اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
hmohandes
التاريخ
2/9/2010 11:58:34 PM
  حكم المحكمة الدستورية بشأن النقاب      


قضية رقم‎ 8 ‎لسنة‎ 17 ‎قضائية المحكمة الدستورية‎ ‎العليا‎ "‎دستورية‎"‎


نص‎ ‎الحكم‎
‎------------------‎
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
‏ ‏
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 18 مايو 1996 الموافق 30 ذو الحجة 1416 ه• ‏
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة ‏
وعضوية السادة المستشارين: محمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم ‏غنيم وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين• ‏
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين ‏
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر أمين السر
‏ ‏
أصدرت الحكم الأتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 17 قضائية "دستورية". المحالة ‏من محكمة القضاء الإدارى بالحكم الصادرعنها فى الدعوى رقم 21 لسنة 49 قضائية
‏ ‏
المقامة من
السيد / محمود سامى محمد على واصل ‏
‏ بصفته وليا طبيعيا على ابنتيه مريم وهاجر ‏
‏ ‏
ضد
‏1- السيد/ وزير التعليم ‏
‏2- السيد/ مدير مديرية التعليم بالإسكندرية ‏
‏3- السيد ة/ مديرة مدرسة إيزيس الثانوية بنات بالسيوف
‏ ‏
الإجراءات ‏
ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 21 لسنة 49 قضائية، بعد أن قضت محكمة ‏القضاء الإدارى بالإسكندرية، بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى ‏دستورية قرار وزير التعليم رقم 113 لسنة 1994 المفسر بالقرار رقم 208 لسنة 1994• ‏
‏ وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى • ‏
‏ وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها • ‏
‏ ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها ‏بجلسة اليوم •‏
‏ ‏
المحكمة ‏
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة • ‏
‏ حيث إن الوقائع -حسبما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن ‏السيد/ محمود سامى على واصل كان قد أقام أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية -وبصفته ‏وليا طبيعيا على إبنتيه مريم وهاجر - الدعوى رقم 21 لسنة 49 قضائية ضد وزير التعليم، طالبا ‏فيها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى الصادر بالامتناع عن قبول ابنتيه هاتين بإحدى ‏المدارس الثانوية • وقال شرحا لدعواه، إنه كان قد توجه بهما إلى مدرسة إيزيس الثانوية للبنات ‏بالسيوف، إلا أنه فوجئ بطردهما منها تأسيسا على صدور قرار من وزير التعليم يمنع الطالبة ‏المنتقبة من دخولها بالمخالفة لحكم المادتين 2، 41 من الدستور التى تنص أولاهما: على أن ‏الإسلام دين الدولة ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى لكل تشريعاتها، وتكفل ثانيتهما: ‏صون الحرية الشخصية وتحول دون المساس بها• وقد قضت محكمة القضاء الإدارى -وأثناء ‏نظرها الشق العاجل من الدعوى- أولا: بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ‏فيما تضمنه من منع ابنتى المدعى من دخول مدرستهما منتقبتين، وألزمت الإدارة المصروفات ‏وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان• ثانيا: إحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية ‏العليا للفصل فى مدى دستورية قرار وزير التعليم رقم 113 لسنة 1994 والمفسر بالقرار رقم 208 ‏لسنة 1994 • وأقامت محكمة القضاء الإدارى قضاءها على أن القرار المطعون فيه، قد صدر ‏استنادا إلى قرار وزير التعليم رقم 113 لسنة 1994 الصادر فى 17/8/1994 متضمنا تحديد هيئة ‏الزى المدرسي من حيث لونه وشكله ومكوناته، ومفسرا بمقتضى قراره رقم 208 لسنة 1994، ‏وإن الفصل فيما إذا كان هذان القراران -وقد انطويا على قواعد عامه مجردة- يخلان بحرية ‏العقيدة التى كفل الدستور أصلها بنص المادة 46، مما يدخل فى ولاية المحكمة الدستورية العليا ‏دون غيرها، لتكون كلمتها فى شأن اتفاقهما أو تعارضهما مع الدستور، قولا فصلاً، مما يقتضى ‏إحالة الأوراق إليها- وعملا بالبند أ من المادة 29 من قانونها - وذلك للفصل فى دستورية هذين ‏القرارين • وحيث إن البين من قرار وزير التعليم رقم 113 لسنة 1994 المشار إليه، أنه ‏نص فى مادته الأولى على أن يلتزم تلاميذ وتلميذات المدارس الرسمية والخاصة، بارتداء زى ‏موحد وفقا للمواصفات الأتية : أولا : الحلقة الابتدائية "بنين وبنات"•مريلة تيل لجميع التلاميذ ‏باللون الذى تختاره المديرية التعليمية - يمكن ارتداء بنطلون فى فصل الشتاء يكون موحدا ‏ومناسبا طبقا لما تحدده المديرية التعليمية • ويجوز استبدال المريلة بقميص وجونلة بطول مناسب ‏بالنسبة للبنات،وقميص وبنطلون بالنسبة للبنين مع ارتداء بلوفر أو جاكت فى فصل الشتاء وفق ما ‏تقرره المديرية التعليمية • - حذاء مدرسى وجورب مناسب بلون الزى المختار• ثانيا : الحلقة ‏الإعدادية : 1 - التلاميذ : بنطلون طويل - قميص بلون مناسب - فى فصل الشتاء يمكن ‏ارتداء بلوفر أو جاكت وفق ماتقرره المديرية التعليمية • 2 - التلميذات : بلوزة بيضاء - ‏مريلة من قماش تيل ( دريل ) بحمالات باللون الذى تختاره المديرية التعليمية - فى فصل الشتاء ‏يمكن أن يكون قماش المريلة صوفا، ويمكن كذلك أن ترتدى التلميذة بلوفر أو جاكت بلون المريلة • ‏ويجوز استبدال المريلة بقميص طويل بطول مناسب - حذاء مدرسى وجورب بلون مناسب للزى ‏المختار • يمكن بناء على طلب مكتوب من ولى الأمر أن ترتدى التلميذة غطاء للشعر لا يحجب ‏الوجه باللون الذى تختاره المديرية التعليمية • ثالثا : المرحلة الثانوية وما ‏فى مستواها : 1 - التلاميذ : بنطلون طويل - قيمص بلون مناسب - فى فصل الشتاء ‏يمكن ارتداء بلوفر أو جاكت وفق ماتقرره المديرية التعليمية • 2 - التلميذات : بلوزة ‏بيضاء - جونلة تيل بطول مناسب بلون تحدده المديرية التعليمية - فى فصل الشتاء يمكن أن ‏تكون المريلة صوفا، كما يمكن أن ترتدى التلميذه بلوفرا أو جاكيتا بلون المريلة - يمكن بناء ‏على طلب مكتوب من ولى الأمر، أن ترتدى التلميذة غطاء للشعر لايحجب الوجه باللون الذى ‏تختاره المديرية التعليمية - حذاء مدرسى وجورب بلون مناسب للزى المختار • ‏
وتكفل المادتان الثانية والثالثة من هذا القرار، إعلان الزى المدرسى المقرر على تلاميذ كل ‏مدرسة وتلميذاتها فى مكان ظاهر قبل بدء العام الدراسى بشهرين على الأقل، ولايجوز لمن يخالف ‏حكم المادة الأولى من هذا القرار من تلاميذها أو تلميذاتها دخول مدرستهم أو الانتظام فيها ‏وبمراعاة أن يكون زيهم مناسبا فى كل الأحوال سواء فى مظهره أو أسلوب ارتدائه • ‏
‏ وحيث إن وزير التعليم أصدر بعد القرار الأول - وإزاء ما التبس بمعناه من غموض - ‏قرارا ثانيا مفسرا للقرار السابق ومحددا فحواه ، ومن ثم نص القرار اللاحق - وهو القرار رقم ‏‏208 لسنة 1994- على أن يقصد بالعبارات التالية - فى تطبيق أحكام القرار رقم 113 لسنة ‏‏1994 - المعانى المبينة قرين كل منها • أولا : بالنسبة إلى تلميذات المرحلتين الإعدادية ‏والثانوية : 1 - بناء على طلب مكتوب من ولى الأمر : أن يكون ولى الأمر على علم ‏باختيار التلميذه لارتداء غطاء الشعر، وإن اختيارها لذلك وليد رغبتها دون ضغط أو إجبار من ‏شخص أو جهة غير ولى الأمر، وعلى ذلك لاتمنع التلميذة من دخول مدرستها إذا كانت ترتدى ‏غطاء للشعر، وإنما يحل لها الدخول، على أن يتم التحقق من علم ولى الأمر • 2 - غطاء ‏الشعر : الغطاء الذى تختاره التلميذة برغبتها بما لايحجب وجهها • ولايعتد بأية نماذج أو رسوم ‏توضيحية تعبر عن غطاء الشعر بما يناقض ذلك • ثانيا : بالنسبة للتلميذات فى جميع مراحل ‏التعليم الثلاث : أن يكون الزى مناسبا فى مظهره وأسلوب ارتدائه : المحافظة فى الزى بما يرعى ‏الاحتشام، وبما يتفق مع تعاليم وأخلاق مجتمعهن •وكل زى يخرج على هذا الاحتشام، يكون مخالفا ‏للزى المدرسى ، ولايسمح للتلميذه التى ترتديه بدخول مدرستها • ‏
‏ وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا مطرد على أن مانص عليه الدستور فى مادته ‏الثانية - بعد تعديلها فى سنة 1980 - من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى ‏للتشريع، إنما يتمحض عن قيد يجب على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تتحراه وتنزل ‏عليه فى تشريعاتها الصادرة بعد هذا التعديل - ومن بينها أحكام القرار رقم 113 لسنة 1994، ‏المفسر بالقرار رقم 208 لسنة 1994 المطعون عليهما – فلا يجوز لنص تشريعى، أن يناقض ‏الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يكون ‏الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادؤها الكلية، وأصولها الثابتة التى ‏لاتحتمل تأويلاً أو تبديلاً • ‏
