقدم لنا النيابة دليلا واحدا على أن القطار انطلق من الورش خاليا من أجهزة الإطفاء.
وإذا كان كل ما تشترطه المادة 16 من الملحق العام هو أن يكون بالقطار عدد مناسب من الطفايات فان تحديد العدد المناسب سلطة تقديرية لإدارة الهيئة، وليست سلطة تقديرية للعبد لله المتهم الأول، والعبد لله المتهم الثاني
وجهاز الأمن الوقائي برئاسة الهيئة وهو الجهاز المتخصص المختص بحماية القطارات من الحريق قد أصدر تفسيرا ملزما للعدد المناسب من الطفايات فى المنشور المؤرخ 3/10/1999 والدليل على أن التفسير الوارد فى المنشور ملزم للجميع أنه يتضح مما ورد فى ذيل المنشور أنه وجه وعمم إلى مدير إدارة ورش أبى غاطس ومديري الورديات ومسئول الحريق بالورشة المتهم التاسع أمين محفوظ مقرونا بإنذار صريح نصه كالآتي:
(رجاء ... تنفيذ ما جاء بخطاب الأمن الوقائي برئاسة الهيئة المسطر بعالية وتنفيذه بكل دقة وتحمل المسئولية على كل من لا يقوم بتنفيذ هذه التعليمات).
إذن أى واحد سيخالف المنشور سيحال إلى المفتي.
والتعليمات الواردة فى المنشور تقضى باستحداث نظام جديد لتأمين القطارات ضد الحريق، وهو نظام مستوحى من خبرة حوادث الحريق السابقة ومن تكرار العبث وسرقة أجهزة الإطفاء التى كانت تودع داخل عربات القطار.
ويقول المنشور بعبارات جامعه مانعه قاطعة جازمة:
(تقرر أن يتم تأمين القطارات العادية والمميزة على جميع الخطوط من خلال وضع عدد 4 جهاز إطفاء سعة 2 جالون كعهده بالقاطرة بكابينة القيادة بالجرار لاستخدامها فى مكافحة أى حريق قد ينشب بالعربات العادية والمميزة ... ) لماذا لم يشر المنشور إلى أن نظام تأمين القطارات سيعتمد أيضا على طفايات العربات ويحدد عددهم كما حدد عدد طفايات القاطرة ؟
الواقع سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين
أن نص المنشور واضح وصريح لا يحتمل تفسيرا أو تأويلا وبالتالي غير مسموح لأحد بأن يجتهد فى تفسير نص المنشور الصريح لان القاعدة تقول لا اجتهاد مع النص وبالتالي لا يجوز للنيابة أن تعتد بالتفسير المغلوط الذي ورد على لسان أحد شهود الإثبات والذي زعم فيه أن المنشور يقرر وضع 4 طفايات فى القاطرة بالإضافة إلى طفايات العربات هذا التفسير لا يستقيم أبدا مع واقع الحال فى الهيئة والعجز الخطير فى الطفايات الذي تعانى منه ... والشاهد الذي أدلى بهذا التفسير المغلوط هو المهندس/ محمد عرفه ولا يمكن الاعتداد بكلامه ولا بتفسيره للمنشور لأنه لم يتسلم عمله كرئيس هيئة إلا فى 1/4/2002 أي بعد صدور المنشور بسنتين وخمس شهور. وسيادته قبل ذلك كان متفرغ كمستشار لوزير النقل وقال لنا بعضمة لسانه صـ20 ... أمام حضراتكم:
(كنت منقطع الصلة بالسكك الحديد) ـ ـ ـ " ما دمت منقطع الصلة بالسكة الحديد فآنت لست مؤهلا لتفسير المنشورات والتعليمات التى تصدرها هيئة السكة الحديد ".
مما تقدم يتضح سيدي الرئيس انه طبقا لنظام تامين القطارات المعمول به منذ 30/10/1999 فكل المطلوب من القطار 832 لاعتباره مستعد للتحرك هو أن تتوافر فيه 4 طفايات فى عهدة السائق.
النيابة حاولت التدليل على أن منشور 30/10/1999 لم يلغى وجوب وجود طفايات فى العربات وإنما هو مجرد أضاف 4 طفايات جديدة فى القاطرة بان المعاينات التى أجريت فى قطار الحادث بعد عودته من أسوان وفى قطار مماثل اثبت وجود بعض الطفايات فى العربات وأنا بأقول للنيابة ... أسف.
