شناني عدد المشاركات >> 172 التاريخ >> 2/12/2002
|
الحقيقة ان الحوار بين اثنين متطابقين في وجهات النظر ليس أكثر من نسخ فوتوكوبي للكلام ذاته
كما أن الحوار البعيد عن المصداقية في طرح الرأي والذي يقوم على المجاملة هو أيضا من نوع الحوار السابق
لذلك ، فإن جمال الحوار يكون في ظل الاختلاف
وجمال الاختلاف يكون عندما نحترم الرأي الآخر
وقبل ذلك ، أن نعترف بأننا مختلفون في قناعاتنا
وأنه يحق لنا هذا الاختلاف
وأن اختلافنا يشكل في النهاية روضة في بستان المعرفة
أريد أن أضيف فقط أن إحدى عقبات الحوار هو أن يعتقد أحدنا أنه يملك الحقيقة المطلقة
وإحدى العقبات في طريق الحوار الناجح هو اعتقاد أحدنا بأن هناك الكثير من الأمور المحسومة سلفا لا يجوز التطرق إليها بأي مراجعة أو تشكيك
فهو يواجهك بأنك تخدش المسلمات وتتطاول على المقدسات
ويصنفك سلفا ضمن الفئة الباغية وأنك عدو الله والإسلام
وإذا ما تحدثت عن الحريات الشخصية فيتهمك بأنك تغريبي
وإذا ما تحدثت عن الديمقراطية يتهمك بالشرك وأنك تحاول نسف الشريعة
وإذا ما تحدثت عن حقوق المرأة فيتهمك بالإباحية
إنه يملك تهما جاهزة ليلبسك إياها
وهناك من لا يستطيع أن يتخيل حلا وسطا لأي معضلة
فإما النقاب الكامل وإما الإباحية
وإما القمع ومنع الحريات ومنع حرية الرأي وإما الفوضى وخرق المحرمات ، فهو لا يتصور أن هناك حلا وسطا منظما ويضمن حياة الطرفين ، وأن هناك ألوان أخرى غير الأسود والأبيض
وهناك من يعتقد بأن أي دعوة للتطوير والتغيير والمراجعة هي دعوة للهدم والمس بالمقدسات
وتنهال التهم الجزافية
فيغدو النقاش أشبه بمحاكمة عسكرية
وهناك من يضع النتيجة أولا ثم يسعى جهده للوصول إليها
وتسيطر على عقله الأحكام المسبقة
مثل الشيخ الذي بدأ كلامه بسب ولعن المعتزلة والحداثة والعلمانية ، فأنت إن خالفته الرأي ، فلا شك أنك من إحدى الفئات التي أصابتها لعنته ، فأنت محكوم سلفا بلعنات الشيخ
وهناك مشكلة تتمثل في استسهال إطلاق كلمة إجماع وكلمة متفق عليه وكلمة مسلمات وبديهيات وكلمة سنة واستسهال في وصف الرأي المخالف بأنه ( شاذ ومتروك )م
كما أن هناك استسهال في ضم كثير من الأحكام التاريخية واجتهادات الرجال إلى صنو الشريعة الإسلامية أيضا
لاسيما عند الذين ينظرون إلى كل التاريخ الإسلامي على أنه كتاب مقدس وليس تاريخ ودول وعمل رجال وصراعات سياسية
هناك من يرتجف من كلمة عقلانية أو كلمة تنوير
هناك من ترهبه كلمة الديمقراطية وحقوق الإنسان
هناك من يرهبه تغيير الوضع القائم
هناك من يعتقد بأن الحوار هو مصارعة حقيقية لا بد فيها من منتصر ومهزوم مكسور ، وهذا ظن خاطئ
ولعل الأخ المعاون أشار إلى هذه النقطة في موضوع آخر من هذا المنتدى
فنحن كلنا منتصرون في كل حوار يقوم على الموضوعية والاحترام المتبادل والدعم العلمي
وهناك من يدخل في مهاترات ليس لها أي داع أو ارتباط بالمسألة المطروحة
فيضيع الموضوع الأساسي في متاهات الكلام المبتذل
ولما سئل جحا ذات مرة : أيهما أفضل في الجنازة ، السير أمام النعش أم خلفه ، أجاب : لا تكن في النعش وسر حيث شئت
لذلك ، دعونا نمشي معا
إلى الأمام طبعا
وكل عام وأنتم بخير
عبارة كلاسيكية جدا نرددها كل عام
بينما نحن نسير إلى الوراء
بدليل نشرات الأخبار
|