somaia عدد المشاركات >> 6 التاريخ >> 17/2/2010
|
بسم الله الرحمن الرحيم
القضية رقم 22 لسنة 12 قضائية"دستورية"
1-تشريع "المادة 23 من ق رقم 136 لسنة 1981 : بطلان البيع اللاحق ولو كان مسجلا .
الفقرة الاولى من المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقه بين المؤجر والمستأجر .
حكمها :بطلان كل تصرف ببيع الوحدة - لاحق لتاريخ بيعها الأول - ولو كان مسجلا
2-دستور"صون الملكية الخاصه"-حق الملكية (تنظيمه تشريعيا - وظيفتها الإجتماعية )
حرص الدستور على صون الملكية الخاصه وكفالة عدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء
حق الملكية لم يعد حقا مطلقا ,أو عصيآ على التنظيم التشريعى . تحميل الملكية بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعية جائز ومن المتعين أن ينظم القانون أداء هذه الوظيفه مهتديا بوجه خاص بالقيم التى تنحاز إليها الجماعة فى مرحلة معينة من مراحل تطورها , وبمراعاة أن هذه القيود تبتغى خير الفرد والجماعة .
3-دستور (الملكية الخاصة غير القائمة على الإستغلال )
الماده 32 من الدستور .كفالتها حماية الملكية الخاصه غير القائمة فى جوهرها على الإستغلال ودعمها بشرط قيامها على الوظيفة الإجتماعية التى يبين المشرع حدودها . صون الملكية من العدوان عليها . رهن بنأيها عن الإستغلال , والتزامها مصالح الجماعه والعمل على تحقيقها.
4-سلطة تقديرية - تشريع (الفقرة الأولى من المادة 23 من ق 126 |1981- بطلان البيع اللاحق أساسه تقرير النص التشريعى المطعون فيه أن الأسبق إلى شراء وحده من مالكها - ولو قبل تسجيل عقده - هو الأجدر بالحماية ضمانا للثقة المشروعة فى التعامل , بطلان البيع اللاحق لهذه الوحده بإعتبار أن محلها أصبح من الأموال التى يجوز التعامل فيها , وصار منهيا عنه قانونا بالتالى صدوره فى نطاق السلطة التقديرية للمشرع - فى مجال تنظيم الحقوق .
5- تشريع (الفقرة الأولى من المادة 23 من ق 136|1981 : قاعدة آمرة:مصلحة مشروعة
انطواء النص التشريعى المطعون فيه , على قاعدة آمرة ناهية ,تقريره على ضوء أسس موضوعية بعد أن شاع التعامل فى الوحدة أكثر من مرة إنحرافا عن الحق وتماديا فى الباطل وكان أمرا محتوما أن يقرر المشرع بطلان البيوع اللاحقة جميعها بطلانا مطلقا حماية لمصلحة عامة لايجوز أن تختل و وبثا للثقة المشروعة فى التعامل .
6-تشريع ( النص التشريعى المشار غلية - لامخالفة للدستور - أساس ذلك )
ماقررة نص الفقرة الاولى من الماده 23 المشار إليها , لامخالفة فيه للدستور , ذلك أنه سرى بأثر مباشر إعتبارا من تاريخ العمل به , وتحدد مجال البطلان وفقا لحكمه بالبيوع اللاحقه التى تم بها بيع الوحدة ذاتها لغير من تعاقد معه مالكها على شرائها منه أولا , وإرتداد هذا البطلان إلى قاعدة آمرة أصون لمصالح الجماعة , بوصفها واقعة فى المجال الطبيعى للنظام العام , نص الماده (135) من ق المدنى على بطلان العقد إذا كان محلة مخالفا للنظام العام , تقرير النص التشريعى المطعون فيه بطلان عقد البيع اللاحق , وبالتالى تجريده من الأثار المترتبة عليه كعمل قانونى , يعنى أن تسجيله يكون معدوم الأثر لوروده على غير محل .
