وهي مجموعة الآليات الدولية والإقليمية التي تشكلت بغرض حماية حقوق الإنسان والتي تتمثل في :
أولاً - الآليات الدولية : تتمثل آليات المراقبة الدولية لحقوق الإنسان في مجموعة اللجان التي تم إنشاؤها لهذا الغرض و يمكن تناولها في ثلاث مجموعات :
المجموعة الأولى - الأجهزة المركزية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان : وهذه المجموعة تشكل الأجهزة التي أنشأتها الأمم المتحدة بغرض حماية حقوق الإنسان ومن أهم هذه الأجهزة :
1 – لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان : وتم تأسيسها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جلسته الأولى في عام 1947 وكانت مهمتها الوحيدة هي وضع مسودة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان . وقد ركزت اللجنة في الفترة من 1947 وحتى 1966 على وضع معايير دولية لحقوق الإنسان ، وكان نتاج ذلك أن وضعت مسودات لميثاقين حول حقوق الإنسان هما الميثاق العالمي للحقوق المدنية والسياسية والميثاق العالمي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللذين تم اعتمادهما من قبل الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 1966 . كما أحرزت اللجنة تقدما في مجال آخر فبينما أقرت في عام 1947 بأنها غير مختصة بنظر أية شكوى حول انتهاكات حقوق الإنسان إلا أنها عادت بعد عشرين سنة وأصبحت مخولة بشكل خاص للمباشرة في انتهاكات حقوق الإنسان فوضعت آلية مفصلة وإجراءات موجهة حسب الدولة أو حسب الموضوع تعمل من خلال مقررين ومجموعات عمل لمراقبة التزام الدول بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والتحقيق في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان .
إن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هي الجهاز الرئيس للأمم المتحدة المسؤول عن نشر وحماية حقوق الإنسان وبصلاحيات واسعة ، كما تتولى المهام الخاصة التي تسند إليها من قبل الجمعية العامة أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي بما في ذلك التحقيق في الادعاءات حول انتهاكات حقوق الإنسان ، ومعالجة البلاغات المرتبطة بمثل هذه الانتهاكات وتتعاون مع جميع أجهزة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان . وتجتمع اللجنة كل سنة في جنيف لفترة ستة أسابيع بدءاً من شهر مارس وتكون اجتماعاتها بشكل عام علنية إلا عندما تجتمع لتناقش مواضيع تبدو أنها تظهر نمطاً منتظماً من الانتهاكات بموجب الإجراء رقم 1503 .
2 – اللجنة الفرعية للأمم المتحدة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان : تأسست هذه اللجنة ( والتي تغير اسمها من اللجنة الفرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات بقرار من المجلس الاقتصادي والاجتماعي في 27 يوليو 1999 ) من قبل لجنة حقوق الإنسان بهدف إعداد الدراسات ووضع التوصيات للجنة بخصوص منع التمييز من أي نوع وحماية الأقليات العنصرية والوطنية والدينية واللغوية ، ولتنفيذ أية مهمة أخرى تسند إليها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي أو لجنة حقوق الإنسان وتجتمع اللجنة مرة واحدة في السنة على الأقل ، وتعقد اجتماعاتها في جنيف لفترة ثلاثة أسابيع بدءاً من أول أغسطس . وبالإضافة إلى مجموعة العمل المعنية بالبلاغات المرتبطة بالإجراء رقم 1503، فقد شكلت اللجنة أربع مجموعات عمل لتنفيذ مهامها في إقرار وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية أهمهما : مجموعة العمل الدورية لإدارة العدالة وقضية التعويضات بدلاً من مجموعة العمل الدورية المعنية بالاحتجاز والتي تغير اسمها في عام 1997 إلى مجموعة العمل لإدارة العدالة . ويجوز للمنظمات غير الحكومية التي يكون لها وضع استشاري في المجلس الاقتصادي والاجتماعي حضور اجتماعات اللجنة بصفة مراقب .
3 – مجلس حقوق الإنسان : وأنشئ هذا المجلس عام 2006 م ليحل محل المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومقره في جنيف وتتمثل مهمة المجلس في مراقبة احترام حقوق الإنسان في كافة أرجاء العالم والتدخل في حال حدوث انتهاكات لها .
المجموعة الثانية : وتشمل أجهزة الإشراف على تطبيق الاتفاقيات : وهذه المجموعة شكلت بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان بغرض متابعة مدى التزام الدول الأطراف بالاتفاقية المعنية . وتتمثل هذه الأجهزة في :
1 – لجنة حقوق الإنسان : تأسست هذه اللجنة بواسطة الميثاق العالمي للحقوق المدنية والسياسية وفقاً لأحكام المادة 28 – 32 وذلك لمراقبة تطبيق أحكام الميثاق العالمي للحقوق المدنية وبرتوكوله الاختياري من قبل الدول الأطراف . وتملك اللجنة سلطة النظر في التقارير حول التدابير التي تم اعتمادها ، والتقدم الذي تم إحرازه في مجال الالتزام بالحقوق التي يحميها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية . كما أنه وبموجب البروتوكول الاختياري الثاني تختص اللجنة بنظر الشكاوى المقدمة من أشخاص يدعون أن حقوقهم انتهكت . وفي مايو 2001 أقرت 46 دولة باختصاص اللجنة في استلام ونظر البلاغات المقدمة من دولة طرف ضد دولة طرف أخرى لا تقوم بالتزاماتها بموجب الميثاق . كما تظهر اللجنة اهتماما كبيراً بالمعطيات التي تقدمها المنظمات غير الحكومية .
