اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
رمضان الغندور
التاريخ
4/4/2011 1:09:56 PM
  وزير .. لبيس الهانم وعلم مبارك البجاحه      


بالتأكيد : يتباهي فاروق حسني بإعتباره أغني وزير ثقافة علي مستوي العالم
والتاريخ . وأطولهم عمرا في منصبه الرفيع . قضي وزيرا ٢٥ عاما ..
قضاها في أمن وسلام .. رغم كل الفشل الذي أحاط بوزارته . ورغم كل الفضائح التي لاحقته علي المستوي الشخصي والمستوي الوزاري .
كان يؤدي مهامه مطمئنا ، مرتاحا ، راضيا . لم يتأثر لحظة واحدة بمؤامرات
القصور ، التي سفكت رقاب الرجال وهاماتهم . لم يشعر أبدا بالتهديد . أو
الإبتزاز ..
كان يسير فوق السحب .
ويلقي كل مظاهر التبجيل والإحترام . ويرافقه التصفيق أينما كان . وأينما حل .
كان قويا بما فيه الكفاية .
لم يكن خافيا : أن الهانم مصدر قوة الوزير ..
كانت الهانم راضية عنه . تقبل خدماته بإمتنان وإعجاب . وتعترف أن له مهارات
إستثنائية .. ولا يجب الإستغناء عنه مهما كانت الأسباب . ولهذا ظل فاروق
حسني ضمن كوتة الهانم في أي تشكيلة وزارية .. .
في المقابل ، رهن فاروق حسني كل حياته لخدمة الهانم .
وظلت علاقتة مع النظام في إطار الوظائف التي يؤديها للهانم . وليس لوزارة الثقافة .
وكانت الوظيفة هي لبيس الهانم ..
واللبيس درجات .
أدناها من يتولي خلع حذاء الهانم وجواربها وملابسها الخارجية والداخلية .
وأعلاها درجة من يرافقها الي الحمام . يتولي التدليك والتجفيف ورش الجسم بالعطور والكريمات المرطبه والمنشطة وغيرها ..
فاروق حسني لم يكن يقوم بهذه الوظائف . كانت وظائفه من المستوي الأرقي :
إختيار ملابس الهانم الداخلية والخارجية . وإختيار الفاشون الملائم
للمناسبات ..
هناك فاشون ملائم لزيارة المكتبات . وآخر لزيارة الجامعات . وثالث لزيارة
رياض الأطفال . ورابع لإلقاء كلمة علي مائدة غذاء . أو عشاء . وخامس
للإجتماع مع المجلس الأعلي للمرأة ( مجلس نساء المدينة كما يسميه الدكتور
مأمون الفندي .. وماأدراك من نساء المدينة ) . وسادس لإفتتاح أحد المشروعات
الإنسانية ..
في كل الأحوال يكون فاروق حسني عند أطراف أنامل الهانم .
يتوجه في الصباح الباكر الي القصر الرئاسي . ويطمئن الي المظهر الخارجي
للهانم . ربما يطلب بعض التعديلات علي تسريحة الشعر . أو المكياج . كما
يلقي بتعليمات أخري الي سكرتارية التصوير التلفزيوني ، حتي لا تتشوه صورة
الهانم عند التصوير أو العرض ..
بعد ذلك ، ربما يرافق الهانم ، إذا كانت الزيارة مناسبة . أو يختفي .
كل هذه المهام يمكن للرأي العام تصورها .
هناك مهام أكثر تعقيدا . وأعني بذلك الزيارات الخارجية للرئيس .
والزيارات لها مستويين . زيارات تتم بدعوة رسمية من الدولة المضيفة .
وزيارات تتم بغير دعوة رسمية . وتعرف بإسم زيارات التشاور . وهي كثيرة جدا .
هناك إحصائية غير مؤكدة تقول إن الرئيس مبارك قضي ثلاث سنوات من عمرة في
الحكم ، في زيارات متقطعة الي فرنسا .
ويختلف البروتوكول في الزيارات الرسمية كثيرا عن بروتوكول الزيارات غير الرسمية .
الزيارة الرسمية تتضمن عادة برنامجا للرئيس ، وبرنامجا لزوجة الرئيس .