لأنه هذه المعاينات كلها تمت بعض وقوع الحادث وان وضع طفايات فى العربات تم بعد وقوع الحادث, أما من 30/10/1999 حتى 20/2/2002 فطبقا لنظام التأمين المستحدث ... غير مسموح بوجود طفايات فى العربات وشاهدي على ما أقول العبارة البالغة الدلالة التى وردت على لسان رئيس الهيئة الحالي أمام الهيئة الموقرة فى محضر المعاينة صـ17 يقول رئيس الهيئة:
(انه بعد الحادث تم تعميم الطفايات فى جميع القطارات) يبقى بمفهوم المخالفة قبل وقوع الحادث مكانش فيه تعميم للطفايات فى العربات.
أخلص من كل ما تقدم بأنه طبقا لنظام تأمين القطارات المستحدث والمعمول به منذ 30/10/1999 فكل ما تطلبه التعليمات لاعتبار قطار فى حالة استعداد التحرك هو توافر 4 طفايات فى عهدة السائق , والمتهمان الأول والثاني التزما حرفيا بهذا النظام الجديد وتحققا أن القطار مستوفى وتحققا من توافر الطفايات الأربعة فى القاطرة وبالتالي فأن توقيعهما على دفتر استعداد القطار لا يصح اعتباره تغييرا للحقيقة , فالحقيقة التى يحاسب المتهمان على توافرها فى القطار هي توافر ما يستلزمه المنشور الملزم من طفايات لان الجهة التى أصدرت المنشور وهى جهاز الأمن الوقائي هي المنوط بها حماية القطارات من الحريق وبالتالي فان كلامها فى شأن طريقة هذا التأمين هو عنوان الحقيقة، ورغم أن الدفاع قد وصف هذا المنشور بأنه شاذ ونشاذ لأنه يشذ عن أحكام اللائحة.
ورغم أن الوزير السابق وصف المنشور بأنه غير منطقي فلا بشذوذ المنشور ولا بعدم منطقيته يفقد المنشور إلزاميته ويظل المنشور واجب التنفيذ إلى أن يصدر حكم قضائي بإلغائه أو يصدر قرار جديد من الهيئة لسحبه أو بقبوله لان القانون أو اللائحة لا يملكان قوة ناسخة للتعليمات الواردة فى المنشور. ولا يملك أي مرؤوس أن يخول لنفسه ممارسة حق الفيتو ضد أى تعليمات ملزمة تصدرها جهة رئاسية بحجة مخالفتها للقانون ولا يملك أي مرؤوس أن يحاكم القرارات الرئاسية للتحقق من مطابقتها للقانون قبل تنفيذها، ولو سمحنا للمرؤوس بذلك لعمت الفوضى فى الجهاز الإداري , والمنشور لم يصدر من خلف ظهر إدارة الهيئة وظل ساري المفعول ومطبقا من 30/10/1999 حتى تاريخ وقوع الحادث دون أن يصدر أي قرار من الهيئة بإلغائه وبوقف العمل به.
القانون يلزم النيابة العامة بأن تقيم الدليل على إن قطار الحادث خرج من ورشة الغاطس مفتقدنا متطلبات المنشور آي بدون 4 طفايات فى القاطرة. فإن النيابة لم تقدم هذا الدليل بل على العكس فان تحقيقاتها تقدم لنا الدليل على توافر الطفايات الأربعة المطلوب توافرها.
يقول السائق منصور يوسف صـ1080:
(أنا كنت مسئول عن الجرار وتأكدت أنه موجود به أربعة طفايات).
ويقول مساعد السائق اشرف عزيزصـ1082
س:- هل تم استخدام تلك الطفايات وقت الحادث؟
ج:- أيو تم استخدام الأربعة بالكامل.
أذن لا محل للجدل حول توافر الطفايات المطلوبة وفقا لتعليمات الهيئة ... توافرها من حيث الكم. لكن يظل السؤال ... وهل تحقق توافر الطفايات من حيث الكيف؟ أي هل كانت الطفايات الأربعة المتوفرة فعلا كافية
طفايات الأربعة ملقاة على جانبي القطار لأنه من الطبيعي أنه بعد استخدام الطفايات لغاية ما خلصت أن يلقى بها على الأرض. لو إن النيابة انتقلت إلى موقع الحادث والتقطت الطفايات الفارغة لتحققت من توفر تاريخ الصلاحية عليها.
أمال النيابة بتستند إلى ماذا للتدليل على أن أجهزة الإطفاء الخاصة بقطار الحادث كانت فاقدة الصلاحية
ـ تقرير اللجنة الفنية؟
ـ أقوال المصابين؟
ـ المعاينات التى تمت للعربات المحروقة؟
ـ المعاينات التى تمت للعربات السليمة بعد العودة من أسوان؟
ـ القطارات المماثلة التى تمت معاينتها على سبيل الشيشنى؟
كل هذا لا يجدي أيها السادة فى الدليل على أدنه المتهم الأول والثاني بتهمة تغير الحقيقة.
