يكفل استقلالها، ويقظتها فى الدفاع عن مصالح
أعضائها، وتطويرها للقيم التى يدعون إليها فى
إطار أهدافها، ووعيها بما يعنيهم، ومراجعتها
لسلوكهم، لايخولها العدوان على حقوق كفلها
الدستور، ويندرج تحتها حق كل مواطن فى
الانضمام إلى أكثر من نقابة كلما كان مستوفيا
شروط القيد فى كل منها، وتوكيد أن الحق فى
العمل لايتقرر إيثارا، ولايمنح تفضلا • ذلك
أن الشرعية الدستورية هى التى تضبط الأعمال
جميعها وتحيط بكل صورها، وإليها تُرد النصوص
القانونية التى تنظم العمل النقابى، فلايباشره
أحد انحرافا عنها، أو تنصلا منها.
وحيث إن البند السادس من الفقرة الأولى من
المادة 13 من قانون المحاماة المطعون
عليه، قد شرط للقيد فى الجدول العام ألا
يكون طالب القيد، عضوا عاملا فى نقابة مهنية
أخرى؛ وكان حق الانضمام إلى أكثر من نقابة
مهنية، من الأسس الجوهرية التى تكفلها الحرية
النقابية - بما تشتمل عليه من حق العمل -
وتقتضيها كذلك إرادة الاختيار التى تفرضها
الحرية الشخصية، وتعززها حرية الاجتماع التى
اعتبرها الدستور إطارا لتعدد الآراء وتقابلها
وتفاعلها وتقييمها انحيازا لأكثرها قبولا، فإن
حكم هذا البند يكون مخالفا للمواد 13و 47 و
54 و 56 من الدستور.
وحيث إن البند الثامن من الفقرة الأولى من
المادة 13 من قانون المحاماة بعد ربطها
بالبند الثالث من الفقرة الأولى من المادة
14 من هذا القانون، يتطلبان للقيد فى الجدول
العام بنقابة المحامين، ألا يكون طالب القيد
عاملا فى إحدى شركات القطاع العام - التى
حلت محلها شركات قطاع الأعمال العام - فيما
عدا العمل بإدارتها القانونية المصرح لها بذلك
طبقا لأحكام قانون المحاماة، وباستثناء أساتذة
القانون فى الجامعات المصرية فى الأحوال التى
يجيزها هذا القانون.
وحيث إنه عملا بنص المادة الثانية من قانون
المحاماة، يعد محاميا كل من يقيد بجداول
المحامين التى ينظمها هذا القانون، ولايجوز
إطلاق هذه الصفة على غير هؤلاء فيما عدا
المحامين بهيئة قضايا الدولة؛ وكان من المقرر
وفقا للمادة الثالثة من هذا القانون، أن
المحامين وحدهم هم الذين يزاولون أعمال
المحاماة التى عددتها؛ فإن القيد فى الجداول
التى نظمها قانون المحاماة، يعتبر شرطا
لممارستها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن
الشروط التى يتطلبها المشرع لمزاولة مهنة
بذاتها، يجب أن ترتبط عقلا بخصائصها، ومايكون
لازما لممارستها، فلايفرضها المشرع بعيدا عن
متطلباتها، أو انحرافا عن صدق اتصالها
بأوضاعها، أو بما يفقد عناصر بيئتها ماينبغى
أن يهيمن عليها من توافق، ذلك أن لكل حق
بنيانا يحدد محتواه، ودائرة يمتد إليها،
وآثارا يرتبها، من بينها أن حق العمل ليس
مطلبا ثانويا، وأن الشروط التى يتم فى نطاقها
يجمعها أن يكون منصفا وإنسانيا ومواتيا،
ومهيأ لتطور أكثر كمالا • وانتزاع هذه الشروط
قسرا من محيطها، يفقدها مغزاها، ويُقصيها عن
الأسس الموضوعية التى ينبغى أن تكون قواما
لها.