7-تشريع (النص التشريعى المشار إليه - إنعدام البيع اللاحق
من المقرر أن الأسبق إلى تسجيل العقد هو الأحق والأجدر بنقل الملكيه إلية ,إلا أن المفاضلة بين عقدين تغليبا لأحدهما , يفترض أن هذين العقدين مستوفيان لأركانهما ولشروط صحتهما , وهو ماتخلف فى تطبيق أحكام النص التشريعى المطعون فيه , ذلك أن عقد البيع اللاحق -قد أعتبر باطلا بطلانا مطلقا وفقا لهذا النص - قد أضحى منعدما وذلك خلافا للعقد الآول الذى لاشبهه فى صحته ونفاذه , فضلا عن أن تسجيل عقد ما لايدل بالضرورة على صحته ونفاذه .
8- تشريع (النص التشريعى المطعون فيه - تدخل المحكمة الجنائية - مصدر البطلان )
تدخل المحكمة الجنائية لايعتبر لازما لتقرير بطلان عقد البيع اللاحق وفقا لنص التشريعى المطعون فيه , ذلك أن القاعده الآمرة التى تضمنها هذا النص , تعد بذاتها مصدرا مباشرا لبطلان هذا العقد .
9-المحكمة الدستورية العليا ( نصوص المرتبة الواحدة )
عدم إمتداد إختصاص هذة المحكمة بالفصل فى المسائل الدستورية إلى حالات التعارض بين القوانين واللوائح , أو بين التشريعات ذات المرتبة الواحدة
أ-تنص الفقرة الأولى من الماده 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقه بين المؤجر والمستأجر , على أن "يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها فى قانون العقوبات , المالك الذى يتقاضى بأية صورة من الصور بذاته أو بالوساطة أكثر من مقدم عن ذات الوحده أو يؤجرها لأكثر من مستأجر أو يبيعها لغير من تعاقد معه على شرائها ويبطل كل تصرف بالبيع لاحق لهذا التاريخ ولو كان مسجلا"
2-حرص الدستور على صون الملكية الخاصه وكفل عدم المساس بها إلا على سبيل الإستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردها بإعتبارها مترتبة فى الأصل - على الجهد الخاص الذى بذله الفرد بكده وعرقه , وبوصفها حافزة إلى الإنطلاق والتقدم , إذ يختص دون غيرة بالأموال التى يملكها وتهيئة الإنتفاع المفيد بها لتعود غليه ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها وكانت الاموال التى يرد عليها حق الملكية تعد كذلك من مصادر الثروة القومية التى لايجوز التفريط فيها أو إستخدامها على وجه يعوق التنمية أو يعطل مصالح الجماعة . وكانت الملكية فى إطار النظم الوضعية التى تزاوج بين الفرديه وتدخل الدولة لم تعد حقا مطلقا ولا هى عصيه على التنظيم التشريعى , وإنما يجوز تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعيه , وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية , والاغراض التى ينبغى توجيهها إليها , وبمراعاة الموازنة التى يجريهاالمشرع , ويرجح من خلالها مايراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية على ضوء الدستور , متى كان ذلك تعين أن ينظم القانون أداء خذه الوظيفة مهتديا بوجه خاص بالقيم التى تنحاز إليها الجماعة فى مرحلة معينة من مراحل تطورها ,وبمراعاة أن القيود التى تفرضها الوظيفة الإجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها , لاتعتبر مقصوده لذاتها , بل غايتها خير الفرد والجماعة .
