|
|
|
|
|
|
|
|
|
التاريخ 5/21/2006 6:32:59 AM
|
نظرة الى حالنا
|
الصحفى والأكاديمى الفرنسى باسكال بونيفاس فى مجمل فصول كتابه المترجم حديثاً والمنشور فى القاهرة فى يناير 2006 ، ولنتأمل ما توصل إليه .
شهادات إدانة على انحيازات واشنطن
يقدم المؤلف عبر كتابه عشرات الشهادات التى تدين الانحياز الأمريكى لصالح إسرائيل والذى يرى المؤلف أنه هو جوهر الحرب العالمية الرابعة على الارهاب حيث أمريكا تحركها إسرائيل فى كل هذه الحرب أى أنها تعمل لدى تل أبيب ، وهذا الانحياز سيؤدى إلى مزيد من الصراع والثورة ، والشهادات تؤكد ذلك بحيادية كاملة فها هو الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر ، الذى ينتمى للادارة الحاكمة ورغم ذلك يقول فى 1 ديسمبر 2003 أثناء حفلة توقيع اتفاق جنيف "اخطأت الإدارة الموجودة فى واشنطن بمساندتها – بدون تحفظ – حكومة إسرائيل ، وبتجاهلها معاناة الشعب الفلسطينى ، هذا غير عادل ، هذه السياسة هى أحد مصادر العداء لأمريكا فى العالم " .
وفى أكتوبر 2004 ، قدم كينث روث ، مدير منظمة مراقبة حقوق الانسان (هيومن رايتس ووتش) المنظمة الرئيسية فى الدفاع عن حقوق الانسان فى الولايات المتحدة ، تقريراً فى 135 صفحة معنوناً بـ " تدمير رفح " مُديناً موقف الجيش الإسرائيلى .
أما بول فندلى ، ممثل ولاية إلينوى من 1961 الى 1983 ، فإن الأمور واضحة بالنسبة إليه وبعد هجمات مركز التجارة الدولى ، نشر مرافعة قاسية فى صحيفة عربية قائلاً أن 11 سبتمبر لم يكن ليحدث إذا لم ترفض الحكومة الأمريكية مساعدة إسرائيل على إذلال الفلسطينيين وتدمير المجتمع الفلسطينى ، وقليلون هم الذين يعلنون أن مثل هذه الكارثة كان يمكن تجنبها اذا كان لدى الرئيس الأمريكى ، على مدار الثلاثين سنة الماضية الشجاعة والحكمة لوقف أى مساعدة أمريكية لإسرائيل طالما لم تنسحب من الأراضى المحتلة أثناء حرب 1967 . وعلى مدار خمسة وثلاثين عاماً لم تصدر كلمة داخل لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب [الكونجرس] يمكن أن تستحق اسم مناقشة حول الشرق الأوسط . إذ لم يقترح منذ عشرين سنة تعديل مُقيد أو مقلص للمساعدة لإسرائيل .
ويقول فندلى فى الكابيتول فإن نقد إسرائيل ؛ حتى فى إطار المحادثات الخاصة ، هو محظور مطلقاً وينظر له كنقد معاد للوطنية إن لم يكن معاد للسامية [...] والأشخاص القادرون الذين تحدثوا بحرية ، السيناتور أدلاى ستيفنسن ، وشارل بيريسى ، أو الجمهورى ماك كلوسكى ، وتينا ماك كينى، وإيرل هيليا وأنا ، قد هزموا أثناء انتخابات من قبل مرشحين ممولين بغزارة من القوى الموالية لإسرائيل ، نتيجة حالة الأمر الواقع هذا أن التشريع المعالج للشرق الأوسط يميل بوضوح ، سنة بعد سنة ، لصالح إسرائيل على حساب الفلسطينيين والعرب الآخرين . الكونجرس يتصرف كما لو كان تحت أمر الكنيست الإسرائيلى " .
ويواصل فندلى مرافعته قائلاً : " لا توجد سلطة تعترف بهذا الواقع الكارثى ، والمخبأ بعناية بعيداً عن الشعب الأمريكى لكنه أمر واضح ومؤكد لدى أغلبية العالم . الولايات المتحدة تعرضت لهجمات 11 سبتمبر ونتائجها وستتوجه إلى حرب قريباً ضد العراق بصورة رئيسية لأن السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط تصنع فى إسرائيل وليس فى واشنطن . وبدلاً من مساعدة شارون على زيادة البؤس الفلسطينى ، ينبغى على رئيسنا تعليق أى مساعدة حتى تضع إسرائيل نهاية لاحتلالها أراض عربية استولت عليها فى 1967 . هذا التعليق سيجبر شارون على القبول أو ترك السلطة ، لأن الناخب الإسرائيلى لن يساند رئيس وزراء سيكون فى حالة صراع مع البيت الأبيض " هذه الأقوال قالها فندلى فى (الأهرام ويكلى 10/2002) .