برنامج الزوجة يتضمن زيارة مواقع أو مؤسسات ذات طابع إنساني . بما في ذلك المواقع الترفيهية . إنها أيضا ذات طابع إنسان .
وتشمل عادة المكتبات ودور الثقافة والمستشفيات والمتاحف ورياض الأطفال ودور الرعاية الخاصة ..
وفي هذه الحالة يسافر وزير الثقافة في معية الهانم . دون أن يضاف الي الوفد الرسمي .
إن مهامة ممتده لتهيئة الهانم لكل برنامج الزيارة . عليه أن يرعي الملابس
الداخلية ، حتي تكون مريحة للبروتوكول الصارم في بعض الدول . وأن تكون
ملابسها الخارجية مريحة ، بالغة الأناقة . و مبهرة في كل الأحوال ..
كما تمتد مهمته الي تهيئة الهانم أيضا لحفلات الإسقبال التي تقام علي شرف الزوج والوفد المرافق ..
أما إذا كانت الزيارة غير رسمية ، فإن الهانم تكون حرة في إختيار أجندتها .
وغالبا مايتولي الوزير فاروق حسني في إختيار الأجندة بنفسه أو بمساعدة
الملحقيين الثقافيين في السفارات المصرية في بلد الزيارة . أو زوجات
السفراء ..
وغالبا مايقتصر البرنامج في الزيارت غير الرسمية علي دور الأزياء ومواقع الترفيه ..
كل هذه المهام المعقدة . كان فاروق حسني قادر علي أدائها بامتياز .
لكنه إنتقل الي مهام أكثر تعقيدا . مهام لا يمكن تصورها من الرأي العام .
من بينها مثلا : تهيئة الهانم للمشاركة في إجتماع تحضره كل أو بعض السيدات
الأول العربيات وغير العربيات : ملكات وأميرات وزوجات رؤساء ..
المهمة صعبة جدا علي فاروق حسني .
كانت السيدة الأولي غيورة الي أبعد الحدود . كانت تغار من أي سيدة أولي
أصغر منها سنا ، وخصوصا الملكة رانيا ملكة الأردن . وكانت تغار من السيدة
الأكثر شهرة وخصوصا الشيخة موزة أميرة قطر . والأكثر إحتراما .. وهن كثيرات
..
تعليمات الهانم للوزير في مثل هذه المناسبات : أن تكون الأكثر إبهارا . إن
لم يكن بالمظهر الخارجي . فليكن بالمجوهرات الفريدة والمتفردة ..
ونجح فاروق حسني في تأدية المهمة بإمتياز .
لا أحد ينكر أن الوزير كان ذكيا ولماحا وقادر علي أداء مهامه باإمتياز .
ولهذا أنشأ في مكتبه إدارة خاصة لجمع المعلومات عن السيدات الأول في العالم
العربي والعالم الخارجي ذات العلاقة بمصر ..
كان يهتم كثيرا بجمع كل الصور عن الملابس الخارجية للسيدات الأول . وتسريحات الشعر . والعطور . والماسات والمجوهرات .
لم يكن يكتفي بهذا السجل . بل كان لديه تحليلا نفسيا عن كل سيدة أولي . ومافيش مانع من شوية فضائح ..
كل هذه المعلومات كانت تذهب تباعا الي الهانم . وهو أمر يرضيها ويرفع معنوياتها ..
وهناك مهام أكثر خطورة .
الحفلات الخاصة التي تقام في القصر الجمهوري . أو أحد القصور الملكية . وهي حفلات مختلطة يحضرها الرجال والنساء .
للهانم تعليمات واضحة : يجب أن أكون الأحلي والأكثر بهاءا .. ونجح فاروق حسني في إعداد السيدة الأولي لهذه الحفلات ..
لم يكتف الوزير اللبيس بكل هذه المهام . بل أطلق سلسلة من المبادرات لتعزيز موقعة في القصر الرئاسي والسيطرة علي ذوق الهانم ..
من المبادرات ذات التلكفة العالية جدا علي الإقتصاد المصري ، كانت المشاركة
في حضور الحفلات الملكية التي تنظمها دور الأزياء العالمية ..
وفي هذا السياق ينبغي أن نميز بين ثلاثة أو أربعة مستويات من حفلات عروض الأزياء ..
هناك حفلات للعامة . وتعرض فيها أزياء الطبقة الوسطي والأعلي من الوسطي ..
