الزملاء الأعزاء
إسمحوا لي أن اعيد بلورة الأفكار السابق عرضها بعد قدر من التنقيح والإضافة على النحو التالي:
أولا: تحديد المشكلة: الواضح من النقاش ان لمشكلة تزايد اعداد المحامين المقيدين بجداول النقابة ووجود نسبة كبيرة منهم لا تعمل بالمحاماة فعليا يقدمون على القيد في جداول المحامين لغرض وحيد وهو الإستفادة من الخدمات التي تقدمها النقابة لأعضائها من رعاية صحية ومعاشات ، عدة أبعاد
البعد الاول: الأثر السلبي على ميزانية النقابة من حيث زيادة الأعباء الإجتماعية لتغطية المعاشات والعلاج
البعد الثاني: وهو الخاص بالجمعيات العمومية للنقابة ، وصعوبة انعقاد تلك الجمعيات لعدم اكتمال النصاب لعدم اهتمام غير المشتغلين بالمهنة فعليا بالمشاركة بتلك الجمعيات .
ثانياً: الإطار الدستوري والقانوني لمواجهة المشكلات:
أرى أن ما سبق الذهاب له من إجراءات تشريعية تتحصل في وضع قيود على الإشتغال بمهنة المحاماة ، وهو ما وصل إلى أقصى حدوده في التعديلات الأخيرة التي تقضي بحظر الجمع بين الإشتغال بالمحاماة وأي مهنة اخرى ، هي قيود غير مشروعة وغير دستورية لإخلالها الصارخ ليس فقط بالحق في العمل المقرر بالدستور المصري بل وبكافة مبادىء ومواثيق حقوق الإنسان .
ولذلك فإنني أرى أن تلك التعديلات لن تصمد مطلقاً امام أي طعن امام المحكمة الدستورية العليا.
الحل – أي حل – يجب ان يراعي عدم المساس بالحقوق الدستورية الأساسية وأولها حق العمل ومواجهة المشاكل لا يكون بالخروج على المشروعية أو اعتبارات العدالة وحقوق الإنسان ، فهذا لا يليق بنقابة المحامين.
ثالثاً: الحلول المقترحة : تقوم الحلول المقترحة على فلسفة بسيطة رائدها العدالة في التوزيع لخدمات النقابة على من يستحق كل بحسب مساهمته الفعليه ، أي أننا ببساطة ووضوح ، نهدف إلى إعدام أي ميزة أو فائدة لأولئك – المتطفلين - الذين لا يقصدون من القيد في النقابة إلا الحصول على المنافع الإقتصادية لا الإشتغال بالمهنة فلا تكون لهم أي مصلحة في الحرص على القيد بالجداول عندما تنتفي إمكانية الحصول على تلك المزايا المجانية. ونحن بذلك نضرب أكثر من عصفور بحجر واحد ، الأول هو وقف استنزاف موارد النقابة ممن لا يستحق والثاني هو تقليص أعداد الراغبين في القيد بالنقابة دون حاجة لوضع قيود شاذة وغير مشروعة.
الإقتراح الأول
أرى أنه بالنسبة للمشكلة المالية المتعلقة بالعلاقة بين الموارد والنفقات، فإن الحل العقلاني المنطقي ينحصر في فرض معادلة رياضية تربط بين تلك الموارد والنفقات بحيث لا تسمح بزيادة النفقات عن الموارد بما يؤدي إلى ظهور العجز.
نجد ان هناك بالفعل أعداداً متزايدة من المقيدين بجداول المحامين بينما هم لا يمارسون المهنة فعلياً ومن ثم لا يساهمون في إنتاج أهم موارد النقابة المالية وهي مقابل دمغات المحاماة وأتعاب المحاماة . ذلك في الوقت الذي يحق لهم فيه بحكم القانون التمتع بكافة مزايا المعاش والعلاج وغيره من الخدمات الإجتماعية التي تقدمها النقابة لأعضائها.
وذلك بلا خلاف وضع غير عادل ومختل ويتطلب علاجاً.