‏ ومن غير المتصور بالتالى أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هى عصية ‏على التعديل، ولايجوز الخروج عليها، أوالالتواء بها عن معناها • وتنصب ولاية المحكمة ‏الدستورية العليا فى شأنها، على مراقبة التقيد بها، وتغليبها على كل قاعدة قانونية تعارضها • ذلك ‏أن المادة الثانية من الدستور، تقدم على هذه القواعد، أحكام الشريعة الإسلامية فى أصولها ‏ومبادئها الكلية، إذ هى إطارها العام، وركائزها الأصيلة التى تفرض متطلباتها دوماً بما يحول دون ‏إقرار أية قاعدة قانونية على خلافها؛ وإلا اعتبر ذلك تشهيا وإنكاراً لما علم من الدين بالضرورة • ‏ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معا، ذلك أن دائرة الاجتهاد ‏تنحصر فيها، ولاتمتد لسواها، وهى بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، لضمان مرونتها ‏وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيما لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة ‏شرعاً، ولايعطل بالتالى حركتهم فى الحياة، على أن يكون الاجتهاد دوماً واقعا فى إطار الأصول ‏الكلية للشريعة بما لايجاوزها؛ ملتزما ضوابطها الثابتة، متحريا مناهج الاستدلال على الأحكام ‏العملية، والقواعد الضابطة لفروعها، كافلا صون المقاصد العامة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ ‏على الدين والنفس والعقل والعرض والمال • ‏
‏ وحيث إن إعمال حكم العقل فيما لا نص فيه، تطويرا لقواعد عملية تكون فى مضمونها ‏أرفق بالعباد وأحفل بشئونهم، وأكفل لمصالحهم الحقيقية التى تشرع الأحكام لتحقيقها، وبما ‏يلائمها، مرده أن شريعة الله جوهرها الحق والعدل، والتقيد بها خير من فساد عريض، وانغلاقها ‏على نفسها ليس مقبولا ولامطلوبا، ذلك أنها لاتمنح أقوال أحد من الفقهاء فى شأن من شئونها، ‏قدسية تحول دون مراجعتها وإعادة النظر فيها، بل وإبدالها بغيرها • فالآراء الاجتهادية فى المسائل ‏المختلف عليها ليس لها فى ذاتها قوة متعدية لغير القائلين بها، ولايجوز بالتالى اعتبارها شرعا ‏ثابتا متقرراً لايجوز أن ينقض، وإلا كان ذلك نهيا عن التأمل والتبصر فى دين الله تعالى، وإنكارا ‏لحقيقة أن الخطأ محتمل فى كل اجتهاد• بل إن من الصحابة من تردد فى الفتيا تهيبا • ومن ثم ‏صح القول بأن اجتهاد أحد من الفقهاء ليس أحق بالاتباع من اجتهاد غيره، وربما كان أضعف ‏الآراء سندا، أكثرها ملاءمة للأوضاع المتغيرة، ولو كان مخالفا لآراء استقر عليها العمل زمنا • ‏وتلك هى الشريعة الإسلامية فى أصولها ومنابتها، متطورة بالضرورة، نابذة الجمود، لايتقيد ‏الاجتهاد فيها - وفيما لا نص عليه - بغير ضوابطها الكلية، وبما لايعطل مقاصدها التى ينافيها أن ‏يتقيد ولى الأمر فى شأن الأحكام الفرعية والعملية المستجيبة بطبيعتها للتطور، لآراء بذاتها لايريم ‏عنها، أو أن يقعد باجتهاده عند لحظة زمنية معينة تكون المصالح المعتبرة شرعا قد جاوزتها • ‏
وحيث إن من المقرر -على ضوء ماتقدم- أن لولى الأمر أن يُشَرع بما يرد الأمر المتنازع ‏عليه إلى الله ورسوله، مستلهما فى ذلك أن المصالح المعتبرة، هى تلك التى تكون مناسبة لمقاصد ‏الشريعة، متلاقية معها، وهى بعد مصالح لاتتناهى جزئياتها، أو تنحصر تطبيقاتها، ولكنها تتحدد ‏‏- مضمونا ونطاقا - على ضوء أوضاعها المتغيرة • يؤيد ذلك أن الصحابة والتابعين، والأئمة ‏المجتهدين، كثيراً ماقرروا أحكاما متوخين بها مطلق مصالح العباد، طلبا لنفعهم أو دفعا لضرر ‏عنهم أو رفعا لحرجهم، باعتبار أن مصالحهم هذه، تتطور على ضوء أوضاع مجتمعاتهم، وليس ‏ثمة دليل شرعى على اعتبارها أو إلغائها • وحيث إن الأصل فى سلطة المشرع فى مجال ‏تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية مالم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها، وتكون ‏تخوما لها لايجوز اقتحام آفاقها أو تخطيها سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها، ذلك أن إهدار ‏الحقوق التى كفلها الدستور أو تهميشها، عدوان على مجالاتها الحيوية التى لاتتنفس إلا من خلالها ‏‏• ولايجوز بالتالى أن يكون تنظيم هذه الحقوق، مناقضا لفحواها، بل يتعين أن يكون منصفا ‏ومبرراً• ‏
‏ وحيث إن البين من المطاعن التى نسبتها محكمة الموضوع إلى القرار المطعون ‏فيه، وكذلك تلك التى طرحها الطاعن عليها باعتباره والد الطالبتين اللتين طردتا من مدرستهما ‏لتنقبهما، أنها لاتتعلق بأزياء البنين من طلبة المراحل الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية وما فى ‏مستواها من ناحية هيئتها ومكوناتها، ولكنها تتناول أصلا ماتقرر لطالباتها من أزياء سواء فى ‏مظهرها أو مواصفاتها أو أسلوبهن فى ارتدائها، وكذلك ملامح وخصائص خُمِْرهن، لتنحصر ‏المناعى الدستورية فى هذا النطاق لاتتعداه • وحيث إن القرار المطعون فيه، قد قرر لكل ‏فتاة تلتحق بإحدى المراحل التعليمية التى نص عليها، هيئة محددة لزيها تكفل فى أوصافها الكلية، ‏مناسبتها لها، ولايكون موضعها من بدنها كاشفا عما ينبغى ستره منها، بل يكون أسلوبها فى ‏ارتدائها كافلا احتشامها، ملتزما تقاليد وأخلاق مجتمعها • ‏
‏ وحيث إن الشريعة الإسلامية - فى تهذيبها للنفس البشرية وتقويمها للشخصية ‏الفردية - لاتقرر إلا جوهر الأحكام التى تكفل بها للعقيدة إطارا يحميها، ولأفعال المكلفين مايكون ‏ملتئما مع مصالحهم المعتبرة، فلا يبغونها عوجا، ولايحيدون أبدا عن الطريق إلى ربهم ‏تعالى، بل يكون سلوكهم أطهر لقلوبهم، وأدعى لتقواهم • وفى هذا الإطار، أعلى الإسلام قدر ‏المرأة، وحضها على صون عفافها، وأمرها بستر بدنها عن المهانة والابتذال، لتسمو المرأة ‏بنفسها عن كل مايشينها أو ينال من حيائها، وعلى الأخص من خلال تبرجها، أو لينها فى القول، ‏أو تكسر مشيتها؛ أو من خلال إظهارها محاسنها إغواءً لغيرها، أو بإبدائها مايكون خافيا من ‏زينتها • وليس لها شرعا أن تطلق إرادتها فى اختيارها لزيها، ولا أن تقيم اختيارها هذا بهواها، ‏ولا أن تدعى تعلق زيها بدخائلها، بل يتعين أن يستقيم كيانها، وأن يكون لباسها عونا لها على ‏القيام بمسئوليتها فى مجال عمارة الأرض، وبمراعاة أن هيئة ثيابها ورسمها، لاتضبطهما نصوص ‏مقطوع بها سواء فى ثبوتها أو دلالتها، لتكون من المسائل الاختلافية التى لا ينغلق الاجتهاد فيها، ‏بل يظل مفتوحا فى إطار ضابط عام حددته النصوص القرآنية ذاتها إذ يقول تعالى "وليضرين ‏بخمرهن على جيوبهن" "ولايبدين زينتهن إلا ماظهر منها" "يدنين عليهن من جلابيبهن" ‏‏"ولايضربن بأرجلهن ليعلم مايخفين من زينتهن" ليخرج لباس المرأة بذلك عن أن يكون من الأمور ‏التعبدية التى لاتبديل فيها، بل يكون لولى الأمر السلطة الكاملة التى يشرع بها الأحكام العملية فى ‏نطاقها، تحديدا لهيئة ردائها أو ثيابها على ضوء مايكون سائدا فى مجتمعها بين الناس مما يعتبر ‏صحيحا من عاداتهم وأعرافهم التى لايصادم مفهومها نصا قطعيا، بل يكون مضمونها متغيرا بتغير ‏الزمان والمكان، وإن كان ضابطها أن تحقق الستربمفهومه الشرعى، ليكون لباس المرأة تعبيراً ‏عن عقيدتها • ‏
‏ وحيث إن تنازع الفقهاء فيما بينهم فى مجال تأويل النصوص القرآنية، وما نقل عن ‏الرسول من أحاديثه صحيحها وضعيفها، وإن آل إلى تباين الآراء فى شأن لباس المرأة، وماينبغى ‏ستره من بدنها، إلا أن الشريعة الإسلامية -فى جوهر أحكامها وبمراعاة مقاصدها- تتوخى من ‏ضبطها لثيابها، أن تعلى قدرها، ولاتجعل للحيوانية مدخلا إليها، ليكون سلوكها رفيعا لا ابتذال فيه ‏ولا اختيال، وبما لا يوقعها في الحرج إذا اعتبر بدنها كله عورة مع حاجتها إلى تلقى العلوم على ‏اختلافها، وإلى الخروج لمباشرة ما يلزمها من الأعمال التىتختلط فيها بالآخرين، وليس متصورا ‏بالتالى أن تموج الحياة بكل مظاهرها من حولها، وأن يطلب منهاعلى وجه الإقتضاء، أن تكون ‏شبحا مكسوا بالسواد أو بغيره، بل يتعين أن يكون لباسها شرعا قرين تقواها، وبما لايعطل ‏حركتها فى الحياة، فلا يكون محدداً لجمال صورتها، ولا حائلا دون يقظتها، ومباشرتها لصور ‏النشاط التى تفرضها حاجتها ويقتضيها خير مجتمعها، بل موازنا بين الأمرين، ومُحَدَّدا على ضوء ‏الضرورة، وبمراعاة ما يعتبر عادة وعرفا صحيحين • ولايجوز بالتالى أن يكون لباسها ، ‏مجاوزا حد الاعتدال، ولا احتجابا لكل بدنها ليضيق عليها اعتسافا، ولا إسدالا لخمارها من وراء ‏ظهرها، بل اتصالا بصدرها ونحرها فلا ينكشفان، مصداقا لقوله تعالى "وليضربن بخمرهن على ‏جيوبهن" واقترانا بقوله جل شأنه بأن "يدنين عليهن من جلابيبهن" فلا يبدو من ظاهر زينتها إلا ‏مالايعد عورة، وهما وجهها وكفاها، بل وقدماها عند بعض الفقهاء "ابتلاء بإبدائهما" على حد قول ‏الحنفية،ودون أن يضربن بأرجلهن "ليعلم مايخفين من زينتهن" • وقد دعا الله تعالى الناس ‏جميعا أن يأخذوا زينتهم ولايسرفوا، وهو مايعنى أن التزامها حد الاعتدال، يقتضى ألا تصفها ثيابها ‏ولاتشى بما تحتها من ملامح أنوثتها، فلا يكون تنقبها مطلوبا منها شرعا طلبا جازما، ولا سترها ‏لزينتها شكلا مجردا من المضمون، بل يتعين أن يكون مظهرها منبئا عن عفافها، ميسرا لإسهامها ‏المشروع فيما يعينها على شئون حياتها، ويكون نائيا بها عن الابتذال، فلا يقتحمها رجال ‏استمالتهم إليها بمظاهر جسدها، مما يقودها إلى الإثم انحرافا، وينال من قدرها ومكانتها • ‏