وهذا ماتحتفي به الصحف ومحطات التلفزيون . وتعتز به بإعتبارها عملا إعلاميا
براقا لشريحة كبيرة من القراء والمشاهدين ..
المستوي الثاني : حفلات عرض أزياء النجوم . وهو قاصر علي دعوة نجوم السينما
والتلفزيون والمجتمع . ومن يستطيع أن يدفع . ربما يحضره أصحاب الملايين
والملياديرات ..
وهو مستوي مغلق قليلا علي قراء الصحف ومشاهدي التلفزيون ..
المستوي الثالث : عروض الأزياء الملكية . وتنظمها دور متخصصة في أزياء
الملوك والملكات . ولا تتعامل إلا مع العائلات الملكية القديمة في أوروبا
والخليج . وربما تقبل عائلة مصرية بعد أن تتأكد أنها ذات كفاية مالية .
وكفاية بروتوكولية .
وأعني بذلك أن يكون أفرادها قادرون علي التعامل مع الملوك وقياصرة المال والأعمال .
هذه الدور مثل الأندية المغلقة . عضويتها صعبة جدا . بل مستحيلة أحيانا .
لا تسمح بطرق الأبواب إلا بتذكية عشرات الأعضاء . وربما يظل العضو تحت
الإختبار سنوات ، حتي تكتمل عضويته . ومن ثم يسمح له بحضور المناسبات التي
تقيمها سنويا .
والمناسبات بحق فوق الأحلام والخيال ..
أعيد الي الذاكرة حكاية رواها عمرو أديب علي سبيل الدعابة ..
قال الي زميلة الدكتور عزت أبو عوف علي شاشة القاهرة اليوم .
إعمل حسابك . سوف تعمل وحدك لمدة ثلاثة أيام علي الأقل . كان ذلك بمناسبة إقتراب ليلة رأس السنة الميلادية ..
سأله أبو عوف : لماذا ياعمرو .
قال : أنا تلقيت دعوة للمشاركة في حفل لم أحلم به علي الإطلاق .. إنه حلم لم أحلم به .
سوف أغادر غدا الي مكان غير معلوم في أوروبا . التذكرة سوف تأتيني الليلة .
لا أعرف الي أي بلد . وعادة ماتصل التذكرة قبل الرحلة بساعات ، حتي لا
ينتشر الخبر .
عند باب الطائرة في مطار الوصول ، سوف أجد « سترتيشت ليمو » . أي سيارة
ليموزين عشرة متر . آخر أبهة . تأخذني السيارة الي مطار آخر للطائرات
الصغيرة ، التي تنقلني الي جزيرة . لا أعلمها . تهبط الطائرة علي سطح فندق .
يكون في إستقبالي .. ( هكذا قالت الدعوة ياعزت ) عشر بنات زي القمر .
يرافقونني الي الجناح المخصص لي . ثم يقمن باللازم . خلع الملابس والحمام .
ثم يقدمن لي بدلة جديدة لنج . علي مقاسي ياعزت . لا أعرف كيف عرفوا مقاسي .
ومنها الي حفل رأس السنة ..
إنهم يقولون في الدعوة إن الحفل ممتد لمدة يومين . يعني حضرتك تحضر الحفل
حتي تتعب . تروح تنام . ثم تصحوا وترتدي البدلة الجديدة بواسطة البنات
الحلوين . وتفطر أو تتغدي في الي الحفل تأكل وترقص وتغين حتي تتعب .
فتتوجه الي الراحة . ثم تعود مرة أخري . وهكذا ..
تساءل عزت أبو عرف : كيف حصلت علي الدعوة ياعمرو ؟.
أجاب : دي مش دعوة مجانية . دي بفلوس . المنظمون طلبوا ١١ الف دولار . وأنا قلت لنفسي إيه يعني ١١ الف دولار في حفلة زي دي .
علق أبو عوف : هل أستطيع أن أن أكون معك وأدفع ١١ الف دولار ..
أجاب عمرو : مستحيل ياعزت . الناس الذين توجه لهم الدعوة يتم إختيارهم
بنظام دقيق جدا . وعندما يقع الإختيار ، تبدأ الشركة المنظمة في جمع
المعلومات عن صاحبنا . وربما لا تكون المعلومات مرضيه ، فيتم إلغاء الإسم ..
