مخالفات المكاتب الأجنبية تفجّر غضب المحامين
الوكلاء غير معتمدين والاستشاريون يهددون المهنة
* الخليفي: مخالفة قانون المحاماة القطري تهدد مستقبل المحامين القطريين
* السويدي: مطلوب إجراءات رادعة لوقف التجاوزات وحماية المهنة
* النعيمي: القانون اشترط القيد بجدول المحامين لممارسة المهنة
طالب عدد من المحامين القطريين الجهات ذات العلاقة باتخاذ الاجراءات الاحتياطية للحد من الآثار السلبية التي تتعرض لها مهنة المحاماة والناتجة عن تزايد وجود المكاتب الاستشارية الاجنبية ووجود وكلاء تجاريين غير معتمدين يمارسون المهنة دون الالمام الكافي بقواعد القانون القطري مما يسيء إلي المحامي القطري والمهنة بشكل عام.
فيما يري البعض الآخر ان دخول دولة قطر في اتفاقيات دولية منها اتفاقية التجارة العالمية يحتم القبول بأن يكون للشركات العالمية إمكانية افتتاح فروع لها في كل الدول المنضوية تحت بنود الاتفاقية المذكورة سابقا، ومنها المكاتب العالمية للمحاماة التي قدم بعضها للعمل في الدولة بعد أن رأت أن لديها فرصة كبيرة لتعزيز عملها القانوني وبالتالي فإن وجود مثل هذه المكاتب قد يكون له أوجه ايجابية للارتقاء بالمهنة.
رغم ان العديد من المحامين القطريين اعتبروا ان مثل هذه المكاتب باتت تشكل خطرا علي مهنتهم مؤكدين ان هذه المكاتب اخذت تدريجيا تعمل بمناي عن قانون المحاماة القطري.
يقول المحامي علي الخليفي: إن دخول المكاتب الاجنبية للعمل بهذا الاسلوب يمثل تحديا لمهنة المحاماة في قطر خاصة بعد انضمام دولة قطر لاتفاقيات عالمية يتم بموجبها السماح بفتح أي نشاط في البلاد لافتا الي أنه من المتوقع إما ان تأتي مكاتب اجنبية وهي تمتلك القدرة علي المنافسة سواء ماديا أو من حيث الخبرة أو أن تأتي مكاتب عربية وهذه الأخيرة لديها الكفاءات العلمية والعملية الا أن التكاليف الباهظة لافتتاح مكاتب لها في الدوحة قد تكون حاجزا يعوق دخولها السوق القطري.
وأضاف: ان احتمالية وجودها يظل في حدود ضيقة خاصة وأن البلدان التي توجد فيها تلك المكاتب بها قضايا متنوعة وأكثر من حيث العدد نظرا لكبر واتساع المجتمعات المتواجدة فيها، لافتا الي ان المكاتب الأجنبية لديها خبرة واسعة وقدرة مادية كبيرة لكن تظل هناك مشكلة تواجه هذه المكاتب وهي أنها تعمل في مجتمع لغته مختلفة عن لغتها وبالتالي فإن وسيلة التواصل تكاد تكون مقطوعة، ولذلك فإنه من الضروري أن تكون هناك شروط علي هذه المكاتب مثل أن تكون اللغة العربية هي اللغة الواجب التعامل بها وليس غيرها حتي تكون أداة لتقليل هذه المكاتب لأنه لا توجد طريقة لمنعها بموجب الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها الدولة في هذا الشأن وللحفاظ كذلك علي مكانة المحامي القطري واستمراريته وعدم تعريض مهنته للخطر مشيرا إلي أنه لكي يقوم المحامي بدوره المهم في تحقيق العدالة فلابد ان يلقي الدعم الذي يستحقه وأما في حال ازدياد الضغوط عليه فإن الامر يتبدل ويصبح حال المهنة دون المستوي المطلوب.
من جانبه قال المحامي محسن السويدي ان مكاتب المحاماة العالمية تخترق مهنة المحاماة القطرية وهو ما نصت عليه المادة السابعة من قانون المحاماة الجديد وأصبح الآن لا عاصم للمكاتب القطرية أمام طوفانها القادم وأشار إلي حجج التبرير لوجود مثل هذه المكاتب منها أن الشركات الأجنبية اعلنت عن حاجتها إلي مكاتب محاماة أجنبية تلبي متطلباتها القانونية، مما لا تجده لدي مكاتب المحاماة الوطنية، فاقتضت هذه المستجدات توفير حاجتها من خلال نص تشريعي، هو هذه المادة، التي روعي في صياغتها التوسع في الاستثناء من قواعد أحكام قانون المحاماة، وهذا منهج غير سليم، لأنه لا يورث إلا نصاً غريباً يستعصي علي المواءمة مع الأوضاع التي رتبها القانون وأضاف إن أول ما يطالعك في هذه المادة أنها تضمنت، في مستهلها، استثناء من أحكام المادة 29 التي تقصر علي لجنة قبول المحامين وحدها الاختصاص العام بالنظر في طلبات القيد بجدول المحامين المشتغلين، وبمنح التراخيص لمزاولة المهنة، فأجازت للوزير، أن يمنح الترخيص لمكاتب المحاماة الأجنبية ذات الأوصاف المبينة في النص القانوني.
