اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
الوزير
التاريخ
4/29/2004 3:31:00 PM
  سؤال يفرضه الواقع القضائي في وطني ؟      

بسم الله الرحمن الرحيم

أخواني الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله

سؤالي

هل تؤيد تقنين أحكام الشر يعه الا سلاميه؟

مع ذكر الاساب المؤيده لوجهة نظرك


  الوزير    عدد المشاركات   >>  7              التاريخ   >>  29/4/2004



    أتمنى أن أرى وجهة نظر الاخوه

ابو وائل

الوسيط

شناني

احمد حلمي

وجميع أخواني الاعزاء في المنتدى

مع اطيب تحياتي وتقديري للجميع


  احمد حلمى    عدد المشاركات   >>  318              التاريخ   >>  30/4/2004



الأخ الوزير :

برجاء أن تتوسع فى شرح مفهومك لتعبير تقنيين أحكام الشريعة الإسلامية .

فإذا كنت تقصد تطبيق الشريعة فبالطبع لا أحد يملك أن يعارض التطبيق .. ولكنى أظنك تقصد ان تفرغ أحكام الشريعة فى قوانين وهذا هو معنى التقنيين .

وهنا يا صديقى لابد ان نقف عند بعض نقاط الخلاف . فهناك أحكام ثابته لا خلاف فيها مثل الحدود كحد القتل والسرقة .. وهناك وسائل إثبات مثل طرق إثبات جريمة الزنا مثلا .. وهناك بعض الاحكام كشهادة الشهود وما إلى ذلك ... كل هذا لا خلاف عليه ومن اليسير تقنينه فى قوانين طبقا لاحكام الشرع .

الأزمة فى الموضوعات المختلف عليها كيف يمكن تقنينها ... فهناك أمور لم يرد بها نص .. والمطبقين لأحكام الشريعة مثل السعودية تعتمد على كتب الشروح والتفاسير .. ولكن اختلاف آراء المفسرين هو الذى يجعل التقنين صعب .

قبل أن استرسل فى التفاصيل .. سوف أترك لك فرصة أن تعرض وجهة نظرك بشكل مفصل عما طرحته حتى يكون النقاش داخل إطار الموضوع .

فى انتظار شرحك للفكرة المطروحة .


  الوزير    عدد المشاركات   >>  7              التاريخ   >>  30/4/2004



الاخ احمد حلمي

ان بعض الظن اثم...ولكن ليس كل الظن اثم

فقد صدقت في ظنك...والذي اقصده هو مدى أمكانية صياغة احكام الشريعه الاسلاميه

في قوالب قانونيه مستمده من مصادر احكامها الشرعيه

بحيث يبين الفعل المجرم....والعقوبه ويكون المخاطب على علم مسبق بذلك

وتكون العقوبه ذات حد اعلى وحد ادنى وسلطة القاضي في نطاق الظروف

المخففه والمشدده للعقوبه

و سبب طرح الفكره هو ماثبت لدي من واقع

الممارسه من تفاوت الاحكام الصادره في قضايا متطابقه

   والتطابق هنا يعني التماثل

بحيث أصبحت ثقة المتقاضي بالقضاء مهزوزه

وأذا كنت ترى ان المانع الاختلاف فقد قال صلى الله عليه وسلم ان اختلاف امتي رحمه

فالاختلاف ليس أزمه مادام في الفروع بل هو الدافع لانه يشكل أكثر من رافد

لشريعتنا الحبيبه في كل زمان ومكان

 


  الوزير    عدد المشاركات   >>  7              التاريخ   >>  2/5/2004



سهري لتلقيح العلوم ألذ لي.....................من وصل غانية وطيب عناق

وتمايلي طربآ لحل عويصة.................أشهى وأحلى من مدامة ساقي

وصرير أقلامي على أوراقها..............أحلى من الدوكاء والعشاق

وألذ من نقر الفتاة لدفها..................نقري لألقي الرمل عن أوراقي

_____________________

يبدوا أن هناك أشكاليه في فهم مسمى المنتدى وأغلب المواضيع المطروحه

 فلم

أعد أعرف هل هو منتدى محامين أم منتدى مراسلين أخبار

____________________

أذا جار الوزير وكاتباه................وقاضي الأرض أجحف في القضاء

فاويل ثم ويل ثم ويل................لقاضي الأرض من قاضي السماء

 


  سامح سمير    عدد المشاركات   >>  47              التاريخ   >>  2/5/2004



السيد الوزير

لا أعرف ما علاقة هذا السؤال بموضوع المشاركة

ومع ذلك فكل شىء يتعلق بالقانون يخص المنتدى فقد يكون هناك خبر يخص قضية او موضوع قانونى نجد من المناسب نقله هنا لنتناقش فيه

ما المشكلة فى ذلك


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  2/5/2004



الأخ الوزير المحترم

إليك هذا الرابط ففيه مناقشة مستفيضة للموضوع

ولي عودة لإبداء رأيي الخاص

تقبل تحياتي

http://www.saudihr.org/shariealow.htm

 


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  2/5/2004



مفاهيم حول التقنين

عبدالله بن محمد عمر طه

من الملاحظ أن هناك سوء فهم لدى البعض لمسألة التقنين ، والبعض يعتقد خاطئاً أن التقنين يؤدي إلى الجمود وغلق الباب أمام الاجتهاد أو يحد من التعاطي مع القضايا المطروحة والمستجدة ومواكبتها بالتشريعات اللازمة والمناسبة نود أولاً أن نقول إن الدول التي أخذت بعملية التقنين في تشريعاتها المختلفة، لم تغلق الباب أمام العرف ولا أمام النهل من الاجتهادات والمدارس المختلفة التي تضمنها الفقه الإسلامي، فالقاضي يحكم بالقضية بموجب النص المقنن أولاً، فإن لم يجد فيحق له الرجوع إلى الشريعة الإسلامية بكل مدارسها ومذاهبها فإن لم يجد فله الأخذ بالعرف ما لم يكن مخالفاً للقانون وبالتالي فإن التقنين عملية فنية بحتة، ولكن لها جانباً حقوقياً كبيراً ولها بعد سياسي أيضاً يتمثل في تحديد الحقوق والواجبات بشكل علني ومسبق حتى يعرف كل مواطن ما له وما عليه ولا يترك للاحتمالات والتعسفات، وللتقنين جانب مهم في تحديد الحقوق السياسية للمواطن، والحقيقة أن القانون التجاري بالذات هو أكثر القوانين تغيراً ومرونة وأكثرها تأثراً بالعرف لا سيما أنه يتعاطى مع مواضيع وعمليات متطورة ومتجددة، حيث إن غالبية القوانين التجارية كانت أعرافاً ثم استقرت في التعامل حتى تمت شر عنتها بموجب قوانين، والتقنين ليس فقط إفراغ القواعد القانونية في صيغة مواد محددة ومرقمة، ولكن السلطة التنظيمية موجودة ويفترض أنها تواكب التطورات بإصدار التنظيمات المناسبة لها وبما يتوافق مع المستجدات في المجالات كافة، وبالتالي فإن التقنين ليس مرحلة نهائية، ولكنه مرحلة مفتوحة ومتجددة، بل هو قاعدة للانطلاق، وكما تعلمون فالقاعدة لازمة لكل بناء متين، فمجلة الأحكام العدلية الصادرة في عهد الدولة العثمانية عام 1293 هـ تعد الكتاب الذي يمثل تقنين أحكام الشريعة الإسلامية فقد فطنت الدولة العثمانية منذ ذلك الوقت إلى أهمية التقنين والدور الذي يلعبه في عصر الدولة المتدخلة التي تعقدت فيها الروابط الاجتماعية وأصبح من الضروري أن يعلم الفرد ما له وما عليه بالشكل الذي يكفل له حقوقه، وهذا مما يؤكد دور القضاء الساعي إلى إنزال الوقائع المعروضة أمامه على النصوص (التطبيق)، فهذه المتون الفقهية على اختلاف مذاهبها تعد من قبيل ما نتحدث عنه هنا، فالمستقرئ لهذه المتون في طريقة سبكها ووضعها في كثير من الأحيان بدون أدلتها الشرعية يجدها تقترب من فكرة القوانين بوضعها حديثاً مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات من حيث طبيعة كل منهما والغرض الذي أعدت له.

خلاصة القول أن فكرة تقنين الشريعة الإسلامية يمكن التعبير عنها بالآتي: صياغة أحكام الشريعة الإسلامية في صورة قواعد عامة مجردة تنظم سلوك الأشخاص في المجتمع وتلزمهم بالعمل بها.

ويعدد أصحاب هذا الاتجاه مزايا هذا التقين والتي منها:

أ - إن التقنين هو خلاصة ما يمكن العمل به من الأدلة والأحكام بشكل مناسب.

ب - التقنين تحديد لأبعاد الحكام الشرعي وبيان لمسايرة الشريعة الإسلامية لمصالح العباد وصلاحيتها لكل زمان ومكان ويستطيع الفقهاء المحدثون تحديد أحكامه بالنسبة للصور المستحدثة وهكذا نجد التقنين استكمالاً للبناء الفقهي الإسلامي.

جـ - هذا التقنين يتيسر على الفقهاء شرحه ومقارنة أحكامه بغيرها من المذاهب المختلفة فضلاً عن اشتغال آلاف القضاة والمحامين والطلبة بدراسته وفي هذا تيسير لدراسة وتدريس الشريعة الإسلامية:؟د - هذا التقنين يسهل على المحاكم تطبيق الشريعة الإسلامية ويقطع دابر احتمال التضارب في الأحكام، ويعاون القاضي والفقيه وكل مشتغل بالقانون على الاهتداء إلى القاعدة القانونية في يسر وسهولة.

هـ - هذا التقنين يسهل على الأفراد التعرف على أحكام الشريعة الإسلامية فلا يتيهون بين الآراء الكثيرة الموجودة في كتب الفقه الإسلامي والتي لا يعرف راجحها من مرجوحها إلا المتخصص فيها.

و - عدم تقنين أحكام الشريعة سيدفع حكام المسلمين إلى اقتباس القوانين الأجنبية لتنظيم شؤون الدولة.

ز - يؤدي التقنين إلى حسن سير الجماعة نتيجة إلمام الأفراد بقواعد القانون وتطبيقه على علاقتهم الاجتماعية المختلفة.

وسأستعرض في مقال قادم لأقوال المعارضين لهذا الفكر إن شاء الله تعالى.

----------------------------

* الباحث القانوني بإدارة المستشارين


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  2/5/2004



نساء تائهات عند باب المحكمة

تحقيق - سحر الرملاوي - بارعة إبراهيم

في ردهات المحكمة يبقى العدل الشرعي.. هو القول الفصل الذي يقبله الجميع ذكوراً وإناثاً.. كبيرهم وصغيره.. أمامه - القاضي - تنتفي كل الفوارق وتبقى كلمة الحق المستمدة من الكتاب والسنة هي المرجع المنصف بين المتخاصمين.. وفقاً لدستورنا الإسلامي. في المحكمة اخترنا المرأة.. محوراً لتحقيقنا.. بعد أن كان صوتها أعلى الأصوات مطالبة بالسماع له، والنظر إليها بعين تدرك نسيانها - كما تقول - ومنحها رعاية أكثر.. وسط هذا الضجيج وهذه الإجراءات.
فإن كان الذهاب للمحكمة أمر يشق على الرجال فهو على النساء اشق، وإن كان إثبات الحق يحتاج إلى شجاعة وصلابة قد يعجز عنها أكثر الرجال منطقاً فهو لدى المرأة أصعب وأكثر احراجاً. 'الرياض' حملت هذه القضية وزارت المحاكم واستجوبت صاحبات القضايا وكاتبنا المحامين والتقينا المحاميات وراجعنا نصوص الشريعة وبنود النظام سعياً وراء تقديم صورة كاملة للمرأة السعودية أمام القضاء وفي عيون النظام وفي كواليس العدالة، ورغبنا صدقا في وضع الصورة كاملة أمام المسؤولين لاكتشاف نقاط القوة ومناطق الضعف في أحوال المرأة في القضاء.