3-4 - كفل الدستور فى مادته 32 حماية الملكية الخاصة التى لاتقوم فى جوهرها على الاستغلال وهو يرد إنحرافها كلما كان إستخدامها متعارضا مع الخير العام للجماعه مؤكدا دعمها بشرط قيامها على الوظيفة الإجتماعية التى يبين المشرع حدودها مراعيا فى ذلك أن تعمل فى خدمة الاقتصاد القومى وفى اطار خطة التنمية , وكان البين من الاحكام التى إختص بها الدستور الملكية الخاصة , أن صونها من العدوان رهن بتوافر الشرائط التى تطلبها فيها ويندرج تحتها نأيها عن الاستغلال والتزامها مصالح الجماعة والعمل على تحقيقها ودون مناهضتها بالإتفاق على خلافها وكان المشرع فى نطاق سلطتة التقديرية فى مجال تنظيم الحقوق قد سن النص المطعون فية مقررا العمل به من تاريخ نشره, ودالآ بمقتضاه على أن الاسبق الى شراء وحده من مالكها - ولو كان ذلك قبل تسجيل عقده وبقاؤها بالتالى من الناحية القانونية على ذمة من إبتاعها منه - هو الاجدر بالحماية ضمانا للثقة المشروعة فى التعامل فإذا باع مالكها الوحدة ذاتها لغير من تعاقد معه على شرائها اولا كان ذلك نوعا من التعامل فيها يقوم على التحايل والانتهاز وهو ما دعى المشرع إلى أن يبطل البيوع اللاحقه للتصرف الأول فيها بإعتباران محلها غدا من الاموال التى لايجوز التعامل فيها _لابناء على طبيعتها ولا لأن بيعها يعتبر منافيا للغرض الذى خصص لها ورصدت عليه - وإنما لأن هذا التعامل يعتبر منهيا عنه بنص فى القانون ,وغير مشروع بالتالى .
5-6 النص المطعون فيه - فيما تضمنه من قاعدة آمرة ناهية - قد تقرر على ضوء أسس موضوعية , بعد أن شاع التعامل فى الوحدة الواحدة أكثر من مرة , إنحرافا عن الحق وتماديا فى الباطل , وإستمراء للزور والبهتان , وجلبا للمال الحرام إيثارا وإثراء ,وضمانا لموارد متجدده إهتبالآ وإنتهابا , وإفتئاتا على الحقوق الثابتة إنكارا وسعيا من مالكه لنقض ماتم من جهته عدوانا , فقد كان أمرا محتوما أن يرده المشرع على أعقابه بإهدار سوء قصده جزاء وفاقا , وأن يقرر بالتالى - وزجرا لتلاعبة - بطلان البيوع اللاحقه جميعها - وقوامها الانتهاز والتحايل على ماسلف البيان - بطلانا مطلقا لضمان إنعدامها , بإعتبار أن العدم لا يصير وجودا ولو أجيز , ولأن بطلان هذه البيوع مؤداه أن لكل ذى مصلحة أن يتمسك ببطلانها , وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها , ولايعدو بطلان العقد أن يكون جزاء على عدم استجماعة لأركانه كاملة مستوفية لشروطها , وهو ما نحاه النص المطعون عليه بناء على إعتبارات موضوعيه , ولحماية مصلحة عامة لايجوز أن تختل , ضمانا لتعامل يتوخى رعاية الحقوق لا إهدارها أو الانتقاص منها , وبثا للثقة المشروعه التى ينبغى أن يكون محاطا بها , ملتزما إطارها , وقمعا لكل صور الانحراف التى تفسد المعاملات وتنال منها , ولو كان محل الإلتزام قد أضحى غير مشروع حكما - لاطبيعة -بناء على نص ناه فى القانون , ولا مخالفة فى ذلك كله للدستور , وذلك أن النص المطعون فيه قد سرى بأثر مباشر إعتبارا من تاريخ العمل به , وتحدد مجال البطلان - وفقا لأحكامة - بالعقود اللاحقه التى تم بها بيع الوحده ذاتها لغير من تعاقد مالكها على شرائها منه أولا , وإرتد هذا البطلان إلى قاعدة آمرة لايجوز التحلل منها , أو إهدارها , بإعتبارها أصون للمصالح الإجتماعية والإقتصادية المرتبطه بها وأدعى إلى تنحية المصلحة الفردية التى تناقضها , وبوصفها واقعة فى المجال الطبيعى للنظام العام , وهو يتحدد دائرة ومفهوما , تخوما ونطاقا على ضوء العوامل الاجتماعية والاقتصادية الغالبه فى بيئة بذاتها خلال زمن معين ,متى كان ذلك . وكان القانون المدنى قد نص فى المادة 135 على أنه إذا كان محل الإلتزام مخالفا للنظام العام , كان العقد باطلا , وكان النص المطعون فيه دامغا لمشروعية المحل فى عقود البيع اللاحقة مقررا بطلانها مجردا إياها من الآثار المترتبة عليها كأعمال قانونيه , فإن تسجيلها يكون معدوم الأثر لوروده على غير محل , ذلك أن العقد الباطل منعدم وجودا من الناحية القانونيه وهو إنعدام لا تتعدد مراتبةأو تتدرج , بل هو درجه واحده لاتفاوت فيها . وبه يعود المتعاقدان إلى الحالة التى كانا عليها عند التعاقد , مالم يكن ذلك مستحيلا , فيجوز عندئذ الحكم بتعويض عادل .
