اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
الشهراني
التاريخ
3/26/2004 4:29:00 PM
  دعاوى التعويض عند إختلال التوازن المالي للعقد ...أزمة الحديد مثلاً؟      

                                                                                      

                                                                                    

                                                      

 

     العقود في أصلها قائمة على الالتزام ، أي التزام أطراف التعاقد كل فيما يخصه . وللعقود الإدارية طابع خاص يختلف في مجمله عن العقود المدنية أو التجارية . وذلك من باب تغليب المصلحة العامة على المصلحة الفردية . إذ أ ن الإدارة عند تعاقدها تكفل حسن سير المرفق وانتظامه واستمراريته ولها في ذلك حقوق وسلطات واسعة الهدف منها ضمان تنفيذ العقد ، وهي في كل ذلك خاضعة لما يسمى بـ " قواعد القانون الإداري " .

      وبعد مطالعتي لكثير مما نشر في الصحافة المحليةالسعودية عن معاناة كثير من المقاولين من جراء الارتفاع السريع ، والحاد للحديد والذي زاد عن 100% في بعض أحواله ، ورغبتهم اللجوء للجهات القضائية المختصة بهدف المطالبة بالتعويض أو فسخ العقود ، ولملاحظتي قصور كثير مما طرح عن الوصول إلى الهدف المنشود الذي تتحقق به مصلحة المتعاقدين ، فقد أحببت أن أدلوا بدلوي في هذه المسألة الحساسة التي أزعم بأن لها تأثيراً كبيراً وخطيراً على اقتصاديات الأفراد والشركات والحكومة أيضاً .

     إن مسألة استحقاق المتعاقد للتعويض أو مطالبته بفسخ العقد يجب أن تستند في مجملها على اختلال التوازن المالي للمتعاقد ، دون أن يكون للإدارة فيها خطأ ما . وهو ما يفرض على الإدارة المتعاقد معها العمل على إعادة التوازن المالي للعقد .

   وقد فصّل القانون  الإداري حالات اختلال التوازن المالي للعقد إلى ثلاث حالات :-

الحالة الأولى : وهي ما يسمى بـ " نظرية عمل الأمير " والمقصود بها اختلال التوازن المالي للعقد بفعل ناتج عن إجراءات إدارية غير متوقعة .

الحالة الثانية : وهي ما يسمى بـ " نظرية الظروف الطارئة " والمقصود بها اختلال التوازن المالي للعقد بظهور ظروف جديدة لم تكن معروفة أو متوقعة وقت التعاقد ، ومن شأنها – أي الظروف – أن تلحق ضرراً كبيراً بأحد طرفي التعاقد.

والحالة الثالثة : وهي ما يسمى بـ " الاختلال الناتج عن صعوبات مادية " والمقصود بها تعرض المتعاقد لظروف مالية طارئة لم تكن متوقعة وقت التعاقد .

وبتطبيق ما يواجهه كثير من المقاولين من ارتفاع حاد في أسعار الحديد على النظريات السابقة ، يظهر لنا بأن ذلك الارتفاع إنما هو ناشيء في أصله إلى ظروف طارئة لم تكن معروفة أو متوقعة وقت  إبرامهم للعقود وهو ما يجعلني أغض الطرف عن الحالتين الأولى والثالثة لأناقش باستفاضة الحالة الثانية من حالات الاختلال المالي للعقد لارتباطها بواقع الحال  .

  إن تطبيق نظرية الظروف الطارئة في القانون الإداري على الحالة الراهنة للمقاولين من جراء ارتفاع أسعار الحديد لا بد وأن يخضع لشروط ثلاثة :

الشرط الأول : وهو إثبات حدوث فعل طارئ وأن ذلك الفعل لم يكن متوقعاً من قبل طرفي التعاقد عند إبرام العقد ، فإذا قلنا أن ارتفاع أسعار الحديد كان متوقعاً عند التعاقد سواء كان هذا التوقع موجوداً أو منصوصاً عليه في العقد أو موجوداً كدراسات اقتصادية أو تحليلية متداولة في الصحافة أو مراكز الدراسات ، فإننا بذلك نخرج أزمة الحديد الحالية من كونها ظرفاً طارئاً غير متوقع  إلى كونها ظرفاً طارئاً متوقعاً . ويترتب على مثل ذلك مدى صحة مطالبة المتعاقد للتعويض من عدمه . مع ملاحظة أن من القواعد المقررة في القضاء الإداري " أن ظهور بوادر ارتفاع الأسعار عند التعاقد نتيجة طرح العديد من المشروعات يجعل من هذا الارتفاع أمراً متوقعاً ويخرجه عن كونه ظرفاً طارئاً " .

الشرط الثاني : أن يكون الظرف الطارئ ليس من فعل طرفي التعاقد . فليس من حق المتعاقد المطالبة بالتعويض في ظرف كان هو سبباً رئيساً في وقوعه . أما إن كان هذا الفعل أو الظرف الطارئ هو ناتج من فعل الإدارة المتعاقد معها ، فإننا نطبق عليها في تلك الحالة ما يسمى في القانون الإداري " نظرية عمل الأمير " المشار إليها آنفاً .