في المحاكم
ليس عسيراً أن تبدأ حواراً مع امرأة تنتظر دورها أمام القاضي في غرف انتظار النساء، فهن دوماً على استعداد لئن يفرغن شحنة قلقهن وحالة الترقب المشوبة بالارتباك بين يدي رفيقاتهن في الانتظار حتى بدون سابق معرفة وبدون أدنى مجهود..
وفي المحكمة الكبرى زرنا كل غرف انتظار النساء وتحاورنا مع كل امرأة كانت تنتظر النداء وخرجنا بعدد كبير من القصص تلخص مشكلة المرأة في المجتمع وهمومها التي تدفع بها إلى ساحة القضاء..
ولعل تقسيم مشكلات المرأة هناك واحدة من اثنين: اما انها قدمت في قضية أحوال شخصية (طلاق - حضانة - نفقة - خلع - إرث) وما إلى ذلك. أو انها قدمت للحصول على صك حياة تقدمه إلى جهات الضمان الاجتماعي أو الجمعيات الخيرية للحصول على إعانة ثابتة.. وبين هذه وتلك هناك بعض الحالات الأخرى كتلك التي جاءت لتطالب لنفسها ببطاقة تعريف بعد أن عاشت عمرها بلا أوراق رسمية.

شرط البنات حير القاضية
أم عبدالله جاءت إلى المحكمة طالبة الخلع من زوجها فهي سيدة متزوجة منذ خمسة وعشرين سنة ولديها سبعة من الأولاد، أربعة ذكور وثلاث إناث تقول: 'طلقني زوجي أكثر من ست مرات إلا أن ينكر ذلك ويرفض أن يعترف أمام القاضي بذلك، ويضع شرطاً للطلاق هو التنازل عن بناتي ليعشن معه إلا أنني أرفض ذلك تماماً فأنا أخاف على بناتي منه فهو يعاقر الخمر ويجعل من بيته مثوى لأصدقاء السوء. اطالب أنا اثبات فسخ عقد النكاح خاصة وانه طلقني فعلاً مرات كثيرة والشيخ يصر أن اعطيه بناتي ليطلقني، كيف أتمن مثل هذا الرجل على البنات؟ لقد سحب ملفات الأولاد الذكور من مدارسهم وهم عنده بلا دراسة منذ أكثر من سنتين ولو لا ستر الله وتعاون مديرات مدارس البنات معي لسحب ملفاتهن أيضاً وبقين بلا دراسة كاخوانهن الذكور.. انني في كرب وضيق لا يعلم به إلا الله واسأل الله الفرج.

4أعوام في انتظار الحكم
أسماء شابة معلقة عمرها  33سنة منذ أربعة أعوام تراجع محاكم الرياض من أجل الحصول على الطلاق ولا جديد، زوجها يعيش في شمال المملكة وطلبوا منها أن تراجع محاكم الشمال ان ارادت الطلاق رغم صعوبة مثل هذه المراجعة لامرأة لا أحد لها هناك. تقول أسماء: تزوجت منذ خمسة عشر عاماً ومنذ الأيام الأولى للزواج اكتشفت طباعه السيئة، وبقيت معه أعاني وانجبت منه لكن قبل أربعة أعوام تركت البيت وعدت لأمي الوذ بها مما أعاني، وخلال العام الأول لم يفكر بارسال نفقة لي وفي العام الثاني اخذ الأولاد مني وعندما لجأت للقضاء لكي اطلق منه وجدت أمام عقبة كبيرة فانا مطالبة بالذهاب إلى حيث يعيش زوجي في شمال المملكة وليس في محاكم الرياض حيث اعيش. فكيف للمرأة أن تلاحق الرجل.

ضائعة بلا هوية!
تحمل جلستها تقاسيم الخوف والارتباك تجهش في البكاء تقدمت نحوها مستفسرة فروت قصتها التي اصابتني بحالة من الذهول أمام جبروت البشر وظلمهم.. هي الزوجة الثانية لديها فتى في الرابعة عشرة من العمر وثلاث فتيات أصغرهن في الحادية عشرة توفي زوجها عنها منذ حوالي ست سنوات وكان يومها أبناؤها صغاراً لا يفقهون من أمرهم شيئاً ولأنها امرأة احضرها زوجها إلى المدينة من وسط البادية فهي لا تعرف كيف تتواصل مع أهلها وتعود لهم أو حتى تستنجد بهم طمعت الزوجة الأولى وأولادها الكبار بالثروة، فساموها الوان العذاب من ضرب واهانات إلى أن قرروا طردها من البيت وأخذوا أولادها منها، وبالفعل وجدت نفسها وحيدة على الرصيف ليس لها من معين بين البشر إلا صديقة هي من نفس قبيلتها، لجأت لها فآوتها في البداية ثم استغلت ضعفها وجهلها فأصبحت تجبرها على العمل خادمة لديها تطبخ وتنظف في المنزل وكل ما تحصل عليه على حد قولها هو (خبز بطنها) أي ما يكفيها لسد رمقها، وحبستها كل تلك الفترة ولم تكن ارحم عليها من ضرتها فكانت تضربها وتهينها وتطالبها بأن تأخذ ورثها طمعاً فيه لا شفقة عليها وكانت في البداية ترفض الرضوخ لطلبها لأنها كانت تخاف من بطش أولاد زوجها وتخاف على أولادها الذين حرمت رؤيتهم كل تلك السنوات إلا أنها قررت أن تقبل بطلب صديقتها واتت إلى المحكمة تطالب بما يثبت شخصيتها حيث إن كل أوراقها الثبوتية ما زالت في حوزة أولاد زوجها، وتطالب كذلك في حقها في الورث أملاً في أن يوفر هذا الورث منزلاً تعيش فيه محفوظة الكرامة، بعيداً عن الاهانات والمنة.

المهر مقابل الطلاق
شابة صغيرة في التاسعة عشرة من العمر اتت للمحكمة طالبة التفريق بينها وبين زوجها الذي يكبرها بحوالي الثلاثين عاماً وسبب طلبها هو أنه خدعها واخبرها أنه غير متزوج من غيرها لتكتشف بعد الزواج انها الزوجة الثالثة، بل انها في ذيل اهتماماته ولذا فلم ينقض على زواجها شهرين حتى بادرت بطلب الطلاق وهي الآن في شهرها الأخير ويرفض زوجها تطليقها حتى ترد له مهره، ذلك المهر الذي سُرق من منزل اهلها قبل اتمام الزواج. وفي حيرتها وعجزها تقبع هذه الشابة فهي لا تملك المال لكي ترده له وهي أيضاً لا تستطيع أن تكمل حياتها مع رجل لا يخاف الله.

خيانة زوجية بالاكراه
رغد شابة فلسطينية عمرها  20سنة لديها ولد وبنت في سن الرضاع، جاءت إلى المحكمة طالبة للطلاق بعد أن ابدى الزوج من الخصال ما لا تستقيم معه الحياة فهو يضربها ويهينها باستمرار كما أنه يعمد احياناً إلى حبسها في إحدى غرف المنزل ليستقبل ضيوفاً وعندما يفرج عنها تكتشف من الآثار الباقية أن الضيوف كانوا نساء.. ومنذ تسعة أشهر وهي تراجع المحكمة لطلب الطلاق غير أن الزوج يرفض الحضور ويماطل في الرد ويطالب بمهره إذا اصرت على الطلاق.

ونوع آخر
يرغمني زوجي على الاتصال بصديقته لاحضارها إلى المنزل بدعوى الزيارة العادية ثم يختلي بها في حضوري ولا يخاف الله فيّ أو في ابنته الصغيرة.. هكذا بدأت الشابة الأردنية حكايتها واضافت: جئت هنا كي اطالب بحضانة ابنتي بعد الطلاق فلا يمكن أن اقبل أن تعيش ابنتي في هذه البيئة الموبوءة وتكبر وهي تشاهد مغامرات والدها.. زوجي يرفض الطلاق إلا إذا تنازلت عن حضانة ابنتي ذات الثلاثة أعوام وأنا ارفض التنازل عن الحضانة ولدي ما يثبت كل اقوالي حول سلوك زوجي الشائن وانتظر عدالة القضاء التي لا اشك فيها.
وعندما شرعت في إخراج بعض الصور لترينا اياها نودي عليها فذهبت للقاضي مطالبة ايانا بالدعاء لها.

تطالبه بالعودة لها
أم محمد متزوجة منذ أربعة عشر عاماً انجبت ثلاثة اولاد، كانت زوجة ثانية ومنذ فترة طويلة والزوج منقطع عن بيته ومتفرغ لبيته وزوجته الأولى ولا يفكر بالمرور أو الإنفاق على بيته الثاني، وأم محمد جاءت لكي تطلب بحقها في زوجها وفي العدل الذي يقتضي في ابسط حالاته الإنفاق على الصغار خاصة وانها بلا مورد مالي يمكنها من الإنفاق عليهم كما انها تأمل أن يعود زوجها إلى رشده ويخشى الله فيها ويعدل بينها وبين زوجته الأولى فإن لم يفعل فستطلب الطلاق منه.

حالة بلا أدلة
الجوهرة شابة تزوجت منذ عدة أعوام إلا انها لم تنجب حتى الآن بسبب ضعف يعاني منه زوجها وهذا الأمر هو اهون الشرور التي تواجهها معه فهو يتعاطى المخدرات والخمور كما أنه يعوض النقص الذي لديه بالضرب والاهانة الدائمة لها وعندما لجأت للقضاء للحصول على الطلاق فوجئت بأنه مطلوب منها لكي تحصل على الطلاق أن ترد عليه كامل مهرها وهي تسأل هل كنت لاطلب الطلاق لو كانت حياتي معه طبيعية، كيف ومن أين احضر له مالاً أُنفق منذ سنين أسأل الله أن يجعل لي من ضيقي فرجاً.

صكوك الحياة هل من حل؟
صك الحياة لمن لا يعرف هو صك مطلوب من المرأة احضاره من المحكمة وتجديده بمعدل سنوي لتثبت من خلاله للجهة التي تحصل منها على الإعانة سواء اكانت جمعية خيرية أو ضماناً اجتماعياً أو حتى معاشاً أو راتباً تقاعدياً انها مازالت في الحالة التي تؤهلها للحصول على المعونة فهي لم تتزوج وهي مازالت على قيد الحياة.
ولقد قابلنا حالات كثيرة كان الهدف من قدومهن الحصول على هذا الصك كما لمسنا شكاية واحدة لدى كثير من النسوة تتعلق بضرورة حل هذه القضية بعيداً عن المحاكم بحيث لا تحتاج المرأة للقدوم للمحكمة كل فترة لتثبت انها كما هي لم تتغير احوالها فالامر في المحكمة أيضاً شكلي ويمكن حل المشكلة بربط كافة القطاعات الاجتماعية التي توفر إعانات ببعضها البعض عبر الحاسوب بحيث يصبح التقصي عن الحالات يتم باستعلام حاسوبي وليس بمشوار إلى المحكمة، أيضاً التقينا حالة مميزة قليلاً بهذا الخصوص فهي قد توفي ابنها وكان يعمل في الدفاع الجوي وحصلوا على شهادة الوفاة المعتمدة من جهة عمله إلا أن مؤسسة المعاشات ترفض إعطاء المعاش لهم قبل الحصول على صك إثبات وفاة من المحكمة وهو الأمر الذي لا ترى له الأم مبرراً حيث إن المصاب في حد ذاته كان عظيماً فلماذا الإثقال بطلبات لن تضيف جديداً مع وجود شهادة الوفاة المعتمدة من محل العمل؟

باحثة تربوية
اكتفينا من الميدان بهذه النماذج وبدأنا في دراسة احوال المرأة في القضاء دراسة نظرية أكاديمية وفي البداية توجهنا إلى الباحثة التربوية الأستاذة آمال عبدالله الفريح والتي تُعد رسالة دكتوراه عنوانها 'التكيف الاجتماعي والاقتصادي والأسري للمرأة المطلقة' ولما كان الطلاق أحد أهم أسباب توجه المرأة للمحاكم فقد كان هذا البحث يغنينا من جهة أن عينة الباحثة كانت ممن لهن قضايا طلاق في المحكمة وعددهن كبير أكثر مما استطعنا الالتقاء بهن ولذا فحديثها أكثر تدليلاً على واقع المرأة مع القضاء.

