طرائف قضائيه من تجارب الحكيم

دوَن الحكيم فى روايته يوميات نائب فى الأرياف أنه تنقل بين كثير من الأقاليم إبان عمله كوكيل نيابة فى المحاكم الأهلية فبدأها فى طنطا ثم دسوق إلى بلدة فارسكور القريبة من دمياط ، وسعد الحكيم بهذا النقل لأنه سيتيح له قضاء فترة من الصيف على شاطىء البحر ، إلا أن أمله وظنه خاب إذ إن مقر عمله فى حوارى البلدة بعيداً عن البحر ومسكنه غير مريح . فسمح له النائب العام بالإقامه فى دمياط أو رأس البر على أن يحضر إلى بلدة فارسكور كل صباح – وهو ما أتاح له وللمصيفين تمضية الصيف على شاطىء البحر فكان يأتى بهم مقيدين بالسلاسل لاستجوابهم والتحقيق معهم على الشاطىء فسعد المتهمون بذلك أشد سعادة .
وذات مرة طلب من عساكر الأمن تشديد الحراسة جيداً عليهم خوفاً من الهرب فإذا به يسمع أحدهم يقول له :
نهرب ليه ؟ ربنا يخليك لينا ياسعادة البيه ، حد يهرب من الجنة !
فيرد عليهم – اتمتعوا بالهوا المنعش . اتمتعوا .
وإذا به يسمع أحدهم يهمس قائلا
إحنا جعنا .... الهوا جوعنا
فيقول – ماشاء الله . إيه ده إنتم جايين تغيروا هوا ولاً يتحقق معاكوا فيعطف عليهم وكيل النيابة الأديب والوافد من الحياة الباريسية ويدفع بعشرة قروش إلى أحد الحراس قائلا له – خد إشترى عيش وحلاوة طحينية لحضرات المجرمين المصيفين .
ولذلك كان كلما أصدر قراراً بالإفراج عن متهم يسمعه يصرخ وهو يملأ رئتيه من الهواء قائلا ده ظلم يا بيه أنا لسه مقبوض على النهاردة .

(منقول)