بتاريخ 18/5/2003، تم فتح باب الترشيح للانتخابات النيابية لمدة ثلاثة أيام تنتهي في 20/5/2003 حسب المادة (11) من قانون الانتخاب المؤقت رقم 34 لسنة 2002 (القانون). وقد رفضت اللجنة المركزية لمحافظة العاصمة المشكلة بموجب المادة (24/أ) من القانون، طلبات ترشيح اكثر من شخص لاسباب اما عشائرية او عرفية او قانونية حسب أحكام القانون ذاته. ومن بين الأسماء التي رفضت اللجنة طلبها، السيدة توجان فيصل التي سبق لمحكمة أمن الدولة وإدانتها خلال سنة 2001، بجريمة إذاعة أنباء كاذبة من شانها المس بهيبة الدولة والنيل من كرامة أفرادها خلافا لاحكام قانون العقوبات. وصدر بشأنها حكم بالحبس سنة ونصف. وفيما بعد، صدرت إرادة ملكية بالعفو عن السيدة توجان عفوا خاصا حسب المادة (38) من الدستور، والمادة (51) من قانون العقوبات. واستنادا للمادة (8/ز) من قانون الانتخاب المؤقت رقم (34) لسنة 2001، فانه يشترط في المرشح لعضوية مجلس النواب، ان يكون غير محكوم عليه بالسجن مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية، ولم يشمله عفو عام. ووفقاً لهذا النص، قررت اللجنة المركزية رفض طلب السيدة توجان، ما دام انه محكوم عليها بجريمة (غير سياسية) لمدة تزيد على سنة، ولم يشملها عفو عام، دون اعتبار للعفو الخاص الصادر بحقها.
وتعقيبا على قرار اللجنة المركزية، اشير الى ما يلي:
أولا: ان المادة (75) من الدستور، تنص على عدم جواز ان يكون الشخص عضوا في مجلس النواب اذا كان محكوما عليه بالسجن مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يعف عنه. ولم يفرق هذا النص بين كون العفو عاما يصدر بقانون (المادة 50/عقوبات) او عفوا خاصا يصدر بإرادة ملكية بناء على تنسيب مجلس الوزراء (المادة 51/عقوبات)، مما يعني انه يجوز للسيدة توجان ان ترشح نفسها للانتخابات مادام قد صدر بحقها عفو خاص. وعلى ذلك، فإن المادة (8/ز) من قانون الانتخاب غير دستورية لاشتراطها ان يكون العفو عاما خلافا للدستور. وللتذكير فقط، فان قانون الانتخابات السابق رقم (22) لسنة 1986، كان يشير الى العفو دون تفرقه بين كون العفو عاما او خاصاً بما يتفق مع الدستور تماماً (المادة 18/د).
ثانياً: سبق وتأكد الحكم بعدم دستورية النصوص القانونية الخاصة بالانتخابات من قبل محكمة العدل العليا بقضية يمكن القياس عليها في قضية السيدة توجان فيصل. فالدستور يشترط في المرشح أن لا يقل عمره عن (30) سنة شمسية (المادة 70 )، ولم يحدد الدستور بالضبط متى يجب ان يبلغ المرشح هذه السن. فجاء قانون الانتخاب رقم (24/60)، واشترط في المرشح ان يكون قد أتم الثلاثين من عمره، ولكن القانون أضاف للنص الدستوري، ان هذا السن يجب ان يكون قد اكتمل في الأول من كانون الثاني من السنة التي يجري فيها الانتخاب (المادة 17/ج) كما هو الأمر في القانون الحالي. وعندما رفع الأمر الى محكمة العدل العليا، قضت المحكمة بعدم دستورية هذا النص، قائله بأنه لا يعمل بالنص التشريعي المخالف للدستور، وقررت جواز ترشيح الشخص الذي اكمل الثلاثين من عمره وقت الترشيح (عدل عليا رقم 35/67). ولعله من المفيد أن أشير هنا الى أنه استقر الاجتهاد القضائي على ان لأي محكمة ان تبحث دستورية القوانين (بما في ذلك محكمة البداية)، فإذا وجدت ان النص القانوني مخالف للدستور قضت بعدم تطبيقه وطبقت الدستور.
ثالثا: وباشتراط ان يكون العفو عاما حسب ما جاء في القانون خلافا للدستور، يكون القانون، من ناحية ثانية، قد فسر عبارة "لم يعف عنه" الواردة في الدستور، بأنها تشمل العفو العام فقط، مع ان تفسير أي نص دستوري هو من مهمة الديوان العالي لتفسير الدستور وليس من التشريع حسب المادة (122) من الدستور. وبذلك، يكون مشرّع القانون (المؤقت) تجاوز صلاحياته الدستورية.
رابعاً: وأخيرا أود أن أشير الى أن قرار اللجنة المركزية قابل للطعن أمام محكمة البداية خلال ثلاثة أيام من صدور القرار، وان حكم المحكمة (سلبا او إيجابا) يكون قطعياً وغير قابل لأي طريق من طرق الطعن (المادة 13 من القانون)
مع تحياتي / أمير صديق عمر
مــــــــر مــــــر