إحساس بالظلم
الباحثة آمال تحدثت قائلة: عينتي في البحث هن المطلقات في كافة الدوائر الحكومية والوزرات والمستشفيات والجمعيات الخيرية وعينتي مكونة من  840مطلقة وقد استغرق جمع الاستبانات وتعبئتها منهن أكثر من خمسة أشهر حيث قمت بجمع الاستبانات بنفسي وفي اجاباتهن المبدئية - فالبحث مازال قيد الإعداد - لفت انتباهي إحساس المطلقات بالظلم القضائي خاصة أن الرجل عندما يدخل المحكمة يكون على دارية بماله وما عليه ويستطيع أن يتلاعب في أمور كثيرة وغالباً ما يلجأ للضغط على المرأة لتطلب الطلاق، فقد يضربها ويمارس بحقها أشكالاً مختلفة للعنف المعنوي والنفسي في النهاية يطلب مهره نظير طلاقها، بالإضافة إلى أن بعض الرجال يدعن النساء معلقات حتى يجمعن المهور وهو أمر بالغ القسوة.

المطالبات يبحثن عن حقهن الشرعي
وتستطرد الأستاذة - الفريح في حديثها قائلة: أكثر من التقيت بهن يتذمرن من عدم استطاعتهن أخذ حقوقهن والتي قد تكون مكفولة لهن بموجب الشرع والقانون، لأن الرجل - والذي يكون هو المحرم - لا يستطيع أن يأخذ لهن حقوقهن الرسمية، أو بمعنى آخر لا يصر على نصرتهن، لأن هذا الحق لن تطاله المرأة إلا بعد سلسلة من الإجراءات والمعاملات يقوم بإنهائها محرمها، وهذا يُعد روتيناً قانونياً لأي قضية أو معاملة للمرأة في المحكمة لذا فمن المهم أن نتيح للمرأة مساحة أكبر في الحركة خاصة فيما يتعلق بما هو مادي أو إجرائي، عبر تعديل القوانين وجعلها أكثر مرونة.
وقد اتاح لي بحثي فرصة أكبر لتلمس مشاكل المطلقات في المجتمع والذي يحتاج من وجهة نظري إلى وقفة جدية للنظر في وضعها خاصة أن الكثيرات من النساء المطلقات يعانين من ظروف صعبة ويكفينا الأعداد الكبيرة لمن يلجأن للجمعيات الخيرية طلباً للمعونة خاصة إذا كان لديهن أطفال وأنا أسأل ماذا يمكن أن تفعل لامرأة وأطفالها مائتا ريال في الشهر تقبضها من الجمعية، وعندما تنحرف المرأة نحن أول من يحاسبها وبشدة، ومن هنا تأتي أهمية إعطاء الأولوية في الوظائف للمطلقات.
وأنا أجد هذا اللقاء مناسبة للمطالبة بتفعيل عمل اللجنة المسؤولة عن أحوال المطلقات، خاصة مع ارتفاع نسبة الطلاق في المجتمع، فيجب ألا نخبئ رؤسنا في الرمل بل علينا أن نواجه مشاكلنا بجرأة ونسعى إلى حلها، ولا اعرف لماذا لم نسمع عن هذه اللجنة رغم أنه كان مقرراً إنشاؤها قبل عام ونصف العام من الآن؟

المحامي الجبر: تقنين الأحكام ضرورة
لا يمكن أن نناقش ملف المرأة في القضاء دون أن نحاور المحامين فهم أكثر الفئات اقتراباً من هذا الواقع وهم القادرون فعلياً على توصيفه وسد أية ثغرات يمكن أن تنجم عن تعاطينا الحر مع القضية وبداية سألنا رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بالاحساء والقاضي سابقاً الشيخ الدكتور يوسف الجبر حول النظام القضائي للاحوال الشخصية في المملكة فأجابنا فضيلته:
لا يوجد في نظامنا القضائي محاكم خاصة بالاحوال الشخصية كما هو موجود في دول العالم الأخرى وبطبيعة الحال لن يوجد قوانين خاصة بشؤون الأحوال الشخصية، والذي يجري عليه العمل حالياً هو رجوع القاضي إلى المراجع الفقهية مباشرة واستخراج حكم القضية وقد يكون الحكم مبنياً على نص شرعي كتخيير الزوجة في استمرار الزواج الذي أكرهت عليه إذا يستند على فعل الرسول عليه الصلاة والسلام عندما اشتكت إليه فتاة من قيام والدها بتزويجها بمن لا تحب فخيرها الرسول عليه الصلاة والسلام فاختارت نفسها ففرق الرسول الكريم بينهما وقد يكون الحكم مبنياً على اجتهاد من قبل الفقيه أو القاضي بناءً على قياس أو ترجح المصلحة في الحكم.
ونظراً لعدم تقنين الأحكام القضائية في المحاكم الشرعية فأحكام القضاة قد تختلف حسب اجتهاد كل قاض، ومثال ذلك أن تطالب امرأة مطلقة من طليقها بالنفقة والسكنى حتى تتزوج فيحكم القاضي الأول بعدم استحقاقها لشيء بناءً على مذهب الحنابلة وقد يحكم القاضي الثاني باستحقاقها لتوفير سكن لها بناءً على مذهب مالك والشافعي وقد يحكم لها القاضي الثالث بالنفقة وتوفير السكن بناءً على مذهب الحنفية ورأيي الشخصي أن تقنين الأحكام أصبح ضرورة الآن ونحن نلاحظ الحرج الشديد في أنفسنا عندما تزورنا وفود رسمية من الخارج فيطلبون الإطلاع على دستورنا وقوانينا فلا يجدون لدينا جواباً! ولا يفهم من التقنين نبذ الشريعة فهو استنباط الحكم منها - الشريعة - أي إعادة صياغة وتنظيم للاحكام الفقهية المتعلقة بالقضاء.

المرأة بحاجة إلى مزيد من الدعم
ومع الشيخ الجبر لازلنا وسألناه عن قضايا المرأة في المحاكم، نوعيتها وكيفية مساندتها لأخذ حقها فأجابنا قائلاً: قضايا المرأة في المحاكم الشرعية غير محدودة لأن لها الحق في المطالبة بأي حق حرمت منه أو رفع أي ظلم وقع عليها ولكن لو سألنا عن أغلب قضايا المرأة في المحاكم الشرعية التي تحكي معاناة وألماً فهي تدور في فلك قضايا الأحوال الشخصية مثل قضايا الخلع والنفقة والحضانة والميراث ومنع العنف الأسري.
ويضيف: المرأة بحاجة ماسة إلى الدعم الفني في مطالباتها لدى الجهات القضائية وكذلك وضع آليات تيسر تنفيذ ما يصدر لها من أحكام وما من شك أن المرأة لن تجد حرجاً اجتماعياً عندما تتحدث إليَّ محامية أو مستشارة بشكواها والمتعين مراعاة هذه المصلحة في مجتمعنا المحافظ، أما قيام المرأة بالترافع في الجهات القضائية فهذه أضمن وسيلة لكسب قضاياها، ولكن هذه الخطوة تتلو أمر استشارة المختصين في الأمور الشرعية والقانونية والواقع الحالي أن أغلب القضاة لا يحجرون على المرأة حق المرافعة إنما يمنعها الخجل بسبب كثرة الرجال في المكتب القضائي ولذلك يفترض تقديم مقترح أن يقتصر الحضور في المخاصمات التي تكون المرأة طرفاً فيها على القاضي نفسه مع الطرف الخصم.
والحقيقة أن القصور الحقيقي والمضر بالمرأة هو عدم وجود مراجع للانظمة والقوانين التي تفصل في قضاياها ولو وجدت لارتفع مستوى وعي النساء بحقوقهن وتعرفت على السبل الناجحة لكسب مطالبها العادلة.

قصص من الذاكرة
ويحدثنا الدكتور يوسف الجبر عن قضايا الأحوال الشخصية التي مازالت عالقة بذاكرته وتدل على قصور فهم المرأة لحقوقها قائلاً: اذكر امرأة توفي زوجها وخلف معها ولدين يتيمين فتفاجأت في أيام الحداد بإصرار أهل الزوج على ذهابها إلى كتابة العدل لتصدر توكيلاً لأخ زوجها المتوفى يشمل التصرف في جميع أمورها كما تم تنازلها عن الولاية على ولديها القاصرين والنتيجة أن استولى قريب زوجها على جميع التركة وأبقى لهم لوعة الحزن على الزوج المفارق.
وقصة أخرى تقدمت امرأة بدعوى إلى المحكمة المختصة تطلب منع زوجها إدخال من لا يوثق في سلوكهم إلى بيتها وفعلاً صدر لها الحكم المنشود ولكن بعد ذلك بدأ مشروع امتهان المرأة على يد الزوج فوقع عليها عنف بدني لا يطاق وحرمت وأولادها من النفقة حتى اضطرت إلى التسول، وبقيت بقية عمرها تعيش في ظلام هامش الحياة.

نظم شرعية
الأستاذ أحمد إبراهيم المحيميد محامٍ ومستشار قانوني في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني بالرياض يقول: قضاء الأحوال الشخصية في السعودية هو قضاء شرعي يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية بوجه عام ويخضع قضاء الأحوال الشخصية في تنظيمه وغيره من أفرع القضاء الأخرى سواء الشرعية أو النظامية إلى بعض التنظيمات الإدارية والتي اعتمدها ولي الأمر لإضفاء مزيد من التنظيم والتيسير على القضاة والمحاكم والمراجعين. مثل نظام المرافعات الشرعية المعمول به في المحاكم الشرعية منذ عامين تقريباً.

