شكل للبيع جمال فهمي سمعت بعض الزملاء ينتقدون بعنف ومرارة حركة «الهدايا» والتعيينات الأخيرة لرؤساء تحرير صحف ومجلات كانت الست الحكومة ورثتها عن مامتها مصر بعد انتقال الأخيرة «طبقا لإحدي الروايات» إلي الرفيق الأعلي متأثرة بإصابة قاتلة في القلب أثناء الحادثة القديمة الشهيرة التي حملت نظام الحكم الحالي إلي مقعد سيادته الدائم فوق صدور أهالينا. ولاحظ الزملاء أن نسبة كبيرة ممن رفعتهم هذه الحركة إلي سدة الرئاسات التحريرية لا يملكون من حطام الدنيا سوي عضويتهم النشطة في حزب الحكومة، بل إن أحدهم علي الأقل لا يكاد يعرف الفرق بين شغلانة رئيس التحرير وزحمة السير في ميدان التحرير!! لكني رأيت بعض هؤلاء الزملاء يختلف بشدة مع البعض الآخر علي حكاية «نشطة» هذه ويُصر علي أن عددًا لا بأس به من المرفوعين الجدد كان محطوطًا ومسكنًا في خلايا حزبية حكومية «نائمة» وخاملة عمدًا طبقًا لخطة تمويه استراتيجي مُحكمة وضعها الجنرال أحمد حديد عز مستمدًا الوحي والإلهام من كرافتة سيادته، وذلك لضمان تحقيق النصر النهائي علي الشعب المصري الذي لا يكف عن المطالبة بنصيبه من التركة كلما صحي حضرته من النوم!! وأعترف بأنني لم أراع الحالة النفسية السيئة للزملاء الغاضبين إذ وجدت من واجبي مصارحتهم بحقيقة «الوضع» فأكدت لهم في البداية أن مصر في «حالة وضع» ولم تمت كما يشاع، بيد أن كل الشواهد ترجح أن «وضعها» صعب ومتعثر وربما خطر، لأنها اتجوزت عرفيًا وهي في سن لا تسمح لها بالزواج أصلاً!! ولم أكتف بهذه الصدمة وإنما عاجلت الزملاء بصدمة ثانية ألقيتها في وجوههم التي ظللها خليط من الدهشة والوجوم، فقد قلت لهم إن نظرة فاحصة علي نماذج معينة من الناس الذين شملتهم عملية الترفيع والترقية وإطلاق الحمام في سماوات الرئاسات التحريرية لابد أن تفضي إلي قدر كبير من الشك في أن «الخدمة» في حزب الحكومة أو بعض جهاتها وأجهزتها الأخري، كانت المؤهل أو العامل الوحيد في «العملية» لسبب بسيط وواضح ألا وهو هذا الزحام الشديد علي «طلب الخدمة» ما يجعل مهمة الاختيار والانتقاء من بين كل هؤلاء «المتزاحمين» أمرًا يلامس حدود المستحيل، لهذا لا مفر من التسليم بأن حزمة من العوامل والمؤهلات وازن بينها جميعًا صانع قرار الترقية التحريرية الرئاسية ثم أضاف إليها مقدار كوب ماء مغلي وشوية زيت وعجنها في بعضها عجنًا شديدًا ودخلها الفرن لمدة ربع ساعة قبل أن يقدمها علي طبق بلاستيك للمعازيم. غير أن كلامي هذا ـ هكذا قلت للزملاء ـ لا يعني عدم وجود عامل أساسي كانت له الغلبة وقوة الترجيح أحيانا، مثلا .. أنا لا أعرف ماذا أصاب عيونكم الكحيلة يا زملاء فلم تروا ولم تلاحظوا كيف أن الأستاذ محمد حسنين هيكل كان له نصيب الأسد في «عملية التحرير» الأخيرة!! فَغَر الزملاء أفواههم وأخذوا يبحلقون في خلقتي غير مصدقين ما سمعوا، فأسرعت بتوضيح ما قلت قبل أن يأخذهم سوء الظن إلي اليقين بأن حضرتي اتجنن خلاص.. وقد تعمدت الهتاف فيهم قائلا : ياجماعة ما تفهموش غلط ..أنا قصدي أن «شتيمة» الأستاذ هيكل كانت واحدة من أقوي أسباب «الأملة» التحريرية الرئاسية التي هبطت علي رأس بعضهم قبل أيام .. أقول قولي هذا يا زملاء وأنا واثق أن حسن تربيتكم وأخلاقكم سوف تمنعكم من استباحة واستسهال شتيمة الأستاذ طلبًا للترقية!!