الأستاذ عبدالله كمال، رئيس تحرير جريدة «روزاليوسف»:
طالعت بمزيج من الأسى والحزن مقالكم المنشور بالصفحة الأولى من عدد أمس الأول، بعنوان «تلفيقات كاتب مصرى.. هل يجب أن يولد السياسى فى العشوائيات؟»، وكان واضحاً للوهلة الأولى أنك تدافع عنى فى مواجهة هجوم «اعتدت عليه» من الأستاذ إبراهيم عيسى.. ولأننى أكتب لك رسالة ليست للنشر دعنى أصارحك بما منعنى خجلى عنه سنوات عدة، إذ أيقنت ـ ربما بعد فوات الأوان ـ أن الصمت على «الصغائر» فى السياسة يصنع جبالاً من الأخطاء، وأن بقعة واحدة فى ثوب يريده صاحبه بلا أدران كافية لأن تجعل صورته شديدة القبح.. ففى العمل العام، لا تتوقف بقعة عند حدودها، وإنما تتسع، وتتسع، فنصمت ونتجاهل.. فتتوحش، حتى تأكل الثوب كله، وأنا لا أريد أن يصبح ثوبى ملطخاً بالأدران و«التقيحات»!.
فى البدء.. أؤكد لك أننى أعرف دوافعك فى الدفاع عنى والهجوم على من يهاجمنى.. فقد سألت عنك وعن «سيرتك ومسيرتك»، فأيقنت أن ما تفعله الآن شديد الاتساق مع تاريخك، وأنا لا أنكر على مثلك طموحه السياسى والصحفى، بل لا أنكر عليك اللجوء إلى أقصر الطرق نحو أحلامك، مهما كانت الوسائل.. ولكن ألا تتفق معى فى أن سعيك نحو تحقيق طموحك ينبغى ألا يكون على «جثتى»، ألا ترى أنك تتغذى على دمى، وتنمو من لحمى، وتزداد ثراءً على حساب اسمى وسمعتى؟!
كل المحيطين بى يطرحون علىّ نفس الأسئلة كل صباح: ما علاقتك بهذا الـ«عبدالله كمال».. هل هو أحد رجالك.. لماذا يتفنن فى صناعة أعدائك.. وكيف يمنح خصومك المزيد من الاحترام.. وهل تدرك أنه يزرع كل يوم فى نفوس الناس كراهية فوق كراهية ضدك.. لماذا تصمت على قلم يدعى أنه يمثلك ويعبر عنك، بينما يسحب من رصيدك عند الجميع.. كيف تسكت على زعمه الدائم بأنه «قلمك وكاتبك» فى الصحافة، ألا ترى أن هناك من هم أكفأ وأنقى وأكثر احتراماً، حتى لو كانوا من كتبة الحكومة؟!
الأستاذ عبدالله كمال: من كلفك بالدفاع عنى.. من قال لك إنك مؤثر ولديك مصداقية، كى ترسم صورتى عند الناس.. ما أعرفه أنك ترفع من تهاجمه إلى عنان السماء، وتخسف بمن تمتدحه سابع أرض.. إذا «شتمت» شخصاً رفعته فى نظر الناس، وإذا دبجت مقالات الإشادة بآخر نال كراهية الجميع.. وحين وجهت فى الجريدة للسيدة جميلة إسماعيل اتهامات حقيرة لا يرضى عنها أحد لأخته أو لأمه أو لزوجته أو لابنته، شعرت يومها بالتقزز و«القرف»، ولكن الأهم أنك حققت لجميلة إسماعيل وأيمن نور أعلى درجات التعاطف فى الشارع المصرى، كان ما كتبته عن «جميلة» هدية لها، وطوبة غبية أصابت رؤوسنا جميعاً..
الشىء نفسه فعلته مع شخصيات كثيرة: هيكل.. سلامة أحمد سلامة.. منصور حسن.. حسب الله الكفراوى.. أسامة الغزالى حرب.. وآخرين.. كل الشخصيات التى يحترمها الناس هاجمتها بأسلوب متدن، فازداد احترام المواطنين لهم، وازدادت كراهيتهم لنا.. وفى كل «سقطة» لقلمك يردد الجميع ما تحاول أنت ترويجه «إنه كاتب أمانة السياسات بالحزب الوطنى!».
الأستاذ عبدالله كمال: نحن نعمل فى السياسة، ونحاول الحصول على ثقة الناس، وأنت وغيرك ممن تحيطون بنا تدركون ـ قطعاً ـ أن المعارضة عنيفة، وأن المشاكل والأزمات تضغط على المواطن المصرى وتؤثر على علاقتنا به، غير أن «أمثالك» أخطر من المعارضة والمشاكل بل و«الإخوان المسلمين» أنفسهم.. وأصارحك القول أننا لم نعد نمتلك رفاهية احتمال «الطفيليات» والباحثين عن المصالح.. وليس لدينا مانع من أن تعيش أنت و«أمثالك» فى طرقات الحزب، ولكن دون أن ندفع نحن الثمن!.
الأستاذ عبدالله كمال.. ألتزم بأن أدعمك وأساعدك فى أن تحصل على كل المكاسب التى تريدها .. لكن أرجوك لا تدافع عنى أو تمتدحنى بعد اليوم!.. ونواصل الحديث لاحقا.
جمال مبارك
أمين السياسات بالحزب الوطنى
melgalad@almasry-alyoum.com