2 – لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية : وهي لجنة مكلفة بمراقبة تطبيق الميثاق العالمي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتتألف من 18 عضواً ينتخبهم المجلس الاقتصادي والاجتماعي من قائمة أسماء ترشحهم الدول الأطراف في الاتفاقية ، ويعملون بصفة شخصية كخبراء في مجال حقوق الإنسان . وتجتمع اللجنة عادة مرتين في السنة في جنيف وتكون اجتماعاتها مفتوحة ، وتلي كل دورة ورشة عمل ولمدة أسبوع وتكون مهمتها إعداد قوائم موجزة عن المواضيع المشمولة في تقارير الدول لتنظرها اللجنة في دورتها القادمة . وتقدم اللجنة تقريراً سنوياً حول أنشطتها للمجلس الاقتصادي والاجتماعي ، كما تقوم بدراسة التقارير التي تقدمها الدول الأطراف المعنية بشأن الخطوات التي قامت باتخاذها لتطبيق حقوق الإنسان الواردة في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وتسعى اللجنة لتقرر من خلال حوار بناء ما إذا كانت الأعراف المشمولة في العهد قد طبقت بالشكل المناسب وكيف يمكن للدولة الطرف أن تحسن من تطبيق العهد . وفي حين يحق فقط لأعضاء اللجنة وممثلي الدول الأطراف بالمشاركة في مناقشة التقارير يجوز للمنظمات غير الحكومية التعبير عن اهتماماتها إلى أعضاء اللجنة من خلال مجموعة العمل لما قبل الدورات بخصوص الدول التي تكون تقاريرها مجدولة للنظر بها في الدورة المقبلة .
3 – لجنة القضاء على التمييز العنصري : و تقوم هذه اللجنة والمؤلفة من 18خبيراً بمراقبة تطبيق الاتفاقية العالمية للحد من جميع أشكال التمييز العنصري ، وتجتمع اللجنة في جنيف مرتين في السنة لمدة ثلاثة أسابيع لكل دورة . وهي كواحدة من الأجهزة الستة المسؤولة عن مراقبة تطبيق الاتفاقيات من جانب الدول الأطراف فإن لجنة القضاء على التمييز العنصري تميزت بممارسة أربعة وظائف هي : دراسة التقارير ، نشر الإجراءات الوقائية ، المراجعة في حالة التقارير المتأخرة ، وإصدار الآراء حول البلاغات الفردية . كما تقوم بمراجعة أية شكوى تقدمها دولة طرف ضد دولة طرف أخرى تدعي فيها بأن الأخيرة لا تطبق أحكام الاتفاقية .
4 – لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة : تم انتخاب هذه اللجنة المؤلفة من 23 خبيراً لمراقبة الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز ضد المرأة ، وتجتمع اللجنة مرتين في السنة ولمدة ثلاثة أسابيع لدراسة التقدم المحرز في تطبيق أحكام هذه الاتفاقية من خلال مراجعة التقارير التي تقدمها الدول الأطراف ، بالإضافة لذلك وبقبول البروتوكول الاختياري للاتفاقية تقر الدول الأطراف فيه باختصاص اللجنة في استلام ونظر البلاغات الفردية وإجراء التحقيقات فيها .
5 – لجنة مناهضة التعذيب : شكلت لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة السابعة من اتفاقية مناهضة التعذيب . وتتألف من عشرة خبراء لمراقبة الاتفاقية ضد التعذيب ، وتقوم الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بترشيح أعضاء اللجنة بصفتهم الشخصية ، وتجتمع اللجنة في جنيف مرتين في السنة حيث تقوم بدراسة تقارير الدول الأطراف حول تطبيق الاتفاقية كما يجوز لها إجراء تحقيق في حال حصولها على معلومات وثيقة حول دلالات على ممارسة التعذيب بشكل منتظم في منطقة ما في أية دولة طرف تقر باختصـاص اللجنة في هذا الصدد ، وكذلك الأمر في حالة الشكاوى المرفوعة بين دولة وأخرى من الدول الأطراف أو الشكاوى الفردية .