1ـ تقرير اللجنة لا يصلح دليل إدانة بالنسبة للمتهم الأول والثاني فى جريمة التزوير
لان المحكمة الموقرة لما سألت الدكتور/ بولس سلامة سؤالا بالغ الأهمية نصه
س:- على سبيل التخصيص هناك دفتر حركة 80 ثبت فيه سلامة القطار وأجزائه واستعداده لرحلة من فرامل وزيوت ومياه وطفايات فهل تطرقت اللجنة لهذه الجزئية وعلمت كيف يتم مراجعة ذلك؟
هذا السؤال مؤداه إن المحكمة الموقرة أرادة أن تتبين إلى اللجنة هل أعمال الصيانة المثبتة فى دفتر استعداد القطارات والموقع عليه من المتهمين مطابقة للحقيقة أم مغايرة الحقيقة علشان يكون فيه تزوير أو لا يكون فيه تزوير.
وإذا بالجنة الفنية الموقرة يقول لنا رئيسها (اللجنة تطرقت إلى الفنيات وليس للأعمال الإدارية ).
يبقى فى خصوص جريمة التزوير لا يحتج علينا بهذا التقرير.
2ـ أقوال المصابين إلى أجمعه على أنهم شاهدوا طفايات فى القطار
هذه الأقوال لا تصلح دليلا لإدانة المتهمين بتغيير الحقيقة
أ- لأن الركاب أصلا لا يدخلون الجرار ... وبالتالي لا تصلح أقوالهم شهادة على خلو الجرار من الطفايات الأربعة.
ب- لأن الركاب فى قطار الحادث المتفحم بالركاب كان همهم الأول والأخير أن يدخلوا فى صراع عنيف فيما بينهم من أجل الصعود للقطار والاستقرار فى أقرب موطئ مقدم، ومن غير المتصور إن الركاب ينشغلوا بالنميمة على الطفايات والتحقق من وجودها أو عدم وجودها.
ج- الركاب خلال فترة سير القطار لا يملكون ترف التنقل بين عربات القطار لاكتشاف عدم وجود الطفايات.
د- بعد انقطاع التيار الكهربائي و اشتعال الحريق لا يتصور إن أى راكب في غمار الفوضى التي حدثت استطاع أن يلاحظ عدم وجود الطفايات.
المعاينات :
أ ـ بالنسبة للعربات المحترقة ... فإن خلوها من الطفايات أمر منطقي طبقا للتعليمات الواردة فى المنشور والتى نزعت الطفايات من العربات وحصرتها داخل الجرار.
ومع ذلك فليس فى الأوراق دليل فني يقطع بان العربات المحترقة كانت خاليه من الطفايات ... ولم تقم اللجنة برفع الآثار التى فى العربة للتحقق مما إذا كانت تتضمن بقايا طفايات من عدمه.
ب ـ بالنسبة العربات السليمة معاينتها بعد ذهابها إلى أسوان وعودتها من أسوان وإجراء صيانتها فى ورش أسوان لا يستقيم معه اعتبار حالة العربات فى لحظة معاينتها مطابقة لحالات العربات فى لحظة وقوع الحادث.
خاصة
وقد أضيفت عربات جديدة فى المنيا وأجريت أعمال صيانة العربات في ورش أسوان بحيث تسأل هذه الورشة عن أي قصور فى محتويات العربات ومن المحتمل أخيرا أن تكون العربات السريعة فى رحلة الذهاب والإياب وما أطولها ... قد تعرضت لوقائع سرقة للطفايات وما أكثرها.
1ـ هذا عن التزوير فماذا عن تهمة الإهمال
بالرجوع الى البند ثانيا من أمر الإحالة الذي تتهم فيه النيابة جميع المتهمين بالقتل والإصابة الخطأ عن طريق الإهمال وعدم مراعاة القوانين. نجد إن النيابة حددت صور الإهمال وعدم مراعاة القوانين بالنسبة لكل من المتهمين , فطاقم القطار مثلا تمثل الإهمال بالنسبة لهم فى عدم التصدي للزحام وعدم التأكد من صلاحية وسائل الإطفاء , أما المتهم الأول والثاني فلم ينسب إليهما فى البند ثانيا أي فعل من أفعال الإهمال سوى السماح بتحرك القطار بعد التزوير فى سجل استعداد القطارات فإذا انهارت تهمة التزوير المنسوبة إليهما انهارت بالتبعية تهمة الإهمال, واستأذنكم فى أن أضيف فى شأن الإهمال نقطة بالغة الأهمية بالنسبة للمتهم الأول والثاني والثامن تحدد حدود مسئوليتهم عن أعمال الصيانة. المتهمون الثلاثة يشغلون وظائف إشرافية إي أنهما يشرفون على مجموعة من المرؤوسين العاملين فى حرف مختلفة وكل حرفه مسئولة عن أداء أعمال الصيانة الخاصة بها ويعطى تمام عن شغلها أما المتهمون فمنهم مجرد الإشراف العام وليس الحلول محل مرؤوسيهم فى أداء أعمالهم.