ونسأل ايضاً: دائماً ما نسمع من السيدات اللواتي مررن بتجربة المحكمة ان القاضي يحكم وفق رؤيته والاحكام قد تختلف من قاض لآخر في نفس القضية فإلى أي حد تتفقون مع هذا الرأي او تختلفون ولماذا؟
- اجاب المحيميد قائلاً: ليس هنالك احكام نصية مكتوبة او متفق عليها او معتمدة او ملزمة للقاضي بالأخذ بها وانما من الممكن ان يستنير القاضي بالاحكام السابقة للاستئناس بها وللاستزادة فقط خاصة في قضاء الاحوال الشخصية بالذات بسبب انه قضاء شرعي تقوم احكامه على حساب كل حالة ولو نظرنا الى اسمه لوجدناه أحوالا ولم يسم حالاً وذلك لاختلاف احواله من حالة الى أخرى، لذلك فإن ظاهرة اختلاف الاحكام هي ظاهرة صحية وحميدة وتدل على سماحة الإسلام ومرونته وصلاحيته لكل زمان ومكان، فليس من العدل ولا من الانصاف تطبيق حكم واحد على حالات مختلفة ومتباينة.
قضايا المرأة
ومن واقع تعاملاتكم اليومية سألناه عن نوعية قضايا المرأة في المحاكم مصنفة وفق عددها الاكبر فالاصغر؟
- ويجيبنا المستشار المحيميد: ليس هنالك تصنيف لقضايا المرأة عن قضايا الرجل، وإنما يتم التعامل مع كافة القضايا دون تمييز جنسي او عرقي ومن خلال الملاحظة أتوقع ان قضايا الاحوال الشخصية مثل قضايا النفقة والطلاق والخلع والولاية هي القضايا الاكثر تناولاً من قبل الاطراف النسائية وأقلها القضايا الجنائية، هذا في المحاكم الشرعية اما في المحاكم واللجان القضائية الأخرى فتبرز قضايا العمل والعمال اولاً ومن ثم القضايا التجارية، ومن الملاحظ فعلاً هو ندرة وجود السيدات في ديوان المظالم وفي اللجان القضائية لوزارة التجارة!!!
المحامية ستحقق خصوصية المرأة
وما زلنا مع المستشار احمد المحيميد وسؤالنا التالي كان: تعمد بعض النساء الى التحدث عن أنفسهن امام القاضي لشرح قضاياهن فهل ما زالت هذه الطريقة قائمة في ظل انظمة المحاماة الجديدة وما رأيكم فيها؟
- واجابنا: المرأة مثل الرجال امام القضاء لها حق المدافعة والمخاصمة والمرافعة عن نفسها ولها حق الخيار في الدفاع عن نفسها او توكيل محام او وكيل وليس لانظمة المحاماة المطبقة حالياً أي دور في ذلك وأرى ان هنالك قضايا وجلسات يجب ان تباشرها المرأة بنفسها وليس هنالك مانع من وجود مستشار قانوني او شرعي لمساعدتها في بيان بعض الأمور والاحكام الشرعية والقانونية اذا اقتضى الامر فمن النماذج المتكررة في قضايا المرأة هو تكرار وطول الاجراءات ومحاولة الوصول الى ولاة الامر والى المسؤولين والتظلم لديهم كافة، وذلك يعود الى جهل المرأة بالانظمة والتعليمات ومحاولتها استدراج عطف الآخرين وشحذ عواطفهم وهممهم واستخدام اسلوب الضعف والقهر من بعض السيدات الكبيرات في السن خاصة، وذلك يعود الى اعتقادهن ان البكاء والعويل والتظاهر بالظلم كفيل بتحقيق النصر والوصول الى مبتغاهن وهذا خطأ فادح ترتكبه الكثير من السيدات فلم تعد الدموع كافية لقلب الحقائق.
ونسأل: هل تحتاج المرأة الى صوت نسائي يدافع عن قضاياها امام القضاة، وما هي الطريقة المعمول بها حالياً؟
- فيجيب: المرأة المحامية اذا عملت كمستشارة قانونية فقط يحتاجها المحقق والمحامي والقاضي اكثر من احتياج المتهمة نفسها للمحامية، وذلك لان وجود المستشارة القانونية سوف يحقق نوعا من الامان والطمأنينة للمتهمة وسوف تكون جسراً للتواصل والتفاهم بين الاطراف المعنية والمتهمة، شريطة ان يكون عمل المحامية في استقلالية تامة وبعيداً عن الاختلاط بحيث تعفى من عمل المرافعات والمراجعات ويكتفي بعملها في الاقسام النسائية وكتابة المذكرات القانونية وتقديم الاستشارات القانونية جازماً ان في ذلك احتراماً لخصوصية المرأة وفتح مجال العمل لها وتوفير بيئة امنه ومستقلة لعمل شريف.
انتظار الترخيص
تنتظر الدوائر القضائية بالمملكة صدور ترخيص للمرأة بالعمل في مهنة المحاماة قريباً وهو الامر الذي تعلق عليه السيدات أملاً كبيراً لحل منازعاتهن القضائية بطريقة اكثر سرعة واشمل رؤية، وحتى صدور ذلك الترخيص فإن عدداً من المحاميات السعوديات اللواتي حصلن على الشهادة الجامعية في القانون من الخارج يمارسن مهنة تقديم الاستشارات القانونية للراغبات عبر مكاتب تجارية مختلفة او بشكل منفرد، 'الرياض' التقت المحاميتين ليلى الدغيثر وزينة ابو حسان للوقوف معهما على بعض احوال المرأة في القضاء السعودي.
وبداية تحدثت الدغيثر عن انظمة الحكم القضائي في المملكة قائلة: تتكون تشريعات المملكة العربية السعودية من مصدرين اساسيين وهما: المصدر الشرعي وهو الكتاب والسنة حيث ارسى الإسلام حقوق الإنسان التي تعد فروضاً وواجبات شرعية شرعها الخالق سبحانه وليس لبشر ان يعطلها او يعتدي عليها ولا تسقط بارادة الفرد فهي حقوق ابدية لا تقبل تعديلا او تبطيلا، والمصدر الثاني وهي الانظمة الحديثة وتقوم هذه النظم على رعاية مصالح المجتمع في شؤونه المعيشية والحياتية طالما لا تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، اما فيما يختص بقضاء الاحوال الشخصية فإن الاعتماد هو على الشريعة والفقة الإسلامي كمرجع لكل احكامه.
- وتحدثنا زينة ابو حسان عن طرق حكم القاضي في الاحوال الشخصية قائلة: 'ان اختلاف الاحكام في مسائل الاحوال الشخصية يعود الى القول بأن القضايا في هذا النطاق غير متشابهة ولكل قضية خصوصيتها التي تختلف باختلاف الاشخاص والظروف، لذا فإن القضايا تخضع لاجتهاد وتقدير القاضي وفقاً للاحوال الشرعية الا انه مع زيادة عدد السكان ومعها زيادة المسائل والدعاوي وبما ان المبدأ الاساسي الشرعي للقضاء في المملكة هو احلال العدل واحترام حقوق الإنسان وحمايتها من الكيد والتعسف فقد وضعت انظمة جديدة تتبع في رفع الدعاوي والمراجعات والاصول التي تتبع في نظر الدعاوي والرجوع الى الاحكام الصادرة ومنها المدونة القضائية التي تحتوي على اجتهادات المحاكم ويرجع اليها القضاة لمقارنة احكامهم باحكام مشابهة.

صوت نسائي للدفاع
هل تحتاج المرأة فعلياً الى صوت نسائي يدافع عن قضاياها امام القضاة، وهل المرأة السعودية مؤهلة للقيام بهذا الدور؟
- تجيبنا الأستاذة زينة قائلة: 'نعود للاجابة على هذا السؤال بالقول ان الموضوع يتعلق بالدرجة الاولى بمعرفة الحقوق ولذا اذا احبت الاستفسار عن مالها وما عليها في جميع الميادين فيمكنها اللجوء الى المختصين ليجيبوها عن تساؤلاتها وكيفية اللجوء الى القضاء والبحث في دعواها وهنا نقول ان هناك حرجا في بعض الامور من خوضها مع الرجال فإن رجوع المرأة الى محامية يسهل عليها المهمة خاصة ان الطلب الآن ليس حضور المحامية امام القاضي، بل الاستماع والرد على الاستشارة وكتابة اللوائح والدفاع اما التواصل بين الناس فأصبح اسهل عن طريقة تقنية المعلومات الحديثة.
اما عن تأهيل المرأة السعودية للقيام بهذا الدور فإن نظام المحاماة يحدد بشكل دقيق من يحق له ممارسة مهنة المحاماة والاستشارات القانونية ومن تجد في نفسها هذه الشروط فإنها مؤهلة حتماً.
وتضيف الأستاذة ليلى: 'كما سبق وقلنا فللمرأة الحق ان تترافع عن نفسها امام القاضي مدعية ام مدعى عليها الا ان وجود اصحاب الاختصاص الذين يعينونها ويؤمنون لها الخدمات القانونية اللازمة يساعدها على معرفة حقها والمطالبة به. وقد جاء نظام المحاماة لتوطيد العلاقة بين صاحب الخبرة وصاحب الحق ولاحقاق العدالة التي هي مبدأ اساسي في الشريعة الإسلامية عملاً بالآية الكريمة: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) المائدة آية 8.~~~~~


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  2/5/2004



عصرنــــــة الفقـــــه

يمتلك الفقه الإسلامي مخزوناً هائلاً من الأدلّة الشرعية القادرة على تدعيم القانون بالكثير من الأحكام والتشريعات المستجدّة، وهذا المخزون التراثي والتاريخي والروائي يمثل استثناءً فريداً وامتيازاً خاصاً لا تمتلكه الشرائع والدساتير الأخرى. ومن هنا فإنه يمكن استخراج أي قانون يحتاجه الإنسان في كل أموره الحيوية الصغيرة والكبيرة الشخصية والاجتماعية. ولكن وكما يعتقد البعض فإن هذا الغنى الفقهي الكبير لم يستطع أن يواجه مشاكل العصر ويتوافق معها، والسبب في ذلك حسب كلام هذا البعض هو عدم وجود تدوين قانوني واضح للفقه الإسلامي يمكن من خلاله الوصول إلى القانون المراد بشكل سريع ومفهوم ويسير. وهنا يُطرح هذا التساؤل هل فعلاً يحتاج الفقه الإسلامي إلى تدوين قانوني وما هي الآثار الإيجابية والسلبية لذلك؟..

أما المؤيدون لتدوين الفقه الإسلامي فإنهم يعتقدون أن الصياغة القانونية للفقه الإسلامي لا تتناسب مع العصر الحالي وأنّ «تقنين أحكام الشريعة الإسلامية هو الوسيلة الحديثة الآن لتطبيقها، وتقنينها يعني جعلها قانوناً وهذا يتطلّب صياغتها في صورة قواعد عامة مجردة تنظم سلوك الأشخاص في المجتمع وإلزام الناس بالعمل ككل قانون»(6).

ويعدّد أصحاب هذا الاتجاه مزايا لهذا التقنين منها:

أ / إن التقنين هو خلاصة ما يمكن العمل به من الأدلة والأحكام بشكل مناسب.

ب / التقنين تحديد لأبعاد الحكم الشرعي وبيان لمسايرة الشريعة الإسلامية لمصالح العباد وصلاحيتها لكل زمان ومكان ويستطيع الفقهاء المحدثون تحديد أحكامه بالنسبة للصور المستحدثة وهكذا نجد التقنين استكمالاً للبناء الفقهي الإسلامي.

ج / هذا التقنين يتيسّر على الفقهاء شرحه ومقارنة أحكامه بغيرها من المذاهب المختلفة فضلاً عن اشتغال آلاف القضاة والمحامين والطلبة بدراسته وفي هذا تيسير لدراسة وتدريس الشريعة الإسلامية.

د / هذا التقنين يسهّل على المحاكم تطبيق الشريعة الإسلامية ويقطع دابر احتمال التضارب في الأحكام. ويعاون القاضي والفقيه وكل مشتغل بالقانون على الاهتداء إلى القاعدة القانونية في يسر وسهولة.

هـ / هذا التقنين يسهّل على الأفراد التعرّف على أحكام الشريعة الإسلامية فلا يتيهون بين الآراء الكثيرة الموجودة في كتب الفقه الإسلامي والتي لا يعرف راجحها من مرجوحها إلا المتخصّص فيها.