اما الحل الذي أقترحه ، فيتحصل في فرض علاقة تناسب بين ما ما يساهم به المحامي في انتاج موارد النقابة من ناحية وبين حقوقه أو نصيبه في الحصول على الخدمات النقابية الإجتماعية من ناحية أخرى. ولو حققنا هذه المعادلة البسيطة لن يكون هناك أي ضرر على النقابة من أي زيادة في أعداد المحامين.
إن فرض تلك العلاقة التناسبية ليست بدعاً من القول ، بل إن ذلك لهو ابسط تطبيق لمفهوم التأمين . فلا شك أن ما تقدمه النقابة لأعضائها من المعاش أو العلاج ، لا يخرج عن مفهوم الخدمة التأمينية .
وإذا نظرنا لأي تطبيق تأميني يعرفه العالم ، لن نجد إلا تناسباً بين ما يؤديه المؤمن عليه إلى المؤمن من اقساط للتأمين ، فتتناسب قيمة التعويض الذي يحصل عليه المؤمن عليه حال تحقق الخطر مع قيمة تلك الأقساط.
فنرى شركات التأمين تصدر مثلاً بوليصة تأمين على الحياة مقدارها مائة ألف جنيه وأخرى بقيمة مائتي ألف جنيه فيكون قيمة قسط الاخيرة ضعف قيمة قسط الأولى. كذلك هناك وثائق تامين موضوعها الحصول على معاش شهري ثابت في نهاية الفترة التأمينية ، وذلك ما هو إلا تطبيق مماثل لفكرة المعاش ، ونجد هنا أيضاً ان قيمة المعاش الشهري تتناسب مع قيمة القسط المدفوع ومدة الإشتراك .
هذا أيضاً لا يختلف في كثير أو قليل عما يطبق في صناديق المعاشات الخاصة التي تنشئها بعض الشركات أو الهيئات أو المؤسسات لموظفيها ، وكذلك أيضاً بلا خلاف في حالة المستفيدين من المعاشات الحكومية المتعاملين مع الهيئة القومية للتأمينات والمعاشات.
ويتلاحظ هنا أن قيمة المعاش ستتناسب مع دخل المحامي ، وذلك أدنى إلى تحقيق العدالة وهو مماثل لأي نظام معاشات في العالم .
وعليه ، فإذا حدث الإتفاق من حيث المبدأ على الفكرة الأساسية المطروحة ، وهي فكرة التناسب بين المساهمة والحقوق، ننتقل إلى كيفية التطبيق.
وفي ذلك أرى التطبيق على النحو التالي:
أولا: بالنسبة لدمغات المحاماة: يتم استحداث سجلات يتم فيها قيد ما يشتريه كل محام من دمغات بحساب خاص به . ويمكن للمحامي ان يشتري اي قيمة من الدمغات بما يحقق له قيمه المعاش الذي يرغب في الحصول عليه ، وغني عن البيان ان تلك القيمة ستتناسب بالضرورة مع قدرة المحامي أي مع دخله.
ثانيا: بالنسبة لأتعاب المحاماة: يتم – بالتعاون مع وزارة العدل- إمساك سجلات يقيد بها اسم المحامي الأصيل في كل دعوى ( المدعي والمدعى عليه)، بحيث يحتسب ويقيد إيراد أتعاب المحاماة المتحصل عن الدعوى مناصفة بينهما ويضاف لحساب كل منهما ، ويمكن لكل محامي أصيل أن يحول من حسابه إلى حساب من يحدده من المحامين العاملين بمكتبه.
من خلال تلك السجلات ( الحسابات ) يمكن ان يتم حصر دقيق لنصيب كل محام مقيد في إنتاج موارد النقابة .
وبعد ذلك يكون من السهل على الخبراء الإكتواريين تحديد حقوق كل محام في الخدمات التي تقدمها النقابة من معاشات أو علاج أو غيره. أي يتحدد مبلغ المعاش الذي يستحقه أو مبلغ المساهمة في العلاج الذي يستحقه سنويا.