ولقد أرست المحكمة الإدارية العليا فى أحكامها الصادرة فى شأن تأديب العاملين معايير مهمة لتحديد مسئولية شاغل الوظيفة الإشرافية عن إعمال مرؤوسيهم وقالت المحكمة الإدارية العليا فى أحكامها الآتي :
" تحديد مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية ليس معناه تحميله كل المخالفات التى تقع فى أعمال التنفيذ التى تتم بمعرفة المرؤوسين خاصة ما قد يقع منهم من تراخى فى التنفيذ أو التنفيذ بما لا يتفق والتعليمات أساس ذلك انه ليس مطلوبا من الرئيس أن يحل محل كل مرؤوس فى أداء واجباته لتعارض ذلك مع طبيعة العمل الإداري ولاستحالة الحلول الكاملة " .
2815 لسنة 33 ق 12/11/1988 التأديب فى الوظيفة العامة المشار د/ محمد ماهر أبو العنين صـ334 "
صــ337 التزام الرئيس الإداري بمتابعة أعمال معاونيه وان كان يقتضي مراقبة ما يقوم به كل منهم من إنجاز إلا انه لا يتطلب أن يعمل على الإحاطة بكل دقائق العمل اليومي لكل منهم خاصة إذا كان له إشراف عام على أعمال فنية يستغرق الجانب الأكبر من القمامة .
(وإذا كان المشرع السماوي لا يكلف نفسا إلا وسعها فان المشرع الوضعي لا يحمل العامل بما يخرج عن حدود إمكانياته وطفايات فى ضوء ظروف العمل واعتباراته)" طعن 985 لسنة 33 28/4/1990."
2ـ عدم جواز تحميل المتهمين الأول والثاني مسئولية تردى أوضاع ورش أبو غاطس
ورش السكك الحديدية جميعها تعانى من تراث متراكم من النواقص على مدار سنوات وعقود.
وقد أدلى وزير النقل بتصريح لجريدة المصور بعد الحادث مباشرة يعتبر شهادة نفى لصالح المتهمين الأول والثاني قالت له المصور: " نريد شهادة من وزير النقل عن حالة ورش السكة الحديد"
فأجاب:
(الورش بها سلبيات كبيرة وكثيرة جدا ... هناك ورش عمرها أكثر من 50-60 عاما والعمل فيها لا يتماشى مع النظم الحديثة).
يقول لنا المهندس/ محمد عبد المجيد رمضان مدير عام ورش السكك الحديد بابي غاطس فى حديث مع الأهالي (الهيئة شهدت نقصا شديدا فى الإعتمادات الحالية خلال العامين الماضين، كنا نقوم بالصيانة على قدر المتاح لنا وإزاء هذه الأوضاع المزرية للهيئة والورش لا يجوز محاسبة المتهمين).
ويقول الدكتور/ عبد الرؤوف مهدى فى رسالته "المسئولية الجنائية عن الجرائم الاقتصادية ط76 صـ429" (يجب أولا فحص ما إذا كان المرؤوس لدية الإمكانيات التى تتيح له احترام اللائحة فبصفه عامه إذا كان أحكام اللائحة يفرض الارتباط بمصاريف ورؤوس أموال فمسئولية المرؤوس تستبعد).
فإذا تعلق الأمر مثلا بتشغيل اله أصبحت حالتها خطره، وليست متوافقه مع قواعد الأمان، لا يمكن مساءلة المرؤوس عنها.
3- هل يتحمل المتهمان الأول والثاني مسئولية حرية الصيانة
أبدا ... فالمسئولية الكاملة عن ذلك تقع أولا وأخيرا على نظم الهيئة وشرطة النقل
أولا:- لأن الهيئة أضفت الشرعية على تدفق الركاب على الورش والتكدس داخل العربات أثناء تواجد القطارات فى الورش الأمر الذي يعيق أي صيانة جديدة ولقد سجلت لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب فى تقريرها صـ18 بحق انه لابد أن تشير اللجنة إلى القصور الذي كان يتسم به عمل الشرطة قبل وقوع الحادث فجميع اللوائح تمنع دخول الموطنين إلى الأحواش ولا عذر إطلاقا فى أن إدارة السكة الحديد وافقت على ذلك سنة 1978حيث أن هذه المخالفة الخطيرة تعوق إتمام عمليات الكشف والصيانة على عربات القطار.
