|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
التاريخ 12/3/2009 2:23:42 AM
|
خواطر قانونية ( قيد تحريك الدعوى العمومية في جريمة الزنا ) مقارن .
|
خواطر قانونية . (1)
منذ فترة ليست بالبعيدة وأنا أفكر في تدوين ما يجول بخاطري من أمور قانونية ، لكني كنت دوماً أتردد ولستُ أعلم السبب تحديداً ، لكني هذه المرة استأسدتُ أمام تراجعي هذا وقررت أن أدون خواطري القانونية كسلسة أسكب من خلالها أفكاري في مختلف أفرع القانون ، ولعل شغفي بمقارنات القوانين هو الذي أومض في تفكيري هذه الفكرة ، كما أن سلسة مشاركاتي وأنا والغالية الفاضلة الأستاذة / مجد عابدين من قبل - والتي لم يُكتب لاستكمالها النجاح لظروف سفري وندرة دخولي على الإنتر نت- سبباً رئيسياً فيما انتويت الإقدام عليه ، وأدعو الله أن يكون في خواطري تلك إفادة واستفادة لي وللجميع ، وأولى خواطري هي حق الشكوى كأحد القيود الواردة على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية عن جريمة الزنا.
ولعلها المُصادفة البحتة التي جعلتني أختار هذا الموضوع ، كبداية لخواطري رغم أن أولى مشاركاتي مع الأستاذة / مجد عابدين كانت عن الإستفزاز كعذر مُخفف في جريمة القتل حالة التلبس بجريمة الزنا ، لكني خاطرتي ستتناول الموضوع من زاوية اجرائية عن جرمية الزنا ذاتها ، وعذراً فلن أتقيد بمنهجية البحث ، وسوف أكتب كيفما تأتيني الفكرة بصورة تلقائية .
قيد تحريك الدعوى العمومية في جريمة الزنا
إذا كانت النيابة العامة وكأصل عام هي التي تملك سلطة تحريك الدعوى العمومية و هي التي تمثل المجتمع، و تنوب عنه في المطالبة بتوقيع العقوبات على مرتكبي الجرائم، فإن هذا الأصل استثنى المُشرع المصري – كغيره من مُشرعي القوانين بالدول العربية الأخرى – منه بعض الجرائم التي لا يجوز للنيابة العامة استخدام سُلطتها في تحريك الدعوى الجزائية بشأنها.
وأنه وإن اتفقت بعض التشريعات العربية مع المشرع المصري على مبدأ استثناء بعض الجرائم من القاعدة العامة التي تقضي بحرية النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية، إلا أنها اختلفت في تحديد الجرائم المُستثناة من تطبيق هذا المبدأ.
وما يعنينا في هذه الخاطرة القانونية هي جريمة الزنا وشرط تقديم شكوى من الزوج أو الزوجة المجني عليها حتى تُـزال هذه العقبة القانونية من أمام النيابة العامة ومن ثمَّ تسترد سُلطتها في مباشرة الدعوى العمومية أمام المحكمة .
فقد أورد المشرع المصري بموجب المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه
: ( لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 185،274،277،279،292،293، 303 ، 306 ، 307 ، 308 من قانون العقوبات وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون .
ولا تقبل الشكوى بعد ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة وبمرتكبها ما لم ينص القانون على غير ذلك . )
فكان ضمن ما أوردته هذه المادة من جرائم يشترط لتحريك الدعوى الجنائية بشأنها تقديم شكوى من المجني عليه ، هي جريمة زنا الزوج ( المادة 277 عقوبات )، وجريمة زنا الزوجة ( المادة 274 عقوبات ) .
وهذا هو جوهر الخلل – من وجهة نظري – وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى إفلات العديد من مرتكبي هذه الجرائم بذريعة عدم تقدم المجني عليه بشكوى ، فلو افترضنا مثلاً أن تفاجأ زوج بزوجته حال ارتكابها جريمة الزنا ، فهمَّ بقتلها هي ومن يزني بها إلا أنهما استطاعاً قتل ذلك الزوج المكلوم ، فما هي العقوبة التي تنتظر زوجة وشريكها ارتكبا جريمتي الزنا والقتل ؟؟؟
لا عقوبة ................... إذ أنه وفق التشريع المصري فإنه بوفاة الزوج سقطت الدعوى الجنائية عن جريمة الزنا والتي لا يملك تحريكها سوى الزوج فقط ، وأما عن جريمة القتل فإن القانون المصري ينظر إلى الزوجة وشريكها في هذه الحالة على أنهما كانا في حالة دفاع شرعي عن النفس ومن ثم يطبق نص المادة 245 من قانون العقوبات المصري والتي جرى نصها على أنه ( لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس غيره أو ماله ................ )
وأذكر حين كنا طلاباً بالفرقة الثالثة بكلية الحقوق كانت تثيرنا عدم منطقية تبرئة الزوجة الزانية أو شريكها من جريمة قتل الزوج المجني عليه إذا فاجأهم بارتكابهم جريمة الزنا وهمَّ بقتلهما أو إيذائهما بزعم أنهما كانا في حالة دفاع شرعي عن النفس .
