اسم المستخدم: كلمة المرور: نسيت كلمة المرور



 

     
 
 
أشرف محفوظ
التاريخ
7/6/2010 4:51:18 AM
  أزمة القضاة والمحامون أم أزمة العدالة أم أزمة وطن      

أزمة القضاة والمحامون أم أزمة العدالة أم أزمة وطن

في هذا الزمن الذي تهاوت فيه كل القيم والتقاليد والأعراف ولم يبقى سوى ذلك الصرح الشامخ ( القضاة والمحامون) الذي لم يهتز يوما من جور حاكم ولم ولن يركع أبدا من فجر السلطة وتوحشها في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها بلدنا الحبيبة مصر.

ترددت كثيرا قبل أن أتدخل في هذه الأزمة منتظرا حل لها مثل بقية الأزمات التي مرت على طرفا العدالة من قبل ولكن عندما شعرت وبجد أن هذه الأزمة تهدد مصر، مصر الحضارة والنيل مصر التقدم والريادة مصر الوطن فكان لابد لكل منا أن يمد يده لانتشالها من تلك الأزمة، وسوف أحاول أن أتبع أسلوب علمي في تحليل الأزمة فأولا سوف أحلل الأزمة وثانيا سوف أبحث عن حلول.

وقبل الدخول للتفاصل اشعر بذلك الوازع الداخلي الذي يقول لي أن هناك بعض المصريين ما عادوا يقدرون مصر حق قدرها، وأن من بينهم من ضعف انتماءه أو حبطت عزيمته أو فتر حماسه، مصر هي الوطن والحضارة والريادة مصر هي المنارة والتقدم مهما مر بها من أزمات، هي مرحلة صعبة وسوف تمر وتبقى مصر ويبقى المصريين عباقرة هذا العالم، أقول لكم هذا الكلام وأنا في الغربة ومن ذاق مرارة الغربة يعلم قيمة مصر وقدر مصر ويزداد الانتماء وتقوى العزيمة ويشتعل الحماس، ففي الغربة تتعلم أشياء تتعلم كيف تقدم صورة مشرقة لبلدك تتعلم كيف تزود عنها إذا جار عليها جائر وذكرها بسوء تكتشف أنك المصري العبقري وغيرك أقل ذكاء وفطنة بل وعقل، أقول هذا وهذا ليس شيفونية ولا نرجسية ولا استعلاء ولكنه واقع أريد أن أنقله لكل من ضعف إيمانه بمصر وطننا الحبيب.

أولا: أزمة القضاة:

 أقول أزمة القضاة ولا أقول أزمة القضاء، فالأزمة في شخص بعض القضاة وليس في القضاء كقيمة، فالقضاة يمرون بأزمتهم الحالية مثلما يمر باقي المجتمع، كل في موقعة يمر بتلك الأزمة الطاحنة والتي تتمثل في غياب دور الدولة، فالدولة والحكومة المصرية الحالية قد سحبت يدها من كل شئ حتى مرافق العدالة، وتركت الأمر لأصحابه يسيرونه على هوى وقدرة كل منهم.

وتتلخص هذه الأزمة بالنسبة للقضاة في المحاولات المستمرة من السلطة التنفيذية للتدخل بسبب وبدون سبب في أحوال القضاة وهو ما يرفضه القضاة بشدة والمحامون رفضوه معهم فاستقلال القضاة عن وزارة العدل أمر لا جدال فيه وتسعى وزارة العدل دائما إلى السيطرة على القضاة ويسعى القضاة على طول الزمن من أجل رفض هذه السيطرة والخضوع لوزارة العدل التي تعتبر أن القضاة موظفون لديها وتعمل على التدخل بأي صورة وبأي طريقة في شؤون القضاة، ومرجع ذلك عدة أسباب هي:

-   ضعف الوزراء وقيادات القضاة، وهذا الضعف ينعكس بظلاله على العلاقة بين الوزارة وبين القضاة، فالوزير الذي يتم اختياره من بين أهل الثقة، وبالضرورة يكون متملقا ومنتفعا وصاحب مصلحة يأتي ليكمل دور سابقة في محاولة فرض الوصاية والهيمنة على القضاة، ونتيجة ضعف بعض رموز القضاء الذي يشعرون بأنهم موظفون بوزارة العدل، يتيح للوزير التدخل والأمر والنهي في شؤون القضاة.

