شناني عدد المشاركات >> 172 التاريخ >> 19/12/2004
|
سيداتي آنساتي سادتي
تابعت ذلك الحوار المتهافت
مثلما أتابع كل هذا التهافت على الشاشات الفضائية
وكل هذه المسخرة والمضرطة التي تصدر عن زعمائنا العرب وما هم عرب
إن الحوار يرقى بأصحابه
وميزة الإنسان المتمدن أنه يستطيع الحوار بدون تعصب
ولكن هيهات تجد في هذا الشرق العقيم من دخل مرحلة التمدن
الإنسان في هذا الشرق كائن ديني خرافي
ولم يدخل مرحلة المدنية بعد
والكائن المدني إنسان يختلف اختلافا جوهريا عن الكائن الديني
وهو متطور عنه زمنيا وعقليا وعلميا وفكريا
والإنسان الطائفي ، هو في أسفل سلم الكائنات الخرافية والأسطورية
بل هو يقترب من جنس الحيوانات أكثر لأنه من طبيعتها التي تأبى التآلف مع غير جنسها ونوعها
فالإنسان الطائفي ، ذو طبيعة حيوانية تغلب طبيعته الإنسانية التي يقتلها في المهد بحقده الطائفي وتفكيره المحدود للغاية
والإنسان الطائفي أبعد ما يكون عن ( الحالة المدنية ) التي تتسم بتجاوز التقسيمات الدينية البالية وإقامة العلاقات على أسس مدنية واجتماعية وعقلانية ووطنية وقانونية
لذلك قال أحد الفلاسفة الفرنسيين الكبار : أن الإنسان اختراع !!! حديث عمره مائة وخمسون سنة فقط ، أي بعمر الحريات وحقوق الإنسان والمدنية
وهو يقصد طبعا ، أن الإنسان بدون حقوقه وحرياته ، ليس إنسانا أبدا
وأنا أقول له : أنا معاك يا معلم
كلنا يعرف ويكابر ويكذب على نفسه
الحقيقة ، لا أحد يملكها
مهما اجتهد ومهما حاول
وكلنا يعرف أن أصل الخلاف السني الشيعي ليس له علاقة بالدين إطلاقا ، وإنما هو صراع منشأه السياسة والحكم والسلطان
وكلنا يعرف أن كل طرف لديه رواياته الخاصة ورواته المخصوصين
و أن أي طرف لا يطمئن لمصادر الطرف الآخر
والبخاري نفسه يعترف بأنه لم يكن يروي عمن اشتهر عنه التشيع
والطرف الآخر يعترف بأنه لا يروي لمن ناصب أهل البيت أو لم يشايعهم
وإذا ما جاء مصدر على ذكر طرف ما بسوء ، يسارع الطرف الآخر إلى تسفيه ذلك المصدر والتقليل من شأنه والطعن في مصداقيته
كله كلام في كلام
مئات المناظرات التي جرت على منابر عدة ، بين الطرفين
سجلت بعض النجاح ، حول ماذا
حول الأسس والمبادئ
القرآن واحد والرسول واحد والأركان واحدة
بل إن ما يجمع الطرفين من قواسم مشتركة أكثر بكثير
أهمها على الإطلاق : التخلف والاستبداد ورفض الرأي الآخر ومعاداة الحريات الأساسية وحقوق الإنسان
ألا يكفي هذا حتى يقفا في صف واحد
انظروا في إيران ، وانظروا إلى السعودية
أي فرق وأية فروق
تقييد اللباس والتدخل في عقول الناس ومكافحة ... الإصلاح والمحاسبة على الحرف والكلمة
!!!