ومذكرة النيابة العامة بنتائج التحقيقات ذاتها صـ1620 تضمنت حيثيات براءة المتهمين الأول والثاني عندما علقت على تكدس الركاب فى القطار داخل الورش قائلة :-
حرية الصيانة :- مذكرة النيابة صـ 1620
(تعكس هذه الزيادة صورية عمليات الصيانة الشكلية التى أثبتت التحقيقات أنها لم تجر لهذا القطار ولم تكن لتجرى فى ظل هذه الفوضى السائدة فى هذا المرفق).
من جهة أخري فان الهيئة مسئولة عن حرية الصيانة لأنها لا توفر للورش الأيدي العاملة الكافية لإجراء صيانة حقيقية للعدد الهائل من القطارات التى تدخل الورش يوميا لأجراء أعمال الصيانة اليومية.
وأشار رئيس اللجنة الفنية د/ بولس سلامة فى شهادته أمام المحكمة الموقرة صـ68 إلى دخول 1200 قطار للورشة بصورة يومية الأمر الذي يؤدى إلى أن يتضح المراجعة دفترية.
والصيانة ليست خاصية على الهيئة بل هو أمر مسلم به ولذلك عندما سئل المهندس عيد عبد القادر فى
تحقيقات النيابة صـ1180:
س:- ما هي الكيفية التى يتم بها أذن أجراء الصيانة بعربات القطار حال استقلال الركاب لها وتواجدهم بالفعل أثناء قيام العاملين بإجراء الصيانة؟
ج:ـ هي أعمال الصيانة تتم فى الوقت ده بقدر الإمكان وبقدر الإمكان معناها بالدقة على ما قسم يعنى تسديد خانات وتسجل لجنة تقصى الحقائق بمجلس الشعب هذه الحقيقة.
تقرير لجنة تقصى الحقائق صـ20:
(تلاحظ اللجنة أن أسلوب العمل فى الورش لا يمكن إلا أن يكون إكمالا لأوراق دون أن يعبر عن عمل حقيقي قد تم بالفعل ومثال ذلك ما يتم فى الكشف عن القطارات قبل رحيلها حيث يتم الكشف فى ورش أبو غاطس فى ورديات يقوم الوردية الواحدة بالكشف على مئات العربات قبل قيامها برحلتها بأسلوب لا يوحي بان ذلك يمكن أحد ممن يقومون بالكشف من أجراء الكشف الحقيقي فى هذه العربات ويخفي في طياته إهمالا استشرى حتى أصبح القاعدة.
بالنسبة للمتهمين من الثالث إلى السابع
الملاحظات الإضافية التى أود أن أذكرها تخلص فى الآتي:ـ
1ـ ما هي حدود أفعال الإهمال المنسوبة للمتهمين
أمر الإحالة ينسب للمتهمين.
ـ القعود عن اتخاذ إجراءات للحد من زيادة الركاب.
ـ التقاعد عن التأكد من صلاحية وسائل الإطفاء.
ـ عدم استخدام فرامل الطوارئ.
أذن النيابة العامة لا تتهمنا بالقعود عن استخدام وسائل الإطفاء، إذن النيابة العامة تسلم ضمنا بأنه طبقا للمنشور 30/10/1999 لم تعد هناك طفايات فى العربات وإنما كل الطفايات فى القاطرة وأتساءل لو أن مسئولية طاقم القطار تنحصر فى عربات القطار ... ولا تمتد إلى القاطرة فكيف تؤاخذنا النيابة على عدم التأكد من صلاحية وسائل الإطفاء التى لا وجود لها فى العربات، التأكد من صلاحية وسائل الإطفاء التى فى القاطرة هي مسئولية سائق القطار عند تسلمه الطفايات الأربعة العهدة.
2-حول مسئولية طاقم القطار عن الزحام
أفاض الزملاء في تفنيد هذا الاتهام وأريد أن أضيف انه فضلا عن خلو لوائح الهيئة من أي نص يلزم رئيس القطار أو طاقم القطار باتخاذ أي إجراء للحد من زيادة الركاب قبل تحرك القطار .
فهناك نص واضح وصريح يحدد حدود مسئولية القطار في حالة وجود تكدس من الركاب .