أعتقد إنهم تعبوا جدا عند فحص المعلومات الخاصة بي . فأنا كما تعلم مشاغب .. ومثل هذه الحفلات غير ملائمة للمشاغبين ..
بعد أيام تبين إن القصة من بنات أفكار عمرو أديب .
لكنني علي يقين أن عمرو قرأ شيئا عن حفلات الأزياء الملكية التي أتحدث عنها ..
المهم نجح فاروق حسني في تقديم الهانم الي عدد من دور الأزياء الملكية ..
تقدمت بطلبات . ودقت الأبواب . وتولي الوزير جمع التذكية لكل طلب . ثم دفع
المعلوم . وأصبحت الهانم زبونا دائما لهذه الحفلات الخرافية ..
قبل نهاية الحلقة سوف أعيد الي الذاكرة واحدة من هذه الحفلات ، أقيمت في القاهرة علي سبيل التجربة . ولم تتكرر أبدا ..
عام ١٩٨٠ كان السادات تواقا الي ربط مصر بعالم أصحاب الملايين . ونجحت إحدي الشركات الدولية المنظمة لها في تحقيق أمنيته .
تقدمت بعرض لإقامة حفل يشارك فيه ٢٥٠ من أغني أغنياء العالم . يتضمن عرضا
سيمفونيا تحت سفح الهرم . ورحلة نيلية . ثم رحلة بالطائرة الي الأقصر
وأسوان . وحفل إستقبال كل ليلة من الليالي الثلاث ..
وطلب المنظمون أن تكون كل هذه الترتيبات سرية . لا أحد يسمع بها . لا إذاعة ولا تلفزيون ولا صحف .
وإشترطوا أيضا حراسة خاصة ..
مثل هذه التريبات ممكنه في الدول الغربية . وهي مثل حفلات الأزياء الملكية التي تقام دون أن يسمع بها أحد .
لكن الأمر مختلف جدا في مصر ..
فقد إنتشر خبر وصول أصحاب الملايين الي سفح الهرم ، قبل الحفل بساعة واحدة .
وتدفق الي الساحة الجمالة وأصحاب الحمير والجياد .. إنتظارا لرزق وفير ..
كما تسرب الخبر الي بعض الصحف . فأرسلت مصوريها .
لكن الصحف المصري لم تتمكن من نشر الخبر أو الصور فأنتقلت الي وكالات
الأنباء الدولية . ومنها الي الصحف الدولية ، التي قدمت الكثير من
المعلومات عن هذه الحفلات السرية ..
ولهذا لم يقترب منظموا هذه الحفلات مرة ثانية الي الساحة المصرية .

ستة شخصيـات علمت مبـارك البجــاحة
البجاحة في اللغة غير التباهي والتفاخر .
البجاحة إدعاء بالفضيلة معجونة بكثير من البلطجة والرزالة .
يقول مبارك علي سبيل المثال : إحنا مجتمع ديموقراطي . وهو يعي تماما إن
لدية ١٥ الف معتقل بشكل دائم . وغرف تعذيب في كل محافظة وكل مدينة كبري .
وجهاز لتزوير الإنتخابات . وكلاب بشرية للتهجم علي المعارضين أو المتطفلين
علي ديموقراطية النظام .
يقول مبارك ببجاحة : أنا مع حرية التعبير ولم أكسر قلما لكاتب أو صحفي :
ومع ذلك إرتفع عدد مساجين الصحافة في عهده . وتم إستبعاد عشرات الكتاب
والصحفيين . وأغلقت صحف ودور صحفية متعددة . وإحتكر النظام لنفسه حق إصدار
تراخيص الصحف . وحق وقف طباعة الصحف . وحق تعيين المخبرين رؤساء للصحف .
وكل مفاتيح الحريات العامة ...
يقول مبارك ببجاحة : نحن حريصون علي أن تكون الإنتخابات نزيهة وشفافة
وعادلة . ومع ذلك يجري تجنيد كتائب البلطجية لإدارة العملية الإنتخابية .
ومافيش مانع من إعتقال المرشحين ومندوبي المرشحين وسرقة الصناديق وتسويد
الأصوات وحرق الأحكام القضائية .
