بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ / أشرف مشرف
شكراً لكم على عمق بحثكم و تأصيل نصوصة
فهذه الإشكالية من أهم المسائل التى تعرض لها القانون رقم ( 91 ) لسنة 2000 الذى جاء تعديلاً
للقانون ( 1 ) لسنة 2000 بتنظيم إجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية، و كانت المحكمة
الدستوريا العليا قد قضت بجلسة 29 / 6 / 1974 فى الطعن رقم ( 1 ) لسنة 5 قضائية ، بدستورية
المادة 347 من اللائحة الشرعية و قد أعاد المشرع إصدارها بمقتضى القانون رقم 91 لسنة 2000
بعدما تأكدت المحكمة الدستوريا العليا من أن النص مستمد من أحكام الشريعة الاسلامية التى توجب
على المدين الوفاء بديونه من تلقاء نفسه إبراءاً لذمته فإن امتنع رغم قدرته على الوفاء يكون ظالماً
و يجوز زجره و ردعه عن التمادى فى ظلمه فالرأى متفق عليه بين أئمة المسلمين و هو جواز حبس
المدين الموسر الممتنع عن آداء الحق لمستحقه حملاً له على آدائهو لهم فى ذلك أدلة من السنة و الإجماع
إذ جاء فى الحديث الشريف " لى الواجد ظلم يحل عرضه و عقوبته" و اللى المطل، و الواجد الغنى،
و إحلال العرض هو إغلاظ القول للمدين و شكايته.و روى عن الخليفة عمر بن الخطاب و على بن أبى طالب
و كثيرٌ من الصحابة و التابعين و قضاة المسلمين أنهم كانوا يحبسون المدينين المماطلين و قد كانت هذه
المبادئ معمولاً بها فى مصر فى الديون كافة قبل سن القوانين الحديثة ..
فنص فى البند رقم (50 من لائحة 17 يونية 1880 و هى أول تشريع منظم للمحاكم الشرعية على ما يلى:
" حيث أن الأحكام الشرعية تقتضى فى بعض الأحيان سجن بعض الأشخاص على حقوق شرعية بحسب
ما تقتضيه الأصول المرعية شرعاًفتلزم أنه إذا وجد رئيس المحكمة من يقتضى سجنه بحسب الكيفيات
المعلومة شرعاً أن يجرى سجن من ذكر بسجنها المختص بهابموافقة الشرع .........."
و ظل هذا النص معمولاً به حتى صدرت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية رقم ( 31 ) لسنة 1910
و قصرت الحبس على ديون النفقة و ما فى حكمها فى مادتها رقم ( 343 ) ، ثم رددت المادة ( 347 )
من ذات اللائحة و الصادرة بالقانون رقم 78 لسنة 1931 رددت المادة ( 343 )الصادرة بالقانون رقم
( 31 ) لسنة 1910 مع تعديل يسيرلم يجاوز تخويل المحكمة التى أصدرت الحكم ذات الاختصاص المخول
للمحكمة الجزئيةالتى يقع بدائرتها محل التنفيذ و هو الحكم بحبس المحكوم عليه الممتنع عن تنفيذ الحكم
رغم قدرته على ذلك....
و تلك من المآخذ الإيجابية التى تحسب للمشرع و قد قنن فى تلك النصوص الحالية و السابقة، حكماً من
الأحكام المتفق عليها فى الشريعة الاسلامية، و المتفقة مع المادة الثانية من الدستور كما فعل فى أكثر
مسائل الأحوال الشخصية.
و الحديث عن المادة 293 ع التى جاءت بعد مخاض من التشريعات المتأصلة و ما انتهى به المشرع
فى النص الجنائى هو سداً للنتيجة السلبية لتنفيذ دعوى الحبس المعروفة ..........................
و بالنسبة لما انتهيتم إليه فى الخلاصة النهائية للبحث الشيق، فاستميحكم عذراً فى التنوية على البند
رقم ( 1 )على أنه لا تشترط المادة أن يكون الحكم نهائياً..
فصريح النص "أن يكون حكماً واجب النفاذ "و ليس نهائياً، أى سواء أكان حكماً منهياً للخصومة أو
بتقدير نفقة وقتية - باعتباره واجب النفاذ - طبقاً للمادة ( 65 ) من القانون رقم ( 1 ) لسنة 2000
و التى قررت أن الأحكام والقرارات الصادرة بالنفقات أو الأجور أو المصروفات و ما فى حكمها تكون
واجبة النفاذ بقوة القانون و بلا كفالة.
و إعمالاً لحكم المادة ( 16 ) من القانون رقم ( 25 ) لسنة 1929 المعدل أو بزيادة نفقة مفروضة بحكم سابق
سواء أكانت المحكمة التى أصدرته جزئية أو كلية وفقاً لحكم المادة (10/4) من القانون رقم ( 1 )
لسنة 2000 و كما يخضع أيضاً لحكم المادة 293، أحكام الأجور مع النفقات .
و من المعلوم أن لفظ النفقة تشمل النفقات و ما فى حكمها من أجور و مصروفات ... إلا أن الأخيرة
( المصروفات ) تخرج عن نطاق تطبيق المادة 293 لعدم النص عليها فى المادة المذكورة باعتبار أن
النص الجنائى لا يجوز القياس عليه أو التوسع فى تفسيره.
كما أضيف إلى ما تفضلتم به أنه يشترط أيضاً
*أن يكون المشكو فى حقه قد قام بتنفيذ حكم الحبس الصادر ضده وفقاً لحكم المادة ( 76 ) من
القانون رقم ( 1 ) لسنة 2000 .
* أن يتوافر القصد الجنائى العام القائم على العلم و الإرادة المنصرفين إلى ارتكاب الجريمة.
* أن يظل المحكوم ضده ممتنعاً عن السداد مدة ثلاثة أشهر بعد قيام القاضى الجنائى بالتنبيه عليه بالدفع الذى
يتعين عليه إجرائه فى مواجهته فى حالة حضوره أو ثبوت قيام المحكمة بإعلانه به فى حالة غيابه.
( قوانين الأحوال الشخصية معلقاً على نصوصها،نسخة نادى القضاه -
المستشار/ أشرف مصطفى كمال ص 67 )
و أخيراً .....
فقد قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 45 لسنة 17 قضائية بدستورية ازدواج العقوبة
ضد المحكوم ضدهم وفق حكم المادة ( 76 ) مكرر من القانون رقم ( 1 ) لسنة 2000 و المادة 293
عقوبات على سند من القول بأن غنطواء النص المطعون فيه على فرض أكثر من عقوبة على جريمة
واحدة مردود ... أولاً : بما هو مقرر من أن اللجوء لنص المادة 293 عقوبات يفترض استنفاد التدابير
التى حددتها المادة ( 347 ) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية و التى حلت محلها المادة ( 76 ) مكرر
من القانون رقم ( 1 ) لسنة 2000 لتحصيل النفقة المحكوم بها ولتضرر المستحقين من استمرار الامتناع
و المماطلة بعد التنبيه الوارد ، و الامتناع لازال بالتالى ممتداً من حيث الزمان بما مؤداه أن وقائع الامتناع
مع تعددها لا تشكل مشروعاً إجرامياً واحداً بل يكون لكل منهما ذاتيتهاباعتبارها وقائع منفصلة عن بعضها
البعض و إن كان هدفها واحداً.....
أشكر الأستاذ أشرف على طلته القانونية الممتعة... بارك الله فيك و فى قلمك المشرف.
فى أمان الله