فالمادة 76 من الملحق العام سنة 80 تحدد هذه المسئولية وتقصرها على الآتي على سبيل الحصر:
(أن يقدم تقريرا من أربعة صور عقب كل رحلة يثبت فيها ملاحظته المكشفة وكذلك حالة الزحام فى المراحل السفرية).
أدى كل واجبات رئيس القطار فى حالة التكدس ويكفيني فى الدليل على براءة ممدوح من تهمة الزحام ما أشارت أليه مذكرة النيابة من أنه ليست لدى هيئة السكك الحديد تعليمات واضحة بشأن كثافة عدد الركاب ومن ثم فالقاعدة المعمول بها هي انه لا يجوز منع أي ركب من استقلال القطار طالما سدد الأجرة المستحقة من لما النيابة اعتبرت الزحام قاعدة من قواعد العمل فى الهيئة هل يملك المتهم ممدوح خرق القاعدة
؟؟ لو أنه فعلها لاتهم بتخريب وإدانة من إتباع تنظيم القاعدة ؟
3ـ النيابة فى اتهام المتهم الثالث بعدم التصدي للزحام تخالف الدستور مخالفة صريحة لأنها لا تطلب معاقبة المتهم استنادا إلى نص تشريعي وإنما تطلب معاقبة المتهم استنادا إلى المنطق السليم فبعد أن سلمت النيابة العامة فى مذكرتها صـ1615 بأنه:
" ليس لدى الهيئة تعليمات واضحة بشأن كثافة عدد الركاب فى عربات الدرجتين الثانية والثالثة ومن ثم فالقاعدة المعمول بها هي إنه لا يجوز منع أي راكب من استقلال القطار طالما انه سدد الأجرة المستحقة "
عادت وقالت بأن هذه القاعدة
(لا يمكن بحال أن تتفق مع المنطق السليم الذي يوجب ألا يزيد عدد ركاب العربة عن الحد الذي يحول دون إمكانية استخدام أدواتها )، أكرر أعمال العمل موش أعمال النص وأعمال العقل يفضى إلى قاعدة وان لم تتقرر بلوائح أو تعليمات مكتوبة إلا أنها تتفق مع طبائع الأمور وهى إن الزيادة المسموح بها لابد وان تكون دائما هي الزيادة المقبولة أو المعقولة التى تقدر فى حدود 50%من عدد المقاعد).
والنيابة العامة بهذا القول تجدد فى الفكر الجنائي تحديدا بالغ الخطورة لان من شأنه منح الدستور أجازه مفتوحة وتعطيل نص المادة 66 منه التى تقول:
(لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون بعبارة أخري لا عقوبة إلا بناء على إعمال نص لا إعمال العقل).
ويقول فى هذه الشأن أستاذ أساتذة القانون الجنائي الدكتور/ على رائد : فى كتابه قانون العقوبات القسم العام :
(ما لم يوجد نص يجرم فعلا أو تصرفا فلا جريمة ولا عقاب وإنما يكون هذا الفعل أو التصرف مباحا ولا عقاب علية ومن ثم لا يجوز للقاضى مهما كان التصرف مستهينا أو معيبا أن ينزل أي عقاب بمرتكبه بل يتعين عليه أن يقضى بالبراءة إذا ما عرض عليه الأمر).
4ـ هل كان المتهم الثالث مطالبا بإبلاغ ناظر المحطة بحالة التكدس ليتخذ إجراءات للحد منها؟
المحقق فى أسئلته لممدوح اخذ عليه عدم إبلاغ ناظر المحطة بحالة التكدس ليعالج الناظر هذه الحالة.
والدفاع من قبلي أوضح لعدالة المحكمة انه كل وسائل معالجة التكدس فى قطار الحادث كانت قد اتخذت لتسير قطارات إضافية وزيادة عربات القطار إلى 16، وأضيف إلى ذلك: إن ممدوح لم يكن بحاجة إلى إبلاغ ناظر المحطة بالأمر بسبب بسيط. وهو انه ناظر المحطة كان واقف جنب ممدوح على الرصيف وكتفه فى كتفه عندما هل القطار بأثقاله البشرية من الورشة.
والهيئة الموقرة سألت محمد أبو النصر رشيد ناظر المحطة صـ31
س:- ما هي حالة القطار عندما وصل من ورشة أبو غاطس؟
فأجاب بعضمة لسانه
ج:- كان فيه زحام شديد جدا
أذن ناظر المحطة لم يكن بحاجة إلى إبلاغ
5ـ حول مسئولية رئيس القطار عن التحقق من صلاحية الطفايات
تنص المادة 77 من الملحق العام: (على انه من واجب رئيس القطار التأكد قبل قيام القطار من محطة الابتدائية من وجود 3 طفايات حريق على الأقل بعربات القطار مستعدة وصالحة للعمال).
