ارحموا عزيز قوم ذل
في الواقع يا استاذ ابراهيم لست وحدك في هذا الشعور , فهذا شعور الكثيرين بالرغم من كل ما عايشناه معه , فالشعب المصري طيب القلب يسامح بسرعة ويفوض أمره الي الله , فقد أصبح الرجل لا حول له ولا قوة . ومن شيم الكبار العفو عند المقدرة , ولو التفتنا للوراء ما فكرنا في المستقبل , ومصر اليوم عينها علي المستقبل القريب والبعيد , نريد أن تحل سواعد الشباب محل معاول الهدم , أن نبني ونعمر بحق وليس مجرد ترديد للشعارات وتزييف الحقائق . يوم أن أعلن عن تخلي الرئيس السابق للسلطة كنت اجلس أمام التلفاز وقد غلبني النوم من طول الانتظار , وانتبهت علي صوت نائب الرئيس السابق وما زالت جفوني ثقيلة إلا أن أذني كانت واعية تماما , وإذا بشقيقي يدخل علي متجهما عابسا , فظننت أن مكروها قد وقع , وحينما سألته عن سبب ما انتابه , قال ألم تسمع كلمة النائب ؟ قلت نعم . وساعتها علمت أن ما آل اليه الأمر هو سبب حالته , فسألته عن رأيه فيما حدث طوال هذه السنوات وبخاصة ما حدث في الأيام الأخيرة وتساقط الشهداء , فقال أنا لست ضد رحيله ولكن ليس بهذه الصورة , فقلت له هذا خياره وقد امهلناه كما اخترناه صاعرين . ووجدت هذا الشعور لدي الكثيرين غيره , فلا تعجب من نفسك فأنت من نسيج هذا الشعب المسامح المحب العطوف .
وأنا أيضا أتمني له الشفاء , لأنني لم أنس يوما أنه كان بطلا من أبطال حرب أكتوبر وخرج مدافعا عنا جميعا , ومن ناحية أخري فإن بقاءه سيحقق لدي متعة خاصة في وجود رئيس سابق بالبلاد حتي نعتاد علي هذا الأمر , فهذه سنة الحياة , وتداول السلطة دليل علي قوة الشعب وعدم استكانته , ومن ناحية أخري فهي فرصة له ليراجع نفسه ويرد الحقوق الي أصحابها من البسطاء الذين وثقوا به .
ومن ناحيتي فلم أعجب من شعور بعض الشعب المصري أو معظمه , لأنني رأيت مشهدا أشد روعة وسموا ضربه آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم , فحينما أثخنت الجراح سيدنا الحسين وكانت كلها من الأمام , واستشهد من معه من آل بيت النبوة وهو عطشان , فإذا به يبكي , وحينما سئل عن سبب بكائه , قال ليس الخوف من الموت ولا فقد الأهل والأحباب ولا مصير نسائه وبناته , وإنما ما يبكيه أنه يري جيشا يدخل النار بسببه لقتلهم إياه , فيالها من روعة تعلمنا التسامح في موقفنا اليوم من رئيسنا السابق .
حسني سالم المحامي
|