7-ما قررة المدعى من أن النص المطعون عليه مخالف للدستور , تأسيسا على أنه إعتمد العقد الأسبق غير المسجل , الذى لاينشىء إلا مجرد إلتزامات شخصية , منحيا بذلك الأثر المترتب على تسجيل العقد اللاحق , ممثلا فى خروج الوحده المتنازع عليها من ملك المتصرف فيها , سواء كان ذلك بالنسبة إلى المتعاقدين أو فى مواجهة الغير , مردود (أولآ) بأن المفاضلة بين عقدين تغليبا لأحدهما وترجيحا لأحد المركزين القانونيين على الآخر , يفترض أن هذين العقدين مستوفيان لأركانهما ولشروط صحتهما , وهو ما تخلف فى تطبيق أحكام النص التشريعى المطعون عليه , ذلك أن عقد البيع اللاحق- وقد أعتبر باطلا بطلانا مطلقا بناء على نص ناه فى القانون - وقد أضحى منعدما لامجال لإنفاذه , بما مؤداه زوال كافة الآثار التى رتبها , وعودة الاوضاع إلى حالها قبل إبرامة , وكلما كان ذلك ممكنا وذلك خلافا للعقد الاول إذ لا شبهه فى صحته ونفاذه , وترتيبة إلتزاما شخصيا على البائع بالعمل على إتخاذ الإجراءات اللازمه لنقل الملكية المبيع
ومردود (ثانيا)بأن تسجيل عقد ما , لايدل بالضرورة على صحتة ونفاذة وذلك أن العقد المسجل قد يكون صوريا أو باطلا أو مستحيل التنفيذ أو منفسخا
8-لامحل للقول بأن تدخل المحكمة الجنائيه يعتبر لازما لتقرير بطلان عقد البيع اللاحق فى شأن الوحدة ذاتها إعمالا للنص المطعون فية الذى اعتبر مالكها متصرفا فيها بهذا العقد مخاتلة أو تواطؤآ ومرتكبا بالتالى لجريمة تحددت عقوبتها , لامحل لذلك , ذلك أن عقد البيع اللاحق أبرم بالمخالفة لقاعدة آمرة تعد بذاتها مصدرا مباشرا لبطلانه , ومجرد إعمالها يعتبر كافيا لإقاع الجزاء المقترن بها
9-ماجرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا , هو أن إختصاصها بالفصل فى المسائل الدستوريه , مبناه مخالفة نص فى قانون أو لائحه
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق والمداولة .
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الاوراق تتحصل فى أن المدعى عليها الخامسة , كانت قد إشترت من مورثة المدعى عليهم فى الدعوى الماثلة , العقار المبين الحدود والمعالم بالأوراق , بموجب عقد البيع الابتدائى المؤرخ 20|7|1978 كما قام الورثه أنفسهم - بعد وفاة مورثتهم المذكورة وبوصفهم خلفا عاما لها - ببيع العقار ذاته مرة ثانية إلى المدعى فى الدعوى الماثلة بموجب عقد البيع المشهر برقم 620|1988 توثيق شمال القاهرة تاريخ 28|2|1988 مما حمل المشترى الأول على أن يقيم أمام محكمة الزيتون الجزئية الدعوى المقيدة برقم 193لسنة 1989 التى قضى فيها ببطلان عقد البيع المشهر المشار إليه أنفا , ومحو التسجيلات الخاصة به وبصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 20|7|1978 وبرفض طلب فسخه , وإذ طعن على هذا الحكم إستئنافيا أمام محكمة شمال القاهرة وكان الحاضر عن المدعى فى الدعوى الماثلة قد دفع بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 23 من ق 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجيروبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر , وكانت محكمة الموضوع قد قدرت جدية دفعة , فقد أقام الدعوى الراهنه , وحصر فى صحيفتها المسأله الدستورية فى الجملة الاخيرة الوارده فى الفقرة الاولى من المادة 23 المشار غليها ونصها "ويبطل كل تصرف بالبيع لاحق لهذا التاريخ ولو كان مسجلا ".