-   قيادات القضاة اليوم هم خريجي الفترة ما بين السبعينات وحتى الآن، وهي فترة الجفاف الأخلاقي والمعرفي والقيمي التي مرت على مصر ولا زال وخريجي هذه الفترة الذي التحقوا بالنيابة العامة وهي ما نعلمه جميعا إما من خلال الواسطة أو من خلال الرشوة، وهذا الأمر يعلمه كل الأفراد فوكيل النيابة الذي ارتقى مكانه بالواسطة أو بالرشوة لن يكون الأكفاء بالضرورة وكل قاض يعلم جيدا كيف التحق بهذا العمل.

-   حالة الفساد التي تمر بها مصر الآن والتي طالت كل شئ وكل مجال وكنا نباهي بقضاء مصر الشامخ حتى ذلك العهد الذي وصل فيه الفساد إلى حد القضاة ونسمع يوميا عن رشاوى مالية وجنسية وترصد الأحكام الصادرة يوميا الآف الأخطاء القضائية والتدخلات والمجاملات، فماذا ننتظر من هؤلاء في هذه المرحلة أنا لا أجمع كل القضاة فما زال بينهم القوي الأمين الصادق المخلص الذي يتهيب الظلم ويسأل الله دائما أن يهديه العدل.

-   ضعف التكوين العملي للقضاة، فهي حالة من الضعف والهوان التي يمر بها الجميع في هذا الوطن، فالقاضي يتخرج من كلية الحقوق ويلتحق بالعمل بالنيابة العامة ويتلقى تدريبا عدة أشهر وهو تدريب شكلي ضعيف لا يسمن ولا يغني من جوع، ومن ثم يتأهل وكيل النيابة ويستوي على مقعده وهو غير ملم بالمعارف والمهارات الأساسية لعمله وهذا يؤدي بدوره إلى عدة مشكلات عملية.

-   النتيجة المنطقية للدخول إلى هذه الوظيفة بالرشوة والواسطة وضعف القدرات العلمية والأخلاقية والظروف المحيطة بعضو النيابة أو القضاء من التمجيد المبالغ فيه والرهبة من السلطة وتلك الأحاسيس التي يقدمها المحيطين وخاصة في مجال العمل من الرهبة والقدسية والطاعة العمياء أحيانا، والحراس والفراشين وأصحاب الحاجات الذين يقدمون فروض الولاء والطاعة للشخص وكيل النيابة أو القضاء، ذلك الجو المحيط مع النفس الانتهازية تدفع هذا العضو إلى الشعور بالذات والفخامة وأنه فلته هذا الزمان وبالتالي يتعامل باستعلاء مع المواطنين والمحامين باعتبار أنه الآمر النهائي في مصائر البشر، ولا يعي أنه في هذا الموقع خادما للحق والعدل.

ثانيا: أزمة المحامين:

وعلى الطرف الآخر نرى أزمة أخرى تفاقمت عبر السنين منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن هي أزمة المحامين الجناح الثاني للعدالة، وتتلخص هذه الأزمة أيضا في عدة عناصر هي:

-   أزمة الكليات والتعليم، فالكليات تستوعب الآف كل عام من الطلاب الذين تقذف بهم مكاتب التنسيق، ولا يسمح نظام التعليم الحالي بأن يتعلم الطالب أي شئ من الكلية وأن على كل طالب أن يعلم نفسه بنفسه، فمنهم من يكتفي بالاطلاع على الكتب والمذاكرة ومنهم من يلجأ للدروس الخصوصية، أما الكلية فلا يوجد أي حرف يمكن أن يتعلمه طالب داخل مدرج يتسع لأكثر من ثلاثة الآف طالب وطالبة ناهيك عما يحدث من فساد وإفساد من القائمين على أمر الجامعات والتعليم وعدم وجود دور لاتحاد الطلاب الذي أصبحت الدولة مسيطرة عليه وعلى عميد الكلية ورئيس الجامعة فكل المراكز القيادية داخل الجامعة تتم من خلال التعيين والتعيين دائما يأتي بأهل الثقة وأهل الثقة هم الأضعف علما وقدرات أيضا وبالتالي نصل لحالة من التبعية للجامعات للدولة وإهمال للتعليم الجامعي وذلك لصالح بروز دور الجامعات الخاصة التي تدعمها الدولة إعلاميا لتحل محل الحكومة في الجامعات الحكومية وتبقى الجامعات الحكومية للفقراء المعدمين الذين لا يجدون قدرة مالية للدخول للجامعات الخاصة وبالتالي إما يحصلون على التعليم الردئ في الجامعات الحكومية أو ألا يتعلمون وهو ما ترجحه الدولة.