ويضيف: وفي هذا الاستثناء اشعار برغبة المشرع في النأي بطلبات القيد المقدمة من تلك المكاتب، عن سلطة لجنة قبول المحامين، ومنح الإدارة العامة وحدها، مقاليد القرار في هذا الشأن، وهو ما يوحي بأن لتلك المكاتب امتيازا عن مثيلاتها من المكاتب القانونية الوطنية. هذا الامتيار الذي طالما حذر منه الفقه، لما يؤدي إليه من تعطيل وظيفة القانون في تحقيق المساواة بين المخاطبين. وأشار إلي أنه يخفي علي الممارس لأساليب الصياغة القانونية ما شاب نص المادة السابعة من مخالفة لإحدي أهم القواعد المقررة في أصول القانون، وذلك عند قولها يجوز بقرار من الوزير، الترخيص لمكاتب المحاماة العالمية ذات الخبرات المتخصصة، بالعمل في أعمال المهنة التي يحددها الترخيص ووجه الاستدراك: أن الترخيص لا يعطي للمكاتب، وإنما للأشخاص الذين توافرت فيهم الشروط اللازمة لمباشرة أعمال المهنة، سواء أكانوا أشخاصا طبيعيين أم شركات محاماة مدنية، ممن يجمع بينهم قاسم مشترك، هو تمتعهم بالأهلية القانونية، وقابليتهم للخضوع لأحكام القانون، أما المكاتب، أجنبية كانت أو محلية، فهي مقرات لمزاولة أعمال المهنة، ومقر المحامي لا يعدو أن يكون المكان الذي يلتقي فيه موكلوه، والموطن الذي يعتبره القانون محلا مختارا لإعلاناتهم القضائية وإخطاراتهم التعاقدية فالترخيص لا يمنح - قانونا - للمقر المكتبي، وإنما لصاحب المقر المقبول للقيد في الجداول المقررة.
ويؤكد المحامي راشد النعيمي ان المشرع استشعر هذا الخلل في بناء النص، فعمد في الفقرة الثانية من المادة السابعة إلي اشتراط أن يتم قيد المحامين العاملين بتلك المكاتب في جدول المحامين المشتغلين، بعد أن نص علي إفراد جدول مستقل لتلك المكاتب، فقال: وتقيد هذه المكاتب في جدول قيد مكاتب المحاماة العالمية كما يقيد المحامون العاملون فيها في جدول المحامين المشتغلين وفقا للشروط والاحكام المنصوص عليها في هذا القانون وتسري في شأنهم احكامه عدا أحكام البندين 1 ، 6 من المادة 13 والفصل الثالث منه . هذه الفقرة والتي قبلها أوجدتا للأسف ازدواجية في الترخيص وازدواجية في الجداول. وضع استثنائي وأشار النعيمي الي انه تظهر ازدواجية الترخيص في ان هناك ترخيصا منفردا هو الذي يمنحه الوزير للمكتب العالمي وان هناك تراخيص متعددة هي التي تصدر بناء علي قرار لجنة قبول المحامين للمحامين العاملين في ذلك المكتب الاجنبي طبقا للنظام المقرر في القانون فهما اذا ترخيصان: وزاري للمكتب، ونظامي للعاملين فيه، فترخيص المكتب من نوع وترخيص المحامي العامل فيه من نوع آخر. واما ازدواجية الجداول فتظهر في ان قيد المكتب الاجنبي يكون بجدول مكاتب المحاماة العالمية وقيد العاملين فيه في جدول المحامين المشتغلين.