وحيث إن الفقرة الاولى من المادة 23 من القانون 136|1981 فى شأن بعض أحكام الخاصه بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر , تنص على أن يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها فى ق العقوبات المالك الذى يتقاضى بأية صورة من الصور بذاته أو بالوساطه أكثر من مقدم عن ذات الوحده أو يؤجرها لأكثر من مستأجر أو يبيعها لغير من تعاقد معه على شرائها ويبطل كل تصرف بالبيع لاحق لهذا التاريخ ولو كان مسجلا .
وحيث أن المدعى ينعى على الفقرة المشار إليها , أن ماتضمنته من بطلان البيع اللاحق ولو كان مسجلا , ينطوى على إهدار لأحكام القانون المدنى , وقانون التسجيل خاصة بعد أن صار الشهر العقارى الدعامة الاساسيه التى يقوم عليها الإتمان ,وغهدار إجراءاته التى توخى بها المشرع حماية الملكية الخاصة يعتبر إخلالا بها بالمخالفة للدستور الذى كفل صونها من العدوان بنص المادة 34 منه
وحيث لأن الدستور حرص على صون الملكية الخاصة وكفل عدم المساس بها غلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردها بإعتبارها مترتبة فى الأصل - على الجهد الخاص الذى بذله الفرد بكده وعرقه وبوصفها حافزة على الإنطلاق والتقدم إذ يختص دون غيرة بالأموال التى يملكها وتهيئة الإنتفاع المفيد بها لتعود إليه ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها وكانت الاموال التى يرد عليها حق الملكية تعد كذلك من مصادر الثروة القومية التى لايجوز التفريط فيها أو إستخدامها على وجه يعوق التنمية أو يعطل مصالح الجماعة وكانت الملكية فى إطار النظم الوضعيه التى تزاوج بين الفردية وتدخل الدوله لم تعد حقا مطلقا ولاهى عصيه على التنظيم التشريعى وانما يجوز تحميلها بالقيود التى تقتضيها وظيفتها الاجتماعية وهى وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيهة الاموال محل الملكية والاغراض التى ينبغى توجيهها إليها وبمراعاة الموازنه التى يجريها المشرع ويرجح من خلالها مايراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر بالحماية على ضوء أحكام الدستور , متى كان ذلك تعين أن ينظم القانون أداء هذه الوظيفة مهتديا بوجه خاص بالقيم التى تنحاز إليها الجماعة فى مرحلة معينة من مراحل تطورها ,وبمراعاة أن القيود التى تفرضها الوظيفة الإجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها ,لاتعتبر مقصوده لذاتها , بل غايتها خير الفرد والجماعة .