-   يترتب على ذلك وجود خريج لا يفقه شئ مما درسه في الكلية وهذا الخريج لا يوجد أمامه سوى الالتحاق بالنيابة بالواسطة أو الرشوة أو إذا كان غير قادر لجأ إلى نقابة المحامين، ونقابة المحامين نظرا لكثرة أعداد المتقدمين لها كل عام فقد رفعت رسوم القيد بها ومع ذلك هناك الآف كل عام تدخل للنقابة منهم من يعمل بالمحاماة فعلا ومنهم من يتخذها ستارا ليقول انه محاميا ويعمل في أي مجال أخر. وبذلك أصبحت المحاماة عمل من لا عمل له في هذا المجتمع.

-   نقابة المحامين هذا الصرح الشامخ عبر السنين وقلعة الحريات وحصن العدالة، قد مزقتها الصراعات السياسية مع الأخوان من جانب وغير الأخوان من جانب أخر، بالإضافة إلى بعض الطامعين من المحامين للأسف، والصراعات الانتخابية تركت بصماتها على العمل بالمحاماة بين س أو ص من المرشحين ممن يحملون العداء واللدد في الخصومة دون اعتبار لوازع نقابي وحرص على مستقبل النقابة مما حدا بالحكومة بالتعاون مع الأخوان بالتدخل في الانتخابات التي أتت بالنقيب الحالي إلى النقابة لتكون نقابة مستأنسة خاصة وأن الدولة بأجهزتها الرسمية تسعى إلى شغل الرأي العام بقضايا فرعية متعددة ومتشابكة من أجل لفت الانتباه لهذه القضايا الفرعية وشغل الرأي العام عن قضية التوريث أولا، وثانيا إذا كان هناك أشخاص تابعين وضعفاء في مراكز صنع القرار خاصة على رأس المحامين والقضاة تضمن بذلك عدم وجود معارضة تقف في وجه التوريث، وثالثا إفساد المجتمع بأكمله من أجل ذات المخطط فكل من جاء للحكم والسلطة بالتوريث أو بالمال أو بالنفوذ لن يقوى على معارضة فكرة التوريث بل ويتشدق بها الكثيرون من الفسده والمرتزقه والإعلاميين، ذلك الأمر الذي حدا ببعض المستشارين والقضاة باجتماع جمعيتهم العمومية في 2009م بالوقوف والمطالبة بتوريث الوظائف القضائية لأبنائهم وسن قانون بهذا التوريث، بدلا من الدخول حاليا من باب الوسطة والرشوة يريد البعض جعله قانونا يضمن توريث مناصبهم القضائية إلى أبنائهم وأحفادهم، فهل يصدق هذا عقلا أن مستشارا مصريا يقف بالجمعية العمومية مطالبا بتوريث الوظائف القضائية!!! أنه لعجب عجاب ونحن في أخر الزمان زمن الزيف والبهتان، أما عن التوريث فالرؤية واضحة للعيان وخطة الدولة في عملية التوريث واضحة للكافة على الرغم من التوجيهات للكافة نحو عدم الحديث في موضوع التوريث إلا أن كافة تصرفات الدولة تتجه نحو التوريث وما أبرز من تعديل المادة (76) من الدستور!!!!!!.

-   ضعف بات يلف المجتمع بأكمله بما فيه المحامين مهنيا وعلميا لا يقل أيضا عن ضعف عضو النيابة والقاضي، وهذه الرؤية لا أقولها من فراغ ولكنه نتيجة احتكاك مباشر مع بعض القضاة وأعضاء النيابة العامة، والزملاء المحامين.   

 

هذه رؤيتي للأزمة وسوف اطرح بعض أوجه العلاج من وجهة نظرا قريبا في هذا المكان أيضا.

 

 

تحياتي

أشرف محفوظ

المحامي بالاستئناف

والخبير القانوني

واستشاري الصياغة القانونية

 

 

 

 

 

 

      

 

 

 

 

 

 

    

 

 

 


 
 

 

الانتقال السريع           

 

  الموجودون الآن ...
  عدد الزوار 3567 / عدد الاعضاء 62