الأستاذ محمد صلاح الدين المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
قد يكون تحليلك صالح وقد يكون غير ذلك - والإعتراض هو على قواعد نسمع أن المخابرات تعتمدها منهج عمل وهي مباديء مضادة لسماحة الدين عموما وللإسلام خصوصا - يفترضون علاقات بين تنظيمات ويسيئون الظن بسبب وبدون سبب وتكون النتيجة ضحايا تعذيب بالآلاف - ويكفي ضحية واحدة فقط لتنفيذ عمل مثل إنفجار التحرير أو السيدة عائشة - وقد لا يكون الضحية نفسه ولكن أحد أصدقائه أو أقربائه الذين شهدوا بظلم يحاولون الرد عليه بأسلوبهم الخاطيء - لا نبرر لهم أعماله أبدا - ولكننا نظن أن حفظ الأمن لا يمكن أن يأتي بإنزال غضب الله علينا عندما يشيع الظلم ولا يتم محاسبة الظالم لمجرد أنه رجل مخابرات أو رجل أمن - هذا المبدأ مرفوض دينيا ومرفوض إنسانيا ونرى أن أهم أسباب الإرهاب هو جهل الحكومات بمفاهيم الدين الحقيقية والتي تدعو للعدل والإنصاف قبل أي شيء آخر
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي - وأعرف أن العدل الحقيقي كفيل وحده بتوفير الأمن من الله تعالى وهو كفيل بذلك - هناك مباديء نراها في الأديان ولا نراها في مناهج رجال الأمن ولا مقرراتهم ولا تطبيقاتهم - وقد يكون هذا الخلل هو سبب أنهم يفعلون ما يظنون أنه صحيح - مع أن أي طالب علم بسيط يكتشف وجود ظلم قد يتأثر وينفعل وقد يدعو عليهم ببساطة ظنا منه أنهم يقصدون الإساءة إلى الإسلام والمسلمين - بدلا من أن يدعو لهم بالهداية والتوفيق من الله تعالى وحده - هذه عقيدة ربانية لا علاقة لها بجماعات ولا مؤامرات - بل العكس تماما هو الصحيح - لو كانت أي جماعة مسلمة تعلم أفرادها أصول الدين؛ ولو شجعت الحكومة ذلك النوع من العلم والإعلام - لعلم الناس حرمة إيذاء المسلمين وغير المسلمين - ولتعلموا أحاديث مثل : من آذى ذميا فقد آذاني - هذا عن إيذاء غير المسلمين - فما بالكم بالمسلمين؟؟؟
غالب الظن أنه من يقوم بتلك العمليات هو مظلوم سواء من الإرهاب الأمني أو الإقتصادي والبطالة والفساد ومراكز القوى وغير ذلك من المظالم الواجب على الصحافة كشفها وتقديم حلول ناجحة لها - والواجب على رجال الأمن أيضا بذل الجهد لمحاربة ذلك الفساد المستشري والمنتشر في كل مكان حتى تجد كثير من الناس يكلم نفسه - كثير لا يستطيعون إطعام أولادهم - ليس لنقص الرزق والعياذ بالله - ولكنه لوجود لصوص كبار قد يعاونهم بعض المسئولين للإفلات بجرائمهم ليزداد عدد المظلومين -
هؤلاء المظلومين قد يكونوا مؤمنين فيصبروا - وقد يجهلون أجزاء من دينهم فيهلكوا ويورطوا أنفسهم في جرائم إرهابية يكونوا هم أول الخاسرين فيها لسوء فهمهم لدينهم - فليس هذا أبدا نوع من الجهاد المشروع حسب علمي - والقادر الوحيد على تعليم الناس حقيقة دينهم هي الحكومات التي تجد أغلبها يعلم الناس أشياء أخرى قد تكون مضادة لفكرة الأديان من أساسها وكما ترى بكثير من الفضائيات - فإذا جاءت بعض الفقرات الدينية وجدت الإخراج والتوقيت والجمود من العناصر الكفيلة بتطفيش الناس بدلا من التفنن في جذبهم لفهم أمور دينهم - والمساجد تجدها مغلقة والأئمة محذور على الكثير منهم الحديث في الدين بالذات - فمن المسئول عن تجهيل الناس بدينهم؟؟
الأمن ليس مبررا للظلم أبدا - والخليفة عمر بن الخطاب ضرب إبن الأكرمين لتأكيد مبدأ العدل والمساواة مع رعايا الدولة سواء كانوا مسلمين و غير ذلك - وهذا هو الدور المطلوب من الأمن الحقيقي المطلوب - أن يكون أمن ديني قبل أن يكون مجرد خوف وذعر من أوهام يخلقها الظلم الذي يأتي به بعض رجال الأمن فيبطشون بالناس لمجرد عدم وجود واسطة - فإذا جاءت الواسطة وجدت الراقصة تضرب رجل الأمن أمام لأعين ولا تخاف - فهل هذا السلوك كفيل بحفظ أمن المجتمع - أم أن العكس هو الصحيح؟؟؟
أرجوك أن تخبر صديقك رجل الأمن أن الأمن من الله تعالى معاييره مختلفة كثيرا عن معايير الكثير من أجهزة الأمن - وهذا هو سبب الخلل الذي نراه في حياتنا - ولو تفكرنا في مصدر الأمن وأطعناه لوجدنا الأمن حقيقة واقعة؛ نعم لقد علمنا الله تعالى في كتابه الكريم لنتفكر:
فليعبدوا رب هذا البيت؛ الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف؛(من سورة قريش 3 & 4)
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون؛ (من سورة الأنعام 82)
والأمثلة كثيرة جدا - ولكن المطلوب هو القناعة بالأسس التي يقوم عليها الأمن كما أراده الله أن يكون - وطبعا واجب الصحفي والإعلامي - وهو من أصدقائك أيضا - واجب كبير في الذهاب إلى العلماء وبحث هذه المسائل معهم بدقة ونشرها للناس وتعريف رجال الأمن عليها وبحثها معهم على أعلى مستوى لتحقيق تلك القناعة التي نبحث عنها أولا كمدخل لآليات تغيير المناهج التي تسير عليها أجهزة الأمن لتحقيق أمن المواطن أولا وقبل كل شيء والمساهمة في محاربة الفساد لأنه أمن إقتصادي هام جدا ومحاربة الإفساد الإعلامي لأنه إفساد ديني وخلط مفاهيم كفيل باهتزاز العقائد والتهاون بأمور الدين وإستجلاب لغضب الله وعذابه لنا في الدنيا والآخرة -
أستاذنا الفاضل أظن أن رسالتي وصلتك كاملة وأنك قادر على المساهمة الواعية في تحمل المسئولية والمشاركة في تغيير المنكرات التي حولنا بدءا من الأمن والإعلام وهما أهم محاور الإصلاح المنشود
نسأل الله تعالى أن يوفقكم ويسدد خطاكم ويجعل أعمالكم وأقوالكم في كفة حسناتكم وأن ترتقي بكم مجتمعاتنا وتتحرر من الجهل بالدين وصولا لتحقيق العبودية المطلوبة لله تعالى والتي تتمثل في قوله تعالى:
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين؛
وختاما نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه؛ وإلى لقاء قريب بإذن الله؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
مدحت عثمان mosman51@hotmail.com
|