وحيث إن قانون المحاماة قد دل بالنصوص التى
تضمنها على أن المحاماة - فى أصلها وجوهر
قواعدها - مهنة حرة يمارسها المحامون وحدهم
فى استقلال، لاسلطان عليهم فى مزاولتها
والنهوض بتبعاتها لغير ضمائرهم وحكم القانون؛
وكان قانون المحاماة قد قرن استقلالهم
باستقلال السلطة القضائية، فاعتبر المحامين
شركاء لها يُعينونها على إيصال الحقوق لذويها
فى إطار من سيادة القانون وقيم العدل التى
يكفلون من خلالها الدفاع عن حقوق المواطنين
وحرياتهم [ المادة الأولي من قانون المحاماة
]؛ وكان استقلال المحامين فى أداء أعمالهم
واحتكامهم إلى ضمائرهم وسلطان القانون دون
غيرهما، ينفى بالضرورة تبعيتهم لجهة عمل تتولى
توجيههم وفرض رقابتها عليهم، ومؤداه أنهم
لايتلقون عن جهدهم أجرا محددا على ضوء علاقة
عمل، بل تعتبر وكالتهم عن موكليهم، وكذلك
أصول مهنتهم وضوابط ممارستها، مُحَدِّدة
لواجباتهم قبل عملائهم، ومصدرا للحقوق التى
تنتجها؛ وكان قانون المحاماة يتطلب ألا يكون
طالب القيد عاملا بالحكومة أو بجهة مشبهة
بها، أو بوحدة اقتصادية لقطاع الأعمال؛ وكان
هذا الشرط لايعتبر منافيا للأوضاع المنطقية
التى تتخذها مهنة المحاماة إطارا لمزاولتها،
ومناطها استقلال المحامين فى مباشرة شئونها،
وإدارتهم الدفاع عن موكليهم على ضوء تقديراتهم
وخياراتهم التى يستقلون بها، فإن ذلك الشرط
لايكون مخالفا للدستور • مما يتعين معه رفض
الدعوى فى هذا الشق.
وحيث إنه لاينال مما تقدم استثناء أساتذة
القانون فى الجامعات المصرية من الشرط المبين
بالبند الثامن من الفقرة الأولى من المادة
13 من قانون المحاماة، والمحدد تفصيلا بالبند
الثالث من الفقرة الأولى من المادة 14 من
هذا القانون، ذلك أن المشرع قدر أن مهنة
المحاماة يثريها ويدعمها انضمام هؤلاء إليها
باعتبارهم أقدر على الإبداع والتأصيل، وتأسيس
دفاع مقتدر يعتمد على اتساع خبراتهم،
وإحاطتهم بفروع القانون على اختلافها، وتعمقهم
لأغوارها، واتصالهم بأدق مسائلها، فلايكون
إسهامهم فى أعمالها إلا عونا على إدارة
العدالة بما يقيمها على صحيح بنيانها • كذلك
فإن استثناء المحامين بالإدارات القانونية
المصرح لهم بمزاولة المحاماة وفقا للقانون،
مرده أن هؤلاء لايزاولون أعمال المحاماة لغير
الجهة التى يعملون بها، وبحكم وظائفهم فيها،
ولايتولون إلا الأعمال ذاتها التى تنفرد بها
مهنة المحاماة، وتقوم عليها.
وحيث إن قانون المحاماة قرر بنص الفقرة
الأولى من المادة 172 منه قاعدة مفادها ألا
تُرَدُّ رسوم القيد التى تدفع للنقابة، وأجاز
استثناء منها للجنة القبول أن تأذن برد رسوم
القيد إذا كان رفض الطلب لايعود إلى تقصير
فى استيفاء شروط القيد • وقضى هذا القانون
فى الفقرة الثانية من المادة ذاتها، بألاتقبل
طلبات استرداد رسوم القيد والاشتراكات بعد
انتهاء السنة المالية التالية للسنة المالية
التى دفعت فيها.
وحيث إن الحماية التى أسبغها الدستور على حق
الملكية بمقتضى المادتين 32 و 34 منه، تمتد
- وعلى ماجرى قضاء هذه المحكمة - إلى الحقوق
جميعها الشخصية منها والعينية، وكذلك إلى
حقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية؛ وكانت
هذه الحماية تقيم توازنا بين الملكية فى
ذاتها والقيود التى يجوز فرضها عليها،
فلاترهقها تدابير لاتتصل بوظيفتها الاجتماعية
بما يفقد الملكية محتواها، أو يعتصر جانبا من
مقوماتها؛ وكانت الحقوق الشخصية قوامها رابطة
بين شخصين يجوز للدائن بمقتضاها أن يحمل
مدينه على إعطاء شئ أو القيام بعمل أو
الامتناع عن عمل؛ وكان حق المدعى فى أن تُرد
إليه الأموال التى دفعها مقابلا للقيد فى
الجدول العام لنقابة المحامين، من الحقوق
الشخصية؛ فإن امتناع قيده فى هذا الجدول بناء
على نص قانونى صحيح دستوريا، يكون مستوجبا
ردها؛ لا استثناء من ذلك، أيا كانت الأعذار
التى تنتحلها نقابة المحامين للتخلص من
التزامها بالرد.