6 – لجنة حقوق الطفل : وهي لجنة تتألف من عشرة خبراء يعملون بصفة فردية ، وتجتمع في جنيف ثلاثة مرات في السنة . حيث تقوم بدراسة التقدم الذي تحرزه الدول الأطراف في تلبية التزاماتها التي تنص عليها اتفاقية حقوق الطفل ، كما تقدم كل سنتين تقريراً عن أنشطتها للجمعية العمومية للأمم المتحدة . وقد أدخلت اللجنة المنظمات غير الحكومية كعامل أساسي في تعزيز ومراقبة حقوق الطفل .
المجموعة الثالثة : وتشمل إجراءات أخرى ضمن نظام الأمم المتحدة :
1 – لجنة الرصد والمتابعة : أنشأت هذه اللجنة لرصد التقدم الذي تحرزه الدول في الوفاء بالتزاماتها خاصة في مجال الانسجام بين القوانين الوطنية مع القوانين الدولية.
2 – المفوض السامي لحقوق الإنسان : أنشأت هذه الوظيفة عام 1993 لتعزيز وحماية حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات ، وتنفيذ المبادئ الواردة في المواثيق ذات الصلة مع مواصلة الحوار مع الحكومات تحقيقاً لهذا الغرض والتعاون مع الأجهزة ذات العلاقة بالأمم المتحدة .
3 – الإجراء 1503 : يعد الإجراء 1503 آلية عالمية يتم تطبيقها على جميع دول العالم ، وهو يمكن من التحقيق في الانتهاكات التي تتم لأي حق من حقوق الإنسان . وسمي بهذا الاسم نسبة لرقم قرار لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي صدر لإنشائه . وتتمثل سمات هذا القرار في أنه يدرس حقوق الإنسان في بعض الدول في حالة وجود دليل على عدد من الانتهاكات تشكل نمطاً من الانتهاكات الصريحة لحقوق الإنسان فيها مما يجعل الأمم المتحدة تقرر حينئذ التحقق من أوضاع حقوق الإنسان في تلك الدولة ، وتمتاز إجراءاته بالسرية .
4 – المحكمة الجنائية الدولية : تأسست عام 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء ، وتعمل هذه المحكمة على إتمام الأجهزة القضائية الموجودة ، وهي تقوم بدورها القضائي إذا أبدت المحاكم الوطنية رغبتها في ذلك أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا . فالمسؤولية الأولية تتجه إلى الدول نفسها، كما تقتصر قدرة المحكمة على النظر في الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002 (تاريخ إنشائها ) . وهي بذلك منظمة دولية دائمة تسعى إلى وضع حد لما يسمى بظاهرة الإفلات من العقوبة . والمحكمة الجنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية ، وبزمن غير محدد لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. وتعد المحكمة الجنائية هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة ، من حيث الموظفين والتمويل. إلا أنه تم وضع اتفاق بين المنظمتين يحكم طريقة تعاملهما من الناحية القانونية الأمر الذي جعل الأمم المتحدة تحيل إليها بعض قضايا انتهاكات حقوق الإنسان للبت فيها وقد أدى ذلك إلى كثير من الجدل حول اختصاصها في هذا المجال .
ثانياً - الآليات الإقليمية : وتتمثل في :
1 – اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان : أنشئت هذه اللجنة في يوليو 1987 م ومقرها في بانجول عاصمة جامبيا وتتكون من أحد عشر عضواً يختارون بصفتهم الشخصية . وتعقد اللجنة عادة دورتين في العام ، وتقوم في نهاية العام بإعداد تقرير عن أنشطتها يتم نشره بعد موافقة مؤتمر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي . وتأخذ اللجنة بنظام التقارير كأسلوب للرقابة دون تمييز بين أنواع الحقوق المختلفة . كما يجوز للجنة النظر في الشكاوى التي يرسلها الأفراد والمنظمات غير الحكومية وفق الشروط المنصوص عليها في ميثاق الاتحاد الأفريقي .
2 – المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان : أنشئت المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في 9 يونيو 1990 وفقاً للبروتوكول المؤسس للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب الذي دخل حيز التنفيذ في 25 يناير 2004. وهي الجهاز القضائي الإقليمي الأول على مستوى القارة المكلف بضمان احترام ومراعاة أحكام الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب المعتمد في 27 يونيو 1981. وتم إطلاق المحكمة في 2 يوليو 2006 ومقرها في أروشا في جمهورية تنزانيا المتحدة .
3 – اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان : أنشئت هذه اللجنة كجهاز عامل في إطار جامعة الدول العربية عام 1968م بموجب قرار مجلس الجامعة رقم 2443 في دورته الخمسين لتهتم بقضايا حقوق الإنسان في الوطن العربي ورفع قواعد التعاون بين الدول العربية في هذا المجال . وقد ناقشت هذه اللجنة موضوعات مهمة منها : قضايا التنمية في الوطن العربي ، المشكلات التي تواجه حقوق الإنسان ، المديونية , ومشـروع الميثاق العربي لحقوق الإنسان .
عصمت عبد الرحمن النور
المحامي - مدينة النهود ، السودان