وأشار المحامي النعيمي الي ان وجه الاشكال في هذا الوضع الاستثنائي ان وجود المحامي مرتبط واقعيا بوجود المكتب الاجنبي الذي يعمل فيه فاذا كان قيده في جدول المحامين المشتغلين: علي حسب الاصل غير مقيد بفترة زمنية في حين يعتبر قيد المكتب الاجنبي في الجدول محصورا: بالفترة الزمنية الممنوحة له في الترخيص وهي خمس سنوات فإن معني ذلك قيام تعارض بين القيدين أحدهما: مقيد زمنيا بفترة محددة وهو المكتب والآخر: مطلق من أي قيد زمني وهو المحامي العامل فيه. وهذا تعارض لا يتسق مع نظامية القانون التي توجب وحده مفهوم القيد نوعيا وزمنيا. وأضاف: ان ذلك هو الاشكال الاول وأما الاشكال الثاني: فمن حيث موضوع العمل المرخص به. فالفقرة الاولي من المادة السابعة تعطي الانطباع بمحدودية الاعمال المصرح للمكتب العالمي بمباشرتها لأن العبارة تنص علي جواز الترخيص لمكاتب المحاماة العالمية ذات الخبرات المتخصصة بالعمل في أعمال المهنة التي يحددها الترخيص وفي هذا النص قدر من الاتساق في المعني لأنها مكاتب يفترض ان تكون ذات خبرات متخصصة فينبغي ان يحدد لها الترخيص أعمال المهنة التي تقوم بها في مجال تخصصها.
وأضاف: ولا تحدد الفقرة الثانية من المادة أي نوع من انواع العمل المهني للمحامي العامل في المكتب العالمي المرخص له، وهنا ينشأ التعارض بين مكتب محدود الاختصاص وبين محام عامل فيه ذي اختصاص مطلق.
وأشار الي وجه ثالث من وجوه الاشكال التي تثيرها المادة السابعة من قانون المحاماة وهو ما ورد فيها من ان المحامين العاملين في تلك المكاتب يقيدون في جدول المحامين المشتغلين ثم صمت الشارع صمتا مطبقا عن بيان نوع الجدول المراد قيد كل واحد منهم فيه، وهو صمت في غير محله لأن جدول قيد المحامين المشتغلين ملحق به اربعة انواع من الجداول طبقا لنص المادة 13 هي أ جدول المحامين تحت التدريب، ب جدول المحامين المقبولين امام المحكمة الابتدائية، ج جدول المحامين المقبولين امام محكمة الاستئناف، د جدول المحامين المقبولين امام محكمة التمييز وليس في القانون الجديد قيد في جدول المحامين المشتغلين مجردا عن درجة التقاضي المصرح للمحامي المشتغل بالمثول أمامها وإذا كانت المادة السابعة تستبعد جدول المحامين تحت التدريب فإنه يتعين اذا الحاق المحامي العامل بالمكتب العالمي بأحد الجداول الثلاثة الباقية ليكون ابتدائيا أو استئنافيا أو تمييزا. وإذا كان من الثابت عملا ان المحامي العامل بالمكتب الاجنبي ممنوع من الظهور امام المحاكم علي اختلاف درجاتها كاجتهاد من لجنة قبول المحامين، فإن قيده بأحد الجداول الثلاثة المذكورة يكون غير ذي جدوي، بل يكون قيده - طبقا للنص - في جدول المحامين المشتغلين عبثا يجب ان ينزه عنه نص الشارع. وقد كان من الواجب ان يكون قيد المحامين العاملين بتلك المكاتب في جدول موظفي الهيئات والمؤسسات العامة والشركات والمنشآت الخاصة المنصوص عليهم في المادة 4 من هذا القانون لا لشيء إلا لأن اولئك المحامين العاملين بالمكاتب الاجنبية لا يؤدون عمليا سوي الاختصاص المنصوص عليه في البندين 2 و3 من المادة 3 من قانون المحاماة وهي: ابداء الرأي والمشورة القانونية وصياغة العقود واتخاذ الاجراءات اللازمة لتسجيلها او توثيقها. المحامي المرخص وهنا اشار النعيمي إلي انه ثمة وجه رابع من وجوه الاشكال التي تثيرها المادة السابعة في فقرتها الثانية وهي قولها في شأن المحامين العاملين انهم تسري في شأنهم احكام هذا القانون ومقتضي ذلك ان تطبق عليهم الفصول المتعلقة بحقوق المحامين وواجباتهم والمساعدة القضائية والمساءلة التأديبية ومن المعلوم ان من حقوق المحامي تقاضي الاتعاب عن الأعمال التي يقوم بها وإبرام الاتفاقات التي تمكنه من ذلك وهو ما يتعارض مع كونه عاملا في المكتب المرخص له بمزاولة أعمال المهنة.
وأضاف: بل ان وصف هذا المحامي المقيد بجدول المحامين المشتغلين في نص المادة السابعة بأنه عامل يتعارض مع منطق القانون في ان المحامي المرخص الذي يلتحق بمكتب المحاماة يعتبر ممارسا لمهنة حرة، وليس عاملا وان ما يحصل عليه من المكتب يعتبر أتعابا له عن عمله وليس أجراً لقاء عمل معين وهي قاعدة منصوص عليها في قانون المحاماة المصري في المادة السادسة منه كما يشير اليها القانون عندنا في شأن المحامي تحت التدريب بأن ما يتقاضاه يكون علي سبيل المكافأة، هذه هي صورة الصياغة النصية، في المادة المذكورة، عند التدقيق فيها.