‏ وحيث إنه متى كان ماتقدم، وكان تحريم أمر أو شأن من الشئون، لايتعلق بما هو ‏محتمل، بل بما يكون معلوما بنص قطعى، وإلا ظل محمولا على أصل الحل؛ وكان لادليل من ‏النصوص القرآنية، ولا من سنتنا الحميدة على أن لباس المرأة يتعين شرعا أن يكون احتجابا ‏كاملا، متخذا نقابا محيطا بها منسدلا عليها لاُيظِْهر منها إلا عينيها ومحجريهما، فإن إلزامها إخفاء ‏وجهها وكفيها، وقدميها عند البعض، لايكون تأويلا مقبولا، ولامعلوما من الدين بالضرورة، ذلك ‏أن معنى العورة المتفق عليها لايتصل بهذه الأجزاء من بدنها، بل إن كشفها لوجهها أعون على ‏اتصالها بأخلاط من الناس يعرفونها، ويفرضون نوعا من الرقابة على سلوكها، وهو كذلك أكفل ‏لحيائها وغضها من بصرها وأصون لنفسيتها، وأدعى لرفع الحرج عنها • وما ارتآه البعض ‏من أن كل شئ من المرأة عورة حتى ظفرها، مردود بأن مالكا وأبا حنيفة وأحمد بن حنبل فى ‏رواية عنه، والمشهور عند الشافعية، لايرون ذلك • والرسول عليه السلام يصرح بأن بلوغ المرأة ‏المحيض، يقتضيها أن يكون ثوبها ساترا لبدنها عدا وجهها وكفيها • ‏
‏ وحيث إن استقراء الأحكام التى جرى بها القرار المطعون فيه، يدل على أن لكل طالبة أن ‏تتخذ خماراً تختاره برغبتها، ولايكون ساترا لوجهها، على أن يشهد ولى أمرها بأن اتخاذها ‏الخمار غطاء لرأسها، ليس ناجما عن تدخل آخرين فى شئونها بل وليد إراداتها الحرة، وهى ‏شهادة يمكن أن يقدمها بعد انتظامها فى دراستها • كذلك دل هذا القرار، على أن زيها ‏ينبغى أن يكون مناسبا مظهرا وطرازا - لا بمقاييسها الشخصية - ولكن بما يرعى احتشامها، ‏ويكون موافقا لتقاليد وأخلاق مجتمعها• ولايجوز أن يكون أسلوبها - فى مجال ارتدائها لزيها - ‏دالا على فحشها • ولايناقض القرار المطعون فيه - فى كل ماتقدم - نص المادة الثانية من ‏الدستور، ذلك أن لولى الأمر - فى المسائل الخلافية - حق الاجتهاد بما ييسر على الناس شئونهم، ‏ويعكس مايكون صحيحاً من عاداتهم وأعرافهم، وبما لايعطل المقاصد الكلية لشريعتهم التى ‏لاينافيها أن ينظم ولى الأمر - فى دائرة بذاتها - لباس الفتاة، فلا يكون كاشفاً عن عورتها أو ‏ساقيها، ولا واشياً ببدنها، أو منبئاً عما لايجوز إظهاره من ملامحها، أو نافياً لحيائها، وهو ‏ماتوخاه هذا القرار، حين ألزم كل تلميذة تلتحق بإحدى المراحل التعليمية التى نص عليها، بأن ‏يكون زيها مناسباً حائلاً دون تبذلها، ناهياً عن عريها أو إظهار مفاتنها، بل إن أسلوبها فى ارتداء ‏زيها يتعين فوق هذا، أن يكون ملائماً لقيمها الدينية التى تندمج بالضرورة فى أخلاق مجتمعها ‏وتقاليده •كذلك فإن خمارها وفقاً لهذا القرار، ليس إلا غطاء لرأسها لايحجب وجهها وكفيها، وإن ‏كان مترامياً إلى صدرها ونحرها، فلا يكفى أن تلقيه من وراء ظهرها • ‏
‏ وحيث إن النعى على القرار المطعون فيه، مخالفته لحرية العقيدة التى نص عليها ‏الدستور فى المادة 46، مردود بأن هذه الحرية - فى أصلها - تعنى ألايحمل الشخص على القبول ‏بعقيدة لايؤمن بها، أو التنصل من عقيدة دخل فيها أو الإعلان عنها، أو ممالأة إحداها تحاملاً على ‏غيرها سواء بإنكارها أو التهوين منها أو ازدرائها، بل تتسامح الأديان فيما بينها، ويكون احترامها ‏متبادلاً • ولايجوز كذلك فى المفهوم الحق لحرية العقيدة، أن يكون صونها لمن ‏يمارسونها إضراراً بغيرها، ولا أن تيسر الدولة -سرا أو علانية- الانضمام إلى عقيدة ترعاها، ‏إرهاقا لآخرين من الدخول فى سواها، ولا أن يكون تدخلها بالجزاء عقابا لمن يلوذون بعقيدة ‏لاتصطفيها• وليس لها بوجه خاص إذكاء صراع بين الأديان تمييزاً لبعضها على البعض • كذلك ‏فإن حرية العقيدة لايجوز فصلها عن حرية ممارسة شعائرها، وهو ماحمل الدستور على أن يضم ‏هاتين الحريتين فى جملة واحدة جرت بها مادته السادسة والأربعون بما نصت عليه من أن حرية ‏العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية، مكفولتان• وهو ما يعنى تكاملهما، وأنهما قسيمان ‏لاينفصلان، وأن ثانيتهما تمثل مظاهر أولاهما باعتبارها انتقالاً بالعقيدة من مجرد الإيمان بها ‏واختلاجها فى الوجدان، إلى التعبير عن محتواها عملاً ليكون تطبيقها حياً، فلا تكمن فى الصدور، ‏ومن ثم ساغ القول بأن أولاهما لاقيد عليها، وأن ثانيتهما يجوز تقييدها من خلال تنظيمها، توكيدا ‏لبعض المصالح العليا التى ترتبط بها، وبوجه خاص مايتصل منها بصون النظام العام والقيم ‏الادبية، وحماية حقوق الآخرين وحرياتهم • ‏
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه لاينال من حرية العقيدة، ولايقوض ‏أسسها أو يعطل شعائر ممارستها و لايناهض جوهر الدين فى الأصول الكلية التى يقوم عليها، بل ‏يعتبر اجتهادا مقبولا شرعا لايتوخى غير تنظيم رداء للفتاة - فى دائرة المعاهد التعليمية عبر ‏المراحل الدراسية التى حددها - بما لاينتقص من حيائها أو يمس عفافها، أو يشى بعوراتها، فإن ‏هذا القرار يدخل فى دائرة تنظيم المباح، ولايعد افتتائا على حرية العقيدة• ‏
‏ وحيث إن ماينعاه المدعى من إخلال القرار المطعون فيه بالحرية الشخصية بمقولة أن ‏قوامها الاستقلال الذاتى لكل فرد بالمسائل التى تكون أكثر إتصالاً بمصيره وتأثيراً فى أوضاع الحياه ‏التى إختار أنماطها، لتكتمل لشخصيته ملامحها، مردود بأنه حتى وإن جاز القول بأن مظهر ‏الشخص من خلال الأزياء التى يرتديها، يبلور إرادة الإختيار التى تمثل نطاقاً للحرية الفردية يرعى ‏مقوماتها ويكفل جوهر خصائصها، إلا أن إرادة الإختيار هذه، ينبغى قصر مجال عملها على مايكون ‏لصيقاً بالشخصية، مرتبطاً بذاتية الانسان فى دائرة تبرز معها ملامح حياته وقراراته الشخصية فى ‏أدق توجهاتها، وأنبل مقاصدها، كالحق فى اختيار الزوج وتكوين الأسرة، وأن يتخذ الشخص ولداً، ‏ولايجوز بالتالى بسطها إلى تنظيم محدد، ينحصر فى دائرة بذاتها، يكون الصالح العام ماثلاً فيها، ‏ضبطا لشئون هؤلاء الذين يقعون فى محيطها، ويندرج تحتهم طلبة المراحل الابتدائية والاعدادية ‏والثانوية وطالباتها، وهو مايعنى أن الحرية الشخصية لاينافيها أن يفرض المشرع "فى دائرة ‏بذاتها" قيودا على الأزياء التى يرتديها بعض الأشخاص "فى موقعهم من هذه الدائرة" لتكون لها ‏ذاتيتها، فلا تختلط أرديتهم بغيرها، بل ينسلخون فى مظهرهم عمن سواهم، ليكون زيهم موحدا، ‏متجانسا ولائقا، دالا عليهم ومُعَرفا بهم، وميسرا صوراً من التعامل معهم، فلاتكون دائرتهم هذه ‏نهبا لآخرين يقتحمونها غيلة وعداونا، ليلتبس الأمر فى شأن من ينتمون إليها حقا وصدقا • ‏
‏ وحيث إن التعليم وإن كان حقا مكفولاً من الدولة، إلا أن التعليم كله -وعلى ماتنص عليه ‏المادة 18 من الدستور- خاضع لإشرافها، وعليها بالتالى أن ترعى العملية التعليمية بكل مقوماتها، ‏وبما يكفل الربط بين التعليم ومتطلبات مجتمعها، وأن يكون تنظيمها لشئون طلبة بعض المعاهد ‏وطالباتها مبررا من خلال علاقة منطقية بين مضمون هذا التنظيم، والأغراض التى توخاها وارتبط ‏بها، وهو ماتحقق فى واقعة النزاع الراهن على ضوء الشروط التى حددها القرار المطعون فيه ‏لأزياء المراحل التعليمية الثلاث التى نص عليها، ذلك أن هذا القرار لم يطلق أزياء طلبتها وطالباتها ‏من القيود، بل جعل رداءهم محتشماً موحداً وملائماً، فلا يندمجون فى غيرهم، أويختلطون بمن ‏سواهم ، بل يكون زيهم فى معاهد هذه المراحل، معرفا بهم دالاً عليهم، كافلا صحتهم النفسية ‏والعقلية، وبما لايخل بقيمهم الدينية، فلا يتفرقون بدداً • ‏
وحيث إن القرار المطعون فيه لايناقض أحكام الدستور من أوجه أخرى •‏
‏ ‏
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوىِ
صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره، أما المستشار عبد الرحمن نصير الذى سمع المرافعة ‏وحضر المداولة ووقع مسودة الحكم، فقد جلس بدله عند تلاوته السيد المستشار محمد عبد القادر ‏عبد الله •‏