كلا المذهبين ينتميان إلى أرومة استبدادية دينية واحدة
فلم الخلف بينكمو إلامااااااااااا
صحيح أنه في إيران انتخابات ديمقراطية ويوجد تداول سلمي للسلطة ومجالس دستورية ومراقبة وشورى حقيقية ، وذلك مرده إلى أن الفقه الدستوري لدى الشيعة متطور قليلا عن السنة ، ولكن بالنسبة للحكم والموقف من الحريات وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والصحافة فلا أجد فروقا جوهرية
قلت مئات المناظرات تمت ، ولكن الخلاف كان : ليس حول الإسلام ، ولا الرسالة ، ولا النبوة ، ولا التوحيد ولا الأركان الخمسة ،
ولكن الخلاف حول أشخاص فقط
لذلك ، تجدهم يختلفون حول حديث عدالة الصحابة
وكأنهم إذا حلوا هذا الإشكال نستطيع أن نطلق الأقمار الصناعية غدا في المساء
وندخل عصر العلم والتكنولوجيا
وكأن التقية هي السبب في انحطاط المسلمين العلمي والحضاري والسياسي والمسرحي والثقافي والغنائي والخنفشاري
وكأن زواج المتعة الذي لا يتم إلا في حالات قليلة حتى في إيران ، هو سبب احتلال العراق وضياع فلسطين والسودان والصومال ومؤامرات العرب على بعضهم
أنا شخصيا ، كإنسان مدني ، لا أدري ما يعنيني إذا كان أبو بكر أحق بالخلافة أم علي
في القرن الواحد والعشرين
ولا أدري أي سبب يدفع البعض للتناحر حول مثل هذه القضايا التاريخية التي ذهبت مع أصحابها ولا نملك مصدرا متفقا عليه يبين لنا حقيقة الأمر
ولا أدري ما يهمني إن كان فلان يحب علي أكثر من عمر أو يحب فاطمة ولا يحب عائشة
كمواطن في دولة ، ما يهمني ذلك
يا أخي كل واحد يحب عل كيفه ويكره على كيفه ، هذه مسألة نفسية عاطفية داخلية
أنا مثلا أحب عمر وعلي أكثر من باقي الصحابة ، يعني أراهما أكبر وأعظم وأحب عمر بن عبد العزيز أكثر من عمرو بن العاص مثلا ، وأحب المأمون وهارون الرشيد ولا أحب( بل أكره ) يزيد بن معاوية مثلا ..فمحبتنا لأي شخص مرتبطة بسيرته وانطباعنا عنه ، وكل إنسان حر يكره لسبب ويحب لسبب ، وهذه مسألة عاطفية من حقوق الشخصية
أم يجوز الإجبار أيضا في مسألة الحب والكراهية أو الحب الكبير والحب الصغير
إن اهتمامات الإنسان العربي تدل على انحطاطه العقلي والفكري
وهي خير دليل على ما وصلنا إليه من ذل وهوان وضياع وتخلف وجهل وأمية
والغريب أن يمتطي ملك عربي ورث الخيانة مع الحكم ليتحدث عن أمور طائفية ، فغدت مسألة العراق بالنسبة إليه مسألة طائفية لا أكثر بين سنة وشيعة ،
أي خدمة أكبر لأميركا وإسرائيل
قلنا من قبل أن الطائفية أخطر على المجتمعات العربية من وقع القنابل النووية
فهي تفتك بها وبالنسيج الاجتماعي وتعطل الحراك السياسي والثقافي وتقتل كل أمل في التطور
ودليلنا على ذلك
أن اليابان وقد ضربت بقنبلتين ذريتين ، استفاقت وقامت ونهضت وأصبحت في مصاف الدول العظمى التي تؤثر في سير العالم
أما المجتمعات العربية ، فلم تضرب بأي قنبلة نووية ، ولم تدخل حروبا عالمية ، ولم تخسر ملايين الجنود مثل بولندا وروسيا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ( التي ذهب ضحية الحرب الأهلية فيها قرابة السبعمائة ألف بني آدم )
إن كل تلك الدول والمجتمعات قامت ونهضت
ما عدا المجتمع العربي ، ما زال مكبلا ومربوطا بتوافه وسخافات وخرافات هي أخطر القيود وأشد أثرا من القنابل النووية والحروب المدمرة
ما هو السبب في عجز المجتمع العربي عن النهضة
هو هذا السخام الذي شهدناه هنا
لذلك ، يحارب رجال الدين ، أصحاب الامتياز في مشكلة الطائفية ، يحاربون منظومة الحريات السياسية وحقوق الإنسان ، لأنها تلغي الأساس الذي تقوم عليه امتيازاتهم البالية التي أبلت المجتمع معها
وذات مرة حضرت محاضرة لمؤرخ كبير اسمه نقولا زيادة حول حوار الحضارات
وبين حيثيات المحاضرة تطرق إلى الحوار ( التقارب ) المسيحي الإسلامي فعقب قائلا وبضحكة صفراء ومتهكما على من يجرون مثل هذه المحاولات للتقارب فقال : المسلم يقول : قل هو الله أحد .. والمسيحي يقول باسم الأب والابن وروح القدس .. هؤلاء موحدون .. وأولئك مثلثون .. فكيف يتم التقارب ؟؟؟م
وبهذا السؤال التهكمي التافه والسخيف ، قمت وطلبت الكلام
فقلت له : حضرتك أخطأت في هذا الجانب ، فما يجمع الناس ليس بالضرورة أن يكون دينيا . فهناك قواسم كثيرة يمكن أن تقوم عليها التجمعات البشرية ولا يشترط أن تقوم على عنصر الدين وحده أو على مسألة دينية واحدة فقط ..ونحن المسلمون لدينا في كتابنا آية تقول : يا أيها الناس إنا خلقناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ..
