هناك بعض المفاهيم التي كثيراً ما أراها مختلطة في أذهان البعض ، عندما يطالبون الإدارة ، أي إداراة، أن تمارس عملها بديمقراطية ، وإلا كانت غير ديمقراطية!!
وهذا قول غير سديد وملتبس ، وفيما ما يلي الإيضاح.
إن العملية الديمقراطية ، كتنظيم قانوني ، تتحصل في آلية تمكن أصحاب الحق في دولة ( مواطنون) أو في شركة ( المساهمون) ، أو في نادي أو جمعية (الأعضاء) ..الخ ، من اختيار وتعيين من يمثلهم في إدارة ذلك الكيان.
وبانتهاء عملية الإنتخاب والتعيين ، تنتهي صلاحية جماعة أصحاب الحقوق في إدارة ذلك الكيان وتنتقل بالتفويض إلى الفرد أو المجموعة المنتخبة ديمقراطياً ، الذين تتحدد صلاحياتهم في إطار قانوني معلوم ، ويستمدون صلاحياتهم من النصوص القانونية التي تحدد تلك الصلاحيات والإختصاصات.
وهؤلاء ، في ممارسة تلك الصلاحيات تكون لهم سلطات مطلقة طالما أنهم يمارسونها دون أي خروج على حدودها المقررة قانوناً ، أي دون خروج على حدود التفويض الممنوح لهم.
والمدير لا يكون مطلوباً منه الرجوع في أي وقت ، وقبل اتخاذ أي قرار ، لاستطلاع رأي الهيئة التي انتخبته أو التي قامت بتعيينه.
كما ان المدير الذي يراس مجموعة من التابعين الإداريين ، لا يكون مطالباً بأخذ رأي أعوانه ومساعدية ناهيك عن العمل بهذا الرأي ، فله أن يطلب هذا الرأي أو لا يطلبه ويأخذ به او لا يأخذ به
وفي هذا الشأن هناك تعبير شائع في دراسات الإدارة وهو { ديمقراطية الحوار وديكتاتورية القرار}
فلئن كان من الطبيعي والمعتاد أن يستطلع المدير أو الرئيس آراء معاونيه ، إلا أنه في النهاية يستقل بإصدار القرار وفقاً لمحض إرادته ووفقاً لتقديره بلا معقب حتى لو تعارض مع آراء جميع مساعديه
فعندما يتعلق الأمر بإصدار قرار إداري ممن يملك سلطة إصداره قانوناً ، فلا يكون هناك اي مكان لممارسة ديمقراطية في إصدار ذلك القرار .
اما ما يبقى من دور للمارسة الديمقراطية بعد الإنتخاب و التعيين ، فهو سلطة مراقبة القرارات التي يتخذها المسؤول دون سلطة المشاركة في إصدارها.
فإذا رأت الجماعة التي انتخبت المسؤول أن إدارته وقراراته لا تحقق مصالحها التي انتخبوه لرعايتها ، فإن الآلية الديمقراطية تسمح لهم بعدم تجديد تعيينه مرة أخرى أو حتى عزله من منصبه والإتيان بغيره
تطبيقات ذلك نجدها في الدول والشركات والجمعيات والنقابات ... الخ
ولعل أقرب التطبيقات لنا حاليا هو نقابة المحامين التي أسفرت انتخاباتها الديمقراطية عن قيام الجمعية العمومية بتعيين مجلس للنقابة يملك كافة الصلاحيات لإدارة النقابة .
أما توزيع المناصب والإختصاصات داخل ذلك المجلس ذاته ، فإنه يتم أيضا –وطبقا للقانون – على أساس ديمقراطي ، وذلك بالإنتخاب بين أعضاء المجلس.
هشام المهندس