وأذكر أنني سألت الدكتور المُحاضر آنذاك عن هذه اللامنطقية في عدم تجريم هذه الجريمة فأجابني أنه : طالما كان السلوك المنشئ للخطر معاقباً عليه قانوناً فإنه يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي قِبله ، وبما أن سلوك الزوج بمحاولته قتل أو إيذاء الزوجة وشريكها معاقب عليه - وإن كان يتمتع بعذر مخفف - إلا أنه يبقى سلوكاً غير مشروع- ، ومن ثمَّ يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد هذا السلوك المنشئ لخطر قتل الزوجة وشريكها أو إيذائهما .
وحقيقية أنني لم أكن لأفهم هذا الحديث آنذاك وإن كنت أهز رأسي للدكتور في إشارة لكوني تفهمت ما قام بشرحه لي ، لكن أسئلة شتى باتت تعصف بتفكيري فما زلت أشعر أن في الأمر شيء غير منطقي ، وبت أسأل نفسي ما مصير جريمة ارتكاب الزوجة وشريكها لجريمة الزنا إذا قتل الزوج ؟؟ وإجابة هذا السؤال عرفته حين دراستي قانون الإجراءات الجنائية بالفرقة الرابعة فيما يتعلق بجرائم الشكوى والقيود التي ترد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية والتي من بينها جرائم الزنا ( زنا الزوجة و زنا الزوج ) وانتهيت إلى أن الزوجة الزانية وشريكها إذا قاما بقتل الزوج فلا عقوبة لا فيما يتعلق بقتلهما الزوج أو ارتكابهما جريمة الزنا .
ظلت هذه الأسئلة تشغل حيزاً من تفكيري ، فلو سألت أي شخص من عامة الناس عن هذا القانون الذي يبرأ الزوجة الزانية وشريكها من جريمتي قتل الزوج والزنا سيجيبك أنه قانون ظالم .
وحين عملتُ بدولة الإمارات العربية المتحدة وجدتُ نفسي أبحث عن هذه الجريمة في نصوص قوانينها فوجدت أن المُشرع الإماراتي نص في عجز المادة 334 على : (يُعاقب بالسجن المؤقت من فوجئ بمشاهدة زوجته أو ابنته أو أخته حال تلبسهما بجريمة الزنا فقتلهما في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معا ، ويعاقب بالسجن إذا اعتدى عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو عاهة .
وتعاقب بالسجن المؤقت الزوجة التي فوجئت بمشاهدة زوجها حال تلبسه بجريمة الزنا في مسكن الزوجية فقتلته في الحال أو قتلت من يزني بها أو قتلتهما معا ، ويعاقب بالحبس إذا اعتدت عليه أو عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو عاهة .
ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر )
ووفقاً لهذا النص فإن الزوجة وشريكها يُسألان عن جريمة قتل الزوج ، ولا مجال للتحدي بعذر الدفاع الدفاع وهذه الحالة ، وهذا الذي اعتنقه المُشرع الإماراتي هو الأقرب للعدل والإنصاف ، ونحن نرى أن تجريم قتل الزوج وهذه الحالة باعتبار أنها جريمة مُحتملة لجريمة الزنا ، فمن يرتكب جريمة زنا مع امرأة يعلم أنها متزوجة عليه أن يتوقع مُفاجأة زوجها لهما حال ارتكابهما هذه الجريمة .
وبالرغم من إثنائي على هذا النص حينما جعل الأب والأخ مستفيداً من عذر التخفيف من عقوبة القتل أو الإيذاء شأنهما شأن الزوج ، وكذلك النص على عدم جواز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد الزوج أو الزوجة المجني عليهما في جريمة الزنا ، فإنني لا أتفق مع ما ذهب إليه النص من إعطاء الحق للزوجة في قتل الزوج إذا فاجأته مع أخرى في مسكن الزوجية ، ذلك أنه لربما تكون هذه المرأة زوجة ثانية للزوج وبذلك تنتفي في حقهما ارتكابهما جريمة الزنا ويثور السؤال هنا هل إذا قتلت الزوجة زوجها حال مشاهدتها له مع امرأة أخرى يعاشرها معاشرة الأزواج وتبين فيما بعد أن هذه المرأة زوجة أخرى لهذا الزوج فهل تُسأل الزوجة القاتلة عن جريمة قتل أو تظل تتمتع بعذر التخفيف ؟؟؟؟
أما فيما يتعلق بإعطاء الحق للأب أو الأخ في قتل ابنته أو أخته إذا شاهدها في وضع قد يوحي بارتكاب جريمة الزنا مع رجل قد يُكتشف فيما بعد أنه زوج لهذه الابنة أو الأخت ، فإن هذا وإن غير جائز تصوره وقبوله في ظل التشريعات الإماراتية والكويتية وتلك التي تتخذ من المذهب المالكي مصدراً لقانون الأحوال الشخصية ، والذي لا يجيز زواج الفتاة إلا بموافقة وليها اوهو المعمول به ، أما في القانون المصري وفي ظل تطبيق أحكام المذهب الحنفي فإنه يتصور أن يُفاجأ الأب بزواج ابنته زواجاً صحيحاً – وفق المذهب الحنفي - وإن كان تم دون رضاه باعتباره ولياً طبيبعاً للفتاة .