  طه محمود عبد الجليل    عدد المشاركات   >>  339              التاريخ   >>  12/2/2010



وحتى تكتمل الفائدة
إليك أستاذى الفاضل حكم المحكمة الادارية العليا (دائرة توحيد المبادئ) وهو صادر بعد حكم الدستورية ومن محكمة عليا على رأس النظام القضائى الادارى ولا تقل فى الدرجة عن المحكمة الدستورية العليا بل إن أحكامها تعتبر فى قوة القانون بالنسبة للمحاكم الدنيا وهو ما يميزها عن أحكام محكمة النقض التى هى على قمة النظام القضائى العادى مع ملاحظة أن بعض دوائر محاكم القضاء الادارى التى حكمت حديثاً برفض طلب وقف تنفيذ بعض رؤساء الجامعات دخول الطالبات المنتقبات الجامعة لم تخالف هذا الحكم بل اعتبرت فى حيثياتها أن منع الطالبة المنتقبة من دخول الامتحانات له ضرورته التى تقتضيها طبيعة الامتحانات وهو ليس كالمنع المطلق أو الحظر العام الذى لا يجوز ولا يقاس على منعها من دخول الجامعات ومع ذلك فقد صدر مؤخراً حكم من المحكمة الادارية العليا التزمت فيه بما أقرته دائرة توحيد المبادى خطأت فيه هذه الأحكام وأوقفت تنفيذ حتى قرارات منع دخول المنتقبات الجامعات ما دامت قبلت التحقق من شخصيتها برفع نقابها عند الدخول

