تنازل بالأكراه
أجلت محكمة جنايات القاهرة إلى الخامس من مايو القادم، نظر القضية المتهم فيها الضابط بمباحث أمن الدولة أشرف مصطفى حسين صفوت بتعذيب المواطن المواطن محمد عبد القادر حتى الموت .
ترجع وقائع القضية الى سبتمبر عام ٢٠٠٣عندما ألقي النقيب أشرف مصطفي حسين صفوت ٢٨ سنة ضابط بمباحث أمن الدولة القبض علي محمد عبدالقادر السيد أمين ٣١ سنة وأودعه مقر المباحث بحدائق القبة احتجزه داخل غرفة مظلمة وعذبه بالكي بالنار لإجبار شقيقه علي تسليم نفسه لرجال المباحث ، فلفظ الضحية أنفاسه الأخيرة.
وكشفت تحقيقات نيابة حدائق القبة أن الضابط اعتاد تعذيب الضحية داخل مقر المباحث وتبين من التقارير الطبية الخاصة بمستشفيي الساحل والظاهر وجود آثار تعذيب وسحجات بجسد الضحية وظهرت بقع سوداء بصدر الضحية نتيجة تعرضه لتعذيبه بالصدمات الكهربائية.
وانتهت تحقيقات النيابة بإحالة الضابط إلي محاكمة جنائية بتهمة تعذيب موطن وإحداث إصابات به دون توجيه تهمة التسبب في وفاة الضحية وشهدت جلسات المحاكمة مفاجآت كثيرة،
تولي محسن بهنسي وياسر حسن المحاميان بمركز المساعدة القانونية الدفاع عن أسرة القتيل وقالا أمام المحكمة: إن الضابط المتهم قام بتعذيب الضحية داخل مقر مباحث أمن الدولة ، لإجباره علي الإرشاد عن شقيقه الذي ألقي القبض عليه في اليوم التالي،
وأكدا أن تقارير الطب الشرعي أكدت أن الضحية تعرض لصدمات كهربائية والضرب بآلة في الفترة التي قضاها داخل مقر المباحث. وبالجلسة الماضية فوجئ الجميع بتقديم محامي الضابط حادة صورة من محضر تنازل وقعت عليه الأسرة ،
وطالب بإنهاء القضية وقرر أن والد وزوجة الضحية تنازلا عن الدعوي بمحض إرادتيهما دون وقوع أي إكراه عليهما. اعترض دفاع الضحية علي صورة التنازل وطالب بعرضه علي إدارة التزييف واستدعاء والد وزوجة الضحية لسؤالهما عما إذا كانا قد وقعا علي محضر التنازل تحت الإكراه من عدمه ،
وحاول الدفاع الوصول إلي أسرة الضحية إلا أنه فشل في التوصل إليهم بعد أن تركت الأسرة منزلها بمنطقة الظاهر ولم يعرف الجيران عنهم شيئا وكانت المفاجأة الثانية أن دفاع المتهم قدم صورة أخري من سحب أسرة الضحية التوكيل الذي كانوا قد حرروه للمحاميين بالمجالس الحقوقية. ذكر محامو المجالس الحقوقية أمس أمام هيئة المحكمة أن أسرة القتيل تعرضوا للإكراه ، وطالبوا باستدعائهم فردت المحكمة «أحضروا الأسرة أو توكيلا جديدا منهم» ،
سمحت هيئة المحكمة للمحاميين بحضور الجلسة دون التدخل في القضية وإستمعت المحكمة لشهادة كبير الأطباء الشرعيين الذي أكد أن الإصابات التي ألمت بالضحية قد تنتج عن تناول عقاقير وأدوية وأشار إلي أن وجود كدمات ذات اللون الغامق بالجسد قد يرجع إلي صدمات كهربائية إلا أن محامي الجمعية قرر أن المستشفيات أفادت بأنها لا تستخدم الصدمات الكهربائية ،
وقررت المحكمة التأجيل ، عقدت الجلسة برئاسة المستشار صلاح إبراهيم رشدي وعضوية المستشارين مصطفي الكومي ومحمد شريف..
وذكر أحمد حسن مسئول الحملات القانونية بجمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان أن رئيس الدائرة الحادية والعشرين بمحكمة جنايات القاهرة التي تنظر القضية رفض إثبات حضور محاميي الجمعية الذي يترافعون عن المجني باعتبارهم أنهم أصبحوا غير ذي صفة، بعد أن ألغت أسرة المجني عليه التوكيلات الخاصة بهم.
كما رفض رئيس الدائرة قبول أية مذكرات من محامي الدفاع، والتي أكدوا فيها أن إلغاء توكيلاتهم من جانب أسرة الضحية تمت تحت ضغط وإكراه شديدين، معبرين في الوقت ذاته عن خشيتهم من أن تكون أصابها مكروه خاصة وأنها غير موجودة بمنزلها.
وأكد حسن أن المفاجأة في جلسة أمس هو أن الطبيب الشرعي الذي حضر الجلسة بناء على طلب محامي الضباط المتهم لم يتحدث في النواحي الفنية الخاصة بالقضية ولكنه تحدث كأنه محام عن الضابط وحاول بكل الطرق نفي أن تكون وفاة المواطن تمت نتيجة التعذيب على حد قوله.
وقد أعطي القاضي مهلة أخيرة للمحامين التابعين لجمعية المساعدة القانونية لإثبات إدعاءاتهم بأن أسرة المجني عليه ألغت توكيلاتهم تحت وطأة وتهديد جهاز الأمن لإنقاذ الضابط المتهم بالقتل وتم تأجيل الجلسة لحين إحضار المحامين مما يفيد ادعاءاتهم.
وقد شهدت الجلسة انضمام عشرة جمعيات ومنظمات حقوقية للدفاع عن أسرة المجني عليه وطلب من المحكمة إثبات حضورها للمطالبة بالتعويض المدني من ضباط أمن الدولة لحماية مستقبل الأولاد القصر الذين توفي والدهم.
وكان الضابط المتهم رفض المثول أمام المحكمة إلا بعد سبعة أشهر من نظر القضية. وحين قام بذلك حضر مع تقرير تشريح ثان ورد فيه ان الحروق الظاهرة على الجثة هي نتيجة صعقة كهربائية أجراها الاطباء لعبد القادر اثر تعرضه لنوبة قلبية.
ولاحقًا أجرت لجنة أطباء شرعيين خاصة عملية تشريح ثانية استنادًا إلى الصور والوثائق المتوفرة واستنتجت أن الضحية تعرض فعلاً للتعذيب ما فتح الباب أمام المحاكمة في يونيو 2006م.
لكن في نوفمبر تقدم محامي الضابط بوثيقة موقعة من عائلة محمد عبد القادر تعلن فيها أنها لم تعد تكلف رئيس "جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان" طارق خاطر بالترافع عنها في القضية وأنها تتخلى عن الملاحقات المدنية بحق الضابط.
وقال خاطر إنه مقتنع بأن جهاز مباحث أمن الدولة ضغط على العائلة التي بات يتعذر الاتصال بها من خلال تهديد شقيق محمد عبد القادر سامح الذي لا يزال معتقلاً.
منقول عن / المرصد المصرى لحقوق الأنسان
Type the title here
Type the text here