واتهام النيابة للمتهم الثالث بمخالفة هذه المادة مردود عليه بالأتي:
أ- المتهم الثالث ليس رئيس قطار وإنما هو مجرد أقدم كمساعد فى القطار وبالتالي فهو غير مخاطب أصلا بهذه المادة.
ب ـ إن هذه المادة أصبحت غير ذات موضوع فى ظل النظام الجديد لتامين القطارات ضد الحريق الذي نزع الطفايات أصلا من عربات القطار.
6ـ المتهم الثالث لا يسأل عن دخول الممنوعات مع الركاب إلى عربات القطار
1ـ لان رئيس القطار وأعضاء طاقم القطار لا يستقلون القطار من حوش أبو غاطس، ده يبقى واقف على رصيف المحطة فى انتظار القطار، والقطار يأتي له من الورش محملا بإثقاله البشرية وبالأمتعة الخاصة بالركاب بكل ما فيها من مسموحات وممنوعات.
2ـ رئيس القطار بني آدم إنسان له عينان لا أكثر ... ولا اقل ... فكيف نطالبه ونحاسبه إذا تسلل راكب إلى القطار بممنوعات والقطار مكون من16 عربة وكل عربة لها بابين يراقب مين ولا مين.
3ـ ركاب القطار إلى حيركبوا من على رصيف دول إلى قطعوا تذاكرهم من شباك التذاكر يعنى ال23 راكب قليلي الحيلة أما ال3000 راكب المدقدقين الملحلحين إلى دفعوا إتاوة اللحلوح فدول راكبين بأمتعتهم من الغاطس.
4ـ وأخيرا فلا رئيس القطار ولا كمسارية القطار لهم صفة الضبطية القضائية التى تؤهلهم للتصدى للراكب وتفتيشه ومنعه من استقلال القطار وبحوزته ممنوعات.
والمادة 5 من الملحق العام للقرارات حددت على سبيل الحصر: (إن العاملين بالهيئة المخول لهم سلطة قضائية هم 5 طوائف ليس من بينهم لا رئيس القطار ولا طاقم القطار). أخير سيتضح بجلاء من المادة 74 من الملحق العام التى تحدد اختصاصات الإدارة العامة لشرطة النقل، إذن أن الشرطة هي المسئولة وليس طاقم القطار بالتصدي لمخالفة حمل ممنوعات، إذا تقول المادة:
(تقوم الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات وأقسامها بترتيب مفاجأت لقطارات الركاب والبضائع للتأكد من تنفيذ القوانين واللوائح والقرارات والتعليمات ومعاونة خدمة القطار فى وسط المخالفات، وعلى هذه القوات وقوات المطاردة وتنمية الإيراد وقوات النقط المستقرة التى تعين بالقطارات تسليم المخالفين لكمسارية القطارات لاتخاذ الإجراءات اللازمة نحو تسليم المخالفين على قسائم المخالفات لأول محطة يقف فيها هذه القطارات).
يبقى مش طاقم القطار الذي يسلم للشرطة المخالف ... ده الشرطة التى تضبط المخالف وتسلمه لطاقم القطار ليتخذ الإجراءات الأزمة لتسليمه لأقرب محضر على قسيمة من قسائم المخالفات.
وأخيرا لا أجد ما اختم به دفاعي عن طاقم القطار افضل من إجابة المهندس/ يحيى عبد القادر على سؤال المحكمة الموقرة
س:- هل كان فى إمكانية خدم القطار أن يفعلوا شيئا ولم يفعلوا؟
" حرصت المحكمة الموقرة على تبين مسئولية الطاقم مما جميعه "
(يعنى سؤال، مما جميعه)
وجاءت الإجابة ( مما جميعه أيضا).
أجاب المهندس يحيى
ج:ـ فى ظل هذا الزحام لا.
وهذه الإجابة الجامعة المانعة نافية لأية مسئولية جنائية بالنسبة للمتهمين من الثالث إلى السابع.
كلمة أخيره حول المتهم الثامن
أريد بالنسبة لهذا المتهم أن أتناول نقطتين:ـ
الأولى :- التأكيد والتشديد ... على إن المتهم الثامن بحكم وظيفته ليس مسئولا عن أعمال الصيانة المباشرة لأي قطار ولا عمره يشوف قطر أو يعاين قطر أو يفتش على قطر ليكتشف النواقص فى الصيانة المباشرة للقطارات دى مسئولية الورديات بما فى ذلك تركيب الطفايات وحصر التوالف واستبدالها.
