أكد عدد من القضاة ورجال القانون، ونشطاء حقوقيون أن استقلال السلطة القضائية هو المدخل الحقيقي لتحقيق الإصلاح الشامل.
وطالب المشاركون خلال افتتاح المؤتمر العلمي الدولي «دور القضاة في الإصلاح السياسي في مصر والعالم العربي»، الذي ينظمه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع مركز البحوث للتنمية بفرنسا بضرورة استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، مؤكدين أن معظم دول شمال المتوسط تحكمها قوانين أقل ما يقال عنها أنها قوانين مشكوك فيها. ويناقش المؤتمر بالتنسيق مع الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الأورومتوسطية وبدعم من المفوضية الأوروبية، وبمشاركة نحو ١٠٠ من القضاة والحقوقيين والمحامين والكتاب والأكاديميين من ١٢ دولة عربية علي مدار ٣ أيام دور القضاة في الإصلاح السياسي والدفاع عن استقلالهم.
وقامت أجهزة الأمن بمنع مراسلي بعض القنوات الفضائية «الجزيرة» و«الحرة»، من دخول الفندق الذي ينعقد به المؤتمر وهو ما أثار حفيظة المشاركين، مؤكدين أن منع وسائل الإعلام المرئية من تغطية فعاليات المؤتمر أمر مثير للجدل، خاصة أن المشاركين لا يدعون إلي رفع السلاح أو التطرف وإنما يناقشون دور السلطة القضائية في قضية الإصلاح.
وأكد المستشار يحيي الرفاعي الرئيس الفخري لنادي القضاة أن استقلال القضاء في أي دولة هو المقدمة الحتمية لتحقيق الإصلاح.
وقال: لكي يكون القضاء مستقلاً يجب أن تكون كل أموره المالية والإدارية - وكل ما يتعلق بشؤونه - منوطة بالقضاة أنفسهم دون تدخل أي جهة أخري. وقال: إن استقلال القضاء مكون من فرعين: استقلال القضاء كسلطة وكأشخاص، مشدداً علي أن استقلال القضاء يعتمد علي العصمة الذاتية للقاضي.
وشدد الرفاعي علي أن استقلال القضاء يستوجب منع التصادم بين السلطات ومنع تدخل أي جهة في عمل القضاء خاصة السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وقال الرفاعي إن دور القضاء هو محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين والمفسدين والبحث عنهم وتحقيق المساواة، بالإضافة إلي أنه الضمانة لحرية الصحافة والصحفيين ولكل الحريات.
وأكدت الدكتورة سارة بن نفيسة ممثلة مركز البحوث للتنمية بفرنسا أنه ليست هناك سيادة للقانون إلا عن طريق القضاء المستقل.
وقالت إن تغيير السلوكيات للهيئات القضائية له تداعيات ليست سياسية فحسب وإنما تداعيات اجتماعية واقتصادية، مشددة علي ضرورة تناول تلك التداعيات والتي تطرأ علي السلطة القضائية في العالم العربي لإيجاد حلول لها. ولفت ميشيل توبيانا ممثل الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان إلي أن بعض دول شمال البحر المتوسط تحكمها قوانين أقل ما يقال عنها أنها قوانين مشكوك فيها. وأوضح توبيانا أن العدالة تعتمد علي بعض المعايير التي تعكس تنوع البشرية، مشيراً إلي أن هياكل العلاقات التي تعكس السلوك الاجتماعي أصبحت ذات طابع مفتوح، وأن ذلك يتطلب طرفاً ثالثاً للحكم بين الأطراف المتنازعة.
وتساءل المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر عن أسباب صحوة القضاة مؤخراً، ورد قائلاً: إن القضاة أدركوا أن إصلاح القضاء هو القاطرة لأي إصلاح آخر ننشده.
وأكد بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن النظام السياسي نظم خلال التسعينيات عملية انقلاب تشريعي تستهدف بالأساس تكبيل قوي الإصلاح، معتبراً أن تعديلات قانون الأحزاب السياسية العام الماضي شكلت خطوتين إضافيتين للخلف.
وأوضح بهي أن القضاة يتبنون خياراً مؤداه أن المدخل الرئيسي للإصلاح السياسي في مصر هو إنجاز استقلال القضاء، منتقداً في الوقت نفسه تجاهل مشروعهم الذي طرحوه عام ١٩٩١ عند بدء حقبة القمع التشريعي، الذي لم يجد طريقاً للنور رغم مرور ١٥ عاماً علي تقديمه للحكومة.
وقال إن وجهة نظر القضاة وأطراف أخري هي كسر احتكار وهيمنة السلطة التنفيذية علي السلطتين: البرلمان والقضاء، باعتباره المدخل الحقيقي للإصلاح، مشيراً إلي أنه في ظل حالة الموات التي تعيشها الأحزاب السياسية في مصر خلال العقدين الأخيرين فإن القضاء هو رأس الحربة المرشح لكسر هذا الاحتكار، ولإكساب العلاقة بين السلطتين التنفيذية والقضائية قدراً من التكافؤ والتوازن.
وعرض المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض ورقة بعنوان: «أضواء علي العلاقة بين القضاء والنظام السياسي في مصر منذ يوليو سنة ١٩٥٢ حتي الآن».
وأكد مكي أن قيام سلطة قضائية حرة مستقلة ينفرد بها الدستور بتأكيد استقلالها وبيان ضمانات أعضائها يعد ضمانة أساسية من ضمانات شعبنا، ومن ثم دعامة أساسية من دعامات صلابة الجبهة الداخلية.
جريدة المصرى اليوم
|