و / عدم تقنين أحكام الشريعة سيدفع حكام المسلمين إلى اقتباس القوانين الأجنبية لتنظيم شؤون الدولة.

ز / يؤدي التقنين إلى حسن سير الجماعة نتيجة إلمام الأفراد بقواعد القانون وتطبيقها على علاقاتهم الاجتماعية المختلفة(7).

وقد تكون هناك إيجابيات تستحق الدراسة لعملية تقنين الفقه الإسلامي ولكن تظهر هناك بعض السلبيات التي تضع شكوكاً في طريق التدوين، أول هذه الشكوك أن التدوين يغلق باب الاجتهاد عندما يحصر القانون بقاعدة واحدة مدوّنة لا يمكن مناقشتها، وقد قام الفقه الإسلامي وتكوّن وتجدّد على ضرورة الاجتهاد. وكذلك فإن في الفقه الإسلامي قواعد متغيرة تتطابق مع وقائع تختلف حسب الظروف الزمانية والمكانية والاجتماعية والنفسية وقد لا يمكن للقاعدة القانونية أن تتأقلم مع تغير الظروف أحياناً، وهذا يعني جمودها وعدم مرونتها في قبول المستجدّات، وقد يعني كذلك حرفية النص المدوّن والالتزام بما هو مدوّن فقط بينما المهم هو روح القانون لا نصه.

أما ما هو رأي الإمام الشيرازي في عملية تقنين الشريعة وهل يرى صحة ذلك وماذا نستكشف من خلال قراءتنا لـ(الفقه القانون)..؟

يرى سماحته أن تقنين الشريعة على الأحكام الكلية والنصوص الثابتة لا فائدة منه وذلك لعدم وجود الحاجة وأنّ طبيعة القانون الإسلامي وآليته تجعله في غنى عن التقنين والتدوين، وحينئذ «لا قانون أساسي في الإسلام غير نصوص القرآن الكريم والسنّة المطهرة التي لا تقبل التغيير والتبديل مثل: ( وإنّ هذه أُمتكم أمّة واحدة) و( إنّما المؤمنون أخوة) و( أُحلّ الله البيعُ) و( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) و(الناس مسلطون على أموالهم) و(الناس كأسنان المشط سواء). وهذه النصوص مستغنية عن التدوين لعدم الحاجة لتدوينها وجعلها قانوناً أساسياً لأنها موجودة في الكتاب والسنة فجعلها قانوناً أساسياً عبارة عن وضعها في مكان واحد. وأنها أيضاً بين عام ومطلق وما أشبه ولها تخصيصات وتقييدات واستثناءات بالأحكام الثانوية كالاضطرار ولا ضرر وقاعدة الأهم والمهم وما أشبه مما يجعلنا في غنى من التدوين والتقنين».

ويكشف سماحته عن السلبيات التي ترافق عملية التقنين قائلاً: إذا لم يكن نص وكان من الاستنباط فأي حق للدولة في فرض استنباط فقيه أو فقهاء على طول الخط، فإذا مات أولئك الفقهاء جاء فقهاء آخرون فما هو الدليل العقلي أو الشرعي في لزوم اتباع الدولة أو الناس المقلّدين لفقهاء آخرين. نعم من يريد أن يشايع الغرب يبتلي بالخطأ العقلي من جهة وضع القانون كما يبتلي بالخطأ الشرعي من جهة عدم الحاجة إذا كانت نصاً أو الجمود إذا كانت استنباطاً(8). إذن الإمام الشيرازي لا يرى صلاحية تقنين القانون الإسلامي لأن ذلك يعني تقييدها عن المرونة والاجتهاد والتطوّر لذلك «فليس من الحق وضع القانون الأساسي الذي معناه تجميد الاســـتنباط وحـــصره على جــــماعــــة خاصة من الـــفقهاء إلا إذا كان من نصوص الشريعة غير القابلة لمختلف الاستنباطات المستقبلية»(9).

ولكن الإمام الشيرازي لا يرفض عملية التقنين رفضاً مطلقاً وإنما يرفضها على مستوى التقنين التشريعي الذي يندرج ضمن إطار القانون الأساسي. أما التقنين الذي يكون في إطار عملية الاجتهاد وتطبيق الكليات على الجزئيات فإنه يراه مناسباً ومفيداً ولكن بشروط منها أن يكون التقنين من قبل شورى الفقهاء المنتخب من الأمة أو المجالس الاستشارية والحكومية المنتخبة انتخاباً حراً وأن لا يكون لــلتقنيـــن صفة الـــدوام والثبــات بل يحق لمجلس الفقهاء الحالي الاجتهاد فيه وتغييره، وأن يحق لأي مجلس لشورى الفقهاء الذي ينتخب في المستقبل بعد هذا المجلس تغيير هذه التقنينات حسب اجتهاداتهم. لذلك يقول سماحته: لا قوانين تشريعية من صنع البشر عند المسلمين وإنما يصح عندهم القوانين التطبيقية، أي تطبيق كليات الشريعة الإسلامية على الموضوعات كتطبيق كلي لا ضرر على الشيء الفلاني أو تطبيق ( أوفوا بالعقود) على عقد التأمين.

ويطلق سماحته على القوانين التطبيقية لفظة القوانين التأطيرية في قبال القوانين الوضعية التشريعية، حتى تنتفي شبهة جواز الوضع التشريعي لأن الوضع في القانون الإسلامي لا يجوز إلا في القوانين التأطيرية التي تؤطّر الجزئيات والفروع في إطار الأحكام الكلية الثابتة وغير القابلة للتغيير أو التشريع، وذلك «لأنّ القانون على قسمين: القوانين الكلية التي جعلها الشارع وهي لا تتغير ولا تتبدّل إلا بتغير الموضوع أو التغير من القوانين الأولية إلى الثانوية أو بالعكس، والثاني القوانين التأطيرية التي يحدّدها شورى المرجعية بسبب اختلاف الأزمنة والأمكنة مما يستفاد من الكليات الشرعية أو مجلس الوزراء أو مجلس الأمة أو مجلس الأعيان أو أية جهة أخرى لها الصلاحية حسب التطبيقات الزمنية»(10). لذلك يضيف سماحته قائلاً:«إذا وضع شورى الفقهاء قانوناً يمنع الاستيراد للبضاعة الفلانية من خارج بلاد الإسلام وذلك تطبيقاً لقانون لا ضرر ثم شك في حدود البضاعة التي منع استيرادها وقد تبدل فقهاء الشورى فإن الأمر يرجع إلى فقهاء الشورى الجدد وإلى انهم هل يرون تطبيق لا ضرر في كل أقسام تلك البضاعة أو بعض أقسامها»(11).

ولكن الإمام الشيرازي لا يكتفي بهذه الشروط في عملية التقنين التأطيري للموضوعات والجزئيات التي اجتهد فيها فقهاء الشورى، وإنما يضع شروطاً أخرى تندرج في إطار الآية القرآنية: ( يريدُ اللهُ بِكُم اليُسرَ ولا يُريدُ بِكم العُسرَ) حيث يقول سماحته:

الأول: أن تكون القوانين قليلة مهما أمكن فإن طبيعة البشر لا تتحمّل القوانين الكثيرة فيكون تكثير القوانين مدعاة لنقضها وعدم الاعتناء بها.

الثاني: أن تكون القوانين خالية عن القيود والشروط والاستثناءات مهما أمكن.

الثالث: أن لا تكون معقّدة بحيث يكون فهمها في متناول عامة الناس لأن المراد فهمهم وعملهم، ولذا قال سبحانه ( بِلسانٍ عربيٍّّ مبين) ، وقال (ص): «إنّا معاشر الأنبياء أُمرنا أن نكلم الناس على قدرِ عقولهم».

الرابع: أن يكون موجز الأسلوب ويسمى في الشريعة بفصل الخطاب.

الخامس: أن يكون وضع القانون حسب الواقع المعاش لا حسب الفرض الممكن.

السادس: أن يضع القانون لمطلق الناس لا لنسبة خاصة من الناس بهذا الشكل المتعارف في الدول.

السابع: أن يكون القانون واضح المعالم والحدود من حيث الأول والآخر والسّعة والضيق.

الثامن: أن يتجنب في القانون ذكر العلل لأنه يوجب التشويش والشك في أنه هل المعيار العلّة أو القانون.

التاسع: تبديل ما يمكن من القوانين العسيرة إلى القوانين اليسيرة فإذا كان بالإمكان وضع القانون على كل من الصورتين لزم وضعه على الصورة اليسيرة.

العاشر: عدم الإقدام في وضع القانون إلا بعد النضج الكامل في ذهن المقنن وذلك بتقليب وجوه الآراء واستعراض التجارب والاستشارة التامة(12).

وأخيراً: فإن قراءة كتاب (الفقه القانون) لا يمكن أن تتم بإسهاب وتفصيل لكثرة القضايا المستجدة والدقيقة المذكورة فيه لهذا لم تكن قراءتنا إلا قراءة موجزة لبعض الكتاب وليس كله. فهناك الكثير من القضايا المهمة التي تطرّق إليها الإمام الشيرازي كقانون العقوبات في الإسلام والقانون الدولي والقضاء وقانون لا ضرر والحقوق والمنازعات، إضافة إلى قضايا أخرى أغنت الفكر الإسلامي والقانوني برؤى واجتهادات عديدة تعبر عن تلك الروح التجديدية التي اصطبغت ملامحها في معظم كتب الإمام الشيرازي. ولا شك فإن هذا الكتاب يعتبر ثروة كبيرة في المكتبة الإسلامية تغني الكثير من الباحثين الإسلاميين وتعينهم على معرفة التطبيقات الحديثة للفقه الإسلامي. ويستفيد منه الأكاديميون للاطلاع على قدرة الشريعة الإسلامية في بناء القانون عبر تلك الصياغة الحضارية والمتطوّرة التي صاغها سماحته في كتابه. ولكن تبقى مشكلة الاصطلاحات الفلسفية والعلمية الموجودة في الكتاب والتي قد تكون عقبة أمام بعض الأكاديميين لذا كان من الضروري التهميش لشرح بعض المصطلحات الخاصة وتوضيحها لتسهيل عملية فهم مضامينه بشكل افضل وأتم.


  شناني    عدد المشاركات   >>  172              التاريخ   >>  2/5/2004



تقنين العقوبات الشرعية

 

 

د. حسين عبد علي*

 

تحتل الشريعة الإسلامية مكانة متميزة بالنسبة لبلد إسلامي كالعراق (يصل عدد المسلمين فيه إلى 96% من إجمالي عدد السكان)، هذا إضافة إلى المكانة التي كان العراق ومايزال يتبوؤها بالنسبة للدول العربية والإسلامية الأخرى، كما وأن تنامي دور التيار الإسلامي في ظل المتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية الراهنة يفترض عدم غض النظر عن أهمية الشريعة الإسلامية ودراسة إمكانات اعتمادها عند سن القوانين العراقية بعد إسقاط النظام الدكتاتوري العراقي الحالي. ولعل أوجه الأهمية بالنسبة للموضوعة المنظورة 'تقنين العقوبات الشرعية' إنما تنبع من ارتباطاتها العديدة بموضوعات لا تقل عنها أهمية، كالديمقراطية والتعددية والرأي والرأي الآخر والتداولية وارتباط الدين بالدولة وارتباطهما بالقانون والعلاقة بين العرف القانوني والقانون الدولي والشريعة الإسلامية، الواقع المعاش اليوم في العراق، مستقبل العراق المنتظر والتغييرات المزمع إجراؤها، حقوق الإنسان، العولمة، سقوط الحدود الوطنية... الخ.