وإليك نص الحكم

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب

مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
دائرة توحيد المبادئ
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 9/6/2007 م .
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / السيد السيد نوفل
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضــــوية الســادة الأســــاتذة المستشــــارين / محمد أحمـــد عطية إبراهيم وإسماعيل صديق محمد راشد وكمال زكى عبد الرحمن اللمعى والسيد محمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين وعبد البارى محمد شكرى وعصام الدين عبد العزيز جاد الحق وسامى أحمد محمد الصباغ وحسين على شحاتة السماك وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم .
نواب رئيس مجلس الدولة
بحضور السيد الأستاذ المستشار / عبد القادر قنديل
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سـكرتير المحكــمة
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعنرقم 3219 لسنة 48 القضائية عليا
المقـــام من :
رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة " بصفته"
ضــــــــد :
1-
إيمان طه محمد الزينى
2-وزير التعليم العالى بصفته
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ( الدائرة الثانية )
فى الدعوى رقم 10566 لسنة 55 ق بجلسة 2/12/2001
"
الإجــــــــراءات "
********
فى يوم الثلاثاء الموافق 29 من شهر يناير سنة 2002 أودع الأستاذ عبد القادر السيد المحامى نائبا عن الدكتور أحمد حسن البرعى المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3219 لسنة 48 ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة ( الدائرة الثانية ) فى الدعوى رقم 10566 لسنة 55 ق بجلسة 2/12/2001 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات .

وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه , وبعدم اختصاص محكمة القضاء الإدارى ولائياً بالدعوى , واحتياطيا : بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه , وبإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين .
وقد تم إعلان الطعن قانوناً .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً وحددت لنظر الطعن جلسة 1/12/2003 أمام الدائرة الأولى عليا ( فحص الطعون) وبجلسة 3/5/2004 قررت إحالته إلى دائرة الموضوع التى نظرته بجلسة 12/6/2004 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 28/1/2006 إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالمادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشـــأن مجلس الدولة لنظره بجلسة 11/2/2006 .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه :
1-
أن حقيقة طلبات المدعية فى الدعوى المطعون فى حكمها بالطعن الماثل وفقا للتكييف القانونى السليم هى إلغاء قرار وزارة التعليم العالى ( بما لها من سلطة الإشراف على أوجه نشاط الجامعة الأمريكية المختلفة ) السلبى بالامتناع عن إلغاء قرار مجلس عمداء الجامعة الأمريكية بالقاهرة فيما تضمنه من أن النقاب غير مسموح ارتداؤه داخل الفصول والمكتبات بالجامعة الأمريكية .
2-
النقاب غير محظور شرعا وإنما هو زى مباح للمرأة ارتداؤه وفقا لما تراه تجسيدا لحريتها الشخصية والعقيدية ولا يجوز لأية سلطة أن تمس هذه الحرية وتلك العقيدة وقد تم نظر الطعن بجلسـة 11/2/2006 وبالجلســـــات التالية على النحو الثـــابت بالمحاضر
وبجلسة 9/12/2006 تقرر إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 10/2/2007 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمــــــــــــــة
**********
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيث إن وقائع المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق – فى أن المطعون ضدها إيمان طه محمد الزينى أقامت الدعوى رقم 10566 لسنة 55 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 8/8/2001 طلبت فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بمنعها من الدخول لمكتبة الجامعة الأمريكية والجامعة المدعى عليها مرتدية النقاب , وذكرت شرحا لدعواها أنها مشتركة بمكتبة الجامعة الأمريكية منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما حصلت خلالها على درجة الماجستير والدكتوراه لأنها من بين الفئات المسجلة بإحدى الجامعات المصرية للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه حيث إنها تعمل مدرسا مساعداً بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر وتقوم بعمل أبحاث للحصول على درجة الدكتوراه فى اللغة الإنجليزية وقد فوجئت فى الفترة الأخيرة بمنعها من دخول الجامعة المدعى عليها وعلى وجه التحديد مكتبة الجامعة بحجة صدور قرار بمنع المنقبات من التواجد داخل الجامعة أو أى مكان متعلق بالجامعة .
ونعت على القرار مخالفته القانون والدستور وبجلسة 2/12/2001 صدر حكم محكمة القضاء الإدارى المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات , وأقامت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة للاختصاص فإن الجامعات الخاصة إنما تقوم على مرفق قومى هو مرفق التعليم الذى يتأبى على أن تخرج المنازعات التى تثور بشأنه أو بمناسبة سيره وأدائه لوظيفته بحســــبانه مرفقا عاما من اختصاص قاضى المشروعية وهو قــول واحد ( مجلس الدولة) بهيئة قضاء إدارى وبالنسبة لطلب وقف التنفيذ وفى مقام ركن الجدية قام الحكم على أن إسدال المرأة النقاب أو الخمار على وجهها إن لم يكن واجبا شرعيا فى رأى فإنه فى رأى آخر ليس بمحظور شرعا ولا يجرمه القانون كما لا ينكره العرف ويظل النقاب طليقا فى غمار الحرية الشخصية ومحررا فى كنف الحرية العقيدية ومن ثم لا يجوز حظره بصفة مطلقة أو منعه بصورة كلية على المرأة ولو فى جهة معينة أو مكان محدد مما يحق لها ارتياده لما يمثله هذا الحظر المطلق أو المنـــع الكلى من مساس
بالحرية الشخصية فى ارتداء الملابس ومن تقييد للحرية العقيدية ولو إقبالا على مذهب ذى عزيمة أو إعراضا عن آخر ذى رخصة دون تنافر مع قانون أو اصطدام بعرف بل تعريفا وافيا لصاحبته ومظهراً مغريا بالحشمة ورمزاً داعيا للخلق القويم عامة فلا جناح على امرأة أخذت نفسها بمذهب شدد بالنقاب ولم ترتكن إلى آخر خفف بالحجاب أيا كان الرأى فى حق المشرع الوضعى للدستور فى الانتصار لمذهب شرعى على آخر فى مسألة أدخل فى العبادات أسوة بحقه هذا فى نطاق المعاملات رفعا للخلاف فيها وتوحيدا للتطبيق بشأنها فهذا الحق لا يثبت لغير السلطة التشريعية ولو كان من القائمين على المسئولية فى غيرها مثل مجلس الجامعة أو رئيسها أو عمداء الكليات فلا يجوز لأيهم فرض ذلك الحظر المطلق والمنع التام للنقاب فى الجامعة أو الكلية .