الشرط الثالث : أن يؤدي ذلك الظرف الطارئ إلى الإخلال بالتوازن المالي للعقد ، إخلالاً لا يصل إلى مرحلة الاستحالة ، ولكنه يقف عند حدود المشقة والعسر . مع ملاحظة أن حصول انخفاض بسيط في الأرباح المالية المتوقعة عند التعاقد ليس من الظروف الطارئة التي تجيز للمتعاقد معها المطالبة بالتعويض ، إذ أن من القواعد المقررة لدى القضاء الإداري " أن التعويض لا يستحق إلا إذا انقلبت اقتصاديات العقد ، بمعنى أنه ترتب على تنفيذ العقد خسارة تجاوز في فداحتها الخسارة العادية المألوفة في التعامل التي يتحملها أي متعاقد "،كما نص على ذلك القرار الصادر عن ديوان المظالم برقم 3/ت لعام 1401هـ. 

    ولعل من أهم النصوص النظامية المتعلقة بالظروف الطارئة هو ما ورد في المادة       ( 9 / أ ، ج ) من نظام تأمين مشتريات الحكومة والذي أجاز للإدارة إعفاء المتعاقد من غرامة التأخير إذا كان المتعاقد ضحية قوة قاهرة أو كان التأخير ناتجاً عن حادث طارئ أو بسبب لا دخل للإدارة المتعاقد معها فيه .

    وهذا يعني وقف تنفيذ العقد مؤقتاً حتى تزول تلك الظروف دون أن يسأل المتعاقد عن هذا التأخير وليس معنى ذلك عدم أحقية المتعاقد في المطالبة بالتعويض أيضاً .

    فقد سبق لمجلس الوزراء السعودي حينما كان مسؤولاً عن نظر المنازعات الإدارية أن أعفى المتعاقد من غرامات التأخير وعوضه تعويضاً كلياً عن جميع ما لحقه من خسائر غير عادية حرصاً على سير المرافق العامة ، ومن ذلك قرار مجلس الوزراء رقم ( 580) في 2/8/1381هـ المتضمن تعويض المقاول الذي تعاقد على إنشاء مستشفى الملك سعود بالدمام قبيل حرب السويس عام 1956م عندما أغلقت القناة وكان إغلاقها سبباً في ارتفاع أسعار السلع .

   وإلى عهد قريب كان ديوان المظالم يرفض نظر مثل هذه القضايا لخروجها عن الاختصاص وارتباطها بمجلس الوزراء بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (818) لسنة 1296هـ إلا أنه قد صدر مؤخراً قرارٌ ناسخٌ للقرار السابق ، وهو قرار مجلس الوزراء رقم (207/ م ) وتاريخ 25/2/1421هـ والذي نص على إلغاء قرار مجلس الوزراء السابق رقم ( 818 ) من الناحية النظامية من تاريخ العمل بنظام ديوان المظالم الصادر بالمرسوم الملكي رقم ( م/51) وتاريخ 17/7/1402 وبالتالي فقد أصبح بإمكان المتعاقدين مع الحكومة الاستفادة من النظرية السابقة حال توافر شروطها ، وهو الأمر الذي يوفر الأمان للمتعاقدين ضد مخاطر التقلبات الاقتصادية الغير متوقعة .

   مع العلم أن بعضاً من الجهات أصبحت تضمن عقودها – حديثاً – نصوصاً خاصة بمواجهة الظروف الطارئة التي قد تؤدي إلى تعطيل تنفيذ تلك العقود أو الإضرار بأطرافها ، ومن ذلك ما نصت عليه المادة (60) من العقد النموذجي للأشغال العامة والذي ينص على " أنه في حالة تعديل الضرائب والرسوم في المملكة بالزيادة أو النقص بعد تاريخ تقديم العطاء فتزداد قيمة العقد أو تنقص حسب الأحوال بمقدار الفرق ، على أنه يشترط لدفع الفرق الناتج عن زيادة الرسوم الجمركية أن يثبت المقاول أنه قام بدفع الفرق الزائد من الرسوم نتيجة لتوريد مواد مخصصة لأعمال العقد بعد تعديل الرسوم بالزيادة ، وأن يثبت أن هذا الفرق لم يعوض نتيجة لتعديل الأسعار وفقاً لهذه المادة .

   وختاماً وبنظرة فاحصة لأزمة الحديد الحالية أقول لكل المقاولين المرتبطين بعقود إدارية والمتضررين من أزمة الحديد ، إن من حقكم اللجوء إلى الجهات القضائية الإدارية المختصة والتي ستكفل لكم إيقاف الضرر الواقع بكم . والمحقق لمصلحة المتعاقدين .

 

                     


  الوعلان     عدد المشاركات   >>  3              التاريخ   >>  31/3/2004



بحث جميل جداً .. ويحتاجه الكثير هذه الأيام

ولكن هنالك سؤال يطرح نفسه . وقد أهمله المحامي الشهراني على الرغم من وروده

في مقدمة حديثه

السؤال : هل يحق للمقاول المطالبة بفسخ العقد ؟ وإذا كان كذلك فماذا لورفضت الإدارة

ذلك ؟  أجيبوني مشكورين


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 1882 / عدد الاعضاء 62