وأشار النعيمي إلي أنه في المادة الثامنة، التي تتكلم عن طلب الإذن بالمرافعة، أمام المحاكم القطرية، في قضية معينة، سار قانون المحاماة الجديد علي ذات النهج الذي اقره في المادة السابعة بالانفتاح علي الأجواء العالمية خارج المحيط العربي، فبعد أن كان قانون المحاماة السابق يجيز للمحامي، الذي ينتمي بجنسيته إلي إحدي الدول العربية، أن يطلب الإذن له بالمرافعة أمام المحاكم القطرية في قضية معينة، أجاز قانون المحاماة الجديد للمحامي غير القطري - هكذا بصفة عامة - طلب ذلك الإذن. وإذا كانت المادة 68 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص علي أن لغة المحاكم هي اللغة العربية، فإنه لا سبيل للمحامي غير العربي المأذون له في أن تسمع مرافعته إلا بواسطة مترجم، مثلما يسمع الخصوم الذين لا يفقهون العربية، وفي ذلك ما فيه من البعد بين المحامي والمحكمة التي يترافع أمامها مما يمثل منافسة غير مقبولة.
المحامي يوسف الزمان يقول: بعد صدور قرار السماح للمحامين الأجانب بمزاولة مهنة المحاماة بدولة قطر طبقا لنصوص اتفاقية التجارة العالمية سيخلق الكثير من الصعوبات التي تعوق المحامي القطري في مسيرته المهنية واشتغاله في مهنة المحاماة التي تعد من اسمي وأرفع المهن مشيراً الي انه مما يزيد الأمر سوءا السماح للأجانب بمزاولة المحاماة وانشاء مكاتب محاماة داخل الدولة الأمر الذي يؤدي الي نوع من المنافسة غير المقبولة وأضاف المحامي الزمان ان اشتغال المحامي الاجنبي بهذه المهنة داخل دولة قطر يأتي علي غير اساس قانوني إضافة الي ان المحامي الاجنبي يجهل كافة القوانين والقواعد التي شرعها المشرع ثم يمتهن مهنة المحاماة وهو لا يدرك ولا يعي قواعد القانون المطلق.
وأشار الي ان المجتمع القطري نشأ علي قواعد واعراف سائدة فيما بين أفراده لا يعرفها الا المواطن القطري وبالتالي فإن المحامي القطري هو فرد من افراد المجتمع مما يساعده ذلك علي فهم القضايا والدعاوي والقيام بمحاولة تسوية النزاع بين طرفيه الامر الذي لا يتسني للمحامي الاجنبي الذي يجهل المجتمع القطري وعاداته وتقاليده وبالتالي فإن اللجوء الي تسوية النزاع وديا بين طرفيه يكاد يكون لا يتعدي نسبة مئوية ضئيلة الامر الذي يؤدي الي احتدام الصراع امام القضاء لتزايد الحالات المعروضة عليه وبالتالي قطع الروابط الاسرية والعائلية السائدة في المجتمع القطري وهذا جانب من تأثيرات اخري قد لا تظهر في البداية لكنها سوف تكون واضحة في المستقبل.
وأضاف الزمان: ان من أبرز المشاكل هي وجود الوكلاء القانونيين الذين يعملون علي استدراج بعض العملاء والقيام بكتابة المذكرات وما شابه خارج نطاق تخصصهم وعملهم وبالتالي فإنهم يقتطعون نسبة لا بأس بها من القضايا امام القضاء رغم انه ليس لديهم أدني فكرة عن المحاماة وختم حديثه بالتأكيد علي عدم صحة ما يشاع بأن المحامين القطريين يتطلعون الي احتكار المهنة لصالحهم ولكنهم يخشون عليها من التراجع في ضوء خروج مثل هذه المكاتب الاجنبية عن إطار القانون المحاماة القطري وتشكيل منافسة غير قانونية لمهنة المحاماة القطرية لافتا الي ان المسألة ليست مسألة تخوف من ان أصحاب القضايا يفضلون المكاتب الاجنبية ولا شك ان المحامي القطري يتمتع بكفاءة عالية في اطار مهنته فهم محامون متمرسون والعديد منهم مارس مهنة القضاء قبل ان يمارس المحاماة ويتمتع بخبرات عالية
نقلاً عن جريدة الراية القطرية
www.raya.com
.