وأضافت المحكمة أنه لما كان البادى من ظاهر الأوراق أن المدعية مقيدة بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر فرع البنات بالقاهرة للحصول على درجة الدكتوراه ومشتركة فى مكتبة الجامعة الأمريكية وتقوم بسداد الاشتراكات اللازمة ومن ضمن الفئات التى سمحت لهم الجامعة المذكورة بالتردد عليها للاطلاع والاستفادة فى البحث إلا أنها فوجئت بأن الجامعة تحول بينها وبين التردد عليها وحرمانها من الدخول والاستفادة من مكتبتها على سند أنها ترتدى النقاب عملا بقرار مجلس عمداء الكليات المقدم ضمن حافظة مستندات الجامعة بجلسة 28/10/2001 ومن ثم فإن حرمان المدعية من دخول الحرم الجامعى والتردد على المكتبة استنادا إلى هذا القرار يكون مخالفا للدستور والقانون ويضحى بحسب الظاهر من الأوراق معيبا مما يرجح إلغاؤه ويتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه فضلا عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى حرمان المدعية من مواصلة البحث للحصول على درجة الدكتوراه والتأثير على مستقبلها العلمى بدون سند مشروع ومن ثم يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إن الجامعة الأمريكية بالقاهرة لم ترتض الحكم المذكور . فأقامت الطعن رقم 3219 / 48 ق.ع أمام الدائرة الأولى عليا تأسيسا على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون فيما يتعلق بالاختصاص بالطعون ضد قرارات الجامعة الأمريكية باعتبارها شخصاً قـانونيا خاصا ولا تقاس فى هذا الشأن على الجامعات الخاصة المصرية , كما شاب الحكم فساد فى الاستدلال لأن المدعية ليست من طالبات الجامعة الأمريكية وقد سمح لها بالتردد على مكتبة الجامعة وفقا لنظام خاص وعلى سبيل الاستثناء , كما خالف الحكم الطعين قضاء المحكمة الدستورية العليا فى حكمها فى الطعن رقم 8 لسنة 17 ق دستورية بجلسة 18/5/1996 وخالف أيضا أحكام المحكمة الإدارية العليا المتعددة وأخيراً فإن الحكم الطعين قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله فيما قضى به من مســـاس القرار المطعـــــون فيه بحرية العقيـــــدة والحرية الشخصية فإلزام
الطالبات بإظهار وجوههن بهدف المحافظة على الأمن لا يمس حرية العقيدة ولا بالحرية الشخصية وطلبت الجامعة الطاعنة فى ختام تقرير الطعن بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص القضاء الإدارى ولائيا بالدعوى , واحتياطيا بإلغاء الحكم المطعون فيه , وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه , وبإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين .
ومن حيث إنه قد تبين للمحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) أنه سبق للمحكمة الإدارية العليا أن قضت بجلسة 1/7/1989 فى الطعنين رقمى 1316 , 1905 لسنة 34 ق.ع بعدم جواز حظر ارتداء النقاب لما يمثله الحظر من مساس بالحرية الشخصية , واستمر قضاء هذه المحكمة بتطبيق هذا المبدأ فى أحكامها الصادرة بجلسة 15/6/1994 فى الطعون أرقام 4234 , 4235 , 4236 , 4237 , 4238 لسنة 40 ق.ع , وبجلسة 11/4/1999 فى الطعن رقم 4142 لسنة 42 ق , وبجلسة 18/7/1999 فى الطعن رقم 2106 لسنة 42 ق.

وبجلسة 5/12/1999 عدلت المحكمة عن تطبيق هذا المبدأ وقضت بأنه لا تثريب على رئيس جامعة المنصورة وهو القائم على شئونها أن يضع من الضوابط التى تلتزم بها الكلية بـأن يكون دخول الطلبة والطالبات بالزى المعتاد المألوف , وانتهت المحكمة إلى إلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر بوقف تنفيذ قرار منع دخول الجامعة لمن ترتدى النقاب , وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه
وإزاء الخلاف السابق فى الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا فى شأن مدى أحقية المرأة المسلمة فى ارتداء النقاب حين تعاملها مع بعض الجهات فى ظل أحكام الشريعة الإسلامية والمبادئ الدستورية والقانـــونية المقررة وذلك على النحو السالف بيانه , فقد قررت الدائرة الأولى إحالة الطعن المقــــام أمامها إلى هذه الهيئة إعمالا لحكم المادة 54 مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972
ومن حيث إنه عما دفعت به الجامعة الطاعنة بعدم اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعة الماثلة تأسيسا على أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة تعد شخصا قانونيا خاصا وليست سلطة إدارية وأن المنازعات التى تثور بينها وبين غيرها من الأشخاص القانونية الخاصة لا ينطبق عليها وصف المنــازعات الإدارية وتخرج عن اختصاص مجلس الدولة .
وبالرجوع إلى الاتفاقية الموقعة بين الجمهورية العربية المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية بتـــاريخ 21/5/1962 والتى نفــــذت فى ذات التاريخ وأنشــئت بموجبها الجــــامعة الأمريكية بالقــــاهرة يبين أنها نصت فى المـادة الأولى من هذه الاتفـــاقية بند (د) على أن " إنشاء مراكز ومؤسسات ثقافية ببلد الطرف الآخر بشروط يتفق عليها فى كل حالة وفقا للقوانين والنظم المتبعة بالبلد الذى قد تنشأ به تلك المؤسسات " .
ونصت المادة السابعة من ذات الاتفاقية على أنه , لن تؤثر هذه الاتفاقية على تغيير القوانين المنفذة بأي بلد وبالإضافة إلى ذلك يتم التعهد بالوفاء بمسئوليات كل حكومة المحددة بهذه الاتفاقية بما يتفق مع دستور كل منها والقوانين و التعليمات ومتطلبات سياستها المحلية " .
ثم صدر قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 146 لسنة 1976 (بعد موافقة مجلس الشعب ) بالبروتوكول الخاص بوضع وتنظيم الجامعة الأمريكية بالقاهرة بتاريخ 13/11/1975 واعتبرت الحكومة الأمريكية هذه الجامعة معهداً ثقافياً يدخل فى نطاق المادة الأولى فقره (د) من الاتفاق الثقافى المشار إليه .
ونصت المادة الأولى من هذا البروتوكول على أن " تهدف الجامعة الأمريكية باعتبارها معهداً ثقافياً إلى ما يلى :
 
أ ) تشجيع وزيادة التعاون الثقافى والعلمي بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية فى ميدان التعليم العالى والبحث العلمي والفنى و الأدبي وبمراعاة أن لا يتعارض مع القوانين المعمول بها فى مصر ..."
(
ب......................"
وتنص المادة الثالثة من البروتوكول على أن " تسير سياسة الجامعة فى تعيين أعضاء هيئة التدريس على النحو التالي : (أ) ............... (ب .......................
(
ج) تعرض أسماء غير المصريين من المرشحين لشغل الوظائف الإدارية الرئيسية أو وظائف هيئة التدريس أو المطلوب تجديد مدة استخدامهم على السلطة المصرية المختصة (وزارة التعليم العالى) .