يقول مبارك ببجاحة : إنني أعرف معاناة المواطن المصري . وأعمل ليل نهار علي
مساندته وحل مشكلاته . ومع ذلك يتسابق مبارك وأبناءه وزوجته علي سرقة
أموال الشعب . وتحالف الأربعة مع شريحة من اللصوص تعرف برجال الأعمال .
وتسابق الجميع علي سرقة الشعب وإفقاره ودفعه الي الفقر المدقع والحضيض ..
يقول مبارك ببجاحة : إننا ندعم الشعب كل الشعب بأسعار مخفضة للغاز
والكهرباء وكل أنواع الوقود . ومع ذلك فإن إجمالي الدعم الموجه لصفقة الغاز
مع إسرائيل أعلي من الدعم الموجه للغاز الذي يستهلكه الشعب المصري . كما
يحتكر مبارك وأولادة كل مايتعلق بتجارة الغاز والبترول . أبسط نموذج لذلك
أن مجدي راسخ حما علاء مبارك لدية أكبر شركة لتوزيع الغاز في مصر هي غاز
تاون .
يقول مبارك ببجاحة : إن التعليم هو المشروع القومي الذي أتولي رعايته بنفسي
. وفي إطار الرعاية المباركية ، إنتشر الغش الجماعي وإنهار نظام التعليم
الي واقع لا يعلم مداه إلا الله ..
قال مبارك ببجاحة في أول خطاب رئاسي له : الكفن مالوش جيوب .. لكن الكفن له
حسابات في سويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودبي وغيرها ..
أستاذة مبارك في البجاحة ستة . تعلم علي أيديهم كل صنوف البجاحة . وأتقنها . وتفنن في ممارستها حتي آخر لحظة له في السلطة ..
الأول : المرحوم فؤاد محي الدين .
تم إختياره وزيرا للصحة لأول مرة في عهد الرئيس السادات . ثم إنتقل الي
منصب البجاحة الأكبر . رئيس المجموعة البرلمانية للحزب . ووزير الدولة
لشؤون المجالس الشعبية . ثم نائبا لرئيس الوزراء . وأختاره مبارك أول رئيس
وزراء له . وظل في منصبه عامين . ومات علي مكتبه ، عندما علم أن الرئيس
يشكل وزارة بديلة له ..
الدرس الذي تلقاه من فؤاد محي الدين : لا تلتفت الي الجماهير . لا تكن مثل
عبد الناصر الذي عشقته الجماهير . وأنشغل بها ، حتي قادته الي الوفاة
المبكرة . ولا تكن مثل أنور السادات الذي يعشق الصدمات السياسية ، لإرضاء
الجماهير . ومع ذلك خرجت الجماهير ضده في ١٨و١٩ يناير . كما إن البلد ياريس
لا تتحمل صدمات سياسية .
البلد عايزة إستقرار . والإستقرار يعني ألا تستجيب للجماهير في تغيير الوزراء والمحافظين وقيادات العمل في أي مكان .
إنهم يريدون كل يوم وزارة . وكل يوم وزير . وكل يوم قيادة جديدة .
والجماهير كيادة . لا تصلح للحكم علي أداء القيادات والوزراء . أنت وحدك تستطيع ذلك ..
نحن في حاجة الي إستقرار أداة الحكم .
إختار الناس بدقة للقيادة . ثم إترك لهم حرية التصرف وصياغة الإستقرار . إتركهم يعملون براحتهم ( أو يسرقون براحتهم ) ..
وبدأ مبارك يترجم هذه النصيحة الي مقولة مشهورة : أنا مش جمال عبد الناصر . ولا أنور السادات . أنا إسمي حسني مبارك ..
ولي طريقتي الخاصة في الحكم والإدارة . أنا لا بتاع صدمات ولا بتاع مغامرات .. أنا بتاع إستقرار ..
هناك قصة شهيرة يتبادلها الصحفيون . ويعرفون تفاصيلها ، لأنها تتعلق بعلاقة الرئيس بالصحافة :
في ساعةصفاء تحدث الرئيس مع حراسه عن محمد الرزاز ( وزير المالية في
حكومة عاطف صدقي ) . كان الرجل يتعرض لحملة صحفية شرسة بسبب سياساته
المالية .