وأعمال الصيانة للقطار 832 تمت فى الفترة المسائية.
فى حين المتهم الثامن يباشر عمله اليومي خلال الفترة الصباحية فقط. وتنحصر مسئولية المتهم الثامن فى مباشرة الأشراف على أعمال صيانة وتجهيز الطفايات التى تساق اليها لأجراء أعمال صيانة فيها.
وأخيرا عدالة المحكمة سألت المهندس/ أحمد يوسف سؤالا له وجهاته:
س:- أليس من صميم الدفاع المدني التحقق من سلامة الطفايات الموجودة فى القطار 832؟
بالطبع ... وربما بالقطع فمنطقيا التحقق من ذلك يعتبر من صميم الدفاع المدني.
لكن لا يجيب لأ مفيش أي نص لائحي أو تعليمات تلزم المتهم الثامن بوصفه المشرف على الدفاع المدني انه ينزل إلى كل قطار ويتحقق بنفسه إن الطفايات الموجودة فى القطار سليمة.
لقد حاولت سيدي الرئيس أن أجد إشارة واحدة فى الملحق العام المكون من 209 صفحة ... إشارة واحدة للدفاع المدني ومسئوليات الدفاع المدني وواجبات الدفاع المدني رغم الأهمية القصوى لمهام الدفاع المدني.
ومع ذلك سيدي الرئيس:
فهناك نقطة أولية يجب أن تتحقق وان تقيم النيابة الدليل على توافرها ... قبل أن نحاسب المتهم الثاني على عدم سلامة طفايات القطار 832 باعتباره مشرفا على الدفاع المدني هذه النقطة الأولية هي أن يقوم الدليل ... على إن الطفايات الأربعة التى كانت موجودة فى قاطرة القطار 832 تحديدا غير سليمة.
لان المتهم من الثامن إلى الحادي عشر ... مش مسئولين عن سلامة كل طفايات هيئة السكة الحديد.
ولا يحاكمون اليوم بتهمة عدم التأكد من سلامة كل طفايات هيئة السكة الحديد.
نحن نحاسب اليوم.
ونحن نخاطب اليوم.
بتهمة
التقاعس عن تزويد القطار 632 بالعدد الكافي من أجهزة إطفاء الحريق الصالحة للاستعمال.
ومن حق الدفاع أن يتساءل ما دليلك بإثبات على إن الطفايات الأربعة التى كانت متواجدة فى القاطرة لحظة الحادث لم تكن سليمة وصالحة للاستعمال.
متقوليش النيابة نفت للجنة الفنية إن الطفايتين الموجدتين فى القطار العائد من أسوان وجد فيها طفاية غير صالحة. أسف المتهمون من 8 ـ 11 لا علاقة لهم بالطفايتين دول ولا دليل فى الأوراق أنهم من بين الطفايات التى زود المتهمون بها القطار 632 قبل تحركه من الغاطس.
تشوف النيابة بقى كيف وصلت الطفايتين دول للقطار هل كانت داخل العربات التى أضيفت فى المنيا أو أضيفت أثناء أعمال الصيانة فى ورش أسوان.
سيدي الرئيس ... حضرات المستشارين
معذرة ... وألف معذرة ... لو كنت قد نكثت بالوعد وأطلت.
بل أخشى أن أكون قد أثقلت وأمللت.
واسمحوا لي فى الختام ... أن أسجل باسم هيئة الدفاع
لا كلمة شكر للهيئة الموقرة فمن غير الجائز توجيه الشكر للقضاء.
وإنما كلمة إعزاز واعتزاز بسعة الصدر التى لمسناها طوال تداول القضية.
وبالحرص الذي لا حدود له على التدقيق والتحقيق فى كل صغيرة وكبيرة فى هذه الدعوى.
سعيا للتوصل إلى الحقيقة الغائبة فى أعماق الأوراق.
وإذا كانت بلادنا ـ مبلية بترزية القوانين يفصلونها على هوى الحاكم.
فهي مليئة أيضا بترزية القضايا ... يفصلونها ضد الأبرياء ويزحمون بها ساحات المحاكم.
ويدفعون فيها إلى قفص الاتهام بالضحايا الأبرياء لافتداء الجناة الحقيقيين.
أن الدفاع يدرك كل الإدراك ... أن مسئوليتكم فى هذه القضية خطيرة وكبيرة.
لكنه يثق كل الثقة فى أن عدلكم سيظل هو الأكبر.