من مميزات هذا النظام – على سبيل المثال - أن المحامي يكون له عملياً الحق في تحديد قيمة معاشه. حيث إنه طبقاً للحسابات والجداول الإكتوارية ، سيكون معلوماً أن الحصول على معاش مقداره الف جنيه شهرياً يتطلب مساهمة معينة في صورة أتعاب محاماة ودمغات محاماة ، فيمكن للمحامي الذي يريد زيادة معاشه – وتسمح إمكاناته بذلك – أن يقوم بشراء المزيد من دمغات المحاماة على النحو الذي يراه مناسباً للوصول إلى رقم معاش التقاعد الذي يرغب فيه.
ويمكن أيضاً – في مجال تطبيق هذا النظام – تقسيم المعاش إلى شريحتين الأولى ثابتة وتتناسب مع الإشتراك السنوي الذي يدفعه المحامي والثانية متغيرة ، وتتناسب مع ما يساهم به المحامي كما تقدم أعلاه حسب رغبته وحسب دخله.
الإقتراح الثاني
ويهدف إلى تفادي عورات عدم المشروعية وعدم الدستورية الصارخة في القيود الواردة حالياً على حق الإشتغال بالمحاماة دون تحميل النقابة أي أعباء.
حيث إن الحق في العمل هو حق مطلق ، لا يجوز تقييده بأي قيد غير موضوعي ولا منطقي ، فإن ذلك يترتب عليه حق أي مواطن في مارسة أي مهنة طالما توافرت فيه الشروط الموضوعية لممارسة تلك المهنة ، فيكون من الطبيعي ان يشترط في المحامي الحصول على التأهيل العلمي والمهني اللائق وأن يكون حسن السمعة ، وأرى أن ما تحفل به نصوص قانون المحاماة من أحكام النقل إلى جدول غير المشتغلين لمن يتوقف عن ممارسة المهنة لمدة تطول او تقصرأو يمارس مهنة اخرى ، هي نصوص شاذة – مقطوع بعدم دستوريتها - ولا مثيل لها في اي نقابة مهنية أخرى في مصر وربما في العالم بأسره.
ولئن أرادت النقابة الإبقاء على مثل تلك الشروط والقيود ، فإنه يمكن الإبقاء عليها مع عدم الوقوع في حمأة المخالفة الدستورية ، وذلك بتمكين من لا يريد الخضوع لتلك القيود من ممارسة حقه الدستوري في الإشتغال بالمحاماة ، مع عدم إلزام النقابة بأي التزامات اجتماعية تجاهه من رعاية صحية او معاشات ، كما لا يكون من حقه عضوية الجمعية العمومية للنقابة العامة او أى من النقابات الفرعية
وبذلك يتحصل الإقتراح في ان يكون للمحامين المشتغلين جدولان ،
الأول، جدول (أ) ويشمل جميع المحامين الذين تنطبق عليهم كافة الشروط بما فيها شروط عدم الجمع بين المحاماة والإشتغال بأي مهنة أخرى ، وهؤلاء هم الذين يحق لهم عضوية الجمعية العمومية والإستفادة بكافة خدمات النقابة
الثاني، جدول (ب) ويضم المحامين الذين تتوافر لهم كافة الإشتراطات العلمية والمهنية للإشتغال بالمحاماة ، دون اشتراطات عدم الجمع بين المحاماة ومهنة أخرى ، أو الإنقطاع المؤقت عن مارسة المهنة
وهؤلاء تصدر لهم النقابة تصاريح بممارسة المهنة على درجاتها المختلفة طبقاً لنفس القواعد المهنية المطبقة على كافة المحامين ، ولكن لا يحق لهم عضوية الجمعيات العمومية ولا الإستفادة من نظام المعاشات ولا الرعاية الصحية
هشام المهندس
هشام المهندس
لا تنه عن خُلُقٍ وتأتى مثله* عار عليك إذا فعلت عظيم
|