علق مبارك علي الحملة قائلا " :لو شلته علشان الصحفيين مش بيحبوه ، يبقي
انا اعطيت سلطاتي للصحفيين ، وتنازلت عنها لهم وانا مابحبش اتنازل عن
سلطاتي ابدا" .
هكذا تحولت نصائح فؤاد محي الدين الي كارثة .. وبجاحة في نفس الوقت ..
الأستاذ الثاني كان المرحوم رفعت المحجوب . كان أستاذا في كلية الإقتصاد
والعلوم السياسية . ثم تم إختياره عميدا للكلية . ومنها خرج الي رئاسة مجلس
الشعب بالتعيين . وليس بالإنتخاب ..
كان المحجوب متعاليا . متعجرفا . نرجسيا . إنعزاليا . يحتقر الآخرين بكل
درجات الإحتقار . ويؤمن بالفلسفة السياسية القائلة : أن الإنسان ذئب لأخيه
الإنسان . وعليك أن تتغدي به قبل أن يتعشي بك ..
علم مبارك دروسا في التعالي وإحتقار الآخرين . كل واحد له ثمن ياريس . مهما
كان : حتي لو كان قديسا أو نبيا . مافيش واحد مالوش سعر . إعرف سعره
وتعامل معاه . أحيانا يكون الثمن هو السجن . إسجنه ياريس علشان يعرف قيمته .
إسجنه وإفرج عنه وتعامل معاه بعد ذلك . سيكون خادما مطيعا وتحت رجليك ..
وعلم مبارك أيضا ألا يهتم بالتفاصيل . كل الموضوعات التي تعرض عليه يجب أن
تكون مشفاة من كل التفاصيل ( زي حتة اللحمة المشفية من الشغت والعظيم
والعروق وغيرها ) . إوعي تشغل نفسك بتفاصيل الموضوعات ، لأن التفاصيل تؤثر
علي القرارات السيادية .
القرارات السيادية يجب أن تكون مجردة وتطبق علي الجميع .
وقال له ذات يوم : ماتعملش زي عبد الناصر ، الذي أفني حياته في تفاصيل المصريين ومشاكلهم ..
يقول محمد صبرة ( الرجل الذي تآمر عليه زكريا عزمي وطردة من رئاسة
الجمهورية ) مبارك لا يطيق أي تقرير معبئ بالتفاصيل . تعليماته بوضوح :
أي قصة تتلخص في سطرين . ومافيش موضوعات داخلية تعرض عليّ . موضوعات
التموين والعيش والجاز والصابون والسكر والشاي لا تعرض علي إطلاقا .. أنا
ماليش دعوة بيها .
وكل موضوع أو أزمة داخلية تتلخص في سطر واحد .
المعلم الرابع : زكريا عزمي .
مهندس الفساد ، وشيطان البجاحة ..
المشهد لا أحد ينساه . بل أصبح جزءا من التراث الشعبي ..
ياريس ( يقصد رئيس مجلس الشعب ) الفساد وصل للركب في المحليات ..
ومع ذلك لا ينسي الناس أن زكريا عزمي كان شريكا لممدوح إسماعيل في بيزنس العبارات . وإنه تمكن من تهريبه قبل إعتقاله بساعات ..
بالمناسبة زكريا عزمي لم يكن مهندس الفساد لمبارك فقط . بل كان أستاذا للفساد للهانم والأولاد جمال وعلاء ..
المعلم الخامس : صفوت الشريف
مهندس الرذيلة . المهمة لم تكن غريبة عليه ، فقد إحترفها عندما كان ضابطا في مخابرات صلاح نصر .
كان إسمه موافي . ومهمته الإيقاع بالقيادات السياسية العربية وغير العربية عن طريق ُطعم نسائي ..
المهمة كانت متاحة في القصر الجمهوري منذ اللحظات الأولي لحكم مبارك ..
كان مبارك يريد أن يحقق إنتصارا سياسية عربيا ، بأي وسيلة . كانت مصر آنذاك
معزولة عربيا . ومقاطعة سياسيا بقرار من الجامعة العربية ، عقابا علي
توقيع إتفاقية كامب ديفيد . وكان مبارك يتوق الي عودة العلاقات العربية ،
التي ستحمل معها الإستثمارات العربية ، وبالتالي يستطيع مواجهة مشكلات
البطالة والفقر ..