وحيث أنه متى كان ما تقدم , وكان الدستور قد كفل فى مادتة الثانية والثلاثين حماية الملكية الخاصه التى لاتقوم فى جوهرها على الإستغلال , وهو يرد إنحرافها كلما كان إستخدامها متعارضا مع الخير العام للجماعة , مؤكدا دعمها بشرط قيامها على الوظيفة الاجتماعية التى يبين المشرع حدودها , مراعيا فى ذلك أن تعمل فى خدمة الإقتصاد القومى وفى إطار خطة التنمية , وكان البين من الاحكام الت إختص بها الدستور الملكية الخاصه أن صونها من العدوان رهن بتوافر الشرائط التى تطلبها فيها ويندرج تحتها نأيها عن الإستغلال, وإلتزامها مصالح الجماعة والعمل على تحقيقها ودون مناهضتها بالإتفاق على خلافها وكان المشرع فى نطاق سلطته التقديريه فى مجال تنظيم الحقوق , قد سن النص المطعون فيه مقررا العمل به من تاريخ نشره ودالا بمقتضاه على أن الأسبق فى شراء وحده من مالكها ولو كان ذلك قبل تسجيل عقده وبقاؤها بالتالى من الناحية القانونيه عاى ذمة من إبتاعها منه - هو الأجدر بالحماية ضمانا للثقة المشروعهفى التعامل ,فإذا باع مالكها الوحده ذاتها لغير من تعاقد معه على شرائها أولا , كان ذلك نوع من التعامل فيها يقوم على التحايل والإنتهاز وهو مادعا المشرع إلى أن يبطل البيوع اللاحقه لتصرفه الأول فيها بإعتبارأن محلها قد غدا من الأموال التى لا يجوز التعامل فيها - لابناء على طبيعتها , ولا لأن بيعها يعتبر منافيا للغرض الذى خصص لها ورصدت عليه - وإنما لأن هذا التعامل يعتبر منهيا عنه بنص فى القانون وغير مشروع بالتالى .
وحيث إن النص المطعون فيه - فيما تضمنه من قاعده آمرة ناهية - قد تقرر على ضوء أسس موضوعية بعد أن شاع التعامل فى الوحده الواحده أكثر من مرة إنحرافا عن الحق وتماديا فى الباطل وإستمراء للزور والبهتان , وجلبا للمال الحرام إيثارا وإثراءا وضمانا لموارد متجدده إهتبالا وإنتهابا , وإفتئاتا على الحقوق الثابته إنكارا وسعيا من مالكها لنقض ماتم من جهته عدوانا فقد كان أمرا محتوما أن يردة المشرع على أعقابة بإهدار سوء قصده جزاء وفاقا وأن يقرر بالتالى - وزجرا لتلاعبة - بطلان البيوع اللاحقه جميعها - وقوامها الإنتهاز والتحايل على ما سلف البيان - بطلانا مطلقا لضمان إنعدامها , بإعتبار أن العدم لايصير وجودا ولو أجيز ولأن البطلان هذه البيوع مؤداه أن لكل ذى مصلحة أن يتمسك ببطلانها وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها , ولا يعدو بطلان العقد أن يكون جزاء على عدم إستجماعة لأركانه كاملة مستوفية لشروطها , وهو مانحاه النص المطعون عليه بناء على إعتبارات موضوعيه ولحماية مصلحة عامه لايجوز أن تختل ضمانا لتعامل يتوخى رعاية الحقوق لا إهدارها أو الإنتقاص منها , وبثا للثقة المشروعه التى ينبغى أن يكون محاطا بها ملتزما إطارهاوقمعا لكل صور الانحراف التى تفسد المعاملات وتنال منها ولو كان محل الالتزام قد أضحى غير مشروع حكما لاطبيعه - بناء على نص ناه فى القانون ولا مخالفة فى ذلك كله للدستور , ذلك أن النص المطعون فيه قد سرى بأثر مباشر إعتبارا من تاريخ العمل به , وتحدد مجال البطلان وفقا لأحكامه - بالعقود اللاحقه التى تم بها بيع الوحده ذاتها لغير من تعاقد مالكها على شرائها منه أولا , وإرتد هذا البطلان إلى قاعدة آمرة لايجوز التحلل منها بإعتبارها أصون للمصالح الإجتماعيه والإقتصادية المرتبطه بها وأدعى إلى تنحية المصلحة الفردية التى تناقضها وبوصفها واقعة فى المجال الطبيعى للنظام العام وهو يتحدد دائرة ومفهوما , تخوما ونطاقا , على ضوء العوامل الإجتماعية والإقتصادية الغالبة فى بيئه بذاتها خلال زمن معين _ متى كان ذلك وكان القانون المدنى قد نص فى م 135 على أنه إذا كان محل افلتزام مخالفا للنظام العام , كان العقد باطلا وكان النص المطعون فيه دامغا لمشروعية المحل فى عقود البيع اللاحقه , مقررا بطلانها مجردا إياها من الأثار المترتبة عليها كأعمال قانونيه , فإن تسجيلها يكون معدوم الأثر لوروده على غير محل ,ذلك أن العقد الباطل منعدم وجودا من الناحية القانونية وهو إنعدام لا تتعدد مراتبة أو يتدرج , بل هو درجه واحده لاتفاوت فيها , وبه يعود المتعاقدان إلى الحالة التى كانا عليها عند التعاقد مالم يكن ذلك مستحيلا , فيجوز عندئذ الحكم بتعويض عادل .