وما يهمنا في المرتبة الأولى وعلى صعيد المستقبل المنظور، هو المستقبل المنتظر للعراق القادم، وهنا لابد من التنويه إلى أن الموضوعة المعروضة ما هي إلا آراء مطروحة للنقاش حول هذا المستقبل المنتظر ارتباطاً بمستقبل الشريعة الإسلامية عموماً وحول إمكانيات تقنين العقوبات الشرعية تحديداً.

 

مقدمة

العقوبة، أو ما يسمى عموماً بالجزاء، مثلها مثل الجريمة عبارة عن ظاهرة اجتماعية، وهي النتيجة المترتبة قانوناً لقاء الجريمة التي ينص عليها قانون العقوبات، وطالما أنها ظهرت ارتباطاً بواقعة اجتماعية هي ارتكاب الإنسان لواقعة يعاقب عليها بموجب القانون، عليه فإن هذا لا يخفي الأسباب الكامنة وراء ظهورها من الناحية الاجتماعية. وليس من قبيل المصادفة أن تحدد القوانين بكونها قوانين وضعية، مما ينوه إلى وضعها من قبل المجتمع، ولعل اتصاف ظاهرة العقوبة بكونها ظاهرة اجتماعية يشير إلى تاريخيتها، فالظواهر الاجتماعية تتجلى في مرحلة تاريخية معينة وتتطور أو تضمحل في مرحلة تاريخية لاحقة، وقد تطول فترة بقائها أو تقصر ارتباطاً بعوامل نشوئها أو عوامل هذا التطور. في ظل ذلك، لا يستبعد وجود الظروف الموضوعية والذاتية لنشوئها وتطورها وزوالها، فالتدابير العقابية التي كانت معروفة في فترة تاريخية معينة يمكن أن تضمحل في فترة لاحقة، أو أنها لا تطبق في ظروف معينة، فللواقع الاجتماعي المعاش والمتغير على الدوام تأثير على حالة التدابير العقابية التي ينص عليها القانون.

إضافة إلى وصف العقوبة بكونها ظاهرة، وبأنها اجتماعية وتاريخية، فإن ظهورها في ظل مجتمع طبقي يؤكد دون شك طبيعتها وجوهرها الطبقيين، فالجوهر الطبقي للدولة معروف، كما أن الترابط بين الدولة والقانون جلي، ومن هنا فإن شكل ونمط القانون في مرحلة تاريخية معينة ينعكسان بشكل ونمط الدولة لنفس المرحلة. ولهذا فإن العقوبة المدرجة مثلاً في قانون ينتمي من الناحية التاريخية إلى المرحلة العبودية، يجب أن تعكس بالتالي العلاقات الاجتماعية للمجتمع العبودي وانقسامه إلى أسياد وعبيد، وهي تعبر عن مصالح الأسياد المحمية وفقها، كما وتؤكد اضطهاد العبيد وفرض سلطة الأسياد عليهم، لاسيما وأن قانون الجزاء (العقوبات) هو السلاح الأكثر حدة بيد الأسياد لفرض هذه السلطة، هذا إضافة إلى دور أجهزة الدولة القمعية المختلفة (الجيش، الشرطة، المؤسسات الأمنية وهلم جرا) في فرض هذه السلطة.

إن العقوبة الشرعية لا تشذ عن العقوبة التي سبق وصفها، حتى وإن كان هناك خلاف بالنسبة لقدسيتها فهي قد 'وضعت' من أجل تطبيقها على البشر، أي أن 'شارعها' قد راعى أو يجب أن يكون قد راعى الظروف الاجتماعية، التي يعيش في ظلها الإنسان.

وهذه المراعاة وحدها تعتبر كافية لوصف العقوبات الشرعية بكونها ذات مواصفات اجتماعية، أما مواصفاتها التاريخية، فتتجلى من خلال تشابهها مع أنواع العقوبات الجنائية التقليدية التي عرفتها الشعوب في نفس المرحلة التاريخية. ولعل هناك من يعتمد 'قدسيتها' لاستبعاد وصفها بالطبقية، إلا أن الطبقية المقصودة إنما ترتبط باستخدامها، وبماهية المصالح المحمية وفقها، وليس بمن وضعها!

وعلى ضوء ما تقدم يمكن وصف العقوبة الشرعية بأنها نوع معين من الجزاء أو التدابير العقابية المنصوص عليه في قانون العقوبات أو في نص شرعي، والذي يمكن أن يترتب لقاء ارتكاب واقعة إجرامية، وهذا التعريف لا يستبعد جملة من المواصفات القانونية الواجب توافرها في العقوبة عموماً، وبكل نوع من التدابير العقابية خصوصاً والتي من اللازم الاستناد إليها عند تطبيقها، ومنها على سبيل المثال، أن العقوبة تحدد بناءً على حكم من الهيئات القضائية، حسب الاختصاص، مع التزام المبادئ القانونية المعروفة، كمراعاة جسامة الجريمة وظروف ارتكابها وشخصية المتهم وإنسانية وعدالة وشخصية العقوبة... الخ.

ما هي العقوبات الشرعية؟

تعتبر الشريعة الإسلامية نتاجاً لمرحلة سابقة على الاستعمار، فقد تبلورت في الفترة المحصورة بين القرن السابع إلى القرن العاشر الميلادي. ولهذا فهي تنتمي تاريخياً للمرحلة الإقطاعية من تطور المجتمع البشري، ومن هنا يجري تصنيف الشريعة الإسلامية باعتبارها قانوناً إقطاعياً وفقاً لانتمائها التاريخي.

وتقسم مصادر الشريعة إلى مجموعتين:

أولاهما: تضم القرآن والسنة النبوية، اللذين يحتويان على الأسس الفكرية والنظرية للقانون الإسلامي، واللذين يحتويان على عدد محدود من الأحكام الجنائية، والتي لا تزيد في القرآن على العشر.

ثانيتهما: تضم الإجماع والقياس، اللذين يحتويان على الكثير من الأحكام العقابية، الذي يعتبر حصيلة لتطور الفقه الإسلامي.

ومن المعروف، أن هناك العديد من المذاهب الفقهية الإسلامية والتي تتوزع على مجموعتين:

1 - المذاهب السنية (الحنفية، المالكية، الشافعية، الحنبلية).

2 - المذاهب الشيعية (الجعفرية، الإسماعيلية، الزيدية).

وكل من هذه المذاهب يقسم بدوره إلى مدارس شتى. وهذا كان له تأثيراته أيضاً بحيث انقسم القانون الجنائي الإسلامي بدوره إلى مدارس لا تعد ولا تحصى ارتباطاً بهذه المدرسة الفقهية أو تلك.

وتصنف الجرائم بموجب الشريعة الإسلامية وفق ثلاث مجموعات هي:

1 - الجرائم المعاقب عليها بالحدود (جرائم الحدود): وهي التي يجب عليها الحد، وهي ما بين عقوبتها نص شرعي وهي (البغي، الردة، الحرابة، السرقة، الزنا، القذف، تعاطي المشروبات الكحولية)، وتنحصر عقوبتها بين القتل والجلد وقطع الأعضاء والرجم، ولا يكون فيها لظروف الجريمة أو ظروف المجرم أي تأثير لدى تحديدها، بل إن السلطة التنفيذية لا تمتلك الحق في العفو عن ارتكابها، ولذا فهي تسمى بالعقوبات المحددة حقاً لله تعالى.

2 - الجرائم المعاقب عليها بالقصاص (جرائم القصاص): وهي الجرائم التي يجب عليها القصاص أو الدية وهي جرائم تقع على النفس وتؤدي إلى إزهاق الحياة، وجرائم تقع على ما دون النفس وهي التي تمس جسم الإنسان دون أن تهلكه. وارتباطاً بالعقوبة المترتبة تقسم هذه الجرائم إلى:

أ - جرائم القصاص: القتل العمد، إتلاف الأطراف عمداً، الجرح عمداً.

ب - جرائم الدية: وهي الجرائم السابقة الذكر، إن امتنع القصاص لسبب شرعي أو إن أعفي الجاني من القصاص، إضافة إلى جرائم القتل شبه العمد والقتل الخطأ وإتلاف الأطراف خطأ والجرح خطأ.

فالعقوبة لقاء هذه الجرائم تنحصر بين القصاص والدية، وهي عقوبة توصف بكونها حقاً للعباد، فهي من حق المجني عليه وورثته من بعده، وله أو لهم الحق في إعفاء الجاني من العقوبة، أي من القصاص بصورة مطلقة أو مشروطة بالدية أو الأرض، وعند العفو المطلق أو المشروط يسقط القصاص!

3 - الجرائم المعاقب عليها بالتعزير (جرائم التعزير): وهي كل جريمة معاقب عليها بموجب القانون، والتي تتراوح عقوبتها بين النصح والجلد والحبس والسجن والتعويض وإعادة المال إلى صاحبه الشرعي والإفراج المشروط، وقد تصل العقوبة إلى القتل في الجرائم الجسيمة، وجرائم التعزير ثلاثة أنواع هي:

أ - تعزير على المعاصي.

ب - تعزير للمصلحة العامة.

ج - تعزير على المخالفات.

وعلى ضوء ذلك، يمكن حصر العقوبات الشرعية بالإعدام، والرجم حتى الموت، وقطع الأطراف، والقصاص، والجلد، والدية، والأرش، والصلب.

 

تطبيقات الشريعة الإسلامية في عدد من البلدان

في ظل الحكم العثماني، لم يكن الاهتمام منصباً على تقوية النظام القانوني، فالاهتمام كان موجهاً من حيث الأساس نحو جبي الضرائب، وتقوية الولاة لركائز حكمهم. وقد ارتبط ذلك بضعف السلطة المركزية، الذي كانت له تأثيرات أخرى بالنسبة لاستمرارية وديمومة العمل بالعادات والأعراف وسيادتها في تنظيم المعاملات بين الناس، ففي ظل عدم وجود التشريعات الأخرى كانت العادات والأعراف هي الأساس المعتمد في تنظيم حياة الناس في علاقاتهم المدنية والجنائية، إلى جانب الشريعة الإسلامية. إلا أن هذا لا ينفي وجود نصوص جنائية متناثرة هنا وهناك، كوثيقة تحت عنوان 'الملازم' يرجع تاريخها إلى عام 1211هـ. بصدد تنظيم عدد محدود من العلاقات الاجتماعية ذات الطبيعة الجنائية، كتنظيم أحكام الاعتداء بالرماية الخطأ، تأمين السوق وطرقاته، منع الاعتداء على الماشية، حدود إباحة الثأر للقتل، حدود إباحة قطع الأشجار، عدم إيذاء الماشية، الإضرار بمراعيها، تنظيم استخدام المراعي، اليمين الجماعي عند التناكر في أمر من الأمور (القتل)، القتل الجماعي.. الخ.

في القرنين التاسع عشر والعشرين استبدلت أغلبية الدول الإسلامية الشريعة الإسلامية بالمدونات العقابية الأوروبية. ويرتبط هذا بخضوع هذه الدول سياسياً واقتصادياً للدول الاستعمارية الكبرى، وكذا تأثيرات الاقتصاد العالمي وتطور العلاقات البرجوازية وتأثير الحضارة الأوربية.. الخ. حيث سنت المستعمرات البريطانية السابقة قوانين عقابية على غرار قانون العقوبات الهندي لعام 1860 (الذي وضع مشروعه عام 1833)، أو مشروع قانون العقوبات البريطاني لعام 1878، فعلى أساس الأول منهما صدرت قوانين عقابية في سري لانكا، عدن (1955)، نيجيريا، السودان (عام 1925) الذي استبدل بصورة مكررة لهذا القانون عام 1974، وكرر بصورة أكثر قسوة في قانون العقوبات لعام 1983.

