الحق فى الحرق كتب .جمال فهمى
في زمن مضي ـ للأسف ـ كان الموظفون الحرامية يختلسون من عهدتهم التي في المخازن فإذا اقترب موعد الجرد حرقوا المخازن بما تبقي فيها واتهموا «الماس الكهربائي» الغلبان وشيلوه القضية، أما الآن فالحكومة تنتهج سياسة توصيل التيار الكهربي مجانا لأبدان المواطنين الفقراء في أقسام ومراكز الشرطة ثم يقوم بعض الضباط بحرق هؤلاء المواطنين للتخلص من آثار «الماس الكهربائي» ويتهمون المواطن بأنه هو الذي حرق نفسه من فرط السعادة بدخوله عصر الكهرباء.
وقد يكون التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية الذي أذيع قبل أيام عن حالة حقوق الإنسان في العالم سنة 2008 هو من قبيل قولة الحق التي يراد بها باطل (غالبا)، لكن ذلك لايمنع الاعتراف بأن الجزء الخاص بمصرفي التقرير سجل ورصد ظواهر وجرائم حقيقية تضع بلدنا ـ ولافخر ـ ضمن قائمة أسوأ بلدان الدنيا من حيث احترام الحريات والحقوق الأساسية للإنسان، بما فيها حقه في التمتع بالخدمة الكهربائية في بيته وليس في بدنه، وحقه في الحصول علي حصته من «الوقود الوطني» لتشغيل أدوات الطهي ووسائل النقل وخلافه من محطة البنزين وليس من قسم الشرطة، حيث تستخدم هذه الحصة حاليا في تدفئة السادة الضباط بالأبدان المحروقة.. هذا فضلا طبعا عن حقوق تافهة أخري مثل الحق في المشاركة السياسية، والتداول السلمي للسلطة والخلاص من تأبيدة الحكم العائلي، والقدرة علي الوصول للجان الاقتراع في الانتخابات العامة من دون التعرض للقتل علي باب اللجنة ثم التصويت الحر بعد ذلك عبر قوائم الناخبين الموتي!!
وإذا قال أحد إن واشنطن (خصوصا في عهد الإدارة البوشية السابقة) هي آخر من يستطيع الكلام عن احترام الحريات والحقوق الإنسانية، فإن هذا القول يبدو معقولا ومنطقيا جدا، غير أن أقوالاً أخري من نوع ما علق به المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية بتاعتنا علي التقرير المذكور قد تمثل، في حد ذاتها، اعتداءً فظا وفاضحا علي الحق في الحياة شخصيا، لأنها ببساطة تموت من الضحك.. إذ قال الأخ الرسمي في تعليقه إن «الحكومة المصرية ملتزمة بحماية وصيانة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية»!!، وإنها بسلامتها «ليست مسئولة إلا أمام الشعب المصري»، لكنه لم يقل في أي سجن بالتحديد تحب الست حكومته تشوف شعبها وتقف «أمامه» عشان يسألها: الساعة كام والنبي ياست؟!.