ثم يؤكد مؤلف الكتاب الفرنسى (بونيفاس) فى صفحات آخرى فى الكتاب أن كثيراً من الخبراء الاستراتيجيين ، بدون أن يستعيدوا حججاً قوية مثل هذه ، يؤكدون ان السياسة تجاه إسرائيل بدأت تطرح مشاكل .
زبيجنو برزنيسكى الذى يعد أحد الاستراتيجيين الواقعيين والذى ساند إسرائيل دائماً ، وربما لا يتهم بضعف أمام الإرهاب ، كتب مؤخراً : " فى العمق يعتمد الاستقرار فى المنطقة على السلام بين إسرائيل والفلسطينيين . بالطبع الإرهاب الفلسطينى ينبغى أن يرفض ويدان . غير أن هذا لا ينبغى أن يتحول بحكم الواقع إلى سياسة دعم أو قمع وحشى أو زرع مستوطنات وجدار جديد . ويرى أن المشكلة الرئيسية للولايات المتحدة تكمن فى الغضب العربى الذى تفجره مساندة الولايات المتحدة لإسرائيل ، وهو غضب ينتشر تدريجياً بين المسلمين غير العرب من إيران وباكستان ، وأضاف : السلام الإسرائيلى – العربى هو الأمر الأكثر استعجالاً – على الأقل – لأنه يحدد إمكانيات التقدم حول هدفين آخرين . الأولوية تتعلق بالصراع الإسرائيلى – الفلسطينى الذى ينبغى أن يكون حله هدف الساعة . ودائماً كما يقول "نزوع الولايات المتحدة ، فى ربيع 2002 ، للتضامن مع المبادرات الأكثر تطرفاً من قبل إسرائيل لإلغاء الفلسطينيين باسم مقاومة الإرهاب تعطى نموذجاً معبراً . ومثل هذا الموقف يجعل صياغة رد استراتيجى فعال على الارهاب أكثر تعقيداً " .
ثم يقدم لنا المؤلف شهادات آخرى فها هو رجل المال جورج سوروس يكتب فى أحدث كتبه : " نحن فى وضع تملك فيه إدارة بوش وسائل التأثير على الصراع الإسرائيلى – الفلسطينى . والخطوط الكبرى لمستقبل تسوية صارت معروفة . غالبية الشعبين ترغب بشدة فى العيش بسلام ، لكن بسبب تاريخ طويل ومضطرب لهذا الصراع لا يبدو أن هناك أى تقدم مع غياب الضغوط الخارجية .
يسير فى الاتجاه ذاته ، ريتشارد كلارك ، الذى كان مسئولاً لما يقرب من عشر سنوات عن مكافحة الأعمال الإرهابية فى الولايات المتحدة يقول : " إذا تمكننا من فرض سلام فى الشرق الأوسط ستفقد القاعدة جزءاً هاماً من المساندة الشعبية لها ، وفى الوقت نفسه سيختفى الجزء الجوهرى من الحقد الموجه لأمريكا " .. القرار الذى اتخذه ريجان بتطوير العلاقات العسكرية مع إسرائيل كان مبرراً من وجهة نظر أخلاقية وعسكرية ، غير أن تعزيز العلاقات مع تل أبيب ، لم يفعل سوى إثارة المتطرفين العرب ، وإعطائهم ذرائع لتجنيد إرهابيين فى خدمة قضية معاداة أمريكا .
وكتب فريد زكريا مدير المجلة الأسبوعية نيوزويك : " صار احتلال اسرائيل للضفة وغزة قضية العالم العربى ، وحتى إذا كان هناك استغلال لهذه القضية من قبل القادة العرب الانتهازيين ، فإن هذه القضية صارت واقعاً لا يمكن لأحد أن يتجاهله " .