وهذه الآية سابقة في معنى حوار الحضارات بين الناس والحض على التعارف بعد الاعتراف بالاختلاف وأن الاختلاف سنة من سنن الخلق ، ثم يقرر الخالق قانون الأفضلية بين المختلفين وهو التقوى والتي لها مفهوم شامل وكبير كما هو معروف
عندها ضحك ضحكة صفراء أخرى وقال : هذا رأيك
رغم تأييد الحاضرين لكلامي ، تابعت بأن هذا التقزيم للتلاقي البشري على مسألة دينية واحدة ، هو تسفيه للإنسان نفسه واحتقار لشأنه
وهناك عصا سحرية ابتدعتها الدول الغربية الكافرة الماجنة
هي مفهوم : الدولة القانونية
والدولة القانونية ، تقوم على حق المواطنة والمساواة للجميع
لا فرق بين هذه الطائفة ولا تيك
ولا يقوم الولاء فيها على الانتماءات الدينية أو الطائفية
وإنما يقوم الولاء فيها على الرابطة القانونية
والدولة القانونية تقف على الحياد من المعتقدات الدينية
والاختلافات الطائفية
فلا تحرض طائفة على أخرى ولا تمارس التمييز العنصري الطائفي ضد أي طائفة
يتم تقييم الإنسان بحسب عمله وعلمه وأخلاقه بحيث يحل مفهوم الكفاءة الوطنية محل الولاء الطائفي
والأخلاق الوطنية متفق عليها بين جميع أبناء الشعب
فلا أحد من أبناء الشعب السوري ، بكل موزاييكه الطائفي والاثني والعشائري ، يقول أن الزنا حلال وأن السرقة حلال وأن الرشوة حلال وأن الخيانة حلال وأن التنازل عن الأرض حلال وأن وأن
ولم نجد مطالب الإصلاح ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة والحريات السياسية قاصرة على طائفة دون أخرى
إذن ما يجمع الشعب من قواسم أكبر بكثير مما يفرقه
فلماذا الانشغال بالاختلافات وتضخيمها في حين تجاوزت الأمم الأخرى كل خلافاتها وحققت تكتلات سياسية واقتصادية كبرى
ولا أدري ما هي مصلحة البعض ببث بذور التفرقة والبغضاء بين أبناء الدين الواحد والشعب الواحد
والدولة القانونية ليست بدعة ، وإنما تقوم على الحديث الشريف : إنما الدين المعاملة
لأن الرسول الكريم (ص) يعلم أن في الدين صلاة وصوم وزكاة وحج ، ولكنه اختصر الدين بـ المعاملة
لماذا ؟؟ لأنه يعلم ان العلاقات في المجتمع لا تقوم على الصلاة والحج وإنما على المعاملة ، سيما مع اختلاف الأديان والطوائف
فما يهمني منك إن صليت أو زكيت .. طالما أنت طعان ولعان ومرتشي وفاسد وتصفق للأمراء والطواغيت
إننا ممن يقر بأن الإسلام يحمل مكارم الأخلاق
ونعترف بأننا معلنون فاسدون عنه
وأننا بعد لم نمثله كما يجب وكما يستحق
ونقر بأن الأخلاق الرفيعة التي جاء بها الإسلام ، يضربها وينسفها التعصب والتكفير ورفض الآخر
لذلك ، ضاع وجه الإسلام ، وراء أقنعة الكراهية
إن كثيرا من سموم الطائفية بين السنة والشيعة خصوصا جاءت بشكل مقصود وفي مراحل معينة من تاريخ العرب القديم و الحديث ، والأسباب سياسية دائما ، لاسيما إبان الحرب العراقية الإيرانية ، حيث كان لا بد من إشاعة خطاب ايديولوجي يبرر الحرب والخيانة معا ، وكالعادة فإن رجال الدين جاهزون
لذلك ، كانت السعودية مثلا تشيع خطاب طائفي لتبرير الحرب ودعمها .. ولكن ماذا فعل الإعلام العراقي وغالبية شعبه من الشيعة ... غاص في التاريخ قليلا وعاد إلى مقولات الفرس والمجوس
هذه هي السياسة يا أكارم
ويستغرب المرء عندما تتلاقى أفكار رجال الدين مع خبائث هنري كيسنجر
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فيا فوز المستغفرين
وهذا ما نحصده دائما من خطل الطائفيين
إضاعة الوقت على شي فاضي
!!!
شرم برم كعب الفنجان
|