وهي المشكلات الإكثر الحاحا كما حددها المؤتمر الإقتصادي عام ١٩٨٢ ..
وهي نفس المشكلات التي تفاقمت مرات ومرات في عهد مبارك ..
وجاء موافي بالحل . قال له ياريس : العرب دول كلهم لا حل لهم إلا النساء .
علينا أن نطلق عليهم النساء ، تراهم جميعا في القاهرة وتحت أمرك ..
هذا الحل لم يكن غريبا علي مبارك . فقد كان مسؤولا عن المخابرات ، عندما
كان نائبا للرئيس . وسمع قصصا كثيرة عن الحلول النسائية لكثير من المشاكل
.. والشخصيات ..
تساءل الرئيس : نبتدي منين الحكاية ياموافي ؟ .
قال : إترك لي الحكاية دي . سأرتبها بنفسي ..
وكان لموافي صديق في بلاط أمير البحرين عيسي بن سلمان . هذا الصديق عين
فيما بعد وزيرا للإعلام في البحرين . ويبدو أن هذا الرجل كان تلميذا وفيا
لموافي ..
إتصل موافي بصديقه . وإتفقا علي كيفية إختراق القصور الملكية في الخليج ..
بدء الإثنان بالأمير حمد ولي عهد البحرين ( أصبح ملكا فيما بعد ) ..
دعي الي القاهرة في سهرة بريئة . ثم سهرة نصف بريئة . ثم سهرة غير بريئة .
ثم لقاء مع مبارك الذي أعرب فيه عن إنبساطه بالسياسة المصرية التحررية
العظيمه ..
في المرة التالية جاء الأمير حمد وفي رفقته عدد من الأمراء الآخرين . سهرة بريئة ثم نصف بريئة ثم غير بريئة . ثم لقاء مع الرئيس .
في المرة الثالثة : إتسع نطاق الزيارة ليشمل أمراء من السعودية . ثم أمراء
من الإمارات . ثم أمراء من الكويت . ثم أمراء من سلطنة عمان .
وفي المرة الرابعة ، إرتقت الدعوة الشخصية لتصل الي الملوك ورؤساء الدول
الخليجية . وفي نهاية كل زيارة يصدر بيان رائع عن تطابق وجهات النظر بين
الرئيس والملك حول القضايا الحيوية والمصيرية التي تهم الأمة العربية
والإسلامية . الغريب إن البيانات كلها تجاهلت صدور النساء ..
ولم يمر أكثر من عامين حتي حقق موافي رسالته . عادت العلاقات العربية .
وعادت الجامعة العربية . وإنتقلت الزيارات السرية الي زيارات علنية .
وموافي يقوم بمهمته علي أكمل وجه ..
وأصبح هناك سهرات دورية في القصور الملكية بحضور مبارك . وسهرات في القصور
الجمهورية بمشاركة الملوك والأمراء . وإتسع الأمر عندما إنضم الي الجميع
الملك الحسن ملك المغرب . ثم الملك الحسين بن علي ملك الأردن ..
وأدمن الرئيس مبارك السياسة الخارجية ، التي تأتي له بالسهرات البريئة ..
سوف أكتب يوما بالتفصيل عن سهرات القصور ..
المعلم السادس : فتحي سرور
ترزي القوانين ،صاحب الفتاوي الدستورية ، ومهندس كل الإنحرافات القانونية والتشريعية ..
هذا الرجل علم الرئيس قاعدة واحدة : إن الدستور له ألف وروح . والقانون له الف وجه . والتشريع له الف قلب .
بهذه القاعدة لا يجب أن تتوقف عند أي شئ ياريس . الدستور نفسره زي ماحضرتك
عايز . القانون مجرد عبارات تقبل التأويل . التشريعات إحنا صناع التشريع
..
وبهذه النصيحة لم يحترم مبارك قانون أو دستور أو تشريع . وكان بجحا في
تحديه لكل هذه الهياكل الرئيسية للدولة : الدستور والقانون والتشريع ..
هناك جيل ثان من معلمي البجاحة مثل مفيد شهاب وكمال الشاذلي . إنهم مجرد مسخ من المعلمين الرئيسيين ..

والي حلقة مقبلة نتحدث فيها كيف تعرفت الهانم علي المافيا من خلال الحفلات الملكية .


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3701 / عدد الاعضاء 62