وتنص المادة الرابعة على أن " للحكومة المصرية الحق فى تعيين مستشار مصري بموافقة مجلس الأمناء يشارك فى إدارة الجامعة الأمريكية والإشراف على أوجه نشاطها المختلفة ويعمل بصفة أساسية كحلقة اتصال بين السلطات المصرية المختصة وبين إدارة الجامعة ...."
وتنص المادة الثانية على أن " تعتبر الدرجات العلمية ..... وفى حالة قيام الجامعة الأمريكية بمنح درجات أخرى تشكل لجنة مشتركة بوزارة التعليم بناء على طلب الجامعة الأمريكية للنظر فى الاعتراف بهذه الدرجات والشهادات العلمية ." وتنص المـادة التاسعة على أنه " إذا رغبت الجامعة الأمريكية فى إنشاء درجات أو معاهد جديدة غير القائمة فعلاً فلا بد من الحصول على موافقة وزارة التعليم العالى بعد استشارة لجنة مشتركة من وزارة التعليم العالى والجامعة الأمريكية " .
ومن حيث إن الاتفاقية والبروتوكول بما تضمناه من نصوص تؤكد إشراف جمهورية مصر العربية بواسطة وزارة التعليم العالى على سائر أنشطة الجامعة الأمريكية بالقاهرة و احترام الأخيرة والتزامها بكافة نصوص الدستور المصرى والقوانين المطبقة فى مصر والتعليمات ومتطلبات السياسة المحلية على حد عبارة المادة السابقة من الاتفاقية .
ومن حيث إن طلبات المطعون ضدها فى الدعوى المبتدأه تتمثل – وفقاً للتكييف القانوني الصحيح – فى إلغــــاء قرار الجهــة الإداريـة المختصة فى مصـــر ( وزارة التعليم العالى ) السلبي بالامتناع عن إلغاء قرار مجلس عمداء الجامعة الأمريكية بالقاهرة والذى نص على أنه " لأسباب أمنية قرر العمداء أن النقاب غير مسموح ارتدائه داخل الفصول و المعامل ومكتبات الجامعة الأمريكية بالقاهرة والذى تأكد بقرار الجامعة الصادر من مقرر سياسة الجامعة فى 23/1/2001 بأن " تنص سياسة الجامعة الأمريكية بالقاهرة على منع ارتداء النقاب فى أي مكان داخل الجامعة وهما من القرارات الإدارية التى يختص بنظرها مجلس الدولة ويتعين بالتالى رفض الدفع المبدى من الجامعة الأمريكية فى هذا الخصوص .
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن النزاع الماثل ينحصر فى مدى أحقية الجامعة الأمريكية بالقاهرة وغيرها من الجهات فى جمهورية مصر العربية فى منع دخول المرأة المسلمة مرتدية النقاب إلى هذه الجهات وذلك فى ضوء أحكام النصوص الدستورية والمبادئ القانونية المقررة ومن ثم مدى مشروعية قراري الجامعة الأمريكية سالفى البيان بالحظر المطلق على المطعون ضدها ارتداء النقاب فى أي مكان داخل الجامعة المذكورة .
ومن حيث إن المستفاد من الشريعة الإسلامية التى هى المصدر الرئيسي للتشريع حسب نص المادة الثانية من الدستور أن زي المرأة المسلمة يجب ألا يكون وصافاً يفصل أجزاء الجسم ولا شفافاً أو لافتاً للنظر ، وأن يكون ساتراً للجسم كله ما عدا الوجه والكفين آخذاً بقول الله تعالى فى سورة الأحزاب " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلــبِيبِهِنَّ...." ( الآية 59) أما نقاب المرأة التي تغطي به وجهها وقفازها التى تغطى به كفيها فجمهـــور الفقهاء على أن ذلك ليس واجباً وأنه يجـــوز لها أن تكشـــف وجهها وكفيها آخــذاً من قـــــوله تعـالى " وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاْ مَا ظَهَرَ مِنْهَا.... (سورة النور الآية 31 ) حيث فسر جمهور الفقهاء من السلف والمعاصرين ما يظهر من الزينة بالوجه والكفين لأن الغالب هو ظهورهما عادة وعبادة وذلك فى الصلاة والحج فلزم أن يكون الاستثناء راجعاً إليهما . ولو كانت المرأة مفروضاً عليها شرعاً إخفاء وجهها بنقاب وكفيها بقفاز ما كان هناك حاجة لأن يأمر الله تعالى المؤمنين بأن يغضوا من أبصـــارهم فى قـــوله تعالى " قلْ لِلْمُـــؤْمِنِينَ يَغُضُّــوا مِنْ أَبْصَــارِهِمْ " ( ســـورة النور الآية 30) إذ ليس ثمة ما يبصر حتى يغض عنه .
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وإذ لم يقم دليل صريح من القرآن والسنة بوجوب إخفاء الوجه والكفين ومن ثم فإن ارتداء النقاب ليس محظوراً ولا منهياً عنه فهو من المباحات ولا يجوز إخراجه من أصل الإباحة إلى الحظر المطلق والمنع التام وعليه فإن ستر الوجه والكفين للمرأة المسلمة ليس فرضاً وإنما يدخل فى دائرة المباح فإن سترت وجهها وكفيها فهو جائز وإن كشفتهما لاختلاف الأحوال واحتياجها للخروج لبعض شئونها أو للعمل خارج بيتها والتعامل مع جميع الجهات فقد أتت بما رخص لها به فى حدود الحاجة و الضرورة وبرأت ذمتها .
ومن حيث إن المــــادة (2) من دستــور جمهــورية مصر العربية تنص على أن " الإسلام دين الدولة الرسمى ، واللغة العربية لغتها الرسمية ، والشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسي للتشريع " كما تنص المادة (18) على أن " التعليم حق تكفله الدولة وهو إلزامي فى المرحلة الابتدائية وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مرحلة أخرى وتشرف على التعليم " .
وتنص المادة (40) من الدستور على أن " المواطنين لدى القانون سواء ، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أوالدين أو العقيدة " وتنص المادة (41) من الدستور على أن : " الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس ...." كما تنص المادة (46) على أن " تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية " وتنص المادة (57) أيضاً على أن " كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرية الحياة الخاصة بالمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التى كفلها الدستور والقانون جريمة ..."
ومن حيث
إنه يبين من ذلك أن المشرع الدستورى أضفى سياجاً من الحماية على الحرية الشخصية وعلى الحقوق و الحريات العامة ، ولما كان ارتداء النقاب بالنسبة للمرأة المسلمة هو أحد مظاهر هذه الحرية فإنه لا يجوز لجهة الإدارة أو أى جهة أخرى حظر ارتدائه حظراً مطلقاً . فكما يترك للمرأة عموماً الحرية فى أن ترتدى ما تشاء من الثياب غير مقيــدة فى ذلك بضــوابط الاحتشــام نزولاً على الحرية الشخصية ، فإنه يحق كذلك للمرأة المسلمة أن ترتدي الزى الذى ترى فيه المحافظة على احتشامها ووقارها ، وألا تكون ثمة تفرقة غير مبررة بين الطائفتين لا سند لها من القانون أو الدستور .

ومن حيث إنه متى كان ستر الوجه والكفين للمرأة المسلمة ليس فرضاً وإنما
يدخل فى دائرة المباح شرعاً ، والمكفول بالحماية دستورياً , وأنه – بالتالى – لا يجوز حظر ارتداء النقاب حظراً مطلقاً ، لتعارض ذلك مع الحرية الشخصية التى كفلها الدستور ، فإنه يجوز متى اقتضت الضرورة والصالح العام التحقق من شخصية المرأة نزولاً على مقتضيات الأمن العام أو لتلقى العلم والخدمات المختلفة ، أو لادائهما ، أو لغير ذلك من الاعتبارات التى تتطلبها الحياة اليومية المعاصرة والتى تستوجب التحقق من شخصية المرأة متى طلب منها ذلك من الجهات المختصة وذلك لإحدى بنات جنسها أو لمختص معين من الرجال ، وبالقدر اللازم لتحقيق ما تقدم تحت رقابة القضاء .
ومن حيث إنه من ناحية أخرى – إذا كان ارتداء النقاب بالنسبة للمرأة المسلمة هو إحدى مظاهر الحرية الشخصية فإن هذه الحرية لا ينافيها أن تلتزم المرأة المسلمة وفى دائرة بذاتها بالقيود التى تضعها الجهة الإدارية أو المرفق على الأزياء التى يرتديها بعض الأشـــخاص فى موقعهم من هذه الدائرة لتكون لها ذاتيتها فلا تختلط أرديتهم بغيرها ، بل ينسلخون فى مظهرهم عمن سواهم ليكون زيهم موحداً متجانساً ولائقاً بهم دالاً عليهم ومعرفاً بهم وميسراً صور التعامل معهم ، فلا تكون دائرتهم هذه نهباً لآخرين يقتحمونها غيلة وعدواناً ، ليلتبس الأمر فى شأن من ينتمون إليها حقاً وصدقاً ، كما هو الشأن بالنسبة للقوات المسلحة والشرطة والمستشفيات وغيرها ، وترتيباً على ذلك فإن المرأة المسلمة التي ارتضت النقاب لباساً لها أخذاً بحريتها الشخصية أن تلتزم بما تفرضه تلك الجهات من أزياء على المنتمين لها فى نطاق الدائرة التى تحددها إن هى رغبت فى الاندراج ضمن أفراد تلك الدائرة .
ومن حيث إن اختصاص دائرة توحيد المبادئ محدد بنص المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 والمضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 والتى تنص على أنه " إذا تبين لإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا عند نظر أحد الطعون أنه صدرت منها أو من إحدى دوائر المحكمة أحكام سابقة تخالف بعضها البعض أو رأت العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من المحكمة الإدارية العليا تعين عليها إحالة الطعن إلى هيئة تشكلها الجمعية العمومية لتلك المحكمة فى كل عام قضائي من أحد عشر مستشاراً برئاسة رئيس المحكمة أو الأقدم فالأقدم من نوابه .... " .