أما في الكويت فقد كنت أظن أن النيابة العامة لا تملك تحريك الدعوى العمومية ضد من اتهم في جريمة الزنا ، باعتبار أن هذه الجريمة تقع ضمن جرائم الشكوى وفق صريح نص المادة 109 من قانون الإجراءات والمُحاكمات الجزائية من أنه ( لا يجوز رفع الدعوى الجزائية الا بناء على شكوى المجني عليه في الجرائم الآتية :
اولا - جرائم السب والقذف وافشاء الاسرار.
ثانيا - جريمة الزنا.
ثالثا - جرائم خطف الاناث.
رابعا - جرائم السرقة والابتزاز والنصب وخيانة الامانة ، اذا كان المجني عليه من اصول الجاني او فروعه او كان زوجه.
اذا كان المجني عليه قاصرا ، كان لوليه الشرعي ان يقدم الشكوى نيابة عنه ، فإذا تعذر ذلك حل النائب العام محل الولي في هذا الصدد. )
إلا أن هذه الفكرة سرعان من تلاشت من تفكيري بعد اطلاعي على نص المادة 197 من قانون الجزاء والتي تنص على أنه ( يجوز للزوج المجني عليه في جريمة الزنا أن يمنع إقامة الدعوى الجزائية على الزوج الزاني ، رجلا كان أو امرأة ، وعلى شريكه في الزنا ، بشرط أن يقبل المعاشرة الزوجية كما كانت. ولهذا الزوج أن يوقف سير الإجراءات في أية حالة كانت عليها ، كما أن له أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي ، برضائه استمرار الحياة الزوجية. وإذا منع الزوج المجني عليه إقامة الدعوى الجزائية ، أو أوقف سير الإجراءات أو أوقف تنفيذ الحكم النهائي ، لم تسر أحكام المادة 194. )
فصياغة النص على هذا الوضع تؤكد على أن المشرع سمح للنيابة العامة في جريمة الزنا بتحريك الدعوى الجزائية على الزوج المُتهم دون التوقف على تقديم شكوى من الزوج المجني عليه والذي يظل محتفظاً بحقه في التنازل – إن جاز التعبير - ، وقد كان النص قبل تعديله بموجب القانون 46لسنة 1960 يجري على أنه ( لا تًُقام الدعوى الجزائية على الزانيرجلاً كان أو إمرأة أو شريكه في الزنا إلا بناء على طلب الزوج المجني عليه )
وعلى ذلك فإن نص المادة 198 من قانون الجزاء بعد تعديله يُعتبر نصاً خاصاً قيد نص المادة 109 من قانون الإجراءات والمُحاكمات الجزائية ومن ثم فهو الواجب تطبيقه .
وأنا أرى أن ما ذهب إليه المُشرع الكويتي هو أقرب إلى المنطق والعدل فيما شرعه من السماح للنيابة العامة بتحريك الدعوى الجزائية ضد من يرتكب جريمة الزنا ، وهو ما يسد العديد من الثغرات التي توجد في التشريع المصري ، كحالة قتل الزوج المجني عليه ، أو إذ بادر الزوج المجني عليه بتطليق زوجته قبل تقديم شكوى ضدها ومن ثمَّ امتناع مُحاكمتها رغم ارتكابها لجريمة الزنا .
فهل يحذو المشرع المصري حذو نظيره الكويتي في رفع القيد عن حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى في هذه الجريمة مع أحقية الزوج المجني عليه - حفاظاً على أواصر الأسرة - في أن يوقف إجراءات المُحاكمة أو تنفيذ الحُكم النهائي ....؟؟؟؟؟؟... نأمل ذلك .
وفي نهاية هذه الخاطرة فأنا أرغب في توسعة نطاق البحث بمشاركات أساتذتي الأفاضل ، فهل من مُجيب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وليد حلمي السقا
مُحام
الأستاذ الفاضل وليد رفيق درب البحث والمعرفة
دائماً ما تشغلنا بخواطرك المثيرة للنقاش وإعمال التساؤل لماذا ورد النص هكذا ولم يرد بصيغة أخرى
وماالحل لمشكلة كهذه . لقد أخذتنا لاجتهادات الفقه الإسلامي حيث كان الفقهاء يفترضون مشكلة ويبحثون لها عن حل حتى إذا وقعت تلك المشكلة حقيقة وجد الحائر حلاً لها في كتب الفقه
لذلك أستمهل لتقديم مذكرة مفصلة حول ما ورد بخاطرتك القيمة هذه سيما وأنني قد استخلصت منها الآن ومن طرح سابق كثير من الحيثيات التي تدور حولها
لك خالص التحية
المحامية مجد عابدين
فأنا هنا جرح الهوى ...وهناك في وطني جراح
وعليك عيني يا دمشق .... فمنك ينهمر الصباح
|
|
|
|
|
|
|
الانتقال السريع
|
|
|
عدد الزوار 1278 / عدد الاعضاء 62 |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
| |