ويرى توماس فريدمان ، وهو كاتب (افتتاحيات صحفية) أنه سأل مقدم برنامج "60 دقيقة" فى قناة CBS سكوت بيليه ، إذا كان للعراقيين كنية يستخدمونها لتسمية الأمريكيين ، على غرار شارلى ، وهو الاسم الذى أطلقه الفيتناميون على العساكر الأمريكيين . وكانت الإجابة : "كثير من العراقيين يتحدون تماماً الأمريكيين إلى درجة أنهم وجدوا لهم كنية ، إنهم يطلقون عليهم اسم " اليهود " ، ويخاطبون أنفسهم : " لا تذهب فى هذا الشارع ! اليهود أقاموا به حاجزاً ! ويقول فريدمان ذاته : " هناك قول يشيع فى العالم العربى وهو أن العدو الأكبر للإسلام يدعى JIA ، اختصاراً لـ : اليهود ، إسرائيل ، أمريكا " . وعشرات الشهادات الأمريكية التى يقدمها المؤلف التى تؤكد أن هذه الحرب العالمية الرابعة على الارهاب تصب بالأساس لمصلحة إسرائيل من جهة وتخلق رد فعل موازى لها يؤدى إلى اتساع رقعة هذا الارهاب – وفقاً للمؤلف – ولأصحاب هذه الشهادات فى العالم .
أخطاء فى الرؤية
لقد وقع مؤلف كتاب الحرب العالمية الرابعة فى جملة من الأخطاء أو لنقل النوايا الحسنة فى التحليل تخالف الواقع فى عنفه وشراسته ، فهو فى مجمل كتابه عندما يطرح الحلول لإنهاء الأزمة الأم فى المنطقة ، أزمة الصراع العربى الصهيونى ، يقزمها إلى صراع فلسطينى إسرائيلى (ويصر على ذلك طيلة الكتاب) ثم يراهن على ما يسمى بجماعات السلام الإسرائيلية رغم علم كافة المحللين الجادين ان هذه الجماعات هامشية وتأثيراتها محدودة بل ان بعضها يعمل لصالح القوى اليمينية المحافظة داخل الكيان الصهيونى ، وأخيراً من أخطاء المؤلف السيناريوهات التى وضعها لحل الصراع والتى انطلقت من عدم فهم الواقع وكيف أن الإرهاب الإسرائيلى المغطى أمريكياً يحول دون تحقيق السنياريو العادل فيها ، ولعل ما استشهد به المؤلف – ذاته فى كتابه ما ينم كدليل على ما نقول ، فهو على سبيل المثال يقول فى الفصل العاشر نقلاً عن النائب الليكودى يائيل حزان ، وهو زعيم لوبى المستوطنات – مجلس المستوطنات فى الضفة وقطاع غزة قوله فى خطاب له بالبرلمان الإسرائيلى فى 13 ديسمبر 2003 : " العرب هم ديدان أرض ، وفى أى مكان يوجدون فيه هم ديدان سواء تحت الأرض أو فوقها " ثم يسأل المؤلف باسكال بونيفاس نفسه قائلاً : هل يمكن النظر لهذه التصريحات على أنها غير مسئولة ومنعزلة ؟ وكيف يمكن إذن تفسير أن الذى قال هذا الكلام لم يطرد من حزبه ولم يطرد من البرلمان . لا يوجد حزب سياسى أو برلمان غربى يمكن أن يسمح بمثل هذه الأقوال ، وهل يمكن أن نتخيل ردود فعل الحكومة الإسرائيلية إذا صرح مسئول سياسى من الـ 190 دولة الأعضاء بالأمم المتحدة بأقوال مشابهة عن اليهود ؟ .