ومن حيث إن هذا النص يجيز لهذه الدائرة – أخذاً بحكم سابق لها فى الطعن رقم 3564 لسنة 32 ق.ع جلسة 3/6/1990 – أن تقتصر فى حكمها الذى تصدره بعد اتصالها بالطعـن عـلى البت فى المسألة القانونية التى كانت محلاً لتناقض الأحكام أو إقرار مبدأ قانونى على خلاف أحكام سابقة ثم تحيل بعد ذلك إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا المختصة لتفصل فى موضوعه وفقاً للمبدأ الذى أرسته بحكمها وذلك على النحو الذى اضطرد عليه قضاء هذه الدائرة فإن هذا النص أيضاً لا يحول بين هذه الهيئة والفصل فى الطعن الذى اتصلت به بقرار الإحالة بحكم منه للنزاع دون الوقوف عند القضاء بالمبدأ القانوني الذى يطبق على هذا النزاع ما دام أن الطعن قد استقامت عناصره وكان صالحاً للفصل فيه .
ومن حيث إن حقيقة طلبات المطعون ضدها ( المدعية فى الدعوى المطعون فى حكمها ) وفقاً للتكييف القانوني السليم الذى تسبغه المحكمة على هذه الطلبات هى إلغاء قرار وزير التعليم العالي – بما لـه من سلطة الإشراف على أوجه نشاط الجامعة الأمريكية – السلبي بالامتناع عن إلغاء قرار مجلس عمداء الجامعة الأمريكية بالقــاهرة والذى نص على أنه " لأسباب أمنية قرر العمداء أن النقاب غير مسموح ارتداؤه داخل الفصول والمعامل ومكتبات الجامعة الأمريكية بالقاهرة " وهو ما يقتضي بحث تلك الأسباب الأمنية التى استند إليها قرار مجلس عمداء الجامعة الأمريكية وما إذا كانت صحيحة فى الواقع والقانون من عدمه بإنزال المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة بشأن ارتداء النقاب على تلك الأسباب وذلك توصلاً للحكم على مدى صحة أو عدم صحة القرار السلبي لوزير التعليم العالي بالامتناع عن إلغاء قرار مجلس عمداء الجامعة الأمريكية المشار إليه .
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن القرار الإدارى يجب أن يقوم على سبب يبرره حقاً وصدقاً أى فى الواقع والقانون باعتباره ركنًا من أركان وجوده ونفاذه وباعتبار أن القرار تصرفاً قانونياً ، ولا يقوم أي تصرف قانوني بغير سببه وإذا ما ذكرت الإدارة لقرارها سبباً فإنه يكون خاضعاً لرقابة القضاء الإدارى للتحقق من مدى مطابقته للقانون أو عدم مطابقته ، وأثر ذلك فى النتيجة التى انتهى إليها القرار .
وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الرقابة على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تسلطها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة ، فتلغيها وتوقف تنفيذها لو تبين صدورها مخالفة لأحكام القانون بصفة عامة ، أو انحرافها عن الغاية التى حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وهى تحقيق الصــــالح العام إلى اســـتهداف غير ذلك من الأغراض غير المشـــروعية ، والعبرة فى تقدير مدى مشروعية السبب الذى بنى عليه القرار يكون بمراعاة السبب الحقيقي الذى صدر استناداً إليه القرار المطعون فيه .
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعات الطعن الماثل فإن البين من الأوراق أن المطعون ضدها ( المدعية فى الدعوى المطعون فى حكمها ) مشتركة بمكتبة الجامعة الأمريكية منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً وقت إقامة دعواها سنة 2001 حيث تعمل مدرساً مساعداً بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر ، وكانت تتردد على مكتبة الجامعة الأمريكية للتحضير لرسالة الماجستير التى حصلت عليها بالفعل ، ثم ظلت تتردد عليها استعداداً للحصول على درجة الدكتوراه إلى أن قرر مجلس عمداء الكليات بالجامعة الأمريكية أنه " لأسباب أمنية قرر السادة عمداء الكليات منع ارتداء النقاب داخل فصول أو معامل أو مكتبات الجامعة الأمريكية بالقاهرة . وبناء عليه ولأسباب أمنية يمنع ارتداء النقاب داخل حرم الجامعة الأمريكية بالقاهرة فوراً وتنفيذاً لذلك القرار منعت المطعون ضدها من دخول حرم الجامعة ومكتبتها بسبب ارتدائها النقاب ، ولم تقدم الجامعة الطاعنة أي دليل على وجـــود سبب أمني يدعو إلى منع المطعون ضدها من ارتداء النقاب ، كما أجدبت أوراق الطعن الماثل تماماً من وجود أي مظهر من مظاهر الإخلال بالأمن داخل الجامعة من المطعون ضدها ، وهو ما يعني أن منع ارتداء النقاب داخل الجامعة لم يكن لأسباب أمنية ، كما زعم قرار مجلس عمداء الكليات بالجامعة ، وإنما السبب الحقيقي هو منع ارتداء النقاب فى حد ذاته .
وقد تأكد ذلك بما لا يدع مجالاً لأي شك من المنشور الذى قامت الجامعة الأمريكية بتوزيعه والموجه إلى جميع أعضاء مجتمع الجامعة الأمريكية بالقاهرة من مقرر سياسة الجامعة عن موضوع سياسة ارتداء النقاب ، والمؤرخ فى 23 من يناير 2001 والذى طويت عليه حافظة مستندات الجامعة ذاتها مستند رقم (12) حيث نص بالحرف على ما يلي " تنص سياسة الجامعة الأمريكية بالقاهرة على منع ارتداء النقاب داخل حرم الجامعة " .
ومن حيث إن متى كان ذلك ، وقد ثبت للمحكمة على وجه القطع واليقين أن السبب الحقيقي لمنع دخول المطعون ضدها حرم الجامعة الأمريكية بالقاهرة ومكتبتها هو كونها ترتدي النقاب وليس لأي سبب أمني ، وكان الحظر المطلق لارتداء النقاب أمراً غير جائز لتنافيه مع الحرية الشخصية التى كفلها الدستور ، ولكونه يدخل فى دائرة المباح شرعاً على النحو السالف بيانه ، فإن القرار المطعون فيه – بالتكييف القانوني السليم الذى أسبغته المحكمة على طلبــات المطعون ضدها فى دعواها المطعون على حكمها . يكون غير قــــائم على سبب صحيح فى الواقع والقـــــانون مما يتوافر معه ركن الجدية ويجعله مرجح الإلغاء عند الفصل فى موضوعه فضلاً عن توافر ركن الاستعجال المتمثل فى حرمان المطعون ضدها من مواصلة دراستها والبحث العلمي مما يؤثر على مستقبلها العلمي وهى نتائج يتعذر تداركها .
ومن ثم وإذ قضى الحكم المطعون فيه لذلك بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يكون متفقاً وصحيح أحكام القانون . ولا ينال من ذلك ما تتذرع به الجامعة الطاعنة من أن نظام المكتبة نظام استثنائي تقوم به الجامعة على سبيل التسامح ويمكنها إلغاؤه فى حالة الدخول بالنقاب ، فهذا القول مردود بأن الجامعة وفقاً للاتفاقية والبروتوكول السالف الإشارة إليهما تلتزم بتقديم هذه الخدمة تحت إشراف وزارة التعليم العالي بجمهورية مصر العربية لجميع من توافرت فيهم شروط الانتفاع بها ولا يجوز لها أن تمنع من الاستفادة من هذه الخدمة امرأة ارتضت بالنقاب وتسمح بها لأخرى تجردت من كثير من زيها ، وإلا كان فى ذلك إخـــلال بالمساواة إذا كانت كلتاهما ممن يحق لها استخدام المكتبة ، وهى مساواة كفلها الدستور ونص عليها بصراحة ووضوح ويكون المنع موجباً لتدخل الوزارة المشار إليها لتصويب ذلك على نحو ما سلف بيانه .
ومن حيث إنه على ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لقيامه على ركنيه الجدية والاستعجال مع ما يترتب على ذلك من آثار فإنه يكون متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس من القانون جديرًا بالرفض ، مع الإشارة إلى أن أخص الآثار المترتبة على وقف تنفيذ القرار هى عدم جواز الحظر المطلق لارتداء النقاب مع جواز قيام الجامعة الطاعنة بإلـزام كل مـن تـرتـدي النقـاب بالكشـف عـن وجهها لإحدى بنات جنسها أو لمختـص تعـينه الجـامعة من الرجـال متى طلـب منهـا ذلك لاعـتـبـارات أمـنية أو تعليمية أو خدمية أو لغير ذلك من الاعتبارات التى تقتضي التحقق من شخصية من ترتدي النقاب وبالقدر اللازم لتحقيق ذلك تحت رقابة القضاء .
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
"
فلهــــــذه الأســــــباب"
حكمت المحكمة :-
برفض الدفع بعدم اختصاص مجلس الدولة بنظر المنازعة الماثلة ، وباختصاصه وبقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجامعة الطاعنة المصروفات .
سكرتير المحكمة                      رئيس المحكمة

 

 

 


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1132 / عدد الاعضاء 62