أن يؤيد قاضي توريث القضاء في مصر المحروسة، فهذا ليس خبراً من تأليفي ، ولا هو جزء من المؤامرة العالمية الصهيونية الإمبريالية العلمانية الماسونية للإساءة إلى مصر ورموزها وقضائها. انه ببساطة محزنة ومرعبة خبر منشور على الصفحة الخامسة بجريدة المصري اليوم العدد 2027 ، بتاريخ 31/12/2009 ضمن حديث منسوب للقاضي اسماعيل البسيوني رئيس نادي قضاة الأسكندرية. جاء به بحصر اللفظ { وقال البسيونى إنه مع التوريث فى الوظائف القضائية فى مصر لكن بنسب محددة حتى نفتح الباب للشباب المتفوقين من خريجى كليات الحقوق والشريعة والقانون والذين ليس لهم وساطات أو غيرها، بالإضافة إلى أن هذا يساهم فى إثراء القضاء ودعم الحياة القضائية فى مصر. وطالب البسيونى بكوتة خاصة لأبناء القضاة فى المناصب القضائية فى هذه التعيينات، خاصة أن ابن القاضى يعيش فى بيئة قضائية ويعرف كيفية التعامل مع الآخرين ويكون لديه حكمة ورزانة.} انتهى الإقتباس
حضرة القاضي – طبقاً للمنشور بالجريدة و الذي لم نسمع عن صدور أي تكذيب له – يؤيد توريث الوظائف القضائية ويطالب بكوتة خاصة لأبناء القضاة في المناصب القضائية !!؟؟... إلا انه ومن باب الرحمة والعدالة والإنصاف !!! لا يطلب توريث جميع المناصب القضائية وحجزها حصرياً لأبناء القضاة ، وإنما بنسبة محددة – لم يحددها حضرته –.. منتهى العدالة .. منتهى الإنصاف .. منتهى المساواة!! ، لأنه بذلك يسمح بأن يصل للمناصب القضائية البعض من الشباب المكافح النابه المتفوق الذي لا يملك وساطات أو غيرها بكفاءته وجدارته ، وان يزاحموا أبناء القضاة في حقهم في المناصب القضائية بالميراث وأن يقتطعوا نصيباً من الكوتة التي يرى تخصيصها لأبناء القضاة !!! ، اما تسبيب حضرة القاضي لهذا السماح بولوج بعض المتفوقين من غير ذوي الوساطات أبواب سلك القضاء ، فيتحصل فيما يراه حضرته من أن هذا يساهم في إثراء القضاء ودعم الحياة القضائية في مصر!!!
وإذ نقرر أن ما تفضل به حضرة القاضي ليس حكماً قضائياً مما يرتعد البعض من مجرد التعليق عليه تصديقاً لخرافة تجريم التعليق على الأحكام القضائية ، وأن ذلك التقرير مجرد رأي شخصي لا يلزم إلا صاحبه ، إلا أن وظيفة صاحب الرأي كقاض ورئيس لنادي قضاة الأسكندرية يجعل منه شخصية عامة ، ويجعل الرأي الصادر عنه ، وبخاصة بشان موضوعه ، قضية تهم الرأي العام ، وتستحق التعليق عليها وعدم تركها تمر مرور الكرام .
وعليه نقرر أن ما جاء بشأن تأييد تخصيص كوتة في المناصب القضائية لأبناء القضاة مرفوض ومردود ، فإن كان المتفوقون الأكفاء كما يقرر صاحب الرأي ، يساهمون في إثراء القضاء ودعم الحياة القضائية ، أفلا يكن من المنطقي أن يكون جميع المعينين من هؤلاء المتفوقين الأكفاء ومن ضمنهم بالطبع المتفوقين الأكفاء من أبناء القضاة من خلال منافسة شريفة عادلة دون نظر لاعتبارات الوراثة والوساطة ؟؟... ودون تخصيص كوتة تعسفية مخالفة للدستور للأقل كفاءة لمجرد اعتبارات صلة الدم؟؟
اما أن يقال إن أبناء القضاة يعيشون في بيئة قضائية ويكون لديهم حكمة ورزانة فإن هذا قول ينطوي على تعميم غير صحيح وخاطىء تماماً ، فلا يمكن أن نعطي إبن القاضي شهادة بالصلاحية والرزانة والحكمة لمجرد انه تربى في بيت قاض ، وإن كان يملك هذه الصلاحية حقاً فعليه أن يثبت ذلك في مسابقة ومنافسة حرة في مواجهة أقرانه من غير ذوي الوساطات وطلاب التعيين بالوراثة؟؟
بالطبع لا نملك إلا أن نرفض بأعلى صوت وبأقوى عبارة تلك الدعوة الغريبة ، ونؤكد أن هذا الشعب سينتفض وسيتصدى لوأد مثل هذه الدعوات ولن يسمح مطلقاً بتقنين ما يجري عملاً في العديد من المواقع من الإنتهاكات الصارخة لمواد الدستور التي تقرر المساواة بين المواطنين ،من اعتماد لاعتبارات الوساطة والمحسوبية في التعيين بالوظائف العامة
ولن يسمح هذا الشعب أن تصبح الوساطة والتوريث أحد المسوغات القانونية للتعيين في وظائف القضاء أو أي وظيفة أخرى. فاحذروا غضبة هذا الشعب لأن للصبر حدود
وهذا لأجل العلم!
هشام المهندس - المحامي