أما المستعمرات الفرنسية السابقة فطبقت قانون العقوبات الفرنسي لعام 1810، أو أصدرت قوانينها العقابية الخاصة المستندة إلى هذا القانون (الجزائري لعام 1966)، أو جاءت مُفصلة للقانون نفسه (اللبناني لعام 1943، السوري لعام 1949، الأردني لعام 1960).

كما يلاحظ تأثير القانون الفرنسي بصورة غير مباشرة من خلال الدول الاستعمارية أمثال بلجيكا وهولندا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا. فقانون العقوبات الصومالي قد وضع على أساس القانون الإيطالي لعام 1930، كما وسن قانون العقوبات الأفغاني استناداً إلى قانون العقوبات الفرنسي، إضافة إلى الأخذ بالمذهب الحنفي في الشريعة الإسلامية (المادة /1 عقوبات أفغاني لعام 1976).

كما يلاحظ التأثير المزدوج لكل من القانون الإنكليزي والفرنسي فيما يخص العراق، فقانون العقوبات البغدادي لعام 1918 قد جاء متأثراً بالقانونين الإنكليزي والفرنسي معاً، إلا أن للقانون الإنكليزي تأثير أكبر. أما قانون العقوبات العراقي لعام 1969 فتمت صياغته على أساس القانون القديم. وعلى العكس من ذلك بالنسبة لقانون العقوبات المصري، فقانون العقوبات لعام 1937 فرنسي أكثر منه إنكليزياً! أما قانون العقوبات الليبي لعام 1953 فتمت صياغته على أساس قانون العقوبات الإيطالي لعام 1930 وكذا المصري لعام 1937.

ويتفرد قانون العقوبات اليمني الديمقراطي لعام 1976 في صياغة أغلبية نصوصه بما يتطابق مع القوانين العقابية للدول الاشتراكية السابقة (روسيا الاتحادية وألمانيا الديمقراطية).

 

تطبيقات العقوبات الشرعية في عدد من البلدان

إن محاولة إدراج العقوبات الشرعية في القوانين ليست بالجديدة بالنسبة للبلدان العربية والإسلامية، فقد طرحت هذه المسألة عند وضع قانون العقوبات العثماني عام 1858، وكذا قانون العقوبات المصري عام 1883، كما جرى الأخذ بالعقوبات الشرعية في عدد من البلدان العربية والإسلامية بصورة متباينة، ولكن الملاحظ أن هناك ثلاثة اتجاهات لذلك:

أولاً: اعتماد الشريعة الإسلامية بصورتها العامة، كما في المملكة العربية السعودية مثلاً، فالمراسيم الملكية الصادرة خلال الفترة 1926 - 1928 تلزم القضاة باتباع المذهب الحنبلي، مع تحديد جملة من المجتهدين الإسلاميين الواجب الأخذ بآرائهم. وإلى جانب الأخذ العام بالشريعة، تم إصدار جملة من القوانين ذات الطبيعة الشرعية، والتي تعاقب لقاء عدد من جرائم الحدود، كالزنا وتعاطي المشروبات الكحولية وغيرها. ويلاحظ مثل هذا التوجه بالنسبة لعدد من دول الخليج العربي، وكذا في المملكة المتوكلية اليمنية، ولاحقاً في الجمهورية العربية اليمنية.

ثانياً: احتواء القوانين العقابية على نصوص شرعية خاصة بالمسلمين وحدهم، وهي التي تعاقب لقاء تعاطي المشروبات الكحولية، كما في القوانين العقابية لنيجيريا والصومال وأفغانستان، كما وأن هناك نصوصاً تعاقب لقاء عدم الالتزام بصوم شهر رمضان، كما في الأردن والمغرب.

ثالثاً: احتواء القوانين العقابية على استثناء للمسلمين بنصوص خاصة، حيث يمكن أن يعاقبوا وفق نصوص شرعية إلى جانب العقوبات الجنائية، كتطبيق عقوبة الجلد على المسلمين في نيجيريا مثلاً لقاء تعاطي المشروبات الكحولية والزنا، وهما من جرائم الحدود.

وما يميز هذه الفترة هو تحميل المسؤولية وفق العقوبات الشرعية لقاء عدد محدود من الجرائم الشرعية، أو الاقتصار على تجريم الجرائم غير الجسيمة منها، في حين اتصف تطبيق النصوص الشرعية في الغالب بطبيعته المحدودة والشكلية، باستثناء المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية اليمنية. لكن مع الانتعاش السياسي للإسلام في السبعينات والثمانينات يلاحظ هناك توجه نحو تفعيل عدد من مبادئ وقواعد القانون الإسلامي، وبضمنها الجنائية، في جملة من البلدان (إيران، ليبيا، الباكستان، السودان وغيرها).

ففي عام 1971 أعلن مجلس قيادة الثورة في ليبيا عن أسلمة النظام التشريعي، فالقوانين الجديدة يجب أن تستند إلى مبادئ الشريعة، مع إعادة النظر في القوانين النافذة على هذا الأساس. ولتجسيد هذا الهدف، صدرت، على ضوء الشريعة الإسلامية، جملة من القوانين، كالقوانين التي تعاقب لقاء السرقة والسطو (1992)، والزنا (1973) وتعاطي المشروبات الكحولية (1974) مع الأخذ بالمدرسة المالكية بصدد تحميل المسؤولية الجنائية لقاء هذه الجرائم.

وفي أيلول 1983 صدر قانون العقوبات الجديد في السودان وبموجبه طبقت العقوبات الشرعية لقاء القتل، الخيانة الزوجية، تعاطي المشروبات الكحولية وغيرها. مع الإشارة إلى تطبيق العقوبات الشرعية على المسلمين وغير المسلمين، وهم أكثر من 6 مليون نسمة، بل وحتى على الأجانب. وقد استخدمت العقوبات الشرعية بشكل خاص إثر سقوط نظام النميري عام 1985.

ولعل دراسة النظام القانوني في اليمن الشمالية بعد عام 1918 ينطوي على أهمية خاصة بالنسبة إلى موضوعنا، فبهدف توحيد النشاط القضائي اليمني أعلن الإمام يحيى حميد الدين عن الالتزام بالمذهب الزيدي، مع الاعتماد بشكل خاص على كتاب (متن الأزهار) للإمام أحمد بن يحيى المرتضى وهو أحد الكتب الأساسية في هذا المذهب، ولأجل توحيد التشريع المعمول به في المملكة المتوكلية اليمنية أصدر الإمام يحيى تقنيناً تحت عنوان (الاختيارات) يتضمن مختلف الاجتهادات الفقهية المستندة إلى المذاهب الإسلامية الأربعة.

وفي عام 1950 أصدرت لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية التي شكلها الإمام أحمد تقنين (كتاب تيسير المرام في مسائل الأحكام للباحثين والحكام) الذي استعان به القضاة آنذاك. وبعد سقوط حكم الإمامة عام 1962 تم النص في الدستور الدائم عام 1970 على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر القوانين جميعاً، وأكدت م/152 على تقنين أحكام الشريعة الإسلامية وتشكيل هيئة تتولى ذلك. وفي عام 1975 تم إنشاء الهيئة العلمية لتقنين الشريعة الإسلامية، التي قامت في فترة لاحقة بوضع مشروع القانون الشرعي للجرائم والعقوبات، وذلك على ضوء مراجعتها لمشروع قانون الجرائم والعقوبات الشرعية الذي وضعه مجلس الوزراء اليمني الشمالي.

ومع إعلان الوحدة اليمنية عام 1990 طرح مشروع قانون الجرائم والعقوبات الشرعي، الذي احتوى على مجموعة كبيرة من النصوص الشرعية، وهو المشروع الذي تم إقراره لاحقاً كقانون بعد الحرب بين شطري اليمن عام 1995.

ومن الملاحظ عدم تطبيق الشريعة الإسلامية في باكستان بعد الاستقلال، ولكن يلاحظ بشكل خاص صدور جملة من القوانين العقابية الشرعية بعد الانقلاب الحكومي العسكري عام 1977 من قبل ضياء الحق الذي أعلن أن المهمة الرئيسية لباكستان هي بناء 'المجتمع الإسلامي'. وفي عام 1978 صدر قانون يعاقب لقاء خطف الطائرات، الذي تضمن على عقوبات شرعية هي قطع اليد والجلد.

واحتفالاً بعيد المولد النبوي عام 1979 تم إصدار عدد من القوانين المستندة إلى الشريعة لقاء الجرائم ضد الملكية، الزنا، الاتهام الكاذب بالزنا، تعاطي المشروبات الكحولية. وفي الثمانينات صدرت مجموعة أخرى من القوانين العقابية المستندة إلى الشريعة حول الثأر، مع تضمين القوانين العسكرية عقوبات شرعية، كقطع اليد وما شابه.

وبالطبع تمت بشكل واسع أسلمة القوانين العقابية في إيران بعد إسقاط نظام الشاه عام 1978. وفي الواقع طبقت قبل الثورة القوانين العقابية الأوربية، ولكن الفترة اللاحقة على الثورة شهدت انتقالاً مباشراً من قبل المحاكم الإيرانية لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على أساس المذهب الشيعي. وأكد دستور جمهورية إيران الإسلامية الصادر عام 1979 في م/4 على أن القوانين العقابية لإيران يجب أن تتوافق مع مبادئ الإسلام، في حين أكدت م/156 على إلزامية تطبيق قواعد الشريعة عند تحميل المسؤولية لقاء الجرائم.

وفي عام 1981 صدر في إيران قانون عقابي يتكون من 199 مادة يستند إلى المذهب الجعفري ويتضمن نظاماً صارماً من العقوبات لقاء جرائم القتل، الإيذاء الجسماني، الزنا، تعاطي المشروبات الكحولية.. الخ.

إن اللجوء إلى أحكام الشريعة الإسلامية هو من الناحية الحقوقية محاولة لمكافحة الإجرام المستشري عن طريق استخدام مسألة الدفاع عن القيم الإسلامية. ويعتبر الإصلاح القانوني هذا انعكاساً لانتعاش حركة الإسلام السياسي على الصعيد الداخلي وعودة لاستخدام التدابير العقابية القاسية التي عرفتها القرون الوسطى.

 

المشاكل التي يمكن أن تبرز عند تطبيق العقوبات الشرعية

إن الأخذ بأن الشريعة هي المصدر الوحيد أو الأساسي أو الرئيسي أو أحد مصادر التشريع لدى صياغة قانون وضعي، كقانون العقوبات يمكن أن يصطدم بجملة من الصعوبات فيما يتعلق بتقنين العقوبات الشرعية، لعل أبرزها من الناحيتين التشريعية والتطبيقية:

1 - إن النظرية العامة للجرائم والعقوبات الخاصة بالشريعة الإسلامية تختلف، وفي بعض الأحيان جوهرياً عن مثيلتها فيما يتعلق بالقانون العقابي الوضعي، مما يعني أن وجود النصوص الشرعية في القوانين العقابية سيخلق نوعاً من الإشكاليات القانونية عند تطبيقها، وإضافة إلى إمكانيتي التعارض أو التباين بالنسبة لهذه القضية أو تلك، فإن التطبيق يتطلب وجود الكادر الفقهي المتخصص في هذا المجال. فالشريعة الإسلامية تتضمن مثلاً على ما يسمى بمسقطات الحدود والقصاص، وهي ظروف لا يعتد بها في نظرية القانون الجنائي، فأركان جريمة الزنا على سبيل المثال تتطلب شهادة أربعة شهود، وأركان السرقة - شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، ولكل نوع من الجرائم والعقوبات الشرعية مواصفاته، التي تختلف عن مواصفات الجرائم والعقوبات الوضعية، كما وأن تطبيق العقوبات الشرعية يختلف عنه بالنسبة للتدابير العقابية الوضعية، ولهذا فإن التضارب بين العقوبات الشرعية والوضعية أمر قائم لا محالة.