ولمزيد من التدليل على هذا الارهاب الإسرائيلى نشير إلى أنه فى كتابه " إلى مقبرة مفتوحة" أشار ميشيل فارشاوسكى الى نماذج من الأفيشات والملصقات على السيارات الإسرائيلية. ومن بينها نقرأ : التهجير (المقصود للعرب) = السلام + الأمن ، " اطردوا العدو العربى " ، "اهزموا العرب ، حطموا العرب" ، " لا يوجد عرب ، لا توجد تفجيرات " ، "هم أو نحن – تهجير " ، " حاكموا مجرمى أوسلو" ، " السلام كارثة ، نريد الحرب " . وانتهى الى اسنتناج ان الخطاب العنصرى فى بلده صار رسمياً وشائعاً ومشروعاً من قبل أحزاب سياسية واسعة الانتشار ولها وجودها فى الحكومة ، وهو خطاب يدور – كما يرى – على محورين يجتمعان ليؤلفا الفلسفة السياسية المتبعة تجاه الشعب الفلسطينى وهى الضرب والطرد . وأن وحشية هذه السنوات الأخيرة تجد مصدرها فيما هو كامن فى عمق الطبيعة البشرية أى الخوف ورغبة الانتقام . ثم دعونا نقرأ لمن هم من داخل إسرائيل وممن يحسبون على اليساريين مصداقاً للقول المأثور " وشهد شاهد من أهلها " وسنجدهم يدركون عمق العنصرية الإسرائيلية ، لنقرأ أيضاً ما تقوله شلوميت ألونى ، وهى وزيرة تعليم سابقة بإسرائيل (من المعارضة اليسارية) : " إسرائيل دولة تمييز عنصرى ، ولا أحد يهتم بذلك إلا عندما تتحدث الصحافة الأجنبية ، وعلى الفور يتهم الصحفى بالعداء للسامية " . وفى مايو 2004 ، فى معرض حديثه عن تهديم المنازل التى يقوم بها الجيش الإسرائيلى فى مدينة رفح الفلسطينية ، وصورة المرأة الفلسطينية العجوز الباحثة عن متاعها بين خرائب منزلها المدمر صرح وزير العدل يوسف بليد قائلاً إن هذا المشهد يجعله يتذكر جدته ضحية النازية . وأيضاً إبراهام بورج ، وهو رئيس عمالى سابق للكنيست : " لقد ماتت الصهيونية ، والذين اعتدوا عليها يجلسون فى مقاعد الحكومة الإسرائيلية .. كانت الثورة الصهيونية ترتكز على دعامتين: تعطش للعدالة ، وفريق تطلعى تحكمه الأخلاق المدنية ، لقد اختفى هذا وذاك " [ماتت الثورة الصهيونية ، لوموند ، 10/9/2003 " ] .
وكذلك يمكن أن نقرأ هذا النمط من الملاحظات المُفحمة فى الصحافة الإسرائيلية : " ربما يفرح بعض الوزراء الإسرائيليين وهم يرون الدبابات تقتحم مدينة نابلس ، وطائرات الهليكوبتر وهى تحلق فوق مدينة غزة . لكن فى العالم الإسلامى ينظر لها على أنها حرب الشعب اليهودى المدعوم من الولايات المتحدة ضد العالم الإسلامى " . [يديعوت أحرونوت – 20 سبتمبر 2003 ] .
******
هذه الرؤى والقرارات والتى يأتى بعضها من داخل الكيان الصهيونى ذاته تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك اننا إزاء حقائق على أرض الواقع لا تغيرها حسن نية المؤلف (باسكال بونيفاس) ورغبته باستبعاد سيناريو الأمر المفروض بقوة الدبابات وهو السيناريو الأمريكى / الإسرائيلى الحالى ، الى اختراع سيناريو من لديه يقوم على مبادرة جنيف التى وقعها كل من (الفلسطينى ياسر عبد ربه والإسرائيلى يوسى بيلين فى ديسمبر 2003) والتى تلغى حق العودة مع تعويض مادى فقط للفلسطينيين وتطالب باعتراف كل الدول العربية بإسرائيل وأن تأخذ إسرائيل مستوطنات الضفة كلها والحى اليهودى بالقدس وحائط المبكى مقابل أن يعوض للفلسطينيين دولة فى حدود 1967 ونسأل أية دولة تلك وكيف ستتنفس وقد تم خنقها جواً وبحراً وبراً ، مع وجود جدار عازل تقريباً تم الانتهاء منه !!
* ان النوايا الطيبة للمؤلف لا تستقيم والواقع غير الطيب الذى تؤكده يومياً السياسات الارهابية الإسرائيلية تجاه الشعب والأرض الفلسطينية ، والمغطاة أمريكا بالفيتو تارة وبالدعم التسليحى تارة آخرى .
* ورغم هذه الملاحظات ، يتبقى أن نشيد بالمؤلف والمترجم معاً على جهدهما فى تقديم رؤية فرنسية مثيرة للجدل داخل بلادها وتستحق أن تحتفى بها – رغم أى خلاف معها – فى بلادنا، خاصة الموقف المتميز للمؤلف تجاه الارهاب الأمريكى ضد العالم وضد الإسلام الذى يسمى خطأ بالحرب العالمية على الارهاب ، فتحية للمؤلف على شجاعته وللمترجم على وعيه وملاحظاته التى امتلأت بها صفحات الكتاب (فى الهامش) لتصويب القضايا وبخاصة ما ينقل منها بالحق العربى والإسلامى .
E – mail : yafafr @ hotmail . com
تعليقات
شارك
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|