صديقي العزيز / درولي
صباح الخير
لا تثريب إن اختلفت معكم هنا ، واتفقت من رأيكم هناك ، فقد بذلنا كل ما ينبغي بذله لرأب الصدع في المسألة الكروية التي تعلم سيادتكم أن ليس لنا قبل بها من قريب أو بعيد ، وتعلم أيضا أننا كنا أول من وجهنا اللوم لوسائل اعلامنا بل لحكومتنا التي اختزلت التاريخ كله في مباراة لكرة القدم ، بل لقد ذهبنا إلى أبعد من ذلك ، في أننا يوم موقعة أم درمان ، وعلى خلفية المارشات العسكرية التي بثتها اذاعاتنا "الوطنية" وبحكم عدم تعصبي كرويا ، دعوت الله وتمنيت ألا ينتصر فريقنا "القومي" إذ أن انتصاره ، والحال هكذا ، سيعطي مجدا وشرعية لمن هم نهبوا المال في بلادنا واغتصبوا فيه الشرعية ، فأنت إن سألت ما شرعية أن يحكم حي يسكنه مدنيون على سبيل المثال واحد من جنرالات الجيش السابقين ثم يليه في المناصب القيادة ثلاثة جنرالات آخرين ويعلوه جنرالا يحكم المحافظة ثم يعلوه آخر يحكم المنطقة الجغرافية الواقع في نطاقها المحافظة وعدد آخر لا باس به من المحافظات ، أو إن أراد واحد منا أن يفتح محلا للكشري ، على سبيل المثال ، طلبوا منه أن يوافق جل هؤلاء ، في شكل موافقة أمنية ، وكأن الكشري الذي يصنع من عدسها وفومها وبصلها ، له بالغ الضرر على أمن دولتنا المحمية ، فربما كان لقنابل الغاز التي تسفر عن وجبة ثقيلة من هذا الغذاء الشعبي أثرا سلبيا على حالة السلم والعام والرخاء والنقاء التي يعيشها المواطن على أرض المحروسة ، إذا سألت ، صديقي العزيز، لم يحكمنا هؤلاء وهذا ليس ميدان معركة ، افحموك قائلين إن نصفهم قد تمتع في الماضي البغيض بالشرعية الثورية ولا نعرف عن أية ثورة يحدثوك ونصفهم الآخر ونأمل أن يكون الأخير بإذن الله يقول لك انها شرعية أكتوبر.
ومن هنا كانت خشيتنا إن انتصر الفريق "الوطني" في مثل هذه المباراة التي سبقها ضجيج أعلامي غير مستحب وغير مشروع ، أعطوا لهذا الفريق ومناصريه ورعاته وثلاثة أرباع مشجعيه من الفنانين والفنانات واعضاء الحزب الذي يحكم بغير شرع ولا شرعية ، وقادتهم الذين هرعوا إلى طائراتهم الخاصة في حماية قوات الامن السودانية مخلفين وراءهم الصف الثاني من المشجعين ، أعطوا كل هؤلاء ، شرعية يطلقون عليها بغير خجل أو وجل الشرعية الكروية ، التي قاد مسيرتها المقدسة نجلي فخامة الرئيس السيدين علاء وجمال ، فنحكم بقتضى هذا النوع الثالث من الشرعية نيف ونصف قرن آخر من زمن لن ترى فيه ذريتنا غير ما عانيناه ونعانيه بؤس وعناء وشقاء وضياع لكل شئ حتى للكرامة التي كرم الله بها خلقه على اختلاف جنسياتهم وانتماءاتهم ودياناتهم ، وبغض النظر عن تقواهم وورعهم وايمانهم.
وهنا نقول الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، ونقول أن الهزيمة على مرارتها قد يكون لها وجه آخر أكثر اشراقا من انتصار على فريق الاشقاء في الجزائر ، قد يضعون الاجيال القادمة بمقتضاه تحت وطأة هذا النوع الأخير - لا قدر الله ولا شاء - من الشرعية.
صديقي العزيز
وحتى لا أواجه اتهامات بالخيانة والعمالة وما إلى ذلك من اتهامات مثل تلك التي كالوها للدكتور البرادعي في اعقاب اعلانه مجرد التفكير في الترشح لمنصب الرئيس ، كان ما تقدم ، وما بين سطوره ، من بين دوافعي في تمنياتي بهزيمة الفريق في يوم أم درمان ، وأظن أن غالبية لا يستهان بها ربما شاطرتني ما تمنيت.
ولكننا صديقي النجيب
تفاجأنا بشقيق غير عزيزنا المحامي1 افرد هجوما لا يليق بمصر والمصريين ، وادعى على غير علم أن مصر ليست أم الدنيا وغير هذا من افتراءات ، صحيح اننا نختلف مع الحكومة ونعارضها في الاطار القانوني المتاح والمباح ، وصحيح أننا نعتب على مصر شديد العتاب ، ولكننا جميعا في النهاية نحبها ، ونردد المثل القائل "أدعي على ابني وأكره اللي يقول آمين" ومن هنا انطلقنا في الرد على ادعاءات الاخ الجزائري الأول ومن ثم الرد على عزيزنا المحامي1 وبكل موضوعية حاولت عبثا أن أوصل له معلومة مفادها أننا جميعا في الهم شرق أو بعنى آخر "لا تعايرني ولا أعيارك .. الهم طايلني وطايلك"
ولكن يحدث كل هذا دون جدوى فالاشقاء الاعزاء من الجزائر يرون القشة في عيوننا ، ولا يرون الخشبة في عيونهم
ادعوك سيدي وصديقي العزيز لمراجعة شاملة لكل ما كتب في هذا الشأن
وإلى أن يتحقق هذا ، إن لم تكن قد قرأت
تقبل عظيم احترامي وبالغ تقديري ، وفائق محبتي
محمد أبواليزيد - الاسكندرية
"خيبتنا في نخبتنا"
|