2 - إن العقوبات الواجد تحديدها لقاء الجريمة المرتكبة يجب أن تستهدف إصلاح الجاني وإعادة تربيته والعمل على اندماجه اجتماعياً بالمجتمع، أي توبته، كما أن العقوبة يجب أن تعمل على تربية الأشخاص الآخرين. في حين أن العقوبات الشرعية تضع في المرتبة الأولى الجزاء كهدف! أي المعاقبة لقاء الجريمة المرتكبة، فالزاني يرجم والسارق تقطع يده والقاتل يقتل وشارب الخمرة يجلد.. الخ. وبالرغم من أن تنفيذ العقوبة عموماً قد مر بمراحل من أجل جعلها ملبية للسياسة الجنائية للدولة وخاصة على طريق ردع ارتكاب الجريمة من قبل الجاني والآخرين، وذلك بدفع الجاني نحو الإصلاح وإعادة تربيته نفسه بنفسه من خلال تطبيق العقوبات غير المقيدة للحرية أو اتخاذ تدابير، كالإلحاق الإجباري بالعمل أو تدابير الإفراج الشرطي أو وقف تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية أو تيسير دفع الغرامة أو ما شابه. إلا أن الملاحظ هو أن العقوبات الشرعية صارمة للغاية، فهي تستهدف كقاعدة اجتثاث الجاني من المجتمع بقتله (في جرائم القتل) أو رجمه حتى الموت أو صلبه أو جعله عاجزاً بقطع يده أو قطع يده ورجله عن خلاف أو ما شابه، بل إن عقوبات القطع هي وصمة عار لا تمحى بالنسبة للجاني، فالقطع دليل لا يمحى على ارتكاب الأقطع للسرقة، وهو ما يعني عزله بالنسبة للمجتمع، وهل يمكن أن نتحدث عن إمكانية اندماج الأقطع، إلا فيما ندر بالمجتمع الذي تسبب في قطع يده؟ بل قل إنه على الضد من ذلك سيقف ضده بارتكاب المزيد من الجرائم، مع توخي الحذر هذه المرة عند ارتكاب الجرائم خشية العقوبة التي ذاق قسوتها، أما إذا تاب فإنه سيكون عالة على المجتمع كمتشرد أو متسول، وهو ما يمكن أن يعاقب عليه وفقاً للقانون.

3 - إن إدراج العقوبات الشرعية في القوانين العقابية يمكن أن يثير سؤالاً عن تعارض هذا مع التزام الدولة بالإعلانات والاتفاقيات الدولية، بل إن الدساتير كعادة تنص على عدم جوازية استعمال الوسائل البشعة غير الإنسانية في تنفيذ العقوبات، بل إنها تحرم سن أي قوانين تبيح ذلك، ولو نظرنا إلى عقوبات كالجلد والرجم والصلب والقطع وغيرها، لما أمكن وصفها من حيث التنفيذ إلا بالبشاعة البالغة، وكذا بعدم مراعاتها لمبدأ الإنسانية فيما لو قورنت بالتدابير العقابية الوضعية. فالعقوبات الشرعية مثلاً غالباً ما تنفذ في الأماكن العامة، بل إن الشهود في عقوبة الزنا يجب أن يباشروا التنفيذ، أما إذا تعلق الأمر بتعدد الحدود والقصاص فإن عملية التنفيذ تكون بالغة البشاعة.

إن العقوبات الشرعية تتعارض خاصة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية لعام 1966 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لنفس العام، وعلى أساس الإعلان العالمي السابق الذكر هناك أكثر من 76 اتفاقية دولية مفصلة لحقوق الإنسان، فهذه الوثائق الدولية ينظر إليها باعتبارها مدونة عالمية لحقوق الإنسان تعترف بها كل الدول حتى أكثرها دكتاتورية، والعراق المعاصر 'خير مثال' على ذلك وعراقنا القادم يجب أن يكون قدوة في هذا المجال، وهو ما يعني تجسيد مضامين هذه الوثائق الدولية بنصوص تفصيلية في القوانين الدولية أو الوطنية، فالشارع الوطني ليس حراً في وضع تشريعات تتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية للإنسان، حتى وإن تم ذلك لأغراض دينية، وبهذا الصدد تنص المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 على عدم تعريض أي إنسان للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة للكرامة، كما وتنص المادة /7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على عدم جوازية العقوبة أو المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهنية.

4 - إضافة إلى ما ذكر أعلاه، تعتبر العقوبات الشرعية مساساً بوظيفة الدولة في إيقاع العقاب. فالعقوبة استناداً إلى الدستور يجب أن تحدد بحكم قضائي بات، أي أن العقوبة يجب أن تحدد من قبل الهيئات القضائية، في حين أن بعض الأحكام الشرعية تشطب على مثل هذا النص الدستوري الهام، وذلك ارتباطاً بمنح المجني عليه أو ورثته الحق في العفو عن الجاني، حتى وإن صدر حكم من قبل المحكمة بإيقاع العقوبة الشرعية نفسها، بل إن العقوبات الشرعية تمنح في بعض الأحيان المقتدرين مالياً إمكانية تجنب تنفيذ هذه العقوبات بالنسبة إليهم، ويتجلى هذا خاصة بالنسبة للجرائم البالغة الخطورة التي تمس بالحياة وسلامة الجسم، فالقدرة المالية على دفع الدية أو الأرش تمكن فاعل الجريمة وببساطة من تجنب تنفيذ العقوبات الشرعية بمراضاة المجني عليه أو ورثته. وارتباطاً بتوافر هذا، لا يمكن لهذا النوع من العقوبات الشرعية تجسيد مبدأ المساواة أمام القانون والشريعة أو تحقيق مبدأ العدالة. وبالرجوع إلى القوانين العقابية النافذة في اليمن مثلاً يلاحظ أنها تنص على إمكانية مراضاة المجني عليه أو ورثته بدفع ما يزيد كثيراً على مقدار الدية أو الأرش المحددة في العقوبات الشرعية، فهذه القوانين تنص على جوازية الصلح على القصاص بأكثر أو أقل من الدية أو الأرش! ولهذا ليس من المستغرب أن تستغل إمكانية إسقاط الحدود أو القصاص من قبل ضعاف النفوس للحصول على منافع مالية، برمي أطفال مختطفين أمام سيارات الآخرين، ومن ثم المطالبة بديات كبيرة، إلى غير ذلك.

وعلى ضوء المتقدم يصبح المقتدر مالياً متمتعاً، مقارنة بغير القادرين، بحق اقتراف (الجرائم) المعاقب عليها بالشريعة الإسلامية، مع حصوله على امتياز بعدم معاقبته جنائياً، مما يعطي تصوراً خاطئاً وكأنما وجدت العقوبات الشرعية في القانون لصالح الأغنياء ومن أجل معاقبة الفقراء، وهو ما يسيء إلى السمعة الإنسانية للدين الإسلامي. إن مبدأ المساواة أمام القانون هو أحد المبادئ القانونية الدستورية التي يجب أن يقوم عليها أي قانون.

إن المجتمع العراقي هو مجتمع إسلامي، وهو ما يتفق عليه الجميع وهو ما يعني أهمية مراعاة الشريعة الإسلامية كأحد مصادر التشريع العراقي النافذ، ومن هنا من المهم أن تجري دراسة الإمكانيات الفعلية لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، ويتجلى هذا خصوصاً لدى صياغة النصوص العقابية المكرسة للأفعال المعتبرة جرائم بمقتضى الشريعة (جرائم الحدود والقصاص والدية والتعزير) وكذلك العقوبات الشرعية المحددة لقاء ارتكابها. إن أحد الأحكام العقابية الواجب توافرها في القوانين العقابية هي النص على الجريمة والعقوبة في قانون العقوبات، إلا أن صياغة الجريمة والعقوبة في القانون تتطلب من النواحي النظرية الحقوقية مراعاة عدد من الشروط:

1 - الحاجة إلى تحريم الفعل وتجريمه (حجم الضرر، انتشاره كظاهرة اجتماعية، عدم وجود الإمكانية لردعه من خلال الأساليب الأخرى اللاعقابية).

2 - جوازية التحريم من مختلف النواحي السياسية والأخلاقية والقانونية والدولية.

3 - الإمكانية التطبيقية لتجسيد التحريم (من النواحي القانونية والمنطقية والتحقيقية والقضائية والإصلاحية والتربوية).

4 - التثمين المتكامل للتحريم (الآثار المترتبة من الناحية النفسية على المواطنين، ومن الناحية الاقتصادية ودراسة الآفاق المستقبلية، وخاصة ما يتعلق بردع ارتكاب الجرائم والوقاية منها لاحقاً).

وعلى ضوء ذلك، إن تطبيق العقوبات الشرعية يجب أن يتلاءم مع التطورات الحاصلة في السياسة الجنائية والنظرية العامة للقانون الجنائي، فالمؤتمرات التي تقيمها منظمة الأمم المتحدة بصدد مكافحة الإجرام والوقاية منه تؤكد على أهمية تخفيف التدابير العقابية وتوصي باللجوء إلى تدابير إصلاحية وليس تدابير عقابية، فالجاني هو إنسان، وهو عرضة للخطأ، كما وأن القاضي هو بدوره إنسان وهو الآخر عرضة لأن يرتكب الأخطاء، بل إن البروتوكول التكميلي للعهدين الدوليين السالفي الذكر، الصادر عام 1989 على سبيل المثال قد نص على أهمية إلغاء عقوبة الإعدام، لقسوتها ولاإنسانيتها على طريق أنسنة التدابير العقابية مما يعني إلزام الدول الموقعة عليه بالتزام ذلك في قوانينها النافذة. ولعله من المفيد الإشارة إلى أن العقوبات 'الشرعية' قد عرفتها كل الشعوب تقريباً، ويمكن ملاحظة ذلك بالنسبة للشعوب ذات المعتقدات اليهودية والمسيحية، إلا أن الملاحظ أيضاً أن هذه الشعوب قد نبذت هذه العقوبات منذ عقود، فلماذا يجب علينا أن نأخذ بهذه العقوبات الآن، رغم كوننا نصف هذه الشعوب بالجاهلية! وبكل أسف، إن الرجوع إلى استخدام النصوص الشرعية التي تبيح اللجوء إلى الرجم والقطع والصلب وغيرها، من خلال النظر إليها باعتبارها عقوبات عادلة وإنسانية، سيعمق في أذهان غير المسلمين ليس فقط تخلفنا الحضاري كعراقيين، بل تخلف كافة الشعوب العربية والإسلامية. إن التراث الإسلامي هو التراث الذي يعتز به كل مسلم، لكننا يجب أن لا نعكس للعالم الجانب المظلم منه. إن الشعوب تعمل على عكس الصفحات الناصعة والوضاءة في تراثها، وما أكثرها في تراثنا الإسلامي، وهي التي يجب أن تجد انعكاساً لها في القوانين العراقية المنتظرة وهي التي يجب أن نسترشد بمضامينها في بناء دولة العدالة والقانون العراقية.


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1696 / عدد الاعضاء 62