وحيث إن كل استثناء من قاعدة كلية يفترض
وجودها، فإذا أبطلتها هذه المحكمة، سقط
الاستثناء منها، وكانت القاعدة التى قررتها
الفقرة الأولى من المادة 172 من قانون
المحاماة فى شأن امتناع رد رسوم القيد أصلا،
هى التى هدمتها هذه المحكمة، فإن زوال
الاستثناء منها مؤداه ألا تقوم قائمة للاختصاص
المخول للجنة القبول، والمنصوص عليه بهذه
الفقرة.
وحيث إن مناعى المدعى فى شأن الفقرة الثانية
من المادة 172 من قانون المحاماة، تفترض
لجواز الخوض فيها، أن يكون المدعى قد طلب رد
رسوم القيد التى دفعها بعد انقضاء الميعاد
المحدد قانونا بمقتضى هذه الفقرة لاقتضائها،
فإذا كان قد طلبها قبل انتهاء هذا الميعاد -
مثلما هو الحال فى النزاع الراهن - فإن
مصلحته فى الطعن على تلك الفقرة، تكون
منتفية، ولاتقبل دعواه فى هذا الشق بالتالى.
وحيث إن هذه المحكمة لايجوز أن تبدد وقتها
وجهدها من خلال مواجهتها لنزاع عارعن أن
يكون حقيقيا وقائما A sufficiently real and
actual dispute مستكملا محتواه، ماثلا
بعناصره Well - developed، ومُحَدَّدا تحديدا
كافيا يتهيأ به الفصل فيه Specific to
elicit adjudication بما مؤداه انتفاء
اتصالها بنزاع لازال فى دور التكوين Not yet
fully born أو أجهض قبل التداعى Already dead
، تقديرا بأن قبولها للخصومة الدستورية
يرتبط بتكامل عناصرها، فلايكون أمرها نظريا
Nonhypothetical أومجردا Nonabstract، بل تلح
حدتها وتفرض وجودها على أطرافها Concrete
dispute between truly << adverse >> parties
بمايؤكد نضجها Ripenes وتماسكها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة فى الدعوى الماثلة،
قد خلص إلى أن قيد المدعى فى الجدول العام
لنقابة المحامين - وبوصفه محاميا تحت التمرين
- لايجوز قبل تخليه عن عمله فى الوحدة
الاقتصادية كرئيس لقطاع الشئون الفنية بها،
وكان الاختصاص المخول
للجمعية العمومية للنقابة بمقتضى البند الثانى
من المادة 126 من قانون المحاماة فى شأن
تعديل رسوم القيد ورسوم الدمغة التى يؤديها
المحامون لصالح نقابتهم، يفترض تعلق هذا
التعديل بمن يكونون مقيدين بجداولها، فإن
الفصل فى دستورية مباشرة الجمعية العمومية
لهذا الاختصاص، يكون سابقا لأوانه، فلاتقبل
دعواه كذلك فى هذا الشق منها.
وحيث إنه على ضوء ما تقدم، فإن المواد
المطعون عليها - وبقدر تعارضها مع الدستور
على ما سلف البيان - تكون مخالفة للأحكام
المنصوص عليها فى المواد 32 و 34 و 41 و
47 و 49 و 54 و 56 منه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولا: بعدم دستورية البند السادس من
الفقرة الأولى من المادة 13 من قانون
المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.
ثانيا: بعدم دستورية الأصل المقرر بمقتضى
المادة 172 من هذا القانون فى شأن عدم رد
رسوم القيد التى تدفع للنقابة، وبسقوط
الاستثناء من هذا الأصل.
ثالثا: بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ
مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة •
أمين السر
رئيس المحكمة
اشرف مشرف المحامي/ 00201118850506 / 00201004624392 /00201224321055 / ashrf_mshrf@hotmail.com /مصر / www.ashrfmshrf.com / ولله الأمر من قبل ومن بعد
|