وحيث أن المدعى قرر - فى تدليله على مخالفة النص المطعون عليه للدستور - أن الفرض فى العقد الأسبق أنه غير مسجل بما مؤداه بقاء الوحده محل النزاع بيد مالكها وجواز تصرفه فيها , وذلك خلافا للعقد اللاحق إذهو مسجل , وأن من المقرر أن الأسبق إلى تسجيل العقد. هو الأحق والأجدر بنقل الملكية إليه - ذلك أن التسجيل - وقد ورد فى شأن أحد العقود المنشئه لحق من الحقوق العينية الاصلية - يفيد لزوما جواز الإحتجاج بأثرة الناقل للملكية , سواء بين عاقديه أو فى مواجهة الغير
وكان ماقررة المدعى على النحو المتقدم مردودا اولآ : بأن المفاضلة بين عقدين تغليبا لأحدهما وترجيحا لأحد المركزين القانونيين على الآخر يفترض أن هذين العقدين مستوفيلن لأركانهما ولشروط صحتهما وهو ماتخلف فى تطبيق أحكام النص التشريعى المطعون علية وذلك أن عقد البيع اللاحق - وقد أعتبر باطلا بطلانا مطلقا بناء على نص ناه فى القانون - وقد أضحى منعدما لا مجال لإنفاذه بما مؤداه زوال كافة الاثار التى رتبها , وعودة الاوضاع إلى حالها قبل إبرامه كلما كان ذلك ممكنا وذلك خلافا للعقد الاول إذ لاشبهه فى صحته ونفاذه وترتيبه إلتزاما شخصيا على البائع بالعمل على إتخاذ الإجراءات اللازمه لنقل ملكية المبيع .
ومردود ثانيا بأن تسجيل عقدا ما , لايدل بالضرورة على صحته ونفاذه ذلك أن العقد المسجل قد يكون صوريا أو باطلا أو مستحيل التنفيذ أو منفسخا
وحيث أنه لامحل كذلك للقول بأن تدخل المحكمة الجنائية يعتبر لازما لتقرير بطلان عقد البيع اللاحق فى شأن الوحده ذاتها إعمالا لنص المطعون فيه الذى إعتبر مالكها متصرفا فيها بهذا العقد مخاتلة أو تواطوءأ ومرتكبا بالتالى لجريمة محددة عقوبتها , لامحل لذلك , ذلك أن البيع اللاحق أبرم بالمخالفة لقاعدة آمرة تعد بذاتها مصدرا مباشرا لبطلانه , ومجرد إعمالها يعتبر كافيا لإيقاع الجزاء المقترن بها .
وحيث إن ماينعاه المدعى من تعارض بين النص المطعون فيه , وبين كل من القانون المدنى وقانون تنظيم الشهر العقارى ,
مردود - وبفرض صحة هذا الإدعاء - بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن إختصاصها بالفصل فى المسائل الدستوريه مبناه مخالفة نص فى قانون أو لائحه لقاعده فى الدستور , فلا يمتد لحالات التعارض بين القوانين واللوائح أو بين التشريعات ذات المرتبه الواحده .
وحيث أنه لما كان ما تقدم , فإن قالة مخالفة النص المطعون فيه للحماية التى كفلها الدستور لحق الملكية , تكون مفتقرة إلى دعامتها مجردة منها , حريه بالإعراض عنها , متى كان ذلك , وكان النص المطعون فيه لايتعارض مع أى حكم أخر فى الدستور من أوجه أخرى
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمه برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل اتعاب المحاماة .
|